" عقاب "

2140 Words
كانت تجلس أمام كومةٍ مِن الأوراق التي تملأ طاولةِ المكتب أمامها تحدق بتركيزٍ شديد بما بين يديها، مرت العديدُ مِن الدقائق والسويعات ليأتي موعد الاستراحة الخاصة بالعاملين. لحظاتٍ ليأتيها صوت رفيقتها بالمكتب المجاور لها وهي تتحدث بلطف: -نغم؟ رفعت الأُخرى عينيها لها هاتفةً: -ماذا؟ أردفت الأولى بابتسامةٍ صغيرة مُشيرة إلى الوقت: -لقد أصبحت الساعة الواحدة مساءاً، وقت الاستراحة ألن تأتي لتتناولي شيئاً؟ أريدُكِ أن تتعرفي على رفاقُكِ الجُدد. تن*دت نَغم بإرهاق وهي تُشير بقلةِ حيلة إلى ما أمامها قائلةً بتأسف: -أعتذر سارة ولكن كما ترين لا أستطيع ذلك، لدي الكثير مَن العمل الذي يجبُ عليّ إنهائه قبل انتهاء الدوام. اتركيها للغد ولكن إذا سمحتي هل يُمكنكِ إحضارُ فنجان قهوةٍ لي؟ أومأت الأُخرى بودٍ هاتفة: -لا عليكِ حسناً سآتيكِ به بالواقع لست أفهم لما أعطاكِ الرئيس كل هذا العمل ومن أولِ يومٍ فقط؟ تغضنت تعابير وجهها حقداً وهي تحدق بعينيها بالفراغ بينما تعتصر القلم بيدها قائلةً: -ذلك لأنه أرعن ومُتعجرف يا إلهي لا أُصدق بأنّ كلُ ذلك فقط لمجرد أنّني نعتَّهُ بكونهِ زيرُ نساء إنها الحقيقة أنا لا أَكذب، ماذا لو كنتُ صرختُ بوجههِ بأنّه نرجسيٌ مُتغطرِس؟ -نرجسي! أجفلت بقوة على ذلك الصوت الخَشن الذي اخترق أُذنيها لترفع رأسها بسرعةِ البرق نحوه ابتلعت رُمقها بصعوبة وهي تُحدق به بأعين مُتسعة، وما زاد الموقف سوءاً سارة التي كانت تقف خلف مديرها تنظر إليها كالفأرِ المذعور الذي تم إيقاعُه بداخل المِصيدة. كان يقف أمام باب حجرتها يُطالعها بجمودٍ شديد إلا أنها لا تستطيع إنكار رؤيتها لألسنةِ اللهيب التي تتصاعد بداخل حدقتيه السمراء، ما هذا حمرة الغضب تسللت رويداً رويداً إلى وجهه بالتزامن مع عُقدة حاجبيه التي اقتربت مِن بعضها ببطءٍ شديد. ـ انصرفي؟ هتف بها آمراً لسارة التي أومأت بهستيرية وهي تُسارع بالفرار بينما اقترب بخطواتٍ بطيئة بمن نهضت لتقف خلف مكتبها تنظر له بهدوءٍ زائف لن يرحمها هذه المرة. التف حول المكتب ليقف خلفها مباشرةً بينما المقعد حاجز منيع بين الاثنين، لم تُحرك إنشاً واحداً بل أغمضت عينيها في سبيل إبقائها على هذه الوظيفة التي سيتسببُ لسانها في فصلها نهائياً منها. -انظري لي التفتت له بهدوءٍ لترفع رأسها لأعلى قليلاً لمُجابهته، حدقت به في صمتٍ شديد ودونَ وعيٍ قد تمعنت بُنيتيها بمعالمه الخشنة.. خصلاتٍ سوداء قصيرة، أعين تطابقها في اللون ذات رموشٍ كثيفة، أنفٍ مُستقيم أسفله شفاهٍ رفيعة دائماً مرسومة كخطٍ مُستقيم. أطوال الوقت غاضب ليُطبق عليها بهذه الطريقة؟ -هل تسمعينني يا آنسة أم أنكِ صماء؟ هتف بها بحدة لتنتبه إلى حاجبه المُرتفع وأعينه التي تنظر لها بنظراتٍ نارية، كل ما تفوهت به هو: -هل ستقوم بفصلي؟ أجابها ببرودٍ شديد وإن كان البأس قد طَغى على نبرته ليجعلها ترتعد قليلاً: -بل سأقوم بقص لسانكِ هذا إن لم تتمكني مِن التَحكُم بهِ قطبت بين حَاجبيها بضيق قائلةً: -وما بِه لساني أنت بالفعل مُتغَطرس؟ قطعت سيل سبابها وهي تُسارع بتكميم فمها مُحدقةً به بخوف بينما هو كز على أسنانهِ غيظاً ليُفاجئها باقترابه السريع منها لتتعركل للخلف إلا أنَّ الطاولة كانت هي المُنقذ لترتكز عليها بظهرها. تحركت عينيه عليها مِن أعلى لأسفل ليبتسم ساخراً وهو يضع يديه خلف ظهره قائلاً: ـ إن كنتِ فأراً هكذا لما لد*كِ لساناً يجابه لسان الحيّة؟ نظرت له شزراً وهي تُتمتم بكلماتٍ غير مَفهومة ليُلقي بقُنبلتهِ بوجهها وهي يعتدل بوقفته: -تغييرٌ بالخطط كاملةٍ بما أنكِ جديدة بشركتنا وبيومكِ الأول لابد مَن وجود بعض الاستثناءات التي ستُميزكِ عن الغير، وبما أنني أجدكِ مليئةِ بالطاقة ومُثابرة سأكافئكِ بساعتين إضافيتين بعد انتهاء دوامكِ ستقومين فيها بإعداد بعض التقارير الخاصة بالشئون المالية لآتي غداً وأجدهم على طاولةِ مكتبي. أنهى الحديث وانصرف بكلِ هذه البساطة بينما هي تقف مُحدقةً بهلع بالحيز الذي كان يشغلهُ منذُ لحظات، حاولت استجماع بعض الأَحرُف لتُخاطِب نفسها قائلةً: -لابد أنني أحلُم لا هذا ليس حلماً حتى بل إنّهُ كابوس ما الذي يحدث لما كُلُ هذا؟ ارتمت على المقعد وقَد التمعت عينيها بالعبراتِ لتقوم بمسحها وهي ترتشح لتتن*د بإرهاقٍ هامسة: -يا الله كُن معي وأعطني الصبر والقوة. بالجامعة كانت تتوجه نحو الكافتيريا برفقة صديقتها لتتحدث الأُخرى قائلةً بمزاح: -لقد كادت عيني شهاب أن تفترسانكِ حينما كنتِ تتحدثين مع ماجد. تأففت رنيم بضيق وهي تجلس على الطاولة أمامها قائلة: -باللهِ نور توقفِ لا أريد التحدث بالأمر لقد جن حقاً. وضعت نور المراجع بجوارِها وهي تهمس برومانسية زائفة قبل أن تتوجه للطاهي لطلب الطعام: -أجل حبيبتي جُنّ بحبكِ. ضربتها رنيم بقبضتها وهي تهتف بسخط: -باردة ضحكت الأُخرى وهي تبتعد لجلب الطعام بينما تن*دت رنيم بضيق وهي تعود بأنظارِها للأمام لتقع عينيها عليهِ يجلس بعيداً عنها بطاولتين فقط يحيط بهِ رفاقهُ ذوي الطبقة المخملية وهو يترأس الطاولة. كان منتبهاً لها فقط بينما معالمهُ الغاضبة على وشكِ العصفِ بها، ذئب الجامعة شهاب الأنصاري لا توجد مَن تُعارضه ولا توجد مَن حلمُت بأن تكون رفيقةً لهُ إلآها فقط.. وحدها هي مَن يموت لأن تأتي له، بالبداية أخبرهُ رفاقهُ بأنها تختلف عن الباقيين ولا تغويها المكانة ولا الأموال ليسخر منهم جميعاً مُحاولاً التقرب منها لتسخر هي منهُ هذهِ المرة وهي تطرده أشر طرد وهي تخبرهُ بمدى حقارتهِ. منذ وقتها وهدفهُ الأوحد هو رنيم الصالحيّ الصندوق الفولاذيّ الذي يحاول فتحه بكل السُبل إلا أنهُ لا يفلح أبداً، اعتقد بأنها قد تكون مُرتبطة بأحدهم لذا أصبح يراقبها في الخفاء إلا أنهُ لم يجد شيئاً البتة. هذا ما يدفعهُ للجنون إن كان لا يتواجد أحدهم بحياتها فلمَ هي هكذا؟ لم ترفضهُ بهذهِ الطريقة ألأنهُ مغرور أم بسبب حياتهُ الماجنة؟ لقد بات يسيطر قليلاً على نفسهِ منذُ هذا الوقت ولكن هناك أمرٌ ما شفرة يريد فك عقدتها ولن يتراجع أبداً قبل أن يفعل هذا. أشاحت بوجهها بعيداً وهي ترى نظراتهُ التي ستأكلها لتنفخ بضيق وهي تُخرج هاتفها النقال لتتوجه إلى مكانٍ مُعين، جهة واحدة كلما قصدتها يعلو وجيب قلبها بقوة. فقط هو.. هو مَن يمتلكها ويمتلكُ قلبها لا تستطيع النظر لغيرهِ أبداً. ذلك البارد كلوحِ الجليد هذا الذي لا يشعر بها مُطلقاً حدقت عينيها بصورتهِ وهو بالصحراء على متنِ إحدى الدبابات بينما يمسك السلاح الآلي بيده مُخفياً وجههُ خلف قناعٍ ما. هامت عينيها بقوة ليتصاعد نبضها وهي تشعر بشوقٍ شديدٍ له، تلمست أناملها صورتهُ التي توجد على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي لتهمس بصوتٍ لا يُسمع بولّه: ـ لقد اشتقتُ إليك جُلمودي هكذا تُلقبهُ فكم زعم وأخبرها سابقاً بأنهُ لا يملك قلباً ليشعر بأحد لذا لم تجد أفضل مِن هذا اللقب ليناسبهُ بجدارة. فتحت المحادثة الخاصة بهِ لتجده حالياً يماثلها وهو قيد النشاط، شعرت بدقات قلبها تتسارع وعقلها يتوقف عن التفكير، ما الذي يجب عليها فعلهُ لا تدري انتفضت بقوة على هتاف نور لها فجأة: -ماذا تفعلين يا حمقاء؟ شهقت بقوة وهي تضع يدها على ص*رها بعد أن كاد الهاتف ليسقط منها لتسارع بالإمساك بهِ كيفما اتفق الأمر وهي تهتف بغيظ: -أيتها الغ*ية لقد كدتِ أن تتسببين لي بأزمة قلبية ضحكت نور وهي تجلس على الطاولة أمامها لتحجب الرؤية عن شهاب الذي اعتدل بجلستهِ تذمراً وهو يراها قد غابت عن عينيهِ: -هل تراقبين حبيب القلب؟ تن*دت رنيم بحزنٍ وتعب وهي تتحدث بإرهاق: -وهل سأفعل شيئاً غير هذا؟ تحدثت نور بحنق وهي تُمسك بشطيرة الدجاج تتناولها: -لقد سئمتُ منكِ لا أعلم لما لا تتحدثين إليه؟ هل سيأكلكِ لما أنتِ خائفة منهُ إلى هذا الحد إنهُ ابن خالتكِ واحدة غيركِ تتمنى فرصةً قُربٍ كهذهِ لمن تحب. تن*دت رنيم بقلةِ حيلة وهي ترفع الهاتف أمام عينيها لتُحدق به، انتفضت بقوة كمن لدغتها حيّة وهي تصيح بصوتٍ جذب الأنظار نحوها: -ا****ة! أجفلت نور بقوة وهي تصرخ: -ماذا؟ ماذا هناك! كانت الأُخرى تحدق كمن رأت شبحاً بالهاتف لتعيّ بأنهُ وعلى غفلةٍ منها قد أرسلت مقطعاً صوتياً عن طريق الخطأ له والأسوأ بأنهُ قد استمع إليهِ: -لقد أصبحتُ بخبرِ كان لقد وقعتُ بكارثة سارعت الثانية بالهتاف: -ماذا حدث أخبريني؟ كزت رنيم على أسنانها لتمسك بخصلات الأُخرى وهي تجذبها: -كل هذا منكِ أيتها الغ*ية أنتِ السبب هل كان يجبُ عليكِ أن تُخيفيني؟ حاولت نور تحرير خصلاتها وهي تتساءل: -وما دخلي أنا؟ وضعت رنيم الهاتف أمام عينيها وهي تتحدث بنبرة على وشكِ البكاء: -انظري حينما قمتِ بإجفالي بالخطأ أرسلت مقطعاً صوتياً له وقد قام بفتحهِ يا حمقاء. وضعت الأُخرى يدها على فمها وهي تُسارع بالسؤال: -هل أجاب؟ هزت الثانية رأسها بالنفي مُرتعبة: ـ لا لم يُجيب الحمد لله بأن المقطع كان فارغاً لا يحتوي شئ أتمنى ألا يُجيب أبداً بالغالب هو لن يُجيب فارس وأعرفهُ جيداً. أومأت الثانية براحة وهي تُشير لها: -دعي هذا الآن وتناولي الطعام هيا. كان شارداً فيما أمامه يُطالع الفراغ بينما أصابعه تطرق برتيبة على طاولة المكتب أمامه، ما الذي يفعله وما الذي يهدف إليه من كل ما يحدث؟ أحقاً بات يتصرف بروعنة كما قالت هي؟ طرقٌ خافت على باب حجرته أعاده إلى الواقع ليستدير بمقعده متوجهاً بناظريه نحو الباب هاتفاً بقوة: -تفضل؟ قامت بفتح الباب لتنظر نحوه بجمودٍ قاتل بينما معالمها يبدو عليها الإرهاق الشديد إلا أنها حافظت على ثباتها أمامه، حدق بها بترقب بينما هي ابتعدت قليلاً عن الباب ليدخل اثنين مِن العاملين كلاً منهما يحمل الأوراق ليقومان بوضعه على طاولة المكتب الخاصة بهم أمام رئيسهم. كانت تقف أمامه بعد أن سمح للعاملين بالانصراف، كلاهما صامتاً فقط الأعين هي ما تتحدث. إن لم تكُن مُخطئة فقد التقطت بمقلتيها هذه النظرة التي تنُم عن السخرية والتحدي لترفع حاجباً بأنفة وابتسامة انتصار قد لاحت على الأفق وما زاد الأمر دهشة هو إشادته بمجهودها ولكن كالعادة، كلماتٍ صقيعية: -جيد حانت منه التفاتة نحو الساعة ليجد الوقت بالكاد بلغت السادسة مساءاً، عاد بأنظارهِ نحوها ليُردف بصرامة: -أنهيتِ مهمتكِ الأولى والآن لتنتقلِ للثانية انصراف! لوت شفتيها بامتعاض لتقلب عينيها لأعلى بمللٍ وهي تتحرك لتخرج مِن حجرة المكتب مُتمتمةً بتذمر: -عنجهيٌ ناكرٌ للجميل فقط كلمة جيد ما هذا ألا يرى بأنّني قد حققتُ إنجازاً؟ وأثناء مرورها بسارة قد صعد رنين جهاز الاستقبال الخاص بمكتبها لتُجيب بعملية: -نعم سيدي.. حسناً.. نغم؟ توقفت نغم عن السير لتلتفت لها مُتسائلة: -نعم سارة؟ تابعت الأُخرى قائلة: -السيد يأمركِ بأن تُسكتِ لسانكِ السليط، ويُخبركِ بأنّ ما يريدهُ سوف يكون فلا داعي لتضييع الوقت وعودي لعملِك. أغلقت سارة الجهاز وهي تُحدق بها بتوتر بينما الأُخرى قاب قوسين أو أدنى مِن فقدان عقلها بسبب ذلك الكائن، تحركت بلاوعي نحو مكتبها بينما تتساءل بغباء: -كيف علم بأنّني أسبّه؟ يا إلهي مِن أين ظهر هذا الرجل بحياتي سأموت ناقصةً عُمر بسببِه! دقت الساعة العاشرة مساءاً لتُعلن عن انتهائها عن إتمام مهمتها، ابتسمت بانتصار وهي تستند بظهرها على المِقعد مِن خلفها، دارت بحدقتيها على المكانِ مِن حولها لتجده خاوياً إلا منها فقط. لملمت كومةِ الملفات التي أمامها لتنهض حاملةً لهم وهي تتوجه نحو مكتبه، فتحت الباب لتتحرك بخُطاها نحو الطاولة. وضعت ما بيدها لتهُمّ بالابتعاد إلا أنّ شيطانها وسوس لها لمحاولة إيجادِ ثغرةٍ تتمكن مِن خلالها مِن رد القليل له. جلست خلف المَكتب لتحاول فتح بعض الأدراج إلا أنّها لم تتمكن لكونها مُغلقة، لعنت مِن تحتِ أنفاسها وهي تهمس: -و*دٌ ذكي! حاولت للمرة الأخيرة مع أحد الأدراج لتجده يُفتح، ابتسمت بانتصار وهي تقوم بتفتيشه لتقع عينيها على صندوقٍ صغير بداخله. قطبت بين حاجبيها وهي تقوم بوضعه فوق الطاولة أمامها لتَقوم بفتحه. وقعت عينيها على العديدِ مِن الصور له مع الكثير مِن الأَطفال عقدت جبينها بتساؤل: -من كل هؤلاء؟ تنقلت مُقلتيها بينها جميعاً لتبدأ ابتسامتها في الاتساع تدريجياً إلى أن تعالت إلى ضحكاتٍ مسموعة من بعض الصور الفُكاهية مع الأطفال، حدقت ببعض الصور الخاصة بأطفال مريضي بالسرطان لتترقرق العبرات بعينيها لتبدأ بالسقوط بدون إرادة، ولكن الأمر لم يقتصر على ذلك بل ازداد بكائها لتعلو شهقاتها. لم تَكُن على دراية بأنّ هناك زوجاً مِن الأعين تُراقبها مِن خلال أجهزة المُراقبة الخاصة بالمكتب. كان يجلس على فراشه بعد أن أنهى عمله واضعاً الحاسوب على قدميه يتلصص على هذه المُخادعة، إلى أن انتبه إلى رأسها الذي أخفضته قليلاً لتبدأ بالبكاء. بالبداية ظنّ أن الموضوع مُتعلق فقط بإثارة عاطفتها نحو هؤلاء الأطفال إلا أن ازدياد نشيجها بهذه الطريقة لا يدُل على ذلك هناكَ أمرٌ آخر! أغلق حاسوبه بقوة وهو يُخرج زفيراً بضيق وما دخلهُ هو بالأساس؟ ولكن فِعلتها هذه لن تمُر مرورَ الكِرام، كيف تجرؤ على اقتحام مكتبهُ بهذهِ الطريقة؟ حسناً لا تأتي بعد ذلك وتبكي مما ستراه. تحركت للخارج بعد أن كفكفت عبراتها وجمعت أغراضها كان صوت خطواتها تعلو مقر الشركة لا أحد سواها سوى القليل القليل فقط. كانت تقف بمكانِ تَجمُع السيارات في سبيل البحث عن واحدة لتُقلّها، نفخت بضيقٍ وقهر لقد تأخر الوقت مِن أين ستأتي بواحدة الآن يا إلهي ماذا ستفعل؟ رفعت معصمها لترى الوقت لتتفاجأ بسيارةٍ حديثةِ الطِراز تتوقف أمامها مُباشرةً، أنزل السائق زجاجها لينظر نحوها هاتفاً: -مساء الخيرُ يا ابنتي؟ التفتت لتنظر عن يمينها ويسارها لتجده بالفعل يقصدها هي بالحديث، أومأت برأسه لتتحدث بتلعثُم: -مساء الخير! تابع الرجل والذي يبدو مِن عمرهِ بأنّه قد بلغ العِقد السادس: -لقد أرسلني السيد زين لأُقلّكِ للمنزل، لقد تأخر الوقت ولن تستطيعي أن تجدي سيارة بالإضافةِ أنّه ليس مَن الآمن أن تعودي وحدكِ الآن. توجست خِيفة منه قليلاً وما الذي يَضمن بأنّهُ صادق؟ وما الذي يَضمن بأنّه لن يَختطفها مِن أجلِ التجارةِ بأعضائها أو فِعل الأسوأ بها؟ وجدت ذراع هذا الرجل تمتد لها مِن خلالِ النافذة ليُعطيها ورقةً مَطوية وهو يُردف: -لقد طَلب مِني السيد إعطاؤكِ هذه؟ التقطتها مِنه بتردد لتقوم بفَتحِها بتعابير وجهٍ مُتسائلة، لتجد الآتي: -"آنسة نغم العم إبراهيم سيقوم بتوصيلكِ للمنزل، لذلك أرجو ألا تقومي بتشغيلِ عقلك الآن وتُفكري بأنه سيختطفكِ بحقِ الله مَن سيجلب لنفسه هذه الكارثة؟ فلأجد أنا فقط مَن سيُضحى في سبيل البشرية للقيام بهذا وسأعطيه نصف ثروتي كمكافئة، لذلك توقفِ عن هذا الاستنتاج الغ*ي وعودي للمنزل لدينا اجتماعاً بالغد الساعة السادسة صباحاً، أجل السادسة أريدكِ أن تتأخري لا بأس بذلك وحدكِ مَن ستتحملين النتائج، وهذا ختمي بنهاية الورقة حتى لا يعتقد عقلكِ الذكي بأن الرجل هو مَن كتبها..انصرفي" طوت الورقة بعنف وهي تكز على أسنانها غيظاً هامسةً بغضب: -الو*د لا يتوقف عن الاستهزاء بي وإهانتي حتى على المدى البعيد وبيني وبينه أميال أفاقت على صوت الرجل هاتفاً بها: -يا ابنتي هيا بنا لقد تأخر الوقتُ كثيراً.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD