تحدي فريدة.

4019 Words
3 تحدي فريدة -أوصدت صبر عيناها وتاهت كلياً في عالم فُتحت أبوابه لها فجأة ودون إنذار، ذاك الباب الذي فُتح قبل أوانه لها فهي لازلت طفلة بمشاعر فطرية بريئة حتى وإن أنهت عامها السابع عشر، فصبر لم تغادر منزل والدها الذي شدد عليها وأغلق عليها عناداً مع والدتها لتكبر صبر في بيئة منغلقة لم تتعامل مع الغرباء إلا القليل، ليكون باب الحب والمشاعر هذا هو النافذة التي سلط تامر الضوء من خلالها على الرغبات والأحاسيس، تراخت مفاصلها حين باغتتها شفتا تامر بضراوة تمتص براءة شفتيها لتغزوها حرارة عالية جعلتها تشعر بقلبها يرجف بقوة أثر أحتضانه لها ولمساته اصابعه لجسدها، وأرتفع صوت طنين بإذنيها حين لفحت أنفاسه الدافئة بشرتها فجعلها تشعر برجفة أثملت حواسها جميعا، إنتبه لإستسلامها بين يديه فأكمل رحلة شفتيه لينهل من شفتيها المزيد والمزيد من القُبل، لم تدري صبر ما الذي أعاد إليها حواسها ووعيها، لتفتح عيناها لتتسع بذعر وتتجمد، فأبعد تامر رأسه مرغماً وهو يحدق بها برغبة قاتلة بعدما تعمد أن تتحسس أصابعه مواضع جسدها الضعيفة فهو خبير بالحب، نظر إلى عيناها وأنفاسه تتسارع ليهمس بصوت أجش غلبته مشاعره فطغت عليه: -"بحبك يا صبر بحبك وعاوزك ، عاوز عاوز أتجوزك". -شهقت بصدمة بعدما إستعاد عقلها إدراكه بالكامل، لتشعر بيداها التي أسندتها فوق ص*ره بدقات قلبه المتسارعة، فدفعته عنها وهي تخطو للخلف ضاغطة على قدمها المصابة فتأوهت وقد تغضن جبينها بألم ليختل توازنها وتسقط فوق فراشه، وقبل أن تعتدل صبر كان تامر قد حاصرها مرة أخرى، بعدما ألتهمت عيناه ساقيها التي إنحصر عنهما ردائها، ليعتليها مسرعاً بعدما باتت أمامه كلقمة صائغة تثير أطماعه لينال جسدها، فشحب وجهها بخوف ورفعت يداها تبعد جسده عنها ليغادرها صوت توسلاتها إليه ترجوه أن يبتعد ويتركها، أمتثل تامر لطلبها بعدما رأى الدموع تتجمع بعيناها وعلم إنها على وشك الإنهيار، فلم يرغب بالمجازفة بتحول **تها إلى صرخات قد تكشف أمره وتفضحه ففضل أن يعود لمخططه ليحصل على موافقتها، فمد يده وساعدها لتجلس إلى جواره فأجفلت وأنكمشت لتفر دموعها بالنهاية فكل ما مرت به جعلها لا تفهم ما تشعر به بأعماقها وعقلها الذي أخذ يعنفها بقوة لإعطائها له الفرصة ليلمسها ويقبلها فأحست بثقل الذنب وتأنيب الضمير، تابع نظراته التي جالت فوقها ليعيد كلماته بعدما أدرك بأن عقلها يعيد سيطرته عليها ويقول: -"على فكرة أنا سئلتك سؤال وإنتي مجوبتنيش عليه، بس هعيده تاني علشان تتأكدي إني قولته ليكي ، يا صبر توافقي تتجوزيني". -إلتفت تحدق به بذهول وهي تهز رأسها بعدم تصديق ، فإلتقط تامر راحة يدها ومرر أصبعه عليها ببطء ليثيرها فهو أدرك أن من هي على شاكلة صبر لم تختبر الحب من قبل بمشاعرة الفطرية تلك يسهل عليه السيطرة عليها إن هو أحسن أختيار كلماته وأجاد لمساته إليها، إبتسم لها بحب وقد حرص على جعل صوته أجشاً ليكمل صورة العاشق وقال: -"طول عمري أسمع إن عم غانم عنده بنت من مراته الأولانية بس لا كنت شوفتها ولا حتى عرفت إسمها، ومرة سمعت جميلة بتقوله إنت لازم تفتح للبت أحس الحبسة تخنقها وتشرد بعيد عنك، بنتك كبرت ولازم تشوف لها شغل علشان الحمل تقل عليك وعليا ، محطتش فدماغي ولا تفكيري لحد ما شوفتك أول مرة ، كنت بحسبك شغالة جديدة جت البيت ، لفتي نظري بأدبك وعيونك اللي مش بتترفع ، كنت هروح وأسئل جميلة عنك لحد ما سمعت والدك وهو بيسئل إنتي فالفيلا بتعملي إيه فعرفت إنك بنته اللي كان قافل عليها ، مش عارف إيه اللي حصل بقيت مش عارف أشيلك من تفكيري حتى بعد ما غرقتيني بالمية وعلى قد غضبي منك إنك سمعتي كلام بابا ومحستيش بيا على قد ما حسيت إني عاوز أخ*فك جوايا وأخبيكي، صبر أنا حاسس بأحاسيس كتيرة أوي ناحيتك أحاسيس أول مرة أحس بيها فحياتي، وبصراحة أنا مش عارف أشوفك غير مراتي مش مجرد حيبتي وبس، فأنتي إيه رئيك تقبلي تتجوزيني وتخليني أسعد إنسان فالدنيا ولا هترفضيني وت**ري قلبي اللي حبك". -لم تعد تتحمل كلماته فذهنها بات مشوشاً لقد تدافعت مشاعرها التي هاجمتها لأول مرة مع كلماته المعسولة لتذهب بعقلها كخمر صافٍ، احست بأنها لم تعد تعرف من هي اهي الخادمة أم ماذا ، وفجأة توقف عقلها عند تلك الكلمة ليذكرها بأصولها وأنها أبنة غانم، فتحاملت على ألمها ووقفت تحدق به، وبداخلها صراع بين قلبها الذي تعالت دقاته وعقلها الذي أخذ يحذرها من مغبة الإندفاع والإستسلام لمشاعرها، إبتعدت عنه خطوة تلو الأخرى وعقلها يستعيد سيطرته مُعيداً عليها كافة مشاهد التلفاز التي تعرضت بطلتها لوقف كهذا وكيف خدع البطل الفتاة وسلبها شرفها ليرميها شريدة بالطرقات لتضيع ، حينها هزت رأسها بعنف وهي تحدق به بخوف لتقول بعدما أحست أنها على بعد مسافة أمنة منه: -"على فكرة أنا فقيرة أه، بس مش ساذجة علشان أصدق إن واحد زيك بفلوسك والجاة دا كله يحب حتة بت خدامة زي حالي ويتجوزها، ولا حضرتك فاكر إني علشان بنت الجنايني ومكملتش تعليمي هصدق إن ابن الذوات ممكن يبص للخدامة لأ وكمان يحبها ويبقى عاوز يتجوزها، وبعدين أنا عارفة كويس إن مستحيل عُدي بيه هيوافقك على كلامك دا ولا حتى أبويا". -انصت لكلماتها بضيق لرفضها طلبه ليدرك أن عليه تغيير سياسته معها حتى يصل إلى غرضه منها، وكونه تامر المرشدي لن يقبل بكلمة لا أبدا، تحرك تامر وقد أجاد التجهم وترك فراشه وأقترب منها وحدق بعيناها بعيون غاضبة وقال بصوت أظهر كل استنكاره: -"وتفتكري إن تامر المرشدي هيستني موافقة من حد علشان يتجوز الإنسانة اللي هو عاوزها، يا صبر إنتي مسمعتيش كلامي اللي قولته ، أنا بقولك مش عارف أشيلك من دماغي وبحلم بيكي كل ليلة ومش قادر أتحمل أنك تبقي أدامي ومش ليا، بقولك بحبك وأول مرة أحس بالمشاعر دي مع واحدة رغم كل الستات اللي أعرفها، وبعدين إنتي ليه بتفكري بعقلية الأفلام القديمة ، يا حبيبتي الزمن أتغير والناس أتغيرت وحتى لو متغيرتش محدش ليه عندنا حاجة علشان أنا هتجوزك ، سمعتي بقول إيه أتجوزك أما تفكير أن أنا ابن الباشا وإنتي البنت الفقيرة فدا تخافي منه ، لو أنا كنت ناوي أضحك عليكي وأخدعك". -ازدردت لعـــابــها وهزت رأسها لتبعد كلماته عنها فكلماته تتردد بداخلها وتبثر تماسكها كلياً، تهربت من عيناه التي حاصرتها بنظرات تعدها بالكثير فأغمضت عيناها وقالت: -"بس أنا فين بس وحضرتك فين، يا تامر بيه بالله عليك بلاش ترسم لي أحلام مستحيل تتحقق، أرجوك يا بيه تسبني فحالي ودور لك على واحدة تليق بحضرتك إنما أنا منفعكش، أنا كفايا عليكي شغلتي اللي إنكتبت عليا واللي رضيت بيها علشان خاطر أخواتي". -أشعرته كلماتها بالسقم فأطال النظر إليها ليدير عيناه عنها أخيرا ويقول بصوت صارم: -"يعني إنتي م**مة ترفضيني يا صبر، تمام طالما دا رأيك يبقي إنسي كل الكلام اللي قولته وأتفضلي روحي شوفي شغلك، وبعد كدا ياريت تتلزمي بمكانك فالمطبخ، يعني مش عاوز أشوفك براه تانى وإياكي أشوفك فأوضتي هنا أو فأي مكان أكون موجود فيه ولو بالصدفة ، صدقيني وقتها ردة فعلي هتزعلك ومش لوحدك لأ ، دا هزعل غانم وجميلة معاكي وبسببك علشان ساعتها تعرفي الفرق بين تامر اللي رفضتيه وكـــســرتي قلبه وابن الباشا، أتفضلي أطلعي برا". -ترقرقت عيناها بالدموع أمام لهجته الصارمة وتهديده وطرده لها ونفذت ما أمرها به، وما أن ولجت إلى المطبخ حتى سئلتها جميلة حتى سئلتها قائلة: -"نضفتي الأوض زي ما البية أمرك يا صبر". -هزت صبر رأسها بالنفي وأشاحت بوجهها عنها فهي تتمنى لو تبتعد عن الجميع لتبكي على ما نال قلبها من ألم ، أعادت جميلة سؤالها وهي توكزها فأجابتها صبر وقالت: -"تامر بيه قالي معملش حاجة، وأمرني مخرجش برا المطبخ تاني وقالي ألتزم بشغلي فيه، يعني بعد كدا يا مرات أبويا لما حد ينادي ويكون عاوز حاجة برا المطبخ ، أبقي أبعتي رضا علشان لو البيه شافني برا المطبخ هيمشيني ، وإنتي عارفة إن مينفعش أسيب الشغل وأمشي علشان خاطر القرشين اللي بقبضهم واللي بيساعدوا فمصاريفي ومصاريف أخواتي زي ما إنتي قولتي". -ضيقت جميلة عيناها وهي تستمع لكلمات صبر وهي تفكر بكلماتها وبأومر تامر الغريبة لتلوي شفتيها وتقول: -"بقى البيه هو اللي قالك كدا، طيب وهو قالك كدا ليه تكونيش عملتي مصيبة من مصايبك ولا إيدك تكون أتمدت على حاجة من حاجات البيه أو فلوسه وشافك وإنتي بتسرقيها علشان كدا مرضاش يقطع عيشك وقالك أخدمي فالمطبخ ومتطلعيش برا، أه هو كدا تلاقي دا اللي حصل ما أنا عرفاكي متستريش فمكان يا بنت غانم". -ودت لو تبكي لإتهام جميلة لها بالأكاذيب لتقول بصوت منكــسر: -"لأ يا خالتي جميلة إنتي متعرفنيش أساساً ولا عمرك هتعرفيني ، ومش أنا صبر بنت غانم اللي تمد إيديها على حاجة مش بتاعتها أنا الحمد لله عيني شبعانة ومش محتاجة أسرق وطالما إنتي عاوزة تعرفي السبب فأنا هقولك البيه قالي مطلعش برا المطبخ علشان". -قاطعها صوت تامر الذي تسمع لحديث جميلة ليقول بصوت صارم: -"إنتو سايبين شغلكم وقاعدين تتكلموا ، ما كل واحدة فيكم تشوف شغلها من سكات وتبطل تضيع وقت، وإنتي يا ست جميلة بعد كدا متبعتيش صبر تنضف أي حاجة علشان رجلها اللي مش عارفة تدوس عليها دي، دي عملاها حجة وبتتلكع فالتنضيف، وإنتي عارفة أنا مش بحب النظام دا، فلو سمحتي يعني بعد أذنك لما أطلب حاجة أبقي إنتي أو رضا تعمليها ليا وخلي صبر فالمطبخ تغسل المواعين وتنضف لك اللي إنتي عوزاه، وعلى فكرة أنا كلمت بابا يصرف لها مرتب شهر علشان تشتري لها هدوم بدل اللي المبهدلة اللي هي لابساها دي، ولا هي متعرفش هي شغالة ففيلا مين ، أنا مش ناقص أي حد من أصحابي يجي يزورني والهانم تتلكع أدامه بالشكل اللي هي فيه دا ويتهمنا إننا بنشغل عندنا عبيد ويتكلم علينا". -أنهى تامر كلماته وغادر لتحدق جميلة في أثره بحيرة فهي تكاد تقسم بأنها رأت عيناه تلتهم ملامح صبر وهو يتحدث، ليبدو وكأنه تصنع كل حواره ليبعد عقلها عن معرفة الحقيقة، زفرت جميلة وهي تقرر ملاحقة الأمر لمعرفة ما يدور بينهما لتمني نفسها بتحقق ما سعت إليه بإجبار صبر على العمل، لتشيح بعيناها وتكمل إعداد الطعام وهي تقول بصوت واضح: -" وماله خليكي يا صبر فالمطبخ وشغله، لحد ما رجلك تخف وتعرفي تشوفي شغلك من غير لكاعة وترضي البية زي ما هو عاوز". -------------------------- -إسترقت فاطمة النظرات إلى صبري الذي أخذ يتحرك أمامها محاولاً لفت إنتباهها، وزفرت انفاسها لتخفي دهشتها لحركاته التي شتت إنتباهها عن قرائتها، فوضعت مصحفها جانبا ونزعت نظارتها وقالت: -"صبري ممكن تقعد، أنت ليك أزيد من ساعة رايح جاي أدامي ، لما خيلتني وبصراحة حركتك عصبتني وخلتني مش عارفة أركز فقراية القرآن، ممكن أعرف مالك وإيه اللي شغلك للدرجة دي وبتفكر فيه". -توقف بإرتباك وحدق بها بتوتر ليشيح بوجهه عنها ويقول بصوت مهزوز: -"مافيش حاجة يا أمي أنا بس متوتر بسبب الشغل، أصل مفروض أسافر دبي بعد يومين في مؤتمر لرجال الأعمال هناك، ووجودي ضروري، وفنفس الوقت مش عارف هسافر إزاي وأسيبك إنتي وميار لوحدكم، هي صحيح حالتها مستقرة والدكتور طمني إنهم قرروا يخرجوها من حالة النوم، لكن مش عارف ليه قلقان من جوايا عليها، خصوصا كمان إن نائل من ساعة ما ميار تعبت وهو مختفي ومش عارف أوصله وأنا عاوز أتكلم معاه وأعرف إيه اللي حصل علشان ميار توصل للحالة دى". -تــنـــهـــدت فاطمة ومدت يدها تحتضن مصحفها وتقول: -"طيب تعالى أقعد جانبي وإهدا يا صبري وقول يارب وكل حاجة هتلاقيها بتتصلح، بص يا ابني أنا مقدرة خوفك وقلقك على أختك بس طالما الدكتور طمنك يبقى سافر إنت لشغلك وأنا هبقى مع أختك ولو في أي حاجة أهو علاء موجود يسد مكانك وبعدين متنساش إن فريدة موصية الكل على أختك وعليا". -نظر إليها بدهشة لذكرها لإسم فريدة هكذا وشعر بقلب ينبض بقوة يتمنى لو يراها فأسرع وأبتسم لطمئنتها وأحنى رأسه وقبل يدها وقال: -"ربنا ميحرمنيش منك يا أمي، أنا مش عارف من غيرك حياتي كانت هتكون إزاي". -ربتت على رأسه وقبلتها وقالت: -"ربنا يحفظك يا صبري وإن شاء الله ترجع من سفرك وربنا معوضك عن اللي خسرته". --------------------------- -وقفت فريدة في شرفة فيلتها بدبي تتحدث إلى بيسان عبر الهاتف وإنصتت إلى صوت بيسان وهي تقص عليها ما فعله تامر خلال الأيام الماضية لتعقد فريدة حاجبيها وتقول: -"معقول طول الفترة دي وهو قاعد فالبيت ومخرجش، طيب تيجي إزاي إن تامر المرشدي يلزم بيته، دا أكيد في سر ورا قعدته دي، ولا تفتكري عُدي يكون أثر عليه وحبسه علشان ميغلطتش تاني بسبب اللي حصل له". -إبتسمت بيسان بسخرية لسذاجة تفكير فريدة وقالت: -"مين دا اللي ميغلطش تامر، لأ طبعا يا فريدة تامر دا عامل زي الشيطان لو سكت يبقى بيدبر لمصيبة، عموما الراجل اللي شغال عنده قالي إنه مضى ورق صفقة الجديدة بس الصفقة دي غير الأتفاق فيها ومش هتدخل مصر، وقالي إنه كان حريص أوي وهو بيتمم الصفقة وبيأكد أنها حتى متعديش من مصر للدولة اللي ريحالها، شكله كدا والله أعلم إنها صفقة لحاجة متنفعش مصر وهو خايف عليها لتتكشف أو تضيع فيخسرها وتقريبا كدا هو عاوز ي**بها علشان يعوض بيها إسهم والده". -عضت فريدة على شفتيها بندم لتسببها بكل تلك الخسائر لعُدي وتـــنـــهـــدت وقالت: -"بيسان هو أنا لو حاولت أساعد عُدي وأعوضه عن الأسهم اللي خسرها بسببي من غير ما أظهر فالصورة هينفع ولا". -أتتها إجابة بيسان بصيحة إعتراض قوية وقالت: -"تعوضي مين عُدي المرشدي، إيه يا فريدة هو إنتي هتفضلي طول حياتك تعوضي غيرك على خسارتهم ومحدش بيهتم بخسارتك إنتي، بصي يا فريدة عُدي المرشدي هيعوض الأسهم كدا كدا وفظرف شهرين تلاتة، وإنتي متأكدة من كدا وفاهمة إن شغل تامر اللي بيعمله برا مصر بيدخل أضعاف شغل والده، فسيبيهم منهم لبعض تامر غلط وكان لازم يتقرص هو ووالده". -أغمضت فريدة عيناها تنحي ذكري ما فعله تامر معها بطائرتها لتسمع صوت بيسان يقول: -"المهم يا فريدة أنا عاوزكي اليومين بتوع المؤتمر دول تحاولي تنسي فيهم كل حاجة حصلت الفترة اللي فاتت وترجعي لي واحدة تانية ماشي". -------------------------- -في صباح اليوم التالي تأنقت فريدة على غير عادتها وغادرت وسط حراستها لتصل إلى مقر المؤتمر ليتم إستقبالها بحفاوة وترحيب، جعل الجميع يتهامسون فيما بينهم عن تلك الصلة التي تربط بين فريدة وأحد الأمراء بدبي، ولجت فريدة إلى القاعة لتجلس بين الصفوة، وقبل بدء المؤتمر مال عليها رئيس حُراسها وليد وهمس بأذنها ببضع كلمات فقطبت جبينها وألتفتت برأسها لترى أحدهم يومأ برأسه إليها، فزفرت بحدة وأشاحت بوجهها عنه لتشير إلى وليد وتقول: -"بلغهم يجهزوا أنا مش هحضر المؤتمر دا". -إرتبك وليد ليعتدل ويهمس بجهازه بأن يستعدوا للرحيل، وقفت فريدة لتحدق بها عيون الحضور وتابعوها بحيرة وهي تغادر، أخذت فريدة هاتفها من وليد وضغطت على عدة أزرار لتنتظر برهة وتقول: -"ممكن أعرف إنت أزاي توافق إن نايف يحضر المؤتمر وأنا موجودة فيه، الأستاذ بكل بجاحة بعت لي علشان أروح أقعد جانبه، عموما أنا رديت عليه وعلى أي حد يتطاول عليا وهسيب المؤتمر وهمشي، وإنت فاهم فريدة لما تسيب حاجة إيه اللي بيحصل". -تفاجيء غسان لمجيء نايف فعقد حاجبه ونظر إلى مساعده بحدة، ليعود إلى فريدة ويقول: -"فريدة إنتي عارفة كويس إني لا يمكن أجيبك مكان فيه نايف، عموما أنا هشوف الموضوع دا بنفسي وهرد على نايف الرد اللي يستحقه بس إرجوكي أرجعي المؤتمر إنتي فاهمة كويس إنك لما هتمشي أغلب رجال الأعمال هتنسحب ودا هيسبب لي ضرر وحرج". -زفرت بضيق فهي لم تعد تطيق البقاء في المكان وقالت: -"غسان أنا بعتذر منك بس حقيقي مش هينفع أرجع تاني، عموما أنا هبقى أعوضك عن أي ضرر إنما فعلا أنا لازم أمشي". -أنهت محادثتها وألتفتت إلى وليد وقالت: -"مش عاوزة نايف طول ما أنا موجودة هنا يغيب عن عنيك، فاهمني يا وليد". -اومأ لها وقال: -"متقلقيش يا فريدة هانم، مش هيقدر يعمل أي حاجة أطمني". -زفرت بضيق لظهور نايف مرة أخرى أمامها هكذا ورفعت يدها تبعد تلك الخصلة التي تمردت عليها لتراه يقف عند مكتب استقبال الفندق فأبتسمت وهمست: -"معقول الصدف دي". -خطت تجاهه بعدما أشارت لوليد بالبقاء بعيدا، بينما وقف صبري أمام موظف الإستقبال وهو يبتسم له وعرف عن نفسه ليعتدل أمامه الموظف ويخرج له إحدى شارات التعريف ليأخذها صبري ويستدير ليتفاجيء بفريدة تقف خلفه، إبتسمت له وقالت بمرح: -"واو شارة رجال الأعمال الخاصة، بصراحة بعد اللي عرفته عنك أظن إنك جدير بيها". -لم يصدق عيناه بأنه يراها هنا بل وتحدثه، شعر صبري بقلبه يكاد يقفز من بين ضلوعه، فازدرد لـــعـــابه وقال: -"دي شهادة أعتز بيها خصوصا لما فريدة المنصوري تقولها لواحد بسيط زيي". -لمعت عيناها فأختطفت دقة من دقاته قلبه حين حدق بعيناها، لمحها ترفع يدها لتبعد تلك الخصلة التي تصر على ملامسة عيناها، لينتبه أخيراً لصوتها العذب يقول: -"أتمنى إني مكنش هعطلك بس أنا كنت حابة أطمن على ولدتك وأختك أخبارهم إيه دلوقتي". -تابع تحديقه وكأنه وقع أسير عيناها، نبهه عقله إلى **ته فزفر بحرج وقال: -"ولدتي بخير الحمد لله وميار أختي الدكتور طمني عليها من شوية لما كلمته". -إبتسمت له فازدرد لــعـــابه ومرر يده خلال شعره ليخفى أضطرابه، أحست فريدة بالفضول لمعرفة المزيد عنه بعيدا عن تلك التقارير التي قرأتها عنه، لاحظ صبري أنها خارج قاعة المؤتمر فشعر بالتوتر فوجد نفسه يقول: -"هو أنا أتأخرت على المؤتمر ولا حضرتك اللي هتمشي ومش هتحضري". -تجهم وجه فريدة وزفرت بضيق وقالت: -"لأ أنا اللي همشي، يعني أصلي حسيته مؤتمر ممل، فقررت أرميه ورا ضهري وأدي نفسي أجازة". -تعالت دقات قلبه وتسارعت أنفاسه حين سمع كلماتها، وتجهم وجهه لضياع فرصته برؤيتها مرة أخرى، لاحظت فريدة عبوسه لتفكر في سبب تجهمه المفاجيء، لتلمع عيناها من جديد وتبتسم قائلة: -"إيه رئيك لو تدي نفسك أجازة إنت كمان وتقبل دعوتي ليك على الغدا، أهو أعتبرها فرصة نتعرف فيها على بعض، بعد الموقف السخيف اللي حصل بينا أول مرة واللي لازم انا وإنت ننساه". -أتتحقق الأماني بتلك السرعة في دبي، كاد صبري يطير فرحا حين دعته فريدة، كادت موافقته تفر من بين شفتيه ولكنه توقف حين ردد عقله صدى تحذير علاء له وهو يقول: -"بلاش فريدة حياتها الخاصة متنسبش راجل له طبعك". -لاحظت تردده فتغضن جبينها ورفعت حاجبها بإستنكار ل**ته فقالت: -"معقول تكون بتفكر وناوي ترفض طلب فريدة المنصوري للمرة التانية يا صبري". -أرتبك وشعر بالحرج أمام نظراتها التي لاحقت وجهه بدهشة، فخفض رأسه وقال: -"لا طبعا مش بفكر أرفض طلب لفريدة المنصوري لكن أنا". -تبدلت ملامحها بلحظة أمامه ليرى عيناها وقد أكتسبتا نظرة حادة صارمة وشعر وكأنها إزدادت طولاً حين شمخت برأسها أمامه لتشير بيدها بإهمال وتقول: -"تمام يا صبري، أنا مش هعطلك أكتر من كدا عن المؤتمر، عن أذنك". -أسرع وليد إليها حين رأها تتحرك، في نفس اللحظة التي أوقفها صبري فيها معترضا طريقها قابضاً على رسغها، ليضع وليد يده فوق ساعد صبري مبعدا إياه عن فريدة، فدفع صبري يده ورمقه بنظرات نارية لتدخله بينهما، لتنهي فريدة الموقف بسرعة وتقول: -"وليد الأستاذ صبري صديق متقلقش". -أعتذر وليد وتراجع خطوة ووقف يحدق بصبري الذي أشتد تجهم وجهه ليراه يميل صوب فريدة فأشاح ببصره عنهما، مال صبري فوق أذن فريدة وقال: -"مش عاوز أبقى سيء الظن بيكي، وأقول إنك بتتعمدي تحرجيني فكل مرة نتقابل فيها، عموما لو كنتي سبتيني أكمل كلامي كنت هعتذر وأقولك إني مش هينفع أعتذر عن جلسة النهاردة علشان أنا هقول كلمة فنهاية المؤتمر نيابة عن الغرفة التجارية بالقاهرة، عموما أنا بكرر أسفي ليكي إني أتحرمت من شرف قبول دعوتك، عن إذنك". -مدت يدها ولمست ساعده ونظرت له بحرج وقالت: -"على فكرة أنا مش بتعمد أحرجك ولا حاجة، واللي حصل دلوقتي أظنك فاهم إن الحرس ملهمش إلا التأمين لكن وليد أنا مش بعتبره أي حارس وهو كمان بيقلق جدا عليا يعني بعد اللي مرينا بيه سوا فرحلاتنا أظن إنه بيقوم بشغله فبلاش تضايق من تصرفه، يعني بالشكل دا مافيش أي نية لأحراجك زي ما ظنيت، ولو على اللي حصل المرة اللي فاتت فأنا بعتذر لك وخلي بالك أنا عمري ما أعتذرت لأي حد". -لمح تلون وجهها ببعض الحمرة فأبتسم، ولم يدري أنه ألتقط أصابعها بيده الأخرى وضغط عليهم برفق فقال: -"واضح كدا إننا فعلا لازم نقعد مع بعض علشان نزيل أي سوء تفاهم بينا، ها إيه رئيك ينفع نتقابل ولا هتبقي مشغولة وهتردي لي أعتذاري وهترفضي دعوتي ليكي على العشا". -أجفلت بسبب ضغط يده على أصابعها، وشعرت بإضطراب بسبب نظراته وصوته الذي تغيرت نبرته ليصير همسا فجذبت يدها وهي تنهر ضعفها الذي تسلل إليها فرفعت حاجبها بتحدي وقالت: -"تمام هستني إتصالك وأشوف وقتي". -وأستدارت وأشارت برأسها لوليد الذي أعطي لباقي الحرس أمراً بالإستعداد، ليتابع صبري مغادرتها وهو يلوم نفسه لتردده أمامها وكأنه مراهق صغير، ليلج إلى قاعة المؤتمر ويندمج في جلسته بعقل شارد إستحوذت فريدة عليه كلياً. -------------------------- -نالت مبتغاها بأقل مجهود، لقد تحقق ما تمنته وهو أن تنعزل معه عن العالم بأسره، لاول مرة تستسلم فريدة لضعفها بعد سنوات طوال أحكمت قبضتها على مشاعرها وغلفتها بالجليد لتصد عنها كل محاولات الرجال للتقرب منها ، لتجد نفسها تنصاع لأمر قلبها بأن تسرق تلك الفرصة ولا تتركها تضيع منها لتحظى بقرب صبري الذي تملك تفكيرها وقلبها، صبري السيوفي رجل الأعمال والشقيق الذي علمت بأنه قد يضحي بالغالي والنفيس من اجل ميار والذي أبتعد عن النساء لتدرك بأنه رجلاً لن يتكرر في هذا الزمان كونه ينأي بنفسه عن العلاقات السريعة والمحرمة، وها هي الأن تخوض حربها ضده لتهلك حصونه وتدمر ذلك الحاجز الذي يشيده حول نفسه ليمنع أي أحد من الأقتراب منه، فوقفت تنفض عنها ذلك ال**ل الذي طغى عليها، فألقت بمنشفتها أرضاً بفتور وتمطت بجسدها بإهمال وخلعت عن عيناها نظارتها، وأدارت عيناها بحذر لتلمحه يقف متواريا خلف شرفته يراقبها بإفتتان، فرفعت يدها لترمي خصلة شعرها التي تمردت عليها إلى الخلف، وهي تلقي بجسدها البض الذي لم يستره إلا لباس بحر مكون من قطعتين أظهرتا قدها الرشيق فبدت گالريم في عمق ماء المسبح، حرصت فريدة على إبقاء جسدها أسفل الماء زمنا طويلاً لتجذب انتباهه، فشعر صبري بقلق يتولد بداخله، فترك شرفته على عجل وأسرع بخطواته إلى الأسفل، ليصل إلى حافة المسبح في نفس اللحظة التي شقت فريدة صفحة الماء وعلى محياها إرتسمت إبتسامة خبيثة، لتستدير بإحترافية أمامه وتنام على ظهرها تحتضنها الماء، لتضعها لمسات الغروب في مشهد أسطوري وجسدها يتألق بلمعان غريب، جعله يحدق بها ويشعر بآلاف الومضات تتولد وتض*ب أعماقه، ليلعن تلك اللحظة التي قرر فيها قبول تحديها الذي ألقته في وجهه ووافق عليه حفاظا على هيبته ليثبت لها ولنفسه أنه لا يخشاها، لام صبري نفسه للمرة المائة لإستسلامه لضعفه حين تقابل معها في مساء اليوم التالي لجلسة المؤتمر، ليمضي ثلثي الوقت في التحديق بها ب**ت، ليراها تعتدل في جلستها وتباغته بقولها: -"صبري إنت بتهرب مني ليه، معقول راجل زيك يكون خايفة من واحدة ضعيفة زيي ويهرب منها". -توتر وعلمت أنها نالت منه فعيناه التي كانت تلاحق عيناها تبدل لونهما الأ**د في لحظة لتتوهج، فأبتسمت وقررت نيل نقطة أخرى لصالحها خاصة وانه تعمد بأن يكون العشاء السابق رسمي للغاية فأضافت: -"أنا عارفة إنك دلوقتي بتفكر ترد عليا رد دبلوماسي لإني مش ناسية عزومة العشا اللي ورطتني فيها من غير ما تحذرني إن هيبقى فيها رجال أعمال معرفهمش ولو أنا سيئة الظن هقول إنك كنت ناوي تستغلني، بس أنا عارفة إن نيتك مكنتش إستغلالي إنما كانت محاولة هروب منك ، وطبعا إنت دلوقتي بتفكر تقول إيه علشان تثبت لي إنك مش بتهرب مني، رغم إنك من جواك حاسس بحيرة علشان إنت عاوز تتعرف عليا وتقرب مني وفنفس الوقت خايف تقرب، عموما يا صبري أنا قررت إني أقرر بالنيابة عنك وهديلك فرصة تثبت لي فيها إنك مش بتهرب مني ، أنا هحطك فأختبار صغير أوي إذا نجحت فيه هنفذ لك أي طلب تطلبه مني ومهما كان حتى لو كان إستغلال لمكانتي كوني سيدة أعمال، أما بقى لو فشلت فيه فأنت وقتها اللي هتنفذ لي أي حاجة أطلبها منك ومن غير أي تردد، وقبل ما تعترض أنا عوزاك تتأكد إني أستحالة هحرجك بطلبي دا لإني بحترمك جدا ومش عاوزة اخسر معرفتي بيك، ها إيه رئيك هتدخل أختباري ولا هتخاف وترفض". -كانت عيناها تتحداه أن يرفض، تبادل النظرات معها يفكر ويحلل كل كلمة قالتها لقد أثارت كبريائه كرجل بكلماتها وتحديها له للهروب فرفع حاجبه ليميل برأسه للأمام ويقول وعيناه لا تحيد عن عيناها: -"صبري السيوفي مبيهربش من أي تحدي، وتأكدي يا فريدة إني هكــسـب تحد*كي وساعتها هلزمك بتنفيذ طلبي أنا بقى بخصوص العشا فأنا للأسف اللي أتحطيت فالموقف السخيف اللي كنا فيه زيك بالظبط، أنا مش عارف هما عرفوا منين إننا هنتعشي فالمكان اللي كنا فيه وأول ما وصلت المطعم وقعدت لاقيت المجموعة جت سلمت عليا وقعدت معايا، بقيت محرج أطلب منهم يقوموا وفجأة لاقيت نفسي بتحط أدام الامر الواقع وهما بيقولوا إنهم طالبين يحضروا العشا معايا لما وصل لهم إننا هنتعشى سوا، وأظن إنك لو مكاني وحصل معاكي كدا مكنتيش هتحرجيهم وترفضي". -اومأت بتفهم فهي علمت بكل هذا عن طريق وليد الذي أخبرها أن لنايف دخل بمجيء رجال الأعمال وحضورهم للعشا مستغلين حرج صبري، ولكنها نبذت تفكيرها بنايف فهي لا تريد أن تضيع أي لحظة بالتفكير فيه، وحدقت بعينا صبري بسعادة بسبب توضيحه وكلماته فلمعت عيناها لقبوله تحديها وأتسعت إبتسامتها لجهله أنه بموافقته دخل إلى فخها دون أي مجهود. -زفر صبري بحدة ليبعد عن عقله التفكير فأي شيء ، ففريدة التي تسبح أمامه سلبته كل إدراكه ووعيه وبات مسحوراً تماماً بها ، قرر أن يجبر نفسه على التمهل بالتفكير وخطى بعيدا عن المسبح وجلس فوق أحد المقاعد، يحاول تمالك ذلك الثوران الذي تفجر بداخله، لتهاجمه مشاعر ضارية أججتها فريدة حين علم أن تحديها كان فخا نصب له، ليخسره صبري بسذاجة ويوافق على طلبها منه ليمكث برفقتها في فيلتها يومان، يومان بأكملهما يواجه حرب فريدة ضده وضد مشاعره، لقد هاجمته برقتها وعفويتها ، بحديثها المنمق وصوتها العذب الساحر وبعيونها التي لمعت بسعادة حين تحدق به وبإرتجافة يدها حين تلامس يده بعفوية ودون قصد، ليجد نفسه الأن يقاوم نفسه وإحساسه نحوها بقوة، ويمنع قلبه من الإستسلام لتلك الرغبة الملحة التي تطالبه بأن ينزع عنه ثيابه ويشاركها السباحة ويخطتفها إلى عالمه يخفيها عن أعين الجميع وعن كل الرجال خاصة حارسها الأمين وليد الذي كلما تقابلت عيناه معه رمقه بغموض ، هو يريد أن يثبت لها أنها تخضع له ولقلبه ومشاعره هو وأنه المالك لها ولقلبها وليس العكـــس. -تمردت عيناه عليه لتعود وتحدق بفريدة ليدرك بل ويجزم أنه أخطأ خطأ لا يغتفر في حق نفسه وهو يراها أمامه گحورية بحر خلبت لبه وتغلغت إلى ثنايا نفسه، ليحدق بهيئتها تلك وقلبه يخبره أنه حتما في النهاية سيعلن عن هزيمته وسينصاع ويلبي كل ما ترغب به فريدة بإشارة منها دون تفكير، لمجرد أن يلمح تلك الإبتسامة التي تشعره بأنه على قيد الحياة. -----------------------------
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD