الفصل الأول (1)
مازن فى نهائى طب شاب طويل القامة جسده رياضي، وهبه الله بعسليتين لامعاتين، شعره فاحم يضاهي الليل في سواده.. يمتلك أخلاق عالية يتيم الأبوين، ليس له فى الدنيا سوى أخ وحيد اسمه سامح وهو مهندس معماري.
عاد مازن من جامعته وقد ذهب في طريقه إلى بيت الحانوتي.. الذي طلب منه جثة ليذاكر عليها، وكان بالفعل قد جهزها له فناوله المبلغ المتفق عليه وضعها في سيارته ثم عاد بها إلى بيته.
وضعها على منضدة التشريح الخاصة به.. ابدل ثيابه واتجه للمطبخ وشرع في صنع كوب من القهوة له قبل أن يبدأ في تشريح الجثة.
جلب كوب القهوة وتوجه حيث الجثة، وبعد أن ارتشف منه رشفة رفع الغطاء عنها المكفنة به، نظر إليها وإذ به يضيق عسليتيه تعجبا، فقد كانت الجثة لفتاه فى العشرينات جميله المحيى شعرها ذهبي، بشرتها بيضاء شاحبة، من يراها يحسبها نائمة وليست ميتة.
_سبحان الله دى صغيرة أوى على الموت وحلوة قوى ..لكن الموت لا يعرف صغير ولا كبييير إن لله وان اليه راجعون.
همهما بها مازن وهو يتأملها بنظرات تجمع بين الأستغراب والشفقة على شباب تلك المسكينة الذي فني مبكراً.
أنهى مازن تأملاته عندما أنهى شربه لقهوته، وضع الكوب الفارغ بجانبه على الطاولة ثم أمسك بمشرطه وشرع في تشريحها وهو يقول بأسف:
_ والله مستخصر فيك التشريح أنت المفروض الواحد يحنطك ويفضل يشاهد فى جمالك .
لاحظ مازن أن الجثه تبربش بعينيها، رجع خطوة للخلف وهو يزدرد ريقه متعجبا هامسا لنفسه:
_ ايه ...جرى إيه أنت من كتر ما فضلت تبصلها وتكلمها حيتهيأ لك حاجات ولا إيه لالا ركز كده يادكتور .
أغمض عينيه وعاد يفتحهما ليثبت لنفسه أن ما رآه ماهو إلا خيالات، اقترب من الجثة بحذر ومد يده المرتعشة بالمشرط نحوها من جديد.
لكن الجثة هذه المرة تزداد إرتعاشة رموشها، بل إنها أص*رت تأوهات وبدأ رأسها يتحرك يمينا ويسارا ببطء وضعف فألقى المشرط من يده بطريقة مفزعة وانتفض وهو يتراجع للوراء وقد جحظت عينيه قائلا بحروف مرتعشة:
_ الله.. الله.. الله ايه ده ال بيحصل ددده .. أنا أنا بيتهيأ لى ولا لا إيه، أنا ايه ال شايفه ده ..ده حقيقى ولا تهيأت!
تابع وهو يجس جبهته:
_ولا أنا سخن ولا أيه؟
وظل يقرأ آيةالكرسى والمعوذتين ويستعيذ بالله من الخبث والخبائث وجسده كله يهتز من الموقف المرعب الذي يراه، لكن الجثه تحركت أكثر بل فتحت عينيها ورفعت يدها تمسد بها على جبهتها وهي تهمس بضعف:
_ آه.. آه.. آه، أنا.. أنا..فيييين....
كان مازن في حالة يرثى لها أطرافه ترتعش،وساقيه تهتز كأنها في مهب الريح، سار مشلول الحركة والتفكير، ظل يفرك عينيه ليتأكد هل ما يراه حقيقي؟! أم أنه يحلم، لكن ما يراه ليس حلم ابدا بل ها هي الجثة قد رفعت رأسها في محاولة مضنية للنهوض، ظلت تتلفت حولها بضعف فرأت مازن كأنه خيال بصعوبة شديدة وضعف قالت:
_أنت مييييين..وانا فييييييي........
وقبل أن تكمل وقعت على الأرض مغشيا عليها ..كل هذا ومازن متصنم في مكانه، كأنه أصابه شلل مؤقت ، لم يقوى حتى على النطق، حائراً يشعر بالعجز ولا يعلم كيف يتصرف؟
ولما وجدها قد وقعت على الأرض قال متعجباً:
_الله هى ماتت تانى ولا إيه ؟وهى كانت ميته من أصله؟ طب لو كانت ميته إيه الصحاها تانى ؟
وياترى ليها أهل؟
واذاى اهلها دفنوها حية؟
آه يادماغي أنا مش فاهم حاجة ومش عارف إيه ال بيجرالي.
قال جملته الأخيرة وهو يمسك رأسه بيديه
استطرد مازن وهو ينظر للجثة بإضراب وحيرة:
_أعمل ايه ياربى دلوقت واتصرف اذاى.
كان يخشى الأقتراب منها، نهض بصعوبة وجسده كله يترنح وقد أسكره الخوف، ارتشف بعض من الماء ليبلل ريقه الذي جف، سم الله واستعاذ به ثم اقترب منها وجد أنها مازالت تنبض بالحياة، رفعها برفق وأعادها على منضدة التشريح وقام بتركيب المحاليل لها وحقنها ببعض المقويات فلقد اكتشف أنها مصابة بضعف حتما نتيجة عدم الطعام والشراب قرب مقعد وجلس بجوارها يتابعها، وجد نفسه يتأملها وراح يحدثها:
_ياترى انتى مين وايه حكايتك؟
واهلك إذاى افتكرو ا إنك مت ودفنوك ازاي كده ومين الدكتور ال طلع تصريح بدفنك؟
اسئله كثيرة دارت فى رأسه تمنى أن تفيق لتروى فضوله.
بعد برهة وجدها تتحرك وتهمس بضعف:
_ آه .. آه أنا.. أنا ..فيين؟
مازال الخوف يسيطر عليه قال وهو يزدرد ل**به بصعوبة:
_انت كويسه ؟
حاسه بايه؟
بوهن شديد سئلته:
_ أنت مين؟ وأنا ف فين؟
_أنت فى الجنه ..ااا..اقصد انت فى بيتى ..وو أنا دكتور مازن ..متخافيش انت فى امان انت اسمك إيه؟
همست بصوت متهالك:
_أنا .. أنا.. أنا .....
_خلاص لو حاسه بتعب بلاش تتكلمى دلوقتى..
نظر للمحلول وقال وهو ينزعه من ذراعها:
_خلاص كده .. أنا حشيل المحلول من ايدك انت لازم تاكلى علشان تعرفى تقومى وترجعلك صحتك ....هتقدرى تتحركى؟
حاولت أن تنهض لكن الإعياء والضعف جعلها تتراجع .
قال مازن ونبرته مرتبكة:
_معلش بقي حضطر اشيلك.
وبالفعل حملها فدق قلبه بنبضة ستغير مجرى خفقانه فقال محدثا قلبه:
_مش وقته ياقلبى أنت معندكش دم البنت تعبانه.
ويهيأ له أن قلبه يجيبه قائلاً:
_وانا مالى هو الحب ليه وقت.
فتح مازن باب حجرته وطرحه برفق على فراشه.
قال باضطراب يسيطر عليه:
_أنا حجيبلك بجامه من بتوعى عشان تلبسيهاوانا حاروح اعملك حاجه تاكليها.
اومئت رأسها بالايجاب فقد كانت لا تستطيع التحدث، خرج مازن من الحجرة وكانت تنهيداته تخرج بصعوبة، أما هي فظلت تتأمل الحجرة وتفحصها بعينيها، كانت حجرة بسيطة، لكنها مريحة نزعت عنها ذلك الكفن الذي يحيط بجسدها بصعوبة، تناولت منامته وارتدتها أيضا بصعوبة.
كانت تشعر بدوار يسيطر عليها حتى إنها أمسكت رأسها بكلتا يديها، سمعت طرقات على الباب فهمست بصوت ضعيف للغاية:
_اتفضل .
دخل مازن وبين يديه صنيه عليها طعام، وضعها على الفراش أمامها ثم قال لها:
_ ممكن تاكلى بقى علشان تقدرى تستردى صحتك.
بوهن همست:
_ حاضر.
سقطت منها الملعقة رغما عنها نتيجة ضعفها فلم تقوى على حملها
فقال مازن وهو يتناول الملعقة:
_اسمحيلي من فضلك .
ثم شرع في إطعامها.
كان يطعمها وعيناه تمشط وجهها يكتشف ملامحها، أسرته رقتها وجمال وجهها الهادئ
برغم الاصفرار الذي اكتسحه.
جذبه جمالها ويبدو أن قلبه هو الآخر وقع أسير لذالك الجمال الهادئ فنبض وبشدة ، وكأنه يصرخ بالاعجاب لعيونها الفيروزية، وشفتيها القرمزية، وأنفها الصغير.
لكن مازن اعترض على تلك النبضات فحدثه معاتبا:
_ امنت قلب معندكش دم صحيح.
ثم يجيبه قلبه باعتراض:
_يا اخى اكلها وانت ساكت سبينى ادق براحتى
وفي محاولة لردع قلبه عن تلك النبضات:
_يبنى احنا منعرفش دى مين.
وهمس قلبه متمسكا بحقه في الخفقان:
_ مش شغلى.. انا بدق وبس دى مشكلتك انت.
انتهى مازن من اطعامها قائلا وهو يناولها كأسا من العصير
_ممكن بقي تشربى العصير ده .
بضعف وهي ترفضه بيدها:
_مش قادرة خلاص.
_لأ لازم تشربي ده حيفيدك انت محتاجة تغذية.
فابتسمت على مضض وهي تتناوله وظلت ترشفه.
سألها مازن:
_انتى اسمك ايه؟
بعد لحظه تفكير وكأنها تحاول أن تتذكر:
_مش عارفه.
مازن وهو يضيق عينيه باستغراب:
_ يعنى ايه؟
_طب مين اهلك؟! وساكنه فين؟!
ظلت تفكر ..وتفكر تمسد جبهتها في محاولة فاشلة لتنشيط ذاكرتها واستدعاء معلوماتها الشخصية لكن محاولاتها بائت بالفشل:
_ أنا مش فاكرة حاجه.. مش فاكرة حاجة خالص، مش عارفه اسمى إيه؟! ولا أنا مين؟ ولا أهلى فين؟
رأى مازن قلقا وخوفا يحتلان عينيها الزرقاوتين اللتان صرعت قلبه، شعر أنها لا تستطيع تذكر شئ فهمس بشفقة:
_متخافيش دلوقتى تفتكرى كل حاجة يمكن الاجهاد والتعب خلو الذاكرة نايمة شوية .
بعد فترة **ت استطرد:
_ دلوقتى فيه حاجه مهمه ؟
همست برقة طبيعية وكأنها جزء لا يتجزأ من نبرة صوتها :
_حاجة ايييه؟
رقتها هذه جعلته يهمس لنفسه:
_ ينهار أبيض على الرقة هو فيه كدا يا جدعان.
تحمحم متابعا:
_دلوقتى أنا عايز اندهلك حقولك ايييه عايزين نشوفلك اسم .
وبنفس رقتها المتناهية وهمسها الضعيف جعله ينصهر أكثر ولم يعد يحتمل:
_اسم ايييه؟؟
_ يلا فرصه وجتلك إنك تسمى نفسك الإسم ألى انت عايزاه، حتسمي نفسك إيه بقى؟
هى وقد زاغت عينيها في حيرة:
_ مش عارفة مافيش حاجة فى دماغى.
قال مازن مازحاً:
_ليه ؟ دى الأسماء كتير آوى عندك مثلا تفيدة، شكرية،عواطف..نفيسة .......
هتفت معترضة وهي تضحك:
_اييييه؟!
ضحكت على تلك الأسماء المقترحة منه ثم تابعت برقتها المعهودة وكلما ذادت من رقتها شعر أنه سوف يفقد الوعي حتما:
_لأ ايه الاسماء دى قديمة قوي.
_ايوة كدا اضحكى ...وبعدين الأسماء دى مش عاجباكى دى حتى كوووووول اووووى .
عادت تهمس برقتها الغير طبيعيه:
_ لأمش عاجبانى طبعاً.
**ت مازن برهة يفكر وهو يداعب ذقنه رافعا عينيه إلى السقف ثم صرخ فاجأه:
_وجدتها.
قالت بعد أن أفزعها صوته:
_ايه خصتني
ضحك مازن قائلاً :
_متخفيش قصدى لقيت الإسم المناسب ليك
_اسم إيه ياترى؟!
همس مازن وفي نبرته شئ لم تفهمه:
_حسميك رقه
قالت وقد ضيقت عينيها باستغراب:
_ ايييييه؟! هو فى حد اسمه كدا ؟
باعجاب لم يستطيع اخفاءه همس:
_ أيوة انت هو فى رقة ذى رقتك .
أحمر وجهها وأصبح كالتفاح الصابح ف**تت ولم تعلق فقد ألجمها الخجل.
قال وهو يدقق في بحر عينيها:
_تعرفى ؟؟
همست بنبرة ممتزجة بخليط الخجل والرقة: _ايه؟
_أنا حبطل اشترى طماطم بعد كدا
هى باستغراب:
_ ليييه ؟
_حقطفها من خدودك بقى .
أطرقت بخجل ثم رفعت رأسها فوجئت بنفسها تتأمله للحظات، لكن سرعان ما اخفضت رأسها حياء مرة أخرى ، مما جعله يبتلع ريقه بحرج وحتى يحررها من ذلك الحرج نهض قائلا:
_طب أنا حسيبك بقى عشان تستريحي شوية..عايزة حاجة؟
هزت رأسها نفيا وقد حيته بابتسامة امتنان.
وسرعان ما عاد إليها القلق والحيرة
وظلت تسأل نفسها أنا ميييييين ؟..اسمي ايييه ؟ واذا كنت ميته وصحيت ؟ هما الأموات بيصحوا من تاني؟
مر يومان كان مازن يعتني فيهما (برقة) جيداً، يعطيها الدواء في مواعيده، يصنع لها الطعام الذي يغذيها ويساعدها على استرداد صحتها، حتى تحسنت وعادت لها بعض عافيتها، وفي صباح يوم مشرق استيقظت رقة وكانت تشعر أنها في أحسن حال، وشعور بالتفاؤل يملأ روحها، خرجت من حجرتها وظلت تبحث بعينيها عنه، وجدت مازن في المطبخ منهمك في إعداد الطعام، تحمحمت وقد همست برقتها:
_صباح الخير
فوجئ مازن بها تطل عليه بابتسامتها المشرقة وخجلها الذي يمنحها هالة من الجمال حتى أنه ابتسم لها قائلاً:
_صباح الرقه ..صباح الجمال.. صباح الزهور كلها ,الجمييل عامل ايه دلوقت؟
تباسطه معها وكلامه المفعم بالمجالات جعلها تتورد خجلا هامسة بحياء:
_ الحمد لله أحسن.
_يلا بقى علشان تفطرى معايا.
قالها مازن وهو يرص الطعام على الطاولة.
جلست رقة قائلة:
_حاضر.
لقد كف عن الكلام ولكن لم يكف عن نظرات الأعجاب بها، وعيناه ثرثران لها بحديث لم تفهمه.
أول كلمة قالها بعد أن أنهيت الطعام:
_أنا مضطر أسيبك كام ساعة عشان أروح الكلية لأني بقالي كام يوم مرحتش، وعندى محضرات مهمه حتخافى لوسبتك لوحدك ؟
اخفت رقه شعورها بالخوف فعلاً من تركه لها، ولكنها لن يكون في وسعها أن تمنعه فقالت:
_ لا روح أنت متعطلش نفسك عشانى .
قال بضيق:
_ ممكن لوسمحتى مسمعش الجمله دى تانى عالعموم انا حاحاول متأخرش عليكى، مش عايزك تفتحى لأى حد، شغلى قرآن عشان يعملك ونس تمام؟
أومئت بالموافقة ثم همست:
_تمام
خطى وعند الباب توقف وقال:
_آه أى حاجه عايزاها حتلقيها موجوده .
أغلق الباب ثم فتحه مرة أخرى وقال بنبرة من نسي شئ ثم تذكره:
_وا آه السكر فى الدرفه ال هناك دى
وأشار على المطبخ
_أوكي
قالتها رقة وهمت أن تغلق الباب خلفه ولكن مازن دفعه وقال وهو يقترب برأسه من وجهها حتى لفحت أنفاسه بشرتها:
_ والشاى جمبه على اليمين بردو.
_ خلاص بقى أنا حدور على كل حاجه بنفسى.. يلا عشان متتأخرش على محاضراتك.
همس
_ مش عايزك تتعبى
أغلقت الباب ومشت خطوتين
لكنه فتح الباب مرة أخرى وقال:
_طب دعوة حلوة تروح وتيجى بالسلامه..بوسه كده على السريع .
_يوووه بقى شكلك مش عايز تمشي.
قالتها وهي بالكاد تكتم ضحكتها وتداري خجلها بجريها من أمامه, لم يملك مازن إلا أن يضحك وهذه المرة أغلق الباب.. واضعا يده على قلبه قائلا له:
_ دق ياقلبى دق ...دق براحتك هو في حد يشوف الجمال ده وميدقش..ده انا لو منك حخبط في الحلل وأعمل فرح كمان آه يانى ياقلبى.
بعد أن أنهى مازن محاضراته ذهب إلى أخيه المهندس سامح في الموقع الذي يعمل عليه وما إن رآه سامح حتى خطى نحوه بهمة قائلاً:
_ ايه يبنى فينك ليك يومين غاطس ولا فون أنت مصدقت خلصت منى ولا اييه؟
مازن وعلى وجهه الإهتمام:
_بقولك اييه مش فايقلك ..تعالى بس معايا نقعد فى حته عايزك فى موضوع مهم .
سأله سامح وقد شعر بقلق جراء نبرته الجدية:
_ خير فيه ايه شكلك كده ما يطمنش؟
_تعال يا بنى معايا وأنت تعرف.
قال مازن ذلك وهو يجذبه لكي يسير معه.
وفى مكان هادئ على النيل جلسا الأثنين.
فبادره سامح والفضول يقتله:
_هاه فيه ايه شكلك ميطمنش؟
قال له مازن وهو يقرب وجهه منه في جد:
_سامح أنا فى ورطه.
سامح باندفاع:
_ايه البت طلعت حامل.
مازن متعجبا:
_بت مين؟!
_ال اتجوزتها عرفى
صاح مازن بعصبية:
_بنت مين وعرفى ايه يبنى؟؛ اسكت خالينى احكيلك وبطل استنتاجاتك الهبله دى .
سامح بعجلة:
_قول يبنى كركبتلى بطنى.
مازن بنفاد صبر:
_ مهو أنت لوسكت أنا ححكيلك كل حاجه.
وضع سامح يده على فمه قائلاً:
_أ هو سكت قول بقى.
مازن حكى لأخيه كل شئ من بداية شراءه للجثه إلى لحظة جلوسه معه.
_ يا بنى إيه الفيلم الهندى ده انت المذاكرة أثرت على دماعك ولا ايييه؟!
فوجئ مازن برد فعل سامح البارد وكأن حديثه لم يؤثر فيه البته فصرخ بغيظ:
_افلام ايه يا ابني ال حاجي احكيهالك يعني اسيب محضراتي ومذاكرتي واجيلك شغلك عشان اعمل عليك افلام.
_ايوة بس ال بتقولوه ده محدش يصدقه ولا يشوفه غير في الأفلام.
_وربنا ده ال حصل هو انا حشتغلك ليه ؟
سامح ومازال غير مصدق وقد **ى صوته السخرية:
_والله العظيم.. قال ايه واحده ميته ترجع للحياه تانى عادى كده وأصدق انا عالطول.
وقف مازن بحركة غاضبة قائلا بضيق:
_ تصدق أنا غلطان انى جتلك وحكيتلك من اساسه.
وكان يهم أن ينصرف لولا أن أمسكه
سامح يده وشعر أن مازن يتكلم بجدية ولا يمزح معه:
_ استنى بس أنا أصل الحوار ال قلته صعب حد يصدقه بسهوله يعنى طب دلوقت حنعمل ايييه ؟.
_مهو ده ال جايلك عشانه البت فقده الذاكرة ومش فاكرة حاجه عايزين نعرف هى مين؟؛ وايه حكايتها؟؛ عشان كده جتلك عشان تساعدني.
_خلاص اخلص شغلي واجي معاك نفكر مع بعض .
مازن جذبه من يده يدعوه للنهوض قائلاً بحزم:
_لا تعالى دلوقت عشان تروح معايا وعشان كمان أعرفك عليها .
سامح بنبرة خوف ورعب:
_ نعم اتعرف على مين وليه ؟
لا..لا يعم متعرفش على جثث أنا مش مستغني عن نفسي.
صرخ مازن فيه:
بقولك اييه حتيجى معايا ولا لأ ؟
اخللللللص.
_جاي ..جاي حاضر عليه العوض ومنه العوض كان نفسى اخلف واشوف عيالي قبل ما أقطع الخلف لما أشوفها.
مازن صارخاً:
_اخلص قووووم انت حتعدد.
يا ترى سامح حيحصله ايه لما يشوف (رقه)
قال مازن لسامح وكان الاثنان في طريقهما إلى البيت :
_ تعالى قبل ما نروح على البيت نشترى شوية حاجات.
سامح : حاجات ايه ؟
مازن: دلوقت تعرف.
انتهو من شراء ما يحتاجونه ثم توجهوا إلى البيت .. وأمام باب الشقه كان مازن يشرع في إخراج المفتاح من جيبه .. وإذ بسامح أمسك ذراع مازن وارتعش ويبلع ريقه بصعوبة، وهتف مثل اغلاطفال بنبرة خائفة:
_ مازن استنه أنا خايف
كان سامح قد صور له خياله أنه سوف يرى واحده مرتدية عباءة بيضاء، شعرها منفوش كأنها خارجة من القبر للتو عينيها حمراء، متسعة بطريقة مخيفة ، فاردة يديها و ستقوم بخنقه، كما يحدث فى أفلام الرعب فهمس سامح لمازن وهو خائف:
_ سبنى امشى وحياة أبوك وأنا حاعمل ال أنت عايزه بس سبنى امشى .
مازن بغيظ : متجمد يلا وسيب دراعى علشان افتح الباب.
ترك سامح ذراعه ومسك فى قميصه وظل يقرأ قرآن فى سره..مازن رن الجرس لكي ينبه رقه .. فتحت رقة الباب.. دخل مازن وسامح فهمس مازن :
_ السلام عليكم
_ وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
ما إن رآها سامح حتى نسى أمر الجثه ووظل يحدق بعنيه منبهرتين بجمال رقة جمالها الذي جعله يهتف بتلقائيه وبصوت: _مسموع يا خرااااابى ايه الرقه دى.
تلقائيته جعلتها تطرق بوجهها حياء وجعل مازن يلكذه بكوعه في ص*ره لتنبيهه أن كلامه هذا لا يليق وقال وهو يشير عليه حتى يرفع عنها الحرج:
_اقدملك سامح أخويا.
_اهلا وسهلا
كان سامح ما يزال محدقا فيها فلكذه مازن مرة أخرى حتى انتبه سامح وهمس:
_ ها اهلا بالقمر
مازن:
_ازيك عامله ايه دلوقت
رقه: تمام الحمد لله
مد مازن ايده بالاكياس التى كان يحملها واعطاها لها قائلاً:
_بصى يست الكل بقي فى غدا هنا عايزك توضبيه بايد*كى الحلويين دول، وووالاكياس الحمرا دى حاجات ليكى
رقه مندهشة:
حاجات ليا أنا ؟ حاجات ايه دي؟!
_مازن باحراج:
_ لما تشوفيها حتعرفى .
ذهبت رقه ناحيه المطبخ وكان سامح ما يزال يتبعها بعنيه وهو بيهتف بانبهار:
_هو فيه جمال كده.
مازن بغيظ وغيرة وقد ض*به على كتفه :
_ متلم نفسك يزفت أنت ثم بسخرية:
_ يعنى يا اخويا انا فتكرتك حتسورق لما تشوف الجثه .
سامح :مش لما اشوفها الحمد لله انى مشفتهاش
مازن وهو يضحك:
الكانت وقفه من شويه هى الجثه بعينها يا قفل
سامح وقد اتسعت عيناه باستغراب: _ _ايييييه..هى مين ..ووقفه فين.
مازن يضحك بشدة على منظر أخوه ونظر ببلاهه فقال:
_صحى النوم رقه ال سلمت عليها ..هى الجثه.
سامح وهو يحدق ببلاهة مجددا :
_هه..مين ؟ فين؟ ليه؟!
ومازن يضحك بشدة على بلاهته التي سببتها الصدمة.
استنونى بقى دى حلوت اووووى
رأى مازن قلقا وخوفا يحتلان عينيها الزرقاوتين اللتان صرعت قلبه، شعر أنها لا تستطيع تذكر شئ فهمس بشفقة:
_متخافيش دلوقتى تفتكرى كل حاجة يمكن الاجهاد والتعب خلو الذاكرة نايمة شوية .
بعد فترة **ت استطرد:
_ دلوقتى فيه حاجه مهمه ؟
همست برقة طبيعية وكأنها جزء لا يتجزأ من نبرة صوتها :
_حاجة ايييه؟
رقتها هذه جعلته يهمس لنفسه:
_ ينهار أبيض على الرقة هو فيه كدا يا جدعان.
تحمحم متابعا:
_دلوقتى أنا عايز اندهلك حقولك ايييه عايزين نشوفلك اسم .
وبنفس رقتها المتناهية وهمسها الضعيف جعله ينصهر أكثر ولم يعد يحتمل:
_اسم ايييه؟؟
_ يلا فرصه وجتلك إنك تسمى نفسك الإسم ألى انت عايزاه، حتسمي نفسك إيه بقى؟
هى وقد زاغت عينيها في حيرة:
_ مش عارفة مافيش حاجة فى دماغى.
قال مازن مازحاً:
_ليه ؟ دى الأسماء كتير آوى عندك مثلا تفيدة، شكرية،عواطف..نفيسة .......
هتفت معترضة وهي تضحك:
_اييييه؟!
ضحكت على تلك الأسماء المقترحة منه ثم تابعت برقتها المعهودة وكلما ذادت من رقتها شعر أنه سوف يفقد الوعي حتما:
_لأ ايه الاسماء دى قديمة قوي.
_ايوة كدا اضحكى ...وبعدين الأسماء دى مش عاجباكى دى حتى كوووووول اووووى .
عادت تهمس برقتها الغير طبيعيه:
_ لأمش عاجبانى طبعاً.
**ت مازن برهة يفكر وهو يداعب ذقنه رافعا عينيه إلى السقف ثم صرخ فاجأه:
_وجدتها.
قالت بعد أن أفزعها صوته:
_ايه خصتني
ضحك مازن قائلاً :
_متخفيش قصدى لقيت الإسم المناسب ليك
_اسم إيه ياترى؟!
همس مازن وفي نبرته شئ لم تفهمه:
_حسميك رقه
قالت وقد ضيقت عينيها باستغراب:
_ ايييييه؟! هو فى حد اسمه كدا ؟
باعجاب لم يستطيع اخفاءه همس:
_ أيوة انت هو فى رقة ذى رقتك .
أحمر وجهها وأصبح كالتفاح الصابح ف**تت ولم تعلق فقد ألجمها الخجل.
قال وهو يدقق في بحر عينيها:
_تعرفى ؟؟
همست بنبرة ممتزجة بخليط الخجل والرقة: _ايه؟
_أنا حبطل اشترى طماطم بعد كدا
هى باستغراب:
_ ليييه ؟
_حقطفها من خدودك بقى .
أطرقت بخجل ثم رفعت رأسها فوجئت بنفسها تتأمله للحظات، لكن سرعان ما اخفضت رأسها حياء مرة أخرى ، مما جعله يبتلع ريقه بحرج وحتى يحررها من ذلك الحرج نهض قائلا:
_طب أنا حسيبك بقى عشان تستريحي شوية..عايزة حاجة؟
هزت رأسها نفيا وقد حيته بابتسامة امتنان.
وسرعان ما عاد إليها القلق والحيرة
وظلت تسأل نفسها أنا ميييييين ؟..اسمي ايييه ؟ واذا كنت ميته وصحيت ؟ هما الأموات بيصحوا من تاني؟
إلى اللقاء
قصة حلوة قوي جبتها عشان تستفادوا منها مش حتخسروا حاجة والله
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الصلاة عند الكعبة
فقال له ابو جهل : يا محمد اذا سجدت عند الكعبة فسوف
ادوس على رأسك
فلم يطعه رسول الله عليه الصلاة والسلام
فتوجه الرسول الى الكعبة ليصلّي
فقال ابا جهل مرّة اخرى: يا محمد اذا سجدت عند الكعبة
فسوف ادعوا جميع اهل قريش ليروا كيف سأدوس على راسك
ولم يطعه الرسول وبدء بالصلاة
فدعا ابا جهل اهل قريش فعندما سجد رسول الله ذهب اليه ابا جهل
فعندما اقترب ابا جهل من الرسول وقف صامتا ساكنا لا يتحرك
ثم بدأ بالرجوع فقالوا اهل قريش يا ابا جهل ها هو الرسول لم
لم تدس على راسه وتراجعت؟؟
قال ابا جهل: لو رأيتم ما رأيته انا لبكيتم دماً
قالوا: وما رأيت يا ابا جهل؟؟
قال:
إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً وأجنحة،
قال رسول الله صلى عليه وسلم : " لو فعل لأخذته الملائكة عياناً "
..
تفسير الايات :
امر ابا جهل بدعوة قريش بقوله تعالى" فليدع نادية"
فرد عليه رب العالمين اذا جمعت اهل قريش فسوف اجمع ملائكة العذاب ليمنعوك
بقوله تعالى "سندع الزبانيه"
فقال الله لرسوله اسجد ولا تطعه وسوف احميك بقوله تعالى "كلا لا تطعه واسجد واقترب.