الفصل الحادي عشر

3630 Words
الفصل العاشر الفصل العاشر المرأة لم تخلق للضعف.. خلقت للقوة .. للمواجهة.. !! هي شجاعة .. متملكة.. ربما انانية..!! تعشق القتال في ميدان من تحب لتفوز وتنتصر..!! إنها ببساطة انثي محبة وعاشقة.. تضحي وتأخذ المقابل , ولا تقبل بأنصاف الحلول..!! الأنصاف في عرفها عبثا أن تنشُده, وهي كانت كذلك تلك الجميلة كما اطلقوا عليها.. زهرة عائلتها.. فاتنة الجميع.. منى أبو العزم..!! تلك الشابة ذات الثامنة عشر ربيعاً التي قبلت برجل مطلق ومعه طفل..! قبلت بابن عمها يسري أبو العزم.. مع إستنكار الجميع , وتعجبهم , فالجميلة كانت مطلب لأفضل العائلات وأعرقها, ولكنها ض*بت لهم المفاجأة بزواجها من بن عمها.. والأغرب تلك الزيجة تقليدية بحته , لا يوجد بها تلك المشاعر التي قد تجذب مراهقة يوماً ما..! وكما تعلمت على يد جدها الذي قام بتربيتها بعد وفاة والدتها وهي في سن صغير, ورحيل والدها للخارج منزويا بائسا في عزلة حزينة على وفاتها.. فكما تعلمت منه أن العائلة اولاً واخيراً, العائلة أهم..!! ورغم أنها تعلم أن جدها هو من اقترح تلك الزيجة على بن العم .. وافقت ! في حديقة القصر كانت جالسة ترتشف قهوتها السوداء مع فريدة تلك الزهرة التي دخلت حياتهم دون أدنى ذنب , كانت ترتشف بتمهل تارة وتتمعن بملامحها تارة وتستمع ببداية يومها تارة آخري, تتمعن بفريدة أكثر فتدرك كونها مهزومة من الداخل بملامحها الذابلة.. وكأن روحها شاحبة.. والنظرات كانت شاردة!! وكأنها بعالم آخر..! عقدت حاجبيها وهي تتأملها بعمق ونظراتها لا تحيد عنها ورغم ما تراه من ضعف يتملك من روح تلك الجميلة , لكنها كانت موقنة بداخلها أنها تشبهها ..!! فتطلعت بها بنظرات عميقة قائلة بلهجة حانية ودودة تطلق سؤال تحتاجه الآخرى , سؤال كربته حانية على روحها المفقودة داخل ذلك الظلام المدنس بلوثة الإنتقام: -عاوزة تعيطي..؟! تساؤل لمس أوتار قلبها البائسة يدغدغها فيحاول إعادتها للحياة وبنظرات حائرة حزينة أجابت فريدة هامسة بألم بينما يدها تتلاعب بكوب العصير الموضوع أمامها أعلى المنضدة التي كانت تفصلها عن منى وملامحها ترسم الجمود رغم احتياجها لتلك الجالسة بحنانها : -وبعد ماعيط هيرجع الي كان ,همحي ذنب بتعاقب عليه وانا معملتوش..! أطلقت كلماتها بشرود تام, فقط بضع كلمات اختصرت الوضع , اختصرت الألم..!! اختصرت ما تحيا هي به بسرد سلس سهل في كتابته وقوله , حزين .. بائس في باطنه المظلم. ورغم أنها بضع كلمات ولكنها اختصرت الواقع وأظهرته في أفضل وأوضح صورة. كانت الآخرى تنظر لها فتألمت لأجلها.. حائرة لأجلها, فأمسكت بيدها الموضوعة أعلى المنضدة هاتفة بنبرة ودودة تؤكد حديثها خاصة مع ملامحها المستكينة في طلتها تلك: -مش هيرجع بس. هيهد*كي.. يمكن يقويكي..!! هزت فريدة كتفها بتهكم ثم ابتسمت بسخرية وهي ترتشف عصير البرتقال , تسحب يدها من يد منى ببرود مصطنع, تحمي نفسها من أن تقع في التعلق بتلك المرأة هاتفة بتعجب بارد.. ساخر: -العياط بيقوي.. جديدة دي.. ! أمسكت منى بيدها مرة آخرى متجاهلة ملامحها الجامدة وبرودها الخارجي ثم ربتت علي ظهرها قائلة بلهجة أمومة لطالما افتقدتها فريدة لطالما ارادتها..!! لطالما تمنتها رغم كل هذا الحنان الأبوي الذي عاشت فيه واستأثرت به: -عارفة انت شبه مامتك..! احرزت هدف..! هي تعلم ذلك وتقصده تماماَ فتلك النظرة المتطلعة الفضولية , لأجل والدتها كانت الطريق هي تعلم ذلك, لذلك تعمدت ذكرها! وبلهفة لم تخطئها وبقلب ضعيف لذكر الراحلة التي لم تري منها الا ملامح باهته ببعض الصور.. ذكريات منثورة في ماضي لم تحضره..!! هتفت بلهجة تحمل بين طياتها حماسا مخلوط برجاء: -تعرفي ماما.. بجد تعرفيها..!! وبابتسامة ودودة منتصرة اومأت لها ضاحكة بخفوت : -اه اعرفها , ورد وهي كانت ورد, كانت معايا في الجامعة كنا اصحاب **ت قليلا تتأمل ملامح فريدة الشغوفة المتمهلة لتكمل هي باقي رواية والدتها , فتكمل منى بتمهل وهي تنظر لها بعمق: -مامتك كانت قوية..لا منهزمة ولا ضعيفة.. تشنج جسد فريدة للحظة ولا تفهم لما تقول ذلك ماذا تعني بمنهزمة وضعيفة .. لما تشعر أنها تض*بها هي بذلك الحديث, فسارعت متسائلة وملامحها بها بعض الإمتعاض من أن يكن هذا مقصدها: - قصدك ايه..؟ هزت منى كتفها قائلة بهدوء حاني.. وهي تتابع ارتشاف قهوتها بهدوء وا*****ة غير عادية: -ابدا ورد كانت من عيلة عادية.. بس كانت قوية وواجهت مع والدك كل الصعوبات عشان يبقوا سوا.. اكملت أخر رشفة بفنجانها ثم غرزت طرف إصبعها به تتذوق بقايا البن المترسبة كعادتها فتتلذذ به وهي تكمل بلهجة اشبه بالمسرحية: -قصة حبهم كانت افلاطونية..!! ابتسمت فريدة بحنين لذكريات لم تحظى بالعيش بها..! لوالدتها التي لا تمتلك منها سوي حكايات وكلمات وبعض السطور المنسية داخل قلبها.. فشردت في تلك التفاصيل التي سمعت عنها الكثير من والدها وخالتها ورغم ذلك هي تريد أن تسمعها مرة اخري..! تريد أن تعرف المزيد إن وجد..! كانت تريد قول شيء ما إلا أن صراخ ش*يقها كريم بإسمها جعل قلبها ينقبض وبشدة..!! ************************* منذ قليل.. كان يجلس بغرفته متعب اً بعد ليلة طويلة من العذاب وخصام للنوم, أراد أن يذهب لإعداد قدح من القهوة , خاصة أن الوقت كان منتصف النهار وذلك الصداع الذي يلتهم رأسه ألماً يجعله في حاجة ماسة له, هم بالذهاب ولكن صوت هاتفة أوقفه عندما وجد والدته هي المتصلة, فأجاب سريعا رادفا بملل غير منتبه لتلك الرعشة التي ٣ضيشعر بنفسه وهو يقفز يرتدي ملابسه مهرولاً للخارج..! بملامح قلقة .. متوترة...!! ******** الوقت الحالي.. كان يقترب من فريدة مهرولاً وهو يتحدث بصوت أشبه بالصراخ يتخلله فزع بين طياته: -بابا في المستشفي يافريدة.. بابا بيموت.. تجمدت مكانها, لا تستوعب ما يقوله ...! أبيها يموت , يموت وهى هنا في سجن مؤقت , دارت افكارها وذكرياتها تخشي الوصول للفقد, تخشي أن يتركها هو أيضاً.. فكانت صامته ..وكأنها لا تتقبل ما يقال.. !! لا خظت منى حالتها فأمسكت بها وكأنها تساعدها على الشعور بما يحدث هاتفة بملامح جادة ونظرات قلقة تشع من عينيها : -قومي يافريدة روحي مع اخوكي المستشفي لباباكي.. وانا هحصلكوا.. لم تتحرك من مكانها بينما كانت توزع نظراتها بين ش*يقها ومنى, فلم تعي بحالها إلا وكريم يمسك بيدها يسير بها مسرعاً للخارج في إتجاه المستشفى الراقد بها والدهم...!! تبتهل من داخلها أن يبقى معها! بعد ذهابهم أسرعت منى الخطوات ثم دخلت إلى الفيلا الملحقة بقصرهم حيث صغيرتها نيرة.. تلك الفتاة التي لا تتغير .. !! ولا تتعلم., تلك الفتاة ما يهمها هو نفسها هي فقط.. فقط!! هزت رأسها يأسا تفكر كيف تترك زوجها ولا تهتم بما يحدث معه.. ولو كان زواج صورياً, إلا أنها يجب أن تنضج وتقم بواجباتها...!! أما نيرة فكانت تجلس بغرفتها لامبالية لشيء.. حالة من البرود تلبسها وتهيم بها وفيها..!! ولكن فجأة اطلقت عدت ضحكات تلتها نوبة بكاء حارقة.. لما تعانيه..!! وما تعانيه كان من صنع يدها هي فقط بينما ملامحها الحزينة الجامدة تشحب دون أن تدري!! دخلت والدتها في ذلك الوقت لتجدها على هذا الحال , بملامح شاحبة وأعين منتفخة من كثرة البكاء..! هل تنكر أنها لا تتألم لأجلها؟! لا هي لا تنكر فقلبها موجوع .. يتمزق لأجلها , فهي أم بالنهاية, شعرت حينها أنها تنهار وتحترق من داخلها وهي ترى وردتها بهذا المظهر..! دموع جاهدت أن تمنعها.. فترتدي رداء القسوة وتُلبِس ملامحها قناع الجمود هادرة بها بلامبالاة غير صادقة بالمرة بل موجعة لها: -انت يابنت.. بتعملي ايه عندك مروحتيش مع جوزك ليه .. لم تنظر لها نيرة ولكنها بقيت على حالتها تلك ثم همست بشرود وصوتها يصل لها وكأنه بعيداً: -اروح معاه فين؟! استنكرت منها لا مبالاتها فاقتربت منها تمسكها من كتفها تهزها بقسوة هادرة بغضب: -انت ايه مفيش فايدة مش ناوية تعقلي.. يارتني ماخلفتك.. وكم كانت تلك الكلمات الأخيرة موجعة.. ناحرة.. قاتلة لقلب ام.. وابنة..! على حد سواء. وعندها لم تتمالك نيرة نفسها إلا وهي ترتمي بأحضان والدتها تبكي .. تنهار..!! تنشد أمانا تفتقده رغم وجود الجميع...!! ورغم كل شيء ما كان من منى إلا أن ربتت علي ظهرها بحنان.. مخلوط ببعض التردد!! ولكنها كانت تحاول أن تستوعبها ..تحتويها.. تشد من أزرها.. هامسة بهدوء وتعقل وملامحها منف*جة بابتسامة تطمئنها: -يلا يانيرة البسي عشان والد جوزك في المستشفي..عيب كده ازدادت وتيرة بكاء نيرة واهتز جسدها من شدة الإنفعال فهتفت بنبرة متقطعة: -صدقيني ده بينتقم ..مني ياماما.. قالي انبارح هتبقي خدامة.. تتألم الأم ولكنها تكتم الألم حتي يضفي الحرج ,وبلهجة حازمة أردفت لها قبل أن تخونها تلك الرغبة الملحة أن تمنع عنها كل أذى فهدرت وهي تبعدها عن أحضانها تجابهها بنظرات عميقة وملامح جادة ثابته: -وماله لما تخدمي جوزك..!! هزت نيرة رأسها ثم وضعت يدها أعلى فمها تكتم ذهولها تفكر بداخلها أنها كانت بالأمس البعيد كانت مدللة الجميع , أما الآن هي لا تقوى على شيء فاتسعت عينيها وهي تهمس بذهول وصدمة: -انت بتقول ايه يامامي هزت منى رأسها قائلة وهي تبتعد عنها بخطوات هادئة مشيرة بيدها إلى غرفة الملابس تنهي النقاش تماماً: -عموما ده مش موضوعنا يلا البسي.. وبتذمر طفولي سخيف , لايليق إطلاقا بالمشهد هدرت نيرة ودموعها مازالت عالقة بعينيها وأثار الكحل تزين وجهها : -ماما فرحي كان انبارح عادي لما ماروحش.. والاجابة كانت نظرة زاجرة.. باترة لأي حديث آخر قد يقال , لتنصاع لها ابنتها في النهاية...!! فترتدي ملابسها لتذهب بعدها فتتعلم أول درس بأن تكون زوجة!! **************** كانت تجلس بجانب ش*يقها تستند برأسها على كتفه ,تود لو ينتهي كل شيء, تتمني لو أن ش*يقها مازن ابتعد عن نيرة ولم ينتهكها, تتمني لو تزوجت موسي..!! موسى حقاً هي تتمنى لو أن ما مضى سراباً.. تتمني ربما أن تعود تلك الطفلة المدللة لوالدها , الطفلة الذي كان يحملها موسى فيبتاع لها الحلوى المفضلة لها..! هي مازالت تحب موسى...! أطلقتها بحيرة فكانت الإجابة نعم! زفرت بإختناق وهي حقا ًتتمني أن يعود الزمن, وكلها أمنيات فلا عودة..!! سمع كريم زفرتها المختنقة فهمس لها مطمئنا وهو يمسح أعلى رأسها بيده يهديها ابتسامة حنونة: -خير يافريدة ان شاء الله بابا هيبقي بخير.. هزت رأسها وبادلته الإبتسامة ثم ربتت على يده التي كانت تحتضن يدها تبث له الطمأنينة , ثم ألقت بنظراتها على نورا الجالسة بجانب موسي. تستوعب ما يحدث فش*يقتها بجانب خطيبها السابق والقريب, وصل الأمر وحقيقته فينقطع بداخلها شيء ما, تشعر أنها من يدفع ثمن كل شيء.. والبقية يعيشون حياتهم كما شاءوا..! تشعر أن لا أحد خسر هنا سواها, هي الملعونة هنا.. البائسة في تلك الحكاية, هي الطروادة المقدمة على طبق بارد من أجل الإنتقام! صوت إحدى الممرضات جعلهم ينتفضون من أماكنهم بقلق عندما هتفت بتساؤل سريع: -لو سمحتم المريض عاوز ابنه كريم.. تبادل الجميع النظرات القلقة , فالتفت كريم إلى فريدة التي هزت رأسها تطمئنه في قلقه وحيرته وبلمحة سريعة كان يسير خلف الممرضة إلى داخل غرفة والده , ليري ماذا هناك! وداخل غرفة والده أشار له بالإقتراب همس سريعاً بصوت منهك.. متعب..!! وبدا له متحسر!!: -كريم ,تروح تجيب المأذون دلوقت حالا..!! ارتدت رأس الآخر للخلف عاقداً حاجبيه باستغراب وتعجب ..هاتفاً بتساؤل : -مأذون ليه! يابابا ولمين..؟! ن** والده رأسه حيث إنحنى كتفه بتعب فأجابه وكأنه يستنكر الإجابة.. يستنكر ما هو فيه كأب! يفجر لولده كارثة أخرى.. بل هو يفجر عاراً آخر: -عشان نكتب كتاب موسي ونورا.. تعجب.. إستنكار.. وربما صدمة.. وأيضاً غضب, وبكل تلك المشاعر هدر بنبرة تشبه الصراخ: -موسي ومين ؟! لم يجيبه والده ف**ت قليلًا يتأمله يحاول إيجاد أي لمحة تخبره بأن ما طلبه مجرد مزحة.. أو مجرد هراء وعبث ولكنه لم يجد شيء فقط كان ال**ت ونظرات **يرة فهتف بتعب ممزوج بقهر يعرض حقيقة يدركه الآخر: -ازاي يابابا.. احنا كده بنزود جرح فريدة.. والإجابة كانت دمعة متحسرة.. دمعة خزي.. وفي أقصى الكوابيس لم يتخيل ..ولا يريد ان يتخيل..! أن يكن في هذا المكان يوماً!! يخبره أنه بذلك يزيد من جرح فريدة , ولكن ما لا يعرفه أحد أنه يتألم وقلبه يموت بما حدث لفريدة ..! وبنبرة مهزوزة كان السؤال.. أو الاستنكار من كريم: -بابا, هو ايه الي حصل..فيه ايه.. وبجملة واحدة وصل المعني.. وشعور بالدونية تسرب له.. عندما هتف والدة بنبرة مشبعة بالحسرة وملامحه ال**يرة المجعدة بالحزن: -كله سلف ودين ياكريم.. ربنا يسامحك يامازن وصل المعنى ,فما كان من كريم إلا أنه إستقام من مكانه يود الفتك بموسى ونورا.. معا..! ولكن والده هتف به يتوسلهُ عندما شاهد أمارات الشر والغضب مرتسمة على وجهه وتشنج جسده وتلك النظرات التي تنفث ناراً بالإضافة إلى عروقه التي ظهرت تحفزا وغضباً : -اعقل يابني مش عاوزين فضايح.. انت الي هتشيل العيلة من بعدي.. وسؤال أخر أطلقه الإبن دون أن يلتفت له بنبرة جامدة: -الازمة الي انت فيها دي يابابا..بسبب كده.. وبعدها كان **ت.. وكانت به الإجابة..!! إجابة تلخصت في عار يلحقهم , ولو لم يعرفه أحد..! خزي لوثهم ولو ارتدت اخته ثوب الستر أمام الجميع..! فخرج من الغرفة من**اً رأسه ثم رفعها فيرمق ش*يقته فريدة بألم..!! والتي بادلته هي بحيرة وقلق ! مفكراً بداخله يطلق سؤال متحسر, ألا يكفي ما يحدث لتلك المسكينة..؟! والسؤال يتبعه سؤال (كيف لها ان تتقبل الامر..)؟ والأسئلة تتوالى داخله تزاحم أفكاره تقتله وترميه بحيرة على شاطئ الألم..! (هل تستطيع أن ترى حبها الاول يتزوج من ش*يقتها بتلك السهولة.).؟ بينما هي كانت المضحية به من أجل الجميع.! والجميع كان هو أولهم. أشاح بنظره عنها ثم التفت بعدها لموسى الذي كان يركن على أحد المقاعد شاردا وبالقرب منه تجلس .. نورا..!! فلم يشعر بنفسه وهو يقترب من نورا سريعاً.. بخطوات غاضبه ونظرات تنفث ناراً! كان يقف أمامها فما أن شاهدته همت بالحديث والسؤال عن والدها وهي تستقم من مكانها ولكنه لم يمهلها الفرصة بل اهداها صفعة من يده فكانت الأقرب...والأسرع..!! جحظت أعين فريدة مما يحدث فهدرت نورا به وهي تلمس مكان الألم على وجهها ببريق غاضب يشع من عينيها: -انت اتجننت ازاي تعمل كده.. كاد أن يمسكها من خصلاتها يض*بها.. !يحرقها.. وربما يقتلها..! وبداخله يفكر الآن ذاق هذا الشعور الذي تلبس غسان أبو العزم من أجل الانتقام..! الآن عرف ذلك الشيطان الذي استوطن به لأذيتهم..! الآن يعرف تلك المرارة !!وهذا العار.. !! ورغم رغبته أن يفتك بها.. يقتلها ! يشبعها ض*با حتى يدميها , يهلكها..! إلا أنه أزاحها من طريقه.. حتي إنها تعثرت وانزلقت قدمها..!! ولكنه لم يهتم بها كما فريدة أيضاً التي كانت تراقب ب**ت, بل تخطاها ليقترب من موسى فيمسك بمقدمة ملابسه.. يلكمه.. مرة .. اثنان.. ثلاثة.. وقد يتمادى..!! قد يذ*حه .. فلم يستطيع ف تلك اللحظة بالسيطرة على غضبه الذي كان كالنيران يتصاعد ويتصاعد..! ولولا صراخ فريدة الخافت تأمره أن ينتهي عما يفعله.. لكان خنق موسى ونورا معا الآن وحالاً..! اقتربت منه فريدة ,أمسكت بمرفقه تبعده عنهم.. تمنعه عما يفعله صارخة بنبرة خافته وملامحه المصدومة تستنكر فعلته: -انت اتجننت ياكريم.. من امتي وانت كده.. وبعدين حصل ايه لكل ده.. رفع وجهه لها يود لو ينتهي الأمر دون أن يرى المزيد من العذاب المرتسم بملامحها.. ولكن كيف يختفي الامر؟.. كيف ينتهى كل هذا ؟ كيف..؟! فاتكئ علي الحائط خلفه قائلا بنبرة رجل مهزوم من الداخل يطلق كلمات متتالية كالحمم النارية المندفعة: -فريدة, موسي ونورا هيتكتب كتابهم حالا.. انا اتصلت بالمأذون.. صفعة.. لكمة قوية.. وغزة حادة شرسة.. تلقتها ببراعة في روحها, إحساس بالغدر والوحدة.. شعور بالبرودة ..ربما..! ولكن هناك لهيب بداخلها.. هي تحترق من الداخل..!! فهمست له بصعوبة.. وكأنها تستوعب الأمر تنشد إنكار ولو كذباً تسأله بنبرة معذبة ميته متعثرة ككل شيء بات فيها في تلك اللحظة: -بابا موافق.. فأومأ لها متحاشياً النظر لها, وال**ت يرنو حولهم إلا أن هناك سؤال أخيراً أطلقته بيأس تود لو أن يكذبها.. تود لو أن ما حدث لم.. يحدث..! -وانت موافق..؟! لم يجيب بل أدار لها ظهره , هو لم يعد قادراً أبداً على كل هذا, يشعر بحمل ثقيل .. يشعر بحاجته للصراخ, فأكملت هي تزيد من عذابه وعذاب ضميره .. وجعه ووجعها الذى يشعر به : -كلكم بتكملوا حياتكم باكريم.. كلكم هتعدوا الازمة.. وانا الي خسرت صح؟! شعر بإنهيارها الوشيك فإستدار لها يحاول أن يهدئها فوجدها تنظر للأرض ثم رفعت نظرها له ليهاله تلك الدموعة المتحجرة..! حاول أن يحتويها يهدئها.. ولكنها ابعدته بيدها هادرة بألم تتساءل: -ليه انا الي ادفع.. ليه..ليه ياكريم.. إنهار هو لإنهيارها فهمس مقا**ها بنبرة معذبة يمسك بيدها يقبلها: -اهدي يافريدة عشان خاطري.. تمالكت نفسها وهي تنظر إلى موسى فابتعدت عنه مرة آخرى.. قائلة بجمود واهي زائف.. غير حقيقي: -انا ماشية.. وابقي قول لبابا الف سلامة.. ومب**ك لبنته نورا..؟ ابتعدت عنهم عدة خطوات وهمت بالرحيل.. ولكن يد موسي سبقت تتبعها تمنعها محاولاً أن يجمع كلماته هاتفا بنبرة معذبة هو الآخر: -استني يا فريدة.. هشرحلك.. إنتفضت من بين يده.. ترمقه باشمئزاز.. وربما بجمود لم يعهده منها.. فحاول الإقتراب مرة اخري مصدوم من هروبها ونظراتها, يتوسلها أن تستمع إليه ولكن صوت ما.. أوقفه ,بل أوقفهم جميعا..!! حينما جاء الصوت بنبرة تحذير غاضبة: -شيل ايدك من علي مراتي..احسنلك.. فالتفت له بشراسة يواجهه بنظرات غاضبة متحفزة هاتفاً بحدة: -كانت خطيبتي علي فكرة.. وتبقي بنت خالتي.. كانوا على وشك تبادل الشجار,ولكن صوتها القاطع لهم هدر بجدية: -خلاص.. مب**ك ياموسي.. ثم اقتربت من غسان قائلة بنبرة ميتة جامدة : -بارك لموسي.. دلوقت كتب كتابه علي نورا.. ثم اشارت بيدها للجالسة بعيدا عنهم مكملة بنبرة ميتة لا حياة فيها بها سخرية مريرة: -اختي.. هم كريم أن يخبره بالرحيل ويأخذ معه فريدة.. ولكن قسوة غسان.. ورغبته في الألم أجبرته أن يبقى.. غريزة تجعله شيطان أحيانا عندما تحدث ببرود , كل هذا وتأثير رحيل ريتا مازال يؤثر به ويثير به ناراً: -مب**ك ياموسي.. مب**ك ياانسة نورا..وانا هقعد واشهد علي ال*قد..ماهو ماينفعش برده منحضرش كتب كتاب اخت مراتي.. واخت جوز اختي ولا ايه.. **ت أصاب الجميع فاقترب من فريدة متجاهلا كل شيء يلف يده حول خصرها يجذبها بقسوة.. هامسا بالقرب من اذنها: -ولا ايه يابونبوناية.. وكالعادة.. كانت توافقه..!! ولكن تلك المرة بإرادتها.. ورغبة قوية تولد بداخلها.. للانتقام من الجميع.. فغمغمت ببرود متقن: -اه طبعا... ياحبيبي.. والكلمة الأخيرة كانت تريد أن يسمعها الجميع وأولهم موسى , بينما غسان رفع احدي حاجبيه بتعجب ساخر.. وهو يهمس لها بصوت مسموع لها فقط..: -حلو حبيبك دي.. اعملي حسابك هتتعاقبي علي خروجك من غير اذن.. وبتحدي وقوة بادلته الهمس تخبره أنها لا تهتم ولم تعد تخشى أي شيء: -اعلي مافي خيلك اركبه.. خلاص كده ! وتلك المرة أطلق ضحكة انتبه لها الجميع..!! جعلته ينظر لها بعمق.. هامسا بداخله(مازالت اللعبة قائمة.. فحلواه.. مازالت كما هي..) كانت مني تقف وبجانبها نيرة ينظرون لما يحدث بتركيز.. وابتسامة تداعب ملامح مني.. ابتسامة تخبرها انها من سيقف في وجه غسان دون خوف..! فالتفتت لابنتها تدفعها قائلة: -روحي سلمي عل مرات اخوكي.. واخت جوزك..واطمني علي حماكي من جوزك.. وما كان منها إلا أن انصاعت لحديثها تقترب من فريدة هامسة بصوت مهزوز يحمل خجلاً: -ازيك.. انا نيرة..! وببرود قاسي حملتها فريدة ما يحدث ..شخصية جديدة ولدت من رماد العنقاء.. قلب جديد خلق في تلك اللحظة.. خاصة عندما تحدثت بنبرة باردة كالصقيع: -اهلا.. مبروك.. فابتعدت عنها سريعا تقترب من كريم.. أو زوجها.. تحاول أن تتحدث معه.. أن تواسيه كما نبهت والدتها.. أن تتحمل المسئولية.. أن تنضج..!!!!! وقفت بمحاذاته تتلاعب بطرف فستانها تعض شفتها بتوتر.. قائلة بخفوت: -الف سلامة علي صحة باباك باكريم.. لم يعطيها رد.. فقط نظرة ساخطة.. غاضبة.. انتهت بلائمة.. ليأتي في تلك اللحظة.. المأذون وينتهي الامر.. ومع الكلمة الأخيرة( بارك الله لكما وجمع بينكما في خير ) كانت تولد فريدة جديدة..!! تبحث عن الحياة مرة أخرى بنظرة مختلفة..! *********************** وصلت اخيرا إلى الولايات المتحدة .. تتأمل الطقس الجديد المقبلة عليه مرة اخري..! ذلك الطقس المناقض لدفيء مصر..! تتأمل تلك الأرض المختلفة عن أمان مصر..! نظرت أمامها ومن بعيد كانت والدتها تلوح لها ببسمتها الخبيثة..! لينقبض قلب ريتا اكثر..!! فاقتربت منها بخطوات بطيئة وملامح باردة قائلة : -كيف حالك .. ميريديث قهقهة لا تليق بسنوات عمرها.. اطلقتها وكأنها تنفث نار بوجهها.. فتلمس وجنتها قائلة: -مازالت حقيرة .. صغيرتي.. اممم وغ*ية ايضا.. ابعدتها ريتا من طريقها هاتفة ببرود متقن: -هيا بنا انا متعبة.. فسارت ميريديث بجانبها تمسك بها وكأنها أم طبيعية.. صائحة بمرح زائف: -اجل.. يجب ان ترتاحي.. فالعديد من الاعمال تنتظرك صغيرتي.. غصة انطلقت بداخلها.. الم ونار.. الي اين تذهب..؟! هل ستعود الي ذلك الطريق مرة اخري.. و يا له من طريق ضائع نهايته دمار.. ودم لا محالة. همس من والدتها اخرجها من تفكيرها: -لقد اشتاق لك مسيو البيرتو صغيرتي..لا تعلمي كيف كان كالمجنون عندما تزوجت ذلك العربي اللعين.. التفتت لوالدتها ترمقها باحتقار وتقزز قائلة.. وهي تشيح بنظرها مرة اخري: -لقد انتهي عهد صغيرتك امي.. والعمل انا من سيتسلمه.. وهذا شرطي للعودة.. حاولت مير صفعها بالسيارة ولكن يد ريتا منعتها هامسة لها بسخرية: -اري انك قد كبرتِ ميري.. هل اصابتك الشيخوخة..؟!!! ثم تركتها وهي ترتدي نظارتها السوداء.. مكملة: -إحذري غضبي ميري.. إحذريه.. فصغيرتك قد نضجت! صغيرتك باتت أم..! رمقتها والدتها بتعجب.. متسائلة في نفسها: تري ما لذي غيرها.. تلك الفتاة قد جد شيء ما لها.. تري من خلفك يا ابنة العربي.. أما ريتا فعادت لشرودها حيث توأمها الغالي, لقد اشتاقت منذ تلك اللحظة لهم, فما الذي قد يحدث الفترة القادمة, كيف تتعامل مع ذلك الاشتياق؟! ***************** وصلوا الي القصر, ليتجه كريم برفقة نيرة مباشرة الي الملحق المخصص لهم..! دون أي حديث . بينما غسان ما أن دخل إلى القصر حتى قبض علي يد فريدة بقسوة.. قائلا لوالدته: -هطلع انا مع مراتي ياماما.. معلش اصل بينا حساب.. وبدون ان يعطيها فرصة للحديث والاعتراض كان يهرول وخلفه فريدة تتعثر بسيرها.. تسبه بخفوت في سرها..! وهو يعلم جيداً حالتها تلك..! دخل بها الغرفة يدفعها بحدة مما جعلها تترنح للأمام من قوته.. ليغلق باب الغرفة بعنف صائحا بغضب: -فريدة اخطائك مش هعديها.. شكلك لسا متعرفيش..! رمقته بتحدي .. وبنظرة تتأمله تسبر اغواره.. تتحداه..! بالرغم أن هناك توتر بداخلها مختلط بالحزن والغضب من الجميع..! أما هو كان يتأملها كما هي وللعجب ذلك يروق له ..! تعجبه لعبة القطة الشرسة تلك.. كان حقا محبطا وهي ضعيفة مستسلمة..! ابتسم لها بمرح انقلب الي ضحك مما جعلها تقطب جبينها هاتفة بعصبية: - انت بتضحك علي ايه نفسي افهم.. - هز كتفيه هاتفا ببرود قائلا بخبث..: - -ابدا.. اصل اللعبة عجباني.. اووووي وقفت بالقرب منه غاضبة صائحة.. بعصبية وعينيها تكبح دموعها بصعوبة: -لعبة ايه يابني ادم.. **تت قليلا فتوقف هو عن الضحك مما جعلها تكمل : -لعبة ايه أنا حياتي لعبة, الي بيحصلي لعبة, حرام عليك انت ايه رن ال**ت بعد جملتها الاخيرة وشعور طفيف بتأنيب الضميريجتاحه, وهو يتطلع لها بنظرات عميقة تفترسها.. وكأنه يعريها.. !وفجأة هب من مكانه يقترب.. منها .. وهي تتراجع..! يود أن يلمسها .. وهي تتراجع..! يود ان يعانقها.. ! وربما يقبلها..! وربما اكثر..! وهي تتراجع..! ولم تعي بحالها إلا وهي عند حافة السرير.. الذي اصطدمت به.. لتقع مستلقيه أعلاه.. وخصلاتها حولها في لوحة بانت له.. برية وحشية.. تثير به بعض او كل الرغبات الدنيئة..! فيقترب منها.. دون وعي أو بوعي.. ولا يعلم هل يريدها انتقام .. ام رغبة.. ام شيء اخر.. ! لا يعلم.. ولكن تلك القوية الجديدة.. تعجبه وكفي.. تنشله بحالته تلك من دوامة التفكير بريتا التي يحاول نسيانها ولكن كيف وهي أم بناته الغاليات! فانحني يقترب من وجهها يرغب باقتناص قبلة.. وهو أفضل من يقتنص.. إلا أنه بعدها.. كانت هروبها واستقامتها السريعة من السرير.. تلاها قبضتها الصغيرة.. وبعض الحركات الدفاعية والتي بانت له طفوليه ! وهي تبعده عنها! فنظر لها بتعجب .. يكبت ضحكاته بصعوبة.. اما هي قالت بجدية: -علي فكرة انا خلاص فريدة جديدة, أنا مش هستسلم لك فاهم؟! اطلق ضحكة خافته قائلا: -فريدة جديدة أممم, تعرفي متشوق أوي اعرف الجديدة عشان القديمة كانت مملة..! نظرت له بقهر وصل له من خلال نظراتها ليصيبه ندم , ذلك الندم الذي بان بصعوبة داخله..! فخرج من الغرفة يتركها هارباً من نفسه ومنها, من كل تلك التعقيدات التي يحيا بها, متسائلا(متى يجد تلك النهاية له ولراحته..؟!) أما هي بعد خروجه سقطت على الأرض اسفلها تبكي بدون صوت , و دموعها تتسارع على وجهها بلا رحمة!! وسؤال اخر تطلقه (هل حقا تزوج موسى من ش*يقتها..؟!) وعند تلك النقطة بكت بصوت عالي , لتنطلق منها صرخة سمعها ذلك كان يقف خلف باب الغرفة .. نهاية الفصل.......
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD