أرغب بالمزيد منك.

3415 Words
2 أرغب بالمزيد منك. -عاقد الحاجبين منذ أبلغوه بما حدث، فتلك هي المرة الأولى التي يحدث فيها أمراً هكذا، أسرع إلى هاتفه وأتصل بالعديد من الأشخاص ليتابع مجرى الأمور ويوصيهم بالأهتمام بكل كبيرة وصغيرة، إلا أنه شعر بغضبه يشتعل غضب ممزوج بالحزن، حاول رياض أن يهدأ من غضبه ويواري حزنه بعيداً حتى يصفي ذهنه ليُفكر جيداً بالأمر، كذلك أهلكته أمر مواجهته لفريدة وأخبارها بما حدث فهو يعلم أن معرفتها بحدوث تلك الكارثة ستصيبها في مقتل، ولكنه أدرك أن لا شيء سيمنع المكتوب وعليه أن يسرع ليطلعها على كل شيء، خطى إلى مكتبها وولج إليه فوجدها تطالع بعض الأوراق بإهتمام، وحين شعرت فريدة بوجوده أشارت إليه ليقترب وقالت: -"أقعد يا رياض أنا عوزاك فموضوع مهم جدا، بصراحة اللي حصل ضايقني شخصياً، بقولك إنت سمعت باللي حصل لمركب صبري اللي أتحجز عليها والبضاعة اللي أتصادرت منه، بصراحة من وقت ما عرفت وانا مش عارفة ليه حاسة كدا إن الموضوع دا وراه حد دبر لصبري الخسارة الجامدة دي، وحب يعلم عليه و". -**تت فريدة بعدما لاحظت **ت رياض فأمعنت النظر إليه لتصدمها ملامحه المتجهمة الحزينة، فأدركت أن هناك أمر ما قد حدث ليبدو رياض بتلك الصورة، فتركت أوراقها ووقفت وهي تسئله وقد أستبد بها القلق: -"مالك يا رياض، وشك عامل كدا ليه، في إيه حصل ومش عارف تبلغني ومضايقك للدرجة اللي أنا شيفاك فيها دي، ما تتكلم وتقولي". -ازدرد ل**به وحاول أن ينتقي كلماته التي سيخبرها بها وهو يستدير عنها، فأدركت فريدة ما أن تهرب منها رياض ومن تصلب جسده أن هناك أمرٍ جلل قد حدث، فعقدت حاجبيها وهي تحث نفسها على الهدوء كي تؤهل نفسها لسماع ما لديه وقالت لتحثه على أخبراها: -"رياض أظنك عارفني كويس، وعارف طبعاً إني حذرتك قبل كدا، إن مهما كان حجم الكارثة اللي حصلت فالمؤسسة، تبلغني على طول، فلو سمحت قولي إيه اللي حصل ومشقلب كيانك كدا". -ازداد تصلب ظهره فضغط على فكه وتنفس بقوة واستدار إليها وقال: -"فريدة للأسف مصنع الأسمدة اللي فالصحراوي ولع". -شحب وجهها من هول ما سمعت، وأحست وكأن هناك من هوي فوق رأسها يرطمها بشيء ثقيل وبقوة، ترنحت لترتمي فوق مقعدها بعدما خذلتها ساقيها ولم تعد تقوى على حملها، هزت رأسها ترفض تصديق كلماته وهي ترجو بأن يكون ما سمعته مجرد وهم، فبدت نظراتها زائغة فأغمضت عيناها حين زفر رياض بحزن أمامها، فسئلته بصوت مهزوز: -"في في أي وفيات يا رياض، أرجوك قولي ومتخابيش عليا". -ازدرد رياض ل**به، فهنا الكارثة الحقيقية، ففريدة لن تتحمل أن تسمع ما لديه، وستنهار حتما أكثر مما يراها، تمنى لو تدخل بيسان في تلك اللحظة لتنقذه، ولكنه يعلم أنها تنهي بعض الاجراءات التي ولاها إياها حتى يحتوي الكارثة، لاحظت فريدة **ته ففتحت عيناها ونظرت إليه لتراه يحدق بالأرض، حينها علمت ما يخفيه عنها فخرجت منها صرخة حزن ألمت قلب رياض، لتثور فريدة غضباً لفقدها تلك الأرواح البريئة بدون وجه حق ، وض*بت بقبضتها فوق سطح مكتبها بقوة حتى سمع رياض صوت تهشم زجاجه، فأسرع إليها ليرى يدها تنزف وحين هم بلمسها صاحت بوجهه وقالت: -" كام واحد مات بسببي يا رياض، قولي كام واحد مات بسبب إنه شغال مع فريدة المنصوري وهو مالوش أي ذنب، كام روح فقدتها وهشيل ذنبها علشان معرفتش أحميهم، قولي يا رياض كام واحد". -سحب نفسا أخر وتهرب من عيناها التي توسلته بأن يرحمها وقال بصوت منخفض: -"للأسف حارس المخزن وخمس عمال، وفي ستاشر أصابة، دا غير خساير المصنـــــ". -أوقفته بإشارة بيدها التي قطرت منها الدماء ترفض سماع المزيد، فلا شيئ يهم بعد موت ستة أفراد بسببها، وأصابة كل هذا العدد، حقاً لم تؤلمها أي خسائر مادية بجانب خسارتها لهؤلاء فقالت توضح لرياض وتؤكد: -"خساير المصنع عمرها ما تهمني يا رياض، والمصنع كله ميهمنيش وميساويش حاجة قصاد حياة واحد من اللي ماتو". -حاولت فريدة تمالك دموعها من الإنهيار فأشاحت بوجهها عن رياض، لتنهمر دموعها وأحستها كنيران تحرقها ليزيد عقلها من إحساس الألم بداخلها بصنعه صورة وهمية لما حدث وأحست بأنها تستمع إلى أصواتهم المعذبة لتنفض عن عقلها تلك الصورة وتعتدل وهي تحاول السيطرة على دموعها وقالت: -"رياض عاوزة عناوين الناس اللي أتوفت واللي أتصابت كلهم، وبلغ الحرس إني هزور بيت بيت وعيلة عيلة، وبعدها هطلع على المستشفى أطمن بنفسي على الناس اللي فيها، ووصي الحسابات تصرف تعويضات كاملة للكل من غير أي فرق، ويخلصوا أي إجراءات مالية ليهم، ما هو مش هيبقى موت وخراب ديار ليهم كمان". -اومأ رياض وأستدار ليغادر لينفذ ما كلفته به، فأوقفته فريدة بصوت صارم وعيناها تتوعد المذنبين وقالت: -"رياض أنا عاوزة أعرف مين اللي ورا الموضوع دا، لازم تجيب لي اللي ولع فالمصنع بأي تمن، أما بقي بخصوص اللي ماسكين حراسة المصنع وكل مسئول شغال فيه فأنا عوزاك تعرف كانوا فين وقت اللي حصل، فرغ كل الكاميرات وهات لي تقرير بكل حاجة عملوها من شهرين فاتو ، علشان لو واحد فيهم طلع له يد بالموضوع أو كان مقصر أنا مش هرحمه وهخليه يشوف جحيم فريدة وإنتقامها بيكون إزاي". -ما أن أبلغ رياض بيسان بإنهيار فريدة وتصنعها التماسك، حتى انهت تجميع تسجيلات كاميرات المصنع وحفظتها بملف سري وأسرعت إلى فريدة بمكتبها، ولجت إليها وهي تدعو أن تمر تلك الأزمة على خير معها، ولكنها وجدتها كما توقعت أن تجدها ، تجلس ووجهها مدفوناً بين كفيها تنتحب بشدة، فجلست بجوارها وربتت فوق كتفها وقالت: -"فريدة ممكن تهدي وتسمعيني". -أستمرت فريدة في بكاؤها ولم تقوي على النظر لبيسان لتضيف الأخيرة بنبرة يشوبها بعض الحزم كي تدفع فريدة إلى الإنصات إليها وقالت: -"على فكرة اللي بتعمليه فنفسك دا وعياطك مش هيفيد بأي حاجة، ولا حتى هيرجع اللي ماتوا، ولا هيخليكي تعرفي تفكري صح، فلو سمحتي قومي روحي وحاولي تهدي بتفكيرك وسبيني أنا هتابع مكانك كل حاجة كأنك موجودة، أرجوكي يا فريدة اسمعي كلامي وقومي". -رفعت فريدة وجهها إلى أعلى ، وهزت رأسها بالرفض وحدقت ببيسان بعيون زائغة مضطربة، وقالت بصوت من**ر: -"أروح وأبطل عياط، طب إزاي يا بيسان قوليلي إزاي، ودي تاني مرة حد يموت فيها بسببي، وياريته واحد اللي مات، لأ دول ستة وعمال عارفة يعني إيه عمال، يعني كل واحد فيهم أكيد سايب عيلة ورا منه، ويا عالم حالهم عامل إيه دلوقتي". -غامت عينا فريدة وقتم لونهما، فمسحت دموعها بقوة، لرفضها ضعفها الذي تملكها ووقفت تحدق ببيسان وقالت: -"بيسان أياً كان اللي عملها، أنا لازم أعرفه، ولازم أعرف هو عمل كدا ليه، علشان مش هرحمه مهما كانت أسبابه، ما أنا مش هفضل كدا كل مرة يبقوا عاوزين يض*بوني غيري اللي يموت ويخسر حياته أفضل أنا". -اومأت بيسان بتردد، فهي لم تشأ أن تناقشها بعدما رأت بعيناها ذلك الحزن الدفين، لتدرك أن فريدة تذكرت تلك الحادثة الماضية ف*نهدت وقالت: -"حاضر يا فريدة أنا هعرف لك كل اللي إنتي عوزاه، سبب الحادث، ومين اللي وراها كمان، بس علشان خاطري بلاش تفكري فاللي فات، إحنا ما صدقنا إنك نسيتي ورجعتي لنفسك تاني". -أرتمت فوق مقعدها لتدفن وجهها بين راحتيها فهي بالكاد تقبلت حياتها تلك وما نالها طوال سنوات عمرها، وحين ظنت أنها تعافت ووضعت قدمها على بداية الطريق لتحيا كما تريد، نالت طعنة الغدر ليفتديها هو بحياته ويقتل أمام عيناها، تزاحمت الدموع في مقتليها وأحست بألم يكاد يُميتها لتقول بصوت مكلوم: -"أرجع لنفسي، ومين قالك إني عرفت أرجع لنفسي من وقت اللي حصل المرة اللي فاتت، للأسف يا بيسان أنا مهما حاولت أنسى بيجي اللي يفكرني ويدوس عليا أكتر زي ما حصل تاني، وبسببي في ناس ماتت". -رغم محاولات بيسان أن تخرج فريدة من حالتها إلا أنها فشلت تماما فقد أستحو الحزن على قلب فريدة، لتغادر رغما عنها حين طلبت منها فريدة أن تتابع هي سير باقي الأعمال، وما كادت تغادر إلا وأنهارت فريدة فوق مقعدها تبكي بألم، ليعيد عقلها عليها ذكري ذلك يوم الذي تلقي رامز الرصاصة عنها ليلقى حتفه بين يداها. ------------------------------ -حاول صبري أن يفهم ما حدث لشقيقته ليقف أمام الطبيب يشعر بأنه مُكبل فما نال من شقيقته أمراً لم يكن أبداً في الحسبان، لقد صدمته ملامحها الشاحبة القاتمة وتلك الحلقات التي حاوطت عيناها، ليدرك بأن هناك أسباباً قوية دفعت شقيقته لتنهار بتلك الصورة المخيفة، إنتبه صبري إلى الطبيب الذي أشار إليه بالجلوس ليسمعه يقول: -"للأسف يا أستاذ صبري مدام ميار واضح إنها كانت بتعاني من أثار صدمة عصبية شديدة ومتعلجتش منها ، ودا أثر عليها بدرجة كبيرة وبالتدريج وبسبب عدم العلاج عززت الصدمة حالة الإكتئاب اللي كانت بتمر بيه، ودا خلاها تفقد قدرتها على النوم، وزي ما حضرتك عارف قلة النوم يوم ورا التاني سببت لها حالة من الغضب والتوتر وخلل في أداء الجسم لوظيفته، ودا أتسبب فزيادة أفراز الجسم للكوليسترول فالدم فأثر على الأوعية الدموية لعضلة القلب، وإحنا حاليا أخضعناها لنوم إجباري وبنمد جسمها بالعلاجات اللازمة علشان نتخطى الأزمة الحالية لكن ينتظرها شوط كبير من العلاج النفسي علشان نقف على الأسباب اللي سببت لها الأكتئاب ونعالجها، لإن طول ما في أكتئاب وتفكير بالشكل المهلك اللي عرضت نفسها ليه هترجع تاني لنفس الحالة ويا عالم وقتها يكون تأثيرها إيه عليها". -شرد صبري عن حديث الطبيب، وأخذ عقله يفكر ماذا حدث لتصاب ميار بصدمة عصبية وإكتئاب وهي لم يمض على زواجها أشهر قليلة، وكيف يحدث وهي التي تغنت بعشق زوجها بل وحسدهما المحيطين بهم على حبهم وعلاقتهم القوية، تن*د صبري بحزن فملامح شقيقته دليلاً دامغاً على أنها تعاني خطباً ما ويؤثر عليها بقوة ، ألمه أن تُخفي عنه شقيقته ما تسبب لها بكل هذا، و**ند يخشى على أحبائه فميار ليست فقط شقيقته بل هي ابنته الصغيرة التي رأها تكبر يوماً بعد يوم أمامه ، زفر أنفاسه ليطرد حزنه ورمق الطبيب بنظرات متسائله ليقول ما عزم على فعله للطبيب: -"طيب إيه رأي حضرتك يا دكتور إني أسفرها تتعالج برا". -ابتسم الطبيب بأسف وقال موضحا: -"هنا زي برا، صدقني يا أستاذ صبري إحنا إتعاملنا مع حالة مدام ميار بنفس الطريقة اللي كانوا هيتعاملوا بيها فأي مستشفي فأي بلد تاني". -تآكل صبري الندم ولام نفسه لإنشغاله بعمله عن شقيقته، فإن هو أهتم بأمرها وتابعها حتى بعد زواجها لعلم بما مرت به واخفته عنه، ربت الطبيب فوق يد صبري ليعيد إنتباهه إليه وقال: -"أستاذ صبري أنا مقدر خوفك على أختك لكن حاليا أحنا بنعمل كل ما في وسعنا إننا نتخطى المرحلة الحرجة اللي هي فيها وبعدها زي ما قولت لك مهم جداً إن مدام ميار تتعالج نفسيا وتاخد جلسات بشكل مكثف، علشان تعالج السبب الأساسي اللي وصلها لحالة الإكتئاب الغريبة اللي وصلت ليها، علشان نتلافى أي خطر عليها". -غادر صبري مكتب الطبيب، لينتبه إلى تلك الحركة الغريبة التي سيطرت على المشفي، فلاحظ وجود العديد من الحرس الخاص بممرات المشفى، فتطلع إلى الوجوه المتجهمة والتي سيطرت على كل الأماكن لينحي الأمر عنه ويكمل سيره إلى غرفة شقيقته وقبل أن يدلف إليها سمع أحد الحرس القريب منه يقول: -"أنا لحد دلوقتي مش مستوعب مين اللي عنده الجرأة إنه يولع فمصنع تملكه فريدة المنصوري، دا أكيد بايع عمره وحياته كلها علشان دي لما تعرفه هتمحيه من على وش الدنيا، خصوصا إن الحادثة أتسببت فموت ناس وإنت عارف فريدة هانم عندها إستعداد تخسر ملايين ومتخسرش روح بني أدم واحد من اللي بيشتغلوا معاها". -أجابه أخر بصوت يشوبه القلق وقال: -"تعرف أنا قبل ما أجي أشتغل عند فريدة هانم كنت بسمع عنها كلام كتير فقولت إنها هتبقى واحدة معاها شوية فلوس ونفوذ وهتبقى زي اللي بنشوفهم ماليها الغرور والكِبر ومكنتش متخيل إنها بالشخصية العظيمة دي اللي شوفتها عليها بدون تصنع أو نفاق، إنسانة أول ما عرفت إن المصنع ولع مرحتش المصنع ولا أهتمت بالخساير اللي فيه وكان كل تفكيرها فالناس اللي شغاله معاها ، أنا متخيلتش إنها من وقت ما بلغوها بالحادثة تفضل تلف على الناس اللي إتصابت واحد واحد، دي حتى بعتت تجيب دكتور من إلمانيا مخصوص للعامل اللي العمود الخرساني وقع على ضهره علشان يعالجه وسمعتها بتقول إن لو علاجه برا مصر هتسفره يتعالج". -عقد صبري حاجبيه وهو ينصت إلى حديثهم بإهتمام بعدما أثار حديثهم عن فريدة فضوله لتعود فريدة للسيطرة على تفكيره مرة أخرى بعدما حاول إقصائها عنه. -سمع صبري إسترسال إحد الحرس يقول بصوت غليظ: -"أنا حمدت ربنا إني مكنتش تبع أمن المصنع إنت مش عارف فريدة هانم طلبت إن كل واحد من أمن المصنع يتم التحقيق معاه ويتراجع سجل شغله من أول ما أشتغل ولو حد فيهم ثبت عليه تقصير حتى ولو مالوش دخل بالحادث مش هترحمه ، يعني على قد ما هي مهتمة بالناس اللي فالمصنع على قد ما هتخسف الأرض باللي قصر فشغله ، وبصراحة ربنا يعينه علشان اللي أعرفه عنها إنها مبترحمش اللي بيغلط". -زاد تجهم وجه صبري ولم يدي لما ذكره عقله بتهديد فريده له، فأشاح بوجهه عن حراسها وهم بالدخول إلى غرفة شقيقته ليوقفه صوت والدته فألتفت إليها لتتسع عيناه من الصدمة حين رأى فريدة تتأبط ذراع والدته وتتجه نحوه، أعتدل حُراسها بوقفتهم لظهورها المفاجيء أمامهم. -أكملت فريدة سيرها بحزن وبعقل شارد تماما بجانب تلك السيدة، وهي تربت فوق يدها من وقت لأخر حتى سمعتها تنادي أحدهم وتقول: -"صبري طمني على أختك هي عاملة إيه دلوقتي". -رفعت فريدة عيناها بعدما أعاد إسم صبري الذي لامس سمعها وعيها الكامل لتصطدم بعينا صبري، فتجهم وجهها فجأة لرؤيتها له، لتنتبه لصوت السيدة تقول: -"أشكر يا بني مدام فريدة، دي كتر خيرها لما شافت الحرامي بيشد الشنطة من إيدي وبيوقعني على الأرض أدام المستشفي، جريت عليا تلحقني وبعتت الحرس بتوعها يمسكوا الحرامي، و**مت تدخلني للدكتور علشان تطمن عليا، حقيقي بنت أصول مهنش عليها تسيبني أطلع لهنا لوحدي وجت توصلني علشان تطمن عليا". -إتسعت عينا صبري بصدمة لما سمعه، وتعجب من أمر تلك المرأة الغريبة التي سمع عنها كل شيء ونقيضه في آن واحد، ربتت فاطمة على ساعد إبنها لتعيد إنتباهه إليها ونظرت له بلوم ل**ته أمام فريدة، فأسرع صبري وأعتذر من فريدة ومد يده مصافحاً إياها وقال: -"أنا بشكرك جدا على اللي عملتيه مع أمي". -اومأت فريدة فوجودها بالمشفى كان كافٍ ليغير حالتها النفسية لأسوأ حال ، ليزيد عليها سبب وجودها بالمشفى زفرت لتطرد ما تشعر به من ألم ونظرت إلى فاطمة وقالت: -"أتمنى إن حضرتك متخرجيش لوحدك تاني بعد كدا، يعني زي ما شوفتي الشارع مبقاش أمان، ومرة تانية حمد على سلامة حضرتك، وعموما زي ما قولتك لو أحتجتي أي حاجة أنا تحت أمرك، وبالنسبة لموضوع ميار بنت حضرتك فمتقلقيش الدكاترة فالمستشفى هنا على درجة كبيرة من الخبرة وأنا هكلم الدكتور اللي بيشرف على حالتها وهشوف لو إستدعى الأمر إن حالتها إحتاجت لدكتور متخصص من برا هيجي ويتابع علاجها بنفسه". -هزت فريدة رأسها لصبري لتحييه ب**ت وأستدارت ليسرع حارسها الخاص ليقف إلى جوارها فقالت له: -"معلش يا وليد أنا عاوزاك تخليك إنت وإتنين معاك فالمستشفى علشان لو في أي حاجة حصلت تبلغني، وأنا هاخد باقي الحرس ونروح نزور الأهالي فبيوتهم، ولما أوصل البيت هطلبك علشان تطمني عليهم". -اومأ الحارس رغما عنه فهو لم يشأ أن يترك فريدة إلى أخر ولكنه أطاع رغبتها وأخرج هاتفه ليملي على باقي الحرس ما أمرت به فريدة، وتابعها صبري بعيناه حتى أختفت من أمامه، ليتبع والدته إلى الداخل وعقله يفكر بفريدة من جديد. ------------------------------ -مر الأسبوع بشكل محموم على الجميع، فريدة في مؤسستها لم ترأف بأحد من العاملين معها بأي مكان، خاصة بعد فشلهم بمعرفة هوية المتسبب في حريق المصنع، فزدادت عصبيتها وصبت غضبها عليهم، وأنتقلت تلك الحالة إلى بيسان ورياض لشعورهم بالتقصير معها. -أما صبري فلم يرفق بحاله هو الأخر وأغرق نفسه في العمل ومتابعة علاج شقيقته خاصة بعدما أصر الطبيب على إستمرار خضوعها لتلك الغيبوبة المصطنعة، شرد برهة لعنف نفسه بقوة بأن يعود لعمله بشكل محموم وذلك حتى لا يترك لعقله أي فرصة ليفكر في فريدة التي هاجمت عقله بضراوة، فأصبح يقرأ كل معلومة يذكر فيها إسمها ويتابع كل صورة جديدة تلتقط لها ، وقف صبري بجانب نافذة مكتبه يحدق خارجها بشرود بعدما شعر بأنه لم يعد في وسعه إجهاد نفسه أكثر وإلا سينهار، ولم يعي ولوج علاء وهو يقول بصوت مختنق: -"صبري جالنا تأكيد إن الورق اللي ضاع من موظف الجمارك، هو اللي إتسبب فكل حاجة حصلت وفالخساير دي كلها ، ربنا يعوض عليك فالبضاعة اللي كانت على المركب يا صبري ". -إنتبه علاء لشرود صبري وأنه لم يسمع أي كلمه من كلماته فأقترب منه، وربت فوق كتفه وقال: -"صبري إيه روحت لفين، على فكرة أنا ليا ساعة بكلمك". -زفر صبري بحيرة وهز رأسه كمن يطرد من عقله شيء ما، وحدق بوجه علاء بحيرة وقال: -"معلش يا علاء كنت سرحان شوية، ها كنت بتكلمني فأيه". -تفرس علاء بوجه صبري بجدية ليضيق عيناه ويقول: -"أول مرة أشوفك سرحان ومش مركز بالشكل دا، رغم إنك كنت طول الأسبوع بتهلك نفسك هنا و فالمستشفى ومش سايب حد من اللي بيشتغل معاك فحاله، ها قولي بقى مالك يا صاحبي وإيه اللي شغلك للدرجة دي". -خلل صبري شعره بأنامله وأشاح ببصره عن صديقه وعاد ليحدق بالسماء وقال: -"مش عارف أخرجها من تفكيري يا علاء، حاولت ومعرفتش وأهو أسبوع دلوقتي من وقت ما شوفتها مع ولدتي ومن بعد اللي سمعته عنها، وهي مسيطرة على عقلي بتطلع لي فكل حاجة وحاسس إني بفكر فيها بطريقة غريبة، أنا أول مرة فحياتي أحسن إني بقيت مهووس بالشكل دا". -تأمل علاء صديقه ب**ت، ليتجه إلى أحد المقاعد ويجلس وهو يتابع حركات صبري العشوائية ليقول: -"بصراحة يا صبري من الحالة اللي أنا شايفك فيها، ومن بعد كلامك اللي قولته، أخاف أقولك إنك بدأت تتعلق بفريدة لأ إنت فعلاً أتعلقت بيها، ودا خطر يا صاحبي علشان أنت متعرفش أي حاجة عن فريدة، يعني إنت مشفتش منها إلا أسلوبها فالشغل ومعاملتها للناس اللي تبعها، إنما فريدة كفريدة مأظنش أبداً إنك تعرف عنها أي حاجة، فمن واجبي إني أنبهك وأحذرك، بلاش فريدة وحاول تشيلها من تفكيرك وتبعد عنها، علشان متتعبش يا صبري حياة فريدة الخاصة إستحالة راجل فطبعك يرضى بيها علشان هي شخصية مختلفة تماما عن أي واحد ست قابلتها قبل كدا". ------------------------------ -غادر تامر غرفته وهبط السلم وهو ينادي صبر، التي زمت شفتيها ما أن سمعت ندائه، لتزجرها جميلة زوجة والدها وتقول: -"إيه مش سامعة البيه بيناديلك، ما تروحي يا بت تشوفيه، ولا أنتي عوزاه يخ** لنا باقية الشهر، مش كفايا إنه سابنا نشتغل بعد عملتك السودا اللي عملتيها فيه من يومين". -حدقت صبر بوجه جميلة بتمرد فكل ما أصبحت تفكر به في الأونة الأخيرة هو أن تبتعد عن المكان بأي طريقة ولكنها أبعدت الفكرة لإستحالتها فقالت بصوت فاتر: -"وأنا كنت عملت إيه يعني هو مش عُدي بيه هو اللي قالي أعمل كدا فأبنه، يعني أنا مروحتش دلقت عليه المية من نفسي، هو اللي أداني الإزازة و**م إني أفضيها فوق راسه علشان يصحى، وبعدين إنتي متوصتيش يا مرات أبويا وض*بتيني وكنت هموت فايدك وكنتي هت**ري رجلي حتى بعد ما عُدي بيه فهمك إنه اللي أمرني اعمل كدا، وكل دا علشان تراضي الأستاذ تامر اللي خايفة يخ** منكم حاجة رغم ان عُدي بيه قالك هعوضك و ". -قطعت صبر حديثها حينما ولج تامر إلى المطبخ فجأة فأشاحت بوجهها عنه فهي ومنذ سكبت الماء فوق رأسه لينتفض من فوق فراشه وثار عليها قابضاً على رسغها ليخلصها والده من قبضته ، وكلما تلاقت عيناهما سويا تشعر برجفة تصيب جسدها، أبتعدت صبر عنه فشعورها بوجوده أصبح يوترها ويخيفها، عقد تامر حاجبيه حينما لاحظ قدم صبر التي ربطتها بقطعة من القماش، وكاد يسئلها عن سبب ذلك ولكنه طرد الفكرة من رأسه ليكمل خطوات مخططه فهو توعدها بسره لينال منها بعدما وجد أنها نوعاً جديداً لم يحظى به من قبل، لتصبح صبر هي طريدته الجديدة التي ركز تامر كامل تفكيره فيها ، ليلتفت إلى جميلة ويقول: -"أبقي خلي صبر تطلع تنضف لي الأوضة بتاعتي يا جميلة، أنا خارج ساعة وعاوز أرجع الأقيها خلصتها وبعدها تنضف أوضة الرياضة بتاعتي وتلمع كل حاجة فيها وتعقمها كويس، أنا مش عاوز أي أهمال مع الأجهزة الرياضية بتاعتي". -رمته صبر بنظرات سخط فهي تعلم أنه لاحظ حالة قدمها ولم يعلق عليها بل طلب أن تصعد هي لترتب غرفته وغرفة الرياضة، تركهم تامر وغادر دون أن يضيف شيء، وألتفتت جميلة إلى صبر وقالت: -"واقفة عندك بتعملي إيه مش سمعتي البيه، يلا روحي نضفي له الأوضتين قبل ما يرجع ويعملها حكاية، وإتقي شره يا صبر وسبينا ناكل عيش، علشان دا بينه كدا بيتلكك وعاوز يمشينا، وإنتي عارفة حالتنا عاملة إزاي، روحي يا صبر وأفتكري العلقة اللي أكلتيها مني هديلك قدها عشر مرات لو تامر بيه زعق تاني، ورجلك اللي كنت ه**رهالك دي وأبوكي نجدك مني ه**رلك بدالها دماغك علشان تفهم وتحس إن القرش اللي بيجي يادوب مكفي مصاريف أخواتك بطلوع الروح ، أهو تجيبي مصاريفك اللي كل يوم والتاني تقولي عاوزة عاوزة". -إبتلعت صبر ردها الساخط على زوجة أبيها التي تدرك صبر كذبها المقيت ، فهي لم تطالب والدها أبداً بأي شيء لتقول جميلة تلك الكلمات الكاذبة وغادرت المطبخ بخطوات بطيئة تدعو الله أن ينقذها من بين براثن جميلة وبطشها وصعدت إلى غرفة تامر بشق الأنفس بعدما ألمتها قدمها بشدة ، ودلفت إليها لترى ثيابه الملاقاة أرضاً في كل مكان، فعقدت حاجبيها وقالت بسخط: -"شحط ومش عارف يشيل هدومه، أنا مش عارفة رجالة إيه دي اللي بترمي حاجتها فالأرض زي العيال الصغيرة، هو إيه محدش علمه إزاي يرتب أوضته وهدومه قبل كدا فالمدرسة ولا دا مدخلش مدارس". -وقف تامر يتابعها بعيناه من مكمنه وهو يلاحق حركتها وهي تنحني أرضاً لتلتقط ثيابه من هنا وهناك والتي تعمد أن يضعها بأمكانها حتى ينكن من رؤيها جسدها المنحني ، وحين وصلت لإحدى الزوايا التي تعمد وضع حذائه بها وشاهدها تزحف نحوه بعدما أنبطحت أرضاً، ولج تامر وأوصد باب غرفته وخطى إليها متسللاً، لمحت صبر من مكانها ظلاً يقف بجانبها فشعرت بالخوف وأسرعت ووقفت ليختل توازنها بسبب إحساسها بالدوار وضغطها على قدمها المصابة، لتقع مباشرة بين ذراعي تامر الذي حاوطها بقوة حتى لا تسقط أرضاً وتلاقت عيناهما سويا. -تجمدت صبر بين ذراعيه وأحست بقلبها يكاد ينفجر رجفا فأرتعدت بين يده بعدما عجزت عن إبعاد عيناها عنه، تاه تامر داخل عيناها التي قرأ بداخلها الكثير فرفع أصابعه ومررها فوق وجهها ليتوقف فوق عيناها برهة وقد تهدجت أنفاسه فازدرد ل**به حين شعر بإثارتها لمشاعره ، أكمل تامر تمرير إصبعه بتمهل ليبطيء بلمس وجهها حتي وصل إلى شفتيها وعيناه تسجل تنفسها الذي تسارع وص*رها الذي أخذ يعلو ويهبط بقوة، ليخفض تامر رأسه نحو وجهها ببطء حين تأكد من سيطرته عليها الكاملة عليها ليلتهم شفتيها التي تأكد من عذريتهما بقبلة فجرت رغباته الكامنة.. ---------------------------------
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD