2

4966 Words
- الفصل الثاني -  ابتسمت في ثقة وكبرياء هائلان وتنفست في راحة بعد أن تفوهت بتلك الكلمات، لقد قارنت بينه وبين الرجال فشعرت أنه أصابته في مقتل بغروره الهائل ولكنها لم تقرأ شيء بتلك الملامح التي لم يتبدل بها شيء إطلاقًا ثم تابعت مُكملة: - ممم Sorry.. مش هاقدر اقبل الـ offer الهايل بتاعك! يا له من غبي.. "روان صادق" لا تُقابل بالرفض في شيء، ولا تتفاوض إلا عندما تسمح بذلك.. أيظن انها لن تملك سواه ليترافع لها عن قضيتها.. ستجد محامٍ واثنان وربما مائة ولكنها لن تُذعن لمثل تلك التراهات من قِبله.. عقدت ذراعيها ثم تحدثت في غرور وهي تُبعد شعرها للخلف في أنوثة وخيلاء: - عايزة امشي! رمقها بمنتهى الهدوء ولا تزال ملامحه خالية من المشاعر ليرد قائلًا: - امشي.. ابتسمت في سخرية شديدة ثم تحدثت في غطرسة ولهجة لاذعة قاصدة أن تستهزأ منه: - اوف.. sorry .بجد.. بس انا مبزورش رجالة مجانين في بيوتهم معندهمش غير حصان يوصلهم.. اخترعوا عربيات كتيرة بـ options هايلة.. سمعت عن الموضوع ولا معندكش فكرة يعني ايه عربية؟  توسعت ابتسامته التي أظهرت انيابه وهو يتلقى منها تلك الإهانة ثم تلاشت شيئًا فشيئًا وهو يرمقها بملامح جعلتها تشعر بقليل من الخوف لترتبك ثم حدثته بنبرة حادة: - أنت هتفضل باصصلي كده ..  مش معقول Mr عمر معندوش حاجة غير إنه يتف*ج عليا! تلك الطريقة التي نطقت بها اسمه استفزته للغاية وبداخله كان كالبركان يغلي من تلك الملامح التي منذ أو وقعت عينيه عليها أراد أن يعذبها بشدة بالإضافة إلي تطاولها عليه الكثير من المرات ولكنه كان يُسيطر على ملامحه جيدًا .. فقط القليل من الصبر وسيصل لكل ما يُريد.. حمحم وهو يبتلع ثم حدثها بهدوء استفزها للغاية: - تمام..هوصلك.. بس خلي العقد معاكي لأنك هتحتاجيه! تعجبت من أوامره التي اص*رها صوته الهادر في ه***ة شديدة لترمقه وكأنها تنظر بوجه مجنون فقد عقله للتو ثم تحدثت في استهزاء بإبتسامة ساخرة: - لا متقلقش.. لا هحتاجه ولا هحتاجك في حاجة.. ابتسم ابتسامة لم تلمس عيناه وسلط عليها نظرة مطولة جعلتها ترتبك أكثر وقبل أن تبادر بالصراخ هدر صوته آمرًا: - ورايا.. مشى أمامها لتتبعه وهي تدرك أن مجرد موافقتها على القدوم كانت خطأ ولم ت**ب شيئًا سوى أنها أضاعت وقتها بينما تفقدت تلك الطريقة الهادئة التي يمشي بها وجسده المتناسق وشعره الفحمي ومن جديد نظرت حولها لتجده مزيج مزعج لم تتعرض له يومًا ما في حياتها.. هو حتى ليس مثل بقية الرجال الذين يبتسموا إليها ويتوددوا لها.. ما الذي توصل له بعقله الساذج عندما ظن أنها ستوافق على رجل بارد متعجرف مثله بالكاد يبتسم؟ أيظن أنه يبدو هكذا جذابًا بطريقته التي تفتقر إلي الإحترام واللباقة؟ حتى ابتسامة عفوية أو لائقة لم يلقها بها منذ أن رآته بمكتبه.. هذا الرجل به خلل ما بالتأكيد.. ارتفع أمامها على حصانه بمنتهى الرشاقة ثم مد يده إليها لتزم شفتاها في حنق شديد ولكنها تناولتها فهي ستغادره وتنتهي منه على كل حال ولن تضطر إلي التعامل معه مرة ثانية.. شرع الحصان في الركوض ليساور قلبها نفس الشعور بالخوف من مجرد امتطائها لحيوان يبدو مرعبًا بسواده هذا لتشعر به يهمس بأذنها في تحذير: - افتكري كويس.. تلت ايام بس مفيش غيرهم! التفتت لترمقه في زجر بعسليتين غاضبتين ليحدقها في ثبات هائل بينما توترت هي لتقارب وجهه ووجها التي فصلت بينهما مسافة كادت أن تكون معدومة وتفقدته لثواني وخصلات شعره الفحمية تتطاير بفعل الهواء وعدو حصانه لتزجر نفسها ثم التفتت لتجد أنهما قاربا على الوصول فكتمت أنفاسها في تمني أن تنتهي تلك اللحظات المُقبلة على خير وألا ترى وجهه مرة ثانية!!  ⬢ ⬢ ⬢ في صباح اليوم التالي.. دخلت مكتبها وعسليتاها تُفيضا بلهيب الغضب، هي لم يغفل لها جفنًا واحدًا منذ أن تركته، شعرت وأن كل تلك القهوة التي التهمتها وهي تُفكر لماذا رجل مثله قد يساومها بالزواج، قد دمرت جهازها العصبي وجعلتها في اتم استعداد لتقتل أي أحد يعتري طريقها! نظرت إلي "علا" التي فرت ناهضة بمجرد رؤيتها تبدو بمثل هذا الغضب لتصيح بها: - دوريلي على اي محامي تاني!! النهاردة يا علا عايزة ارفع قضية تزوير.. تروحي وتشوفيلي اي حد غير اللي اسمه عمر يزيد ده.. كلمي مكتب والده.. دوريلي في جهنم نفسها.. أنا يستحيل اتعامل مع الراجل ده تاني! سمعتي؟! أومأت لها في توتر من ذلك الصراخ والغضب التي تحدثت لهما بها ثم صرخت بها مجددًا: - ومش عايزة فنجان القهوة ده يخلص النهاردة ويفضل مليان!! دخلت مكتبها لتصفع الباب خلفها بقسوة وألقت حقيبتها ومعطفها أمامها فوق مكتبها لتشرد في الأمر من جديد وعقلها كاد يجن من كل ما يحدث معها.. لن تقبل الفشل ولا الإستسلام لأنها إمرأة فحسب.. يريدوا الإرث.. يريدوا الزواج.. يريدوا التحكم.. رجال كريهة لا يوجد واحدًا منهم بلا نوايا خبيثة!! فتحت حاسوبها ظنًا منها أنها ستعمل ولم تمر سوى دقائق ليعود من جديد بعقلها كلماته التي أملاها عليها ومرة أخرى وجدت نفسها تُفكر بالأمر.. نظرت له نظرة عامة فهو يبدو جذابًا بشكل مُزعج ومريب.. جادا وكذلك مُنظمًا بطريقة غريبة.. عرضه لها بالزواج ليس كأي رجل عرض عليها الزواج من قبله، لا يعمل في مجالها ولا يعرفها ويستحيل أن تتلاقى سبلهما فكل واحد منهما يعمل في مجال مختلف عن الآخر.. فكرت وهي تتحدث لنفسها، أنا أحتاجه ولكن لماذا إذن يريد أن يتزوجني؟! حاولت البحث عن أية معلومات عن هذا الرجل ولكنها لم تجد غير معلومات عامة عنه وعن قضاياه التي يربحها بإستمرار، ولكن هي أيضاً لابد من أن تتزوج رجل يحبها وتحبه.. نجاح رجل بالعمل وجاذبيته ليس بمقياس بالنسبة لها كي تقبل الزواج منه.. لن تتنازل أن تعيش لحظات الحب والرومانسية عندما تجد الرجل المناسب الذي عندما تراه يخفق قلبها له بجنون .. لطالما ودت أن تقع بعشق جارف لتكون فخورة وهي تقص على أولادها بيوم ما كيف عشقت والدهم! زجرت نفسها وهي لا تدري لماذا تُفكر بهذه الطريقة الخائبة وكأن هو الوحيد الذي يستطيع مساعدتها أمام عمها وابنه.. هي لا تعرف الفشل أبدًا.. لسنوات استطاعت النجاح وحدها دون تواجد رجلًا بجانبها! وبالطبع ستنجح هذه المرة أيضًا!! بوجوده أو دون وجوده! قررت ألا تستجيب لتلك الأفكار الآن وأغلقت المتصفح الذي يحمل عنه تلك المعلومات وصوره الكثيرة.. هي لديها عمل لا ينتهي وستبدأ به، ولن تضيع وقتها في مثل تلك التراهات والبحث خلف رجل غريب يفتقر للباقة والود!  ⬢ ⬢ ⬢ بعد مرور يومان.. انهمرت احدى دموعها في مزيج من اليأس والسخط على ذلك الرجل.. لماذا يفعل بها ذلك؟ أحقًا سد عليها كل الطرق بأن تحصل على قبول أي محامٍ سواه ليترافع لها بتلك القضية؟ ما الذي يريده منها؟ لقد فشلت فشلًا تام بأن تحصل على محامٍ آخر، حتى أنها لم تعتمد على "علا" وهاتفت البعض بنفسها فأحدهم اعتذر بلباقة، وآخرون ادعوا أنهم منشغلون بقضايا أخرى، والبعض الآخر بمجرد معرفة من هي انهى المكالمة على الفور!! ابتلعت في حنق وهي تجفف دموعها وأدركت أنها مُخيرة في أمران أحدهما خسارة مؤكدة! جلست لتفكر وأمعنت التفكير بما فعله والدها من أجلها ومن أجل أخيها وأمها وأن مستقبل أخيها معلقا في جيدها، فإذا رفضت الزواج من "عمر يزيد" تخسر القضية ولكن عندما تتزوج منه يكفي نفوذه، يكفي حمايته لهم، يكفي أنها ستجد من يشد من آزرها إذا حدث شيء ما.. كم كرهت أن تُفكر بمثل هذه الطريقة ولكن في هذا المجتمع الذي تعيش به نفوذ رجل مثله قد يُسهل لها الكثير كما أنه لن يتجرأ احد ليزعجها مثل ما فعل الكثير من الرجال من قبل، سواء في سوق العمل أم خارجه!! عندما تُصبح زوجة لرجل مثله لن يتجرأ أحد على العبث معها وسيهابها الجميع بدل المرة مائة مرة.. بعد أن رآت كيف يستطيع أن يجبر العشرات ألا يقبلوا قضيتها سيجبر الجميع على احترام مكانتها والتفكير آلاف المرات إذا قبلت وتزوجته! أمسكت بهاتفها في تردد، نظرت لرقمه الذي لم تحفظه بسجل هاتفها بعد.. فكرت لمرة أخيرة في قرارها.. هي ليست معتادة أن تتناقش مع أحد في أمر يخصها.. لو ذهبت لوالدتها بالطبع سترحب، ستجده رجلًا جيدًا، هي تريد أن تُزوجها منذ سنوات.. لقد وافقت حتى على عرضي ابن عمها وابن خالتها بالزواج منها يومًا ما.. لديها دائمًا تلك النظرة بأن الفتاة عليها أن تتزوج يومًا ما وتنجب ويكون لها زوجًا.. ولكن ماذا عن العمل وتلك المسئوليات؟ لن تتركها لموظفين يتقاضوا الأجر كي تذهب وتتزوج وتنشغل بتلك الحياة الرتيبة في حين لن يهتم أحد بالعمل مثل أصحابه! ماذا عن الذي تريده؟ أن تعشق، أن تجد الرجل المتفاهم.. أن تعيش تلك اللحظات الأولى في علاقة مناسبة مُريحة لها.. وليس مجرد مفاوضة أمام قضية تريد أن ت**بها كي تحمي إرث عائلتها!! باغتتها احدى الدموع لتجففها بكبرياء وابعدت شعرها للخلف في أنوثة ثم اتصلت به ليأتيها صوته المجيب مهمهمًا لتمتعض ملامحها وهي تُفكر.. أي رجل يُجيب هاتفه بمثل هذه الطريقة؟! ابتلعت في اشمئزاز لتتن*د ثم حدثته في همس: - انا فكرت في كلامنا من يومين.. سكتت لوهلة بينما لم تحصل منه سوى على همهماته التي تُشجعها كي تُكمل وبالطبع لم تر تلك الإبتسامة المتعجرفة التي تلاعبت على شفتاه عندما أدرك أنه هو سبيلها الوحيد للنجاة من المأزق التي وقعت فيه لتشعر بأن طريقته تقززها ثم تابعت على مضض: - موافقة اتجوزك! أغلقت عينيها تعتصرهما وهي تحاول ألا تترك لتلك الدموع مجالًا أن تتفلت من بين جفونها ليهمهم من جديد لتشعر بإستفزاز هائل من أسلوبه في التحدث وقبل أن تُصيح به هدر صوته في ثبات: - كنت عارف إنك هتوافقي. مكنش قدامك حل تاني.. مش كده؟! حاولت بكل ما لديها من طاقة على التحمل ألا تصرخ به لتبتلع أثناء ذلك السكون الذي دام لوهلة بينما شرع هو بالكلام مرة أخرى قائلًا بنبرة باردة كالثلج: - السواق هيعدي عليكي علشان تمضي العقد.. رفعت حاجبيها في تعجب بينما هتفت به: - بس أنا مش هامضي العقــ.. قاطعها في ثقة شديدة: - نص ساعة ويكون عندك.. انهى المكالمة لتحدق بشاشة الهاتف في ذهول من لهجته الآمرة لتومأ في انكار.. هذا الرجل لن تتعامل معه أبدًا.. لا بل لتقول، هذا الرجل الذي قبلت عرض زواجه للتو لن تكون هذه الطريقة التي سيعاملها بها أبدًا.. لن تقبل هذا ولو بعد آلف سنة..  ⬢ ⬢ ⬢ السائق المنتظر الذي صحبها لمنزله، الطريق الطويل، الحصان الغريب فحمي اللون، نفس تلك التفاصيل البغيضة بنفس جموده العجيب الذي لم تره برجلٍ قط وها هي بعد أن قرأت ما كُتب أمامها من أوراق وبعد أن فكرت ملياً بدا أمامها أن ليس أمامها حلًا سوى أن تتزوجه وتوافق على عرضه هذا لو كانت تظن أنها تستطيع استرداد ما تملكه هي وأسرتها الصغيرة. انتظرت قليلاً فلم يأتِ إليها وقد سأمت الإنتظار بمرور الدقائق بعد أن تفقدت عقد الزواج جيدًا وتفقدت الوقت لتجد أن الساعة قد قاربت من الحادية عشر ويكفي أيضاً طريق الإياب لمنزلها فستتأخر عند العودة كثيراً.. مشت لتبحث عنه بأرجاء المنزل الضخم وبعد عناء لم تجده ففكرت بالمغادرة، يبدو أنه لا يملك من حسن الضيافة واللباقة سوى العدم، فتوجهت للخارج لتجده يلهو مع "برق" حتى استدعت إنتباهه لينظر لها نظرة خاطفة ومنها إلي حصانه مرة أخرى. تفحصته بنظراتها وهيأتها التي تحولت لهيئة المغلوب على أمره وفقدت تلك الثقة بداخلها وهي تخبأ تلك الدموع المتلألئة بمقلتاها فأقترب منها وتلمس أسفل وجهها ليجعلها تبادله النظرات ولم تدر لماذا لم تبتعد عن لمسته اياها وظلت تتفقده بينما تسائل بإقتضاب: - مالك؟ في الظروف الطبيعية لا يأتي هذا التساؤل سوى من رجلٍ يكترث بإمرأة ولكن بعد غموضه وطريقته البغيضة والإجبار المستتر الذي مارسه عليها في الموافقة على هذا الزواج لا يترك لها سوى التفكير بأن هذا الرجل يستهزأ بها وهو يتسائل بسؤاله فابتسمت بسُخرية وقالت متكلمة بتهكم لا نهائي ولا تزال تحبس دموعها بين جفنيها ولا تسمح لها بالإنهمار: - أنا عمر ما دي كانت فكرتي عن الجواز، اعتبرها زي ما تحب بس أنا البنت اللي بتهتم بالحب والنهايات السعيدة وكنت بتخيل قصة تانية خالص غير إني اروح ألجأ لمحامي ويستغلني أوافق اتجوزه قصاد إنه يترافعلي بنفسه.. واعتبره فضول مني بس.. توقفت عن الكلام وهي تزفر بضحكة هاكمة ثم تابعت: - بس إيه اللي خلاك شوفت واحدة وبين يوم وليلة قررت تعرض عليها الجواز؟ ولما موافقتكش روحت خليت كل محامين البلد يرفضوا يترافعولي علشان في الآخر اضطر اجيلك واوافق على الجواز؟ حسنًا هي ليست بغ*ية، عليه أن يعلم ذلك جيدًا، ولا تقبل الوقوف على أرضٍ مهتزة، فلو كانت ستوافق وستتزوجه عليه على الأقل أن يُقنعها بإبداء سبب منطقي وحيد لفعلته! ابتعدت عن لمسته اياها لتجد زوجًا من العيون الداكنة يثقباها بنظرات لا تجعلها تطمئن إلي هذا الرجل وعقدت ذراعيها بينما هو يدور في عقله أمورًا أخرى تمامًا، هو منذ أن وقعت عليها عينيه وهو يتيقن لماذا يريد هذه المرأة دونًا عن غيرها.. كل ما في الأمر والسبب وراء ما يفعله هو ماضيه المؤلم الذي لم يترك من حاضره لحظة إلا وقد سيطر عليه بالكامل! بعد لحظات من انتظارها بصحبة تلك النظرات الغريبة اجابها بثبات وكلمة واحدة فقط: - مناسبة! رفعت حاجبيها في تعجب لتتسائل بإستهزاء: - معلش، لو ممكن توضيح اكتر ابقى شاكرة ليك! جعلته يُطبق أسنانه مسببة له طيف قليل من الحنق ولكنه تشدق بكلماته: - اكتر ست مناسبة إني اتجوزك في الوقت الحالي.. لم تستطع كبح جماح سخريتها الشديدة لتتسائل من جديد بنفس طريقتها ولكنها اقتبست من كلماته: - في الوقت الحالي!! يعني بعد الجواز تلاقي واحدة مناسبة اكتر فتتجوزها مثلًا عليا؟ أنت مصدق اللي أنت بتقوله ده؟ زفر بخفوت وهدوء كي لا يع** صورة غضبه منها، فهو لا يكره أكثر من أن يدع من أمامه يُصدق أنه قد استطاع اغضابه وسيطر على انفعاله جيدًا ثم اجابها: - أنا شخص عملي جدًا مش بيهمني الأحلام والقصص والكلام ده، وردي هو هو، انتي شخصية مناسبة إنك تكوني مراتي! قلبت شفتاها في تعجب من تلك الكلمات التي تبدو ظاهريًا مقنعة بينما بداخلها شعرت بالشتات وعدم الإقتناع فقالت: - أنا اللي اسمعه عن أي اتنين بيتجوزوا لأنهم مثلًا بيحبوا بعض، متفاهمين، قرايب، فيه بينهم سابق معرفة.. لو أنا مناسبة مثلًا زي ما انت بتقول، شايف ايه المناسب فيا؟ تن*د بضيق بدأ في الإتضاح عليه، لو كان هو محامي جيد فيبدو أنها مجادلة للغاية وهو لا يكره أكثر من الثرثرة التي لا فائدة منها ولا تضيف إليه شيئًا فتشدق حتى برز جانبي فكه أثناء حديثه بإمتعاض وظهر القليل من عقدة حاجباه: - مركزك الإجتماعي، شكلك وسنك ونجاحك، قولتلك مناسبة وبعدين أظن انتي جاية هنا علشان قولتي إنك موافقة، مشوفتكيش بتمضي أصلًا على العقد! وأنا مش عايز اضيع وقتك ووقتي اكتر من كده.. تفقد ساعة يده بطريقة جعلت دمائها كحمم بركان ثائر من شدة استفزازه اياها بينما تابع: - اظن جاوبت سؤالك والساعة بقت حداشر ونص.. شوفي هتمشي ولا هتمضي واخلصي! هزت رأسها مستنكرة كلماته وها هو بكلماته الفظة مجددًا يجعلها تشعر بإحتقان دمائها التي تغلي بداخلها، ربما ظنت أن التحدث معه سيُغير فكرة اجباره إياها على الزواج منه ولكن ها هو يوقظها مرة أخرى على حقيقة أنه مجرد و*د!! تناولت نفسًا عميقًا ورمقته بإحتقار جلي استطاع قراءته بمنتهى السهولة على ملامحها، بالرغم من الصورة المثالية بأنها إمرأة قوية لا تقهر ذات كبرياء وأنها تريد توريد هذه الفكرة لكل من تتعامل معه ولكنه ادرك جيدًا أنها اسهل من ذلك بكثير وخصوصًا تيقن من ذلك عندما سألته: - يعني رجعنا تاني، يا امضي على قسيمة الجواز واقبل اتجوزك، يا إمّا مش هلاقي اللي يرجعلي حقي من عمي وابنه في البلد كلها مش كده؟ تفقدها مليًا بنظرة ثاقبة بينما اجابها بهدوء مستفز: - لو عايزة تعتبريها كده براحتك.. وياريت يا تمضي يا تمشي علشان الوقت! أومأت له وهي تشعر وكأنها على وشك الإنفجار بوجه احتقنت دماء غضبه والتفتت متحاملة على تلك الغضاضة التي اكتسحتها وغصة حلقها تتلاعب مُجبرة اياها على البُكاء لتذهب حيث وضعت أوراق الزواج القانونية ثم أخذت توقعها بغضب شديد وكبريائها يمزقها آلمًا حتى كادت تنقله على تلك الأوراق التي لا ذنب لها بشيء وما إن انتهت حتى القت بالقلم أرضًا بغضبٍ جم ولم تكن تدري أنه يتابعها بنظراته الثاقبة خلفها! أمسكت بحقيبة يدها ثم التفتت لتقابل وجهه الغريب الذي وكأنه اختلف مائة وثمانون درجة في تلك الثلاث أيام بعد ذقنه التي بدأت في النمو ليجعلها تتعجب من هذا الرجل بملامحه الغريبة ونظراته الأغرب وكلماته التي تستفزها ثم وجدته يتسائل ببرود: - مضيتي؟ هل هو غ*ي؟ نعم نعم.. و*د غبي.. لذلك ستكتفي بإيماءة بالموافقة ليتن*د هو وكأنه ظفر بشيء ما لا تعرفه ثم وجدته يُخبرها بإبتسامة جعلتها ترتاب: - تمام.. بما إنك بقيتي مراتي قانونًا فكل حاجة هتمشي على مزاجي.. شرعت بالتوتر يقرع أبواب قلبها من تلك الكلمات الغريبة التي ازادت الموقف غرابة ولم تكن تعلم بعد أن قلبها لن يطمئن ولن يهدأ لبعض الوقت عن التوتر والإرتباك المتكرران لتتعجب بعفوية: - تقصد ايه بإن كل حاجة هتمشي على مزاجك؟ سبحت عينيه وتلك النظرة التي يبدو أنها ستؤرقها لكثير من الوقت بأعماقها وكأنه ينظر بداخلها وليس مجرد نظرة يتبادلاها فيما بينهما لتجده يتحدث بتحكم لاذع: - هتعرفي بعدين.. دلوقتي هترجعي بيتك.. أغضبها كيف بدى متحكما للغاية بل وافتقر لأي ابتسامة حقيقية تدل على فرحه بقرارها وقبولها الزواج منه.. في النهاية هو من طلب ذلك وعليه أن يكون سعيدًا ولكن يبدو أن هذا الرجل يتصرف بجنون محض وغرابة شديدة تجعل كل ما يتفوه به بعيدًا للغاية عن المنطق فسألته حانقة: - ولو مش عايزة اروح دلوقتي، ايه اللي هيحصل يعني؟؟ نظر بعينيها اللتين جهلتا ما تراه في عيناه بينما تشدق بمزيد من التحكم المصاحب لجموده الدائم:  - خدي بالك انتي هتعملي لنفسك مشاكل كل ما جادلتيني وطولتي في الكلام معايا أو اتصرفتي تصرف أنا مش موافق عليه.. حاولي تعقلي وتسمعي الكلام ومش هاكرر كلامي تاني.. ظل عقلها رغمًا عنها يكرر ما سمعت لتوها فراحت في حالة شرود تام وهي تشعر أن هذا الو*د إما غ*ي وإما مجنون وليس هناك كلمة ثالثة لوصفه وإما هناك أمرًا خفيًا يريد أن يتزوجها لأجله وهي لا تعلم عن هذا الأمر شيء ثم فاقت فجأة من صدمتها على صوته القائل: - مش هتديني اد*كي.. تمام  لم تدرِ متى تحدث وماذا قال ومنذ متى ينتظرها فوق حصانه وها هو قد توجه نحوها ثم رفعها واياه للركوب ولم تدرك حقاً كيف فعلها، أين كانت عندما غادرت من الداخل لتصبح بالخارج، لا يهم، هي فقط غائبة في تلك الكلمات السخيفة التي نطق بها لتستجمع شجاعتها ثم قالت بهدوء نتيجة لتفكير استغرق دقيقتان: - أنا مش هارجع البيت دلوقتي.. ما قالته ليس لأنها تريد أن تقضي وقتًا خارج المنزل ولا لأن هناك ما يشغلها ويستلزم عدم عودتها لمنزلها ولكن لم يكن سوى عناد منها وفضول جم  فقط لترى ماذا هناك ولماذا يبدو متسلطاً هكذا.. فهي تكره مثل ذلك النوع من الرجال ولن يكون في وسعها التعامل معه لاحقًا! عقب بهدوء هو الآخر دون أن يغضب خافيًا ذلك البراكان بداخله الذي ثارت حممه التي تغلي منذ أن دخلت لمكتبه بتلك الطريقة ثم إلقائها للأوراق في وجهه والآن تخالف آوامره: - جربي، واوعدك لو حصل هتندمي لم يكتفِ بذلك فحسب بل تحدث بداخله دون إرادة منه في البوح بالمزيد على مسامعها الآن: - كتري غلطاتك اوي علشان الحساب يجمع!! همهمت في تفهم وانتظرت وهي تنزل من على حصانه بمفردها دون مساعدته ثم قالت قبل أن تتركه وتدخل السيارة التي تنتظرها مباشرة: - مش مهم!! أوصدت الباب قائلة للسائق أن يتوجه لأحد المقاهي مبرراً أن ليست لديه الأوامر بذلك لتجد عنادها يتصاعد بداخلها وقررت أن تعود منزلها ومن ثم تذهب لأحدى المقاهي لتتناول قهوة فهي أحتاجت لواحدة أخرى بعد ما سمعته منه وغرقت في تفكير عميق.. أخذت تفكر بينها وبين نفسها، كيف سأتعامل مع شخصية مثل تلك، هدوءه مزعج وتحكماته لاذعة بشكل غريب، وماذا قصد بأنه سيفعل معي ما يحلو له وأنني سأندم؟ ما كل هذا الهراء؟ تعجبت ثنايا عقلها لما واجهته منذ قليل، لوهلة سخرت من حقيقة الأمر، ما الذي ستخبره لأبنائهما يومًا ما؟ أنها ذهبت من أجل أن يترافع لها في قضية فأجبرها على الزواج؟ أخذت تنظر للأمام قليلاً كونه شخص عملي ولا تحيط به فضائح أو أخبار تافهة كما أنه إنسان ناجح بعمله ويبدو أنه طموح ومنظم للغاية فكل هذه صفات تمنت أن تجدها في الرجل الذي أرادت أن تكمل حياتها معه.. قد تحبك كل هذه المعطيات لتُكَون قصة منها عندما يتم سؤالها من أبنائهما يومًا ما كيف التقيا! ذهب عقلها ليُفكر بأسرتها، فوالدتها أمام الزواج من شخص مثله ستكون سعيدة.. حسنًا.. هي تريد رؤيتها متزوجة بأي طريقة كانت، وبالرغم من كل ما يمتلكوه ولتغير الحياة تمامًا عما كانت عليه منذ خمسون عامًا لا تزال والدتها تحمل تلك النظرة، الفتاة لابد من أن تنتهي متزوجة وتملك أطفالًا لها..  هي تتأكد أن والدتها ممتنة كثيرًا لكل ما تفعله منذ موت والدها ولكن ستظل تُفكر بتلك الطريقة مهما تقدمت الحياة وتبلور فكر الفتيات وتقلدن مناصب كثيرة سترى في النهاية أن الزواج هو النهاية السعيدة المحتومة المفترضة لأي فتاة جيدة..  أمّا عن أخيها فهو لا يزال صغيرًا من وجهة نظرها، أمامه الكثير حتى تستطيع الإعتماد عليه كي يُصبح رجل أعمال على دراية تامة بمجال البرمجة كذلك، سيأخذ منه سنوات عديدة كي يستطيع فعلها.. بالطبع لن تتناسى مرض والدتها منذ رحيل والدها.. لن تستطيع أن تترك أيًا منهما وتبتعد عنهما، تسائلت لماذا لا يتزوجان بمنزلها ويقيم هو معهم حتى لا تبتعد عنهما ويكفي ما تواجهه من أعمال كل يوم، تسلطه هذا ستقف أمامه وقررت أنها يجب عليها أن تتحدث معه بهذا الشأن.. شردت في كل التفاصيل التي طالعتها فحياته تتسم بالغموض والغرابة وتذكرت للحظة كم كان جذابًا عندما بدأت لحيته تنمو لتبتسم قليلًا لإدراكها أنها تجده يملك جاذبية شديدة بالرغم من شخصه المتعجرف الذي هو عليه، لن تُنكر أنها أعتراها بعض الخجل الطفيف الذي ولأول مرة تشعر به تجاه أي رجل آخر.. حسنًا.. سيكون زوجها على كل حال.. عليها على الأقل تقييم ملامحه ومظهره بينها وبين نفسها! أمسكت بهاتفها ثم بعثت له برسالة على نفس الرقم الذي راسلها منه سابقًا فحواها أنهما يجب عليهما الحديث في أقرب فرصة عن بعض التفاصيل وطلبت منه أن يخبرها متى سيكون متاحًا للمناقشة!  أغلقت شاشة الهاتف ووضعته في حقيبة يدها ثم تابعت إرتشاف قهوتها في هدوء وأكملت التفكير كيف ستكون حياتها القادمة مع ذلك الغريب! لم تكمل خمس دقائق لتراه واقفًا أمامها ولأول مرة تبدو عليه مشاعر. رآت الغضب بعينيه جلي بمنتهى الوضوح لتتعجب بدهشة ولكنه أملى عليها بمنتهى التسلط: - يالا علشان نمشي.. تعالى اندهاشها فهي للتو ودعته منذ قليل ونظرت له بإبتسامة متعجبة وتسائلت بعفوية: - كنت عايزة اقعد لواحدي شوية، إيه المشكلة معلش؟ أكملت تناول قهوتها في هدوء وكأنه ليس بموجود أمامها لتضيف بسأم حانقة:  - وكمان انت قطعت حبل افكاري وشوية الهدوء اللي كنت فيهم.. ابقى اتكلم قبل ما تيجي.. تفقدها لجزء من الثانية ليعقب قائلًا: - تمام.. اقترب منها وسرعان ما وجدته يجذب يدها ويجبرها على مسك حقيبتها وتوجه خارجًا وقبضته قد أشتدت على يدها وكأنه لن يتركها أبدًا لتصيح به متسائلة: - انت بتعمل إيه؟ ده أنا حتى محاسبتش! وبعدين أنت ازاي تتعامل معايا بالأسلوب ده؟ انتظرت أن يُجيبها وهي تهرول رغمًا عنها خلفه كي تتبعه وتستطيع مواكبة خطواته لتجده يجلسها رغمًا عنها بأحدى السيارات ودلف بجانبها وأنطلق مسرعًا دون النظر إليها ودون أن يجيب أسئلتها.. زفرت محاولة أن تستلهم بعض الهدوء المطلوب لكلماتها التي ستتحدث بها وبداخلها غضاضة من تلطه اللاذع وتصرفاته التي كلما بدرت منه جعلتها ترتاب بمستقبلهما معًا: - بص.. شكلك عندك هوس بموضوع السيطرة والتحكم في كل حاجة.. وأنا مبعرفش اتعامل مع الشخصيات دي.. لأ أنا زيي زيك أنا اللي بدي الأوامر بطبيعة شغلي وحياتي، فحاول نلاقي ارض ما بيننا علشان نعرف نتعامل قدام وحاول تقبلني زي ما أنا ظنت أنها توضح بعض النقاط الهامة التي ستبنى عليها حياتهما القادمة معًا ولكنها لم تعلم ما البركان الذي قد أججته بداخله لتوها وفجأة سمعت زئير مكابح السيارة التي توقفت وقد ألتفت إليها بعصبية بالغة وصاح بها بطريقة غريبة لم يحدثها بها شخص من قبل: - أنا كلامي بيتسمع، وهتعملي كل اللي بقول عليه.. حاولي تفهمي ده كويس وإلا هتندمي بجد امتلئت بالاستهجان التام بعد سماعها لتلك الكلمات منه لتندفع بمعارضة قاطعة، عليها أن توضح له بمنتهى القوة أنها لن تتقبل هذا أبدًا فقالت بإستنكار ونبرة مستفهمة: - هو احنا ليه معلش منتفقش؟ ليه كل كلامك هتندمي وهتعملي وانا كلامي يتسمع.. معلش أنا مش بشتغل عندك ولا مجرد حد المفروض يسمع كلامك.. مراتك يعني شريكة حياتك.. الطريقة اللي بتتعامل بيها معايا دي مش هتنفع أبدًا! تفقدها شاعرًا بغضب أخفاه خلف جموده بينما هسهس متشدقًا بتحذير: - حاولي متستفزنيش أكتر من كده علشان اللي هيحصل قدام مش هيعجبك! استمع لضحكتها الساخرة المليئة بالإستهزاء والكبرياء وكان أكثر من ردٍ كافٍ عليه ولكنها لم تكتفِ بذلك بعد لتهمس وسط ضحكاتها التي قاربت أن تُدمع عينيها: - بجد ضحكتني  استطاعت أن تغضبه أكثر دون إدراكها لهذا ولكنها تحاملت على ضحكاتها لتقول بجدية: - اسمع يا عمر، مش أنا اللي بتاخد اوامر من حد، ومش أنا اللي بتنفذ حاجة هي مش موافقة عليها وتسمع الكلام وخلاص وهي مش موافقة، ولو كنت في ظروف تانية كان استحالة اتجوز واحد يتحكم فيا بالأسلوب المتخلف ده، وآه بالمناسبة علشان نبقى اتكلمنا في كل حاجة الـ message اللي بعتهالك كانت بخصوص اننا نقعد في بيتي لأني مش هاسيب ماما وأخويا لواحدهم.. فكر براحتك خالص ولو كنت معترض على الجواز ده يبقى بلاش منه خالص! ياريت تعرفني في أقرب وقت.. تحامل على غضبه ألا يتفلت منه وتحدث بمنتهى الجفاء بصيغته الآمرة التي لا يتخلى عنها مقررًا بداخله ألا يخسر هذا النزاع الكلامي، كونه محامي بارع وكونه رجل سادي لن يقبل بأن يستمع لإمرأته التي تزوجها على الورق قبيل قليل بأن تسود هي هذا الجدال: - أولًا.. انتي بقيتي مراتي بعد ما مضيتي، فالجواز حصل خلاص ومبقاش فيه مناقشات.. ثانيًا مش عمر الجندي اللي يقعد في بيت واحدة ست.. وتالت حاجة اوعدك إن كل اللي مش موافقة عليه هتحبيه بمزاجك وهتسمعي الكلام اللي بقول عليه..  آخر حاجة احب الفت نظرك ليها إني هاعدي كل عدم سمعان الكلام ده والجدال الكتير بتاعك أنا هعديه وكأنه محصلش، بس من دلوقتي تحديدًا ومن ساعة ما الكلام ده أنا نطقت بيه كل حاجة هتعمليها هيبقى ليها حسابها.. أنا شايف إنك ذكية، ياريت تسمعي الكلام وإلا اللي هيحصل مش هيجبك وهتندمي على كل اللي بتعمليه ده قدام! تحدثه بتلك الطريقة دفعتها لهز رأسها في إنكار واستهزاء ولم ترغب أن تجيب كل كلمة من كلماته وتعقب عليها فلقد منعها كبرياءها أن تستمر في مثل هذا الحديث لتسمعه يتمتم بقليل من الرضاء: - كويس جدًا إنك مقولتيش حاجة.. برافو! ظلت محافظة على هدوئها وهو يستمر في القيادة لمنزلها وحتى وصلا لم تغادر الإبتسامة شفتاها بينما هي تحاول السيطرة على كم ذلك الإستفزاز والإنزعاج الذي نجح وتمكن في إحداثه بداخلها وبمجرد توقف السيارة لم ترضخ لذلك الحديث بينما قالت بإندفاع: - لعلمك أنا موافقتش على كلامك ده.. وإني سكت ومتكلمتش ده لأن كلامك ده عبارة عن تخلف وجنان، ومظنش في حياتي كلها كنت أتصور أقول كده لحد وعمري ما اتكلمت مع حد بالأسلوب ده بس للأسف أنت اضطرتني إني أقولك طز فيك وفي كلامك وفي كل التخلف اللي بتقوله ده! زفرت بعد أن انهت صياحها به بكل ما لديها من عزة نفس وكبرياء ثم صفعت باب السيارة بقوة وتركته مسرعة دون أن يتحدث بتراهات كما رآت من وجهة نظرها ولم تكترث بأن تنظر خلفها ولو لثانية واحدة لتفقد ردة فعله على كلماتها. ⬢ ⬢ ⬢ مر شهر كلمح البصر، على الرغم من أنه سيكون زوجها أو بالفعل زوجها ولكن هي أقل من رآه في تلك الأيام، بدأ في تحضيرات الزفاف من على بُعدٍ تام في طيات التزام الصمت.. لن تُنكر أنه كان كريماً للغاية مما جعلها تتعجب من تلك الشخصية التي ستتعامل معها.. هل هو رجل كريم أم رجل متسلط متحكم بآرائه وبما يُريده؟!  ابتاع لها منزلاً بالقرب من أكبر شركاتها وجعلها تختار كل أنملة به ولكن دون أن يراها، نفذ لها رغبتها بتواجد أخيها وأمها بنفس المنزل، والذي أجج حيرتها هو مصادقته لأخيها "بسام" الذي لم تتوقع أن يتحدث عنه بمثل تلك الطريقة وكأنه يعرفه منذ أمد بعيد، كان لائقاً بالإحترام والتهذيب المبالغ بهما وحتى والدتها ظنت أنه الوحيد الذي خُلق من أجل إبنتها وقد **ب ثقتها وأحترامها حتى ظنت "روان" نفسها أنه ابنها وليست هي. أقترب موعد العُرس الذي كان في أحد أكبر الفنادق بالدولة ولكن في نفس الحين كلما اقترب الموعد المحتوم كان خوفها يزداد وينتابها حالات من التوتر والأرق الشديد من كثرة التفكير، لم تعرف معنى للفشل يومًا.. وكل ما لا تريده هو فشل زواجها الغريب الذي لا تعلم كيف وافقت عليه! لم يمر شهرًا في حياتها بمثل تلك السرعة مثلما مر هذا الشهر بكل ما به من تفاصيل! كل شيء حرفيًا مر كلمح البصر، كطرفة عين كما يقولوا هم لم يكذبوا التعبير، ليس فقط الترتيبات للزواج وتعلق عائلتها به بل كذلك حب وتقبل أسرته لها كان سريعًا للغاية وكأنهم وجدوا بها ملاذهم الأخير.. وما أدهشها حقًا هو أن جميع أفراد أُسرته كانوا مختلفين عنه تمامًا.. لا تجد سببًا منطقيًا لجموده وغموضه بينما أفراد أُسرته كانوا أفضل ما يكون.. والدته سيدة رائعة وحنونة ولاقت قرار "عمر"  بالإستقرار أخيرًا بزواجه من إمرأة بسعادة غامرة ليست لها مثيل.. أخذت تعد معهما للزفاف بكل تفاصيله بطاقة وحيوية طائلة، وأمّا والده السيد "يزيد" الذي كان يطنب بحديثه اللطيف وملامحه البشوشة جعلها تقع في عشقه، لم يكن بنفس الجدية والصرامة التي كان ابنه عليها إطلاقًا..  حتى أخته "عنود" مدللة بطريقة ظريفة بما أنها أصغر أفراد العائلة فهي تبلغ من العمر تسعة عشر سنة وعفوية طوال الوقت، بينما كان "عُدي" وهو الأخ الأوسط مرحاً مرح لم تجده بشابٍ من قبل، بل ولديه عمل خاصًا في مجال البرمجيات مما جعله أكثر من يتحدث معها وفتح سبيل لأن يكونا متقاربان وأستمتعت بالإستماع لأفكاره وتواعدا بأن يكن بينهما تعاونًا يومًا ما. عندما فكرت في كل ذلك وبصحبة ما تعرفه عن نصائح للزواج والإرتباطات بوجه عام، رجل لا يشوب سُمعته شائبة، ناجح، جذاب، طموح، يُعامل الجميع بحسن أخلاق، أُسرته تكاد تكون مثالية، كريم، يمتلئ بصفات كثيرة جيدة.. ربما شخصيته غريبة قليلًا ولكن بالنظر لكل صفاته الأخرى ومع الأخذ في الاعتبار الصورة النهائية لذلك الزواج قد ينتج عنه في النهاية زواجًا غاية في النجاح.. لطالما كانت ذكية، تتحدى من يقف في طريقها، ألن تستطيع مثلًا أن تفهم رجل بكل ما هو عليه؟ ستنجح معه بالتأكيد، ربما كان لديها تلك الرغبة بالوقوع في العشق قبل الزواج ولكن قد تختلف البدايات وتبقى النهاية السعيدة واحدة.. سيكونا بأفضل حال بالتأكيد! على صعيد آخر، لم يرق "عمر" اقتراب أخيه من "روان"، هو يعلم جيدًا كم هو زير نساء مخضرم وعلاقاته متعددة بالفتيات وخاصة ردة فعله كانت مريبة عندما عرف بزواج أخيه من "روان صادق" التي كانت مطمع للكثير بحُسنها ونجاحها **يدة أعمال في عمرٍ صغير، فليس هناك من لم يبد رأيه بكم هي جذابة وفاتنة وقد أغرقه أخيه حديثًا عن هذا وكم هو محظوظ بمثل تلك المرأة وكان كل كلمة يتفوه بها تُعد بمثابة إشعال النيران بيمٍ من الوقود. مرت الأيام أكثر سرعة، حتى وصلا كلاهما إلي الموعد المحتوم، كان زفافهما راقياً للغاية، به عدد قليل من المقربين وحفنة من زملائها مما كانت على علاقة سطحية بهم أثناء دراستها بالجامعة، فتواجدها واهتمامها بالعمل لم يترك لها الوقت للتقرب من المزيد.. حاولت الصحافة ووسائل الإعلام أن تحصل على بعض اللقطات أو الأخبار ولكن كان هناك حرسًا هائلًا من رجال الأمن وتكتمًا شديدًا على حفل الزواج بناء على رغبة "عمر" التي لم تفهمها، وتسائلت بينها وبين نفسها لماذا بالغ في كل تلك الإعدادات؟ آلمها دون الإفصاح عن ما تشعر به أنهما عندما رقصا سويًا لم يبادلها الكلمات، كانت نظرته الثاقبة كلما قابلت عيناها وترتها وأخافتها فلم تستطع إلا النظر بعيدًا أو لأسفل لتهرب من تلك النظرة المتفحصة الثاقبة التي تشعر وكأنها تُربكها وتخبطها داخليًا، واكتفت بالتظاهر أنها سعيدة وحاولت الحفاظ على ابتسامتها قدر الإمكان طوال الليلة.. تفقدته بين الحين والآخر بملامحه التي حقًا تُفزعها، أحيانًا يبدو بمظهر جاف عندما ينمو شعره ولحيته وكأنه رجل غير مكترث بالحياة بأكملها ومظهره وقتها يبدو وكأنه أحدى الرجال الذين لا ينتموا إلي تلك الطبقة المُخملية ليفاجئها بعدها بمظهر آخر تمامًا لرجل أنيق يتحلى بأخلاق وحُسن تعامل ولباقة شديدة غاية في المُبالغة تلائم ملامحه الهادئة وذقنه الحليقة وشعره المُهذب بعناية فائقة وكأنه احدى المتحدثين الرسمين أو ربما عارض أزياء.. لقد مزقها بين تغير مظهره مائة وثمانون درجة حتى باتت تُفكر أنها لا تعلم من هو حقًا..
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD