bc

**رة حلم

book_age16+
55
FOLLOW
1K
READ
drama
first love
friendship
like
intro-logo
Blurb

أبحث عني فأنا لا أعرفني، فقد هربت من هوة سوداء أبتلعتني فأصبحت فتاة غامضة حاولت الهروب كثيرا ولكني لم أفلح ليزداد ألمي وحزني، ورغم هذا لم يكتفي القدر من النيل مني بعد، فطاردني حلم أحتل نومي وأحيانا صحوي ولم أعلم مغزاة بعد، فكل ما أعرفه أنني أصغر طبيبه أعصاب ذاع صيتي منذ الصغر لأحصل على الدكتوراه في الثالثة والعشرين من عمري لأنال لقب آلهة البرود من أقرأني.

chap-preview
Free preview
الهروب
-سماء ملبدة بالغيوم الرمادية على وشك البكاء وصوت الهواء يشتد، وها هي تتلفت يمينا ويسارا تراقب الطريق خلفها، لتطمئن هل يتبعها أحد منهم أم استطاعت الفرار عن أعينهم، تن*دت وأخذت شهيقا حبسته عدة دقائق وزفرته مخرجه معه كل خوف، نابذة تلك الرجفة التي احتلت قلبها، وتوقفت للحظات وعبرت الطريق ودلفت إلي تلك البناية، لم تلتفت إلى المصعد وصعدت تلك درجات السُلم موقنة أنها اتخذت الخطوة الصحيحة فى حياتها لأول مرة، لم تدري كيف صعدت الطابق الثالث وهي لا تشعر وحينما رأت باب العيادة تجمدت ورفعت عيناها لتقرأ الإسم المدون فوق اللوحة عدة مرات، لتتأكد من صحة وجهتها: -عيادة الدكتور / أسامة منير، استجمعت شجاعتها ودخلت فقابلتها أعين سيدة في منتصف الأربعينات من العمر تجلس خلف المكتب المعد للإستقبال والتي ابتسمت لها بوجه بوشوش جعل كل تردد يفر منها، فقالت بصوت هامس : -"أنا عندي ميعاد مع دكتور أسامة". -اتسعت ابتسامة الممرضة و أجابتها: -"أهلاً بحضرتك ياترى الحجز بإسم مين". -رفعت ريمان عيناها وحدقت بوجه الممرضة وقالت بصوت خافت: -"زينب عمران، الحجز بإسم زينب عمران". -أبعدت الممرضة عيناها عن عينا ريمان وبحثت عن إسمها في ذاك الدفتر لتقطب جبينها وهي تعود بعيناها إليها وتقول بأسف: -"أنا بعتذر يعني أصل حضرتك اتاخرتي ساعة عن ميعادك فلو ممكن تنتظري لحد الحالة اللي جوا ما تخرج بعد ساعة وبعدها هدخل أبلغ دكتور أسامة على طول بوصولك". -ازدردت ريمان ل**بها بتخوف وهي تحدق بوجه الممرضة لتهز رأسها نفياً وتقول: -"بس أنا أصلي مينفعش أتاخر عن كدا وو". -تلعثمت ريمان فحاولت السيطرة على إضطرابها وأسرعت تضيف: -"طيب لو ممكن تسألي الدكتور إن كان ينفع أني أدخل دلوقتي لأن فعلا مش هقدر أتأخر ارجوكي". -طمأنتها صفاء الممرضة حين لاحظت أرتعاشة يدها وإضطرابها فقالت مبتسمة: -"حاضر أنا هدخل لدكتور أسامة وهبلغه وإن شاء الله يوافق أنه يشوفك قبل الساعة". -وقفت الممرضة وأبتعدت عن مكتبها وهي تشير لريمان إلى أحد المقاعد وقالت: -"حضرتك تقدري تقعدي تستريحي على ما أجي". -تلفتت ريمان حولها لتختار أبعد المقاعد عن باب العيادة وجلست وقد أشتد قلقها فمدت يدها وأخرجت من حقيبتها إحدى المجلات ودفنت رأسها بين صفحاتها بينما طرقت صفاء باب مكتب أسامة وولجت إلى الداخل، فرفع أسامة رأسه وحدق بأتجاهها وسئلها: -"خير يا مدام صفاء في حاجة". -أوضحت صفاء ما أبلغتها به ريمان فعقد أسماة حاجبيه وقال: -"يعني هي جاية متأخرة عن ميعادها بساعة وكمان عاوزة تدخل، أقولك خليها تستني لما أخلص أنا مش هينفع أشوفها دلوقتي". -غادرت صفاء فأعاد أسامه عيناه إلى صديقه وأستكمل حديثه معه ليقطب جبينه حين رفض ما أبلغه به ليحادثه بصوت نزق قائلاً: -"بس أنت لازم تغير رأيك يا علي، علشان الطب دلوقتي أتغير كتير عن الأول خصوصا لحالتك، فلازم تفكر جديا إنك تعمل العملية وتنسي أي محاولة فشلت قبل كدا". -زفر علي وقال بحده: -"أنت عمرك ما هتتغير يا أسامة يا منير بقولك ريح نفسك أنا مش هخوض التجربة تاني، أنا خلاص أهلت نفسي على كدا ومتقبل وراضي بالي أنا فيه، بعدين من أمته بقيت بتلطع حالة جيالك قوم شوف شغلك وأنا همشي". -أسرع أسامة وقال ليوقفه ويثنيه عن المغادرة: -"لأ إنت مش هتمشي علشان مينفعش، أولاً لأن سارة لسه مجتش علشان تروح معاك، ثانياً أنا عاوزك تستني معايا أقولك إيه رئيك لو تشاركني الحالة اللي هتدخل دي يمكن نرجع أمجاد زمان يا علووش". -زفر علي وهو يبتسم ساخراً وقال: -"تفتكر أي حاجة راحت هترجع تاني يا أسامة، أنا عن نفسي متأكد أن اللي راح مبيرجعش، أما بخصوص المشاكرة فأسمح لي أسئلك فين اخلاقيات المهنة يا دكتور، ولا أنت ناسي يا دكتور إن مينفعش خصوصا فمهنتنا اللي كلها أسرار إن الحالة تبقى بين اكتر من الدكتور بخلاف المريض". -أجابه أسامة بثقة وهو يدعو أن يوافق صديقه على البقاء والمشاركة فقال: -"أنا فاهم كل اللي أنت قولته يا علي بس الكلام دا يمشي على حد تاني إنما إنت لأ علشان إنت أكتر واحد يؤتمن على الأسرار وبعدين إحنا مش هنخالف أي قوانين علشان أنا هدخلك الأوضة التانية فتسمع معايا الحالة وأنا متأكد من إنك هتعرف تحلل الشخصية بمجرد سماعك ليها ولا ناسي إنك أول الدفعة يا بطل". -أبتسم علي وأجاب صديقه: -"إنت مافيش فائدة فيك طول عمرك هتفضل أسامة منير". -قابل أسامة كلمات صديقه بالضحك ليقول في النهاية: -"مش أحسن ما أبقى علوش". -رفع علي حاجبه بيأس وهو يهز رأسه وقال: -"اتمنى تنسي وتبطل الجنان اللي أنت فيه دا، أنا مش عارف أنت دكتور نفسي إزاي والله نفسي أقابل الدكتور اللي سمح لك تزاول المهنة علشان أقتله". -أنفجر أسامة ضاحكاً وقال: -"مش هتعرف تعمل حاجة علشان أنا واخد المزاولة من لندن يا دكتور، ودلوقتي يلا تعالي معايا أدخل جوا وأقعد وشاركني بدل ما أنت مبتعملش حاجة فحياتك غير ت**ير همم غيرك". -أغلق أسامة باب الغرفة الفرعية واستدعى صفاء ليخبرها بإستعداده لإستقبال الحالة. -وقفت ريمان مترددة وهي تشعر ببرودة يدها ف*نهدت بقوة وطرقت الباب وولجت، ووقفت تحدق برأس أسامة المحدق بتلك الأوراق أمامه فابتسمت بتردد وهي تفكر وتتسائل: -"يا ترى هيفتكرني ويعرفني ولا أنا اتغيرت، دول خمس سنين تقريبا فاتوا على اتعاملنا مع بعض، بس هو زي ما هو أسامة منير". -رفع أسامة عيناه لينظر إليها فقال وهو يحدق بها بـريبة: -"اتفضلي يا آنسه زينب". -صححت ريمان اللقب وقالت: -"لا مدام زينب". ركز أسامة نظراته عليها يمعن النظر إليها وهو يلاحق قسمات وجهها ليهز رأسه ويقول: -"أظن أول جلسة نمشيها بالألقاب بعد كدا يبقي أسامة وزينب". -ومن خلف الباب المغلق للحجرة التي يجلس بها علي شعر بـالفزع ورجف قلبه بشدة حين سمع صوتها، ووقف بحيرة يهمهم: -"معقول أهدأ أهدأ يا علي مستحيل تكون هي دا دا مش معقول، آه ياربي ياريتني ما جيت لك يا أسامة ولا سمعت كلامك يا سارة". -تلمس علي المكان حوله واتجه بخطى بطيئة حتى وصل إلى الباب، وأستند إليه وأرهف سمعه لعلة يستمع بوضوح لصوتها، وأحس للحظه بأنه ناقم علي عجزه، ليقطع تفكيره صوتها الخفيض يقول: -"لأ أنا أفضل إن حضرتك تقولي مدام زينب يا دكتور، يعني مافيش أي داعي إنك تشيل الألقاب، لأن مش هيبقى في أي جلسات تأنيه بينا أنا جاية لحضرتك فاستشاره مش اكتر، و بعدين أنا أنا مش صاحبة الحالة أصلاً". -وقف أسامة وهو يشعر بالحرج فزفر بضيق وقال: -"وماله يا مدام زينب خلينا نحتفظ بالألقاب بس للأسف أنا لازم أسمع من الحالة نفسها يعني فحالات الطب النفسي مينفعش وسيط". -وقفت ريمان وهي تشعر بـالغضب منه وقالت: -"أنا دافعة الكشف يا دكتور ومش جاية أضيع لا وقتي ولا وقت حضرتك ولو حضرتك معندكش مقدرة تفيدني بـأجابه لسؤالي يبقى أنا شايفة إن حضرتك تغير مهنتك أحسن". -أعجب علي بتلك التي تناطح أسامة كلمة بكلمة وحاول أن يستبعد أنها هي وقال في نفسه: -"طيرت جبهتك يا أسامة والله فرحت فيك من كتر اللي بتعمله فيا". -ض*ب أسامة بحدة فوق سطح مكتبه بعد أن أثارت ريمان غضبه وقال: -"وأنا مش مستني لا فلوس الكشف اللي دفعتيها ومستني إن حضرتك تقولي لي إن كنت أنفع دكتور نفسي ولا منفعش. -حاول أسامة السيطرة على أعصابه التي أثارتها ريمان فجلس مرة أخرى ونظر إليها متهكماً وقال: -"عموما أنا هتغاضى عن الكلام اللي قولتيه يا مدام زينب، ودلوقتي أتفضلي أرتاحي وقوليلي حضرتك جاية تسئلي عن إيه". -شعرت ريمان بـالحرج وقالت وهي تشيح وجهها عنه: -"أنا أسفه يا دكتور بس فعلا لو مكنش الموضوع ضرورى أنا مكنتش جيت". -تقبل أسامة أعتذارها وأشار إليها لتجلس ومال صوب مكتبه ليسحب إحدى دفاتره وهو يقبض على قلمه بين أصابعه وقال: -"أنا سامع حضرتك بس ياريت تعلي صوتك شوية بعد أذنك يا مدام". -وحدق بها وتصنع بأنه يحاول تذكر أسمها ليقول بعد ثوان: -" مدام زينب صح الاسم مش كدا". -ارتبكت ريمان وأحست بأن أسامة قد علم هويتها الحقيقية فقالت بـصوت مرتجف: -"ايوة زينب". -زفر بحنق لإصرارها على الكذب فقال: -"أهدي طيب ولا تحبي أجيب لحضرتك عصير ليمون". -رفضت ريمان وقالت: -"مافيش وقت أنا لازم اقولك بسرعة علشان أمشي، أصلي مينفعش أتأخر عن كدا". -أراح أسامة ظهره إلى مقعده وقال: -"اتفضلي أنا سامعك". -حالة من الهياج والغضب المدمر اكتسحت ملامحه، ليقول للحرس: -"يعني إيه اختفت أنا عاوز أعرف إزاي إنتم أكفأ ظباط حراسة وتقدر تهرب منكم، أنا كان لازم أستعين بحراسي اللي فلندن، ومكنش ينفع أبداً إني اعتمد على شوية عيال". -رفع الحارس عيناه ونظر إليه برهبة وقال: -"يا فندم إحنا كنا معاها خطوه بـخطوه وهي لحظة واحدة وكانت اختفت، دخلت المحل واختفت حتى كاميرات المراقبة للمحل مسجلتش أي حاجة عن خروجها يا فندم". صاح بغضب اعمي وهو يض*ب بقبضته فوق سطح مكتبه بقوة: فظرف ربع ساعة لو دكتورة ريمان مكنتش هنا متلموش إلا نفسكم". غادر طاقم الحراسة وعلامات الاستياء والغضب على وجوههم، فتلك هي المرة الأولي التي تهرب فيها ريمان منهم، فهي لم تحاول مطلقا الهرب إنما كانت تتحدث مع الطاقم أجمع وتتعامل معهم بـطيبة وسماحة نفس، ع** زوجها عا** المتكبر بـعيناه التي تشبه عينا الذئاب برماديتها وملامحه الباردة، أنهم يتعجبون كيف لتلك الملاك الرقيق أن تتزوج بـمثل هذا الذئب الخطير، وشعروا بالأسف عليها حين يجدها ويعلم إلي أين ذهبت. -وبداخل العيادة تحدثت ريمان وقالت: -"بص يا دكتور أنا عاوزة أستشيرك فحلم يخص واحدة صديقه ليا بـتحلم بيه وبـيسبب لها حالة من التوتر والإغماء لما تفكر كتير فيه، هي بـتحلم بـواحد مديها ظهره وحواليه دخان مش ضباب، دخان لأنها كل ما تبص له تكح وتحس بضيق نفسها، وبـتعافر علشان تتنفس، فبـتنادي عليه لأنها متأكدة أنها عرفاه كأنه روحها، بس مش فأكرة هو مين، والمحير إن لا صوتها بـيطلع منها ولا هو بـيسمعها، فبـتجري عليه وأول ما بـتوصل بـتلاقي أنهم مربوطين بـبعض بـخيط لونه فضي بـيشع نور جامد، لدرجة أنها مش بـتحس من قوة ضوء الفضة أنه لف لها ومسك ايديها علشان تمشي معاه، ومش بـتعرف تشوف ملامحه مهائي وفجأة قلبها بـيدق جامد لما بتشوف واحد ضخم بيشدها من ايديها التانية، وفلحظة بـيظهر ديب وبـيحاول أنه يقطع خيط الفضة اللي متوصل بينها وبين حبيبها، وفاللحظة اللي بـيقدر يقطعه بـتقع على الأرض وتحس إن شعاع الفضة هو نفسه ملامح حبيبها وبتصحي وهي مش قادرة تتنفس". -كان أسامة يستمع لها بـانتصات شديد كذلك علي سمع حديثها وتعجب وكان في ذهنه عدة أسئلة ولكن قطع تفكيره صوت أسامة وهو يقول بسخرية ليستفزها: -"حضرتك يا مدام جاية ودافعة كشف بمبلغ وقدره علشان تسئليني فحلم مراهقة". -هنا أحست ريمان أن تماسكها زال وأن الغضب قد سيطر عليها فهبت واقفة تض*ب سطح مكتبه بـقوة وهي تنظر له وتقول: -"عمرك ما هتتغير يا أسامة يا منير وطول عمرك هتفضل إنسان سطحي، فعلا أنا مش عارفة إزاي غنت قدرت تاخد شهادتك، وإزاي دكتور مارك وافق إنك تخدها بـجداره وإنت أفشل دكتور نفسي قابلته فحياتي". -ما أن أنهت إلقاء الكلمات بوجهه حتى أنفجر أسامة ضاحكاً وهو يهنيء نفسه لأنه استطاع جعلها تخرج عن تحفظها وتكشف عن نفسها فتوقف فجأة عن ضحكه وقال بـسخرية: -"والله يا دكتورة ريمان حضرتك أدري إزاي دكتور مارك اداني الدكتوراه بـامتياز ومع مرتبة شرف كمان". -خللت ريمان خصلات شعرها وهي تشعر بالندم لتسرعها واستجابتها لغضبها وقالت: -"يعني عرف*ني يا أسامة، تمام بس لسه أنا عند رأيي إنك أفشل دكتور". -أجابها أسامة بصوت هاديء وقال: -"طيب اقعدى وأهدي يا ريمان ولا بردوا عاوزة ألقاب". -أجابته بصوت متردد وقالت: -"حضرتك عارف وفاهم يا دكتور". -ود أسامة لو أنه لا يعلم فقال بحزن غير متوقع: -"أيوة أنا فعلا عارف إنك الدكتورة ريمان "gad of chill" آلهة البرود". -رمته ريمان بنظرات تحذيرية وقالت بحدة: -"أنا همشي علشان واضح إني غلطانة أن جيت وافتكرت إنك ممكن تساعدني أنا كان ممكن أبعت لدكتور ديفيد بس فضلت أن ألجأ لك إنما ملحوقة عن أذنك يا دكتور وأسفه أن ضيعت وقتك". -ما إن سمع أسامة اسم دكتور ديفيد حتى شعر بالحنق الشديد فهما لا يتقبلان بعضهما وكانا دائما الجدال والخلاف معا، قطعت شروده حين وقفت وهي تنظر إلي ساعة يدها ليرى أسامة ملامحها التي شحبت فجأة ولاحظ تباطيء أنفاسها وأحس بمحاولتها للتنفس فتحرك سريعا إليها وهو يهتف بذعر: -"ريمان مالك ريمان فوقي". -فقدت ريمان وعيها فجأة فصاح اسامة يهتف بخوف: -"علي ألحقني يا علي". -أحس علي بحالة من التجمد تصيبه ليتلمس الباب وتحسس موضع المقبض، ليشعر بـأنه لا يقوي على الخروج أو المواجهة، ولكنه نهر نفسه ليفتح الباب في نفس اللحظة التي فقدت ريمان وعييها بين ذراعي أسامة، وفي نفس الوقت الذي فتح فيه باب غرفة الكشف الرئيسية، فسمع علي أصوات غاضبة عديدة، فتجمد بمكانه مرة أخرى وتوارى بجانب الباب وهو يسمع صياح غاضب لرجل يهتف: -"أبعد أيدك عنها يا حيوان إنت عملت فيها إيه". -سمع علي صوت أسامة الجزع يقول مدافعاً عن نفسه: -"أنا معملتش حاجة يا عا** هي اللي أغمي عليها فجأة ومن غير أي أسباب". -ثم سمع علي صوتاً أيقن أنه صوت لكمة أعقبه تأوه يص*ر عن أسامة، فأدرك أنه ض*ب من صاحب الصوت الصاخب وعلى حين غرة هدأت الأصوات فشعر بـالقلق علي صديقه ولكن لم تكد تمر ثوان حتى سمع صوت تحطم زجاج ثم سمع صوت صفاء يقول: -"دكتور أسامة أنت كويس". أجابها أسامة بحزن: -"ايوة الحمد لله أنها جت على قد كدا". -ونظر أسامة إلى باب الغرفة الملحقة ليصيح في محاولة منه لتخفيف الأمر عن صديقه: -"تعالي يا علي فلت أنت منه وسبتني اطحن". -وأطلق ضحكه حزينة ليقوم عن الأرض ويتجه صوب صديقه و هو يهمس: -"أنا أسف يا علي كنت هحطك فموقف بايخ لو كنت خرجت، كويس إنك رجعت تاني جوا و". -قاطعة صوت سارة التي اندفعت إلى الغرفة فجأة تهتف: -"في إيه يا جماعة الشارع تحت ولا كأن في زيارة لرئيس الجمهورية ولا عدد البودي جاردات ولا اللي داخلين يهجموا علي وكر". -وصاحت بهلع حين لاحظت تبعثر المكتب والزجاج الم**ور وعين أسامة التي بدأ حولها يتلون بالأحمر: -"أسامة مالك حصلك إيه". -ونظرت صوب شقيقها علي وقالت: -"علي أنت بخير". ضحك أسامة وقال ليخفف من حدة الموقف: -"ابلعي شوية ريقك إيه يا ماما انتِ ما بـتصدقي تفتحي في الكلام ومبتفصليش عموما دي زيارة سعادة السفير وترحبيه بيا بعد ما شافني تاني". سئله علي بفضول: -"سفير مين يا أسامة أنا مش فاهم سبب كل الأصوات العالية الغضبانة اللي سمعتها دي". -زفر أسامة ليطرد عنه شبح الحزن وقال: -"دا سعادة السفير عا** باشا جوز الدكتورة ريمان". -تبدلت ملامح سارة إلى الحزن سريعا وقالت: -"بتقول مين هي ر - ي - م - ا - ن -، هنا فمصر". -أجابها أسامة بشرود وبصوت مرير: -"تخيلي، لا وتيجي لحد هنا بعد اللي حصل، راجعة تاني علشان جوزها يدوس عليا لتاني مرة، لأ وبتسئلني عن حلم، ما طبعا واحدة دكتورة من أشهر دكاترة الأعصاب ومتجوزة السفير المتجول عا** باشا هيكون عندها أمراض لأ دي يا حرام قلقت من حلم وجاية لي أنا اللي كان مستقبلي هيضيع بـسببها إني افسره". -استمعت سارة إلى حديث أسامة الذي أكد لها إنه مازال يحتفظ لريمان بـمشاعر حب، و أحست بـغصة في قلبها لعدم مراعاته وجودها. -شعر علي بحزن شقيقته ف*نهد قائلاً: -"خلاص يا أسامة مش وقته الكلام دا وبعدين من اللي سمعته لاحظت إن فعلا الحلم دا مش حلم عادي، و إن في دافع قوي أنها تيجي، وزي ما سمعتها بتقول لك لا هي جاية تضيع وقتك ولا وقتها، واللي حصل معاها بـيأكد إن وراها حاجة يا أسامة، الدكتورة وراها سر وأكيد هي صاحبة الحلم مش صحبتها زي ما حاولت تفهمك". -زفر أسامة بحنق وحدث نفسه: ليه جاية لي من تانى يا دكتورة ليه راجعة تظهري لي من جديد انتِ وعا** مش كفايا. -لام أسامة نفسه بشدة ألم يكفيه تأنيب ضميره حين علم أنها متزوجة، وأنه كن لها مشاعر حب، وتسائل ألم يتأكد عدة مرات أنها تعاملت معه على أنه فقط صديق ولم تعطه أى أمل، أحس أسامة أنه ظلمها للمرة الثانية بسوء تفكيره وحديثه الذي يعطي انطباع خاطيء عنها لمن حوله وشعر بأنه أخطأ في انفعاله، فرفع نظره إلى سارة ليلاحظ حزنها وألمها، فازداد إحساسه بتأنيب الضمير لأنه لم يراعي إحساسها، فحاول أن يتدارك الأمر معها فغمز لها وأشار إلى علي وقال: -"أنا للأسف مش هقدر اساعدها لأن عا** لو شافني تاني مش بعيد يصفيني، أنا فعلا مش هقدر اتعامل معاها ولا أقرب منها إنت مشفتش نظرات عا** ليا يا علي، كفاية أنه ضيع من بعثتي سنتين وبسببه اتحرمت من التكريم، إنما لو بس ألاقي حد ثقة يقدر يساعدها مكاني، دا أنت لو شوفت الحرس اللي معاها دول غيلان مش بني آدميين وهي زي العصفورة بينهم". -وكزته سارة في كتفه حينما فهمت ما يرمي إليه أسامة بحديثه فتأوه، ليقول علي: -"بطلوا الشغل دا مش معني إني أعمى أن مش بشوف اللي حواليا بيتصرفوا إزاي، زبعدين إنت هتعمل عليا أنا شغل دكاترة النفسية يا فاشل". -ضحكت سارة بحزن لتخفي إحساس الألم الذي اشتعل في قلبها وقالت: -"أنا أول مرة اشوفك كدا يا علي لو فعلا تقدر تساعدها بلاش تعند دي مهما كان بنت، أنا صحيح مشفتهاش بس شكلها من وصف أسامة ضعيفة، ها يا علي ناوي تساعدها بدل أسامة". -زفر علي وقال ناهيا الحديث: -"لأ ويلا يا سارة روحيني أنا مصدع وتعبان". -وصلت سيارات الحرس إلى الفيلا ونزل عا** وهو يحمل ريمان بين يديه، كأنه يحمل طفل صغير فهي لم تظهر بين يديه لصغر حجمها مقارنة بحجمه، ليصيح في الخادم: -"الدكتور وصل". -أجابه سيد الخادم: -"ايوة يا فندم ومنتظر حضرتك فالمكتب". -دفع عا** باب مكتبه بـقدمه ووضع ريمان برفق فوق أريكته ونظر إلى الطبيب وصاح فيه ينهره: -"إية هتقف تتف*ج عليها أتحرك شوف مالها جرالها إية". -استغرق دكتور ممدوح صديق عا** نصف ساعة لجعل ريمان تفيق من اغمائتها، فتأوهت ريمان ورفعت يدها تتلمس رأسها بألم، ورفعت نظرها فرأت نظرات عا** الغاضبة، فأشاحن بعيناها بعيداً لتفر ببصرها عنه فسمعت صوته الهادر وهو يصرف ممدوح من الفيلا، ليعود إليها بوجه سودة الغضب، فمال فوقها وقبض على ساعدها ووقفها بقوة لتترنح بألم، فنظرت إليه بـرعب وهي تشعر بأنها هالكة لا محالة، وعلى حين غرة وبغفلة وهي شاردة في غضبه صفعها بـقوة فوق وجنتها، فأحست ريمان بطنين إذنها ولفها الدوار فخذلتها ساقيها فوقعت أرضاً أسفل قدميه فرفعها عا** مرة أخرى بغضب أعمى وهو يجذب شعرها بقوة أشد آلمتها، وقال بعنف ووجه قريب من وجهها: -"ممكن أعرف سيادتك إية اللي وداكي عند أسامة، انا عاوز أعرف إية اللي بينك وبينه". -رفعت ريم يدها تحاول أن تخفف من قبضته علي شعرها، ليتركه ويقبض على أصابعها بـقوة كادت تهشمها، وأكمل وهو غير عابىء بـألمها ولا بدموعها التي أغرقت وجهها: -"وإزاي تهربي من الحراسة انتِ مش مدركة خطوره اللي عملتيه عليا وعليكي، إنتِ عارفة إن التصرفات الهوجاء دي وبـالشكل دا مافيش ليها إلا حل واحد وهو أني ارجع تاني بيكي لاسطنبول". -اكتسى وجهها ريمان بالرعب وسقطت أرضاً أسفل قدميه فتمسكت بساقه وقالت بتوسل وهي تبكي: -"ابوس رجلك يا عا** موتني بس بلاش اسطنبول أنا مش هخرج تاني وهقفل العيادة لو عاوز وأقعد هنا، بس بلاش تسفرني اسطنبول تاني أرجوك يا عا**". -دفعها عا** بـقدمه لتقع ومال نحوها، ومد يده يقبض على شعرها من جديد حتى أوقفها أمامه وخفض رأسه نحو وجهها يقول: -"ماشي يا ريمان بس خلي بالك غلطه كمان وملكيش عندي إلا اسطمبول فاهمة". -هزت رأسها وهي تكتم أنين الألم من جذبه لشعرها، فتركها ووقف ينظر لها بـعلو قامته، فامتدت يدها تلمس يده وتحني رأسها لتقبلها، وهي تبكي وتقول بـدموعها: -"شكرا يا عا** وصدقني مش هغلط تاني أرجوك تسامحني". -هدأت ملامح عا** واتجه إلي أريكته وجلس عليها وأشار إليها، ف*نهدت بحرقه تنغز قلبها قهرا واقتربت منه وجلست فوق ساقيه، فربت على رأسها وابتسم لها وقال: -"كدا تبقي ريمي اللي مش بتزعلني". -خفضت ريمان وجهها أرضاً وقالت تسأله بصوت مرتعش ممزوج بـالحزن: -"طيب والعيادة". -مد يده ليمسك يدها يلهو بأصابعها فضغط عليها فجأة بقسوة وقال: -"طالما مش هتزعليني يبقى موافق إنك متقفليش العيادة علشان تعرفي إن قلبي طيب". -ترك يدها بعد أن كادت أن ت**ر بين أصابع يده القوية وتلمس شعرها وقال بملل: -"إبقي غيري لونه لأ**د علشان مليت الدرجة دي". -ازدردت ل**بها وقالت: -"حاضر يا عا** هغير لونه زي ما أنت عاوز، بس ممكن دلوقتي تأذن لي اطلع ارتاح لأني حسه بتعب". -مد عا** يده مرة أخري وقبض على ذقنها وقال: -"إلا يا ريمي مش هتقوليلي إنتِ كنتي عند أسامة بـتعملي إية". أحتل الرعب عيناها وهي تتهرب من نظراته المتفرسة فيها فأجابته بتوتر: -"أنا أنا صدقني مافيش بيني وبينه أي حاجة دي بس أنا كنت بسئله آه بسئله فاستشاره نفسية لمريضة عندي بـتابع علاج عصبي معاها". -ابتسم عا** بـسخرية وقال: -"ودا سبب يخليكي تهربي من الحراسة وبعدين ما عندك دكتور ديفيد على اتصال دائم مسئلتهوش ليه". -أجابته بارتباك: -"إنت عارف إن أنا مش برتاح للكلام معاه علشان كدا محبتــ". -قاطعهاقائلاً: -"وبترتاحي لأسامة صح عموما أنا هعرف إزاي أتصرف معاه، ودلوقتي اتفضلي اطلعي ارتاحي، و ياريت تعملي حسابك علشان إحنا هنسافر النمسا يومين أنا عندي مؤتمر مهم ولازم تحضريه معايا". -أجابته بهز رأسها بالموافقة وغادرت وهي تهرول لتصعد إلي غرفتها وتغلق الباب وتستند عليه بظهرها، لتجلس أرضاً منهارة خلفه تكتم صوت شهقات بكائها حتى غلبها النوم. -لم يستطع علي النوم وظل يتقلب فوق فراشه ليعتدل ويجلس وهو يقول محدثا نفسه: -"وبعدين يا علي إنت لازم تبكل تفكير وتحاول تنام، إيه معقول هما عرفوا يأثروا عليك، متنكرش إن صوتها فكرك بيها ومخليك عاوز تسمعه تاني، بس دي مخاطرة كبيرة على حياتك وإنت مينفعش تظهر لأي حد، بس دي جت لأسامة وواضح قوي إنها بتثق فيه بس ياترى هتثق بيا أنا، معنى كدا إنك هتبلع الطعم بتاع أسامة وتروح لها، بس معقول يكون في تشابه للأصوات بالشكل دا أنا هتجنن من ساعة ما سمعت صوتها اه يا رب ألطف بيا". -قطع إسترساله في التفكير طرقات سارة وسمعها تقول: -" علي أنا جبت لك مج لبن علشان تعرف تنام". -زفر علي أنفاسه الحبيسة داخل ص*ره وقال: -"ادخلي يا سارة أنا عارف إنك مش هتسبيني فحالي، وعلشان أوفر عليكي أي كلام أنا موافق، بس لازم أسامة يفهمني مين هي ريمان بـالظبط، دا حتى اسمها غريب واللي حصل بسببها أغرب، المهم إني أقدر اتعامل معاها". -صاحت سارة بفرح وهي تصفق: -"بجد يا علي موافق دا احلى خبر سمعته فحياتي". -ضحك علي على طريقتها ثم قال بـجدية: -"سارة أنا عارف أن اللي حصل النهاردة ضيقك ووجع قلبك، وعارف إنك محتارة فمشاعرك ناحية أسامة، بس أنا عاوزك متنسيش عبد الله اللي متقدم لك وشاريكي، صحيح أسامة صاحبي بس أنا حسيت من كلامه النهاردة أنه يعني". -لم تدع سارة لعلي فرصة لينهي كلماته وقالت: -"أنا كمان حسيت أنه لسه بيحبها يا على، يعني من طريقة كلامه عنها حسيته أتكلم بحرقه قوي، لدرجة أنه مكنش شايفني أصلا ولا حاسس بيا، بس دا مينفيش إن أنا خايفة أظلم عبد الله معايا ومقدرش اديله قلبي، علشان كدا أنا محتاجة شوية وقت زيادة أفكر بعقل أكتر". -أجابها علي ليطمئنها وقال: -"خدي وقتك اللي إنتِ عوزاه يا سارة، وعاوزك تعرفي إن مهما كان قرارك أنا فظهرك وسندك". -ارتمت سارة بين ذراعي شقيقها تبكي وتشهق وهي تقول: -"ربنا يحفظك ليا يا علي أنا عارفة ومتأكدة إن أنت أماني وسندي، علشان كدا أنا هكون صريحة معاك أنا مش عاوزة أتجوز عبد الله يا علي ولا حتى أتجوز أي حد وأسيبك". -أبعدها علي عنه وشا**ها قائلاً: -"ولا حتى أسامة يا سارة". اجابته وهي تحاول رسم المرح في صوتها: -"بطل رخامة". -رفع علي يده ليسكتها وقال: -"طيب سيبيني أنام لو سمحتي وطيري زي العصفورة بلغي أسامة، تصبحي على خير يا سارة". -قبلت سارة جبهة شقيقها وقالت: -"وإنت من أهل الخير يا علي، ربنا ميحرمنيش منك أبدا". -غادرت سارة لتسرع إلى هاتفها لتبلغ أسامة بما حدث.

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

أنين الغرام

read
1K
bc

فتاة انحنت من اجل........الحب

read
1K
bc

جحيم الإنتقام

read
1.9K
bc

رواية " معذبتي “ لنوران الدهشان

read
1K
bc

معشوقتي

read
1K
bc

بنت الشيطان

read
1.7K
bc

عشق آسر. (الجزء الثاني من سلسلة علاقات متغيرة ).

read
2.6K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook