:1:

846 Words
~ الطاولة رقم 5 . ~ لم تجهز بعد ! ~ سيدي .. أهلا بك ،ما هي طلباتك ؟ ~ المعذرة على التأخر ! ~ الأطباق .. الأطباق .. بسرعة إلى المغسلة . ~ الطاولة رقم 12 .. تحتاج للتنظيف . ~ نحتاج لمنشفة .. سكب أحدهم العصير على الأرض . ~ الطعام جاهز للطاولة رقم 25 . ~ أين هي حين نحتاجها ؟! ~ بسرعة .. بسرعة .. خذ هذه للطاولة 11 .. وأنا سأذهب إلى المطبخ . وأصوات المعدات ،وإزاحة الكراسي ،وصنابير المياه ،تفتح وتغلق ،وأصوات النيران وهي تشتعل في الموقد ،والأطباق هنا وهناك ،كل حالة الفوضى تلك في مطعم التلة ،على ع** الكآبة في الخارج . ومن خلال الضجيج ،تقف سيدة ضخمة ،عريضة الكتفين ،حادة الملامح ،قبالة كائن بشري ضئيل ،بدا كعقلة اصبع أمامها . صاحت بها : ~ إلى متى ستستمرين بإزعاج الزبائن ،ألا يجب أن تكوني أكثر رقة في التعامل معهم ،جميع من تضيفينهم يأتون غاضبين ،مزعوجين ،هل تريدين ترك العمل هنا على أية حال ؟ فجأة ،سكت كل شيء ... كل شيء سكت فجأة ،هكذا بلا سابق إنذار ،حتى بدأت السيدة تسمع صوتها وهي تعنف ،لتنظر فيما حولها بدهشة ،الجميع مشدوه إلى نقطة معينة ،مجمدين كالتماثيل الحجرية ،ولم يكن ذلك فقط ،بل تجمد كل ما هو جماد ،حتى قطع صوت الصمت صدى خطواته . استحوذ على طاولة ،فأصبحن النادلات يتخبطن في أماكنهن ،يتنافسن على خدمته ،وبدأت ضجة الهمسات ،والنميمة . ابتسمت السيدة بمكر ،وكأنها وجدت فرصة لا تقدر بثمن ،ثم قالت وهي ترفع يدها ؛ليتوقفن عن الركض العشوائي : - لتذهب سايانا ،فهي لم تعمل بجد اليوم . جاءت هالة من الاعتراضات ،وجلبة من الغضب وعدم التصديق ،وخرجت أصوات الفتيات : - هذا ليس عدلاً ! - أنا ! أنا ! ... أنا لم أعمل بجد سيدتي المديرة . - ما هذا الهراء ،أنا التي لم تعمل بجد طوال اليوم . - اصمتوا جميعاً ،أنا لم أعمل بجد منذ أسبوع . وتوالت الأكاذيب ،والمنافسة التي لا معنى لها ،حتى خرجت سايانا من بين الضجيج ،لتتسلل خارج الموضوع ،حين أَصمت المكان صوت فتح الباب الرئيسي للمطعم بعنف ،وظهور مجموعة لا بأس بها من المتنمرين . اجتاح المكان فوضى فوق ما كان عليه من ذلك ،لكن بصورة مختلفة ،لتٌشتم رائحة الخوف ،وسكنت القلوب الرعب ،وكأن تلك المجموعة مشهورة بإجرامها أنحاء المعمورة . وفي أعماق الجلبة ،يجلس ذلك الغريب بكل هدوء ،وكأن شيئاً مما يحصل يخصه ،ما جعل تصرفه مستفزاً ،ليقترب منه رجل ضخم ،جثته مهولة ،وملامحه مليئة بالشر والغضب ،ويصرخ به : - هاي ! أنت ! لكنه لم يتكلف النظر نحوه ،فصاح بغضب : - هل أنتَ أصم أم ماذا ؟ ألا ترى أنني أخاطبك ! فخرج صوته الهادئ ،الرزين : - من تظن نفسك ،لتقاطع وجبتي . وبدأ بالنهوض ،بينما نظر إليه بدهشة وغيظ ،ليجهز قبضته ،ويدفعها نحوه ،ويفاجئ بإمساكها بتلك اليد الصغيرة قبالة يده الضخمة ،وبكل برود نظر إليه ،لتخرج موجة تهز المكان ،فيقف مصعوقاً ،ثم تنثني ساقيه ،ليقع على الأرض راكعاً ،وعيناه تحدق في اللاشيء . حلقت جماعته حوله ،وهي تحتضن الأسلحة غير العادية ،فابتسم ابتسامة خافتة ساخرة ،وقال : - إذا هكذا تواجهون الأبرياء . وبدأوا بمهاجمته ،وأخذ يصد أسلحتهم الحادة ،بذراعه فقط ،بينما أخذت النادلات المختبآت أسفل الركام ،ينظرن إليهم بدهشة ،ووجل ،فهمست إحداهن في استغراب : - ما الذي تفعله هنا ؟ فأخذت أخرى تنادي عليها بهمس : - سايانا ... سا .. يا .. نــــــــا .. - توقفي ،ربما يكشفون مكانها . - هل هي غ*ية ؛لتكون هناك ؟ - ربما لم يحالفها الحظ في الهرب ،أنظري ،يبدو أنها عالقة . - أوه يا الهي ... سايانا ... انتبهي . لكنه أصبح جسما سريعاً جداً ،لا يكشف عن هيئة ،تتطاير هنا وهناك ،لتطيح بهم واحداً تلو الآخر ،ثم عاد بشكله البشري نحوها ،ليساعدها على الخروج ، لكن شخصاً من الخلف آتى ليقضي عليه ،فلكمه لكمة قوية دون أن ينظر إليه ،لتسقط هي مجدداً ،ودون مقاومة ؛من أثر الصدمة ،فتعلق مجدداً . - أنا آسف ،هل أنتِ بخير ؟ فتهز رأسها بشكل آلي ،وعيناها تكاد تنفجران من الخوف ،حتى حضر الجيش الحكومي ،وينظر في تلك الفوضى ،ليروا ذلك الشاب الغريب منتصباً بجانب الجثث للعصابة ،فصاح أحدهم : - اقبضوا عليهما . وفي رمشة عين ،أمسك ذراعها ،وسحبها معه ،وأخذا يركضان بين أزقة البلدة ،يتبعهم مجموعة كبيرة من الجنود ،فعم المكان الحركة ،والنشاط ،وأصبح السوق ي**وه الضجيج ،حيث صراخ الجنود ،ووقوع الأشياء ،والأنفاس المتسارعة ،لكن سرعته ضاهت سرعتها مرات ،وشعر بأن ذراعها تسحب من يده ، ليفاجئ باصطدامها بعمود حديدي معلق بشكل أفقي قرب رأسها ،ربما سرعته لم تجعلها تنتبه لوجوده حتى تخفض رأسها ،لكن الصدمة بدت قوية جداً إلى الحد الذي منعها من الوقوف ،اقترب منها ،وساعدها على النهوض ،وهو يقول معتذراً : - أنا آسف ،كان علي مراعاة طبيعتك البشرية . لكنها بدت مصدومة أكثر من كونها متفاجئة ،كيف يمكن أن تتورط إلى هذا البعد ،ألم يلاحظ الجيش أنها من كان عالقاً في الركام . واصلا الركض ،حتى اختفيا بين أشجار الغابة المجاورة للبلدة . - أين هما ؟ - يبدو أننا أضعناهم . - تباً ،سيعاقبنا الرئيس مجدداً . وهموا بالانسحاب ؛فهم ليسوا مخولين للبحث خارج حدود البلدة . ***
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD