يقول نزار قباني في قصيدته:
اغضب كما تشاءُ.. واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ حطّم أواني الزّهرِ والمرايا هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا.. فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ.. كلُّ ما تقولهُ سواءُ.. فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا.. اغضب! فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ اغضب! فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ.. كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً.. فإنَّ قلبي دائماً غفورُ اغضب! فلنْ أجيبَ بالتحدّي فأنتَ طفلٌ عابثٌ.. يملؤهُ الغرورُ.. وكيفَ من صغارها.. تنتقمُ الطيورُ؟ اذهبْ.. إذا يوماً مللتَ منّي.. واتهمِ الأقدارَ واتّهمني.. أما أنا فإني.. سأكتفي بدمعي وحزني.. فالصمتُ كبرياءُ والحزنُ كبرياءُ اذهبْ.. إذا أتعبكَ البقاءُ.. فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ.. والأعين الخضراء والسوداء وعندما تريد أن تراني وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني.. فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ.. فأنتَ في حياتيَ الهواءُ.. وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ.. اغضب كما تشاءُ واذهبْ كما تشاءُ واذهبْ.. متى تشاءُ لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ.
يا سيِّدتي: كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي قبل رحيل العامْ. أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ بعد ولادة هذا العامْ.. أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ. أنتِ امرأةٌ.. صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ.. ومن ذهب الأحلامْ.. أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي قبل ملايين الأعوامْ.. يا سيِّدتي: يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ. يا أمطاراً من ياقوتٍ.. يا أنهاراً من نهوندٍ.. يا غاباتِ رخام.. يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ.. وتسكنُ في العينينِ **ربِ حمامْ. لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي.. في إحساسي.. في وجداني.. في إيماني.. فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ.. يا سيِّدتي: لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ. سوف أحِبُّكِ.. عند دخول القرن الواحد والعشرينَ.. وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ.. وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ.. وسوفَ أحبُّكِ.. حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ.. وتحترقُ الغاباتْ.. يا سيِّدتي: أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ.. ووردةُ كلِّ الحرياتْ. يكفي أن أتهجى إسمَكِ.. حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ.. وفرعون الكلماتْ.. يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ.. حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ.. وتُرفعَ من أجلي الرّاياتْ.. يا سيِّدتي لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ. لَن يتغيرَ شيءٌ منّي. لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ. لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ. لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ. حين يكون الحبُ كبيراً.. والمحبوبة قمراً.. لن يتحول هذا الحُبُّ لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ... يا سيِّدتي: ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني لا الأضواءُ.. ولا الزيناتُ.. ولا أجراس العيد.. ولا شَجَرُ الميلادْ. لا يعني لي الشارعُ شيئاً. لا تعني لي الحانةُ شيئاً. لا يعنيني أي كلامٍ يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ. يا سيِّدتي: لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ حين تدقُّ نواقيس الآحادْ. لا أتذكرُ إلا عطرُكِ حين أنام على ورق الأعشابْ. لا أتذكر إلا وجهُكِ.. حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ.. وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ.. ما يُفرِحُني يا سيِّدتي أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ بين بساتينِ الأهدابْ... ما يَبهرني يا سيِّدتي أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ.. أعانقُهُ.. وأنام سعيداً كالأولادْ... يا سيِّدتي: ما أسعدني في منفاي أقطِّرُ ماء الشعرِ.. وأشرب من خمر الرهبانْ ما أقواني.. حين أكونُ صديقاً للحريةِ.. والإنسانْ... يا سيِّدتي: كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ.. وفي عصر التصويرِ.. وفي عصرِ الرُوَّادْ كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً في فلورنسَا. أو قرطبةٍ. أو في الكوفَةِ أو في حَلَبٍ. أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ... يا سيِّدتي: كم أتمنى لو سافرنا نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ حيث الحبُّ بلا أسوارْ والكلمات بلا أسوارْ والأحلامُ بلا أسوارْ .... يا سيِّدتي: لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ.. وأعنفَ مما كانْ.. أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ.. وفي تاريخِ الشعْرِ.. وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ... يا سيِّدةَ العالَمِ لا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْ أنتِ امرأتي الأولى. أمي الأولى رحمي الأولُ شَغَفي الأولُ شَبَقي الأوَّلُ طوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ... يا سيِّدتي: يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها.. هاتي يَدَكِ اليُسْرَى.. كي أستوطنَ فيها.. قولي أيَّ عبارة حُبٍّ حتى تبتدئَ الأعيادْ.
وعدتك الا احبك ثم امام القرار الكبير جبنت وعدتك الا اعود وعودت والا اموت اشتياقا وموت وعدت بي اشياء اكبر مني فماذا بنفسي فعلت لقد كنت اكذب من شدة الصدق والحمدلله الحمدلله اني كذبت الحمدلله وعدتك الا اكون اسيرت ضعفي وكنت والا اقولى لعينيك شعر وقولت وعدتك الا اسيرت ضعفي وكنت ولا اقولى لعيناك شعر وقولت وعدت بالا والا والا
٩
دخلت ديالا و هي بالكاد تلتقط أنفاسها فقد أوشكت الساعة علي الإنتهاء و الغ*ي الذي كانت عنده كان يضيع الوقت و كأنه يتعمد لا شك أن ذلك أمر من اللورد له و هو ينفذه فهو لن يتجاهل أمر البحث عما يطلبه اللورد إلا إن أمره
لقد كانت علي وشك الصعود للمصعد لكن وجدت من يخرج منه يمنعها من الدخول و هو يخبرها بكل وضوح أن كلام اللورد ينفذ و إلا جعلها تندم بشده و لم يكن أمامها خيار سوى تنفيذ أمر اللورد و استخدام السلم و هي تدعو أن يصيبه شلل أو رصاصة بقدمه لا بقلبه الذي يشبه الحجر ذاك بالكاد وجدت المكتب بعد سؤال الكل و قد مضت نصف ساعة لا تعلم كيف صعدت بالوقت المناسب لكن المهم أنها هنا الآن
كان منهمكا بعمله و لم يهتم بدخولها فما علمه كانت كارثة كبيرة و حلت عليهم بعد أن كان الكل سعيدا بنهاية تلك الحثالة عادل حديد و لكن الآن عاد و كأنه اختار وقت ظهوره بعدما عاد الكل لحياته و هو وجد نقاط ضعفهم كما فهم من المحادثات بينه و بين رجاله يبدو أن الحرب لم تعد أسلحة فقط و لكن المشكلة أنه حتي الآن لم يعلم خطته و لا ما ينوى فعله
ديالا بغيظ : لقد أحضرت الأوراق التي أردتها سيد نزار
رفع نظره نحوها بنظره جمدتها مكانها فهي في عرفه ارتكبت خطئا فادحا لا أحد يجرؤ علي نطق اسمه لقد كانت والدته فقط من تناديه نزار قبل موتها و من يومها أجبر الكل علي أن يدعوه اللورد لا نزار بينما تلك التي أمامه تجرأت و قالت اسمه و هو لا يوافق حتي و لا أعطاها إذن و لن يفعل يوما
نزار بهدوء مرعب : نزار أتعلمين لا أحد لديه الجرأة علي قول اسمي و لا حتي إن سبق بكل ألقاب الدنيا كلها
ديالا بخوف فقد بدأ مخيفا حقا و يبدو أنها تجاوزت حدودها كثيرا معه : أسفة لم أعلم بذلك أيها اللورد
نزار ببرود : أنا لطيف معك و هذا ليس من عاداتي مع أحد لكن ما فعلته الآن مع كلامك السابق لا يمكن تجاهله
ديالا بسرعة : لن أكرر ذلك مجددا أعلم أنني حمقاء و أقوم بأشياء مزعجة لكنني سأضع كلامك بذهني و لن أنساه
نزار بعدم اهتمام : ستعدين القهوة للشركة بالكامل و لن تضعي قطرة ماء واحدة بفمك و تجرأي و اعصي أوامري و تمردي علي
ديالا بإعتراض : لكن
نزار بهدوء : اليوم كاملا و ليس في الشركة فقط
أسرعت تضع يدها علي فمها فكلامها يزيد الوضع سوءا أشار لها بيده لتخرج و هو تسبه علي أفعاله لكنها عادت و تذكرت أنه المرة السابقة كان خلفها و سمع كلامها لذا صمتت و هي تتخيل نفسها تقف أمامه و تسبه كما شائت و تضربه أيضا ذاك البارد الغ*ي
مر اليوم كما قال نزار فلم تجرأ علي مخالفة أوامره فهي إن فعلت ربما اختار عقاب أسوء و هي وحيدة لقد تخلي عنها والدها أو بالأحرى باعها لأجل اللورد لا مكان لها خلاف مع اللورد و إلا كانت بالشارع وحيدة دون مسكن أو طعام هذا إن افترضنا هروبها من يده و هذا هو المستحيل بعينيه
لم تتحمل لتفقد في التاسعة مساءا دخل القصر ليجدها علي وشك فقدان الوعي أسرع إليها ليحملها بين ذراعيه قبل أن تسقط أرضا و صعد بها لغرفتها
وضعها علي الفراش و هو ينظر لها و قال لنفسه : لقد صرت طيبا ماذا حل بك أيها اللورد ؟؟؟!!!
لما فقط لا تقتلها و ترتاح منها و من عبائها عليك والدها نفسه لم يرد وجودها معه فلما أنت من ستحمل الأمر ؟؟؟!!!!
************************************
في انتظار التعليقات
???