رأت تلك الفتاة تقترب منهما .. فتاته الجديدة .. وتنفست بحنق اكثر .. هذا ما ينقصها فعلا ..
" امير .. لقد لوثت ثوبي .. اه شمس كيف حالك ؟! "
حاولت حل مع**ها من يده لكنه لم يفلته .. وحدقت به بعنف ليتركها .. هل هما متلاصقان الان لا يفترقان ؟! .. بدفعة قاسية من ذراعها الحرة الغت اتصالهما بينما نظراتهم المتحدية مازلت تشتعل .. ورغم اقتراب الفتاة اكثر ووضع يدها بتملك على ذراعه الا انه لم يحررها من اسر عينيه
" ما بكما ؟! "
لم يجيباها كان هناك صراع كالعادة بينهما .. وأحد لم يرد **ره .. شمس بانفعال وحنق وهو بسخريته وابتسامته المائلة .. وحاولت مجددا تجاوزهما فعاد ليقبض على مع**ها مشدد يده اكثر حتى آلمها
" امير نجار .. لا بد اني احلم "
لقد اكتمل الحظ .. انثى اخرى .. ورأت الفتاة تقترب وتبتسم بميوعة ثم تكمل بصوت مغيظ
" شمس هنا ايضا .. اجتماع رائع .. من هذه ؟! "
ضحكة عميقة عبرت حولهم واخيرا تحرر مع**ها وهو يقترب من الفتاة سوداء الشعر احدى بنات عمته والتي رسمت بحمرة شفتيها قبلة فوق خده .. اشعرتها بالغثيان .. ارادت الهرب .. الابتعاد .. قبل ان تدفع الفتاة وتمسح بيدها خده لمرات .. وقطبت
" تسرني عودتك .. لم تعرفني ؟! "
هي كانت خارج الحديث قلبها ينبض بشدة لما تفكر به .. ثم نظرت نحو ديمة .. ثم نحو الفتاة الاخرى .. ماذا تفعل هنا ؟! .. لقد انتهى الوقت الذي تكون فيه واحدة من نسائه .. احتل الحزن عينيها وقبضت يدها تمنع نفسها من ايذائه بض*به لمرات ثم استدارت تبتعد وهي تعود من حيث اتت .. لكن صوت ابنة عمته اوقفها
" هل انتهيت من ابنة الحي الفقير اخيرا ابن خالي ؟! "
هذه المرة سمعت صوت ديمة .. الفتاة التي كانت تبدو متفاجئة مما يحدث حولهم .. وجعلت دمائها تغلي وهي تهمس ببراءة
" هل كنت تحب فتاة من قبل ؟! .. لم تخبرني بهذا ابدا "
" كان يتسلى مع تلك عزيزتي "
هذه المرة احتلت المرارة حلقها .. وشعرت بالغضب من استماعها لهذه الاهانات بحقها .. اكملت طريقها متجاهلة الامر .. ربما لو انها كانت شمس الماضية لتصرفت بجنون وغيرة ومزقت الفتاتان .. لكن هو ازال هذا الحق من يديها ..
بحثت عن ريم لمرات تتامل السيارات من حولها في مدخل المنزل الخلفي حيث ركنت ريم سيارتها .. لقد ارسلت لها رسالة للتو لتوافيها الى هنا فورا .. انها تريد الرحيل .. ستجن ان لم تفعل .. يكفي ما تشعر به من اختناق للان .. وعضت شفتها .. لما هي منفعلة لهذه الدرجة ؟! .. اين برودها وجمودها المعتاد ؟!
" ظننتك غادرت "
" وظننت انك اكتفيت بامرأتين "
ابقت رأسها منخفض وهي تحرك قدمها وتض*ب حذائها ارضا ..
" هل تغارين علي ؟! "
ضحكة ساخرة تجاوزت شفتيها ثم بللت شفتها ورفعت رأسها لتحدق به .. ألم كبير عبر جسدها ليختنق بدموع محبوسة في حدقتيها .. ها هو يسخر منها مجددا
" انا لست منافقة لانكر الامر .. احدنا على الاقل مازل لديه قلب صحيح ؟! .. اظن انك ايضا مازلت تشعر بالتملك والغيرة .. مخلفات حب سابق .. هل تحاول جعلي اغار ؟! .. ام تبحث عن عبث لتمضي وقتك به ؟! "
توسعت ابتسامته ومال رأسه ليقول بمرح جعلها تقبض يدها بعنف محاولة تهدئة نفسها
" ومن قال اني لا اعبث هنا وهناك شمسي "
" انا قلت "
وتحدته ان يكذب .. ان يخبرها بانه خانها فعلا وقولا .. بعدها ابعدت عيناها عنه وبصوت واثق قالت
" ان فعلت سافعل .. سلم نفسك لاحداهن .. وعندها .. انا ساعطي غيرك .. ما تظن انه ملكك وحدك ... دائما اللعبة ممتعة اكثر بلاعبان حبيبي "
ضحكة عميقة خرجت منه .. اسرتها .. قلبت عالمها .. وخذلتها مع انتهائها بكلماته
" لقد فعلت حبيبتي .. اذا هيا .. افعلي المثل "
" من هي ؟! "
قالت بجنون واختفى هدوءها وثقتها .. غيرتها ظهرت للسطح مهددة بابتلاع الكل .. وقبضت يدها بانتظار كلماته .. لكنه ابتسم فقط تلك الابتسامة التي بدأت تمقتها .. ولم يجب
" من هي ؟! "
اصبح صوتها اقوى ثم رفعت قبضتها لتض*به فامسك يدها ببساطة وقبل قبضتها بشفاه حارة .. حرك بعدها ابهامه فوق ظهر يدها وقال
" اهدئي شمسي "
" اتتلذذ بهذا ؟! .. اتتشبع بإيذائي ؟! .. رباه "
" شمس .. امير !!! "
صوت ريم قاطعها فحررت يدها وابعدت عيناها عنه .. وقفت ريم تبادل نظرها بينهما ثم قالت ..
" ما الذي يحصل بينكما ؟! .. امير .. الن تتوقف عن ازعاجها ؟! .. اتركها وشأنها اخي .. انت لد*ك حبيبة الان ام اننا مخطئون ؟! "
" ابدا .. انت محقة اختي .. وداعا "
نطقت بصوت ضعيف تناديه قبل ان يخطوا بعيدا وقالت وهي ترفع عيناها المشبعتان بالقلق نحوه
" لم تخبرني من هي ؟! "
تجمدت ملامحه ثم قال بصوت بارد وعيناه تنظران نحوها لمعرفة ردة فعلها
" يوما ما سأعرفك عليها .. "
رمشت .. ثم تنفست بحنق وهي ترمقه بغضب فقطب حاجبيه لثوان ثم ابتسم لها بتحدي كعادته .. قالت بعدها بهدوء وهي تستدير ..
" لنغادر ريم "
الو*د عديم الضمير .. لقد تقصد التلاعب بها وكم تكره تلك الثقة المفرطة لديه .. بغيض .. هتف داخلها وهي تدخل سيارة ريم .. اسندت رأسها للخلف .. انها تعرف ان لا غريم لها سواه .. هو فقط .. وستموت قبل ان تتركه يضعفها
********
" اذا .. ستكون العملية خلال ايام .. واظن ان المراجعة ستكون دورية لمرتان بالشهر .. "
كورت قطعة الصلصال وعادت بعينيها لعمرو وهي تسأل
" الن يكون هناك مضاعفات ؟! "
" لا تخافي انا هنا معك "
ابتسمت له ثم عادت لتحرك اصابعها في عجينة الصلصال لتشكلها .. صوت طرق عالي على الباب وهتف كلاهما
" ريم "
ثم ضحكا معا وهو يخرج لادخال الفتاة .. بصخبها المعتاد دخلت ورفعت يدها تهتف بينما علبة كرتونية زرقاء تتوضع فوقها
" من يريد بعض الكيك ؟! "
وضعتها بعدها جانبا واقتربت تقبل خد شمس .. وتصافح عمرو جلست بعدها بارهاق وصرخت
" قدماي .. اتعلمان انتما محظوظان جدا .. لقد ركضت لساعتان لاجل ان اعوض ما سآكله من حلوى الان .. بينما كل منكما يمكنه اكل خاروف .. ومازل منظر اهل الصومال يلازمه "
ردت عليها بينما تمسح جبهتها من الصلصال فتلطخها اكثر دون ان تنتبه
" حبي .. لمعلوماتك .. قبل مرض امي كنت مثلك .. اي ما اكله يتحول لدهون فورا .. من الجيد ان الركض بين المشفى وهنا لديه ايجابية واحدة "
زفرت ريم وخلعت حذائها كما حال شمس التي تسير حافية ايضا ..
" ليس صحيحا .. لد*ك منحنيات نعم .. لكنك لم تكوني ابدا ذات حجم كبير حبي .. ثم انظري لجسدك .. اقسم ان نايومي كامبل تغار من ذلك الجسد "
" لن اشارك بهذا .. ماذا جلبت معك ؟! "
اندفع عمرو يفتح العلبة ثم قال بصوت ساخط
" شكولا .. تعرفين اني لا احبها "
" ومع هذا تلتهم النصف في كل مرة "
قالت بينما تضحك ريم لاجابتها تركت اخيرا ما تفعله فبوجود الاثنين لايمكن لها ان تعمل .. خطت لتزيل الكفين الرقيقين وترميهما في القمامة ثم غسلت يديها ليظر بياض بشرتها وسمعت صراخ عمر من خارج الحمام
" اغسلي جبينك ايضا "
نظرت نحو المرأة وهتفت بسخط
" اوه .. الامر ذاته "
وانحنت ترشق وجهها بالماء وتفرك جبينها حتى احمر بفعل قسوة اصابعها فوقه .. امسكت بعدها بالمنشفة ومسحته ثم اعادتها لمكانها وحلت شعرها تبعثره ..
" اترك شيء لغيرك عمرو "
" انه وحش .. وحش .. ويقول عني مدمنة سكر .. انظري اليه .. "
تأملته يأخذ قطعة اخرى من الكيك ويلتهمها بتلذذ ثم هتف لكلتاهما بعد ان ابتلع
" انا دون اكل منذ الصباح .. وان عددتم شطيرة من الجبن اكل حتى "
هذا صحيح فعمرو يقضي معظم وقته بالمشفى وينسى وجباته كحال شمس هذه الايام .. فقد كان من يهتم باكلها هي والدتها .. ومنذ مرضها شمس تجد راحتها بالعمل اكثر من التجول وصنع الطعام الذي لا تجيده
" اعطني واحدة "
اخذت منه القطعة المغمورة بالشكولاته وجلست فوق الاريكة بالمنتصف ثم غرزت اسنانها في تلك الحلوى .. **ت خيم عليهم وشمس تأكل باستمتاع كبير ثم قاطعته ريم بهمس خائف
" امير .. سيعلن خطبته على ديمة "
تجمدت يدها وابعدت القطعة .. اهتزت بيدها ثم لم تعد تقوى على حملها فاعطتها لعمرو ومضغت ما بفمها بصعوبة لتبتلعه قبل ان تختنق ..
" اردت ان تعرفي مني .. رغم صعوبة ان انقله لك .. اسفة حبيبتي "
" انا .. "
ووقفت تنظر حولها لمرات .. ماذا سمعت للتو ؟! .. ثم خطت تتجاوز الباب .. لحق بها عمرو بسرعة لكنها منعته تهمس وهي تهز رأسها
" لا تفعل .. ساعود بعد قليل "
تركت المشغل وخطت نحو الشارع .. سارت دون هدى في ظلام الليل الى ان وجدت نفسها تتلفت حولها بحثا عن شيء لا تعرف ما هو .. وجلست اخيرا فوق الرصيف .. تسرب البرد اليها .. غامرا جسدها فحضنت نفسها تواسيها .. واي مواساة يمكن ان تفيدها .. تكرر صوت ريم برأسها
" سيعلن خطبته على ديمة "
صوت فرامل سيارة جعلها تجفل ثم خرج عمرو واقترب ليجثو بجانبها فرفعت رأسها اليه وهمست
" كذب .. صحيح ؟! .. كذب .. قل اني لم اسمع هذا "
" شمس "
صرخت بصوت عالي
" فلتمت شمس .. رباه .. "
حاول لمسها فابعدته واخذت تتنفس بسرعة .. الهواء لا يكفيها .. ان ص*رها متضخم بطريقة لا يمكن تخيلها .. عادت لتنظر لعمرو وسألته
" لما ؟! "
" دعينا نعود للمشغل .. اننا وسط الشارع شمس "
عضت شفتها ونظرت حولها بحيرة .. السيارات كانت تؤذي عيناها الشاردتان بضوئها القوي .. لكنها لم تكن تشعر بشيء .. يد عمرو لامست كتفها وسأل
" انت بخير ؟! .. شمس ! "
ورنت الكلمة داخل روحها الخاوية .. بخير .. وهل هناك يوم يمر وتكون بخير .. لقد ظنت انها ارتاحت مع خبر عودة امها غدا للمنزل .. واغمضت عينها تعتصرهما فأحرقتاها .. انها تشعر بغصة البكاء بحلقها .. لكن عيناها جافتان .. ومررت اصابعها فوقها تفركهما بعنف
" تعالي .. "
بقوة سحبها عمرو وجرها ليدخلها الى سيارته .. لم تدرك كم ابتعدت الا عندما قطعت السيارة اربع شوارع الى ان وصلت للمشغل .. فتح بعدها الباب لها ووجدت ريم تندفع نحوها ووجها تملأه الدموع .. ادخلاها ثم سمعت صوت عمرو الامر
" ريم هاتي ماء .. ريم "
عيناها التقطت جسد الفتاة تدخل المطبخ ورفعت رأسها تسأل عمرو
" لا اشعر بيدي عمرو .. لما ؟! "
" اهدئي عزيزتي .. هاتي .. احضري حقيبتي من السيارة "
اندفعت ريم تنفذ امره بينما وضع الماء بقرب شفتيها فرشفته ببطئ ثم نظرت نحو يديها .. اصابعها كانت ترتجف بشدة .. يده امتدت تفركهما ثم قال لها
" اضغطي اصابعك على يدي "
اخذت وقت لفعل هذا .. وتنفست بصعوبة ريم وقفت جانبا وهي تقول بقلق
" انها شاحبة جدا عمرو .. لم يكن علي اخبارها .. "
" اهدأي ريم واجلسي انت ايضا .. انها بخير "
سماعة الاذنين وضعت فوق ص*رها ثم امرها
" خذي نفس عميق شمس "
فعلت وكررت الامر لمرات ثم قال بصوت ناعم
" لقد اقلقتنا انستي .. دلالك ارعبني "
ارتجفت شفتيها وشعرت اخيرا بعيناها مببللتان فرفت تمنع نفسها من ذرف الدموع .. ليس الان اقله .. فهي مضطرة للذهاب لرؤية والدتها ..
" ماذا عن ماما عمرو ؟! .. لا يمكن ان اظهر هكذا امامها .. "
يده لامست شعرها بلطف ثم قال وهو يقف
" سافعل انا بدل عنك .. ريم ابقي مع شمس .. سأتصل لاحقا .. "
غادر بينما رفعت شمس قدماها ولفت يدها حولهما .. ريم بقيت بعيدة في الزاوية الاخرى للاريكة .. وساد **ت صاخب حولهما .. صاخب بصخب الضجيج داخل قلبها ..
" متى الحفل ؟! "
لا اعلم بعد "
رفت بجفنيها ثم اقتربت لتضع رأسها فوق فخذ ريم التي اخذت تلامس شعرها وتبتلع غصة بكاء تفلتت منها ..
" لا تبكي "
" اكره رؤيتك هكذا .. انه يشبه يوم معرفتك بمرض والدتك .. انت حتى لم تبكي "
عضت شفتها وهمست
" اعلي ان ابكي .. داخلي يفعل ريم .. لكن .. ما اشعر به شيء لا يمكن شرحه .. انا لا اعرف ما هو .. عندما اعرفه .. سابكي .. اعدك "
واغمضت عينيها تحاول اقصاء كل مشاعرها جانبا .. ورأته .. وجهه .. ابتسامته .. وهمسه الخافت .. احبك وحدك ..
" هناك شيء خاطئ .. اقسم شمس اخي مازل يحبك .. لكن لا اعرف لما يفعل هذا ؟! "
ابتسامة سخرية عبرت شفتيها وهمست
" وهل يهم ؟! ... انا .. اتمنى لو انه لم يعد .. لو اني مازلت انتظره بغباء .. على الاقل .. هذا اقل ألما .. اقل مرارة "
..........