ما وراء المجرة

الحلقة-5- بوسيدون

الأرض متحف المنتقمين

تمكن ماثيو ومن معه من الوصول إلى متحف المنتقمين،وهو متحف يضم تماثيل لأبطال خارقين عاشوا في الماضي،منهم كابتن أمريكا، وكذلك الرجل الضخم أخضر البشرة والرجل النملة والرجل العنكبوت وغيرهم.

خاض أولئك الأبطال الخارقون الكثير من المعارك الكونية ،في محاربة الأشرار والمجانين، ولكنهم توفوا جميعا في حوادث ومعارك متفرقة .

وصل الثلاثة إلى المتحف بطريقة غريبة جدا،حيث أعطى ماثيو للمراسل ولربان الطائرة جهازا غير الكتروني يعمل بالطاقة الحركية،وبمجرد تحريك ولف تلك اليد تتحرك الريشات،ويتحول كل منهما إلى طائرة هيليكوبتر.

مكنهم ذلك الجهاز بالطيران مسافة طويلة،حتى وصلوا إلى سطح المتحف،وهبط الثلاثة بسلاسة دون خدوش.نزلوا عبر سلالم الطوارىء حتى وصلوا الى بهو كبير تتناثر فيه تماثيل لأبطال خارقين قدامى.

"ولكن كيف لتلك التماثيل أن تنقذنا؟ "  قالها المراسل بسخرية استفزت ماثيو فقال بتهكم : هذا إذا كانت تماثيل فعلا. همَّ الرَّبان بقول شىء ما ،ولكن قاطعه شيئا عجيبا قام به ماثيو أمامه.

***

انطلقت إحدى سفن بي**افوتا تجوب الفضاء الشاسع بين بلوتو،وكوكب نبتون والتي كانت تحمل على متنها الفريق الأساسي،لاستكشاف مجرة درب التبانة.

كان الفريق يضم  جينو وجاك وآينياس ومايكل ومعهم سوكيو الفني المسئول عن تلك السفينة .

استغرقت الرحلة بضعة أيام ضوئية ،باستخدام تقنية القفز الفضائي التي طورها سوكيو مؤخرا،باستخدام ذلك الحجر الذي يشع طاقة هائلة جعلت محركات السفينة تقطع مسافات شاسعة في وقت أقل بكثير من الطرق التقليدية.

اتكأ جاك على زجاج النافذة الموجودة في مقدمة السفينة، لتكشف له عن عظمة ذلك الكون الفسيح الذي يُعد فيه جاك ذرة متناهية الصغر قد لا تذكر، شرد جاك كثيرا في كوكب نبتون،حيث أصبحت السفينة على مقربة من قمره الكبير والذي يدعى تريتون .

كان نبتون يلمع في المادة المظلمة ،ويبدو كأنه ماسة زرقاء مما أثار إعجاب سوكيو الذي قال بدهشة : يا له من كوكب بديع ترى ما سر هذا اللون الأزرق الذي يتشح به ؟

ابتسم مايكل وقال : إنه غاز الميثان الذي يغلف سطح الكوكب بطبقات سحابية سميكة منه ، لا أعلم ما تسمونه في ثقافتكم .

ابتسم سوكيو فسال ل**به الأزرق وقال : عندما نصل إلى سطحه سآخذ عينات كثيرة منه، ومطابقتها بالبيانات المخزنة في السفينة .

ضحك جاك وقال متهكما: ومن سيسمح لك بالهبوط على سطحه؟ ثم لوح بسبابته وقال بلهجة تحذيرية : لقد تم تعييني قائدا للفريق، وعليكم إطاعة أوامري، أليس كذلك؟ زفر سوكيو بضيق ثم طأطأ رأسه قائلا : حسنا هل ستسمح لي بالهبوط على سطحه؟

هز جاك رأسه نفيا ثم قال: لن يهبط هناك سوى آينياس و مايكل فهما آلتان ذكيتان يمكنها التكيف بسهولة مع الظروف الجوية الصعبة هناك،أما نحن سنكون في مدار القمر الأكبر تريتون لدراسته،ودراسة بقية الأقمار الخاصة بنبتون.

ثم أدار دفة الحديث إلى مايكل وقد أمسك بيده أسطوانة مدمجة ثم قال له: عليك يا مايكل تحميل تلك المعلومات المتوفرة حاليا عن نبتون ،والمخزنة على هذه الأسطوانة إلى ذاكرتك وتجهيز الأنظمة الخاصة بك ،وكذلك آينياس لتتماشى مع خصائص كوكب نبتون .

ثم التفت إلى جينو وقال له بحماس : راقب مجسات السفينة التي تخبرنا عن مدى اقترابنا من مدار نبتون، وكذلك تريتون ثم أشار إلى دائرتين ذات لونين مختلفين  وأردف قائلا : الأحمر يعبر عن مدار نبتون والأزرق عن مدار قمره تريتون .

اتجه جاك إلى سوكيو وقال له : أما أنت فستراقب كل شىء في السفينة حتى أستيقظ من قيلولتي.

تثاءب جاك ثم جلس إلى كرسي القيادة الخاص به واستمع إلى إحدى تلك الأغاني الكلاسيكية، والتي تتنافى مع شخصيته المرحة منتظرا وصول السفينة إلى مدار القمر تريتون، في حين انشغل رفيقيه بالمهام التي أوكلها إليهما جاك منذ قليل.

اندهش جينو وكذلك سوكيو من قدرة جاك على النوم في تلك الظروف ، فهم على مشارف كوكب أقل ما يقال عنه أنه عملاق جليدي .

***

سجن بوسيدون

 أصبح بوسيدون إله البحار والمحيطات عندما هبط على كوكب الأرض في الأزمان الغابرة منذ آلاف السنوات ...ولم يكن إلها مسالما ..كان مشاغبا مثيرا للمتاعب ..يهوى المنازعات .. يعشق الصراعات ..

قامت صراعات عديدة بينه وبين كثير من الآلهة من أجل فرض وصايته على مناطق أخرى غير البحار والمحيطات، ولكن كان مصيره الهزيمة في أغلب الأحيان ، لذا بحث بوسيدون عن كوكب آخر غير الأرض؛ليستكمل أبحاثه عن حركة الأمواج والبحار والمحيطات ،ودراسة المسطحات المائية والسيطرة عليها

اكتشف بوسيدون كوكبا أزرقا بعيدا جدا عن الأرض ، كان كالياقوتة الزرقاء ففُتِن بلونه الأزرق، فكان يظن خطئا أن ذلك اللون الأزرق سببه كثرة المحيطات فيه ،فأعد عدته وأخذ معه من كل الكائنات البحرية الموجودة في مياه كوكب الأرض زوجين ،والتي عكف على اصطيادها سنوات .

تلك السفينة الفضائية التي عكف على بنائها سرا لمدة سنة أرضية ودون أن يلاحظه أحد من الآلهة الأخرى، فكان ينتوي تجهيز جيش من تلك الكائنات البحرية، وتعديلها وراثيا لتكون عاقلة فيسهل ترويضها وتكون عماد مُلكه فيما بعد.

كان بوسيدون لا يفقه كثيرا في علوم الفضاء ،بل كان مولعا بحركة المياه في كوكب الأرض،ولكنه استعان ببعض المخططات التي سرقها من زيوس الذي كان مولعا بالسفر عبر الفضاء، واهتم بشئون السماء فاختار أن يكون إله السماء على كوكب الأرض .

كان بوسيدون متزوجا من الحورية أمفتريتي ابنة إله البحر نيريوس من الحورية دوريس، كانت زوجته الوحيدة التي تعلم بنواياه تجاه سفره الى ذلك الكوكب،ولأنه زوج لعوب أرادت أن تنتقم لنفسها ،فحرصت كل الحرص  ألا يعود مرة أخرى إلى الأرض ،وأن يظل إلى الأبد هناك على كوكب نبتون .

أنجبت الحورية أمفتريتيولدا لبوسيدون يدعى تريتون، كان مشاغبا هو الآخر مثل أبيه متحرشا بالنساء، كثير الصراعات مع باقي الآلهة، لذا قررت والدته إرساله سرا مع والده بوسيدون .

أدخلته السفينة بعد أن استدرجته ليغير هيئته لتماثل هيئة الدرفيل ثم خدرته بسحرها وأدخلته سفينة أبيه سرا.خربت أمفتريتي السفينة لتجعل رحلتها ذهاب بلا عودة ،وبذلك تخلصت من زوجها وولدها المزعجين للأبد.

عندما استفاق تريتون وجد نفسه داخل حوض مياه كبير ، اندهش في بادىء الأمر ثم تذكر ما حدث بينه وبين والدته التي طلبت منه التحول إلى هيئة الدرفيل ،كنوع من التحدي له ففعل لها ما طلبته.

لكنه لم يتذكر ما حدث معه بعد ذلك،تحول إلى هيئته الأصلية حيث يظهر نصفه العلوي ،كجسد إلهي مثل تلك الآلهة المزيفة ،فكان وسيما يحمل نفس خصائص ج*سه الشعر الذهبي المجعد والبشرة البيضاء اللامعة والعيون النحاسية الثاقبة،وأما نصفه السفلي فكان على شكل ذ*ل حوت والذي زحف به خارج تلك الغرفة التي احتوت على مختلف أنواع الكائنات البحرية.

وجد تريتون نفسه أمام والده بوسيدون الذي ارتسمت علامات الدهشة على وجهه، عندما تفاجأ بوجود ابنه معه في السفينة دون علمه ،اقترب بوسيدون منه وقال بغضب هادر: أنت ، ما الذي جاء بك إلى هنا ؟ وكيف علمت برحلتي ؟

امتقن وجه تريتون وقال : عن أى رحلة تتحدث ؟ لقد طلبت مني أمي أن .... قاطعه بوسيدون وقال بغضب : أمك ؟ هل تعلم هى أيضا عن رحلتي؟ لقد حرصت على سرية رحلتي.

كاد أن يسأل ابنه سؤالا آخر، ولكن قطع حديثه أزيز يص*ر عن قلادة كان يريتديها تريتون قبل تخديره من قبل والدته فنزع والده القلادة بعنف فأصابته بجرح نزف ولكنه التحم على الفور.

كانت تلك القلادة تحمل رسالة من زوجته الغيورة أمفتريتي توضح له كيف علمت بأمر رحلته ،وكيف خدعت ابنهما لكى يرافقه في رحلته ،حتى تتخلص منهما إلى الأبد.

كما أخبرته بأنه لن يمكنه العودة مرة أخرى إلى الأرض،وعليه أن يتكيف مع هذا الوضع الجديد ، وأنها فعلت ذلك انتقاما منه بسبب مطاردته للحوريات والربات وهذا أشعرها بالإهانة ، كما أرادت أن تتخلص من مشاكل وصراعات ابنها .

ثار غضب بوسيدون بسبب ما فعلته زوجته به وتوعد لها بالعذاب عندما يتمكن  من العودة مرة أخرى للأرض ،اقتسم تريتون المؤن مع والده فترة من الوقت ثم طرده فيما بعد إلى قمر يدور حول كوكبه ،وهناك اتخذ تريتون هذا القمر مَسكنا له لسنوات ضوئية عديدة حتى جاءت سفينة بي**افوتا ليتغير مصيره ومصير والده فيما بعد.