حرك يونس رأسه بالايجاب وهو لا يهتم بأي صورة يظهر امامهم فهو يعلم انه سوف يقضي الليل فقط في هذا المكان الغريب عليه حتى يأتي الصباح ويذهب الى سفارته ومنها يعود الى بلده.
ترجل اسلام من سيارة الاجرة وهو يشير لـ يونس ان يترجل هو الاخر.
ترجل يونس من سيارة الاجرة وهو يضع قدميه فوق الارض التُرابيه و ينظر حوله بدهشة من المكان حوله وكأنه هنا اصبح بعالم اخر.
الشوارع الضيقه ، الاصوات العاليه ، الاطفال وهم يلعبون كرة القدم بالشارع بدون حذاء ، الرجال يجلسون خارج المقهى يتابعون مبارة كرة القدم عبر التلفاز وهم يتناولون المشروبات الدخانيه ويتحدثون الى اللاعبين بصراخ وعنف وكأنهم بداخل الاستاد واللاعبين يستمعون الي توجهاتهم ، السيدات يقفون بالاعلى يتحدثون الى بعضهم من داخل الشرفة وأمرأة تضع الغسيل فوق الاحبال المعلقة بالشرفة ثم قامت بسكب ماء الغسيل امامه وهو يقف ينظر الى كل هذا بدهشة.
تراجع بجسده سريعًا الى الخلف قبل ان تسكب السيدة الماء فوقه.
اقترب منه اسلام وتحدث بفخر وهو يقف بجانبه.
- ايه رأيك في منطقتي ؟
نظر اليه يونس بشمئزاز وحرك رأسه بعدم رد.
نظر اليه اسلام بابتسامة قائلاً.
- تعالى بقى اف*جك على شقتي، ومتقلقش انا عايش لوحدي بعد موت ابويا وامي الله يرحمهم، يعني هتبقى في الشقة برحتك
ذهب يونس معه وهو يستند على كتف اسلام وينظر الى كل شئ يحدث حوله بدهشة ويصبر نفسه انه سوف يبقى هنا لليلة واحدة فقط.
وقف احد الاشخاص امامهم يقطع عليهم الطريق وهو يترنح في وقفته و ينظر الى يونس بفضول ثم نظر الى اسلام قائلاً.
- مش تعرفنا بالباشا الا معاك يا اسلام
نظر اليه اسلام بارتباك ثم نظر الى يونس وتحدث بتوتر.
- ده دا واحد صاحبي وفي شوية عيال طلعوا علينا وهو بيوصلني بعربيته لهنا وسرقوا منه العربية وبهدلونا زي ما انت شايف كده يا معلم صابر
وقف صابر بلطجي المنطقة يترنح في وقفته وهو يتأملهم بغموض ، ثم نظر الى يونس من الاعلى الى الاسفل قائلاً.
- صحيح باين عليه ابن ناس
ثم اضاف بفضول.
- انتو تعرفوا مين العيال الا طلعوا عليكم دول ؟
تحدث اسلام سريعًا.
- لا يا معلم منعرفهمش
نظر اليه صابر بدهشة قائلاً.
- هو انت الا عمال ترد عليا ليه ياض يا اسلام انت، ما تسيب الباشا يتكلم كده وياخد راحته معانا في الكلام
نظر إليه يونس بدهشة ولم يفهم بعض كلماته، ثم تحدث اسلام بارتباك.
- اصله مبيتكلمش ولا بيسمع يا معلم
تأملهم صابر بدهشة ثم تحرك اسلام من امامه وهو يأخذ يد يونس واتجه به سريعًا الى العقار الذي يسكن به.
وقف المعلم صابر يتابع دخولهم العقار بدهشة ثم عاد الى ورشته مرة اخرى.
صعد اسلام الدرج وهو يسند يونس معه حتى وصلوا للدور الثاني من العقار وقام بفتح شقته ورحب بيونس وهم يدخلون معًا.
نظر يونس الى الشقة بصدمة واسلام يسنده حتى جلس على اريكة عاليه موضوعه بوسط الشقة.
وقف اسلام يأخذ انفاسه ثم تحدث بحرج وهو يأخذ ملابسه المتناثرة في كل مكان بالشقة قائلاً.
- معلش الشقة مش اد المقام، شقة عازب بقى
نظر يونس الى الحيطان المشققة و الى دهان الشقة المتساقط والى محتويات الشقة المتهالكة قائلاً بدهشة.
- الشقة شكلها قديمة جدًا
تحدث اسلام وهو يلقي بملابسه فوق الفراش بداخل غرفته.
- اصلها ايجار قديم، ابويا وامي الله يرحمهم كانوا متجوزين فيها وانا عايش فيها لوحدي من بعد وفاتهم
ثم اضاف وهو يتجه الى خارج الشقة.
- هروح انادي الدكتورة فرح بنت خالتي تشوفلك الجرح، هي في الشقه الا قصادي دي
ثم خرج من شقته وذهب الى الشقة المقابلة له وطرق على الباب بقوة.
تابعه يونس من داخل الشقه وهو يجلس فوق الاريكة الموضوعة بمنتصف الشقة.
ارتفع صوت اسلام وهو يطرق على الباب بقوة قائلاً.
- يا دكتورة فرح، يا ست الدكتورة
فتحت له الباب فتاة في بداية العشرينات من عمرها وهي تضع الحجاب فوق رأسها ويظهر على وجهها اثر بكاء شديد وترفع اكمام عبايتها المنزليه وتمسك السكين بيد وبصلة باليد الاخرى وتحدثت معه وهي تحاول فتح عينيها بصعوبة ولا تستطيع من كثرة الدموع التي تسيل من عينيها بسبب رائحة البصل القوية.
- عايز ايه يا اسلام دلوقتي مش فضيالك
تحدث اسلام وعينيه بدأت في الاحمرار هو الاخر من قوة رائحة البصل.
- في واحد صحبي عنده جرح في رجله وكنا عايزين نعالجه
فتحت عينيها بصعوبة قائلة.
- بس انا مش فاضية دلوقتي يا اسلام انا لسه راجعه من المستشفى وبحضر الاكل زي ما انت شايف وعايزة اخلص بسرعة ، امي مكلتش لقمه من الصبح
تحدث اسلام برجاء.
- معلش يا فرح دا صحبي والدنيا ليل هروح بيه فين دلوقتي
زفرت بضيق ثم تحدثت بقلة حيلة.
- حاضر يا اسلام، هدخل اعلق على العدس واجاي اشوف جرح صحبك ده
تحدث اسلام بجوع.
- الله هنتعشى عدس النهاردة
تحدثت فرح بغيظ.
- يارب صبرني
ثم اتجهت الى داخل الشقة ودخل اسلام خلفها يتحدث الى خالته الجالسة فوق الاريكة الموضوعة بمنتصف شقتهم وتشاهد احد المسلسلات التركية بتركيز شديد.
- عجبك الا بنتك بتعمله فيا ده يا خالتي ؟
تحدثت خالته وهي تشاهد التلفاز بتركيز.
- اعذرها اصل الزفت الا اسمه صابر ده بيغلس عليها في الرايحه والجايه وكانت لسه مسحه بكرامته الحارة من شوية
تحدث اسلام بقلة حيلة.
- والله يا خالتي احنا كلنا زهقنا من صابر الزفت ده بس هنعمل ايه ، ده البلطجي بتاع الحارة واحنا مش ناقصين مشاكل
خرجت فرح وهي تنزل اكمام عبايتها على يدها وتغطيها بالكامل وتحدثت معه قائلة بغضب وقوة.
- بلطجي على نفسه، طب والله لو ما احترم نفسه معايا لأكون مسحه انا بكرمته الارض في الرايحه والجايه
ثم اخذت كيس صغير به بعض ادوات التعقيم واللاصق الطبي وبعض المراهم مضاد الحيوي، وتحدثت الى والدتها.
- قومي يما معايا ندخل شقة اسلام اشوف جرح صحبه ده
تحدثت والدتها وهي تشاهد التلفاز بتركيز.
- ما تروحي لوحدك يا فرح، هو اسلام يعني غريب، ده ابن خالتك
تحدثت فرح بغيظ.
- هدخل شقة لوحدي مع اتنين رجاله وتقوليلي ابن خالتك !!
وقفت والدتها تستند على يد اسلام وهي تتحدث معها.
- طب تعالي هدخل معاكي بس خلصي بسرعة عايزة اشوف الحلقة قبل ما تخلص عشان المسلسل الهندي هيجي بعد ده
تحدثت فرح بغيظ وهي تذهب خلف والدتها واسلام.
- والله مش عارفة اخرتها معاكي ومع المسلسلات الهندية والتركية دي ايه !
دخلت والدة فرح مع اسلام شقته وتفاجأت بشاب جميل الملامح مثل ابطال المسلسلات التي تتابعها، ثم ابتسمت وهي تتحدث بسعادة.
- بسم الله ماشاءالله، ايه الواد القمر ده ياواد يا اسلام، ده شبه الممثلين الا انا بتف*ج عليهم
ثم تحدثت الى فرح.
- صح يا فرح شبه البطل الا كان في المسلسل امبارح ابو عنين ملونه ده ؟
نظر إليهم يونس بدهشة ثم همس بداخله.
- إيه المجانين دول !
نظرت اليه فرح بدهشة وتقابلت عينيها بعينيه الساحرة ، ثم خفضت وجهها سريعًا بحرج وتحدثت بعدم اهتمام.
- انهي مسلسل فيهم ؟
جلست والدتها بجوار يونس وتحدثت وهي تتأمله عن قرب بسعادة.
- يابت المسلسل الا البطل فيه كان امور اوي، البطل الا كان عجبك ده
احمر وجه فرح بشدة وتحدثت مع والدتها بغيظ.
- ايه يا امي الا انتي بتقوليه ده !، فضحتينا قدام الراجل
تأملت والدتها يونس بأعجاب شديد وسعادة وكأنها تجلس بجوار احد ابطال مسلسلاتها المفضلة حقًا ثم تحدثت بدهشة.
- سبحان الله، هو والله شبهو بالظبط
زفرت فرح بغيظ من والدتها ومن تعلقها الشديد بابطال المسلسلات ثم وضعت الكيس من يدها واقتربت من يونس حتى ترى جرحه وتعالجه وهي تتحدث اليه.
- معلش اصل امي متعلقه شوية بابطال المسلسلات
ثم اضافة وهي تنحني بجسدها ترى جرحه.
- ايه ده الجرح ده بمطوه !!
نظر اسلام إلى يونس بتوتر ثم تحدث الى ابنة خالته بارتباك.
- ايوا ما في عيال طلعوا علينا وهو بيوصلني بعربيته وسرقوا العربية بتاعه وعملوا فيه كده
شهقت والدة فرح وهي تنظر الى يونس قائلة.
- يقلب امك يا بني، منهم لله ولاد الحرام
نظر اليها يونس بدهشة ، لا يصدق ان هناك بشر بهذه البرائة ويصدقون اي حديث بدون تفكير.
لتضيف والدة فرح بفضول وهي تنظر إلي يونس باهتمام.
- هو انت مبتتكلمش ليه يا بني؟
ثم اضافة بحماس.
- ما تتكلم كده عايزة اسمع صوتك ، نفسي اعرف اذا كان صوتك حلو زي ابطال المسلسلات ولا صحيح بيبقوا مركبين الاصوات
نظر يونس إلى اسلام بصدمة ، ليتحدث اسلام الى خالته بتوتر.
- اصله مبيتكلمش ولا بيسمع يا خالتي
نظرت اليه فرح بدهشة وتلاقت عينيها بعيني يونس وشردت بهم.
شهقت والدة فرح وهي تتحدث بصدمة.
- مبيتكلمش ليه؟، ليكون حد عامله عمل رابط ل**نه
ثم اضافة وهي تربت على ذراع يونس قائلة.
- متقلقش يا بني انا اعرف شيخه تفكلك العمل ده في يومين اتنين بس
ثم اضافة وهي تتحدث الى فرح.
- الشيخه دوسه يا فرح انتي عرفاها
تحدثت فرح بغيظ.
- ابوس ايدك يا امي اسكتي بقى عايزة اركز واشوف هعمل ايه
تابعهم يونس ب**ت لكن عقله لم ي**ت وكان شاردًا بحديثهم ويحاول فهم ما يقولونه ولا يشعر بالصعوبة في فهم حديثهم، كان يفهم حديثهم جيدًا، وكان يشعر بالراحة وهو يستمع إلى حديث والدة فرح العفوي.
تحدث اسلام مع خالته موضحًا.
- يا خالتي هو مش معموله عمل ولا حاجة، هو مولود كده اخرس ومبيسمعش
رفعت فرح وجهها تنظر اليه بدهشة عندما علمت انه ا** وابكم وتلاقت عيونهم مرة اخرى وشعرت بخفق قلبها لأول مرة وكأن عينيه تطلق سهام تخترق قلبها، لماذا تجد بعينيه شئ غريب يجذبها إليه، لماذا تشعر انها رأته من قبل، رغم انها تعلم جيدًا انها تراه اليوم لأول مرة في حياتها، لكنها تشعر وكأنها رأته من قبل عدة مرات، ربما رأته في أحلامها، ام الشبه الكبير بينه وبين ابطال مسلسلاتها المفضلة هو ما جعلها تشعر انها رأته من قبل.
تحدثت والدة فرح وهي تربت على يد يونس بحزن.
- معلش يا بني، صحيح الحلو مبيكملش
ثم اضافة بفضول وهي تنظر الى اسلام.
- الا قولي يا اسلام، هو صحبك ده اسمه ايه ؟
تحدث اسلام بابتسامة.
- اسمه يونس يا خالتي
ابتسمت والدة فرح وهي تتحدث بطريقة درامية.
- دا اسمه حلو اوي ياد يا اسلام
نظرت فرح الى والدتها وتحدثت وهي تضحك من قلبها.
- تعرفي يا امي احسن حاجة دلوقتي في انه طلع مبيسمعش ايه هي
نظروا اليها باهتمام ونظر إليها يونس بفضول لتضيف وهي تضحك بشده.
- انه مسمعش ولا كلمة من اللي انتي قولتيها من ساعة ما دخلنا، دا انتي فضحتينا حرام عليكي?
ضحك اسلام وهو ينظر الى يونس بقلة حيلة، وحاول يونس كتم ضحكته بصعوبه حتى لا يعلمون انه يسمع كل شئ يقولونه.
بعد وقت انتهت فرح من تنظيف الجرح وتعقيمه وقامت بوضع م**ر موضعي حتى تستطيع خياطة الجرح بدون ان يتألم ولاحظت ارتعاد يديها بطريقة غريبة كلما لمست جسده.
كان يونس يتابعها ب**ت ويشعر بارتعاد يديها عند لمسه وارتباكها الشديد من تقربها منه وهي تحاول جاهدة ان تخفي ارتباكها.
بعد دقائق قليلة استمعوا الى صوت فتاة تبكي بصوت مرتفع وهي تصعد الدرج.
تحدثت فرح بسخرية وهي تتابع العمل بخياطة جرح يونس.
- اهيَّ نشرة تسعة وصلت
ثم اضافة بصوت مرتفع.
- تعالي يا حزينه احنا هنا في شقة اسلام
دخلت الشقه عليهم فتاة تشبه فرح وترتدي عباية سوداء وفوقها الحجاب ومن الواضح انها تكبر فرح بعدة سنوات وتمسك بيدها طفلين، ولد وفتاة، الولد في عمر 7 سنوات والفتاة 5 سنوات.
شهقت والدة فرح وهي جالسة بجوار يونس قائلة.
- مالك يا بت ؟، هو الموكوس جوزك ض*بك تاني ولا ايه ؟
تحدثت الفتاة ببكاء.
- دا بهدلني يا امي وطردني في الشارع انا والعيال
تحدثت فرح بقوة وهي تنتهي من خياطة الجرح.
- تستهلي عشان انتي اصلاً معندكيش كرامة وكل مرة يبهدلك كده وبرضه ترجعيله
نظر اسلام الى ابنة خالته وهي تبكي وتحدث معها بحزن.
- طب اهدي بس يا عزة وفهمينا ايه الا حصل
جففت عزة وجهها وهي تنظر الى الغريب الجالس بجوار والدتها وشقيقتها تعالج جرحه ثم تحدثت بدهشة.
- مين ده ؟!
تحدثت فرح باختصار.
- صاحب اسلام، هااا احكي ايه اللي حصل ؟!
ثم وقفت فرح بعد ان انتهت من تضميد الجرح.
نظرت عزة الى الجالس معهم وتحدثت بخجل.
- احكي ايه والراجل قاعد مش هينفع
جلست فرح على احدى المقاعد وتحدثت براحة.
- اتكلمي برحتك، ده اخرس ومبيسمعش
شهقت عزة بطريقة درامية مثل والدتها وهي تنظر اليه بحزن ويزداد بكائها وهي تتحدث.
- لا حول ولا قوة الا بالله، وده من ايه ؟
تحدثت والدتها ببساطه.
- اسلام بيقول انه مولود كده
نظر يونس الى اسلام باحراج وشعر بالخجل من خداعه الى هذه العائلة البسيطة.