الجزء الاول

4759 Words
(((((( حواديت الست نور)))) (((حنين))) طب ما البنات شكلها حلو وهيا نايمة أهي..اشمعنى إخواتي بيكونوا فاتحين بؤهم وشكلهم شبه جعفر؟! بقالها ربع ساعة نايمة على كتفي، أنا مستغرب إزاي قدرت تنام وسط الدوشة والحر دول. _يا أنسة...ممكن استرد كتفي بعد إذنك؟ يا أنسة...لو سمحتِ! فَتَّحِت عينيها وأول حاجة جت في بالي "اللهم بارك" عينيها بتخطف...فيها كمية براءة وحنية غريبة. فوقت من سرحاني على صوت شرشحة... =إنت إزاي تسمح لنفسك تقعد جمبي! إنت عارف أنا مين أصلًا؟ معندكش رجولة؟ للدرجادي وصل بيك الانحطاط تقرب مني بالشكل ده وتنام على كتفي! إنت إيه؟ معندكش أخوات بنات؟ ياعديم الكرامة والرجولة. رجالة آخر الزمن...وسك كده متتنحش عايزة انزل، جتكوا الق*ف مليتوا البلد. أنا مصدمنيش كلامها قد ما صدمني أسلوبها! إزاي بيتحولوا كده؟ ده جزائي عشان صعبت عليا ومرضتش اصحيها أول ما نامت؟ ده أنا كنت فاكرها كيوت! ده إنتوا صنف عجيب فعلًا! _صباح الخير يا حنين، في إيه مال وشك؟ =بابا تعب تاني يا ألاء وسهرت جمبه لحد الصبح ونمت في المواصلات ولما صحيت لقيت واد نايم على كتفي. _والواد ده لسه عايش ولا قضيتي عليه؟ =حظه حلو إني مكنتش فيقاله. _مش ناوية تودي باباكِ يتحجز في المستشفى؟ =مش جايلي قلب اسيبه هناك تاني لوحده ويعاملوه المعاملة دي تاني، وكمان المرتب مش هيكفي مصاريف المستشفى...مش عارفه اعمل إيه ولسه مصاريف حضانة أختي وإيجار الشقة...حاسة إني شايلة جبال فوق راسي. _هتف*ج ياحنين والله، ربنا مش هيسيبك. =يارب. ريحت راسي على شباك الباص وبصيت للسما...يارب الحمل تقيل مش قادرة اشيله لوحدي، هون عليا محدش عالم بيا غيرك. مسحت دموعي ودفعت الأجرة ونزلت عند العمارة. الحمدلله إن الدنيا ضلمة عشان البواب ميشوفنيش ويفضل يزعقلي على الإيجار إللي مدفعتهوش. =لسه صاحية يامريم؟. _كنت قاعدة بدعي لبابا زي ما قولتيلي. =شطورة يامريم، حد خبط عليكوا انهارده؟ _آه، في عمو جه إداني وصل النور وبنبوني. من إمتى وكشاف النور بيدي بنبوني! =طيب ياحبيبتي هروح أطمن على بابا وأعمل العشا، ومتاخديش حاجة من حد غريب تاني. _حاضر ياحنين. _يا أنسة الورقة دي وقعت منك. بصيت ورايا وأنا خايفة يكون البواب.. =إنت تاني؟! وكمان قاعد عند العمارة بتاعتي! _العمارة بتاعتك!!! إنتِ بتعملي إيه هنا؟ =هو إنت البواب الجديد؟! إزاي يوظفوا إنسان بالأخلاق دي هنا؟ أما ارجع من شغلي هشتكيك واعرفهم حقيقتك وارفدك من شغلك. ليه كل مرة بقا**ها ل**ني بيقف ومش بعرف أرد عليها؟! ليه بتنفعل أوي كده بالرغم إني معملتش حاجة! _عم فتحي. =نعم يابشمهندس. _مين الآنسة إللي لسه خارجه دي؟ =دي إللي حكتلك عنها...عليها شهرين إيجار وكل شوية تقول هدفع الشهر الجاي. بتدلع ياباشا، من شكلها باين إن حالتها المادية كويسة بس مش عارف مبتدفعش ليه. _خلاص ياعم فتحي أنا هتصرف. خبطت على الشقة طلعتلي البنت الصغيرة =إزيك يامريم عامله إيه انهارده؟ ضحكتلي _عمو بتاع البنبوني؟ =بمناسبة البنبوني، خدي المصاصة دي. حكت إيديها ورا ضهرها _بس أختي قالتلي مخدش حاجة من حد غريب. =مش إحنا اتفقتا إننا صحاب؟ _إممم يعني إنت مش غريب، صح؟ =صح...إنتِ قاعدة لوحدك؟ _لا بابا جوه. =طب ممكن أكلمه؟ _بابا مش بيتحرك من السرير عشان تعبان. =طب مفيش حد تاني جوه؟ _أختي في الشغل وهتيجي بالليل وماما راحت الجنة. فضلت باصص ليها شوية وهيا ملهية في المصاصة وبتاكلها بفرحة...تقريبًا عندها أربع سنين، عيونها فيها نفس براءة أختها...تحس إنها بتربطك بحبل مخفي وبتشدك ليها ومش قادر تبعد عينيك عنها، ضفاير شعرها الدهبي خلت شكلها عامل زي اللعبة، جميلة وبريئة لدرجة تخوف...تحس إنها هشة وهتت**ر أو إنك محتاج تحميها. =يا عمو لو عايز تقابل بابا ممكن تدخل. _أنا عايز أتطمن عليه بس، قوليله صاحب العمارة عايز يدخل...ممكن؟ المفروض إني أطردهم من الشقة عشان الإهانة إللي الأنسة أهانتهالي وكمان مش بيدفعوا إيجار...بس مش عارف ليه مشدود ليهم غصب عني وعايز اساعدهم. =ألف سلامة عليك ياعم الحج. _أنا أسف يابني على استقبالي ليك كده، اعذرني مش قادر اتحرك. =ولا يهمك ياعمي بإذن الله تتحسن وتبقى زي الفل...طب محتاج أي حاجة اعملهالك؟ _ربنا يباركلك بنتي مش مخلياني محتاج حاجة. =طيب ياعمي بالإذن. _روحي يامريم وصليه للباب. أنا بجد مصدوم، ده هيكل عضمي! يا الله جسمي قشعر من منظره. =مريم هو بابا عنده إيه؟ _مش عارفه، حنين مش بترضى تقول. =حنين؟ _آه حنين أختي. =إيه رأيك نفطر سوا؟ أنا جعان، هنزل أجيب أكل وناكل سوا اتفقنا؟ _بس حنين هتزعقلي. =متخافيش أنا مش هخليها تزعقلك. دخلت الشقة، شغلت النور ورميت الشنطة...إيه ده؟ الشقة متروقة ومكنوسة! _مريم..يامريم؟ =نعم ياحنين. _إنتِ روقتي إزاي؟! =مش أنا ياحنين، ده عمو بتاع البنبوني...دخل سلم على بابا وفطرنا سوا وأداله العلاج وروق الشقة وكنسها وجابلي حاجات حلوة كتير وغسل المواعين وأنا ساعدته وقعدنا نلعب شوية ورسمنا ولوننا سوا. _عمو بتاع البنبوني مين!! دخلتي مين الشقة؟ إنتِ بتقولي إيه؟! =عمو بتاع البنبوني إللي ه..... الباب خبط.. _هفتح الباب أشوف مين وأجي تحكيلي كل إللي حصل يامريم. مين هيرن دلوقتي؟ فتحت الباب =إنت تااااني! آه صحيح نسيت اشتكي عل... =أهو يا حنين عمو بتاع البنبوني. _إيه؟!!!! _أهو ياحنين عمو بتاع البنبوني. =إيه؟! _أهلًا يا محترمة. =إنت كشاف النور ولا البواب؟ عايز مننا إيه!! وإزاي تسمح لنفسك تدخل شقتي بدون إذن. _أولًا أنا صاحب العمارة ثانيًا اسمها شقتي أنا مش شقتك، إنتِ مجرد مستأجرة عندي، ثالثًا أنا استأذنت من باباكِ...وأنا لقيت نفسي فاضي فلعبت مع صاحبتي شوية. البقاء لله في حياتي، ده صاحب العمارة! وأنا إللي فكراه بواب وبقوله هطردك، أكيد جاي يخرجنا بره الشقة عشان مدفعناش إيجار...طيب نخرج بكرامتنا ونهزأه طالما هيا كده كده بايظة... =وإنت أما بتلاقي نفسك فاضي بتدخل تلعب مع المستأجرين بتوعك؟ وبعدين إيه صاحبتي دي؟! _حنين عمو حلو وساعدني كتير، مش إنتِ قولتي نشكر إللي يساعدنا ونحضنه ونحبه؟ لقيت مريم بتترمي في حضني بكل تلقائية وبتحاوط رقبتي بإيديها =شكرًا ياعمو أسامة، متزعلش من حنين عشان زعقتلك. _مريم إنزلي وتعالي هنا. استخبت في رقبتي =عمو أسامة مش قولتلك حنين هتزعقلي؟ _متخافيش مش هتزعقلك...ادخلي كلي الشوكولاتة إللي في الأوضة وإلعبي بالأل**ب شوية. بقينا لوحدنا، فضلت بصالي وعلى وشها تعبيرات كتير...رجعت لورا ورمت نفسها على الكرسي وحطت وشها بين إيديها =عايز مننا إيه؟ عارفه إني غلطت في حقك وكلمتك بأسلوب وحش، عايز تطردنا اتفضل من غير ما تهين كرامتنا وتوقع بيني وبين أختي. زي ما أنت شوفت كده حالنا على قدنا وبابا تعبان ويادوب المرتب مكفي علاجه ومصاريف البيت، اتخ** من مرتبي الشهرين إللي فاتو عشان كنت مع بابا ومكنش ينفع أسيبه، ملناش حد في الدنيا غير ربنا، مش عارفه أعمل إيه ولا أشتكي لمين. _أنا قلبي مش حجر عشان أطردكوا، أنا فعلًا حبيت مريم من قبل ما أعرف إنها أختك، مش قصدي أوقع بينكوا بس هيا مفتقدة وجود راجل في البيت، مفتقدة إن حد يلعب معاها ويسمعها؛ عشان كده أول حد مد إيده ليها استجابت وفتحتله قلبها، سنها صغير بس عقلها كبير...لو مش هيضايقك نفضل أنا وهيا أصحاب، أنا في أجازة ومش ورايا حاجه، بعد ما تروحي شغلك هفطر معاها ونلعب شوية وامشي، قالتلي إنها مراحتش الحضانة الشهر ده فاستنتجت دلوقتي إن المرتب مش مكفي...هدفعلها حق الحضانة لحد ما ربنا يف*جها عليكي وابقي رجعيلي الفلوس. =ليه بتعمل كده! إحنا مش محتاجين شفقة ولا فلوس من حد، كل إللي طلباه شوية وقت وهرجعلك فلوسك، وابعد عن مريم بعد إذنك. _طب ياترى دي رغبتها؟ متبقيش أنانية أنا مش هأذيها في حاجه، مش عشان إنتِ مش طيقاني يبقى تبعديني عنها، دي طفلة متدخليهاش في حواراتنا. =حوارتنا إيه؟ إنت مفيش حاجه تربطك بينا أصلًا. _مش هضيع وقتي معاكِ، وعلفكرة باباكِ أداني صلاحية التصرف... يعني أعمل إللي أنا عايزه، روحي نامي عشان متناميش في الباص على كتف إللي جمبك وتصحي تزعقي فيه، تصبحي على خير يا حنين. سبتها في دوامة ونزلت، كل خطوة باخدها بكون عامل حسابها، بس المرادي مش عارف أنا رايح فين ولا بعمل إيه. المرادي هعمل إللي يريحني مش إللي عقلي بيقوله. _ياسييييين أنا بحب يا ياسين. =هو إللي بيحب بيفضل يلف كده حوالين نفسه ويدوخ زي البنات؟ _والله بحب بجد، واسمها مريم كمان. =عرفتها منين وعاملة إزاي احكيلي يابلوة. _ساكنة في العمارة بتاعتي، عسولة وشعرها أصفر وعيونها..مش عارف، بص هيا لونها غريب، تحسها لونين في بعض. =يا عم كفاية، ناقص تقولي لون شرابها إيه! بتشتغل إيه ولا عندها كام سنة؟ _في حضانة. =حلو، بس الشغل في حضانة مرهق. _لا هيا في حضانة. =أيوة فاهم، هيا المديرة يعني؟ _ياسين، مريم في حضانة، عندها أربع سنين. صوت صرصار الليل في الخلفية.. =أسامة إنت كويس؟ _آه، ليه؟ =لا أبدًا..أنا هروح البيت، سلام. _صباح الخير، أُمنا الغولة مشيت؟ =تؤتؤ عيب يا عمو تقول على حنين كده. _طيب يا أرشانة..تعالي يا لمضة نفطر ونسلم على بابا وأود*كي الحضانة. =الله هروح الحضانة تاني؟ _فرحانة؟ =فرحانة جدًا...أنا بحبك يا عمو أسامة أوي، هروح أجهز شنطتي. راقبت الفرحة في عيونها وتنطيطها في البيت، أنا فعلًا بحبها وبفرح أما ألاقيها فرحانة. يمكن هيا إللي بتفرحني مش أنا إللي بفرحها. _ألاء هروح أتطمن على بابا ومريم عقبال ما استراحة الغدا تخلص، معلش لو اتأخرت إبقي شيلي الشغل بدالي لحد ما أجي. =حاضر متشيليش هم، خلي بالك من نفسك. دخلت البيت، الأنوار مطفية... _مريم؟ بابا؟ دخلت برعب أدور في الأوض كلها على مريم وبابا ومفيش حد! البيت فاضي!!! دخلت برعب أدور في الأوض كلها على مريم وبابا ومفيش حد! البيت فاضي!!! دماغي هتتشل من التفكير طب أسال مين ولا أدور فين! الباب خبط جريت فتحته لقيت أسامة في وشي! _بابا ومريم فين؟ إنت عملتلهم إيه؟! انطق. =كالعادة قليلة الذوق ومتسرعة، باباكِ تعب ووديناه المستشفى وهو بخير دلوقتي وقاعد في شقتي مع بابا وإخواتي، ومريم راحت الحضانة وودتها شقتي عشان متقعدش هنا لوحدها، أنا عارف إنه مش ذنبك بس إزاي تسيبي باباكِ لوحده وهو في الحالة دي؟! حاولت أهدي نفسي الحمدلله المهم إنه كويس، يارب إنت لطيف أوي. _حط نفسك مكاني، متعرفش الرعب إللي كنت عيشاه أما ملقتهومش في الشقة! كل إللي ليا في الدنيا دي اختفوا مرة واحدة. =ملقتش طريقة أعرفك بيها إني هاخدهم عندي، باباكِ وضعه كان صعب ومينفعش أستناكِ...عمومًا شقتي في الدور الأخير وأختي دكتورة وهتهتم بوالدك ومريم مندمجة مع أخواتي ومامتي، عايزك تيجي تبصي عليها من بعيد وتشوفي الفرحة إللي في عينيها والأمان إللي هيا حاسة بيه. أنا عارف ياحنين إنه مش وقته بس أنا حبيت أختك جدًا وبعتبرها أختي الصغيرة أو بنتي، وطالما مريم حبتني يبقى في أمل إن أختها الكبيرة تحبني هيا كمان. ممكن تسمحيلي نتقاسم حِملِك؟ مينفعش تشيلي كل ده لوحدك، أنا هسيبلك وقت تفكري فيه... دلوقتي تعالي نتطمن على بابا ونشوف مريم. حاسة إني متخدرة، طلعت معاه وبصيت لمريم من ورا الباب، بتضحك وتجري في البيت كله وبتلعب مع البنات، واحدة فيهم بتجري عليها وتحضنها وتلف بيها. هيا دي أختي؟ دي مريم المنعزلة الهادية!! سلمت على أخواته ومامته ومنكرش إنهم طيبين ومحسسونيش بفرق في المعاملة ولا إني أقل منهم. _باباكِ نايم دلوقتي عايزة تدخلي تبصي عليه؟ =آه، أسفة تعبتكوا. _عيب تقولي كده، إحنا إخوات. =طيب ياجماعة نستأذن إحنا بقى هننزل وأما بابا يصحى هطلع أخده...بجد مش عارفه أشكركوا إزاي. _حنين عايزة أفضل هنا شوية، ممكن؟ =لا يا مريم تقلنا عليهم انهارده. _لا عايزة أفضل مع عمو أسامة وألعب مع أسيل وليان. =مري... _سيبيها يا حنين تبات هنا انهارده. =بعد إذنك يا أسامة سيبني أتعامل مع أختي ومتتدخلش. _تعالي يابنتي باتي معانا انهاردة إنتِ ومريم. =أسفة ياطنط مش هينفع ربنا يباركلك. _المكان واسع والأوض كتيرة، إحنا فاتحين الشقتين على بعض وأسامة هيقعد في الشقة التانية ويسبكوا على راحتكوا، مش هبقى متطمنة وإنتوا لوحدكوا. وبعد إلحاح شديد اضطريت أبات معاهم أنا ومريم. مامته دخلت الأوضة... _عاملة إيه يابنتي، محتاجة حاجة؟ =ربنا يباركلك يا طنط تسلمي. _طنط دي مسمعهاش تاني، قوليلي ياماما يا سوسو، أي حاجه غير طنط دي فاهمه؟ معرفش ليه عيطت، يمكن عشان متحملة فوق طاقتي؟ أو صعبت عليا نفسي؟ أو إنهم حنينين بزيادة؟ _اسم الله عليكِ مالك بتعيطي ليه؟ حاجة ضايقتك مننا؟ كنت محتاجة الحضن ده من زمان، حضنتها وفضلت أعيط وهيا تطبطب عليا وتهديني لحد ما نمت، كانت أول مرة أنام وأنا حاسة إني خفيفة مش مليانة هموم، نمت وأنا متطمنة. صحيت حضرت معاهم الفطار، ولأول مرة أحس بالجو الأسري اللطيف ده... _قوم يا أسامة وصل حنين الشغل وهاتلي من السوبر ماركت إللي تحتهم جبنة. =ما في يا ماما جبنة في كل حتة! اشمعنى أجيب من عند شغل حنين؟ _أنا بحب الجبنة إللي هناك اسمع الكلام ومتتلامضش. =ماما هو إنت دوقتيها قبل كده أصلًا؟ _إنت بقيت رغاي ليه ياولا؟ قول حاضر وانجز نفسك. =حااااضر. _يلا هوصلك. =ملوش لزوم أنا هروح لوحدي. _ماما عيزاني أجبلها طلبات من هناك، كده كده همشي من نفس الطريق. =مع إني شايفة إن ملوش داعي. _إركبي. =إي ده إحنا مش هنروح بالباص؟ _لا. =أومال ركبت الباص ليه قبل كده؟ _ساعات بستسهل وبركب الباص. ركبت معاه وقلبي بيدق لسبب ما أنا معرفوش. _مش هتقوليلي قرارك؟ اتن*دت =مش عارفه...إنت ليه مجبر تتحمل مسؤوليتنا وتعيشنا في بيتك؟ =عشان هتكوني مراتي، تخيلي؟ _إيه؟ =أومال أنا كنت بكلم نفسي إمبارح؟ هو إنتِ فهمتي كلامي؟ _أنا؟ =يعني شرشوحة ومتسرعة وكمان غ*ية؟ يارب عينني على البلوة دي. _عادي مش مضطر تتحملني. =عينيكِ لونها إيه؟ أنا مش هتجوزك لأجلك، أنا هتجوزك لأجل أجيب بنات شبهك وليهم نفس عينيكِ وأفضل أعا** فيهم. _افرض مطلعوش شبهي ومخدوش لون عيني؟ =لو مطلعوش شبهك أكيد هيطلعوا شبهي، وهيكونوا قمرات عشان أنا قمر ومفيش مني اتنين. سندت راسي على الشباك وغمضت عيني، خايفة أجازف، مشوفتش منهم حاجة وحشة وهما مش مجبرين يعملوا معايا كده. مريم متعلقة بيهم ومنكرش إني كمان اتعلقت بيهم، بقيت حابة وجوده حواليا كإنه بيحميني وفي كل مشكة ألاقيه جمبي، اتعودت على وجوده. _أيوة جدعة، نامي بقى وريحي على كتفي واصحي بصيلي بعيونك البريئة دي واصدميني بوصلة تهزيق. فتحت عيني _منمتش علفكرة، وبعدين مجتش جمبك بطل تتلزق في الناس. =أنا عارف إنك خايفة ياحنين، وداخلة على حياة جديدة مجهولة، بس خليكِ واثقة إن ربنا مش هيضيعك، وفعلًا مش هتلاقي أفضل من أهلي...مش بقول كده عشان هما أهلي، بس بجد أما تعاشريهم هتعرفي إن كلامي صح. حسيت إني متحاصرة من كل الجهات ومفيش سبب عشان ارفضه _طب بص، لو بابا وافق أنا مواف... إنت بتلف وراجع ليه؟! =راجع عشان نكتب كتابنا، باباكِ موافق من أول مرة كلمته فيها، ناميلك شوية بقى لحد ما نوصل وودعي حياة العزوبية. _إيه؟! =مقولتيليش لون عينك إيه؟ النهاية. ((((شمس ايامي)))) _ أمجد أنا عاوزة أخلف. ايوه بس إنتي عارفة إنَّي مبخلفش! _ وانا عاوزة ولاد إنتي قبلتيني علىٰ المبدأ ده أنا مخدعتكيش. _ عشان كنت مفكرة إني هقدر أعيش من غير خلفة قربت منها بحنية وقولت " خلاص انا هروح لطليقك اتفاوض معاه شوية يجيبلك ولادك وليكي عندي ياستي إني اتكفل بمصاريفهم كلها وهكفي كل احتياجاتهم " _ وليه المشاكل دي كلها؟ إنتي عاوزة إيه دلوقتي يعني ياندىٰ؟ _ عاوزة ولادي مش عاوزة ابعد عنهم. يعني إيه مطلوب مني ما قولت هروحله؟ _ مش هيوافق أنا عارفاه. عاوزاني أعمل إيه دلوقتي؟ _ نتطلق سكت دقيقة وبعدين حسيت إن كُل الكَمَد اللي جوايا اتجمع كله في بؤرة واحدة وبقى مستعد للخروج بشدّة، خدت نفس عميق وحاولت أهدى لكن العصبية كانت متملكة منّي فقولت " بقى بعد اربع سنين عاوزاني اطلقك ؟! طيب انا عمري قصرت معاكي من يوم ما اتجوزتك، ياشيخة ده أنا طلقت مراتي رسمي عشانك، لكن عمومًا انا مش ندمان على أي حاجة عملتها ومش زعلان من قضاء ربنا إنّه جعلني شخص عقيم وعلى فكرة كرامتي ورجولتي متسمحليش ابدًا أهين نفسي واسمعك كل يومين بتعايريني بحاجة مش بإيدي وافضل ساكت، اقعدي مع نفسك وقرري يابنت الناس وانا هنفذلك مُرادك بس فكري كويس عشان مترجعيش تندمي " سيبتها وخرجت للبلكونة، قعدت على كرسي وبعدين فتحت الموبايل على قايمة المُفضلة وشغلت سورة " طه " بصوت ماهر المعيقلي اللي بسمعه دايمًا من صغري وأمنية حياتي اشوفه ولو حتى من بعيد، رجعت بجسمي لورا بوَهن وسندت راسي على طرف الكرسي وغمضت عيني، حاولت استرجع كل ذكرياتي مع طليقتي وحب حياتي، كل الذكريات اللي كنت بحاول اهديها واخمد نارها رجعت بعنف وبقت بتنحر أوتار قلبي بدون رحمة .. بحبها من صغري كانت بالنسبالي وهَج الأحلام في زحام التمني، مراتي يمكن أحلى منها شكلاً لكن هي كانت في عيني سيدة فتيات عصرها، أجمل البنات في عيني لأسباب مش مفهومة ومعرفش اشرحها أسباب انا بس اللي حاسسها، حاجة كدا ربانيّة بيني وبينها، بينا حب روحاني كان مخليني بروحلها حتى لو هي اللي مزعلاني، لما أهلها رفضوني بسبب فقري وقلة حيلتي قولت لنفسي " هتلاقي احسن منها واللي خلقها أكيد خلق زيها كتير " بس في الحقيقة اللي خلقها مخلقش غيرها في عيني، ممكن يكون ربنا خلق أحسن منها فعلاً لكن زيّها مظنش، لأن مفيش زيها وأنا مش ضامن الأحسن منها هتبقى مريحاني قدها ولا لا، يوم ما كنت رايح اطلب ايديها كنت مفكر حبي ليها من طرف واحد ومع ذلك كنت طاير، بقيت عاوز ألبس قلبي نفسه طقم جديد هو كمان، كنت حاسس إني ذاهب في رحلة قصيرة اجالس فيها القمر شوية واقتبس من نوره، قعدنا نتكلم ولمّا وضحتلي في كلامها إني انا كمان كنت حُب عمرها وإن المشاعر متبادلة بينا حسيت روحي بترقص على السحاب وشايفة الجنّة قدامها، بصيتلها بخوف وقولت " خايف أهلك يرفضوني يانور، صدقيني أنا أنا لو اطول اجيبلك نجوم السما مش هتأخر " ضحكت بلُطف وقالت " سافر يا أمجد وأنا هستناك، وعد منّي مهما غبت مش هقبل بغيرك " سمعت كلامها وعملت كل حاجة عشان اعمل جواز سفري للسعودية، اهلها أحبطوني ورفضوني لكنّي **مت عليها وصارعت كل الصعاب عشان أزيّن ايد الحلوة بدبلتي! لما لاقوني جهزت جواز سفري وافقوا نقرأ فاتحة، سافرت وأنا جوايا أمنية واحدة إني " أشوف المعيقلي ولو صُدفة " بقيت بهلِك نفسي في الشغل عشان اجمّع قرشين حلوين، كل ما أقابل حد اسأله عن الشيخ ماهر هموت زاشوفه بأي طريقة، دخلت اتوضيت وهيأت نفسي للصلاة صليت وقعدت استغفر شوية وبعدين خبطت في كتف راجل طيّب وملامحه هادية جدًا بصلي متعجب من ارتباكي وقال " بتدور على حاجة يابني؟ " بصيتله بيأس وقولتله " نفسي اشوف الشيخ ماهر المعيقلي إمام الحرم المكي متعرفش توصلني ليه؟ " رد وقالي أنا خادم الحرم هنا والشيخ ماهر مش بيجي غير في رمضان وقليل لما بيجي في باقي الأيام، وقفت حطيت إيدي في جيبي بضعف فلاقيته حط إيده علىٰ كتفي وقال " لو حابب تفضفض حاجة ممكن اسمعك " وشدني قعدني على كرسي وأنا مستسلم تمامًا، جابلي عصير وقعد قصادي، هدوء وطمأنينة المكان وبساطة ملامحه خلتني احكيله كل معاناتي، وإن الدنيا متربسة في وشي وحتىٰ حبيبتي العالم كله بيعا**ني في سير سيري عشان ميجمعناش. ابتسم إبتسامة عريضة فاتعجبت منّه اللي هو إزاي بحكيله مشكلة وبيضحك؟ _ متستغربش منّي هتعرف سبب ضحكتي إيه دلوقتي، بس هقولك حاجة الأول " لو بتحب واحدة ومقتنع إنّها هتصونك متسيبهاش حتى لو كل خلق الله معارضينك، كافح عشان الحب الحقيقي مبيتكررش مرتين في العمر، ومعافرتك ليها وإنك عاوزها ليك غصب عن العالم دي مش أنانيّة بالع** ده حق قلبك اللي ربنا شرعهوله " _ أمّا سبب ضحكتي بقى الحدوتة دي " كان في واحد اسمه حَمَد حب واحدة من با**تان، كُل اهله عارضوه وحتىٰ أهل بلده اتريقوا عليه لما اتجوزها، سا**هم البلد كلها وطفش وخلف منها ولاد كتير، كل ولاده حفظوا القرآن الكريم كاملاً وصوتهم كلهم أروع من بعض لو سمعتهم تبكي وجسمك يتهز من الخشوع اللي في قلبهم للقرآن والصِدق في التلاوة والجمال في الصوت والنبرة، المهم ياسيدي " حَمَد " مات وبعد سنتين من موته بالظبط واحد من ولاده بقى إمام للحرم المكي واهله اللي كانوا بيتريقوا علىٰ أمه بيتباهوا بيه دلوقتي ! " _ عارف ده يبقىٰ مين؟ ضحكت وصوت ضحكتي ارتفعت وقولتله " يبقىٰ الشيخ ماهر بن حَمَد المُعيقِلِي صح ؟ " ضحكلي ضحكة صافية وقال " قوم يابني قوم نصلي ركعتين " .. ♡ " سبحان الله عجائبه وقدرته فاقت توقعاتنا وأحلامنا " قعدت سنة ونص ونزلت عشان احقق حلمي وأخيرًا بقىٰ نور هتبقىٰ من أهلي وتبقىٰ عمري اللي فاضلي! " راكب الطيّارة عاوزها تنزل جنب بيتها مش في المطار " كنت نازل راسم أحلام ولاقيت أحلام غير الأحلام، أخويا ضيّع كل حاجة في غمضة عين، ديون ومشاكل كلها بقت علىٰ كتفي، المشاكل تقيلة على قلبي لدرجة الفتك بِه، لكن هي أثبتتلي إن الحب الحقيقي بيبقى غامض والمشاكل بتظهره وتبرزه وتقويه وتبين معدن الشخص الحقيقي، اهلها ض*بوها عشان تسيبني لكنها رفضت، بيجيلها فرص كبيرة أي بنت عاقلة مترفضهاش، كانت كل ما تشوفني يائس ومتكتف تقولي " الإلحاح روح اليقين " هرول لربنا وفضفضله وقوله " انا تعبان " لعل بدعواتك تنبلج اساريرك وتُنير ملامحك من جمال إجابة الدعاء، لعل لكَ بين ثنايا السماء عوض مؤجل. نور أنا بحبك ♡ _ " طيب احفظ تاريخ النهاردة بقىٰ عشان ده اليوم اللي اتكتبت فيه على اسمك وبقيت حرم أمجد باشا ". لفيت إيدي في ايديها وقولت " اشمعنا أنا يانور اللي اتحديتي أهلك والعالم كله عشاني رغم إنّي مقدمتش ليكي ربع اللي بتتمنيه ؟ " _ عشان رسمتك في خيالي ملاك ولما اتحديت العالم اتحديته عشان هما كانوا مفكرين إن الدنيا مفيهاش غير بشر وبس، هما عايشين في مستنقع متلوث وبذئ ومحاولوش يخرجوا منه ويفهموا إن" فعلاً فيه حاجة اسمها رزق وعوض وإن أكيد لينا نصيب في حد حنين في مكانٍ ما، في وقتٍ ما مستنينا ". " قالوا عنّي إستحالة تحب وانا قلبي كان ميّال، ميّال لملاك مش موجود في اراضيهم الخبيثة ". شديتها لحضني وأنا بقول " ياه لو ينفع أفضل حاضنك عمري كله واعيشلك عمر فوق عمري واجيبلك من النجوم أنواع " الوقت خدنا بسرعة وساقية الأيام دارت، مر سنتين على جوازنا وأنا شغال على دراعي، عامل باليوميّة، اشتغلت جميع أنواع الشغل، الدنيا بتخبط فيّا بشكل عنيد، شوية أبقى عامل جراج وشوية محار وشوية سباك لكن هي كانت أكبر داعم ليا وكل ما اتقاعس تشجعني وتقولي " قول الحمد لله " كنت بسمع كلامها وبحمد ربنا عشان لقمتي حلال حتى لو من قليل " الحمل اتأخر فقررت نروح نكشف بس قبل ما أروح كنت حريص محسسهاش بأي أذىٰ نفسي فروحت للدكتورة الأول وفهمتها إن لو العيب طلع منها تطمنها وتقولها " إن الأمر ده طبيعي وبيحصل " ولما روحت فعلاً الدكتورة قالت اللي اتفقت عليه معاها لكن ملامحها كانت متغيرة ومش مُبشرة ابدًا، وصلت نور ورجعت للدكتورة تاني وأنا قلبي مقبوض، فجعتني بكلامها وكأنها جابت خنجر مسموم ودخلته في قلبي، قالتلي كدا بالنص " أنا آسفة يا أستاذ أمجد بس العيب من حضرتك مش من المدام والعلاج تقريبًا شبه مستحيل لكن متيأسش وادعي مفيش حاجة مستحيلة علىٰ ربنا " مشيت وأنا مش شايف، تملّكني الوهن وبقيت شخص حزين، التراح استوطن فؤادي، اصبحت واهث بطريقة مُخيفة، فداحة الخسارة مش قليلة خالص، إتجمع جوا عقلي خليط من " الصراعات النفسيّة و**ور وإنهزامات روحية وتعسرات مادية وضغوطات من الحِمل اللي كتفي شايله، كل اللي جوايا مكنش ليه حل غير الصراخ، قعدت في جنب علىٰ سلم والدموع دخلت معركة وسابقت فيها حزني وانتصر وجعي، ما هو حجم الدموع أقل بكتير من مقدار التعب " روّحت البيت وأنا في حالة من السكون الخارجي والضجيج بينخر هدوئي من جوا، جريت ارتميت في حضنها وبكيت زي الطفل ولما سألتني قولتلها " شوية ضغط من قلة الشغل " سابت كل اللي في إيديها وقعدت على السرير وحطت راسي على رجليها وقرأت لي قرآن، أول مرة أحس بهدوء وسكينة للدرجة دي، مش عارف نمت إمتى ولا إزاي حتى! " الأيام كانت بتعدّي واحساسي بالذنب والضعف قدامها كل يوم بيزيد وبصفتي راجل شرقي ودمي حامي محبتش اظلمها معايا، مينفعش بعد كل التضحية دي منها اخليها تعيش مع شخص عقيم، فهمتها إن العيب منها وإني عاوز أخلف ويبقى عندي ولاد وقسيت عليها، عاوز انطق كلمة " إنتي طالق " بس في حاجة رابطة ل**ني بلعت ريقي بمرارة وبصيتلها بحدّة وقولتلها " إنتي طالق يانور طالق " جيت أقولها لتالت مرة حطيت ايديها على بؤقي، انهارت ومبقتش عارفة تقول إيه من صدمتها، سكت لحظات عشان تستوعب كلامي وبعدين قالت: _ أمجد أنت بتتكلم بجد؟ أنت أنت بتهزر صح؟ قعدت تمسح في دموعها وهي بتقول " طيب بص أتجوز وسيبني على زمتك، كان نفسي احضنها وأحضن خدها بكفوف ايدي وأقولها " والله ما حبيت غيرك " لكني قسيت ولفيت ضهري ورميت الطلقة التالتة. عايش من بعدها متبنج مش حاسس بنفسي ولا واخد بالي من تصرفاتي، الناس في وادي وأنا في وادي، وعشان اخليها تكرهني وتنساني اتجوزت أخت صاحبي المطلقة، فهمتها الوضع ووافقت عليه وبعد جوازنا طلقت نور رسمي، براقب أحوالها من بعيد وسمعت إن اهلها زعلوها وجوزوها لشخص كبير في السن عشان كانوا رافضين جوازنا وهي **مت عليا، ومراتي بتقولي " طلقني؟ " مبقتش فاهم حكمة ربنا إيه من كل ده؟ سمعت بالصدفة إن نور خلفت ولد على قد ما فرحتلها حزنت على حالي وحسيت نفسي بحط خير واحصد شر ومش قادر افهم عناد القدر هيوصلني لإيه بس برجع وأقول " لازم نعيش المكتوب وقدر الله دائمًا نافذ " ندىٰ أصرّت على الطلاق وطلقتها، بقيت عايش في حالة من التبلد والبرود ما بين حيطان أوضتي اللي مشاركاني تعبي، مصبر نفسي على أمل إن ربنا قادر يغير الموازين في لحظة وجايز بكره نهاية الحزن وهمشي على خط جديد، طلعت للبلكونة اللي كنت دايمًا بقعد فيها مع روحي اللي فارقتني وبقت مع غيري، شغلت الراديو بطريقة عشوائيّة لاقيت شيخ بيتكلم بطريقة هادية ومريحة للأعصاب، بيتكلم بالعاميّة الممتنعة، عامية لكنها مش ساهلة، داخلها حشو بالفصحىٰ وكأنه بيسحبك بالتدريج عشان تلتفت للقصة والعبرة اللي بيوصلها ليك، كان بيتكلم عن شخص اسمه " الطفيل بن عمر " وده كان سيدًا مُطاعًا في قبيلته اللي كان اسمها " دوس " في يوم من الأيام الطفيل راح مكة يقضي فيها حاجة .. أول ما دخلها شافوه اشراف قُريش فأقبلوا عليه وقالوا : " من أنت؟ " قال " أنا الطفيل بن عمرو سيد دوس " فبدأت قريش وزعمائها يستخدموا معاه أسلوب الترهيب ويخوفوه من النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فقالوا للطفيل : " إن هُنا رجل في مكة يزعمُ أنّه نبي، فاحذر أن تجلس معه فإنّه ساحر وإن استعمت إليه سوف يذهب بعقلك ". فقال الطفيل: والله ما زالوا يخوفونني منه حتىٰ أجمعت ألا اسمع منه شئ، وحشوت في أُذنيَّ كرسفا وهو " القطن " خوفًا من أن يبلغني شئيًا من كلامه وأنا مار به. فذهب الطفيل إلى المسجد فإذا برسول الله عند الكعبة يُصلي وحينما اقتربت منه سمعت كلامًا حسنًا أراح ص*ري فقلت " واثكل أمّي! والله إني لرجل لبيب .. ما يخفى عليّ الحسن من الق**ح .. وما الذي يمنعني من هذا الرجل أن اسمع ما يقول؟ إن كان حسنًا قبلته وإن كان ق**حًا تركته، فمكثت حتى قضى صلاته فمضى إلى بيته فتبعته فدخل البيت فدخلت عليه وقولت يامحمد إن قومك يقولون عنك كذا وكذا، وظلوا يخوفوني منك حتى وضعت كرسفا في أذني ولكني سمعت منك قولاً حسنًا فاعرض عليّ أمرك " ولإن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ كان مُبدعًا في استعماله لدعاء النبوة ابتهج من كلام الطفيل وعرض عليه الإسلام ♡ ثمّ قرأ عليه القرآن ففكر الطفيل في أمره فشعر أنّ كل يوم يعيشه يبعده عن الله لأنه كان يبعدُ حجرًا .. لا يجيبه إذا دعاه، ولكنه أخذ يفكر في عاقبة إسلامه ماذا سيفعل في اهله وماله الذي جمعه وأولاده وزوجته وقبيلته وخلانه وجيرانه؟ كل هذا سيضطرب وتتزعزع بينهم العلاقة! ولكنه ض*ب بدنياه عرض الحائط واختار إسلامه وآخرته، فماذا سيريد من أهل الأرض إذا رضي رب السماء؟ فقال الطفيل للنبي يارسول الله أنني سيد مطاع في قبيلتي وإني راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام. فذهب إلى ابوه فقال له " يا أبت فلست منك ولست منّي لأنني تابعت دين محمد " فقال له أبوه " إذن دينك ديني " فقال له " اذهب واغتسل وطهر ثيابك وسأعلمك مما عُلمت، فذهب واغتسل وعرض عليه الإسلام فأسلم " " وفعل نفس الشئ مع زوجته فأسلمت ♡ " فذهب لقومه بيتًا بيتًا يدعوهم إلىٰ الإسلام فأبت أن تترك عبادة الأصنام فغضب الطفيل وذهب إلى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فقال " يارسول الله إن دوسًا أبت أن تترك عبادة الأصنام فادع الله عليهم، فتغير وجه الحبيب ورفع يديه إلى السماء فقال الطفيل " هلكت دوس .. هلكت دوس " ولكن الرحيم الشفيق دعى الله لهم وقال " اللهم اهد دوسًا اللهم اهد دوسًا " ثم نظر للطفيل وقال " اذهب إلى قومك فادعهم وارفق بهم " فذهب إليهم ودعاهم حتى اسلموا.. فليتكَ تحلو والحياة مريرة وليتك ترضىٰ والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالكل هيّن وكل الذي فوق التراب تراب " العبرة من إسلام طفيل إن ربنا بيدينا رسالة قيّمة ونبيلة جدًا، إن لما ربنا يريد ليك الهُدىٰ أو الرزق أو العوض أو الشريك المُناسب فهيجيلك ولو كل العالم ص*رت ليك النسخ الوحشة كلها عن مستقبلك فطمّن قلبك " حاولت قريش تخويف وترهيب طفيل من النبي حتىٰ لا يدخل الإسلام فأراد الله أن يدخله هو وووالده وزوجته وابنائه وقومه " سبحان الله " قفلت الراديو ونزلت بسرعة روحت جددت عقد السفر وسافرت بعدها بشهر، سندت على ربنا عشان يراضيني، مش هكذب وأقول إني نسيت نور بس كنت عايش وكنت بخير إلى حدٍ ما عشان راضي بقضائه، نزلت السوق اشتريت سحور أول يوم في رمضان وكنت بنزل أصلي في الحرم أول ما بدخل المكان قلبي بيتنزع من القفص الص*ري ويتحط مكانه كشّاف نور .. روحي الضعيفة المضطربة بتنتفض والاقي مكانها روح مستكينة، أنوار المكان الملونة الهادية، شكل المسجد وهو نضيف لأبعد حد، السجادة اللي سجد وبكىٰ عليها عدد لا حصر له من الصالحين والمُبتلين والمرضىٰ والضعفاء والفقراء والأغنياء وجميع الفئات صبحت سواسية هُنا، خشوع الناس وملامحهم اللي كلها عفوية وبُشرىٰ وراحة وطمأنينة، حسيت إن المكان ده المأمن الوحيد اللي كله ارتياح وقفت برزانة ووقار وتهيأت للصلاة ولسه الإمام بيقول الله أكبر سمعت صوته ايوه والله هو نفسه اللي بدوّر عليه " نفس الخشوع والخضوع والهدوء والجمال " قعد يتلو من سورة البقرة وهو يعيط من الخشوع وأنا اعيط من الإشتياق، خلصت صلاة وجريت في المسجد تسللت من بين الحشود وروحتله أول ما شوفته شبكت فيه " يا الله ياكريم ياذا العرش المجيد يافعال لما تريد " بكيت في حضنه لاقيته مسح على راسي وبيقولي " أنت بخير؟ " بصيتله وقولتله " لا مش بخير ياشيخي " خدني وقعدنا في جنب لوحدنا في المسجد حكيتله كل حاجة رد عليا بجملة واحدة وقال " وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ” _ طمئن قلبك أن الله لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء، ليس بغافل أيضًا عن تحقيق أمنياتك الصغيرة، أشعر وكأن الله سيرد إليك زوجتك. ياشيخي دي اتجوزت ومعاها ولد كمان وأكيد عايشة مبسوطة! _ ابشر .. مجرد شعور ولعله يتحقق، لا نعلم ما أُخفي لنا من قرة أعين ♡ قعدت معاه حوالي نص ساعة، مكنتش مصدق نفسي، الأمر جميل جدًا ومريح، كلامه بلسم ومطهر للجروح، النظر في وشه غنيمة من كثرة البشاشة والبراءة، صلاحه كله متجمع في ملامحه.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD