الفصل السادس

1289 Words
مستندة بظهرها على مقعد الطائرة، ولم يغلبها النوم كعادتها، فـ عقلها مُنشغل بما سيحدُث عندما تصل لمصر، تُخطط ماذا سوف تفعل، هل ستستطيع الأبتعاد عنه، هل ستترُكه بتلك السهولة، مُجرد التفكير بالأمر.جعلها تجن، و جعل الدمعة تسقط من عيناها فأسرعت تُبعد حدقتيها عنه، حمدت ربها أنه لم يراها فهو كان مُنكب على الحاسب المتنقل و يعمل عليه كعادتُه، فألتفتت له تطالعه بحُزن، متأمل ملامح وجهه التي ستفتقدها، خصلاته الناعمة والتي تعشقها، عيناه المُغلفة بأهداب كثيفة، و التي تسرق قلبها بلونها، أنفه وشفتيه المرسومتان بأبداع من الخالق، ستفتقد حنانه، و وقاحته، ستفتقد حُضنه و هذا الأهم، ستفتقد كلماته التي تجعلها تضحك من قلبها كما لم تضحك من قبل، و رُغم كل هذا، و رُغم تعلقها به كالطفلة إلا ان كرامتها غالية، و فوق كل شئ، و لن تستغنى عنها أبداً مهما كانت تُهيم به عشقاً، و عندما طال شرودها به، ألتفت لها يبتسم بحنان قائلاً: - في حاجة يا ليو؟!! نظرت له بجمود، ثم ألتفتت للجهة الأخرى، مُشيحة بوجهها عنه دون أن تجيبه ببنس شفة، ف*نهد قائلاً بصبر، فهو يعلم أن من حقها تفعل أكثر من ذلك: - ليان أنتِ كويسة، حاسة أنك تعبانة من الطيارة!!! ألتفتت له قائلة بسُخرية لاذعة كانت كالسوط على جسده: - فارقة معاك أوي؟!! يهمك يعني؟!! لو سمحت يا مراد بعد أذنك لحد مـ نوصل مصر مش عايزاك تتكلم معايا، والله مـ طايقة أسمع صوتك حتى!!!! توحشت نظراته، ثم طالعها بغضب، ليهتف بغيظ: - تمام.. أستشفت ضيقُه من نبرته، لتنظر بعيداً عنهُ تتن*د بحنق، وبعد قليل هبطت الطيارة في مطار القاهرة، فأنقبضت محياها بألم من ألم ظهرها كل تلك المدة، وفجأة تآوهت عندما حاولت النهوض من على المقعد، فألتفت لها "مراد" مفزوعاً، ثم وضع يده على ظهرها منثنياً برأسه لها يقول بلهفة: - في أيه يا حبيبتي، ضهرك واجعك!!! أومأت مُسرعة تنظر له والدمعات تخفي رؤيتها: - آآه ضهري يا مراد، مش قادرة أقوم!!! أسرع يحاوط خصرها، ثم بيده الأخرى أسفل ركبتيها ليحملها بين ذراعيه، ثم ركض بها خارج الطيارة، ليتجاوز درج الطيارة بأسرع ما لديه، ثم ذهب لمقاعد الأنتظاره ليُجلسها عليه برفق شديد، ثم جلس على عاقبيه أمام قدميها ممسكاً بكفها و ظهرها يهتف بقلق شديد: - أجيبلك اي دكتورة من هنا ولا تتحملي لما نوصل البيت..!!!! قال و الألم يغزو ملامحها تشعر بسكاكين تض*ب ظهرها: - مش عارفة، مش عارفة يا مراد بس ضهري واجعني أوي... نهض على قدميه ثم مال عليها ليُدلك ظهرها بلُطف، كـ مساچ خفيف لكي تتفكك عضلاتها من تلك التشنجات، الجميع ينظرون لهم بأستغراب، لتتقدم فتاة تقول بتهذيب: - حضرتك محتاجة أي مساعدة، أنا دكتورة علاج طبيعي..!!! ألتفت لها "مُراد" يقول على عجلة: - أيوا ياريت، هي نازلة من الطيارة وضهرها واجعها!!! أومأت بتفهم ثم أخذت مكان "مراد" بينما جلس هو جوار "ليان" ممسكاً بكفها يطالعها بتوجس شديد، يدأت تلك الفتاة في تدليك جانب ظهرها بهدوء قائلة بأهتمام: - بصي يا حبيبتي لما تحسي بتحسُن قوليلي، هي تشنجات بس هتروح بالمساچ!!! - حاضر.. قالت مغمضة عيناها، مشددة قبضتها على يد "مراد"، فحاوطها من كتفيها، وتدريجياً شرع الألم في الزوال، حتى زال تماماً، لتلتفت لها قائلة بوهن: - بقيت كويسة خلاص شكراً ليكي.. ربتت على كتفها تقول بلُكف: - على أيه يا حبيبتي، بصي دة الكارت بتاعي لو احتاجتيني كلميني.. أخذت الكارت منها ثم شكرتها بأبتسامة، فغادرت تلك الفتاة، ليلتفت "مراد" لزوجته قائلاً بتوجس: - بقيتي أحسن؟!! أومأت بهدوء، ثم نظرت لكفه القابض على باطن كفُه، فحاولت إبعاده ولكنه شدد عليها قائلاً وقد تملك الغضب منه: - وبعدين بقا فـ عنادك دة، مش وقتُه يا ليان!!!!!! نظرت له بضيق قائلة: - متزعقليش كدا!!! نهض تاركاً يدها بأنفعال، ثم أنثنى عليها ليحملها بخفة بين ذراعيه، فتعلقت برقبته قائلة ببرود: - نزلني يا مراد، أنا اعرف أمشي لوحدي!!!! نظر لها بجمود، ثم أكمل سيرُه نحو السيارة المتنحبة جانباً تنتظرهم، و خلفه الحُراس يحملون حقائبهم، أسرع السائق يفتح له الباب الخلفي فأنثنى "مراد" يجلسها على الأريكة بغضب ولم ينتبه أنه وضعها بطريقة عنيفة إلى حدٍ ما دون قصد، فأنتفضت "ليان" متآوهة بألم: - آآآه!!!! بـراحـة!!!! نظر لها بقلق قائلاً: - أسف يا حبيبتي مقصُدش!!! ثم جلس جوارها، ليضغط على زر في السيارة جعلت الزجاج يرتفع فكان فاصل بينُهم وبين السائق، ألتفت لها يهتف بهدوء: - عايز أشوف المكان اللي بيوجعك، لفي!!!! نظرت له مصدومة، ثم ضمت يدها إلى ص*رها بخوف قائلة: - ليه!!! أبتسم، ثم قال بوقاحة: - مش هعملك حاجة تانية عشان أنا عارف دماغك سودا!!! أعترضت بأحتجاج صارخة به: - بقولك يا مراد أسمعني بقا كويس، انت دلوقتي طليقي مش جوزي وميحقش ليك تشوف أي حاجة فاهم ولا لاء، و على فكرة انت اللي دماغك سوظا مش أنا و قليل الأدب كمان!!! حكّ طرف أنفه بأبهامه، ثم نظر لها، ليمسك بذراعها مُقربها منهُ، قائلاً بتملك رهيب: - أسمعي أنتِ يا ليان، أنتِ مراتي و دي حقيقة مش هتتغير، و من حقي أشوف كل حاجة، ويمين الطلاق اللي قولتهولك دة كان في ساعة غضب ومكنتش أقصد أقوله، بس أحتياطي هنروح مع بعض للمأذون و أرُدك مافيش مشكلة، و بطلي عبط بقا جسمك كله انا شوفته كتير!!! توسعت عيناها من مدى جرأته، لتض*بُه على كتفُه صارخة بعصبية أضحكته: - بس بقى بطل قلة أدب دة أنت فظيع!!!! والله العظيم يا مراد هنزل من العربية ومش هتعرفلي طريق، أسكت بقى!!!! هدأها ممسكاً بذراعيها ثم أخذها بأحضانه يضحك قائلاً بحُب: - طب خلاص أهدي، نامي بقا شوية..!! أبتعدت عنه تلهث من شدة المجهود: - لاء .. لاء مش هنام في حضنك خلي كل واحد بأحترامه بعيد عن التاني!!! جذبها له من ذراعها فأرطمت بص*ره، ثم وضع يده على رأسها بين ذراعيه قائلاً: - تؤتؤ أحترام أيه!!!، أنتِ عارفاني ماليش علاقة بالأحترام، يلا يا حبيبتي نامي في حضني و أهدي كدا!!! حاولت إبعاده ولكنه كان مشدداً عليه فلم تستطيع حتى التحرُك قيد أنملة، لتتن*د قائلة بضيق: - يعني هتحضُني بالعافية، غصب عني!!! ألتقت عيناه بعيناها، ليغمز لها قائلاً بوقاحة: - عيني في عينك كدا أني بحصُنك غصب عنك، و أنك بتعشقي حُضني دة و لو عليكي مش عايزة تُخرجي منه أبداً.. رفعت حاجبيها بأندهاش، قائلة: - يا سلام، وجايب الثقة دي كلها منين بقا!! أمسك بذقنها، ليشرد بعيناها، ثم تابع بأنجذاب غريب لها: - عيني في عينك يا ليان..!!! أزدردت ريقها، لتنظر في عيناه بأرتباك، ثم و رغماً عنها أسقطت عيناها بعيداً عنه، فأبتسم بثقة، ثُم مال بشفتيه عليها، و كاد أن يُطبق على شفتيها المكتنزة، والتي يتعطش لها، ولكنها أسرعت تضع كفها على فمُه، قائلة بتلعثُم و توتر: - بلاش يا مراد، قولتلك أنت طليقي دلوقتي مش جوزي، واللي هتعملُه دة حرام ومينفعش!!! تن*د بصبر، ثم أبعد كفها عن شفتيه برقة قائلاً بهدوء: - خلاص يا حبيبتي أنسي، لما أرُدك ساعتها هعمل اللي أنا عايزُه!!! قال آخر كلماته بمكرٍ، فعضت شفتيها بخوف من ردة فعلُه، عندما تُقدم على ما ستفعله، و أنها ستذهب لبيتها فور نزولها من هُنا..!!! تذكرت عندما هاتفت أبيه وأخبرته بما تنوي على فعلُه عودة للوراء، قبل أن يأتي "مراد" من المخزن لدى "دانيال"، أمسكت بالهاتف قائلة وهي تبكي: - والله يا عمو مش هقدر أتحمل أعيش معاه بعد كُل اللي حصل دة صعب اوي والله صعب، أنا بحب مراد أوي، بحبه أكتر من اي حد في الدنيا دي، و على أد مـ حبيته هو **رني، **ر ضهري كأنه بيديني مُقابل حُبي ليه، عُمري مـ هقدر أسامحه، أنا يمكن بحاول أشبع منه دلوقتي لأني خلاص مش هشوفه تاني، كل مـ أشوفه أفتكر اللي حصل، خايفة اكرهُه خالص، عشان كدا عايزة أبعد عشان مكرهوش، ساعدني يا اونكل في الموضوع دة، لو سمحت ساعدني.. ردّ " مدحت" بعطف: - أهدي يا بنتي ومتعمليش في نفسك كدا عشان خاطري لو بتعتبريني زي أبوكي تهدي، و اللي أنتِ عايزاه هعملهولك، مراد فعلاً غلِط، و غلط كبير أوي ميتغفرش بسهولة، بس هو بردو بيحبك جداً، بيحبك أكتر من أي حد في الدنيا زيك بالظبط، بس رغم كدا أن هساعدك وهعملك اللي يريحك، قوليلي أنتِ عايزة تعملي أيه وأنا هنفذ... عودة لأرض الواقع، أراحت وجنتها على ص*ره، تستنشق عبق رائحته التي تعيد روحها إليها، و كالعادة عندما تكُن بأحضانه، و هو يمسد على خصلاتها بتلك الطريقة، تنام بعُمق شديد، و تلك المرة الأخيرة التي سوف تغفو بين ذراعيه، أو هذا ما كانت تظُنه "ليان"..!!!! • • • •
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD