لا تُمس أبداً.

3407 Words
1 لا تُمس أبداً. -وقفت فوق سُلم الطائرة الخاصة بها بعينانها البنية فبدت للناظر كالجمر المتقد تعيد ترتيب هندامها فأشارت إلى أحد الحرس الخاص بها وقالت بصوت جليدي: -"تامر المرشدي لو سمعت إسمه فأي مكان أنا فيه يبقي تعتبروا نفسكم مطرودين، ودلوقتي أطلع خده وديه لأبوه وقوله فريدة هانم بتقولك ربي ابنك بدل ما تربيه بمعرفتها". -وأكملت سيرها إلى سيارتها المصفوفة أمام الطائرة لتجلس بمقعدها الخلفي، ليظهر حارسها الشخصي وهو يكبل تامر المرشدي يرغمه على الهبوط من طائرتها ليصيح تامر بغضب متوعدا فريدة: -"مش هسيبك يا فريدة وهخليكي تقولي حقي برقبتي، وهخليكي تعرفي مين هو تامر المرشدي، لا يا فريدة فوقي ومتنسيش إنتي جيتي منين". -حدقت به بعيون جليدية لتشير إلى سائقها، فمد يده إليها بهاتفها، وما هي إلا لحظات وكانت تقول: -"رياض بكرة الصبح نص أسهم المرشدي تنزل البورصة والسهم يتباع بجنية فاهم". -شحب وجهه وهو يستمع لصوتها الصارم، وشعر برهبة تسري بجسده فور إنهاها للإتصال، فأغمض عيناه وهمس قائلاً: -"عملت إيه يا مرشدي علشان فريدة هانم تقلب عليك بالشكل دا، ربنا يستر شكلنا داخلين على أيام صعبة". -تابعت فريدة تامر وهو يساق إلى سيارة الحرس وزفرت بضيق لتقول: -"هنشوف يا تامر أنا ولا أنت، بقى أنا اللي نسيت نفسي، تمام واضح كدا إن تساهلي معاك ومع والدك خلاك تفتكر إنك حاجة، بس تمام هنشوف يا تامر هترد على فريدة المنصوري أزاي لما تلاقي نفسك خسران قصاد تطاولك عليا". ---------------------- -عادت إلى فيلتها التي توسطت مساحة واسعة من الأرض التي زرعت بمختلف أنواع الزهور، وأشارت إلى الحرس بالإبتعاد عن حجرتها الخاصة، لتلج إليها وتلقي بحذائها بعشوائية وتنزع ثيابها وتقفز ببركة السباحة الخاصة بها، وبعد مضي نصف ساعة من الوقت، غادرتها لتلتقط مئزرها ترتديه بعشوائية وتضغط على زر المصعد الخاص بغرفتها، وهناك أستقبلتها هياتم الخادمة الخاصة بها لتشير إليها فريدة وتقول: -"حضري لي الطقم الذهبي على ما أخلص الشاور بتاعى علشان خارجة تاني". -اومأت هياتم وأبتسمت لها بحنان وقالت ولكنها لم تتحرك من أمامها لتسئلها: -"طيب مش هتاكلي أي حاجة قبل ما تنزلي وتسهري، يا بنتي اللي بتعمليه فنفسك دا هيضرك فالنهاية، قلة الأكل وقلة النوم والسهر كل دا توابعه مش كويسة على صحتك". -استمعت إليها فريدة ولكنها في النهاية هزت رأسها بالنفي وولجت إلى مرحاضها، تفرك جسدها بقوة لتغسل عنها أثر أصابع تامر التي تجرأ على لمسها بها، وهي تقسم أن تذيقه إنتقام فريدة كيف يكون. -غادرت غرفتها بعد أن تأنقت في ملبسها، وضغطت على أحد أزرار هاتفها لتنبه حراسها لمغادرتها للذهاب بها إلى أحد الملاهي الليلية. -وما أن ولجت فريدة بحراسها إلى الملهى الليلي حتى ساده ال**ت، وتطلعت إليها العيون لتنخفض سريعاً ما أن زجرهم حارسها بنظرات نارية، فأسرع مالك المكان ليتقدم منها ويقول: -"مش معقول فريدة هانم بنفسها عندنا النهاردة، دا أكيد اليوم دا هيتسجل فالتاريخ". -زمت شفتيها وأشارت إليه لينصرف، وأسرع أفراد حراستها بالإنتشار في المكان يأمنوا زواياه، وإتجهت فريدة وجلست إلى إحدي الطاولات ترمي بنظراتها يمينا ويساراً بملل، لتشير إلى قائد الفرقة الموسيقية بأن يأتيها، فأسرع يلبي ندائها فقالت له بصوت هاديء: -"عاوزة أسمع موسيقى عمر خيرت لو سمحت". -إبتسم لها بسعادة لرهافة سمعها وقال: -"اللي تأمري بيه". -أغمضت عيناها مع إنسياب الموسيقى حولها وأرتسمت فوق شفتيها إبتسامة رقيقة وتركت الموسيقى تتغلغل بداخلها لتنسيها ما حدث، ومرت ساعة وفريدة شاردة مع عزف الفرقة، ليصدح فجأة صوت أحدهم وينتشلها من حالتها تلك ويقول بصوت صاخب: -"أطلب من الفرقة تغير لنا الموسيقى دي بأي حاجة تانية، أنا جاي هنا أفصل دماغي من الضغط ولا أنام". -فتحت عيناها بحدة وبحثت عن ذلك الذي تجرأ ليغير شيء أمرت هي به، فلمحته يتجه إلى البار، وعادت بعيناها إلى قائد الفرقة واومأت بالنفي فأستمرت فرقته بعزفها، تركت فريدة مقعدها ليهب حُراسها ولكنها طمأنتهم وأشارت لهم بالإبتعاد وأتجهت صوب البار، وجلست فوق المقعد المرتفع ووضعت ساقا فوق الأخرى وأشارت إلى الساقي بأن يأتيها بمشروبها المعتاد، لتمد يدها وتتناول علبه سجائرها الذهبية من أمامها و تخرج إحداها و تضعها بين شفتيها التي صبغتها بلون أحمر قاني زادها ف*نة، إنتبه لحضورها فرائحة عطرها أسرت حواسه ليلتف إليها محدقاً بها ومقيما لها من خصلاتها التي بدت أمامه كخيوط حرير بنية إلى خصرها الذي فصلته ثيابها وأظهرت رشاقتها لينتهي محدقا بساقيها اللاتي كشف عنهم ذلك الثوب القصير ليعلم إنها مشموقة القوام، ولكنه سرعان ما أبعد عيناه عنها حين سئله الساقي عما يريده، وهنا أشارت فريدة إليه وقالت وهي تطرق فوق سطح البار بأظافرها الطويلة المنمقة بنفاذ صبر: -"إنت يا، ولع لي". -إلتفت إليها بدهشة فهو ولأول مرة تحدثه إمرأة بتلك اللهجة الأمرة، فرفع حاجبه تحدياً لقولها ليشير إلى نفسه ويقول بصوت ساخر: -"إنتي بتكلميني أنا.! -هزت ساقها بنفاذ صبر، وقالت بحدة جعلته يضيق عيناه ويزداد عبوسا: -"شايفني بكلم حد غيرك، على فكرة أنا متعودتش أكرر كلامي مرتين، و أظنك سمعتني من أول مرة، ولا تحب أعيد كلامي بأسلوب تاني". -أرتبك وأحس أنه أمام نموذج غريب من النساء لم يراه من قبل، ليجد نفسه ودون إدراك ينصاع لتنفيذ طلبها، ويخرج قادحته الذهبية، ويميل نحوها على نحو مبالغ فيه ليشعل لها سيجارتها، و لكنها فاجأته وأسقطتها من بين شفتيها أرضاً، فنظر لها بعينين غامضتان، ليسمع صوتها الرقيق يقول بصوت مغاير لهيئتها: -"وطي هاتها". -حدق بها بحدة وأعتدل بشموخ أمامها، وأشار إلى أحد ما يقف على مسافة قريبة منه ليهرع إليه وهو يحدق بها بتحدي ليسئله حارسه وهو يرتجف: -"أوامرك يا باشا". -أخبره بصوت نزق وبنفاذ صبر وهو يتحداها بنظراته: -"وطي هات لها السيجارة اللي وقعتها". -أسرع حارسه بإضطراب لينفذ طلبه بدون تردد ويمد يده المرتعدة بالسيجارة إلى فريدة، التي رفعت حاجبها لينشق عن ثغرها إبتسامة ساخرة زادتها ف*نة، في نفس اللحظة التي قدم لها الساقى شرابها في كأس حمل شعاراً ذهبيا لتاج ملكي، لفت نظره بشدة فرمقها بتساؤل، وقفت فريدة فجأة أمامه وحدجته بنظراتها ثم أشاحت برأسها عنه وعن حارسه، لتستدير فريدة مرة أخري إليه وتلقي بمحتويات كأسها بوجهه وهي تقول بلهجة آمرة: -"فريدة لما بتأمر الملوك بتنحني تحت رجليها وتنفذ أمرها، واللي إنت عملته مش هيعدي ومن دلوقتي بقولهالك متدورش على أي حد يتوسطلك عندي، علشان اللي هرد بيه عليك محدش هيقدر يخليني أرحمك منه". -أبتعدت عنه بخطى واثقة وسط ذهوله التام، ليرى حُراسها تسرع و تحيط بها وتخفيها عن الأعين، وتغادر وسط همهمة الحاضرين، فوصل إلى سمعه قول أحدهم: -"بقى حد يعمل كدا مع فريدة، دا اكيد ميعرفهاش بصراحة ربنا يتولاه فريدة حطته فدماغها خلاص طالما قالت له الكلمتين دول". -عقد صبري حاجبيه، يفكر في أمر تلك المرأة التي تجرأت وأهانته أمام الجميع ليشير إلى حارسه ويقول: -"ربع ساعة لو مكنش عندي كل حاجة عنها، دور لك على شغل تاني". -أخرج صبري بأصابع غاضبة إحدى سجائره ليضيف وهو يشعلها: -"بقى على آخر الزمن تيجي ع***ة زي دي و تهين صبري السيوفي". -عَلاَ شهيق الحضور لسماعهم قوله ، ليدركو أن الحرب ستشتعل حتما بين فريدة المنصوري وصبري السيوفي. ----------------------- -وعلى صعيد أخر وبداخل فيلته الصغيرة، لم يستطع عُدي المرشدي منع إرتجافة جسده التي لازمته منذ غادره ذلك الحارس الذي سلمه إبنه تامر وأخبره برسالة فريدة، ليلتف إلى تامر ويقول: -"أنا قولتلك وحذرتك من فريدة إنها ملهاش أمان وملهاش عزيز ولا غالي، وإنت ركبت دماغك وروحت لها برجليك، لعبت على المساعدة بتاعتها ومثلت عليها الحب والغرام علشان توصل لفريدة، وفالأخر أتجرأت وركبت طيرتها الخاصة وإتهجمت عليها بكل سفالة، وواقف دلوقتي ولا همك رسالتها اللي بعتتها مع الحرس، لا وكمان بتقولي إنك هددتها، عارف إنت عملت إيه فينا، إنت خسرتني شقى عمري وتعب السنين علشان فريدة مش هتسيب اللي عملته يعدي كدا، وأكيد هترد عليا أنا طالما زي ما قالت معرفتش أربيك". -أرتمى تامر فوق المقعد بضيق وعيناه تلاحق والده بسخط وقال: -"خرج نفسك برا موضوع فريدة وسبني مني ليها، أنا عارف مفاتيحها كويس وعارف هجيبها سكة إزاي". -صاح والده بغضب وهو لا يصدق برود إبنه: -"أسيبك منك ليها، ما هي المشكلة إن فريدة هي اللي مش هتسيبني أنا علشان أبوك يا بيه". -زفر بضيق وشعر بإن والده يبالغ في أمر تخوفه من فريده ونظر إليه وقال: -"لو فريدة حبت تتعشا بيك زي ما أنت خايف، فأطمن أنا بقى هفطر بيها ومن غير ما تحس". -شحب وجه عُدي وشعر بأن تامر سيفتح أبواب جحيم فريدة عليهم لتنالهم دون رحمة، تركه تامر ولم يأبه بشحوب والده ولا خوفه وصعد إلى غرفته وسحب هاتفه من جيب بنطاله وضغط على عدة أزرار ليأتيه صوت أحدهم فقال يسئله: -"عملت إيه فاللي طلبته منك". -أنصت بإهتمام لمحدثه ليبتسم بشر ويقول: -"تمام يبقي أسمعني كويس أوي وإياك تعمل حاجة غير اللي هقولك تعملها". --------------------- -في صباح اليوم التالي توجهت فريدة وعلى وجهها إمارات الغضب إلى مؤسستها وولجت إلى مكتبها بعدما أمرت تلك السكرتيرة التي تدون جدول أعمالها بأن تلغي كافة مواعيد اليوم وتستدعي لها بيسان مساعدتها الشخصية، لتسرع نشوى وتنفذ ما أمرتها به فريدة، ولم تمض خمس دقائق إلا وكانت بيسان تقف أمامها تحدق بوجهها وتحاول معرفة سبب غضبها المتواري بداخلها، ولكن أمام عصبية فريدة وتحركها الكثير زفرت بيسان لتضع فوق مكتب فريدة ملفاً ما وتقول: -"تعالي أقعدي وأهدي على نفسك شوية، أنا جبت لك كل اللي طلبتيه وهتلاقيه موجود عندك فالملف، ولو حابه أجيب لك أرقام حساباته برا مصر هجيبهالك". -نظرت فريده لبيسان بفخر وأعتزاز، وإتجهت صوب مكتبها وألتقطت ذلك الملف وقالت: -"دايما تثبتي لي إنك أفضل ظابط مخابرات فالعالم يا بيسان، لما بطلب منك حاجة عمرك ما بتخزليني، عموما أنا هطلع على الملف وبعدين هقعد معاكي نشوف هنتصرف معاه إزاي". -اومأت بيسان واستدارت لتغادر المكتب، فأوقفتها فريدة وقالت: -"بيسان بعتي لتامر المرشدي هديتي، ولا لسه صعبان عليكي بعد اللي عمله". -تجهم وجه بيسان وزفرت بضيق لتذكير فريدة لها بما فعله تامر فرفعت حاجبها محذرة إياها وقالت: -"فريدة مش هنرجع للكلام فالموضوع دا تاني، ولو على الهدية فأنا بعتها من بدري ولما يصحى من نومه هيلاقيها فإنتظاره". -تركت فريدة ملف صبري وإتجهت إلى حيث تقف بيسان وقالت: -"بيسان أنا مش عاوزة موضوع تامر دا يأثر على العلاقة اللي بينا، أنا قولت لك إنه بيلعب بيكي وواخدك سلمه علشان يوصل لعندي، وإنتي مصدقتيش لحد ما هو بنفسه اللي أثبت لك ندالته، لما مثل عليكي الحب وفالأخر طلع الطيارة علشان" . -ارتجفت فريدة أمام بيسان و**تت وهي تضم جسدها بساعديها لتوقف رجفتها، فعقدت بيسان حاجبيها أكثر وعلمت أن تامر تخطى كل الخطوط بالأمس معها ومع فريدة، ولزمت مكانها حينما أبتعدت فريدة عنها، وقالت: -"خلاص يا فريدة إنسي لو سمحتي، اللي حصل خلاص حصل، وغلط تامر المرشدي هيدفع تمنه تالت ومتلت". -تركتها بيسان لتعود إلى مكتبها تشعر برجفة هي الأخري لا تصدق أنها وقعت في فخ المشاعر بتلك السهولة لتكون مجرد بيدق بيد تامر ليصل إلى فريدة، زفرت بيسان وقالت تتوعده: -"وماله يا تامر ألعب إنت براحتك، ونشوف مين فالأخر اللي هيفوز بالجيم، ومبقاش بيسان درغام إلا أما دفعتك تمن اللي عملته معايا ومع فريدة غالي". -تصفحت فريدة ملف صبري لتبتسم أمام تلك المعلومات التي أتت بها بيسان والتي أرفقتها بعدة صور مختلفة الأزمان به لتتوقف أمام إحدى الصور وتحدق بها فقد ظهر صبري أمامها وهو يضم جسد فتاة جميلة الملامح إليه وتحدق هي به بكل حب، فشعرت بغيرة تسري إلى قلبها لتلقي بالصورة من يدها وتقول: -"إيه يا فريدة معقول هتغيري على دا و من دي، لأ يا فريدة أثبتي وأفتكري كويس اللي فات علشان متوقعيش تاني". -تركت مكتبها وضغطت تستدعي مدير أعمالها، ليسرع إليها ويقول: -"عارف يا فندم إن حضرتك هتسئليني عن الأسهم و". -هزت رأسها بالنفي وقالت: -"لا أنا تابعت موضوع البورصة بنفسي من البيت قبل ما أنزل أنا عوزاك فحاجة تانية مهمة". -ازدرد رياض ل**به خوفا على من تنتوي فريدة ايذائه فلهجتها لا تبشر بالخير وقال: -"أمرك يا فريدة هانم". -زفرت بضيق وتركته لتقف أمام نافذتها التي أحتلت الحائط بأكمله وقالت: -"صبري السيوفي، عوزاك تجيب لي كل حاجة بالتفصيل عن حجم تعاملاته مع الشركات اللي بتورد له الخامات من برا مصر، وخصوصا لو بيتعامل مع شركة تبعنا أو بنتعامل معاها". -حدق بها بحيرة فهو يعلم أن بيسان أتت لها بكل ما يخص صبري السيوفي فلما تريد تلك المعلومات عنه، حدقت فرية بوجهه لتبتسم بتفهم وتقول: -"على فكرة البيانات اللي طلبتها من بيسان ملهاش علاقة بشغله يا رياض، علشان بس دماغك متروحش وتيجي وتفكر كتير، وبعدين حتى لو فيها اللي عاوزاه ورجعت طلبته منك تاني مفيهاش حاجة لما تنفذ ولا إيه". -تن*د رياض ولم يجد أمامه إلا أن يومأ إليها برأسه ويغادر مكتبها. ------------------------ -شعر صبري أنه سينفجر فهو ومنذ ساعات لم يكف هاتفه أو هاتف شركته عن الرنين، يستعلم عن تلك الشحنة التي صادرتها وزارة الصحة بعدما تعطلت أوراق الإفراج الجمركي عنها، فألتفت يحدق بمدير أعماله ويقول بحدة: -"علاء الموضوع دا مش طبيعي ومش مريحني، يعني إيه صفقة لصبري السيوفي يتعطل ورقها والمركب تتصادر بأمر من وزارة الصحة، لا والأخبار تتسرب لكل وسائل الأعلام، أنت عارف إن دي أول مرة مركب تتصارد لي أو حتى يتعطل لي ورق". -زادت نظرات صبري حدة وض*ب فوق سطح مكتبه وقال: -"أنا عاوز أعرف الموضوع دا أساسه إيه، علشان أنا مش هرحم اللي وراه مين ما يكون". -حاول علاء أن يهديء من إنفعاله ولكن شرود صبري الغريب لثوان وعيناه التي قدت من جليد أمامه أرهبته ليسمعه يقول بصوت كالفحيح: -"مافيش غيرها يا علاء أكيد هي اللي ورا الموضوع دا". -ض*ب صبري جبهته بكف يده بحده وأضاف: -"أنا إزاي نسيتها دي دي هددتني عيني عينك يا علاء و". -هنا أيقن علاء أن صبري يرمي بكلماته إلى فريدة، فشعر بتخوف من تهور صبري الذي يعلم جيدا كيف يكون، وقبل أن يثنيه علاء عن أي تفكير كان صبري يض*ب على سطح مكتبه بغضب ويقول: -"علاء النهاردة قبل المغرب اللي إسمها فريدة دي، يكون متعلم عليها وعلامة كبيرة علشان تبقي عبرة لغيرها". -وضع علاء كفيه فوق رأسه، فها هو ما يخافه يحدث أمامه، فلزم مكانه وبادل نظراته مع صبري ليقول في النهاية : -"صبري ممكن تعقل وبلاش تخلي الغضب يعميك، علشان فريدة محدش يقدر يمسها، دي خط أحمر على الكل، وصدقني اللي بيفكر بس إنه يقرب منها بيتمحي، على فكرة أنا مش بقولك كلام وخلاص، لأ أنا بقولك إن فريدة بإشارة ممكن فعلا تخلي كل شركات الإستيراد فالعالم ترفض تتعامل معانا، فأهدي وحاول تشوف طريقة تانية تتفاهم معاها بيها، إلا إنك تفكر ترد لها اللي عملته معاك، علشان وقتها محدش هيخسر غيرك إنت وبس". -حدق صبري به بصدمة وهز رأسه رافضا ما يسمعه فقال بسخرية : -"ليه هي تطلع مين ملكة الكون". -اومأ علاء وقال: -"هي تقريبا حاجة شبه كدا، فريدة أميرة وحضرتك بنفسك شوفت الشعار اللي على الكاس بتاعها". -تهاوي صبري فوق مقعده، لا يصدق إنه أصبح ألعوبه بيد إمرأة للمرة الثانية ، ولكنه عاد لتمرده مرة أخري وحدق بوجه علاء، وقبل أن يصرح بكلماته، أرتفع رنين هاتفه فتطلع إلى شاشته فوجدها والدته فأجاب عليها ليسمعها تبكي وتقول: -"صبري إلحق أختك، ميار بتموت". ------------------------- -ممدة بلا حول أو قوة فوق فراش حاكى بشرتها بياضاً بالمشفى، يتصل بوريدها أنبوباً دقيقا يحمل مصلا يخضع عقلها لنوم إجباري، بعدما أنهار جسدها فجأة حينما جفاها النوم ليال طوال، وفوق ضباب غفوتها لمحت صورتها وهي ترتدي ثوب زفافها الأبيض تبتسم بسعادة، گأنها أغتنمت نجما من السماء وعيناه تتلألأ أمام عيناها بحب، يومها أيقنت أن تلك العيون العاشقة هي كل مبتغاها، وأقسمت وهو يقبل أناملها أن تبذل ما في وسعها لإسعاده وغمره بحبها، ولكنها لم تكن تعلم أن تلك العيون خانتها بأب*ع الطرق ، فرت دمعة من زاوية عيناها لاحظها صبري فأغمض عيناه بحزن لما آل إليه حال صغيرته يتمنى لو يحتوي عنها كل ذلك الألم الذى إنفجر سده أمام الجميع لتصدمه هو قبل والديهما بإخفائها كل هذا العذاب بداخلها عن الجميع، سحب نفسا عميقا حاول به أن يف*ج عن تلك الآهة الحبيسة في ص*ره ولكنها أبت ووقفت گغصة مهلكة في حلقه فترك مقعده وأبتعد عن فراش شقيقته يمنع عن نفسه رؤية هشاشتها التي تجلت بضعف على صفحة وجهها الشاحب، ليقسم إن ينال من زوجها المخادع نائل الذي غدر بصغيرته ميار. ------------------------- -استيقظ من نومه متذمرا، وجلس بمنتصف فراشه يحدق بتلك الخادمة التي وقفت لدي باب غرفته، بعد أن بددت نومه فصاح بوجهها بحدة: -"هو إنتي محدش فهمك إني مبصحاش دلوقتي يا غ*ية، أنا عاوز أعرف إنتي إيه اللي طلعك أوضتي تصحيني، وأنا منبه إن محدش يهوب ناحية أوضتي". -إلتصقت بالحائط ورمقته بخوف وقالت: -"عُدي بيه أتصل وهو اللي قالي أطلع أصحيك وأقولك رد على موبايلك". -لفت صوتها الهاديء سمع تامر، فحدق بها مرة أخري بتمعن وابتسم ساخرا، وهو يمد يده يسحب هاتفه، ليجده يضيء بأسم والده فأجابه بصوت ناعس وقال: -"خير يا بابا في إيه حصل علشان تبعت الــــ .". -أوقفه صياح والده الغاضب، فأبعد الهاتف عن أذنه ونظر إلى الخادمة وقال: -"إنتي واقفة عندك بتعملي إيه، مش صحتيني خلاص، يلا إنزلي حضري لي فنجان القهوة بتاعي وهاتيه وإياكي يكون من غير وش". -اومأت وأختفت من أمامه في لحظات، لينتبه تامر لصوت والده فأعادة الهاتف مرة أخرى فوق أذنه ليسمعه يقول: -"قولتهالك ومصدقتنيش، فريدة ض*بتني فمقتل يا بيه نظير اللي عملته معاها، فريدة نزلت نص أسهمي فالبورصة وباعت السهم بجنيه". -هب من فوق فراشه وصاح: -"أنت بتقول إيه يا بابا، إزاي يعني قدرت تنزل نص الأسهم من غير ما يتم إخطارنا". -زفر والده وهو يتهالك فوق مقعده وقال: -"قدرت وعملتها، ومحدش قدر يقولها لا لأ ولا ليه ولا حتى إزاي، وكل دا بسببك أنت يا تامر وبسبب تهورك، هقولك إيه منك لله يا تامر منك لله، خسرتني شقي السنين، وياعالم فريدة هتكتفي بكدا ولا لسه هتض*بني تاني". -اكفهر وجه تامر بغضب عارم ولكنه عاد ولانت ملامحه وقال: -"لا اطمن فريدة المنصوري مش هتقدر تض*ب نملة بعد اللي هيتعمل فيها، وبالنسبة لخسارة البورصة فمتشغلش بالك، أنا بصفقة واحدة هعوضك عنها". -أنهي تامر الاتصال، ولم يسمع صياح والده وهو يحذره من التهور ومن إقحامه بمشاكل أكثر، وألقي بهاتفه في نفس توقيت ولوج الخادمة ليتقدم منها ويلتف حولها ويأخذ من يدها فنجان القهوة، ويرتشف منه ليبتسم بمكر ويشير إليها إن تنحني وتلتقط هاتفه من الأرض، فأنحنت صبر تلتقطه وتعتدل واستدارت إليه لتبتعد بتخوف منه حين طالعتها نظراته الغريبة فأشار إليها تامر وقال: -"مالك واقفة متنحة ومرعوبة هو أنا هكلك، ما تقربي علشان تديني الموبايل، قربي ومتخافيش". -خطت تجاهه خطوة واحدة مترددة، ومدت يدها المرتعشة بالهاتف إليه، ليقبض تامر على رسغها ويدنيها منه ويقول: -"على فكرة أنا مبحبش أقول الحاجة مرتين ومبحبش أصحي على الوش الخشب دا، وبعد كدا لما تطلعي تصحيني تبتسمي فاهمة". -اومأت وهي تفر من أمامه ما أن ترك يدها، وشعرت صبر بقلبها ينبض بقوة، فأستندت إلى الحائط خارج غرفته، ليتملكها الخوف بسبب نظراته إليها وإمساكه بيدها. -أرتدي تامر ثيابه وهبط إلى الأسفل، فقا**ه صندوقا أ**د اللون موضوعا فوق إحدى الطاولات، فنادي بصوت نزق على أحد الخدم، وصل صوت تامر إلى جميلة زوجة والد صبر فوكزتها وقالت: -"مش سامعة البيه بينادي، أجري شوفيه عاوز إيه، بدل ما أنتي واقفة لا شغلة ولا مشغلة". -إرتبكت صبر وفركت كفيها بإضطراب وقالت: -"وهو مينفعش حد تاني يروح للبيه، وأنا أشتغل فالمطبخ هنا مكانه". -عقدت جميلة حاجبيها ودفعتها بغلظة وقالت: -"إنتي كمان هتتشرطي، روحي شوفي البيه بدل ما أقطع خبرك، وإياكي بعد كدا أقولك على حاجة وتجدليني فاهمة". -اومأت بضيق لتسرع صبر إليه فأقتربت منه على إستحياء وقالت: -"خير يا سعادة البية حضرتك تأمر بحاجة". -رمقها تامر بنظرة شموليه، فأدار رأسه نحو الصندوق وأشار إليه وقال: -"مين اللي إستلم الصندوق دا". -أجابته صبر لتتراجع للخلف بإرتباك، حين لمحته يتقدم نحوها: -"عُدي بيه هو اللي استلمه، وقال نسيبه فمكانه لحد ما حضرتك تصحى، وتشوفه". -رفع حاجة بسخرية أمام تراجعها، فأوقف خطواته وأستدار عنها وقال: -"إنتي أسمك إيه". -ازدردت صبر ل**بها وأجابته بصوت مهزوز: -"أنا أنا صبر يا بيه". -إلتفت بوجه واومأ برأسه وقال: -"صبر إسم غريب شوية بس حلو، تمام يا صبر روحي إنتي شوفي شغلك ولما أعوزك هندهلك". -أسرعت إلى المطبخ تختبيء بداخله لتصطدم بوالدها، الذي دلف إلى المطبخ من بابه الخلفي فنظر إليها بتساؤل وقال: -"صبر إنتي إيه اللي جابك هنا، هو أنا مش نبهت عليكي متجيش هنا ومتخرجيش من البيت وتخليكي مع أخواتك". -نظرت له جميلة بضيق وأجابته بصوت حاد: -"أنا اللي قولت لها تيجي تساعد بدل ما الحمل كله عليا وعليك وعلى رضا، وبعدين يعني هي هتنقص حتة لما تشتغل وتجيب قرش يساعد فالعيشة الغالية دي ويسد شوية من مصاريف أخواتها". -زفر غانم ونظر إلى أبنته وقال: -"طيب بقولك خلي كل شغل صبر فالمطبخ وتبقي رضا اللي تطلع برا، أنا مش ناقص مشاكل". -زفرت جميلة وهي تحدق به، لا تدري لما يتشبث بتلك الفتاة هكذا، ولما لم يتركها تذهب لتحيا مع والدتها، ازداد تجهم وجه جميلة حين جذب غانم صبر إليه وقبل جبينها، فصاحت بحدة وقالت: -"سيبها بقى تشوف شغلها وروح شوف شغلك، ولا أنت عاوز البية يخ** لك يوم كمان". ----------------------- -في البهو، إلتقط تامر الصندوق ليحدق به بحيرة، ففتحه ليتفاجأ بوجود شريحة ميموري ووردة سوداء بجوارها، فإلتقط الشريحة ووضعها في هاتفه وأعاد تشغيله، فوجد عليها تسجيلاً ضغط على زر التشغيل ليحدق متجمدا بشاشة هاتفه يشاهد تلك الفتاة التي تزوجها سرا بدبي، بين أحضان رجلاً أخر وعلى متن يخته الذي أشتراه مؤخرا، أطفأ تامر الفيديو وهو يسبها ويلعنها لإنها أستغفلته هكذا، وضغط على رقمها لتجيبه بصوت ناعس بعد الرنة الرابعة، فصاح بها وقال: -"حلو أوي الشريط اللي وصلني ليكي فاليخت بتاعي، بصراحة مكنتش متخيل إنك هتحني لشغلتك القديمة بالسرعة دي، دا مفتش على جوازنا العرفي شهرين، عموما هو كفايا عليكي الشهرين دول ودلوقتي تقومي زي الشاطرة، تلمي هدومك وتسيبي اليخت وتروحي تدوري ليكي على مغفل غيري، وخلي بالك هي ربع ساعة لو الأمن بلغني إنك ممشتيش، صدقيني هزعلك إنتي والبيه اللي كنتي نايمة فحضنه وهنزل شريطك الحلو معاه على النت، وأه متنسيش تبقي تقطعي الورقة اللي معاكي علشان أنا قطعتها وطلقتك". -إنتبهت إلى كلماته فأنفجرت ضاحكة وقالت: -"عموما أنا كنت كدا كدا هطلب منك الطلاق، أصلك بصراحة طلعت ممل أوي، وتصدق أنا أكرمتك إني فضلت معاك شهرين بحالهم دول كتير عليك اساساً و أنت كبيرك يومين، أما بقي بخصوص اليخت يا تمورة، فأحب أفكرك إنك مضيت لي على تنازل عنه، لما سكرت بعد ما كتبنا الورقتين العرفي". -إنهت كلماتها وأغلقت بوجهه الأتصال، وأستدارت إلى ذلك الغافي بجوارها وأندست بين ذراعيه وعادت للنوم. ------------------
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD