الفصل السابع عشر

1941 Words
- مش هطلّقك يا ريهام، وأعلى ما في خيلك إركبيه. وجريت على الأوضة بتاعتي بعد ما لقيت العيال صحيوا مفزوعين على صوتي.. وأمي صحيت على صوت الأبواب وهي بتترزّع، وفضلت تهدّي فيا وتشتم في ريهام، وأنا ولا كإني هنا.. إن شالله حتى أمي تولّع فيها، أنا عن نفسي مش هتدخل.. ولبست هدومي وسامع ريهام بتعيط وبتتحسبن على أمي عشان هي السبب في خراب البيت، وأنا بكمل لبسي ومفيش في دماغي غير حاجة واحدة.. إني أدوّر على ميرنا لغاية ما أجيبها من تحت طقاطيق الأرض.. وخرجت من البيت، وسايبهم عمالين يدعوا على بعض، وريهام منهارة من العياط، وأمي نازلة فيها شتيمة ودعا، والعيال بيصرّخوا.. وأول ما خرجت من باب العمارة، لقيت قدامي صدمة عمري.. كإن ربنا استجاب لدعائي، وبيكافئني على صبري وعذابي مع ريهام.. لقيت عربية هيونداي (أ**نت) لونها زيتي، والإزاز بتاعها فيميه، وراكباها واحدة لابسة نضارة شمس كبيرة مغطّية نصّ وشّها رغم إن الدنيا كانت ليّلت، ولابسة إيشارب مداري أغلب راسها، وقاعدة تشرب سيجارة زي ما تكون بتنفّخها مش بتسحبها على ص*رها.. وفجأة لقيتها بتض*ب كلا** جامد ليا عشان تلفت إنتباهي، ولما قربت لقيتها ميرنا هي اللي سايقة العربية. كنت مذهول من الموقف ده، ومش قادر أتخيل إنها صدفة.. قربت من العربية، وأول ما هي شاف*ني جاي ناحيتها قامت اتنقلت بسرعة للكرسي اللي جنب السواق، وراحت رامية السيجارة وسابت لي الكرسي بتاعها زي ما تكون رسالة مبطّنة المراد منها إنها عايزاني أنا اللي أسوق.. ركبت العربية بسرعة، ورغم إن البلاكونات بتاعة شقتي مش بتطل على الجهة دي من الشارع، إلا إني رفعت عيني عشان أتأكد إن محدش واقف من الجيران بيراقبني.. وفي الحقيقة مش عارف، هل كنت عايزهم يشوفوني عشان أبان إني جامد ومقطّع السمكة وديلها، ولا مش عايزهم يشوفوني عشان محدش يقول عليا إني خاين لمراتي.. أنا كراجل وفاهم عقلية أغلب الرجالة، أحب أصارحكم إننا في الأغلب بنبص للراجل اللي علاقاته النسائية متعددة على إنه جامد ومن الآخر، ولما بنشتمه وننتقده ففي الأغلب بيكون تصرفنا ده قائم على الحقد والحسد. أول ما ركبت العربية، جريت بيها مرة واحدة عشان ألفت النظر لدرجة إن الكاوتش كان بيصرخ على الأسفلت، والشارع كله كان بيبص.. أول سؤال كان نفسي أسأله لميرنا، هو إنتي جبتي عنواني منين، فسألته من غير ما أبصّلها وبصوت واطي جداً يوحي بثقة إني مش قلقان من تصرفها، ومش فارق معايا إجابتها اللي هتقولها، وهي جاوبت عليا بعد ما طلعت علبة سجايرها من درج التابلوه، وعزمت عليا بسيجارتين وقالت: - ولّعهالي.. طعمها بيكون أحلى لما بتولّعهالي. حطيت السيجارتين في بوقي، وولعتهم من ولاعة العربية، وإدّتها واحدة وهي ساندة بجسمها على الباب اللي جنبها عشان تقدر تبصّلي طول الطريق، وبعدها كملت كلامها وقالت: - من أشرف.. إنت عملت فيه إيه صحيح!. اجابة كانت متوقعة، ومش عارف تاهت عني إزاي!!.. هو الوحيد اللي عارف عنوان بيتي، وأكيد ضعف شخصيته هو اللي خلّاه يقولها على عنواني، وقمت رادد عليها وأنا بزوّد بنزين زي المجنون ومش عارف أنا رايح بالعربية على فين: - عملت اللي يستحقه.. ده إنسان خاين. - وانت!!. قلبي حرفيا كان وقف بعد كلمتها الأخيرة، هي تقصد إيه بسؤالها!!.. هو أنا خاين فعلا، ولا أنا ضحية ومعايا عذري!!.. ض*بت فرامل فجأة لدرجة إن ميرنا كانت هتلزق في التابلوه، والعربيات اللي ورايا بدأ أصحابها ينزلوا فيا شتايم بالأب والأم أول مرة أسمعها، زي ما يكونوا بيجاوبوا على سؤال ميرنا بالنيابة عني.. وقمت باصصلها بذهول من كتر ما أنا مستغرب سؤالها، ولقيتها بتقلع النضارة والإيشارب.. ودي كانت صدمتي التالتة في الليلة دي.. وشّها كان مدمّر، عينها اليمين زرقاء، وخدها عليه كدمة واضحة، وفوق رقبتها علامات ظاهرة كإنها كانت بتتعذب.. وأكيد طبعا أنا اللي عملت كل ده، وقامت هي قايلالي بعد ما استجبت لتوسلات الناس بإني لازم أتحرك، وبدأت أجري بالعربية تاني: - مراتك اللي كنت بتكلمها إمبارح وإنت معايا!!. - مش فاكر حاجة من اللي حصلت إمبارح. - بتحبها!!. - وهكرهها ليه!!. دي عادة قديمة عندي، لما أحب أهرب من سؤال أقوم رادد بسؤال يوحي بإنه إجابة لكن هو في الحقيقة بيكون هروب من الإجابة الحقيقية.. وأخدت العربية وطلعت بيها على منطقة المقطّم، ده أكتر مكان آمن أقدر أستفرد فيه بميرنا، لإني كنت عايز أخون ريهام المرة دي.. والمرادي لازم تكون خيانة بحق وحقيق، عايز أشبع غريزتي في الانتقام منها.. وراحت ميرنا قايلالي بصوت نااااعم بعد ما بدأت تتحرر من هدومها تدريجياً عشان تبقى على راحتها: - عرفت راجل زمان، كان بيقوللي إنه عمره ما خان مراته غير وهو في حضنها.. لما بيكون معاها بس بي**نها، غير كدة هو طول الوقت كان وفي ليها جداً. - إنتي ليه بتتعاملي مع نفسك على إنك حيوانة!!. - أنا بتعامل معاكم إنتم على إنكم ح*****ت، بحس إني بهينكم لما أطلع الحيوان اللي جواكم وانتوا طول الوقت عاملين نفسكم مش واخدين بالكم منه.. يبقى مين فينا اللي حيوان!!. كلامها كان صادم بالنسبالي.. وصدمتي مكانتش في إنها عندها حق نوعا ما.. أنا صدمتي كانت في الحق نفسه، يعني هي جابت الفلسفة دي منين!!.. دارسة إيه دي، ولا قرأت إيه عشان ترد الرد ده عليا!!.. وبدل ما أسألها عن دراستها، لقيت نفسي بسألها عن الطريقة اللي هي عرفت بيها كل الكلام ده، وقولتلها فجأة زي ما أكون توقعت هي وصلت للكلام ده إزاي: - انتي عرفتي كام راجل في حياتك!. - أكتر مما تتخيل. - وكلهم ح*****ت!!. - لا طبعا.. فيهم اللي لسة قدامه كتيييير عشان يكون حيوان. كلامها مستفز وصادم لأقصى درجة ليا، ولأي راجل يسمعه.. بس أنا عايز أسمعه معرفش ليه!.. وعايز أعرف هي عرفت الكلام ده كله إزاي!!.. ونفسي أفهم، هل أنا كنت مقتنع بكلامها من قبل ما أعرفها وهي بتصارحني بقناعاتي اللي مترسخة في اللاوعي مش أكتر، ولا أنا بعرف منها الكلام ده لأول مرة!!.. وزي ما تكون سمعت خيالي، لقيتها بتقول تكملة لكلامها: - ده مش كلامي عامةً، ده كلام كل الفلاسفة من أول فرويد وداروين لحد أرسطو.. بس أنا طول الوقت كنت بحاول أثبت ع** كلامهم لغاية ما قابلتك إمبارح. - ما شاء الله.. أول مرة أعرف إن المومسات بتقرا.. لا وكمان كتب فلسفية. - بتتريق!!. - إنتي شايفة إيييه!!. كنت متغاظ منها بسبب إنها بتحاول تُظهِر تفوّق عقلي عليا، وجايز يكون غيظي كان بسبب إني أخطأت في الحكم عليها إمبارح، أنا كنت فاكرها ضعيفة، وطيبة، ومشتّتة، وعقلها مخوّخ، لكن فاجئتني بإنها ذكية وعقلها عنيف.. وقبل ما أسحب نفس من سيجارتي، وأمد إيدي على ركبتها كمحاولة للتحرش الص**ح قبل الوصول للمقطّم، لقيتها بتجاوب وهي بترفع حاجبها الشمال كدليل على التحدّي: - لعلمك، اللي أنا قريته في سنة، انت ماقريتهوش في عمرك كله.. القراية مش ورق وكتب وبس.. لما تقعد مع حد يفتحلك قلبه هتقرا في عينيه كل اللي اتعلمه ودرسه طول حياته.. أنا عرفت كتييييييير جدااااا، مذيعين، وصحفيين، وكتّاب، ومفكّرين، ورجال أعمال، وظبّاط، وقضاة، ومهندسين، وحتى اللي عاملين نفسهم شيوخ ورجال دين.. كل أنواع الح*****ت تعاملت معاها كتيييير لكن إنت أول واحد أحس إنه مختلف. - وقولتي الكلام ده لكام راجل قبلي!!. كنت بتكلم بسخرية وأنا بضحك، وبحاول أقلّد البنات لما بتشكّك في مصداقية الشاب اللي بيعترفلها بحبه.. ودي محاولة ساذجة لإظهار عدم اقتناعي بكلامها، أو عشان أبيّن إن كلامها لا يعنيني في شيء.. لكن الحقيقة، أنا كنت حاسس بإحساس غريب ناحيتها، حاسس إني زي ما أكون مسحور ووداني مش ملكي.. عايز أفضل أسمعها، ومسمعش غيرها طول حياتي.. ولقيتها سكتت مرة واحدة، فبصّيت عليها لقيتها مركزة في وشي جامد وهي ساندة بكوعها على شباك الباب بتاع العربية، وقامت قايلالي: - مش هتبطّل!!.. مش كفاية بقى!!. حسيتها شايفة فيا حاجة، أنا نفسي مش عارف أوصلها.. وتوقعت إنها تقصد هزاري، فوقفت ضحك مرة واحدة، وبصيت في عينها لثانية.. بس حتى عينيها بتسحرني لدرجة إني كنت هعمل حادثة عشان مكنتش عارف أشيل عيني من عليها.. دي يستحيل تكون ميرنا اللي قابلتها إمبارح، لما شوفتها إمبارح كانت عاملة نفسها مودرن أمريكان، لكن النهارده متألقة في دور (French Classic Woman).. كنت حاسس إن خبرتها تفوق خبرة عشر فلاسفة في بعض، ولقيت نفسي بسألها: - مختلف إزاي!!. - عشان مخلص لمراتك. - عايز أقولك إن ده من صغري على فكرة، الناس كلها كانت تفضل تقولي تعالى يا مخلص، روح يا مخلص.. لدرجة إن أمي الله يمسّيها بالخير كانت عايزة تسمّيني مخـ,,,. كنت بتكلم بسخرية كعادتي عشان مش قادر أكمل كلامي معاها وأنا شايفها بالذكاء ده، مفيش راجل مش بيخاف من الأنثى الذكية، بالذات لما تظهر ذكائها ده قدامه وعليه.. بس الكلام اتحشر في بوقي بعد ما لقيتها بتفتح باب العربية عشان ترمي نفسها، فلحقتها وأنا قلبي هيقف وقولتلها: - إيه اللي بتعمليه ده يا مجنونة!!. - قولتلك كفاية. سكت لدقيقة.. ورميت سيجارتي وولعت غيرها، وفضلت متنّح وأنا طاير بالعربية، ومحدش فينا كان بيتكلم.. هي بتبص عليا بتركيز، وأنا عيني سايحة على الطريق، بحاول أستوعب الحركة المجنونة اللي هي عملتها دي.. أخدت نفس من السيجارة، وقولتلها من غير ما أشيل عيني من على الأسفلت: - طب على فكرة بقى، أحب أقولك إن كل كلامك عن الرجالة غلط.. هم مش ح*****ت ولا حاجة، هم بس لما بيلاقوا اللي قدامهم رخيص بيتسلّوا، إنما ساعة الشراء فبيدوّروا على الغالي عشان هو الأصلي وقيمته لا تقدر بثمن. - ليه بتقول هم، ليه مش بتقول إحنا!!.. هو إنت مش راجل زيّهم!!. - لا يا ستي، أنا حيوااااان زي ما بتقولي عليهم.. قصدي علينا. - من أول ما شوفتك وأنا حاسّة إنك مختلف عنهم. - ربنا يسعدك.. ميرسي ليكي يا ستي. كنت باكل السيجارة مش بشربها، والغريب إن الطريق اللي أنا ماشي فيه مش بيودّي على المقطّم، بس أنا ماشي فيه مش فاهم ليييييه.. ورغم إني قلقان ومتوتر من كلام ميرنا إلا إني كنت مجذوب له بطريقة غريبة.. حابب إنها تتكلم لأطول وقت زي ما تكون بتعزف على عقلي مش طبلة ودني.. ولقيتها بتتكلم تاني وبتقولي: - إنت أكتر واحد مخلص لمراته أنا شوفته في حياتي. - ده من ذوقك طبعا، بس انتي مستوعبة إحنا رايحين فين!!.. واخدة بالك إحنا عملنا إيه إمبارح ورايحين نعمل إيه دلوقتي!!. - شكلكم متخانقين مع بعض جامد. - العادي بتاعنا يعني.. هَمٌّ بالنهار، ومَذَلّة بالليل. كنت مستغرب من جرأتها وكلامها عن مراتي.. مينفعش تجيب سيرتها في قعدة زي دي، بس اللي مصبّرني إنها مختلفة وغير أي حد شوفته.. أنا معرفتش بنات كتير، بس أنا شايفها مختلفة جدااااا سواء إمبارح أو إنهارده.. ولاحظت حاجة غريبة، وهي إن ميرنا مأخدتش تقريبا ولا نفس من السيجارة، كانت ماسكاها وهي بتكلمني عشان تبان بمظهر الكلاسيك اللي قولتلكم عليه.. وزي ما تكون سمعت أفكاري، لقيتها فجأة سحبت نفس من غير ما تاخده على ص*رها وراحت قايلة بعد ما الدخان خرج من بوقها ببطء: - الواحدة مننا تقدر تعرف جوزها خانها كام مرة من ساعة ما عرفها، ولما بنتعامل معاكم عادي فمش معناه إننا مش عارفين خيانتكم.. إحنا بس عايزين نغمّي عيونّا عن خيانتكم عشان نكمّل.. صدقني يا ابراهيم، مراتك عارفة من بدري إنك بتخونها، ويمكن عشان كدة خناقاتكم كانت كتيرة. - مش بقولك حيوان مصدّقتنيش!!. مش عارف الصراحة هي جايبة الثقة دي كلها منين، لكن قولت أجاريها عشان ما تفتكرنيش بسخر من كلامها.. يعلم ربنا إني عمري ما خونت ريهام ولا مرة من يوم ما عرفتها في الجامعة، غير بس إمبارح على اعتبار إني كنت في حضن ميرنا، والنهارده لسة هخونها لكن مخونتهاش لسة والله.. وراحت ميرنا قايلة بصوت غريب مليان حنان واحتواء بعد ما قربت مني: - إبراهيم.. صدقني إنت مش حيوان. مش عارف ليه بعد ما قربت مني، وحطت إيدها الناعمة على خدي، وقالتلي الكلام ده لقيت نفسي مش قادر أبصّلها.. ض*بت فرملة عنيفة مرة واحدة، ولقيت نفسي زي ما أكون هعيط.. وهي همست في ودني وقالت: - إهدا.. خلاص إحنا وصلنا.. أنا ساكنة في البيت ده. وخرجنا إحنا الاتنين من العربية بعد ما وصلنا للعمارة اللي هي شاورت عليها.. ومش فاهم إحنا إزاي وصلنا للعمارة اللي هي ساكنة فيها، رغم إنها مقالتليش على العنوان ولا مرة طول الطريق.. أو جايز قالت وأنا مخدتش بالي.. أول ما خرجت من العربية لقيت ميرنا غريبة جدا زي ما تكون بنت أبالسة بتتشكّل في خمسين صورة كل دقيقة.. ميرنا مكانتش بنت خالص بعد ما خرجنا من العربية، هي طبعا نفس الملامح وكدة، لكن هيئتها غير اللي شوفتها عليها إمبارح خالص.. دلوقتي كانت أنثى مكتملة الأ***ة والنضج، وفي نفس الوقت مش سافلة زي رانيا صاحبتها.. ميرنا كانت إمرأة بالمعنى الحرفي للكلمة، حتى هدومها كانت بتأكد الانطباع ده.. هدومها اللي كانت قالعة جزء كبير منها ف العربية، ولبسته أول ما وصلنا.. والبيت كان شكله غريب، عبارة عن دورين ومش خارج منه صوت خالص زي ما يكون مهجور.. وطلعنا السلم سوا وهي حاضناني من وسطي، وأنا محاوط كتفها بدراعي.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD