كان بوسيدون يستشيط غضبا وهو أمام آينياس عاجزا عن تحطيمه أو دراسته خاصة بعد أن نهض فجأة ،وأمسك تلابيبه بقوة ودفعه بقوة إلى الحائط المقابل، فسقط أرضا مرتطما جسده الضخم بأرضية الغرفة .اهتزت هيبة بوسيدون بتلك الفعلة أمام ابنه تريتون الذي خرج مسرعا من غرفة الأبحاث باحثا عن بريتي وعن الدرفيل دلفينوس طلبا للدعم .
ولكنه لمح ظهور أحد مقتلي المجموعة السادسة المفاجىء،ففطن لوجود دخلاء في السفينة،فقام بالتحول إلى هيئة الدرفيل دلفينوس على الفور ،وزحف تجاه قناة مائية خفية كان يستخدمها في التسلل لداخل السفينة دون علم أبيه بوسيدون حتى وصل إلى حيث يخبىء مركبته التي ينتقل بها بين نبتون وقمره.
كان ذلك المكان عجيب جدا حيث كان هناك نفقا غير مرئي لا يعرف كنهه يمكن مركبته من الانطلاق بلا وقود؛ ليجد نفسه داخل أحد كهوف قمره ، كانت تلك الطريقة السحرية التي يتسلل بها إلى نبتون، والعودة إلى قمره دون أن يلاحظه أحد.
لقد تمكن تريتون من النجاة بتلك الطريقة من الوقوع في براثن الأسر؛ لذا قرر الإختباء حتى يبتعد أولئك الغزاة عن الكوكب، أو يجد طريقة للتسلل إلى سفينتهم ،حتى يخرج من هذا القمر البائس البارد الخالي من متع الحياة التي تعودها على كوكب الأرض.
**
انتشرت مجموعات المقاتلين في السفينة وكانت المجموعة العاشرة التي تولت أسر بوسيدون بمساعدة الآلي آينياس،وكانت تلك المواجهة هى الأشرس على الإطلاق ،ولِمَ لا؟ فمن أسروه ليس أمره هينا ،فلايزال يتمتع بقدرات خارقة رغم تقدمه في العمر.
ازداد غضب بوسيدونعندما أسقطه آينياس أرضا فتحول إلى وحشا كبيرا حيث تخلى عن هيئة التقليدية من أجل بث الرعب في قلب مهاجمه، ولكن آينياس لم يأبه لتلك الهيئة المتوحشة .
حيث كانت هيئة مزيفة تخدع فقط من لهم أعين بشرية؛ ولأنه آلي فلَمْ يتأثر بتلك الهيئة المزيفة، فاندفع بقوة تجاه بوسيدون الذي أصابه الذهول من جرأة ذلك البشري الذي لم يخشى هيئته الوحشية ويريد أن يقاتله .
تفادى بوسيدون انقضاضة آينياس بصعوبة بالغة حيث كان آينياس سريع الحركة،وكان بوسيدون قد تعود حياة الدعة لقرون طويلة،فقد أصابت عضلاته الخمول ، كان القتال غير متكافىء ، آلي متطور جدا يصارع كهلا فقد قدراته بمرور الزمن .
ورغم ذلك لجأ ذلك الكهل إلى حيلة كاد فيها أن يتمكن من الهرب لولا انتباه آينياس له. حيث كانت رأس ميدوسا التي لها القدرة على تحويل أى شىء إلى حجر، كان بوسيدون يريد تجميد حركة مهاجمه بتلك الطريقة .
ولكن وعى آينياس كان لايزال محتفظا بتلك الذكريات عن رأس مادوسا وعن قدرتها؛لذا تفادى النظر إليها،وابتعد بسرعة عنها،ولكن من سوء حظ أحد المقاتلين الذي ظهر فجأة في تلك الغرفة .
نظر إليها فجفت خلاياه على الفور، فتحنط وتحول إلى هيئة تشبه الحجر ،فسقط وتحطم إلى أجزاء تناثرت في الغرفة ،مما شتتت انتباه بوسيدون لثوان استغلها آينياس لأسره بذلك الطوق الذي أحاط به جسد بوسيدون من الخلف وانكمش؛ليضغط على جسده كما أص*ر عنه شحنات كهربية أفقدته الوعى على الفو،ر وبذلك تم أسر بوسيدون، ونقله آنيا مع مقاتلَيْن إلى سفينة الأسرى .
**
قام القادة البشريون لمجموعات المقاتلين بالتواصل مع فرقهم؛لحصر عدد الأسرى ال*قلاء، فكانوا عشرة حوريات من بينهم بريتي وبوسيدون ،ولكن آينياس أوضح لهم بأن هناك آخرلا يقل خطورة عن بوسيدون هو تريتون عليهم أن يبحثوا عنه .
مشطت مجموعات المقاتلين السفينة مداخلها ومخارجها،وكل شبر فيها،ولكن لم يسفر بحثهم المضني عن شىء،فقاموا بإطلاق مجسات حرارية تجوب الكوكب باحثا عن طيفه ،حيث كانت أنظمة آينياس تحتفظ بب**ة طيف تريتون،فقد كشفت أنظمته انطلاق طيفا حراريا يص*ر من جسد تريتون وبوسيدون وكذلك الحورية بريتي.
نقل آينياس تلك المعلومة لتلك المجسات الحرارية حتى لا يتشتت بحثها .كانت أجساد المأسورين تتصف بصفة عجيبة هى بقاء الطيف الحراري لها في المكان الذي تواجدت فيه،حتى بعد ابتعادها عن المكان لذا كان من السهل على المجسات تتبع حركة تريتون الذي كان طيفه يختلف عن باقي الأسرى، فلِكُل جسم درجة توهج وكان طيفه الأكثر توهجا حراريا.
تجمعت المجسات في منطقة معينة في ذلك المكان الذي يتمتع بخصائص فيزيائة فريدة ،حامت المجسات حولها حتى جاءت مجموعة من المقاتلين وعند وصولهم كان مايكل حاضرا، فقال لهم ومشيرا إلى فراغ يعلو تلك النطقة التي تحوم المجسات الحرارية حولها : احذروا تلك المنطقة شاذة فيزيائيا ،لقد تتبعت مركبة تريتون إلى هنا، وتأكدت أنه بداخلها بالأشعة تحت الحمراء ،ولكن المركبة اختفت بمجرد دخولها مجال تلك المنطقة .
اعتلت الحيرة وجه القائد البشري وقال : ألا تعلم إلى أين ذهب؟ هز الآلي مايكل رأسه نفيا وقال : لا للأسف ولكن يمكن إرسال كاميرا في تلك المنطقة لنرى ما يحدث فيها .
أمر القائد أحد جنوده بإخراج الكاميرا الطوافة، ووضعها في مجال تلك المنطقة وقبل إطلاقها قام مايكل بالاندماج لاسلكيا معها ليشاهد ما تشاهده.
في ثوان معدودة انتقلت الكاميرا الطوافة من منطقة انطلاقها حتى وصلت ذلك الكهف الذي يسكن فيه تريتون ،حيث ينعم بالدفء بالقرب من تلك ينابيع الماء الساخنة الموجودة بباطن القمر .
كان تريتون منهمكا في صنع شيئا ما ،شعر فجأة بأن شيئا يراقبه التف حوله يمنة ويسارا فاختبأت الكاميرا ،حيث استجابت لتعليمات مايكل التي اندمج معها ، حول تريتون هيئته إلى وحش يشبه كثيرا التنين ، قام مايكل بفحص هيئة تريتون المتحول فوجد التحول حقيقيا وليس خداعا بصريا على ع** بوسيدون الذي يغير هيئته ظاهريا فقط بطريقة ما.
انزوت الكاميرا الطوافة في ركن بعيد ولكنها اصدمت بالجدار، فانتبه الوحش لوجودها ،وقام بتتبع مص*ر الصوت ونفث نارا عظيمة أتلفتها، فسقطت على الأرض ،قطع مايكل اتصاله بالكاميرا، وصاح قائلا إنه يعلم بوجدنا سأذهب وحدي لأسره استعدوا،انطلق مايكل تجاه تلك المنطقة ا***ذة فيزيائيا، واختفى في الحال قبل أن يأذن له قائد المجموعة .
***
الأسير الأخير
تواصل قائد المجموعة بالسفينة الثالثة التي هبطت على سطح القمر تريتون محذرا قائدها بهروب أحد الأسرة الخطرين، وتواجده معهم على سطح القمر، وأن الآلي مايكل انطلق في إثره للقبض عليه وأسره .
انطلقت حالة التأهب واستنفار أمني داخل السفينة منتظرة أى استغاثة تص*ر من مايكل الذي كان في مواجهة الوحش ، كانت هيئة تريتون بعد تحوله زادت حجما وقوة ورعبا؛ لذا كان لابد لمايكل أن يغير هيئته هو الآخر حتى يتساوى طرفى الصراع.
في ثوان تم إعادة تنظيم الصفائح المعدنية المكونة للهيكل الداخلي لمايكل ،فظهر بهيئة ضخمة ثم فعل درعا و**يا وبدأ صراع الأقوياء ، كان تريتون لا يزال شابا قويا وكان على ع** والده ، فقد تدرب كثيرا وحافظ على لياقته ومهاراته في التحول .
ناوش تريتون الآلي مايكل بذ*له القوى قليلا فتفاداه مايكل بدرعه، وأصاب الذ*ل بحروق أثارت غضب الوحش، فنفث نارا عظيمة لتحيط بجسد مايكل **د معها بفضل الدرع الذي كان يستخدم النار لزيادة قوته، ثار غضب تريتون، وصاح بصوت عظيم زلزل جدران الكهف ،واهتزت الأرض بشدة خاصة بعد أن ض*ب تريتون الأرض بقدميه الثقيلتين .
تحطم الكهف وتشققت الجدران وتناثرت الحجارة الصغيرة وسقطت بعض ألواح الجليد المتجمد من فوهة صنعها تشقق سقف الكهف؛بسبب صيحة الوحش فوق مايكلمباشرة،فاختل توازنه للحظات وسقط ثم غمرته قطع الجليد ،فاستغل تريتون الفرصة ، وقام بتحويل نفسه إلى طائر صغير، وفر هاربا من تلك الفتحة.
استغرق مايكل عدة دقائق ليتخلص من كومة الجليد التي انهمرت فوقه، وينتبه لهروب تريتونحول مايكل نفسه إلى هيكلا أصغر حتى يمكنه الخروج من فتحة السقف الصغيرة؛ فاندمجت ألواحه المعدنية ،واصطفت لتصنع هيكلا يشبه كثيرا هيئة الصقر،ثم انطلق بسرعة البرق إلى تلك الفتحة باحثا عن تريتون الذي اقتفى أثره ووجده محلقا فوق مساحة من الجليد .
انطلق مايكل نحوه بسرعة خاطفة ثم حام حوله كثيرا حتى صنع دوامة كبيرة أفقدت تريتون المتحول اتزانه، فسقط بسرعة على سطح الجليد ثم انزلق بضعة أمتار قبل أن يغوص في غيبوبة، فعاد إلى هيئته الطبيعية.
تمتم مايكل قائلا : الآن أصبحنا متعادلين، ثم نظر طويلا لجسد تريتون قبل أن يتحول إلى هيئته الطبيعية هو الآخر.
كان قائد السفينة الثالثة على سطح تريتون يتابع المشهد من بعيد،فأرسل على الفور خمسة مقاتلين ،لمساعدة مايكل ولكنهم وصلوا في نهاية الصراع ،وعند وصولهم صوبوا شباكهم الآسرة نحو تريتون الغائب عن الوعى، وحملوه إلى منطقة تكن في مجال الإنتقال الآني، وتم نقله إلى السفينة العائدة بالأسرى إلى بلوتو للتحقيق معهم.
***