الفصل الثاني
عادا للشركة وأنهيا العمل المتبقي في الشركة، مرت الساعات سريعًا و اقترب موعد وصول العريس المنتظر وجدته يخرج من مكتبه و يقف امام مكتبها، ليقول أسمر بهدوء وصيغة آمرة
" يالا يا آنسه قدامي على البيت، ماما اتصلت و بتقول هنتاخر كده "
زفرت بغضب" يووه تاني "
قال آمرًا " بلاش لماضه يالا قدامي"
نزلا سويًا و ركبت بجواره في السيارة، ظلت متبرمة و صامتة طوال الطريق و بداخلها ترغي و تزبد، و تود لو أنها تخنقه بسبب بروده هذا و عدم إحساسه بها، تلك الفكرة المجنونة تدور برأسها من أن تعترف له بحبها، لكن تخشي ردة فعله، لم تلمس منه أي بادرة بميله لها كأنثى، ثم تطرد تلك الفكرة و تأمر نفسها بالانضباط.
وصلا المنزل وهي ما زالت على تبرمها، رحبت دولت بأسمر ترحيبًا حارًا
و وجهت نظرها نحوها و قالت
" اتفضلي غيري هدومك، ولو سمحتي البسي فستان، بطلي شغل الرجاله اللي أنتي عايشه فيه ده، فستان يا شادن سامعاني "
ضحك اسمر " ايوه اسمعي كلام دولت هانم، نفسي أشوفك زي الآنسات تصدقي سنتين بتشتغلي معايا يوميًا وحفلات كتير حضرناها عمري ما شفتك لابسه فستان و لا سايبه شعرك كده زي البنات، خليكي مطيعه واسمعي الكلام، العريس على وصول يالا، عقبال ما اشرب قهوتي في التراس مع دولت هانم "
دخلت غرفتها يريد أن يراها كأنثى تتزين من اجل أن تعرض على غيره، حسنًا، ستتزين، لكنها تتزين له هو وليس للعريس.
ارتدت فستانا من الشيفون الأزرق البسيط مكشوف الكتفين، يتوسطه حزام عريض من الساتان، نازلًا باتساع من الأسفل برسومات على شكل فراشات وزهور، اطلقت العنان لشعرها الأ**د وراء ظهرها فوصلت خصلاته الغجرية إلى منتصف ظهرها ، ووضعت القليل من أحمر شفاه بلون قان أسهم بإبراز شفتيها الكرزيتين وحددت عيناها بكحل،
كان وحده في التراس يعطيها ظهره
التفت حتى أصبحت أمامه و قالت بنبرة صوت لم تظهرها قط قبل الآن، نبرة صوت هادئة مثيره تحمل بين طياتها دلال الأنثى " حلو كده "
كان يمسك بيده فنجان القهوة، رفع عينيه ليراها تسمر والفنجان في يده، نظر لها و عيناه متسعة ويحدث نفسه بالكثير من التساؤلات
يا الله من هذه الفاتنة؟ هل هذه شادو ظلي في عملي؟ من أين ظهر فجأة كل هذا الجمال وكل تلك الأ***ة؟ متى أصبحت متفجرة الأ***ة هكذا؟ لقد كانت كما الرجال منذ نصف ساعة، أم أنني أنا كنت أعمى لا أرى؟ تماسك ووضع الفنجان على الطاولة ووقف يتأملها ب*عرها وشفتيها وخصرها الذي يحدده الحزام وكتفيها المرمريين الظاهرين،
وعندما تذكر أنها تتزين هكذا للعريس تبدلت ملامحه
لاحظت تبدل ملامحه فقالت بنبرة تريد تحريك غير ته بها لربما يشعر " ايه وحشه؟ أحسن عشان يطفش "
اقترب قليلًا منها وقال بكل تلقائية " يا ريت وحشه، أنتي زي القمر أنا لو منه هاخ*فك و أجرى"
نظرت في عينيه رأت نظره لم ترها فيهما من قبل، نظرة زلزلت كيانها يا الله أيعقل فعلا أن مشاعره تحركت نحوي، و قبل أن تنطق هي أو ينبس هو بكلمة
رن الجرس، ليخرجهما صوت دولت المتلهف و هي تقول " ده اكيد العريس"
لتقع عيناها على ابنتها فتبتسم و تقول " الله الله!! إيه الجمال ده؟ ايوه يا بنتي كده شكل البنات، ربنا يهد*كي "
و ذهبت لتستقبلهم ومن ورائها أسمر فأمسكت شادن يده متوسله
" عشان خاطري فركشها وخلي ماما تنسي موضوع الجواز ده "
نظر لها بكل شغف " حاضر "
استقبلوا العريس وجلسوا و بدأوا في تجاذب أطراف الحديث و بعد فترة انتهت المقابلة على وعد بالتفكير في الأمر وإبلاغهم بالرد
بعد المغادرة بادرت دولت " ها اظن عريس ما يترفضش؟"
همت شادن بالرد " لكن أسمر وضع يديه على شفتيها لتسري في جسده انتفاضة غريبة لم تحدث له قبل الآن " اسكتي انت "
تمنت شادن لحظتها أن لثمت تلك اليد
وقال أسمر بهدوء يحاول السيطرة على نفسه التي زلزلت
" يا دولت هانم أنا شايف إن العريس دماغه مش هتمشي مع دماغ شادو، أنا افهم كويس النوعيه دي، شادو طموحه وهو من النوعيه القاتله للطموح، لا هي هتستحمله ولا هو هيستحملها، الجايات أكتر من الريحات، استاذن أنا بقى "
ونظر لشادن " جهزي نفسك لرحلة جزر المالديف عشان احتفاليه توقيع العقود"
ثم نظر لدولت" ما ايه رايك دولت هانم تيجي معانا تغيري جو؟"
رفعت كفيها اعتراضًا " لا يا أسمر باشا، انتو مش هتبقوا فاضيين كفايه عليا سفرية لبنان المره اللي فاتت، اتلطعت في الفندق لما قلت يا بس وانتم من اجتماع لاجتماع لما روحي طلعت، ده ما كنتش باشوفكم ساعتين على بعض، أنا اقعد هنا وسط جيراني حبايبي معززه مكرمه وانتوا خلصوا شغل براحتكم"
ابتسم قائلًا" أنا باقول عشان تكوني جمب شادو ومطمنه عليها "
" يا سلام وأنا هاطمن عليها أكتر ما تكون معاك، انت حاططها في عنيك وفي مقام مش هاقول ابوها عشان ما أكبركش قوي، هنقول أخوها الكبير"
أصابته تلك الكلمات في مقتل مع أنها ليست أول مره يسمعها لكن وقعها هذه المرة يبدو مختلف، و كأنها طعنة مباشرة لقلبه، غادرهم وحاله غير الحال، دخل لهم أسمر القوي الذي لا تهزه أنثي مهما كان جمالها وخرج أسمرًا متيما بفتاة يراها في سن قريب لسن ابنة كان لينجبها لو تزوج مبكرا، دخل بكامل عقله و في لحظات تبدل الحال وخرج وقلبه يموج اضطرابا.
بعد مغادرته قالت دولت معاتبة لشادن
" ارتحتي انتي كده، جات لك علي الطب طاب، رأي أسمر رحمك مني"
ابتسمت و تنفست الصعداء قائلة " الحمد لله " وغادرت لغرفتها لتجهز نفسها للسفر
وفي غرفتها تتضارب دقات قلبها كلما تذكرت نظرة أسمر لها، أيكون رجاءها لله بأن يراها بعين الرجل للأنثى قد تحقق أخيرا، ذلك التعبير الذي ارتسم على وجهه يوحي بذلك، تلك اللمعة في عينيه توحي بذلك، نظرته لذلك العريس تكاد تقسم أنها نظرات غيرة، يا الله هل هذا صحيح؟ أم أنها تتخيل ذلك.
لو كانت تعلم أن هيئتها كأنثى قد تحركه قليلا لكانت فعلتها منذ زمن، ستظل وراء هذا الأمر إلى أن تجعله يعترف بل**نه أنه سقط صريع غرامها،
عقدت عزمها أن تكون ملابسها التي ستأخذها للرحلة ملابس تبرز أنوثتها، عل جبل الجليد يتحرك مفصحًا عن مشاعر ربما اجتاحته.
ارتدت فستانًا بسيطًا وأطلقت العنان لخصلات شعرها ونزلت حاملة حقيبتها، قبلت أمها
" مع السلامة يا ست الكل "
نظرت أمها لهيئتها "بركاتك يا أسمر، أهو كده شكلك شبه البنات، خلى بالك من نفسك و طمنيني عليكي دايمًا، عارفه انك بتبقي مشغوله بس كلميني قبل ما تنامي، مش عارفه قلبي مش مطمن ليه، ربنا يسترها "
قالت بمزاح " قلبك مش مطمن ليه يا دودو يا سكره، احنا لسه فيها باسبورك جاهز جهزي شنطتك و يالا بينا"
اعترضت " لا يا حلوه مع نفسك، عاوزاني اقعد اكلم نفسي طول النهار و اقعد لوحدي، يالا أسمر بيزمر تحت أهو "
أسرعت الخطا ونزلت له، فتح لها السائق الباب ودخلت السيارة وعين أسمر معلقة بها، ثم قال مبتسمًا
" خلاص بقى بقينا بنلبس فساتين "
قالت بلهجة جملتها الدلال " لو مضايقك أطلع أغيره "
يا ريته مضايقني " قالها بينه وبين نفسه " لا كده تمام ""
أخذا يراجعان في الطريق للمطار بنود العقود وجدول الأعمال، صعدا للطائرة في درجة رجال الاعمال، جلست بجواره بالطبع، بعد قليل تسلل النوم لجفنيها وغفت قليلًا.
بينما هو يتمعن في ملامحها كأنه يراها أول مره، ويراجع تفاصيل تعاملها معه و تعامله معها في الفترة الماضية.