الفصل الثاني

1989 Words
   طوله الفارع، جسده القوي، لكنھا كانت مضطربة و خائفة، نظرت لذلك المسجي على الأرض مرتعبة، فقال ذلك الشاب:- ما تخافیش، كلب ورا تلعثمت الكلمات في فمھا:- بس .... ده ....مات.   - في ستین داھیه، مالكیش دعوه إنتي باللیله دي، تعالي معایا. لم يترك لها مجالًا للرد، أمسك یدھا وانقادت له، كانت تحس باطمئنان عجیب، و ھدوء أعجب یكتنفانھا، كانت تحس بالانتماء لھذا الجبل الواقف أمامھا، أدخلھا السیارة، وأغلق الباب ثم ھاتف أحدھم   - فیه مصلحة عاوزین نخلص منھا و بسرعة ف.......   وأملاه العنوان  ودخل السیارة وانطلق بھا، ألقى نظرة علیھا، كانت بلوزتھا قد تمزقت وھي تمسكھا بیدیھا لتداري نفسھا، أوقف السیارة بجانب أحد المولات وزفر زفرة  طویله وقال:-  ما ينفعش تروحي بهدومك دي كده، ما یصحش حد یشوفك بالشكل ده، ما تخافیش، خلیكي في العربیه، اقفلي الباب، وأنا ربع ساعه وأكون ھنا.    مدت یدھا تتشبث به:- لا متسبنیش.   نظر في عینیھا وابتسم ليطمئنها:- ما تخافیش.   ونزل، غاب قلیلًا وعاد، أعطاھا كیس:- الكیس ده فیه بلوزه بدل اللي اتقطعت دي، وطرحه ودبابیس كمان، العربیه إزازھا متفیم، اطمني، أنا ھاقف بره حوالكي، وانتي غیري ھدومك واعدلي طرحتك، ولما تخلصي نادیلي.    ردت باستسلام:- حاضر.   وقف بالخارج یتذكر ما حدث، فعندما رآھا تخرج ھاتفھا وتتذمر ثم تشیر للتا**ي و ھو یسیر ورائھا، فلم يرتح أبدًا لمظهر ذلك السائق، حمد الله أنه قد قاد سيارته خلف التا**ي.   سمعھا تنادیه:- یا .... یا .... أنا خلصت.  ابتسم ودخل السیارة:- بيتكم فين؟  أملته العنوان الذي یعرفه بالطبع، أحس بھا ترتعش، فنظر لھا متأملًا جمالھا الھادئ الأخاذ وملامحھا الجذابة، ثم أوقف السیارة وأخرج من جیوب جاكت البدلة متعلقاته و خلعه و ناولھا إیاه:- البسي ده شكلك بردانه.   - شكرًا بس.   - من غیر بس، اسمعي الكلام.   و استأنف القیادة   - أنا عارف إني مش علشان أنقذتك هاتدخل في تصرفاتك، بس معلش الفضول هيموتني ممكن أعرف  ما طلبتیش عربیه من أوبر أو كریم توصلك أضمن لیه؟   ردت بسرعه:- والله كنت ھاعمل كده، عمو أصلًا ما  رضيش يسيبنبي أنزل أجیب اللي إحنا محتاجینه إلا لما قولتله إني هاركب أوبر أو كريم، بس لقیت التلیفون فصل شحن.   - یبقي كنتي تنقي حد على الأقل كبیر في السن وإلا شكله ثقه، السواق اللي انتي كنتي راكبه معاه ده أصلًا شكله لوحده شبھه.   - ما كنتش مركزه وﷲ، أنا قلقانه على ماما جدًا ودماغي بتودي و تجيب، وخوفي عليها مخلي مخي مش معايا.    - حصل خیر، الحمد لله إني شفتك، وشكیت في السواق.  - بس ده مات، و....    - قلت لك ما تفكریش في الموضوع ده.  كنا قد وصلا:- ده البیت.   - ایوه.   طب اتفضلي، ھاتي اللي انتي محتجاه وأنا مستنیكي ھاوصلك المستشفى.   - بس كده كتیر، شكرًا  لحضرتك، أنا ھاشحن التلیفون لسه وھاتأخر.   - قلت ھاستناكي، یا ﷲ انجزي، مش هاتحرك قبل ما أرجعك لأهلك المستشفى و اطمن .   نظرت له وابتسامة جزلى قد سكنت محياها، وهدوء عجيب قد سكن قلبها، ثم نزلت من السيارة وصعدت الشقة ووضعت الھاتف على الشاحن، وھي متعجبة من استكانتھا لھذا الغریب وإحساسھا بالأمان معه، نظرت من نافذتھا لتجد سیارته ما زالت مكانھا ولم یغادر، دب السرور في قلبھا، وبينما هي تلملم ما تحتاج إليه في المشفي، رأت أمامها صورة فهد عندما كان صغيرًا فهي تحتفظ بها بدون أن تدري أمها، فأنبت نفسها، كيف ترتاح لذلك الفتى و تنسى فهد، الذي لم يكن يفترق عنها منذ صغرهما، وابتسمت حين تذكرت ما كان يفعله لو طلب أحد الصبية اللعب معها، كان يتذمر ويفور غضبا صارخًا رابحه دي حجي آني، ما حدش يلعب معاها غيري، وينظر لها و يسألها:- رايده تلعبي مع غيري. فتجيبه :-لا. ضحكت، ثم اقنعت نفسها أن لا سبيل أبدا للقاء بفهد، فهذا من سابع المستحيلات.   أما فھد فرن ھاتفه  - اطمن یا كبیر المصلحه قضیت، وخدنا الحلوه ھدیه وحلوان.   - شوفوا الورج اللي فیھا الاول، جایز تكون مش بتاعته ، لو مش بتاعته تترد لصاحبھا، وتشوفوا الكلب ده مین ومنین، ولو لیه حد في رجبته،ولو العربیه بتاعته  ثمنھا یروح لأھله وتتكفلوا بیھم، ھم ما لھمش ذمب.   - تمام یا كبیر.   انتھت من تجمیع ما تحتاجه وأحضرت شاحن الھاتف لتكمل شحنه بالمشفى،   نزلت لتجده واقفًا یستند على السیارة، كانت الإضاءة تغمره، بالرغم عنھا وجدت نفسھا تتأمل في تفاصیله بنظرات تحاول سرقتھا، لكي لا یلاحظھا  أما ھو فقد كان یحدث نفسه (معجول مش فاكراني یا رابحه، معجول البعد نساكي فھد، بس ھي معذوره، كانت لساتھا صغار برضك، آني الكبیر الواعي، بس جلبھا حاسس، آني خابر زین، عیونھا حاسه آني ناظرھم).   بادرت بالقول حيت اقترابها من السيارة:- باتعبك معایا، مش عارفه أشكرك ازاي.  - ولا أي تعب، اتفضلي، وشكر إيه أنا عملت الواجب، اطمني الرجاله الجدعه ما خلصتش لسه من الدنيا. - بس برضه ما قلتليش الراجل اللي مات ده هتعمل ايه فيه؟ ممكن كده تبقي مشكله ولو حد شافنا هنلبس قضيه. - قلت لك ولا كأن حصل حاجه، اطمني المكان متطرف بعيد، وما فيش فيه كاميرات مراقبه، و محدش شافنا، وأهو كلب وراح، اللي زي ده ما يتسألش عليه، وأنا أصلًا هاروح أبلغ فيه إنه قطع الطريق عليا و حاول ي**قني، هو شكله أصلًا سوابق، وأنا دافعت عن نفسي، ومسدسي مترخص. - بس كده ممكن تتحبس. ابتسم- ولا هاخد حتى خمس دقايق، اطمني انتي بس، وما تفكريش غير في ماما.  وفي الطریق كانت صامته، وھو كذلك، بینما كان یسترق عدة نظرات لھا بدون أن تلاحظ، وھي أیضًا كانت تفعل ذلك.   بعد فتره **ر حاجز ال**ت بسؤال قد أجابته عنه مسبقًا لكن لم يجد ما يقوله سواه:- هي الوالده عندها إيه؟ - هي ماما تعبت فجأة ومش عارفین مالھا، لسه نتیجة التحالیل ما ظھرتش.   - ربنا یطمنك علیھا.   - یا رب.   - أنت لازم تطلع معایا، عشان عمي عمران یشكرك على الواجب اللي عملته معایا ده.   اضطرب قلیلًا فھو لا یرید من عمران معرفة أنه قد علم أي شيء  الآن لكي لا يهرب بهما مرة أخرى:- معلش استسمحك، لازم اطلع على القسم ابلغ وأكيد هاقعد هناك شويه عشان التحريات وكده، مش هينفع أتاخر في البلاغ أكتر من كده.  انتابتھا الخیبة، ودت لو تخبره أنھا ترید رؤیته مرة أخرى، لكنھا لم تستطع، كانت تخشى أن تنزل من السیارة لتفترق عنه، كانت تتخوف أن یكون ھذا لقائھما الأول و الأخیر، لكنه نفض ذلك التخوف عنھا عندما ابتسم قائلًا:- لو ممكن تدیني رقم تلیفونك، عشان ابقي اطمن على الوالده یعني، وآجي أزورھا.    كادت تطیر فرحًا لكنھا ارتدت وجھًا باردًا في محاولة منھا لإخفاء سعادتھا، لكن تلك العینیان الناعستان كشفتا فعلتھا:- اتفضل. و أملته رقمھا، كانا قد وصلا أمام المشفى فنزلت سریعًا  ونسیت تمامًا أن تأخذ رقمه، ولم تتذكر ذلك إلا بعد أن صعدت أمام باب غرفة والدتھا، دخلت الغرفة و وجدت والدتھا ممددة على السریر في ھدوء و سكینه، وبجوارھا یجلس عمران محتضنًا كفه في كفھا.     ما أن رأى رابحه حتى ھتف:- إیه یا بتي جلجتیني علیكي، تلفونك كل ما أرن یجولي قد یكون مغلقًا.   - معلش یا عمي فصل شحن، ماما نایمه عادي كده وإلا واخده منوم.  - لا یا بتي الدكتور ادھا منوم  وجال مش ھتصحي إلا بكره. - طیب كویس، عشان أحكیلك اللي حصل وما تسمعوش.    لیتوتر عمران:- فیه إیه یا بتي انطجي؟. - ھاحكیلك بس بشرط.   - یا بوي یا رابحه، كفایه عليّ حرجه جلبي على أمك، انطجي یا بتي.   - أنا لما نزلت جیت اطلب أوبر أو كریم لقیت التلیفون فصل شحن.  قاطعھا:- واه، ما طلعتیش طلبتیھم من تلفوني لیه؟   - یا عمي ما تقاطعنیش بقي عشان ما اتلخبطش، ربنا یخلیك. - حاضر هاسكت واصل لغاية ما تخلصي حديت. فقالت بكلمات متسارعة متلاحقه:- قلت خلاص، إحنا مش متاخر قوي، أوقف تا**ي، وشاورت لواحد، وركبت وخدني من طریق مھجور، وفتح علیا مطواه  و نزلني وخدني خرابه وكان عاوز یغتصبني.   ھب عمران من مكانه فزعًا  یحتضنھا:- یا واجعه مربربه، إنتي ملیحه، جدر یعملك حاجه، انطجي ما تخافیش.   أمسكته من كتفیه:- اطمن یا عمي، وﷲ ما آذاني، لو كان طال مني حاجه كنت موت نفسي أشرف لي، ھاكملك أھو، ض*بته بحجر ایدي وصلتله، اتجنن وهجم عليا، وفجأه سمعت صوت ض*ب نار ولقیته وقع على ص*ري قاطع النفس، ولقیت حد شاله من علیا، وأنقذني، وقالي ما لكیش دعوه وانسي اللي حصل ووصلني للبیت، وفضل مستنیني وجابني المستشفى.   لیقول عمران بعد أن تنفس الصعداء:- ألف حمد وألف شكر ليك يا رب، إنه حفظك ليا ولامايتك، و ھو فین ابن الأصول الشھم ده، عشان نجازوه على اللي عمله ده.   - للأسف كان مستعجل، عشان يبلغ عن السواق ويخلي مسؤليته ومش هيجيب سيرتي خالص طبعًا، هيقول ان السواق ده قطع عليه الطريق و كان عاوز ي**قه و هو دافع عن نفسه، أنا ادیته رقم تلیفوني عشان یكلمنا، بس نسیت آخد رقمه.   نظر لھا بغضب:- أدیتیه رقم تلفونك لیه؟ آمال تلفوني أنا فین؟  لتتلعثم:- أصل كنت متلخبطه یا  عمو بقى ومش عارفه ولا مركزه.  - ماشي یا بت الناصري.   - بت الناصري، ما بتقولھاش إلا لو انت زعلان مني.     لیجیب مقطبًا حاجبیه:- إیوه زعلان، وزعل واعر كمان، غلطانه یا بت الناصري، والغلط راكبك من ساسك لراسك، كنتي طلعتي اتحددتي من تلفوني، و إلا كنت آني رحت جبت الحاجه، تجدري تجولیلي دلجیت لو كان حوصل لك حاجه، كان إیه العمل؟   لتقترب منه وتقبل رأسه:- آسفه یا بابا.   لیحتضنھا:- مسكتیني من یدي اللي بتوجعني یا بت الچازیه، عارفه إني بألین لمن تجولیلي بابا بتاعة المصاروه دي.   لتضحك رابحه:- إحمد ربنا إن ماما نایمه، لو سمعتني أنت عارف مش هنخلص. لیبتسم ناظرا للچازیه:- عارف، ما تجبلش أبدًا إنك تجولیلي یا بابا، وعتجول، عمران كیه أبوكي إنما إنتي بنت الناصري.   و ابتسم بألم:- عمرھا ما نسیت حبھا لیه، وھیفضل في جلبھا لحین ما  یأذن ربنا لیھم باللجا.   نظرت له متعجبه:- أنا  وﷲ باستعجب منك، أنت مش بتتضایق إزاي یعني؟ متجوزھا، وأنا عارفه إنك بتموت في التراب اللي ھي بتمشي علیه، نظرة عينك ليها فيها لمعة عاشق ولهان، لو شفت وشك بيفرح إزاي لما هي بتكون مبسوطه، وإلا لما بتتوجع إنت بتبقى عامل ازاي، وبقالكم أكثر من عشر سنین مع بعض، وكل واحد فیكم في أوضه، وأنا شایفه حبك لیھا وعنیك اللي بتعشقھا.   ابتسم:- آدیكي جلتي حبك لیھا، مش حبھا لیك، أمك ما عشجتش غیر ناصري، و جوازنا ده بس عشان كلام الناس، ما یجولوش غریب داخل على الحریم، وده عھد آني ادیته لیھا، إني ما أقرباھاش واصل، وعشان إكده وافجت على إننا نتجوز، عشان انجدھا بس من ضرغام، یا بتي عمك ضرغام واعر، وما كانش ھیسیبھا تعیش معاه  كیه ما ھي معایا كده، وھي ما تجدرش تكون لراجل غیر ناصري.   احتضنته رابحه:- أنت جبل.  ثم أردفت:-  بس إنتوا دایمًا بتقولوا على عمي ضرغام ده إنه صعب، بس أنا مش فاكراله حاجه وحشه خالص، بالع** كل ذكریاتي عنه وعن ابنه فھد حاجات حلوه.  ضحك عمران:- عشان ھو الحج یتجال كان بیحبك جوي، وفھد كمان ما كانش یكلم حد من البنته إلا إنتي، و دایمًا كان یجول، رابحه دي ملكي آني و بس.  ضحكت رابحه، و لا تدري لماذا قفزت فجأة صوره ذلك الوسیم الذي أنقذھا لمخیلتھا؟                                   ****  بینما كانت رابحه تنتظر على أحر من الجمر، أن تظهر نتيجة تحاليل والدتها و تطمئن عليها، وأن يتصل ذلك الوسيم الذي شغل عقلها وقلبها سويًا رغم كل الاضطرابات بهما، كانت تنظر للهاتف لتتأكد أنه يلتقط الإرسال جيدًا. كان فهد قد اتفق مع عمر أن يتابع مسألة ظهور نتيجة التحاليل، وفور صدورها هاتف فهد وأبلغه بالنتيجة، ليسأله فهد والحزن يسكنه:- عمر إنت متأكد من النتيجه؟ فأجاب عمر:- عيب يا عمده أنا هاضحك عليك، النتيجه لسه طالعه حالًا من المعمل، حتى الدكتور المتابع الحاله لسه ما شفهاش، بس المعمل طبعًا عارفين وبلغوني. - شكرا يا عمر، أنا جاي ليك أهو وهاراضيك. - عيوني يا كبير أيتها خدمه. كان ضرغام قد  أنهى توقیع الأوراق الھامه واستقل سیارته وفي الطریق ھاتفه فھد  وبصوت حزين قال - السلام عليكم يا بوي. - وعليكم السلام، صوتك ماله يا ولد. - یا بوي مش عارف أجولك إیه؟   - انطج یا ولد، إیه إدسوا منیك إیاك، وهربوا تاني.   - لا یا بوي، بس...   - إنت لسه هتبسبس يا فهد، بس إیه، انطج.  - نتیجه تحالیل الخاله چازیه ظھرت و....   - یلعن أبو كده انطج یا ولد.  - الخاله طلع عندیھا اللھم عافینا سرطان ص*ر یا بوي، و المحروج اللي ما يتسمى ده في مرحلة متوخره كتیر وما ھینفعش فیھا علاج، واللي ما یتسماش ده منتشر في جسمھا، ومن الآخر كده بتودع، ومستنين السر الإلهى يطلع.   سقط الھاتف من ید ضرغام، وتساقطت الدموع من عینیه بدون إرادته، وھو یحدث نفسه (واه یا بوي، عتفوتیني یا چازیه بعد ما لجیتك، الموت مش عاوز یسیبك لیا، بس لو آخر دجیجه في عمرك یا چازیه لازمن تكوني لیا، مش ھاسیبك لعمران، و لازمن أخلیه یندم على كل دجیجه فاتت عليّ و إنتي بعیده عني)   ومسح تلك الدموع لیقول بتكبر وصلف  مسمعًا السائق  - واه حاجه دخلت في عیني یا ولد و إلا إیه.                                            
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD