البارت الاول .. 🖤
في أحد احياء مدينة التجمع الخامس هذا المكان الذي تلمع عيون الاخرين عند سماعهم اسمه ويبدئون بالتمني ان يكونوا من سكانه يوما ما ويعتقدون ان الذين يعيشون فيه ليس من طينة البشر...
نجد رجلا قد غزا الشيب شعر راسه لذلك يرتدي هذه "العمة" طيلة الوقت لانه لا يحب ان يظهر عجوزا ويقول دائما " انا لسه في عز شبابي" ..
يرتدي جلباب كما يرتدي كافة عائلته في الصعيد فهذا هو الزي الرسمي والمحبب لهم كثيرا يجلس علي اريكة امام بوابة البناية الكبيرة المؤلفة من 12 طابق فهو يعمل "بوابا" لهذه البناية ويتناول كوبا من المشروب المفضل والاوحد لكافة الشعب المصري الا وهو " الشاي" وعينيه تجوب في الارجاء ينظر لهذا وذاك ويعيب كل شئ فيه من قمة راسه حتي مخمض قدميه..
انه "عم جلال " ...
في احدي طوابق هذه البناية وتحديدا ف الطابق الخامس وفي شقة رقم 11 نجد شابا ف مقتبل العمر ينام بكل اريحية علي الفراش الوثير في غرفة ي**وها اللون الاسود الذي يعشقه مكيفة وذات جو هادئ لا يزعجه سوي رنين هذا الهاتف الذي لا ي**ت ابدا وهو يعرف ج*س المتصل ولكن لا يعرف من هو بالتحديد..!
يفتح عينيه بتثاقل ويحرك جسده بخمول وهو يشعر بالم شديد في راسه بسبب تناوله لكمية كبيرة من الكحول في سهرة الامس !!
فأخذ يسب ويلعن في كل شئ حوله ثم ي**ت الهاتف ف يحمد ربه كثيرا ويغلق عينيه ثانية ثم ينتفض مرة اخري علي صوت الهاتف الذي عاد يصدح مرة اخري فيلتقطه بغضب ويري من المتصل ف يجد " سوزي معادي " فيبتسم بخبث ويجيب :
-حبيبة قلبي ...
فيأتيه صوت انثوي فيه درجة عالية من الدلال المصطنع :
- روح حبيبة قلبك كدة برضو ي بيبي سايبني قاعدة ف الكافيه مستنياك يجي ساعة لوحدي انت مش هتيجي ولا ايه ؟؟
فينظر سريعا في ساعة يده الملقاة بجانبه باهمال فيجدها الثانية والنصف فيض*ب بيده جبهته ويقول بهمس لا تسمعه هي .." اوبااا نسيتك يخربيتك .."
فيأتيه هذا الصوت الذي يصتنع الرقة مرة اخري وتقول :
-اكرم ! ...حبيبي روحت فين ؟
ليقول بصوت يمثل المرض :
ااه معاكي ي قلبي هروح فين بس سوري فعلا يا حياتي انا كنت تعبان جدا امبارح شكلي اخدت دور برد ولا ايه فروحت في النوم من كتر التعب ومقدرتش اجيلك حتي مسهرتش مع صحابي امبارح
فتجيب بقلق :
حبيبي الف سلامة عليك طب انت عامل ايه دلوقتي اجيلك طيب ؟؟
فيجيب بسرعة :
لا لا انا كويس متقلقيش هاخد شور دلوقتي وهبقي زي الفل
- طيب ي بيبي لو احتاجت حاجة كلمني علطول وانا هكون عندك ف ثانية ..
- تسلميلي ي قلبي يلا بقي انا هقفل وهكلمك تاني يلا باي ..
ويغلق حتي لا تثرثر مرة اخري ..
ويلقي الهاتف باهمال علي الفراش وينهض بتثاقل وينظر الي بنطاله وقميصه علي الارض قد القوا باهمال وحذائه في مكان لا يعرفه لكنه بالتاكيد في الغرفة ويقول :
يا ربي مين هيشيل الحاجات دي كلها دلوقتي والله لاسيبهم انا ناقص ...
ويذهب الي المرحاض كي يغتسل ولكن يوقفه صوت الهاتف مرة اخري ليتأفف بضجر ويقول :
م خلاص بقي ي سوزي بطلي زن امك ده .
ويجيب من دون ان ينظر ل هوية المتصل ويقول :
ايه ي سوزي في ايه تاني ؟!
ليتفاجئ بصوت غير صوت الاخري يقول بغضب :
سوزي مين ي استاذ اكرم انا بيري !!
فينظر سريعا ف الهاتف ليري هوية المتصل فيجد
" بيري تجمع " فتجحظ عينه ويقول في نفسه " روحت في داهية " ثم ياخذ نفس عميق ويجيب علي تلك الغاضبة التي تثرثر بالشتائم ويقول بثبات :
بيري حياتي سوري ي بيبي والله كنت فاكرك سوزي اختي !!
فتجيب الاخري بشك :
اختك !! انت مش اختك اسمها همس ؟!
فيجيب اكرم بقلق :
ااااه ايوة همس بس انا قصدي علي اختي الكبيرة سوزي دي عايشة بره انا مقولتلكيش عليها قبل كدة ..
فتجيب بتساؤل :
ومقولتليش عليها قبل كدة ليه ان شاء الله ؟؟!
فيجيب بزهق :
عادي ي بيري مجتش فرصة يعني
فتجيب بشك :
ماشي هعديها المرة دي..
ثم يتحول صوتها في اقل من ثانية الي صوت رقيق ومدلل مثل سابقتها وتقول :
ها صحيت ي بيبي ؟
فيرفع حاجبه في اندهاش من تحولها ويقول في نفسه "مين دي؟؟!" ويجيب في صوت رومانسي :
اه ي قلبي لسة صاحي وانتي ؟
فتجيب : انا صحيت من ساعة كدة مش زيك **لانة وتضحك ضحكة سمعها كل من في بنايتها !!
فيجيب بغزل : اموت انا في النشيط ثم يكمل كلامه معها بكل الاشكال التي تغضب الخالق وتعارض الاخلاق وتؤذي النفس وتقتل فيها كل شئ جميل ..!!
في مكان اخر بل في محافظة اخري وهي محافظة الاسكندرية حيث الجمال والهدوء والطمأنينة وعودة الروح ..في احدي المباني الجميلة ..حيث تقطن عائلة السويفي في الطابق العاشر ..نجد رجلا يبدو عليه الوقار في ال*قد الخامس من عمره.. رأسه مزيج من الشعيرات السوداء والبيضاء يتناول كوبا من القهوة الساخنة المحببة اليه يشاهد التلفاز هو وزوجته التي لا تختلف عنه كثيرا فهي في عقدها الرابع وقد **ت الشيخوخة معالم وجهها فاصبح مثل الارض القاحلة ولكن تتمتع بالطيبة والمرح فهما اللذان يرويان هذه الارض القاحلة في وجهها ويضفي عليهم الحياة ..انها سميرة السويفي زوجة الدكتور مجدي السويفي ..يشاهدان اخبار العالم فهذا قد قتل ذاك وهذا قد سرق ذاك فتقول سميرة بزهق :
اقلب يا مجدي بلا وجع قلب ..
فيقول مجدي : والله الواحد ما عارف الحقيقة فين ده يقول حاجة وده يقول حاجة تانية كلهم بيضحكوا علي بعض !!
فتجيب : عندك حق ...صحيح يا مجدي
فينتبه لها لتقول بحذر :
هقولك حاجة بس متتعصبش
فيترك كوب القهوة من يده ويجيب بغضب :
وفري كلامك عارف هتقولي ايه ولا يعني لا
فتربت علي كتفه وتقول برجاء :
استهدي بالله بس ..ده مهما كان ابنك ..انا عارفة انه غلط وحياته كلها غلط في غلط بس عشان خاطري اتكلم معاه ورجعه وعلمه واحدة واحدة دي امنيتي الوحيدة
- ده مينفعش معاه الكلام ده عايز يتعلم الادب من اول وجديد ثم ي**ت وينظر لها وقد غطا الحزن وجهها فيربت علي يدها ويقول بحنان :
متقلقيش مسيري هرجعه بس لما يتعلم الدرس الاول غير كدة حاله مش هيتعدل ..
فتجيب في امل :
صحيح يا مجدي هترجعه ؟!
فيومئ براسه بالموافقة ويقول :
ايوة
فتجيب بسعادة كبيرة وهي تحتضنه :
ربنا يخليك لينا يارب وميحرمناش منك ابدا
فيضمها اليه ويقول بحب :
ويخليكي لينا ي ست الكل..
ثم ينتبهوا الي صوت ركض يقترب وياتي من الداخل واذ بهم يروا يوسف يمسك ب همس من شعرها الطويل وهي تصرخ وتستنجد بوالديها وكان يقول لها بغضب : كذا مرة اقولك متصحنيش بالطريقة الغ*ية دي في حد يصحي حد كدة وبعدين انتي مالك تصحيني ليه اصلا هو حد عينك وصي عليا ..
فتجيب بالم من شعرها الذي يجذبه بقوة بين قبضتيه الكبيرتين : الحق عليا اني عايزاك تصحي تاكل
معانا بدل م تاكل لوحدك ..
فيجيب بعدم تصديق ويقول لها :
لا يا شيخة شوف ازاي البت الحنينة ، يا بت يا بت ده انا مربيكي ع ايدي دول وعارفك وعارف عمايلك المجنونة كويس ..
فينهض مجدي ويقول ل يوسف بغضب :
انت ي متخلف في حد يمسك اخته كدة سيب شعرها يلا ..
فيقول يوسف بتبرير : ما حضرتك مش عارف هي صحتني ازاي ي بابا ، دي جاية تحط تلج ف قفايا !!
فيكتم مجدي ضحكته ويقول :
برضو مينفعش تمسكها كدة سيبها حالا ..
فيتركها يوسف علي مضض وهو يتوعد لها بالنظرات ف تركض همس وتختبأ خلف والدتها فتقول سميرة محدثة يوسف :
كل يوم حركات العيال الصغيرة دي وبعدين معاكم ..
لتقول همس وهي تخرج راسها فقط من خلف والدتها : هو اللي بيض*ب انا مجتش جنبه ..
فتجحظ عين يوسف من كذبها ويقول باستنكار : شوف البت بتكدب ازاي اومال مين اللي حط التلج انطقي ؟
فيقول مجدي بزهق :
خلاااص انتو الاتنين بلاش لعب العيال ده ..
ثم يوجه كلامه ل همس ويقول لها :
اعتذري ل اخوكي حالا ..
فينظر يوسف لها بانتصار ، فتهم بالاعتراض ليقول مجدي في حزم :
حالاااا..
فتقول علي مضض :
سوري ..
ثم ينظر مجدي ل يوسف ويقول له :
وانت كمان اعتذر حالا ..
فتكتم همس ضحكتها ويقول يوسف باعتراض :
ي باا...
فيقاطعه مجدي بغضب :
انا قولت ايه ؟
فيقول يوسف علي مضض وهو لا ينظر لها :
سوري ..
فتقول سميرة لتهدئة الاجواء :
يلا يا همس تعالي ساعديني ف الغدا وانت يا يوسف روح اغسل وشك يلا عشان تاكل معانا ..
فيجيب كلا منهم :
حاضر ..
وتذهب همس خلف والدتها الي المطبخ وتمر بجانبه وتخرج له ل**نها لكي تغيظه فيشتعل يوسف غضبا ويهم بض*بها ولكن تركض سريعا الي المطبخ وتترك يوسف يتوعد لها ..
أي ذنب سنرتكب اليوم ؟!..
لقد تعب كثيرا من هذا الرجل ف هاتفه دائما مشغول ألا يتعب هذا الرجل من الثرثرة ؟! ..
في هذا المنزل البسيط نجد شابا في ال*قد الثالث من عمره يجلس علي مائدة الطعام مع والديه يتناولوا طعام الغذاء يمسك في يده هاتفه المحمول ويحاول ان يتصل بصديقه ولكن محاولاته باءت بالفشل !
فتقول والدته برجاء :
يبني كل وسيب اللي ف ايدك ده ..
فيجيب : حاضر ي ماما بتصل ب صاحبي بس
فيقول والده في غضب :
يعني حبكت تتصل بصاحبك ده ع الغدا ي كريم ! كل الاول بعد كدة يبقي يحلها الحلال ..
فيجيب كريم بخوف : حاضر يا بابا ...
ويترك الهاتف من يده ويشرع في تناول الطعام
بعد انهاء الطعام ذهب كريم لغرفته ليحاول الاتصال بصديقه مرة اخري فينجح هذه المرة وياتيه صوت صديقه الرخيم يقول : كيمو
فيجيب كريم بضجر :
كيمو ف عينك ي شيخ بقالي ساعة بتصل بيك مشغول بتكلم مين ده كله يا اكرم
فيجيب اكرم : خلاص ي عم اهدي في ايه ، كنت بكلم بيري ..
فيجيب كريم : بيري ؟! دي انهي واحدة فيهم
فيجيب اكرم : يبني بيري بتاعة التجمع
فيجيب كريم بتذكر : ااااه افتركتها مش البنت اللي كانت معاك لما كنا في الساحل ؟
فيجيب اكرم وهو يمسك بمنشفة ليجفف شعره :
ما انت حلو اهو ي كيمو اومال مالك ؟
فيجيب كريم : ما انا دماغي مش دفتر زيك عشان افتكر كل البنات اللي انت تعرفها بسرعة كدة
فيجيب اكرم بضحك :
سمي الله ف قلبك ي عم الحاجات دي بتتنظر وبعدين ده انا بفتكرهم بالعافية وكنت هتقفش من بيري بسبب الموضوع ده
فيجيب كريم بضحك : اوبااا خلي بالك يا برنس ، المهم الكلام علي ايه النهاردة ؟
فيجيب اكرم : مش عارف ظبطلنا الليلة كدة وكلمني
فيجيب كريم : اشطا واشوف جمال كمان
فيجيب اكرم بضيق : يا عم جمال مين ده هيفضل يصدعنا بالمواعظ بتاعته دي ، وانت فاكر هو هيرضي يجي معانا اصلا !
فيجيب كريم : والله انت عندك حق بس هنعمل ايه صاحبنا برضو
فيجيب اكرم : بلا صاحبنا بلا ق*ف لو عايز كلمه انت
فيجيب كريم : خلاص تمام يلا هخلع انا ، سلام يا برنس
فيجيب اكرم : سلام ي كيمو ..
يغلق اكرم الهاتف ويلقيه علي الفراش ويتجه الي غرفة الملابس المليئة بالملابس الفاخرة من جميع الماركات العالمية المختلفة ويرتدي ملابس منزلية مريحة ويتجه الي المطبخ لتناول الطعام ولكن ينتبه الي صوت جرس الباب ويتعجب فمن يأتيه ؟؟! فهو يعيش وحده منذ اربع سنوات ولم ياته زائر غير اصدقاءه والنساء التي يعرفها ودائما يأتون في المساء !! ..
فيقول بقلق : معقولة تكون المجنونة سوزى عملتها وجات فعلا ؟؟ والله تعملها فيذهب ليفتح الباب ليتفاجأ ب انثي شابة وجميلة تقف وبجانبها حقيبة كبيرة وتنظر له في شوق ، لينظر لها وتقف جميع حواسه بصدمة ... نعم ... هي ...لتقع السكين من يده التي كان يقطع بها الطعام عندما يدرك ان الماثلة امامه ما هي الا ..همس .. ش*يقته التي لم يرها منذ ان كانت في الثانوية العامة تقف امامه الان...!! فيقول بصوت متحشرج من اثر الدموع التي بدأت في التراكم في مقلتيه : ه ه همس ؟؟؟!!
يتبع ..
دمتم بود .. ?
هل من عودة .. ؟!
BY RAHMA YOUSSEF .. ?