الفصل 9

1380 Words
كانت مين يونغ تفكر بطريقة تجبر فيها مين جو على قبول دخول الصالة الرياضية والبدء بالعلاج الفيزيائي والنفسي في آن واحد ونظراً لشخصية مين جو فهي لم تجد سوى طريقة واحدة وقررت أن تفعلها آمله أن تكون النتيجة كما ترجوها. أسرعت مين يونغ للطابق العلوي واقتحمت غرفته دون سابق إنذار وانهالت عليه بإلقاء الوسائد والكتب وأي شي خفيف لا يمكنه أذيته وجدته أمامها بينما كان هو مستلقٍ على سريره يشاهد فيلماً ودهش لرؤية ما تفعله وكان يصرخ عليها لتتوقف وهو يحاول صد ما ترميه عليه. اقتربت منه مين يونغ والتقطت وسادة عن الأرض وجلست على جانب السرير وبدأت توجه الضربات المباشرة له أما مين جو فقد تمكن من إبعاد الوسادة ثم جذبها من ذراعيها مما جعلها تتمدد على السرير بجانبه وثبت ذراعيها بجانب رأسها قائلاً: ما الذي تفعلينه هل فقدت صوابك؟ فقالت مين يونغ بغضب: بل أنت من فقد صوابه، أنت عديم الإحساس وعديم المسؤولية وأناني لدرجة أنك لا تحب نفسك حتى. لنقل بأنك لا تحب نفسك ولا تشفق عليها فماذا عن والدك؟ ألا تهتم بذلك الرجل الذي أهمل حياته ومسؤولياته وعمله فقط ليجلس بجانب ابنه المدلل. نظر لها مين جو بغضب وصرخ في وجهها قائلاً: مدلل؟ ألا ترين حالي؟ ألا يمكنك الشعور بمعاناتي. صرخت مين يونغ في وجهه قائلة: وهل تظن بأنك الشخص العاجز الوحيد في هذا العالم، هناك المئات بل الآلاف الذين حالهم أسوأ من حالك بمراحل، وليس لديهم من يعتني بهم، يعيشون عجزهم بمفردهم وبفقرهم وقد اجتمعت عليهم كل آلام وهموم الدنيا. أجل أنت عاجز عن المشي ولكن والدك يوفر لك كل الإمكانيات لعيش حياة جيدة ومريحة وترك عمله ليبقى بجانبك ويأخذك للعلاج عند أمهر الأطباء ولم يفقد الأمل. هناك أشخاص فقدوا أطرافهم في الحروب وباتوا عاجزين أيضاً ولكن هذا ليس كل شيء فقد فقدوا عائلاتهم وبيوتهم وكل ما يملكونه لدرجة أن العجز الجسدي أهون عليهم من باقي أوجاعهم. بدأ مين جو يخفف قبضته عن ذراعيها ويبتعد شيئاً فشيئاً حتى استطاعت الاعتدال في جلستها ثم أخرجت هاتفها وأرسلت له رسالة ثم نظرت له قائلة: شاهد الفيديو الذي أرسلته لك وستعرف بأن هناك أشخاص أكثر بؤساً منك، لست وحدك الذي يتألم في هذا العالم، أنت ما زال معك من يحبك ويهتم بك وما زال لد*ك أمل في العلاج فابذل جهدك حتى وإن كنت لست مؤمناً بهذا الأمل فقط من أجل والدك الذي على استعداد لفعل أي شيء من أجلك. خرجت مين يونغ من غرفته وأغلقت الباب بقوة وتركته وقد ارتسمت على وجهه تعابير الحيرة والندم ثم أمسك بهاتفه وبدأ يشاهد مقطع الفيديو الذي أرسلته له وقد كان تقريراً يرصد معاناة بعض ضحايا الحروب كتقرير عن عمل مجموعة أطباء متطوعين في هذه المناطق. شعر مين جو بالاستياء من نفسه بعد أن رأى مدى معاناة الآخرين ومنهم أطفالاً لم يروا شيئاً من هذه الحياة بعد ولن يكون لديهم ذكريات سوى القتل والدمار ومستقبل مجهول مع عجز جسدي أو تشوه. أدرك مين جو بأنه معاناته ضئيلة جداً بجانب معاناتهم فبكى بحرقة أخرج فيها كل آهاته المكبوتة في قلبه. كانت مين يونغ تمشي ذهاباً وإياباً في غرفة المعيشة في الطابق السفلي على أمل نزول مين جو خلفها واتخاذه قرار البدء بالعلاج ثم نظرت للساعة وقالت بقلق: يفترض به أن يكون قد أنهى مشاهدة الفيديو الآن، هل يعقل بأنه لم يشاهده حتى الآن، يا له من عنيد. ماذا على أن أفعل إن لم تنجح هذه الطريقة ... لا يمكنني التفكير بطريقة أخرى ... بينما كانت مين يونغ تقضم أظافرها بسبب توترها فتح باب المصعد وخرج منه مين جو فالتفتت نحوه بلهفة وقلق في آن واحد وهي تركز على تعابير وجهه محاولة توقع ردة فعله فاقترب منها بهدوء ثم نظر لها قائلاً: ما الذي تحاولين فعله معي؟ ما هو هدفك من هذه المحاولات؟ هل حقاً تؤمنين بأنك ستعالجينني وتجعليني أمشي من جديد أم أن لد*ك هدفاً آخر؟ دمعت عينا مين يونغ ونزلت أرضاً على ركبتها أمامه ثم أمسكت بيده وابتسمت بحزن قائلة: أريد عودة صديق طفولتي، ذلك القط المشا** الذي كان مفعماً بالحياة ويملأ الأرض ضحكاً ولهواً وشجارات طفولية أيضاً. والدك ودونغ ها أوبا لم يريا ذلك الطفل منذ زمن ويبدو بأنني أملك وسيلة لجعله يعود أفلا يجدر بي المحاولة؟! دمعت عينا مين جو وقال: ماذا لو لم أنجح؟ ماذا لو ضاع مجهودك سدى، ماذا لو تحطمت آمال أبي بشفائي بعد هذه المحاولات؟! ماذا سيكون شعوره حينها. ضمت مين يونغ يده بكليتي كفيها قائلة: لا تفكر بهذه الأمور، ركز على هدفك وثق بنفسك وابذل جهدك وعليك أن تصمد وتحتمل حتى النهاية فالطريق أمامنا طويل وثق بأنني سأبقى بجانبك. عدني بأنك لن تستسلم فقط، ليس من أجلي فقط بل من أجل والدك ودونغ ها أيضاً، اتفقنا؟ طأطأ مين جو رأسه وتن*د ثم نظر لها وهز رأسه بالإيجاب مبتسماً فتهلل وجه مين يونغ وعانقته من شدة سعادتها بينما تجمد هو كالعادة. ابتعدت عنه مين يونغ وابتسمت قائلة: هل احمر وجهك خجلاً أم ماذا؟ تلعثم مين جو قائلا: ولماذا سيحمر وجهي؟ لقد اعتدت على تصرفاتك اللامبالية هذه. ردت مين يونغ متهكمة: أجل واضح أنك اعتدت على الأمر، ولكن ماذا أفعل أنا أتصرف بشكل تلقائي ولا أتمكن من التحكم بردود فعلي دائماً. نظر لها مين جو وقال ساخراً: أنا يمكنني تفهم ما تقولينه ولكن تصرفاتك هذه مع شخص لا يعرفك سيجعلهم يقولون الكثير عنك. نهضت مين يونغ وقالت: وكأن كلام الآخرين يهمني؟! أنا لا أفكر بهذه الأمور السخيفة ولا أدري لم يشغل الناس تفكيرهم بتحليل تصرفات الآخرين وأسلوب حياتهم. نظر لها مين جو بجدية وقال: مين يونغ، قريباً ستديرين شركة والدك وستصبحين شخصية معروفة في المجتمع لذا عليك أن تعتادي على ضبط تصرفاتك لأن كل شيء تفعلينه لن يؤثر عليك فحسب بل على الشركة ومصير عشرات الموظفين سيكون متوقفاً عليك. تن*دت مين يونغ ثم قالت: أنت محق من هذه الناحية فعلي أن أفكر بغيري أيضاً، خاصة أولئك الذي أصبحوا تحت مسؤوليتي. حسناً دعنا نبدأ الآن. نظر لها مين جو بتوتر قائلاً: بهذه السرعة؟! أمسكت مين يونغ بكرسيه ودفعته نحو المصعد للنزول إلى الصالة الرياضية قائلة: أجل، لا داعي للمماطلة، هيا بنا. مضى بعض الوقت وعاد دونغ ها لبيته وألقى بنفسه على الأريكة واضعاً ذراعه تحت رأسه وقال: هل على إخبار مين يونغ بما وصلت إليه حتى الآن، ولكن ماذا لو لم أستطع اكتشاف المزيد ومعرفة المسؤول عن موت والدها؟ لا أريدها أن تشعر بخيبة الأمل. لا، عليَّ الانتظار حتى أقترب من المجرم الحقيقي ومن ثم أخبرها فحتى معرفتها للأمور من البداية ستجعلها قلقة وربما تقوم بتصرف متهور بدون علمي وذلك سيضعها في خطر محدق، من الأفضل ألا أفعل. ولكن تلك الفتاة الحمقاء كيف تجرأت على المخاطرة بحياتها من أجل الملفات، ماذا كانت غايتها الحقيقية يا ترى، لو لم تتمكن من الإفلات من بين يديهم لكانت ميتة الآن، تلك المجنونة، آه إنها حقاً تثير غضبي. مضت أيام حيث كان يتابع القضية سواء في مكتبه أو في مهمات خارجية بعد انتهاء دوامه بشكل سري قدر الإمكان ليبقى بعيداً عن محاسبة المسؤولين له لأنه واثق من أن المجرمين لهم صلات قوية بذوي النفوذ في السلطة. كان مين جو يبذل جهده ليقوم بالتمارين والجلسات العلاجية مع مين يونغ وكانت مشاعره تتطور نحوها يوماً بعد يوم ووالده يراقبهما من بعيد وكان سعيداً بتحسن الحالة النفسية والمزاجية لمين جو مع مرور الأيام. كان التطور على المستوى النفسي واضحاً جداً على مين جو فقد كان هادئاً ومبتسماً في أغلب الوقت ويمازح مين يونغ ويضايقها كالعادة بما أنه يستمتع بذلك وكانت مين يونغ تجاريه في الأمر وتجعله يظن بأنه تمكن من مضايقتها والتغلب عليها ليبقى سعيداً ومستمتعاً. على الجانب الآخر كان جونغ هي يعيش حياة روتينية يطغى عليها الكآبة والألم والنار التي تشتعل في ص*ره مع كل نفس يأخذه بدون وجود مين يونغ بقربه لدرجة أنه كان يذهب وينتظر أمام بيت والدها أو الشركة لساعات على أمل أن تمر ويلمحها. كان يرمي بثقل رأسه على مقود السيارة ويبكي بحرقة وغضب وألم لم يشعر به من قبل في حياته. " لم أكن أعلم بأن إحساس الشوق مؤلم لهذه الدرجة. شوقي لها تجاوز مشاعر قلبي لدرجة أن روحي باتت تتمزق لعدم قدرتي على رؤيتها ورغم كل هذا الألم لا أقوى على الاتصال بها لأسمع صوتها على الأقل فشعوري بالذنب تجاهها أقوى من شوقي لها كما يبدو. حتى لو كرهتني لن ألومها أبداً. كوني قوية مين يونغ، كوني بخير أينما كنت. " كان محامي السيد كانغ والد مين يونغ يتواصل معها ما بين الحين والآخر وتسأله عن تطورات الشركة التي كانت تصارع للنهوض من الحضيض بجهود السيد كيم ونفوذه. وصل خبر جديد لكل من جي يون ودونغ ها بشأن شخص جديد من ضمن أصحاب الشركات الوهمية التي قامت بشراء أسهم الشركة. خرج دونغ ها فور تلقيه المعلومة وسأله مساعده عن الأمر فقال بأنه سيقوم بمهمة ما ويعود لاحقاً، لم يشأ التحدث عن الأمر رغم أنه يثق به وهو الذي يساعده في جمع المعلومات ولكن بعد أن تم تعيين موظفة جديدة في مكتبه لم يعد يستطيع التحدث مع مساعده بحرية.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD