الفصل الثالث

3519 Words
بعد إنهاء صقر لتسليم البضاعه ترك الجبل ليعود للنجع ويستريح في قصره، حيث الوجه الآخر لحياته، دخل مكتبه في القصر فدخلت وراءه إحدى الخادمات  وسألته وهي تقترب منه بدلال واضح وتضع يدها على ص*ره:-  سيدي وتاج راسي يؤمر بحاجه.  نظر لها شذرًا نافرًا منها ومبتعدًا عنها  وقال:- اتجنيتي إياك! هتعملي إيه؟ وايه الجلع الماسخ ده.  تدللت  وهي تقترب منه مره أخرى:- اتجنيت بعشجك يا سيدي هاموت عليك، اعملك كل اللي تؤمر بيه، بس ترضي عني وأنول الوصل.(قالتها غامزه وهي تمرر يديها على جسدها في محاوله منها لإثارته)  لطمها صقر لطمه أسقطتها على الأرض وجعلت خيطًا من الدماء يسيل على وجنتها وهو يقول باشمئزاز:- كنك اجنيتي.  ونادى على حمدان السائق بأعلى صوته والشرر يتطاير من عينيه جاء حمدان مهرولًا:- خير يا باشا خير.  فنظر له والغضب يعتريه:- لا مهواش خير يا حمدان يا جلاب النصايب، مجايبك دي تاخدها وترميها برات الجصر وقسما بالله لو اتكررت تاني وجبت هنيه شكل من الاشكال دي لاكون جايب خبرك، ما احبش المسخره وانت خابر زين. أمسك حمدان الخادمة وهو يقول:- هببتي ايه يا وش الشوم، يا بنت المركوب، جلبي ما كانش مرتاحلك بس جلت اعمل خير، أهو كان هيجي على دماغي آني. تأوهت بميوعه:- والله ماعملت حاجه كان نفسي أنول الرضا بس. شدها من ذراعها:-  فزي جومي جدامي. دخل رشوان ليقول:- إيه اللي حوصل يا صجر؟ - حته بت فاهمه إنها هتوجعني، بلاش ق*ف، سيبك منيها. - يا صجر نفسها تنول رضاك، الحريم بتحبك. ضحك صقر:- وآني ما عاحبش حد منيهم، لو ألاجي اللي في بالي هي دي اللي صوح تبجى بكل الحريم. - باه لساك تحلم بيها الجنيه . - وما رايداش تفارج عجلي، ملامحها فاكرها بكل حته فيها، أهي دي اللي لو لجيتها صح تبقي اللي عليها العين و اللي يطلبها الجلب. وانشغلا في مخططاتهما.                              ***** وفي المشفى دخلت رابحه من الباب حاملة كوبي قھوة لتجد الطبیب والممرضات في  الغرفة وعمران یحتضن كف الجازیة بین یدیه والدموع تنساب من عینیه كالشلال ولا ینطق  قالت بتوتر:- إیه یا عمو؟ فیه إیه؟ لینظر لھا ویھز رأسه یمینًا و یسارًا، ثم وضع كف جازیه على قلبه وأغمض عیناه، وسقط على الأرض، سارع الطبيب ناحيته وانحنى عليه يفحصه.   ورابحه تقف*ننظر لھما، في غیر فھم، ظلت متسمره حتى اقترب منھا الطبیب   وقال:- البقاء لله  یا آنسه، الاتنین تعیشي أنتي.  نظرت له بغير فهم:- اتنين إيه؟ إنت مش مركز ماما نايمه، وعمو عمران أنا كنت باجيب له قهوه. - أنا مقدر موقفك يا آنسه بس للأسف التحاليل اثبت إن الوالده كانت مصابه بسرطان ص*ر وواضح إنها عانت كتير وخبت عليكم وجعها لأنه لما وصلت لنا كان اتمكن جدًا، وهي خلا**ماتت، وعمك الظاهر ما استحملش  الصدمة كانت شديدة عليه، ومات هو كمان، البقاء لله. وقفت غير مصدقه لما سمعته.                                           ****    مرت الساعات طویلة على ضرغام في الطریق، وقبیل وصوله للمشفى ھاتفه فھد و بلا أي كلام أو مقدمات أو حتى سلام قال له:- یا بوي طولة العمر لیك، خالة جازیه وعم عمران التنین یعطیك عمرھم، آني طالع لرابحه.   صعد السلم سریعًا ففور أن أخبره عمر بالخبر لم یصدق نفسه، صعد للغرفة لیجد رابحه تجلس صامته على الكرسي، تنظر لسریر أمھا، ولنقالة ممد علیھا عمران و لا تنطق،  والممرضات متجمعات حولھا یطالبنھا بالصراخ أو النطق وھي تحول نظرھا من أمھا لعمران.  أبعدھم عنھا قائلًا:- هملوها أنا ابن عمها.  وجثا على ركبتیه أمامھا:- انطجي، صرخي، ما تسكتیش إكده، أنا فھد ابن عمك ضرغام وبوي جاي  في الطریج، إحنا معاكي، ما انتیش لوحدك یا بت عمي. وأخذ یھزھا.  أما رابحه فكانت في عالم آخر   (إیه اللي بیحصلي، ده حلم، لا ده كابوس، الناس الغریبه دي بتقول ماما ماتت، و عمي عمران مات، إیه الكابوس ده یا رب اصحى، ومین ده؟ ده اللي أنقذني، بیقول إیه مش سامعه حاجه؟ یا رب اصحى من الكابوس ده، یا رب اصحى)   صرخ فھد في وجھھا:- فوجي یا رابحه، ابكي یا بت عمي.  وما زال یھزھا لیصفعھا صفعة قویة، انتفضت رابحه متألمة على إثر الصفعة و نظرت له، ثم رأت الجسدین الممدین أمامھا وأیقنت أنھا لم تعد تحلم بكابوس، إنها تعيش واقع مریر، فانفجرت في الصراخ، صرخات تتلوھا صرخات، بكل قوة تصرخ بینما فھد یمسكھا بكلتا یدیه حتى سقطت بین ذراعيه فاقدة للوعي والتمت الممرضات حولھا في لحظة دخول ضرغام الذي تسمرعلى باب الغرفة، ناظرًا للچازیة واقترب من سریرھا، وترقرق الدمع في عینیه محدثًا نفسه   (غلبني الموت یا بنت العبابسه، غلبني الموت وخدك مني، یمكن رحمك من اللي كت هاعمله فیكي لو فضلتي على رفضك لیا)    ونظر لعمران  نظرة تفیض كرھًا و مقتًا (ورحمك أنت كمان یا ولد العم)   ثم نظر لتلك المستكینة بین ذراعي فھد:- دي رابحه.   - إیوه یا بوي.   - خلیك جارھا وآني ھاخلص الورج وأبلغھم في النجع.  مددھا على سریر في غرفة مجاورة، وأحضر الطبیب طالبًا منه حقنھا بمھدئ  قوي المفعول لكي لا تفیق في الطریق وتنتابھا حالة الھیاج، أنھى ضرغام الأوراق و انطلقت عربة الإسعاف معھما تحمل الجسدین في طریقھما لنجع العبابسه. اتصل ضرغام بالرجال في النجع لإعلان الخبر وتجھیز المقابر  كان الطریق طویلاً ملیئًا بالألم و الأمل....  ألم ضرغام على فقده لمحبوبته، وأمل فھد في أن تصبح رابحه بخیر،  كانت رابحه تتململ في الطریق وتنطق بكلمات غیر مفھومه، لم یتبین فھد منھا سوى (أمي، عمي، الموت، ما تسیبونیش)                                              **** وفي مكان آخر بالإسكندریة المتباھیة دائما بجمالھا الذي ینافس جمال  أفرودیت، المستكينه على حافة المتوسط، في إحدى العمارات المھیبة المطلة على القمقم المتوسطي الذي یسلب ألباب العقلاء و یذیب قلوب العشاق، وقف مھیب الطلة قوي البنیة طایع نجیب أبو حطب، مبتسمًا ینظر للبحر و أمواجه الھادرة المتلاطمة، محدثًا سالم صفوان، صدیقه و ذراعه الیمنى:- جربنا جوي یا سالم، وھناخدوا حجنا اللي بنستنوه من زمان، یا ویل العبابسه من ابن ابوحطب یا ویلھم.  لیشاركه سالم ابتسامته الساخرة:- تفتكر ضرغام ھیعمل إیه لمن یعرف إن الشركات اللي مضي عجد شراكته معاها بجت ملكنا.   - ده يوم ما يعرف انها لينا جايز يموت فيها، هو فاهم إني انتهيت و عمره ما هيجابلني تاني، ما يعرفش إني هابجى أ**د كابوس هيمر عليه، و لا يعرف آني باخطط لإيه. واشتركا في ضحكة صاخبة إلى أن دخلت السكرتیرة مقاطعه إیاھما  - طایع باشا، الآنسه مليكه بره عاوزه تقابل حضرتك دلوقتي حالًا. انتفض طایع قلقًا:- ملیكه، دخلیھا بسرعه.   و قبل أن تخرج السكرتیرة دخلت ملیكه، بجمالھا الھادئ للمكتب، لیبادر طایع للقول بلھفه:- انتي بخیر؟ خالتي بخیر؟ الحاج وھدان بخیر؟  لترد بھدوء:- كلنا كویسین، اطمن.   لیرد بحنق:- أومال جایه لیه؟   لیقاطع سالم الحدیث"- اصبر یا طایع خلیھا تآخد نفسھا.     ومد یده لیسلم علیھا فأمسك طایع یده:- أنت عارف یا سالم إنھا ما بتسلمش على رجاله وإلا نسیت. لیتغیر وجه سالم:- معلش یا كبیرنا، جل من لا یسھو، وأنا ما  باشوفھاش إلا كل فین و فین، عن إذنك هاطلع أنا أشوف اللي ورايا.  - اتفضل. وقال ناظرًا لمليكه:- عن إذنك يا آنسه. - اتفضل، إذنك معاك. و فور خروج سالم وإغلاقه للباب، اقترب طایع من ملیكه ممسكا ذراعھا  بقوة:- انطوجي، فیه إیه؟ و كیه جیتي لوحدك؟  لتتألم ملیكه:- طب سیب دراعي، بتوجعني كده.  لیتركھا طایع:- سیبته، انطوجي بدل ما أ**ر راسك.   لتبتعد عنه قلیلًا رافعة یدیھا أمام رأسھا:- وﷲ ما جیت لوحدي، مع إني مش صغيره يعني، و لا يتخاف عليا أمشي لوحدي، أنا طالبه جامعيه، و خلصت كليتي خلاص أهو و بكره النتيجه تبان و تلاقيني من الأوائل، بس خالتك و بابا تحت على الكافي شوب اللي تحت العماره،  مستنيك بدل ما یطلعوا و ینزلوا تاني قالوا يمشوروني، مش فاهمه لازمتها إيه التليفونات الصراحه اللي هم شايلينها دي، لازم اطلعي يا مليكه، انزلي يا مليكه، اتهزأي يا مليكه، كلكم مستوطين حيطة مليكه.   ضحك طایع من ھیئتھا ورفعھا لیدیھا اتقاء لغضبه، وكلامها المتواصل الذ*للا تنتهي منه وھدأت ملامحه:- خلاص نزلي یدك دي و اجعدي.    تنفست ملیكھ الصعداء:- یا سیدي ماما ما صدقت خلصت امتحانات وعاوزه تجرى بقي تیجي تشوف ابن اختھا حبیبتھا طبعًا، وعاوزه تتغدى معاك.   وضعت قدمًا على قدم و أسندت رأسھا على الكرسي:- بس بم إننا لسه واصلین و مش ھنلحق نطبخ فھنعزم سیادتك على الغدا معانا بره، لغایة ما خالتك تثبت أقدامھا في الشقه كده، وتشرف على نظافتھا و تمرمطني معاها، مش فاهمه الخدامين احنا الظاهر جايبينهم  نريحهم، و أشتغل أنا، وتبدأ مارثون تعویض ابن اختھا حبیبتھا عن حرمانه من الوكل (قالتھا باللھجة الصعیدیة)  ضحك طایع:- الوكل.   ردت بثقة:- إیوه الوكل، فاكر نفسك إنك بس اللي تتحدتت صعیدي، آني كومان أعرف اجول كلام صعیدي زین، مش عارفه انت لیه ما بتتكلمش عادي زیي كده و تریحنا.   ارتسمت الجدیة على محیاه:- أنا أجدر اتكلم كيفك یا بنت خالتي، بس الصعیدي دي لغوتي وأصلي وجدوري اللي ما اطلعش منیھا واصل، واللي آن الآوان نرجع لیھا خلاص.   ارتسمت علامات التعجب على وجھھا:- مش فاھمه ھترجع لایه؟   ضحك:- إنتي ما عترفیش حاجه واصل عن حكایة عیلة أبو حطب.  ردت بغضب:- عشان عمر ما حد فیكم قالي حاجه، كل اللي أعرفه إننا سبنا الصعید وجینا اسكندریه وبس، ما حدش فیكم رضي یقولي لیه، ومن ساعة ما بقیت اتكلم  زي الناس ھنا، نبھتوا علیا مافیش حد یعرف إننا من الصعید، حتى أقرب صحباتي ما تعرفش ده، و برضو رفضتوا تقولولي السبب.   ابتسم ابتسامة ثقة:- خلاص یا ملیكه، اللیله عشیة ھاحكي لك على كل حاجه.   تبرمت:- ماشي ھاستنى، ممكن یلا ننزل بقى لماما و بابا.    ضحك:- حاضر تحت أمرك.  و خرج معھا و في الخارج أعطي أوامره للسكرتیرة بمھاتفة شركة التنظیف و إرسال عمالھا إلى الدوبل** الخاص به لتنظیفه.  وابتسم لملیكه:- عجبال ما نخلصوا غدانا تكون الشوجه بجت بتبرج.   ضحكت ملیكه بصوت عال:- تلاقیك قالبھا مزبله.   لیض*بھا على مؤخرة رأسھا:- صوتك یا مجصوفة الرجبه، مزبله إیه، الشوجه بتبرج، ده بس تشیك آب عشان أنا عارف خالتي ونظافتھا، وما رايدش أتعبها، وأنا خابرك زين كيه البطه البلدي تاكلي و تنامي.   نظرت له شذرًا و تصنعت عدم سماع الجملة الاخیرة:- أنا جعانه خلصني یا طایع.   كانا قد وصلا المصعد فابتسم بحب:- وحشني اسمي لمن تنطجیه یا ملیكتي.   لترتعش أوصالھا ویخفق قلبھا و تبتعد عنه ملتصقة بجدار المصعد وترد وصوتھا یحمل ارتعاشة الخجل واضطراب محب:- طایع ﷲ یخلیك، ما أقدرش على كلامك الحلو، أنا ما باستحملش.    لیضحك:- وأنا باتكلم من بعید أھو ما جربتش لیكي واصل یا ملیكتي.   لتغطي عیناھا بیدھا:-  یا ربي بعید إیه؟ ده كفایه كلمة ملیكتي دي تدوب الحجر.   انفجر ضاحكا من ھیئتھا، وكان المصعد توقف، خرجا سویًا للكافیه  ما أن رآه وهدان حتى وقف محتضنًا إیاه بقوة:- اتوحشتك یا ولد.   - وأنت أكتر یا حاج. واحتضن خالته نواره حضنًا قویًا:- یا بوي یا خالتي، اتوحشتك جوي.  لتض*به على ظھره:- ما انت بجالك كتیر ما جیتش.  لیبتسم:- یا خاله مش كنت سایب فرصه للبرنسیسه تذاكر.   ض*بت نواره ملیكه على رأسھا:- مین دي اللي تذاكر، دي بتنجح بالزج.   لتبادر ملیكه للاحتماء بوالدھا:- یا دي دماغي اللي عیلة أبو حطب مستقصداھا، ما تشوفلك صرفه يا بابا، و بعدین زق إیه يا حاجه؟ اشحال ما كنتش بارتب كل سنه على الدفعه.   لینھى وھدان ھذا الجدال:- آني جعان، یالا بینا.  ونادى على النادل لیحاسبه.  وتوجه الجمیع لمطعم  فیش ماركت، لتناول أشھى المأكولات ھناك، من جمبري و استاكوزا اللذان یعشقھما طایع، وطاجن السبیط الأكلة المفضلة للحاج وھدان، و السمك البوري المشور طعام نواره المفضل، بینما تعشق ملیكه الكابوریا.   بعد تناول الطعام رن ھاتف طایع  ليرد:- وعلیكم السلام، خیر یا نجوى؟  ..... - لا مش جاي النھارده خلاص.  ...... - ما فیھاش بسبسه یا نجوى، مش جاي إلغى أیتھا مواعید، و خلصى الشغل اللي جلتلك علیه و روحي. ......   - مع السلامه.   لتنظر له ملیكه بعین نصف مغمضة، ویجیب ھو عن تساؤلھا الذي تنطق به عینیھا  - باینه زي عین الشمس، نجوى بتسأل عشان الشغل.   لتتھكم ملیكه، ضاربة إیاه في كتفه:- شغل إيه یا أبوشغل، فاكرني ھبله أنا ومش عارفه إنھا بتكرھني، ومش طایقاني ودایبه في دبادیبك.  نظر لھا غاضبًا:- ما باحبش إكده، اللي بیني وبین نجوى شغل وبس، وھي سكرتیره ومدیرة مكتب ممتازه، وما فیش في سكندریه واحده زیھا، وانتي خابره الشغل شغل ما فیھوش ھزار ولا كاني ولا ماني.  زمت شفتیھا:- كُل یا طایع كُل.   لتضحك نواره و ویبتسم وھدان:- كیه الجط والفار ما تبطلوش نجار واصل.   بعد تناول الطعام توجھوا للدوبل**، ما أن دخلوا من الباب حتى نظر طایع لملیكه:- جھوتي یا ملیكه، اتوحشتھا من یدك.   ابتسمت ودخلت للمطبخ وھي تحاول إثارة غضبه:- أیوه بقى، بدأنا الاستغلال، ما هو خلصت ملیكه امتحانات، ونبدأ  بقى، قھوه یا ملیكه، شاي یا ملیكه ولا كأن فیه خدامین في البیت،  یقطع ملیكه على سنین ملیكه.   لیبتسم ویقول بصوت مرتفع:- سامعك یا ملیكه.    دخلت نواره ووھدان للراحة قلیلًا، بینما أعدت ملیكه القھوة السادة لطایع و أخرجتھا له في التراس و بجوارھا قطعه شیكولاتة بالبندق، من النوع الذي یعشقه طایع:- اتفضل یا سیدي القھوة، أصلنا جابين الخدامين نريحهم.   - بلاها لماضه وطولة ل**ن، اجعدي، مش ھتشربي معاي جھوه؟  لتشیر بیدیھا - لا یا عم قھوة إیه المرة بتاعتك دي، أنا اشرب كابتشینو.  ابتسم وھي تحتضن مج الكابتشینو وترتشفه و قال لها:- إنتي عاوزه تعرفي المستخبي صوح.   ردت باھتمام:- أكید طبعًا، مش ابقي عایشه معاكم زي الأ**ش في الزفه. اكتست ملامحه بالجدیة:- یبجي تسمعي من غیر كتر حدیت ومجاطعه، وتلجمي ل**نك ده اللي عتتلفعي بیه كیه الحیه. لتقول غاضبة:- أنا یا طایع ل**ني حیه!   لیصیح:- ھتسمعي والا اسیبك كیه الأ**ش في الزفه.   - خلاص خلاص ھاسمع و أنا ساكته.   - من یجي خمستاشر سنه، كنتي انتي لساتك صغار ما توعیش على الحديث ده، كان عندك یجي خمس سنین، كنا ساعتها جاعدين في الصعید، عیلة أبو حطب، آني كان عندي خمستاشر سنه، عیلتنا ما كانش باجي منیھا من الرجاله غیر أبوي و بس، و كان فیه خلاف ما بینه وما بین الناصري العبابسي، على كام جیراط في الأرض الشرجیه اللي بین نجع العبابسه ونجعنا نجع الحطابین، وفي یوم بعد خناجه واعره  بین أبوي وبین الناصري، حلف أبوي جدام الكل إن الناصري لو جرب من الأرض لیجیب خبره،  بعدیھا روحت مع أبوي  اتغدینا وخدني ورحنا المجابر نزور أحبابنا اللي فارجونا، وجعدنا ھناك لعشیه، و بعدین خدني أبوي یشتري لي خلجات، لمن عاودنا البلد سمعنا الخبر، الناصري انجتل، وجابلنا في وشنا ضرغام أخوه.   لو ميت سنه عدت ما انساش اللي حوصل أبدًا یا ملیكه (واغروقت عیناه بالدموع) صوره ضرغام وھو جاي علینا رافع بندجيته وبیض*بھا في ص*ر بوي من غير لا كلام و لا حديت، والدم بیغرق ص*ر أبوي، وأبوي بیجع جدامي جاطع النفس، و آني أضمه في حضني وصورة ضرغام جدامي وھو بیضحك ویجول إكده خدت بتاري، أجوله بوي ما جتلش آني كت معاه، یجولي ولده ولازمن تشھد لابوك، حتى ما ادانيش فرصه أبجي في حضن بوي شاله على فرسته ورمح بيه، عرفت بعدين إنه راح بجتته للچازيه مرت الناصري، عشان يثبت لها انه خد بتار أخوه و ترضى بحج العبايه اللي رماها عليها عشان تكون مرته بعد عدتها من خوه، و اللي عمله ضرغام بعديها محفور في جلبي وعجلي ولا يوم هانساه، بعد ما دفنت بوي نزل برجالته في الارض اللي كان علیھا الخلاف، وجه بنفسه لدارانا لأمي وھي دمعتھا لساتها ما نشفشتش، وجال لھا  ولاد أبو حطب ما بجیش منیھم غیر ولدك، لو رايده یحصل أبوه ونخلصوا من السلسال ده، ما تف*جش معاي واصل، فاكر یا ملیكه أمي و ھي بتدسني في حضنھا وتجوله لا یا ضرغام  ما تاخدش روح ولدي، وآني باعافر في حضنھا راید اجتله، وأجول لھا فوتیني علیه یا أما ھاجتله، وھي تجولي بس یا ولدي اسكت، كبر بامك یا ولدي، وینبه علیھا تھملي الكفر انتي وولدك أحسن لك و إیاك عجلك یوزك و تعاودي، فاكر یا ملیكه دموع أمي واحنا مفارجین بیتنا و مالنا و بھایمنا وأرضنا، سیبنا البیت والبھایم في رعایة عم محیسن وعیاله وشدینا الرحال على سكندریه أنا و أمي و خالتي و الحاج وھدان وانتي، أجرنا شوجه صغیره، من یومیھا و أنا حطیت حاجه واحده بس في راسي، ابن ابو حطب لازم یاخد حج ابوه، مش روح ضرغام بس، لا روح ضرغام دي ھتكون آخر حاجه، لازمن كل اللي یملكه ضرغام یدخل تحت یدي و احسره على كل عزیز عندیه، أمي و خالتي و الحاج وھدان حطوا كل اللي معاھم و فتحوا  محل عطاره  عشان نعیشوا مرتاحین،  بعد ما أمي اطمنت إن شغل العطاره بجي تمام، ربك أخذ ودیعته و ماتت، ماتت بعد ما وصتني ما افوتش تار بوي ولا حجي، وآني لازمن أعاود نجع الحطابین مھما العمر یعدي، كملت تعلیمي، و بجیت زي ما انتي عارفه طایع اللي السوج كلاته یتھز له، كبرت تجاره العطاره ومنیھا دخلت كل حاجه تجیب فلوس وتزود راس المال، لحد ما العطاره بجت امبراطوریة طایع حطاب.    جففت ملیكه دموعھا:- یا ربي كل ده!!   لیكمل:- ایوه و عشان اكده نبھنا علیكي ما حدش یعرف انك من الصعید، لحد ما نجدر ننزلوا النجع، مش عاوزك تكوني شوكه في ظھري یا ملیكه، ولا حد یضغط عليّ بیكي، وفرحت لما كلیتك جات في مصر، وما غیرتش الدوبل**، مع اني اجدر اشتري جصر، بس خلینا اكده مداریین شویه، بس خلاص یا ملكیه، خطینا في طریج حجنا، ضرغام وجع عجود مع شركات ما یعرفش لساته إنھا تابعه لمجوعة حطاب، ھو عمره ما يجي في باله اني صاحب الشركات دي، و شیعت للعم محیسن یشتري أكبر دار في نجع الحطابین عشان ندلوا ونجعدوا ھناك، و ناخدوا حجنا.   هزت رأسها في غير فهم:- نعم!! ندلوا فین؟   كانت نواره استیقظت وسمعت آخر ما قاله :- أخیرًا یا ولدي ھنعاودوا، يا بوي مشتاجه لنجعنا و أهلنا هناك، أرضنا وحشتني، أخيرا جه الوجت اللي هنحطوا رجلنا فيها تاني.   لتھتف ملیكه صائحة:- نعاودوا إیه؟ انتوا عاوزیني أقعد في النجع بتاعكوا ده و نسیب ھنا، وبعدین أنا مش مرتاحه لتفكیرك الانتقامي ده، وحاسه انك مخبي كتیر یا طایع.   لتھتف نواره بسعادة:- اسكتي انتي، انتي معانا فين ما نكون، ما لكيش كلمه.   و احتضن طایع نواره:- خلاص یا خالتي، الحج جیه وجته.  و ارتسمت علامات الامتعاض على وجه ملیكه مع استیقاظ الحاج وھدان لیجد نواره تحتضن طایع:- ایوه یا بوي ما ھو طایع ده حبة الجلب.  ضحكت نواره:- أخیرًا یا وھدان طایع عجد العزم ندلوا نجع الحطابین.   نظر وھدان لطایع نظره یملؤھا الحنین لأرضه:- صوح الكلام ده يا ولدي. ابتسم طایع:- صوح یا حاج، وھناك ان شاء ﷲ ھنعلوا الجواب ونكتبوا الكتاب.   قالھا غامزا لملیكه التي اعترضت:- بس أنا مش عاوزه نروح النجع ده، أنا قلبي مش مرتاح للحكايه دي، حاسه إنها مش ھتخلص على خیر، أنا مش مرتاحه لنیتك یا طایع، وخايفه انتقامك ده يخسرنا كل حاجه، وأولها أنت.   علت ضحكة طایع:- مش مرتاحه لنیتي في  أخد حجي من العبابسه وإلا في أخد حجي فيكي.   تبرمت:- یوه یا طایع، أنا باتكلم جد.   اكتسى صوته بالجدیة:- وآني  كمان باتكلم جد، العبابسه ھاخد حج أبوي منیھم و (ابتسم ) وانتي یا غالیه ھنتموا حلمنا، ما انتي خلصتي أھو، ولو اني ما كنتش موافج انك تخلصي علامك وانتي مش في ع**تي، بس ما رضیتش أودرك و عملتلك اللي طلبتیه، واظن ما لكیش حجه عاد.   وضعت یدیھا في خصرھا:- وان شاء ﷲ بقي ھتتجوزني سوكیتي كوتیمي و إلا ھنعمل فرح و اعزم اصحابي.  ضحك حتى انتفخت نواجذه:- سوكیتي كوتیمي!! أنتي كنتي بتتعلمي تجاره و إلا لغات، لا ما فیش سوكیتي ولا كوتیمي، فرحك ھیكون فرح ما فیش زیه و مصر كلاتھا مش النجع بس ھیتكلموا عنیه،  واعزمي كل صحباتك.   ابتسمت:- البركه في توجيهاتكم أصحاب مين ھي واحده بس اللي ھاعزمھا ربنا ما یحرمني منھا.  واحتضنھا الحج وھدان ونوراه، بينما التقطت عيناها غمزه من طایع لھا بشوق.                                       ****   أمر ضرغام فھد بالبقاء في الدوار الكبیر بجوار رابحه، وسیقوم ھو والرجال بدفن الچازیه وعمران بعد إنھاء ترتیبات الغسل، لم یعترض فھد فھو لا یرید الابتعاد عن رابحه.   وصلت السیارة للدوار وسط صراخ من صبیحه وحریم الدار.  ھدر فیھم ضرغام:- ما اسمعش صوت حرمه منیكم، وإلا جسما بالله اللي عتصارخ لتتاوى مع الللي ماتوا، البنته الصغار غمیانه ومش داریه، مش عاوز صوت كفیاھا اللي ھي فیه.  ومع ھذه الكلمة حمل فھد رابحه كطفلة صغیرة بین یدیه، وتوجه بھا للداخل وسط تحسر وبكاء من صبیحه:- یا بتي حسره علیكي وعلى اللي صابك، دخلھا یا ولدي، عشتي غريبه يتيمة الاب يا نظري، وبجيتي يتيمه الام كمان.   وأشارت له على الغرفة التي ستقیم بھا، مددھا فھد على السریر وشد علیھا الغطاء، في حین نادت صبیحه على إحدى الخادمات:- یا ونیسه، تعالي اجعدي جار ستك رابحه وعينیك علیھا، ساعه ما تفتح عینھا تنادمي عليّ.   نادي ضرغام على صبیحه:- المغسله جات، یا ﷲ عشان تجفي معاھا على غسل الچازیه.   دخلت صبیحه الغرفة واحتضنت چازیه الممده فاقدة للروح  وحدثت نفسھا (آه یا حبیبتي آه، یوم ما تعتبي الدار تعتبیھا جته ھامده، ساعدتك تھربي منیه یا چازیه وانتي عایشه، بس جابك میته، ھاجول إیه ما اقدرش اتحددت ولا ابوح بالسر یا خیتي، وأنتي خلاص فارجتي الدنیا، وربنا یتوب على الكل، و يهدي العاصي، ما تخافيش يا غاليه، رابحه في عيوني، و لا عمري هاخلي الضرغام ياذيها، و رب السماوات يا غاليه إن جار عليها و إلا فكر يضيمها لهاجيب عاليها واطيها، و ما هاعمل حساب لأيتها حاجه واصل) و عند عمران كان ضرغام یقف على الغسل ناظرًا بكل حقد لجسد عمران محدثًا نفسه (أخدتھا منى یا عمران، كانت في حضنك أنت یا عمران، الموت رحمك مني، بس اللي ھاعمله فیك جلیل علیك)   توجه ضرغام مع الرجال لدفن الجثمانین وسط رفض بألا یصحب أي من أفراد عائلة العبابسه معه، ومن یملك الاعتراض أمام رغبة ضرغام، انتظر الرجال في صوان العزاء وجلست النساء بالدار، بعد فترة عاد ضرغام والرجال بصحبته بعد الدفن وأقیم العزاء كما يليق بأولاد العبابسه.  انتھى مفعول المھديء واستیقظت رابحه، لتجد نفسھا في غرفة لیست غرفتھا، مكان غریب علیھا، تشعر بآلام حادة في رأسھا وغصة كبیرة في قلبھا، تحاول تذكر ما كان لكنھا لا تستطیع، تشعر بتشوش كبير، وفراغ في رأسها، و وجع في قلبها لا تدري له سببًا، نظرت لونیسه في تعجب:- أنتي مین؟ و أنا فين؟  صرخت ونیسه بسرعه أفزعت رابحة:- الحجیني یا ست صبیحه، الست الصغیره وعیت. وھرولت للخارج  انتفضت صبیحه من وسط النسوة على صرخة ونیسه، وهرولت للأعلى، وأرسلت من یستدعي فھد وضرغام من عزاء الرجال،  دخلت صبیحه الغرفة، جلست بجوار رابحه.  ورابحه تنظر لھا بتعجب:- أنتي مین؟ أنا حاسه أني أعرفك بس مش عارفه منین.   - آني الخاله صبیحه یا بتي آني ..  وھنا دخل فھد وضرغام وتبادلا النظرات معھا فقالت:- انتم مین وأنا فین؟  سألھا فھد:- أنتي مش فاكراني.   نظرت له تتأمل ملامحه:- مش عارفه، حاسه  برضه اني شفتك قبل كده. اقترب منھا ضرغام:- كویس انك فجتي یا رابحه. نظرت له في بلاھة:- رابحه، أنا اسمي رابحه.   لینظر الجمیع لبعضھم وتھمس ونیسه  في أذن فهد:- يا مري، الست الصغیره مش عارفه نفسھا یا سیدي، بجي هي دي اللي هتتجوزها، يا مري.   صرخ فیھا فھد:- اكتمي يا واكله ناسك، همي بسرعه شیعي للدكتوره.    
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD