الفصل الحادي والعشرون

2547 Words
فتاة ستوكهولم الفصل الحادي والعشرون وفضلت اترعش واتشنج كدة كذا مرة وانا شايف الراجل بيترعش اكتر مني، وركبه كانت بتخبّط في بعضها وصوته بقى خفيييف جداااا، وحاول يقرب مني فقمت عامل نفسي بخترف بكلام مش مفهموم بعد ما تخّنت صوتي على قد ما اقدر، فلقيت الراجل طلع جري زي حرامي الغسيل، وفجأة لقيت امي بتتحول قدامي، أو ده اللي توقّعته لما لقيتها بتقع على الأرض وجسمها عمّال يتنفض كإن راكبها عفريت.. قربت منها وخبطتها مرتين بالراحة على خدها عشان أفوّقها وأنقذها، فلقيتها عمّالة تتعذبن بالله من الشيطان الرجيم: - ماما، فوقي واستهدي بالله.. مفيش لا جن ولا عفريت ولا شكرعون ولا حاجة.. انا كنت بضحك على الراجل الأهبل ده عشان يمشي، وعشان اثبتلك انه دجّال ونصّاب. لقيتها بتحط ايديها على ص*رها وبتحاول تتنفس بالراحة بعد ما ابتدت تفوق، وبعدين فضلت تتفتف في عبّها كذا مرة وتقول سلام قولا من رب رحيم.. وبعد ما استردت وعيها بصّت في وشّي بكل حنان وقامت لاطشاني بالقلم على خلقتي وقالتلي : = عشان تثبتلي انه دجّال تقوم تجيبلي ازمة قلبية يا ابن الهبلة.. انا مش عارفة اتلمّ على أعصابي من ساعتها يا موكوس يا خلفة الغبرة.. غور من وشّي شالله حتى يركبك ميت عفريت، أنا مالي!!. الصراحة انا خدت الصفعة على وشّي تقولوش قذيفة ألفا!!.. انا راسي كانت بتترجرج زي ما اكون فقدت النطق فجأة، أو جالي ارتجاج في المخ على الأقل.. المهم، قولت أبعد عنها الساعة دي واروح أطلع فوق السطوح بتاع بيتنا، وأبقى أرجع لما تنام بقى.. خبّيت الكشكول تحت المرتبة بتاعة سريري بعد ما امي خرجت من الأوضة، وقمت سايب البيت وطالع على السطوح.. والصراحة رغم إن طول عمري عايش في العمارة إلا إني كنت نادرا لما بطلع فوق السطوح، ودائما كان طلوعي بيكون بالنهار وفي حضور الراجل بتاع الدِشّ عشان يصلّحه مش أكتر.. المهم، فتحت باب السطوح، وقمت داخل برجلي اليمين وفضلت أتجوّل فيه لأول مرة لوحدي، ولأول مرة بالليل.. لقيت على الجنب كدة أوضة ضلمة وخارج منها صوت غريب، فعملت نفسي مش خايف ومشيت لحد السور وقمت ساند عليه وباصص على الشارع.. شوية ولقيت همس غريب زي ما يكون عفريت بيقرب منّي، لدرجة إني خفت أبص ورايا وقولت أعمل نفسي مش واخد بالي، ودقات قلبي عاملة زي المدفع الصراحة.. وشوية ولقيت إيد بتتحط على كتفي، وقبل ما أشوف مين صاحب الإيد دي، سمعت صوت زئير عامل زي الأ**د بيقولي : - مش قولتلك ما تحااااااااااولش تهرب منّي تاااااني!!. انا ركبي خبّطت في بعضها ورحت جاري من مكاني عشان أهرب وأسيب أم العمارة المسكونة دي، لقيت صاحب الصوت بينادي عليا بعد ما وصلت لباب السطوح : - مااالك يا ابني!!.. انت شوفت عفريت!!.. انا عمّك مرعي صاحب أبوك الله يرحمه!!. وقفت مكاني للحظة وقمت باصص ناحيته بعد ما لفّيت بجسمي عشان اشوفه، فلقيت نفسي ما اعرفهوش الصراحة بس على الأقل شكله بني آدم زيّنا مش عفريت خالص.. راجل عجوز ولابس جلابية وصلعته يراها الكفيف من على بعد وعاملة زي الفنار بتاع اسكندرية بسبب لمعتها وانعكاس ضوء القمر عليها.. المهم قرّبت منه ببطء كدة وأنا بستعيذ بالله من الشيطان، وقمت قايله : = عمّ مرعي مين!!.. إنت مش عفريت أو جن!!. - ما عفريت إلا بني آدم يا إبراهيم.. إنت مش فاكرني!!. = الصراحة مش واخد بالي وبيتهيألي أول مرة أشوفك، ومستغرب إزاي بتقولي ما تحاولش تهرب منّي تاني وانت اول مرة تشوفني!!. الراجل ضحك ضحكة تسمّع من المحيط للخليج، وقام شاددني من ايدي لغاية ركنة جانبية محطوطة في السطوح.. كانت عبارة عن تعريشة لبلاب أو تكعيبة عنب ما خدتش بالي الحقيقة عشان الضلمة، وبعدين قعد على كرسي من خشب البامبو وقام مشاورلي عشان اقعد وهو لسة بيضحك لدرجة إني بقيت مرعوب من ضحكته دي.. المهم، رفع رجله بعد ما قعد وخد وضعية الق*فصاء على الكرسي بتاعه وقام قايلي : - نسيت خلاص عمّك مرعي اللي كان دايما بيلاعبك استغماية وانت صغير!!.. ده انت كنت دايما بتستخبّى في الركن اللي هناك ده وعمرك ما كنت بتحاول تغيّره، وأنا كنت كل مرة أقفشك وأقولك نفس الجملة دي، ما تحاولش تهرب منّي تاااااني.. وانت كنت دايما بتجري على أبوك الله يرحمه عشان تتخانق معاه وانت بتعيط عشان كنت بتفتكر ان هو اللي كان بيقوللي على مكانك.. لغاية ما في يوم قاللك غيّر مكانك اللي بتستخبّى فيه، ومن ساعتها وأنت مش بتطلع فوق تاني لغاية ما مات بقى الله يرحمه.. عامل إيه يا إبراهيم!!. = الحمد لله يا عم مرعي، إزّيك إنت عامل إيه!!.. بس سؤال الأول وما تأخذنيش!!.. انت عرفت منين إن أنا إبراهيم، وإنت ما شوف*نيش من وأنا لسة عيل صغير!!. - يابني إنت نسخة من أبوك الله يرحمه الخالق الناطق.. ولما شوفتك ما كانش قدامي غير تفسيرين، يا إما إنت إبراهيم إبنه يا إما أبوك رجع تاني من التربة. قالها وهو فطسان على نفسه من الضحك وعينيه بتدمع في نفس الوقت؛ فتأكدت إنه أكيد يعرفني ويستحيل يكون جنّ.. والصراحة هو عنده حق وكلامه مقنع لإني فعلا شبه أبويا خالص وتحسّوا كدة إني نسخة منّه، ولما بصّيت على المكان اللي كنت واقف فيه عند السور وسرحان، لقيت إن الزاوية اللي هو كان واقف فيها ساعة ما خبطني على كتفي تؤهله لرؤية ملامحي كويس أوووي.. المهم، سألته بعد ما اطمنت : = وإنت ليه ما كنتش بتنزل تسأل علينا تحت من ساعة ما بابا مات، هو مش كان صاحبك برضو!!. - امك بعد ما مات كانت ستّ وحدانية، ومعاش راجل وما يصحّش أنزل أخبّط على بابها عشان كلام الناس خصوصا كنتوا صغيرين.. هي عاملة إيه صحيح!. = الحمد لله هي تمام، بس مطلّعة عيني والله يا عم مرعي، تصوّر إنها بتقول راكبني جن!!.. والصراحة أنا مقتنع بالكلام ده لإن فعلا ظهرلي شيطان بحق وحقيق، لكن هي جايبالي دجال يخرجه من عليا بدل ما أروح لشيخ جليل. - استغفر الله العظيم، جن إيه يابني وشيخ جليل مين اللي بتتكلم عنهم دول، هي إيه الحكاية بالظبط!!. كان بيتكلم وهو مندهش جااامد وبعد ما مسح العرق من على صلعته عشان يركز.. وقمت حاكيله كل حاجة، من طأطأ لسلام عليكوا.. باختصار كدة حكيلته من أول موضوع الرسمة اللي كنت برسمها، وزميلتي في الجامعة اللي شبهها وموضوع التليفون وأمي لغاية اللي حصل قبل ما أطلعله فوق السطوح هنا.. والشهادة لله هو كان سايبني احكي براحتي ومحاولش يقاطعني خالص لحدّ ما خلصت كلامي، بل كمان كان بيظهرلي انه منتبه ومركز في كل كلمة بقولها.. المهم، قمت قايله بعد ما حكيت كل اللي حصل: - فأنا مش عايز حد يكون بيخرج جن، أنا بدوّر على حدّ يكون تخصص شياطين.. ما تعرفش واحد يكون أمين ومش نصاب والنبي يا عمّ مرعي!!. = يابني جنّ إيه وشياطين إيه اللي بيظهرولك دول!!.. ده إنت كل اللي حكيته شارح نفسه أهو، موبايلك كان في الشنطة اللي على طرف السجادة فإنت إفتكرته شبح أو عفريت.. والهدوم بتاعة إمك طارت من الغسالة بعد ما فرقعت وإنت إفتكرتها أمك نفسها عشان الدنيا كانت ضلمة والهدوم بتاعتها وانت متعود تشوف أمك بيها. - طب وجثة القط اللي إختفت فجأة ومش عارف راحت فين!. = أكيد سمعت الناس بتقول على القطط إنها بسبعة أرواح، لدرجة إن قدماء المصريين كانوا عاملين لها إله وبيعبدوه.. ولو قرات شوية عن القطط هتلاقي إن خروج الروح منه بياخد فترة طويلة، وعشان كدة لما بيرمي نفسه من الدور العاشر وبينزل على الأرض بتلاقي الناس فاكرة إنه لسة عايش.. إنما هو في الحقيقة بيكون بيودّع رغم إن خصائص جسمه المرن بتؤهله إنه يشكّل من بطنه حاجة كدة زي البراشوت فمايحسش بالوقعة.. وعشان قلّة نومك وأكلك والضغط العصبي اللي إنت فيه فشوفت ان اللون اللي على الحيطة ده دم مش لون من الهدوم اللي باظت، وكمان شوفت الرغاوي على إنها رموز شيطانية.. ده غير طبعا الجرح اللي في إيدك اللي نزفت بسببه كتير لغاية ما تخثّر فمشوفتش القط وهو بيهرب وزمانه دلوقتي متكوّم في أي زبالة وميت. - طب والراجل اللي واقف تحت البيت دلوقتي وعمّال يبصّلي بطريقة مش طبيعية!!.. أنا متأكد إني شوفته. = صدقني مفيش حد واقف تحت البيت وبيبصلك اصلا.. ومع ذلك تعالي وريهولي. نزلنا سوا على السلم وأنا عمّال أراجع الكلام بتاعه اكتر من مرة.. ولولا إن في كام حاجة مش فاهمها وملهاش تفسير كنت صدّقته الصراحة.. المهم، قمت سائله وإحنا نازلين مع بعض عشان أثبتله ان في راجل واقف ومستقصدني ومتأكد إنه جن : - مش جايز يكون جن يا عمّ مرعي!!.. = جن إيه بس يابني، مفيش الكلام الأهبل ده!!. - أستغفر الله يا عم مرعي، إنت هتكفر ولا إيه!!!.. الجن مذكور في القرآن على فكرة، ولا دي كمان بيتهيّألي!!. = اللهم طوّلك يا روح!!.. منا عارف إنه مذكور في القرآن، بس مذكور عنه إيييييه!!. - إيييييه يا عم مرعي!!. = انهم مجرّد مخلوقات زيّنا زيّهم، ومحدش فيهم يملك إنه ينفعك أو يضرّك إلا بإذن الله، ولو فكّرت في ع** كدة تبقى كفرت بالله، وصدّقني مش هينوبك غير التعب ووجع القلب طول ما بتصدّق في وجودهم حولك وظهورهم ليك {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ(40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونََ}... وآية تانية بتقول {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا}.. كلمة كان اللي في أول الآية بتدل على إن ده أصبح أمر مستحيل دلوقتي، ولو فاكر إن اللي ظهرلك ده شيطان فعندك الآية اللي بتقول {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}.. يعني محدش يقدر يشوف الشيطان أصلاً، وعيوننا غير مؤهلة لرؤيته ولا حتى رؤية الجنّ.. أصدّقك إنت بقى ولا أصدّق كلام ربنا. الصراحة أنا بعد كلامه ده كنت حاسس ان مخّي مضروب في خلّاط.. ستيفن كينج، وأحمد يونس، وحسن الجندي كانوا بيضحكوا عليا طول الوقت!!.. يعني لا الجن ولا الشياطين بتظهرلنا، وروايات الرعب دي كلها طلعت مجرد حواديت!!.. هرشت في دماغي بعد ما خرجنا من باب العمارة، وقولتله : - والله يا عم مرعي مش عارف أقولك إيه الصراحة!!.. كلامك مقنع جدا، بس أنا عايز أسألك.. انت قصدك إن كل روايات الرعب اللي قريتها دي كانت مجرّد وهم!!.. ستيفن كينج كان بيضحك عليا وبي**عني في رواياته طول الفترة اللي فاتت!!. = يابني ستيفن كينج مين اللي بتكلمني عنه!!.. ده كاتب ووظيفته يروّج لبضاعته.. عايزه بقى يقولك إن دي كلها خرافات عشان ما يلاقيش حد يستغفله، ويشتري رواياته!!.. أدب الرعب مقبول يا إبراهيم، بس مش معنى كدة انك تفضل ما تقراش غيره وفاكر نفسك مثقّف.. النوع ده من الروايات عامل زي المخلل والطرشي اللي بتاكله مع وجبة دسمة، حد يقدر يعيش على المخلل بس طول عمره!!.. لا هيشبع ولا هيتخن ومش بعيد كمان يمرض ويموت.. وانت اللي في إيدك تختار، يا تفضل عايش في مية الطرشي، يا تبتدي تفكر وتفوق من الغيبوبة اللي انت فيها دي. كنا خلاص قرّبنا من المكان اللي الراجل واقف فيه، وبيتهيألي إنه لسة واقف.. فوقفت مكاني وشاورت لعم مرعي عليه، وقولتله : - أهو هو الراجل اللي هناك ده!!. = يابني مفيش حد هناك غير عمود نور مطفي، ومتعلق فيه صندوق زبالة قديم.. والراجل اللي هناك ده غلبان بياكل من الزبالة زي ما انت شايف.. يعني القط اللي شوفته بينط في ص*ر الراجل ده كان قط جعان بيحاول يوصل لصندوق الزبالة، أو الراجل في قلبه رحمة فبيعطف عليه رغم إنه جعان زيه. وقام سايبني ورايح للراجل، وفضل يتكلم معاه دقيقتين ولقيت عم مرعي بيخرّج حاجة من جيبه كدة عاملة زي الجعران وقام مدّيها للراجل.. وفجأة لقيت الراجل بيركع زي ما يكون بيعبد عم مرعي ف*جعت لورا بضهري بعد ما اتأكدت إن عم مرعي ده هو الشيطان الأعظم.. وشوية ولقيت عم مرعي جاي عليا وأنا ركبي شايلاني بالعافية لدرجة إني كنت هقع من طولي فقولتله : - انت كنت بتعمل ايه هناك!!.. تلاقيه واحد من أتباعك يا إبليس يا رچيم إنت.. الله يلعنك يا شيطان زي ما لعنت الراجل بالغواية.. خلاص إديته صك الغفران!!. = الله يلعن أبو جهلك إنت.. أتباع إيه يا جاهل اللي بغويهم!!.. ده انا كنت بطلع المحفظة يا أحول عشان أديله فلوس يجيب بيها أكل، والراجل وطّى على إيدي يبوسها فبقوله أستغفر الله.. جتك داهية وانت دماغك قفل زي أبوك. خدت الشتيمة منه وانا محرج، وبجد مش عارف ليه الناس كلها بتشوفني تغلط فيا!!.. لدرجة إني بقيت أحس إن جبيني مكتوب عليه بالبنط العريض «م***ع الإحترام أو التقدير».. المهم، إن دلوقتي بقت معظم الظواهر واضحة خصوصاً بعد كلام عم مرعي بس فاضل شوية حاجات عايز أفهمها فسألته وإحنا طالعين فوق السطوح تاني : - طب وأنا ليه بيحصلي كل ده!!.. إشمعنى أنا بس اللي عندي تهيّؤات!!. = والله ده سؤال تقوله لدكتور نفساني مش تسألهولي.. جايز تكون مفتقد للعاطفة في حياتك بدليل انك كنت بترسم صورة لبنت لمدة سنة وأكتر؛ فعقلك الباطن إبتدي يخيّلك إنها موجودة وبتكلمك.. ممكن تكون مش متقبل موت أبوك ومفتقد لمشاعر الأبوّة في سنك الحرجة دي.. وجايز كمان مضغوط عصبيا نتيجة معاملة قاسية من والدتك، خاصّة إنك بتقولي انها بتغلط فيك كتير.. واحتمال عشان معندكش اصحاب وعلى طول قاعد لوحدك ومنطوي على نفسك فعقلك الباطن رسملك قصة من خيالك وبدأ يهلوسك بيها.. وجايز وجايز وجايز، ومش هتعرف الحقيقة غير لما تعرض نفسك على دكتور.. وسيبك من الجن والشياطين والكلام الفارغ ده.. على فكرة كانوا زمانه بيقولوا على مريض الصرع إنه ممسوس، والعلم أثبت إنه مريض عادي نتيجة خلل في النشاط الكهربي لمخّه.. ومش معنى إنك مش لاقي تفسيرات مقنعة لحاجة غريبة حصلت قدامك إنك تستسهل وتقول ده شغل جن وعفاريت. ووصلنا للسطوح زي ما كنا قاعدين قبل ما ننزل نشوف موضوع الراجل ده، وقبل ما نقعد لقيت عم مرعي بينادي ويقول يا نووووووووور.. وشوية ولقيت بنت زي القمر خارجة من الأوضة وبتلعب في شعرها عشان تفوق، وشكلها كدة كانت نايمة وصحيت على صوت جعيره اللي يصحّي الميّتين.. المهم، قالها إعمليلنا كوبّايتين شاي وتعالي عشان عايزك.. وفعلاً البنت مكدّبتش خبر وراحت تعمل الشاي، ومفاتش ثواني وسمعناها بتصرخ.. جرينا عليها لقيناها واقفة في المطبخ ومتسمّرة مكانها وبتشاورلنا على جثّة قطّ اسود.. عم مرعي قام باصصلي وراح ماسك القط، ومطلّعه فوق السطوح.. وبعد ما غسا إيده وقعدنا تاني على كراسينا، قمت سأله : - طب والكشكول يا عم مرعي، اللي تحول لكتب سحر فجأة زي العزيف وشمس المعارف وسحر الكهان!!.. وهم برضو!!. = هسيبك إنت تجاوب بنفسك بعد ما تفكّر في الموضوع ده كويس، وأنا واثق إنك هتلاقي النتيجة لوحدك. وأول ما خلّص كلامه لقيت نور داخلة علينا ومسرّحة شعرها ووشّها عامل زي البدر وتحسوا فعلا انه خارج منه نور.. وقامت حاطّة صينية الشاي على ترابيزة صغيرة كانت جنب عم مرعي فسألها بعد ما خد كوبّايته وناولني بتاعتي : - هو إنتي يا بنتي مش في قسم وثائق ومكتبات!!.. ما تقولينا إيه حكاية كتب السحر زي العزيف وسحر الكهان في تحضير الجان وشمس المعارف ولطائف العوارف اللي بيقول عليهم إبراهيم.. على فكرة هو زميلك في كلية الآداب بس قسم تاريه، وبرضو في سنة أولى لسة. الشهادة لله رحّبت بيا بابتسامة تشفي بدن أجدعها ملبوس.. وقامت داخلة الأوضة وجابت الللاب توب بتاعها، وقامت قاعدة قدامنا بعد ما فتحته ، وراحت متكلمة بصوت فيه عدم تركيز : - يا بابا دي كتب سحر أسود.. ومش موجود منها دلوقتي، وكل الطبعات الموجودة مضروبة ومزيّفة.. وبيقولوا إن الأصلية من شمس المعارف، مفيش منها غير نسختين.. واحدة اتباعت في مزاد علني باتنين مليون دولار واتحطّت في متحف بريطاني تقريبا، والتانية مش لاقيينها لحد دلوقتي.. واستني أتأكدلك من الباقي. وفضلت تتكلم كتييير وانا الصراحة مكنتش مركز هي بتقول إيه عشان كنت سرحان في صوتها وثقتها بنفسها وهي بتتكلم، ولا كإنها دكتورة عندنا في الكلية.. وبعد حوالي ساعة خدت رقم موبايلها بحجة اني عايز اعرض عليها الكتب اللي معايا بس للأسف لما نزلت لقيت امي بتقولي انها رمته من الشباك وهي بتنضّف، ولحد دلوقتي بسأل نفسي ايه التفسير المنطقي للكلام اللي كان موجود في الكشكول ده.. بس مش مهم.. المهم اني من ساعة ما عرفت نور والشياطين والجن ما بقوش يظهرولي تاني.. بالذات لما بنفضل نتكلم في التليفون بالليل أو أطلع أذاكر معاها فوق قدام أبوها.. بجد كانت أجمل سنين عمري لغاية اليوم اللي اتخرجنا فيه وخدت أمي عشان نروح نتقدملها.. عارفين حصل إيه!!.. لقيت فجأة الكشكول بتاعي موجود على ترابيزة الصالون بتاعهم، وأمي بتبرّقلي جاااااااامد وعينيها حمراااااااااا.

Read on the App

Download by scanning the QR code to get countless free stories and daily updated books

Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD