دلفت "ليان" إلى جناحهم، لتتوقف عن تلك البُقعة، عندما شدّ على خصلاتها بتلك الطريقة، و قال أسوأ الكلمات بحقها، فكان هو خلفها يعلم جيداً ما تُفكر به، فأسرع يقترب منها ثم حاوط خصرها ليقف أمامها، فُزعت "ليان" من حركتُه المباغتة، ولكنه وصعت يدها على يدُه لتُزيحه عنه قائلة بحدة:
- قولتلك قبل كدا تبعد عني و متلمسنيش أبداً، لأنك بقيت في حُكم طليقي دلوقتي مش جوزي فاهم ولا لاء!!!!!!!
أقترب منها لدرجة خطيرة، ليحاوط خصرها بذراع واحد فأرتطمت بص*ره الصلب كأنه حائط بشري، ثم نظر لشفتيها يهتف بجُرأة، فأزدردت ريقها بتوتر:
- طب أديني قربت أهو، ولمستك، ها؟!! وريني يا ليان هتعملي أيه؟!!!
رفعت كفيها لص*رُه، ثم وضعتهم عليه، لتنظُر له بضعف، مستسلمة له و هو يقترب بشفتيه من شفتيها المكتنزة، وكادا أن يتلامسا، وفجأة بدون مقدمات كانت تدفعة بأقوى ما لديها، بعد ان وهمته بأنها سترضخ لقبلته، فابتعد عنها يمسح وجهه بعُنف، لينظر لها فوجدها توجه له نظرة أستفزازية مبتسمة بتحدٍ، ثم تجاوزته سريعاً مارّة من جانبه، لتدلف لغرفتهم، تاركة إياه يحترق شوقاً لها، جلس على الأريكة يضع أنامله على ذقنه، يُفكر بأمرٍ ما، فغلُبه سلطان النوم مثلما يقولون، و نام بعُمق..
بينما "ليان" بالداخل أمسكت بهاتفه، لتصغط على أسم "مدحت" والد "مراد"، ثم وضعت الهاتف على أذنها منتظرة إجابته على أحر من الجمر، وبالفعل ردّ "مدحت" بحنوه الأبوي:
- ليان!!! وحشتيني والله يابنتي، عاملين ايه أخباركوا..!!!
أزدردت ريقها تقول بصوتها الحزين:
- الحمدلله على كل حال يا اونكل مدحت، أنا كنت عايزة أقول لحضرتك على حاجة..
أنتبه لها "مدحت" ثم قال بأهتمام:
- قولي يابنتي أتفضلي متت**فيش، حاجة حصلت ولا أيه صوتك مش عاجبني!!!
و هُنا لم تتحكم بنفسه لتبكي بصوتٍ خافت، لتسرع تخرج إلى الشُرفة، ثم أغلقتها جيداً لتتحدث ببكاء يقطع نياط القلب!!!:
- مراد يا عمو، مراد وجعني أوي و**رني!!!
أنتفض الأخير من على مقعده عن بكاءها يقول بصرامة:
- قوليلي عملك أيه و أنا هجيبلك حقك يا بنتي ومتعيطيش مش عايز أشوف دموعك أبداً!!!
تحدثت وسط بُكائها:
- تخيل يا عمو مُراد شك فيا، أفتكرني بخونه!! انا هحكي لحضرتك من الأول، حضرتك عارف دانيال مش كدا؟!!
- أيوا طبعاً عارفُه، ماله دة كمان!!!
قالت بنحيب:
- دانيال جه من فترة المكتب وشافني، وقعد يمدح فيا لمراد وطبعاً مراد قفش أوي منه، ومكانش عايزني أصلاً أسافر ايطاليا معاه عشان دانيال ميشوفنيش، المهم يا عمو جينا هنا وقالي مش عايزك تيجي معايا الشغل عشان أنا مش هستحمل أنه يبصلك بصة متعجبنيش، وأنا وافقت عشان مدايقهوش، وقالي متفتحيش لحد غير الروم سيرڤس وفعلاً عملت كدا، بس النهاردة لقيت في خبط جامد على الباب خوفت أوي في الأول، وفضولي خاني و كنت عايزة افتح و اعرف مين اللي بيخبط بالطريقة دي، فتحت فتحة كدا صغيرة ولاقيت رجالة صخمين أوي، و أول مـ شافوني زقوا الباب و دخلوا، و دخل معاهم دانيال، أتصدمت و كنت خايفة اوي ومرعوبة أن مراد ييجي وتحصل مشكلة كبيرة و أنا عارفة أنه عصبي جداً، بس اللي فعلاً شتتني أن دانيال عرض عليا عرض ب*ع، وأكيد حضرتك فهمتني دلوقتي، و دة مقابل أنه يوافق ع الصفقة اللي مراد عارضها عليه واللي هتودي الشركة في حتة تانية، ض*بته بالقلم و زعقتله عشان يطلع برا، و فجأة..!! آآآ
بكت و تلك الذكرى القذرة تُعاد عليها، فهدر بها "مدحت" يقول:
- قوليلي الحيوان دة عملك أيه!!! عملك حاجة!!!!
قالت وسط بكائها العنيف:
- باسني .. باسني يا عمو و حاولت أبعدُه بكل قوتي بس مقدرتش والله مقدرت، و مراد للأسف دخل على المشهد دة و نزل فيه ض*ب بعد م كان ض*ب حراس دانيال اللي كانوا واقفين برا، و لما دانيال اغمى عليه من شدة ض*ب مراد و الكدمات الي بقت في كل حتة في جسمُه، لفلي يا عمو .. و .. وطلقني!!!
هتفت آخر كلمة تبكي بحُرقة، فتوسعت أعين مدحت مصدوماً، ثم قال و الغضب ظهر في صوته وعلى صفحات وجهه:
- أيــه!!! طلقك!!!! هو غ*ي ولا متخلف ولا أيه!!! يطلقك ليه!!!!
أسترسلت بألم:
- أفتكر أني بخونه، مشافش دموعي ولا نظرات الخوف في عينيا و أفتكر ان الزفت دانيال كان بيبوسني بمزاجي و أني موافقة و مش بالعافية، وبعدها جابني من شعري وطلعني برا الجناح، سابني برا كأني حشرة، ماليش ستين لازمة عندُه فضلت أترجاه يسمعني، ويفهم مني اللي حصل، بس هو حتى محاولش يفهمني، و أنا طلعت برا الفندق بالبيچامة اللي عليا، وقعدت برا في الشارع حوالي خمس ساعات، قاعدة على الرصيف في عز البرد اللي رايح واللي جاي جاي يبصلي بأستغراب، مين دي و أيه اللي مقعدها كدا، تخيل يا عمو سابني كل دة في الشارع لوحدي من غير حتى ميسأل على اللي حصلي، هي فين و أيه اللي بيحصلها في بلد غريبة متعرفش فيها حد!!! مفكرش حتى فيا كأني كلبة وراحت، وبعدها جه بالعربية وكان هيض*بني بالقلم لولا أنه مسك نفسه ف أخر لحظة!!!
صـاح الأخير بحدة شديدة يقول:
- نهارُه أ**د معايا، كمان عايز يمد إيده على مراته، ماشي يا مراد قسماً بالله لهربيك، كملي يا حبيبتي وبعدين أيه اللي حصل!!!
مسحت دمعاتها تقول:
- زعقت وصرخت و كأني مكنتش في وعيي، وفضلت ألطُم على وشي، فـ هو خدني في حُضنه وهداني لما لاقاني كدا، فضل يطبطب عليا لحد مـ هديت، وحكيتله اللي حصل بالتفصيل، أتأسفلي كتير بس أنا مش قادرة أسامه يا عمو بعد اللي سببهولي، أنا حرفياً كنت بموت من جوايا!!!
صرب على الطاولة بقسوة قائلاً:
- أوعي تسامحيه يا ليان، ربيه وعلميه الأدب الإول عشان يتعلم مياخدش قرارات متهورة فاهمة يا بنتي، لحد م ييجي و أنا اللي هربيه، و أنا بكرة هكلمه و أخليه يبطل شغل البلطجة دة ويجيبك وتيجوا على هنا، مش عايژك تدايقي ولا تزعقلي أبداً يا حبيبتي، ولا تعيطي خليكي قوية ومتسمحلهوش يقرب منك لأنك مبقتيش حلالُه دلوقتي، خليكي قوية فاهمة ولا لاء!!!!
قالت بألم:
- حاضر يا عمو هحاول، شكراً لحضرتك انك سمعتني كنت محتاجة أفضفض لحد وملقتش غير حضرتك!!!
قال بحنان:
- متبقيش ع**طة دة أنتِ بنتي، و هسمعك لو لآسر عمري يا حبيبتي، بكرة هكلمك أطمن عليكي و أي جديد يحصل بلغيني تمام؟!!
- حاضر..
قالت مبتسمة بأمتنان، ثم أغلقت معه متن*دة بألم، لتخرج من الشرفة تمسح دمعاتها بـ باطن كفيها، ثم خرجت من الغرفة بأكملها، فصدمت عندما وجدتته نائم بسكون تام على الأريكة، و جميع النوافذ مفتوحة على مصراعيها، و الهواء يض*بُه من كل جانب، أنخلع قلبها لتركض مسرعة تغلق النوافذ جيداً، ثم ألتفتت مهرولة ناحية غرفتهم، لتأخذ غطاء ثقيل ثم عادت له، وضعته جانباً و بدأت تُعدل من وضعيته الغير مُريحة، كـ وصعية رأسه و عنقه، فأسندت رأسه على الأريكة، ثم رفعت قدميه من فوق الأرض، و وضعتهم على الأريكة أيضاً لتنزع حذائه بهدوء، ثم أمسكت بالغطاء لتدثره بحنان شديد، و عندما تأكدت من أنه مرتاح، أبتعدا عنه لتدلف للغرفة، ثم أستلقت على الفراش بسكون حتى ذهبت في سُباتٍ عميق!!!