الفصل الثاني

2261 Words
بعد مرور أسبوع تحرك إيدموند ببعض التعب.. ليقف أمام اللوح مجدداً وعيناه تلاحقان الصور والتحليلات.. لقد حدث شجار بينه وبين الرئيس ليقفل هذه القضية.. برأي الجميع الأمر بسيط.. ومجدداً شعر بأنه يريد أن يؤذي ذاك اللعين مدير شركة التأمين الذي كان سعيداً جداً برؤيته يهز رأسه لمرات أمام مدير المركز.. -:" أما زلت تفكر بالأمر؟" التف للخلف ليجد إيلينا تتوجه نحوه لتعطيه كوب قهوته.. فامسكه يرتشف منه ببطء ثم يتن*د بلذة.. لما لا يستطيع المضي قدماً؟!.. إنها مجرد قضية واضحة المعالم وبسيطة جداً.. لما عيناها تلاحقانه وتلومانه ليلاً نهاراً؟! -:" إيدموند.. ليست كل القضايا معقدة.. كما أنه لا يوجد أي دليل يساعد ولو بالشك في القضية " -:" هناك خيط.. لكن الجميع يتجاهله" همهم مستديرا ثم رمى جسده فوق الأريكة وهي تسأله : "ما هو؟!" -:"لو أنها أرادت المال.. لما كانت بهذا الغباء لعدم إخفاء الأدلة على جرمها.. يبدو واضحاً أن أحدهم أراد توريطها ونجح " لم تكن لتشك إيلينا بذكائه فالكل هنا يعلم إنه أكثر المحققين شهرة في المنطقة.. ورغم سهولة هذه القضية إلا أنها تشغله أكثر من قضاياه الأخرى الأكثر أهمية. -:" أهناك سبب آخر؟" -:" سبب آخر لما؟ " وتهرب من نظراتها مدعياً ارتشاف قهوته لتبتسم هي وتهز رأسها. -:" من هي مثلا.. كونها ابنة رجل ساعدك لمرات" زفر بحنق.. لما أخبر إيلينا بذلك؟!.. ووقف يبتعد نحو النافذة ولم يجبها رغم إنها محقة.. فهو أيضاً تفاجأ بتلك المعلومة عندما كانوا يتحرون عنها.. المرأة ابنة رجل كان له فضل كبير في حياته.. رجل ساعده ليكون ما هو عليه الآن. -:" ربما تشعر إنك مدين له.. ولذا..." -:" لا أعلم.. لكن حدسي يخبرني أنها ليست الفاعلة.. إن كانت بنصف ذكاء والدها هي لن تجرم نفسها بتلك القضية.. إنها أفشل طريقة لقتل أحدهم" -:" هل تريد أن نستمر بالتحقيق خفاءً؟!.. سأساعدك.. لن أترك الرئيس يعلم أعدك" -:" أنت متحمسة جداً.. لكن تذكري إنك مجرد متدربة ولا أريد توريطك.. ابقي خارج الأمر سأتصرف وحدي" **ت لدقائق ثم تحولت عيناه نحو اللوح الآخر حيث صور الضحايا النساء. -:" يزعجني إنه كلما وصلنا لخيط ما انقطع.. ذاك اللعين يفر من بين أصابعي قبل ثوان من التقاطه.. احضري ملفات القاتل المتسلسل لنعاود الاطلاع عليها منذ البداية.. واسألي عن التشريح الخاص بالجثة الأخيرة.. أريد الاطلاع عليه هو الآخر " تحركت إيلينا تخرج وهي تزفر بامتعاض لأوامره.. فعادت عيناه نحو صورتها.. سام الصغيرة.. آخر مرة رآها كانت منذ خمس عشر عاماً .. مؤكد لن تذكر ذاك التلميذ الذي يكبرها بست أعوام والذي كان يتردد على منزلها ليجز العشب النامي في الحديقة.. والذي لولا والدها الذي دفعه مرغماً لإكمال دراسته بعد أن أصبح يتيماً ودعمه دائماً.. لما كان ما عليه الآن. ربما إيلينا محقة.. ربما هو الامتنان.. لكن أيضاً هو ذاك الشعور الذي ض*به عميقاً في معدته كألم قوي عندما نظر إلى العيون البنية الواسعة التي كانت أشبه بغزال مرعوب.. تلك العيون نفسها التي كانت تحدجه بلوم لأنه طرد قطتها الغ*ية من الحديقة أثناء عمله. ابتسم يتذكر كيف ركلته تلك المدللة الصغيرة ونعتته بالغ*ي ثم أخذت قطتها وغادرت.. عليه فعل شيء ما .. عليه التأكد إنها ليست الفاعلة.. وإلا فلن يسامح نفسه إن كان السبب بتواجدها في السجن وهي ليست الفاعلة. ******** -:" المحاكمة ستبدأ قريباً.. سأفعل المستحيل لإخراجك.. لا تيأسي" ضمت يدها حول سماعة الهاتف ونظرت عبر الزجاج لمحاميها.. عيناها دامعتان.. والخوف يتزايد في قلبها. -:" سيتم نقلك للسجن المركزي لأسباب تخص المركز.. لكن سأزورك باستمرار فلا تخافي.. جوناثان أيضاً سيزورك.. وأخويك.. فقط ثقي أننا جميعاً معك.. ولن نترك وحيدة" -:" أنا خائفة مارك.. جداً.. ماذا لو أنك لم تستطع مساعدتي؟! .. لقد مر أكثر من أسبوعين حباً بالله.. إلى متى سأنتظر في هذا المكان المريع؟!" تنهيدته وصلتها ورأت اليأس في عينيه الزرقاء اللون.. إنها تعلم.. تعلم أن حظها اللعين لن يساعدها.. وإنها ستخسر حريتها كما خسرت جايمس.. لقد تزوجا منذ سنتين ونصف فقط.. إنها لم تستطع أن تحصل على أحلامها معه.. أو تنجب طفل يشبهه.. أو... -:" سام!! " -:" فقد أخرجني.. أخرجني قبل أن أجن..أرجوك!!" تمتمت ثم شعرت بخيال خلفها وأمرتها الحارسة " انتهت المقابلة.. هيا تحركي!" -:"مارك.. أرجوك.. افعل أي شيء.. أتوسل إليك" تشبثت بالسماعة وجرتها الحارسة بعنف محررة السلك من يدها.. ثم ألقت آخر نظرة على محاميها قبل أن تخرجها المرأة وتدفعها عبر الممر. -:" ها قد عادت قاتلة زوجها" نظرت نحو الفتاة الداكنة البشرة وتجنبتها لتتجه نحو سريرها.. لكنها لم تكد تصل حتى صرخت ويد تلك الحقيرة تشد خصل شعرها الطويلة بعنف شديد " أعطني سلسلتك.. إنها تعجبني" -:"دعيني.. دعيني أيتها المتوحشة!!" وامتدت يدها نحو عارضة السرير العلوية والتي للغرابة تحركت من مكانها ليلتف جسدها وتهوي العارضة على رأس مهاجمتها.. فتقع أرضاً مغمى عليها بينما الجميع يطالعها برعب.. ولم تعلم أهذا جيد أم سيئ.. لكن عندما صرخت تلك الفتاة الصغيرة بجملتها.. ارتجفت أطرافها لهول الأمر. -:" لقد قتلتها كما قتلت زوجها" -:" إنها تستحق.. ثم إنها ليست ميتة.. ارموها فوق سريرها قبل أن تأتي الحارسة وتعاقبنا" همهمت فتاة ب*عر قصير داكن.. ويبدو أن لديها سلطة ما هنا فقد تحرك جمع من الفتيات ليرفعن جسد المرأة و يرمين جسدها فوق السرير الخاص بها. -:"أحسنت العمل.. إنها متنمرة لعينة.. أتريدين لفافة تبغ؟ " نظرت خلفها نحو فتاة ب*عر مجعد احمر و أوشام لا تعد على جسدها مع عدد هائل من الحلق في أذنها اليمنى.. -:" لا.. لا.. فقط دعوني وشأني" وحصل.. تجنبها الكل وكأنها مصابة بنوع معدي من الأمراض.. وأراحها هذا بدل أن يزعجها.. فجلست أرضاً وضمت جسدها بيديها تتن*د بتعب شديد.. هي متعبة.. جائعة.. خائفة.. هي بائسة.. وأبت أن تبكي أمام هذا الجمع الذي يتكلم عنها بوشوشات منخفضة هامسة.. لقد بات الكل يخافها الآن.. والسبب هو تلك العارضة.. ووجدت نفسها تسحبها لتضمها إليها.. كما لو كانت شخص يحميها لا مجرد معدن بارد. ********* كاليفورنيا - الطريق بين وسط سان دييغو و تشولا فيستا كانت الحافلة تتحرك ببطء.. وتراتيل الكنيسة تتردد بلحن منخفض.. بينما تجلس هي وتسند رأسها للزجاج.. تحدق في الظلام خارجاً.. تتساءل كم عليها الصبر بعد.. ها هم ينقلوها للسجن المركزي للنساء في أريزونا.. لقد سمعت الكثير عن كم هو مكان مخيف.. هل ستغدو مجرمة وتقضي باقي حياتها هناك؟!.. أمسكت بتلك القلادة بين أصابعها بقوة.. تتذكر كم كانت سعيدة بها.. جايمس.. إنها حتى لم تستطع أن تفكر بكل ما مرا به.. وتحزن لأجلهما كما يجب بينما تخوض في هذا الوضع البائس. -:" إنها تلك.. أترينها؟!.. سمعت إنها قتلت زوجها" وصلتها العبارة فضمت فمها تعض باطن شفتها.. نعم أصبحت مخيفة جداً.. الكل ينعتها بنفس الوصف.. وقد تحول ما فعلته بالفتاة إلى عمل خارق.. فتداول الجميع فعلتها مضيفين إليه الكثير من المبالغة.. حتى بات الكل يهابها ويتجنبها إلا تلك اللعينة التي تستمر بعرض لفائف الدخان عليها كل ساعة. فجأة أصبحت الأمور جنونية.. عصابة ما أحاطتهم من أكثر من جهة.. صوت الرصاص.. اندفاع الحافلة.. انقلابها.. و اصطدام رأسها بجانب النافذة لتتأوه بقوة بينما الفتاة المجاورة لها تكاد تخنقها من ميلها فوقها.. ولم تعد تستوعب أي شيء وهي تغيب عن وعيها تماماً لدقائق. -:" هيي.. أنت!" تأوهت لتفتح عينيها وتنظر نحو العيون الخضراء التي طالعتها بحدة.. ثم صرخت عندما سحبت من ساعدها بقوة : " آآه.. دعيني!!" -:" يبدو أن يدك مصابة.. اسمعي.. إن كنت تريدين البقاء هنا فلك ذلك.. لكن معظمنا سيغادر.. لذا مدي يد*ك لأفتح قفل قيدك.. سمعت إنك قتلت زوجك.. الأفضل أن تهربي لأن أقل عقوبة للقتل تفوق العشر سنوات.. ولا أنصحك بزيارة ذاك المكان فهو لا يناسب من هم مثلك" بصعوبة عدلت عنقها المتشنج.. ذراعها تؤلمها بجنون.. ودموعها تطفر من عينيها لحظها التعس.. فعضت شفتيها.. ها قد مر شهر وأسبوع ولا من جديد.. هل ستبقى تنتظر للأبد؟!.. ومدت يديها للفتاة لتحل قيدها وتسألها : " هل قررت؟! " رغم إنها لا تعلم إلى أين تذهب.. إلا أن خوفها من فقد حريتها هو ما حركها.. فوقفت تترنح على ساقين ضعيفتين ترى خروج الفتيات من الحافلة والفوضى التي تعم المكان.. نظرت نحو تلك الشابة الصغيرة التي لم تبارح مكانها بعد والتي أخذت تتناقش مع ميست حول هربها .. ثم مدت يديها بطاعة ليحل قيدها .. تن*دت بدورها وقررت.. هي لن تتحمل المزيد. -:" أشعر بالبرد" -:" انتزعي سترة أي شخص منهم و ارتديها" صرخت ميست عن يمينها ببرود ثم وجدتها تبحث في جيوب الحراس لمرات لتنتزع أخيراً محفظة السائق فتخرج الأموال منها وتقسمه نصفين دافعة بجزء منهم ليدها. -:" هل جننت؟!" -:" لن يحتاجهم إنه ميت عزيزتي.. أنت ستموتين جوعاً إلى أن تصلي لمكان آمن.. آه هاتف.. تماما ما نحتاجه.. هيا تحركي.. هيي أنت ألن تغادري؟" وصرخت بحدة بتلك الفتاة التي ترسم أشكالاً فوق النافذات.. وشعرها القصير يتحرك مع الرياح.. إلهي في أي مشفى مجانين هي؟! .. سترة مموهة لإحدى الحارسات احتلت كتفيها.. والأخرى أخذت تلك المسماة ميست ترتديها بينما تغادر الحافلة منطلقة بسرعة. " ميست.. انتظريني.. " أخذت تركض في ظلام المكان.. تلاحق الفتاة أمامها.. يدها تزداد ألماً.. وتشعر بسخونة الدماء على جبينها.. فتمسحها كل عدة ثوان بكم السترة.. وهي تفكر إلى أين؟!.. هي لا تستطيع الذهاب لأخويها.. ولا جوناثان صديق جيمس.. ولا محاميها.. إنها لا تريد إيذائهم يكفي ما مروا به إلى الآن لمساعدتها.. ثم وقفت متسمرة.. تتذكر تلك اللحظات قبل أن تغادر السجن.. في تلك الزيارة الغريبة من نوعها.. وحنت رأسها يتردد في رأسها كل ما قالاه لبعضهما.. لقد صرخت في وجه إيدموند.. المحقق في قضيتها.. الذي قال أن القضية انتهت وإنها غدت مجرمة قاتلة.. وستحاكم لجرمها قرباً.. لقد هاجمته.. خمشت وجهه.. لقد ض*بته.. ولولا الحارسة كانت فعلت أكثر.. بكل ذاك البرود اللعين والعيون الجامدة .. كيف أمكنه قول ذلك لها؟ -:" أسرعي.. نحن لا نملك الكثير من الوقت" -:" لم تساعديني؟" -:" لأنك مثلي الأعلى.. لطالما تمنيت قتل رجلاً" قطبت بينما تضحك تلك الفتاة باستمتاع.. إنها غريبة جداً.. كانت هي نفسها من تشاجرت معها عندما حاولت أن تدافع عن تلك الصغيرة المسكينة التي كانت تض*بها وتركلها داخل الحمامات .. -:" ميست؟! " -:" اسمعي توقفي عن السؤال.. سنستمر بالهرب معاً حتى نصل لمكان مأهول.. بعدها سنفترق مع وعد بعدم الالتقاء مجدداً" سارا لعدة خطوات ثم عادت لتسأل بصوت مبحوح :" ما تهمتك؟!" -:" ألن تتوقفي عن أسئلتك الغ*ية؟.. أتريدين أن أتركك هنا؟" أخذت تتلفت حولها في الظلام وهزت رأسها بخوف شديد ثم ركضت لتصبح اقرب من الفتاة الأصغر عمراً وتحركتا ب**ت. ******** تأوهت سام تشعر بالإرهاق الشديد.. إلى متى عليهم السير؟! .. لم تعد تحتمل.. على الأقل توقف جرحها عن النزف أخيراً وتجمدت الدماء فوقه.. وانحنت تأخذ أنفاس عديدة بينما ما تزال ميست تتحرك بخفة وكأن ما قطعاه من مسافة لا يتعدى أمتاراً قليلة. -:" لم أعد استطيع.. لقد مرت ساعتان أو أكثر.. لنرتح قليلاً أرجوك ميست" -:" ارتاحي إن كنت تريدين وأنا سأواصل.. ثم سيصلون إليك ويعيدون سجنك.. أو إنك ستحركين مؤخرتك الغ*ية وتستمري بالسير.. الأمر متروك لك عزيزتي" عضت شفتها كي لا تطلق سيل من الشتائم.. ثم نظرت خلفها بهلع.. هل سيصلون إليها ويعيدون احتجازها؟!.. إنها لن تتحمل ذلك أبداً. -:" هناك ضوء.. هناك ضوء قادم" أخذت تصرخ بحبور وتصفق.. فشدتها الفتاة من ثيابها ثم أبعدتها عن الطريق وهي تنهاها عن الركض باتجاه الضوء :" ساعدني يا رب.. لم أنت بهذا الغباء؟!.. اتركي الأمر لي.. قفي جانباً وإياك أن تفتحي فمك هل فهمتِ؟!" عضت شفتها وابتعدت للخلف خطوتين بفعل يد ميست التي عادت لتشد عنق سترتها حتى كادت تخنقها.. ثم أخذت تبحث داخل سترتها لثوان أثناء ذلك أصبحت الشاحنة أقرب ثم أقرب.. وتوسعت حدقتيها عندما ارتفعت يد ميست تلوح للسائق.. " إياك وفتح فمك.. إنه تحذيري الأخير وإلا سأتركك لتتعفني وحدك أو يعاودوا إيجادك.." السائق الشاب باللحية الطويلة أوقف الشاحنة بابتسامة عريضة.. وبدا واضحاً إنه سعيد بإيجاد فتاتين على الطريق الفرعي ولوحدهما.. -:" هل تحتاج الحسناوان لتوصيلة؟!" " لما لا؟!.. هيا أختي" وشدتها من يدها لتساعدها في عبور الشارع للجهة المقابلة بينما تهمهم في أذنها " دعي الحديث لي.." وحشرتا في المقدمة بجانب السائق بينما تجلس ميست بالمنتصف وتتبدل ملامحها من الملل لابتسامة واسعة.. هل هي نفس الفتاة؟!.. وابتسمت.. الغاية تبرر الوسيلة. -:" أنا ديانا.. وهذه دورا.. وأنت؟" -:" أنا روني" -:" روني ما الذي تفعله في هذه المنطقة النائية؟ " همهم الشاب بتوتر ثم عاد ليحدق بسترتها وسترة ميست.. وخافت أن يكتشف أمرهما فضمت يديها معاً ونظراتها تتجمد على الطريق. -:" هل أنتما شرطيتان؟" -:" نوعاً ما.. أنا أعمل حارسة في السجن المركزي.. ودورا محامية.. لكنها ترتدي إحدى ستراتي.. لقد تعطلت سيارتها.. ماذا عنك؟" تلعثم الشاب ثم ابتسم يفرك مؤخرة عنقه وأخذ يعاملهما بلطف شديد :" أنا أعمل في نقل أدوات البناء من وإلى أريزونا" ضاقت حدقتيها بينما تتسلل يد ميست ثم ترتفع حاملة مسدساً.. ا****ة من أين حصلت عليه؟!.. وابتلعت ل**بها تشعر بالجنون.. ما الذي ورطت نفسها به؟!.. وضمت يديها معاً.. تدعو ب**ت أن تنجو. "دورا.. هل تذكرين اسم ذلك الشاب الذي أطلقت عليه الرصاص بين ساقيه؟" ارتفع حاجبيها ثم تأوهت تعض شفتها لتلك الض*بة التي تلقتها من الفتاة والنظرة المحذرة فهمهمت بأول اسم خطر على بالها : " جايمس" -:" آه صحيح.. جايمس.. لقد حاول ذاك الحيوان التحرش بأختي تصور؟! .. فما كان مني إلا أن أعطيته ما يستحق" حنجرة الشاب ارتفعت ثم انخفضت وداس فوق الوقود لتسرع الشاحنة أكثر في طريقها وهو يتلفظ بموافقة سريعة :" إنه يستحق.. أين تريدان أن أوصلكما؟!" -:" سأخبرك عندما نصل.. هل يعمل المسجل؟!.. أنا أحب الأغاني التي يعرضها الراديو " أسندت رأسها للنافذة.. تضم جسدها بيديها.. كل ما تمر به يبدو كفيلم رديء الإخراج.. ولكن تلك الفتاة تستمتع به بأقصى ما تستطيع.. حتى إنها أخذت تدندن مع تلك الأغنية الصاخبة وتحرك يديها مطوحة بالسلاح هنا وهناك.. مرعبة إياها وذاك المسكين.. " أووه ياه.. دُم دم..." استمر الأمر لنصف ساعة حتى تكشف الطريق عن بعض الأضواء.. وتغلغلت الشاحنة في تلك الشوارع الضيقة.. وأخيراً وجدوا مكان مأهولاً.. لكن إلى أين ستذهب؟!.. بمن ستستعين؟! -:" آه هنا.. شكراً لك.. أتريد ثمن التوصيلة؟!" وابتسمت تلك المشعوذة بتكشيرة واسعة ليهز المسكين رأسه لمرات رافضا الأمر.. لكن الأغرب هو ما فعلته الفتاة.. فقد جذبته من قميصه وقبلته لثوان مهمهمة بعدها: " خفف من ذقنك قليلاً.. وستغدو أوسم.. وداعاً" وربتت على وجهه ثم لطمت ساعدها تنبهها لتنزلا.. بينما عيونها متسعة من أفعال تلك المجنونة. -:" هي أنت.. هيا.. وداعاً أيها الوسيم.." طوحت مجدداً بالسلاح ثم أخفته في سترتها.. وما أن انطلق المسكين بأقصى سرعته حتى تبدلت ملامحها لأخرى جدية والتفت نحوها :" ها قد وصلنا.. إنه نهاية الطريق لنا معاً.. وداعاً" ارتجفت تنظر حولها.. نزل صغير.. محطة وقود ودكان.. ومنزل بالكاد يقف بينما يميل سقفه جانباً.. لا.. لا.. لا تستطيع البقاء بمفردها هنا.. ولم تعلم إنها تشبثت بكم سترة ميست إلا عندما حدجتها الأخرى بملل -:" أرجوك.. لا تدعيني وحدي!" -:" هل حقاً قتلت زوجك؟"
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD