فَرَحٌ لَا يُشْبِهُ اَلَا غُرْبَتَها -
1 - فَرَحٌ لَا يُشْبِهُ اَلَا غُرْبَتَهاكَانَتْ صَغيرَةً جِدًّا " ، لَمْ يَبْقَ فِي خَيالِها اَلَا كَابُوسٌ يَحُطُّ رَحالَهُ مِنْ وَقْتٍ الَّى آخَرَ فِي مَنامِها حِينًا " وَفِي يَقَظَتِها أَحْيَانًا " أُخْرَى .
اليَوْمَ هِيَ العَروسُ اَلَّتِي سَتَرْتَبِطُ بِرَجُلٍ غَرْبيٌّ مِنْ مُجْتَمَعٍ غَيْرِ مُجْتَمَعِهَا وَمِن مِلَّةٍ غَيْرِ مِلَّتِها وَمِن عالَمٍ لَا يُشْبِهُ حَياتَها فَقَطْ مَا يَجْمَعُهُمَا الرّابِطُ الاُّنسانيُّ اَلَّذِي فِطْرَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهُ وَحَتَّى اللُّغَةُ تَكَادُ تَكونُ فِي كَثيرٍ مِنْ الاوِّقاتِ اشَارَاتٍ وَتَرْجَماتٍ وَمَفاعيلَ عَلَى الوَجْهِ وَحَرَكاتِ لانِهِمَا لَا يَتَقَنَّانِ لُغَةَ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا .
هِيَ مِنْ مُخَيَّمٍ تَرَعْرَعَتْ فِيه ،وَهُوَ مِنْ مَدينَةِ ، طَبيبٍ مُثَقَّفٍ واسِعُ الِاضْطِلاعُ مَفْتونٌ بِالشَّرْقِ الحَزينِ .
ارْتَبَطَتْ بِهِ رَغْمَ حَنَقِ الأعْمامِ وَرُغْمَ غَضَبِ اَلْأَخْوالِ ، وَأَقْنَعْتَ والِدَتُها بِأَنَّ لِكُلِّ امْرَىءٍ بِمَا كَسْبَ رَهينٌ وَهِيَ مُقْتَنِعَةٌ وَسَوْفَ تَغَيُّرُ حَياتَها الَّى الأَفْضَلَ وَكُلُّ مَا تَصْبُو اَليه هوَ الخُروجُ مِنْ السِّجْنِ الكَبيرِ لِتَنْطَلِقَ بِحَماسَتِها وَلَتَحِيًّا عُمْرُها وَتَحَقَّقَ أَحْلامَها .
الجَميلَةُ لَفَتَتْ انْتِباهَ الطَّبيبِ وَلَيْسَتْ بِأُنُوثَتِهَا وَلَا بَاغْرَاءَاتٍ افْتَعَلتْهَا ،وَإنَّما لِأنَّهَا ملّاكٌ فَوْقَ وَجِنْتيْهُ مَسْحاتٌ مِنْ حُزْنٍ عَظيمٍ مَجْبولٍ بِمَلَامِحَ ساحِرَةٍ .وَهُوَ الرَّجُلُ الغَرْبيُّ المُتَمَسِّكُ بِمَدَنيَّتِهِ الْمُتَخَل عَنْ الدّينِ وَاَلْعالِقِ فِي فوَّهَةِ العَوْلَمَةِ والْمُتَمَكِّنِ مِنْ العَلْمانيَّةِ وَاَلْمُتَّخِذِ لَهُ سَبيلُ النَّجاحِ وَتَحْقيقُ دُنْيَاه الحَسَنَةِ .
وَسَطَ أهَازِيجْ خَجُولَةٌ خَرَجَتْ الَّى مَنْزِلَه عَروسٌ وَعَنْ سابِقٍ تَصَوُّرٍ وَتَصْميمٍ ،مُتَصَوَّرَة كُلّ السّينارْيوهاتِ ،وَعَلَى يَقينٍ أنْ كُلّ الاُمورِ مَعَهُ أَفْضَلُ مِم هِيَ عَلَيْهُ الآنَ .
انْتَقَلَتْ الَّى شِبْهُ سَعادَةٍ وَوَصَلَتْ الَّى سِجْنٍ أَكْبَرَ وَمَعَ ذَلِكَ كَانَتْ تُعانِدُ لِتَظْهَرَ فَرَحًا " أَوْ لِتَرْسُمَ ابْتِسامَةً .
اتَّخَذَتْ لَهَا زاويَةٌ فِي بَيْتِهَا لِتَخْرُجَ مَا فِي وِجْدانِها مِنْ انْغِعَالَاتٍ بِاَلْريشَةِ وَبِاَلْأَلْوانِ فَكَانَتْ لَوْحَاتُهَا تَارِيخٌ خاضِعٍ لِمُرُورِ الزَّمَنِ وَحاضِرِ وَطَنِ هويَّتِهِ ضَاعَتْ فِي جَوَارِيرِ الأُمَمِ .
اَمّا الزَّوْجُ الرَّؤُوفُ العَطوفُ النّاجِحُ فِي كُلِّ الأُمورِ اَلَا مَعَهَا فَهُوَ لَمْ وَلَنْ يَسْتَطِعَ مَسْحَ حُزْنِها الغَليظِ.
اعْتَادَتْ مَعَهُ عَلَى الوَحْدَةِ هِيَ لَا تَمْلِكُ الجُرْأَةَ لِلتَّعَلُّمِ وَلَا لِلنُّزُولِ ّإلَى الشَّوارِعِ . تَخافُ عَلَى نَفْسِها مِن َالضَّياعَ وَلَيْسَ فِي مَتَاهَاتِ الأَمْكِنَةِ وَإنَّما مِنْ الزَّلّاتِ والْعَثَراتِ .
وَهُوَ فِي إقَامَةٍ شِبْه دائِمَةٍ فِي المُسْتَشْفَى وَفِي الجامِعَةِ .
الرَّصِّينَةُ جَعَلَتْ مِنْهَا هَذِهِ الحَياةُ مَخْبَأَ دَفِينًا " لِلْأَحْلَامِ وَلِلْأَسْرَارِ اَلَّتِي أَثْقَلَتْ كاهِلَ حَنينِها وَمَحَبَّتَها لِذَوِيهَا وَلَغْرَبُتِهَا وَلِكَثْرَةِ رِحْلاتِها ،رَغْمَ صِغَرِ سِنِّها فَهِيَ فِي عُمْرِ الوَرْدِ فِي التّاسِعَةِ عَشْرَةَ رَبِيعًا " .
وَكَانَتْ تُرَدِّدُ قُولُوا :تِسْعَةُ عَشَرَةَ خَرِيفًا " صَيْفًا " أَوْ شِتاءً " وَلَكِنْ لَا تَقُولُوا رَبِيعًا " .
عَقْدٌ مَضَى فِي جَمادٍ وَروتينِ وَكَأَنَّهُ امْتِحانٌ لَهَا لِقَناعَتِها وَلِرِضاها عائِلَةٌ بَعْدَ عَشَرَةِ أَعْوامٍ وَهَبَها اللَّهُ مَوْلُودًا " ذِكْرًا ".
جَاءَ وَاسْمُهُ مِنْ مَعاني اَلْمُرادِفاتِ السّاميَةِ مَزيجٌ مِنَ الَمَعَانِي :
-الوَرْدِ بِاللُّغَةِ التُّرْكيَّةِ والرَّحْمَةِ والرَّأْفَةِ والْعَطْفِ بِاللُّغَةِ العَرَبيَّةِ.
أَبْصَرَ رُوفَانِ النّورَ وَزَرْعَ الأَمَلِ فِي قَلْبِ والِدَتِهِ كَانَ جَمالُهُ شَرْقيٌّ وَغَرْبيٌّ.
عَيْنَانِ زَرْقَاوَانِ وَبَشْرَةٌ حَنْطيَّةٌ وَتَباشيرُ مَلامِحِ شابٍّ مِنْ عَصْرِ القَرْيَةِ الواحِدَةِ واتِّحادِ الحَضَارَاتِ والْعَوْلَمَةِ بِكُلِّ مَقاييسِها وَمَفاعيلِها .
رُوفَانِ الطِّفْلُ المُلّاكِ!
جَاءَ الَّى العالَمِ فِي زَمَنٍ تَقاعُدِ والِدِهِ بَقِيَ مَعَهُ سَنَتَيْنِ وَكَانَا فِي أَجْمَلِ حالاتِهِمَا عائِلَةً مُمَيَّزَةً تَحْيَا أَوْجَ سَعَادَتِهَا .
الَّى أَنْ تَقاعُدَ الطَّبيبَ وَهَجْرَ عائِلَتَهُ الَى الرِّيفِ لِيَقْضِيَ بَقِيَّة عُمْرِه فِي الأَرْضِ وَاَلْمَزْرَعَةِ وَبَيْنَ التُّرابِ والشَّجَرِ والطَّيْرِ والْخَيْلِ .
تَفاهما عَلَى ذَلِكَ، وَمَرَّتْ اَلْأَيّامُ وَكَبُر الصَّغيرُ وَصَارَتْ احْتياجاتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مادّيَّةٍ ،صَارَ يَطْلُبُ اللَّعِبَ والنُّزولَ الَّى أَرْضِ الواقِعِ يُرِيدُ أنْ يَرْكُضَ وَيَضْحَكُ وَيُقابِلُ اَلْوَلْدانَ .
وَهَذا صَعْبٌ عَلَى والِدَتِهِ اَلَّتِي لَمْ تَزَلْ فِي غُرْبَتِها رَغْمَ كُلِّ الْمُتَغَيِّيرَاتِ .
فِي الحَديقَةِ أَمْ وابْنُها كَأنَّهَا غَريبَةٌ بَيْنَ اَلْأَتْرابِ مُثيرَةٌ لِلتَّسَاؤُلِ والاعِّجابِ .
رَوْنَقٌ وَبَريقٌ فِي نَظَراتِهِمَا هِيَ كَاَلْطَيْفِ بِأَلْوَانِهِ وَهُوَ كَاَلْوَطَنِ الأَبِ .
وَفِي مَقْهَى كَانَتْ تَرْتادُهُ مَعَ زَوْجِها جَلَسَتْ مَعَ وَلِيدِهَا يَتَنَاوَلَانِ العَصِيرِ وَالحَلْوَى .
- مَامَا كُلُّ النّاسِ: أَبٌ وَأُمُّ وَأَوْلادُ اَلَا نَحْنُ.
- والِدُكِ فِي المَزْرَعَةِ.
- وَلَكِنَّنِّي أَشْتاقُ لَهُ كَثِيرًا ".
- هَلْ تُرِيدُ اَنْ نَذْهَبُ فِي العُطْلَةِ اإليه لِنَقْضي أوِّقاتًا " رائِعَةٌ مَعَهُ.
- أُحِبُّكِ يَا أَجْمَلَ أَمْ!
- عِدْنّي بِأَنَّكَ سَتُنْهِي واجِباتِكَ المَدْرَسيَّةَ وَلَنْ تَلْعَبَ كَثِيرًا " عَلَى الْأَيْبَادِ وَسَتَنامُ بَاكِرًا ".
وَفِي طَريقِ العَوْدَةِ إلَّى المَنْزِل جَلَبا مَعَهُمَا تَذْكَرَتَي قِطارُ، كَانَتَا بِمَثَابَةِ هَديَّةٍ ثَمينَةٍ لِكِلَيْهُمَا ،هِيَ كَيْ تَتَشارَكَ مَعَ زَوْجِها هُمومَ وَشُجونَ وَتَرْبيَةِ وَلِيدِهَا ابْنِ العَشْرِ سَنَوَاتٍ ،والصَّغيرِ كَيْ يَرَى والِدَهُ وَيُطَمْئِنَّ لِوُجُودِ الِاثْنَانِ مَعًا " .
- رُوفَانْ انَّهِضْ يَا بُنَي سَوْفَ نُسافِرُ اليَوْمَ وَسَتَرْكَبُ الحِصانَ وتَتَسَلَّقُ الأَشْجارُ وَتُلاعُبَ البَبَّغَاءِ .
- صَارِخًا " مِنْ الفَرَحِ وَطابِعًا " قُبْلَةً عَلَى خَدِّ والِدَتِهِ وَمُسْرِعًا " لِتَحْضِيرِ نَفْسِهِ وَتَجْهيزِ أَغْراضِهِ اسْتِعْدادًا " لِلِإنْطِلَاقِ .
حَضَنَتْهُ أُمُّهُ وَبَعْدَ عِباراتِ التَّحْفيزِ يَا بَطَلَ وَيَا اجْمُلْ شابٌّ وَيَا رِجْلْي القَويُّ !
صِراعاتٌ بِالْجُمْلَةِ تَعِيشُهَا الأُمُّ ذَاتُ المَلامِحِ الحَزينَةِ والْجَميلَةِ .
جَلَسَا فِي مَقْعَدِهِمَا فِي القِطارِ، رُوفَانِ غَارِقٌ فِي النَّوْمِ وَهِيَ تَسْتَمِعُ إلى المُوسِيقَى فَالطَّرِيقُ طُويلٌ والرِّحْلَةُ صَعْبَةٌ .
وَلَمْ يَخْطُرْ فِي بَالِهَا أَنَّهَا رِحْلَتُها الأَخيرَةُ وَإلَى مَحَطّةَ عُمْرِها الأَخيرِة.
أَمَّا الوالِدُ المُتَنازِلُ عَنْ عائِلَتِهِ وَالتَّارِكُ صَخَبَ المَدينَةِ وَحِقْبَاتٌ مِنْ عُمْرِهِ وَرَاءَهُ ،كَانَ بِانْتِظارِهِمَا وَهُوَ يُفَكِّرُ كَيْفَ السَّبيلُ الَّى اقِّناعَ زَوْجَتِهِ بِالْبَقَاءِ مَعَهُ ؟
-الزَّوْجُ الطَّبيبُ فِي مَزْرَعَتِهِ فِي الرِّيفِ يَقْضي إجازَةَ عُمْرِهِ الأَخيرَةَ .وَصنع لِنَفْسِهِ عالما" خَالِيًا " مِنْ الضَّجيجِ وَبِدائيًّا " كَأنِّي بِهِ يُقاصِصُ الزَّمانِ وَيأخُذُ مِنْهُ حَقَّ البَشَريَّةِ فِي الرُّجوعِ الَى الطّينَ والْهَواءِ والْماءِ .
وَكَانَ لَهُ مَا أَرَادَ ، نُزُولًا " عِنْدَ رَغْبَةِ الوالِدِ قَرَّرَتْ العائِلَةُ أَنْ تَعِيشَ فِي الرِّيفِ مُتَنازِلَةً عَنْ المَدينَةِ وَالمَدَنِيَّةِ وَمُتَمَسِّكَةً بِحُقُوقِ رُوفَانِ فِي التَّعَلُّمِ وَالحَدَاثَةِ .َجَلْبوا لَهُ مُعَلِّمينَ وَزُودُوه بِكُلِّ وَسيلَةٍ كَيْ يَتَواصَلَ مَعَ المُجْتَمَعِ وَكَيْ يَدْرُسَ وَيَنْجَحَ .
فَجَمَعَ طَرائِقِ العَيْشِ البُدائيِّ مَعَ العَيْشِ الحَضاريِّ فَكَانَ حَقًّا " ابْنُ عَصْرِهِ ، وَبَرَزَ ت فِي نَتائِجِهِ العِلْميَّةِ عَلاماتِ النُّبوغِ وَسَطَعَ نَجْمُهُ فِي كُلِّ النَّواحي وَأَتْقَنَ لُغاتٍ عَديدَةً وَصَارَ المُتَرْجِمُ الأَهَمُّ بَيْنَ الأُمِّ والْأَبِ .
كَانَتْ الحَياةُ هُنَاكَ جَميلَةٌ هادِئَةٌ رَزينَةٌ كِّفَتُهُمْ كُلّ احْتياجاتِهِمْ النّفْسّيَّةِ وَالجَسَدِيَّةِ ، العَقْليَّةِ والْعاطِفيَّةِ .
التَأَمَ شَمِلُ العائِلَةِ والِدٌ عَجوزٌ وَوالِدَةٌ شابَّةٌ وَمُراهِقٌ يَكَادُ يَكونُ هوَ العَجوزُ والشّابُّ مَعًا " .
- رُوفَانْ تَعَالَ اشْرَحْ لِي مَاذَا يَقُولُ والِدُكِ لَمْ أَفْهَمْ عَلَيْهُ شَيْئًا "!
- يَا أُمِّي الحَبيبَةُ هوَ يَقُولُ لَكَ أَنَّكَ حَبيبَتَهُ وَلَا يُرِيدُ أنْ يَزْعجَكَ وَيَقُولَ: عَنْ لَوْحاتِك إنَّها يَجِبُ أنْ تُشارِكَ فِي مَعارِضِ هَذَا الْعَامِ ، وَتَرْجَمَ رُوفَانِ وَهُوَ يَضْحَكُ وَوالِدُهُ مُتَعَجَّبٌ!
- يَا بُنّي لَمْ أقُلْ هَذَا:
طَلَبَتْ مِنْهَا أَنْ تَحّضَرَ العَشّاءُ ،أُريدُ اأنْ أتَّنَاوَلَ الحَساء.
- يَا أَبِي سِنْتَنَاوَلْ كُلُّنا الحَساء، انْتَظَرْنِي أنا سأُحْضِّرُهُ لَكَ.
جَلَسَ الجَميعُ وَسَطَ نَظَراتٍ وَضَحِكاتٍ وَروفانَ يُعيدُ التَّرْجَمَةَ الحَقيقيَّةَ لِوالِدَتِهِ .
لَحَظاتٌ ثَمينَةٌ تَقْضِيهَا عائِلَةٌ مِنْ ثَلاثَةِ أَفْرادٍ بِحَجْمِ الْوِفِ مِنْ البَشَرِ . .
فِي صَباحٍ حَزينٍ وَفِي شِتاءٍ مُثَلَّجٍ رَحَلَ الطَّبيبُ تَارِكًا " رُوفَانِ وَوالِدَتَهُ عَنْ عُمْرَ يُنَاهِزُ الثَّمَانِينَ .
صَارَ شَابًّا " يافِعًا " وَتَتَطَلَّبُ مِنْهُ مَرْحَلَةُ الشَّبابِ الذَّهابَ إلَّى الجامِعَةِ تَارِكًا " أُمَّهُ الجَميلَةَ وَقَبْرَ أَبِيهِ وَلَكِنَّ إلَى حِينَ .
حَزْمَ حَقائِبَهُ ،وَمازِحَ أُمِّه ُقَائِلًا " : أَوْ تَذْكُرِينَ كَيْفَ جِئْنَا إلَى هُنَا ،عَلَى أَساسِ أَنْ نَمْضيَ الإجازَةَ فَقَطْ ،وَطَالَتْ بِنَا الإجازَة، وَبَقِيَنَا سِنِينَ عِدَّةً وَهَا أَنَا لِاَوَّلِ مَرَّةٍ بَعْدَهَا أرْجِعُ إلَى المَدينَةِ مُرْغَمًا " كَيْ أُتّابِعَ دِرَاسَّتِي .
-أُحَّبِك أُمِّي وَكِلْمِينِي كُلَّ يَوْمٍ صَبَاحًا " وَمَتَى تَعُوزِينَنِي سَأَكُونُ عِنْدَكَ بِلَمَّحِ البَصَرِ.
تَضْحَكُ وَتَقُولُ يَا وَلَدي يَلْزَمُكَ سَاعَاتٍ كَيْ تَصِلَ إليّ وَلَكِنْ سَتَمْضي وَتَنالُ شَهادَتُك، وإذًا اشْتُقَتْ كَثِيرًا سَوْفَ أنْزِلُ لِلْعَيْشِ مَعَكَ هُنَاكَ وَمع أنّنّي اعْتَدَتْ حَياةَ الرِّيفِ .
لَا تَهْتَمي سَأَرْجَعُ اَلْيَكَ وَمَعِي عَروسٍ يَضْحَكُ الِاثْنَانِ وَتَدْعُو لَهُ بِالتَّوْفِيقِ .
بَقِيَتْ وَحيدَةٌ وَرَجَعُتْ إلَّى عُزْلَتُها إلَّى غُرْبَتَها اَلَّتِّي لَمْ تَزَلْ رابِضَةً فِي أَعْماقِها .
نَزَلَتْ إلَّى الأَرْضِ أَشْرَفَتْ عَلَى الزَّريبَةِ وَكَانَتْ تملكُ هالَةٌ مِنْ الحَيَويَّةِ والنَّشاطِ وَأَبْقَتْ عَلَى المَزْرَعَةِ لَا بَلْ أَضَافَتْ لَهَا الكَثيرُ كَأَنَّهَا كَانَتْ لَهَا الوَطَنُ اَلَّذِي طَرْدَها والْوَطَنُ اَلَّذِي احْتَضَنَهَا .
وَكَانَ يَطيبُ لَهَا مُنَادَاةُ أَهْلُ الرِّيفِ لَهَا "بِأُمِّ رُوفَانِ " لِأَنَّهَا بِذَلِكَ تَسْتَرْجِعُ عاداَت بيئَتِها وَتَسْتَذْكِرُ أُصولُها .
أَمَّا رُوفَانِ لَقَدْ ذَهَبَ إلَّى الجامِعَةِ حَيْثُ حَياتَهُ اَلَّتِي يَرْسُمُها وَعِلْمُهُ اَلَّذِي يَطْلُبُهُ والشَّبابُ اَلَّذِي يَبْغيه .
وَفِي وَسَطِ أَصْحابِهِ كَانَ يَنْطِقُ وَبِكُلِّ ثِقَةٍ وَكَّلّهُ فَخْرٌ وَيَقُولُ :
- تِلْكَ الشَّرْقيَّةُ اَلَّتّي أَنْجَبَتْنِي هِيَ اَلَّتِي حَفَّزَتْنِي عَلَى الِانْطِلاقِ وَعَلَى المُثولِ أمام مَحْكَمَةُ العِلْمِ والْمُضيِّ فِي مُدَّةِ الخَمْسِ سِنِينَ مِنْ الدَّرْسِ وَاَلْكِفاحِ.
أَمَّا وَأَنَّنِي رُوفَانِ فَلَسْتْ بِحَاجَةٍ كَيْ أَحْمِلَ مَعِي اَلّا :
حَماسَتِي وشغَّفي ،وَاَمَّا عَنْ الحُبِّ وَاَلْاشْتياقِ واحِدٌ مُؤَجَّلٌ َّإلى حِينَ . والْآخَرُ هُنَاكَ فِي الرِّيفِ حَيْثُ رُكْنُ وَالِدَتِي لِلصَّلَاةِ، فَأَنَا عَلَى يَقينٍ أَنَّنِي أَتَلَقَّى مِنْهَا الكَثيرَ مِنْ الدَّعَواتِ بِالتَّوْفِيقِ وَبِاَلْنَجاحِ .
وَكُلُّ صَباحٍ يُكَلِّمُها عَنْ الفِيزْيَاءِ وَالكِيمْيَاءِ وَالعُلُومِ وَالنَّبَاتِ والْبيئَةِ والْأَرْضِ اَلَّتِي سُيُوليهَا الِاهْتِمامُ حِينَ رُجوعِه وَالَّتِي ستكون مِنْ أَوَّليّاتِ أَعْمالِهِ بَعْدَ التَّخَرُّجِ.
وَفِي كُلِّ اتِّصالٍ السُّؤالُ ؟عَن ْ صَديقَتِهِ والالِّحاحِ عَلَى الِانْتِباهِ الَّى صِحَّتُهُ كَأَنِّي بِهَا طُقوسٌ يَوْميَّةٌ صَبْجَ مَساءً .
الجَميعُ يُحِبُّونَهُ شَخْصيَّةً مُحَبَّبَةً وَهادِئَةٌ ومُتَقَبِّلَةٌ لِكُلِّ أُمورِ الدُّنْيَا والْمُثيرَةِ لِلْجَدَلِ كَوْنَهُ المُدافِعَ الشَّرِسَ عَنْ العَرَبِ والْعاشِقِ لِهويَّتِهِ الغَرْبيَّةِ .
وَجَرَى فِي مُحاضَرَةٍ فِي جامِعَتِهِ أَنْ تَرْكَ القاعَةَ وَلَحِقَ بِهِ كُلُّ الرِّفاقِ وَاَلْرَفيقاتِ اعْتِراضًا " عَلَى جُمْلَةٍ قَالَهَا البُروفيسورُ يَوْمَئِذٍ عَنْ الاسِّلامِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ عَلَيْهُ الصَّلاةُ والسَّلامُ .
وَدُعِيَ الَّى مَكْتَبِ رَئيسِ الجامِعَةِ اَلَّذِي اسْتَمَعَ الَّى رَأيهُ وَمُدافَعَتُهُ ،وَحَيْثُ بَيّنَ لَهُ وُجوبُ احْتِرامِ مَلايينَ مِنْ النّاسِ يَعْتَنِقُونَ الأَدْيَانَ وَخَاصَّةً الدّينَ الاسِّلاميَّ ،وأنَّهُ مِنْ الضَّرورَةِ بِمَكانٍ مَعْرِفَةَ مَكانَةِ النَّبيِّ عِنْدَ العالَمينَ وَلَيْسَ فَقَطْ المُسْلِمِينَ .
قَائِلًا " أَنَا مَسيحيُّ الوِلادَةِ مُسْلِمُ الِانْتِماءِ وَأَعْتَرِفُ بِكُلِّ الأَدْيَانِ وَأَحْتَرِمُ حَتَّى المُلْحِدِينَ فَقَطْ مَعَ عَدَمِ التَّعَدّي عَلَى الغَيْرِ .
اقْتَنَعَ رَئيسُ الجامِعَةِ، و حَيْثُ العالَمُ الحُرُّ ،وَرَفْعَ كِتَابًا " إلَّى الأُسْتاذُ طَالِبًا " مِنْهُ الِاعْتِذارَ العَلَنيَّ عَمَّا صَدَرَ عَنْهُ وَخَاصَّةً مِنْ المُسْلِمِينَ وَمِن الطّالِبِ رُوفَانِ .
وَحَصَلَ واتَّخَذَ الأُسْتاذُ مِنْ رُوفَانِ لَهُ رَفِيقًا .
وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ هوَ الفارُّ مِنْ القُيودِ وَمِن الوَاجِبَاتِ الحَقيقَةُ الوَحيدَةُ اَلَّتِي يُمارِسُها هوَ حُبُّهُ لِلْمَزِيجِ الشَّرْقيِّ والْغَرْبيِّ اَلَّذِي يُمَيِّزُهُ عَمَّنْ سِوَاه .
وَفِي كافيتِريا الجامِعَةِ كَانَ وَلِلْمَرَّةِ الأُولَى يَقْعُدُ مُنْفَرِدًا " وَيَتَنَاوَلُ الفُطُورَ .
اقْتَرَبَتْ مِنْهُ زَميلَةٌ جَميلَةٌ وَشَارَكَتْهُ الطّاوِلَةُ وَتَبادُلًا أَطْرافَ الحَديثِ وَأَفْصَحَتْ لَهُ عَنْ شِدَّةِ اعِّجابِها بِهَ .
وَحَيْثُ ذَهَبَ قَرارَهُ فِي مَهَبِّ النِّسْيانِ فِي تَأْجيلِ الحُبِّ إلَّى مَا شَاءَ .
صاحِبَتُهُ وَفَكَّتْ أَسَارِيرُ قَلْبِهِ وَصَارَتْ لَهُ صَديقَةٌ تُحِبُّهُ وَتَهْتَمُّ بِتَفاصيلِ حَياتِهِ وَتُشارِكُهُ الدُّروسُ والطَّعامِ وَالرِّحْلَاتِ والْحَفَلاتِ وَدَائِمًا " أَرْوَعَ اللَّحَظاتِ يَقْضيْنّها مَعًا " فِي حَرَمِ الجامِعَةِ وَخُصُوصًا " فِي المَكْتَبَةِ .
لُغَةُ العُيونِ أَرْقَى اللُّغَاتِ وَأَوْسَعُها وَهِيَ اَلَّتِي تَفْتَحُ مَقاديرَ القَلْبِ وَتُشْرَعُ نَوافِذُ الحَوَاسِّ لِلرُّوحِ وَتَنْعَمُ النَّفْسَ بِالِارْتِيَاحِ .
مَارِيَا اسْمُ حَبيبَتِهِ وَالَّتِّي لِأَوَّلِ مَرَّةٍ يُخْبِرُ والِدَتَهُ بِهَا وَيَجْعَلُهَا تَتَحَدَّثُ مَعَهَا وَتُخْبِرُها عَنْهُ وَتَطْمَئِنُها عَلَيْه.
تَوَالَتْ الأَعْوَامُ واقْتَرَبَ وَقْتَ الحَصادِ وَمَازَالَتْ مَارِيَا رَفَيقَتُهُ وَمَا زَالَ هوَ الأَوَّلُ عَلَى دُفَعَتِه تَيَمُنًا " بِوَالِدِهِ الطَّبيبَ وَاسْعَادَا " لِوالِدَتِهِ اَلَّتِي أُنْجِبتْهُ وَرَبَّتِّهِ .
الشَّرْقيَّةُ الفَنّانَةُ الهادِئَةُ الطِّباعُ ذَاتُ الأَسْرارِ والْأُمورِ المُسْتَتِرَةِ وَالَّتِي أَقْحَمَتْ نَفْسَها فِي زِحامِ العَمَلِ والاشِّرافِ عَلَى أمِّلاكِ الزَّوْجِ وَمَزْرَعَتِهِ وَاقَامَةِ معارِضَ سَنَويَّةٍ وَمَنْحِ رَيْعِها لِجَمْعيّاتٍ تَهْتَمُّ بِالْأَبْحَاثِ العِلْميَّةِ وَالْبَئِيَةِ
وَالنَّبَاتِ وَالزِّرَاعَةِ .
وَفِي خِضَم الأحِّداثِ المُتَلَاحِقَةِ تَطْفُو عَلَى أَيّامِ العُمْرِ أَوْقاتٌ رائِعَةٌ وَمِنْهَا حَفْل تَخْرُجُ رُوفَانِ .
تَرَكَتْ المَزْرَعَةُ مُتَوَجِّهَةً إلَى المَدينَةِ لِتَحْضُرَ وَلِتُشارِكَ فِي حَفْلِ التَّخَرُّجِ مِنْ الجامِعَةِ وَلِحُضورِ تَكْريمِ المُتَفَوِّقِينَ وَمِنْهُمْ رُوفَانْ الشّابُّ المُثيرَ لِلْجَدَلِ .
وَقَفَ يُلْقي كَلِمَةَ الطُّلّابِ شَاكِرًا " ذَويه مِنْ العائِلَةِ وَمِن الأَساتِذَةِ والزُّمَلاءِ وَاَلْزَميلاتِ .
وَلَخّصَ أطْرُوحَتَهُ بِكَلِمَتَيْن :الْمَاءِ والتُّرابِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهُمَا مِنْ نَباتٍ وَشَجَرٍ وَسِحْرِ طَبيعَةٍ نَظيفَةٍ .
وَتَلَقَّى الشَّهادَة والتَّكْريم وَباقَةُ وُرودٍ.
-رَمَى مَعَ أَتْرابِهِ القُبَّعَاتِ وَأَطْلَقُوا صَرَخاتِ الفَرَحِ .
عانَقَ والِدَتَهُ وَمَسَحَ دَمْعَاتِهَا الياقوتيَّةَ وَقَبّلَ وَجْنَتَيْهَا وَانْطَلَقَ مَعَهَا فِي رِحْلَةِ العَوْدَةِ الَّى حَيْثُ رَسْمَ لَهُما الحَياةُ الوالِدُ الرّاحِلُ وَالَى حَيْثُ يُحِبُّ أَنْ يَكونَ اُنْسانًا " مُتَعَلِّمًا " مُنْتِجًا " وَمُتَفاعِلًا " مَعَ الأَرْضِ .
مُسْتَأْذِنَا " والِدَتُهُ فِي قَضاءِ اللَّيْلَةِ كَيْ يَحْتَفِلَ مَعَ رِفاقِهِ وَرَفيقاتِهِ بِنَجاحِهِمْ وَبَانْهَاءِ أَهَمِّ مَرْحَلَةٍ مِنْ حَياتِهِمْ .
سَبَقَتْهُ إلى المَزْرَعَةِ وَبَدَأَتْ تَنْتَظِرُ اللّحْظَةَ اَلَّتِي يَأْتيها وَمَعَهُ العَروسُ اَلَّتِي اخْتَارَهَا كَيْ تَكونَ لهُ رَفيقَةَ العُمْرِ .
لَقَدْ أُسَرَ لَهَا بِذَلِكَ وَأَخْبَرَها أَنَّ مَارِيَا وَافَقَتْ عَلَى العَيْشِ مَعَهُ فِي الرِّيفِ وَأَنَّهَا سَتَأْتِي مَعَهُ .
مَضَتْ الأَيّامُ والْأُمُّ فِي الِانْتِظارِ وَتَقْضِي قَلَقَها بَيْنَ اَلْجُلولِ وَاَلْمَرْسَمِ وَتُصارِعُ أَفْكارَها اَلَّتِي لَا تُشْبِهُ أَلْوانَها وَلَا حَيَويَّتَها وَلَا تَمَّتْ لِشَخْصيَّتِها بِصِلَةٍ
شُعورُ الأُمِّ يَوْمَ تَضَعُ وَلِيدَهَا مُغَايِرًا " تَمَامًا " لِغَيْرَتِها يَوْمٌ تَأْخُذُهُ مِنْهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى .
وَحَتَّى لَا تَنْجَرِفَ فِي تَشاؤُمِها اتَّخَذَتْ مِنْ الأَمَلِ رَفِيقًا "، وَانْتَصَرَتْ عَلَى وَسْوسَاتِهَا وَهاتفَته تَسْتَعْجِلُهُ لِلْمَجَىءِ لِاشْتياقِها لَهُ وَلِتَسْليمِ كُلِّ مَهامِّ المَزْرَعَةِ اَليه ،وَلِلتَّفَرُّغِ لِلرَّسْمِ وَلِمَزْجِ الأَلْوانِ وافِّراغِ الأَحْلامِ فِي أَشْكالٍ فِي لَوْحاتٍ تَعَرُّضِها لِلْبَيْعِ وَيَعُودُ رَيْعُها لِلْبُحُوثِ العِلْميَّةِ حَتَّى أَنَّهَا فَكَّرَتْ بِانْشَاءِ جائِزَةٍ سَنَويَّةٍ لِكُلِّ مِنْ يُقَدِّمُ حُلُولًا " ناجِعَةً وَيَقُومُ بِدِراساتٍ جِدّيَّةٍ لِتَحْسِينِ البيئَةِ وَلِاسْتِمْراريَّةِ الحَياةِ عَلَى الأَرْضِ وَلِتَنْقيه الهَوَاءُ وَتَنْزيهُ الشَّوائِبِ مِنْ التُّرابِ وَلِتَكْريرِ الْمِيَاهِ وَمَنْعِ تَلَوُّثِها .
وَبِالْفِعْلِ كَانَ لَهَا مَا أَرَادَتْ وَبِمُساعَدَةِ نَجْلِها لَا بَلْ بِتَحْفيزِهِ وَمُؤازَرَتِهِ وَموافَقَتِهِ عَلَى تَسْميَتِها :"بِجَائِزَةِ رُوفَانِ مِنْ أَجْلِ عالِمٍ أَنْقَى ".
عَاشَ مَعَ زَوْجَتِهِ يَنْتَظِرُ ابْنَهُ بِشَغَفٍ وَمَعَهُ والِدَتُهُ اَلَّتِي اتَّخَذَتْ مِنْ مُلْحَقِ المَنْزِلِ مَقَرًّا " لَهَا .
تَارِكَةً لِابْنِها وَزَوْجَتِهِ المَجالِ لِبِنَاءِ عائِلَةٍ سَعيدَةٍ وَمُتابَعَةٍ لِأَحْوالِهِمَا عَنْ قُرْبٍ مُتَمَنّيَة لَهُما حَظًّا " وَافِرًا " مِنْ السَّعادَةِ والرّاحَةِ والسَّلامِ .
كَمَا الأَغْرابُ عَاشَتْ فِي أَحْضَانِ زَوْجِها وَخَاصَّةً عِنْدَمَا عَلِمَتْ أَنَّ والِدَةَ زَوْجِها عَرَبيَّةٌ وَمُسْلِمَةٌ.
صُدِمَتْ مَارِيَا وَبَدَأَتْ تَنْفِرُ مِنْ بِدائيَّةٍ عَشقُتْهَا وَمِن روتينيّاتٍ كَانَتْ أُمْنياتُها.
وَكَمَا كُلُّ زَوْجَيْنِ بِدّايَتِهِمَا تَعارَفَ وَتقْبُّلُ وَتَسامُحٍ وَحُبٍّ وَتَقارُبٍ وَتَباعُدَ ،إلَى حِينَ تَغَلُّبِ القَبول ِوالرِّضَى وَرَضَخَتْ مَارِيَا لِواقِعِها الْهَادَىء الرَّصينِ .
وَفِي لَيْلَةِ غَائِكَةٍ كَانَتْ الزَّوْجَةُ تَجْلِسُ فِي الحَديقَةِ وحَماتِها مَعَهَا وَطِفْلَهُمَا فِي أُرْجوحَتِهِ وَطاوِلَةً عامِرَةٌ بِكُلِّ أَنْواعِ الأَطْعِمَةِ وَأَلْوانِ الفَوَاكِهِ وَقالَبُ حَلْوَى يَتَوَسَّطُها والدَّقائِقُ تَمُرُّ كَانَهَا سَاعَاتٌ .
وَبَلَغَتْ السّاعَةُ الثّانيَةُ عَشْرَةَ وَلَمْ يَحْضُرْ رُوفَانِ وَفَقَدَ الِاتِّصالَ مَعَهُ وَحارّْتَ الأُمِّ مَاذَا تَفْعَلُ ؟والزَّوْجَةُ أَجْهَشُتْ بِالْبُكَاءِ.
والْجيرانُ بُيوتُهُمْ مُظْلِمَةٌ عَلامَةٌ عَلَى أنّهِ لَا يوجَدُ أَحَدٌ فِي يَقَظَةٍ وَالكُلُّ نِيَامٌ.وَحارِسُ المَزْرَعَةِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا " كَانَ فِي اِجازَةٍ.
اسْتَعانَتْ الأُمُّ بِأَصْحَابِ العائِلَةِ وَطَلَبَتْ مِنْهُمْ المُساعَدَةَ وَبِالْفِعْلِ جَرَتْ الِاتِّصَالَاتُ وَبَدَأَ البَحْثُ عَنْ رُوفَانِ اَلَّذِي تَرَكَ المَدينَة مَساءً " مُتَوَجِّهًا "إلى مَزْرَعَتِهِ وَكَانَ آخِرُ اتِّصالٍ مَعَ زَوْجَتِهِ تُهَنِّئُهِ بِعيدَ ميلادِهِ وَتُخْبِرُهُ بِاَنَها بِانْتِظَارِهِ هِيَ وَروفانْ الصَّغيرُ وَوالِدَتَهُ .
وَمَعَ الفَجْرِ دَخَلَتْ العائِلَةُ الَّى المَنْزِلِ ،
الصَّغيرُ فِي غُرْفَتِهِ الوالِدَةِ فِي الصَّالَةِ بَيْنَ الهَواتِفِ النَّقّالَةِ والثّابِتَةِ
الزَّوْجَةُ خائِفَةٌ! َرَبَضُ السُّكونِ فَوْقَ المَنْزِلِ وَهَيْبَةِ الظَّلامِ بَدَدتْهَا جَحافِلُ الشَّعَاعَاتِ وَانْبَلَجَ الصُّبْحَ وَلَمْ يَأْتِ رُوفَانِ الأَبُ .
غَفَلَتْ الأُمُّ عَنْ أَمْرٍ كَانَ قَدْ أَخْبَرَهَا ايَاه ابْنُها قَبْلَ النُّزولِ إلَى المَدينَةِ وَعِنْدَمَا تَذَكَّرّتْ أَجْهَشُتْ بِالْبُكَاءِ .
وَمِن مَحاسِنِ الِانْتِظارِ ازْديادُ الشَّوْقِ وَامْتِحانُ الحُبِّ والثَّباتِ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ فِي لِقاءِ مُحَتَّمٍ.
واقِفَةً عَلَى شُرْفَةِ العُمْرِ تُراقِبُ أَيّامَها الرّاحِلَةَ وَتَتَرَقَّبُ القادِمَةَ بِكُلِّ شَغَفٍ لَقَدْ ارْتَبَطَتْ عَوْدَةُ زَوْجِها بِمُسْتَقْبَلِهَا وَحاضِرِها كَمَا ارْتَبَطَتْ بِهِ بِاسْمِهَا وَكيانِها وَتوِّجَتْ عَلاقَتُهُمَا بِوَلَدْ جَميلٍ أَسْمَوْهُ رُوفَانْ تَيَمْنًا " بِأَبِيه . .
مَرَّتْ أَشْهُرٌ والْحالُ كَئيبَةٌ والْحُزْنُ يَمْسَحُ وُجوهَ المُحِبّينَ والْيَقينُ بِرُجوعِ الغائِبِ واقِعٌ رَغْمَ كُلِّ الأَخْبارِ اَلَّتِي لَا تُعْلِنُ عَنْ أَمْرٍ ايْجَابِيٍّ لَقَدْ اخْتَفَى مُنْذُ خُروجِهِ صَباحَ ذَاكَ اليَوْمَ وَلَمْ يَعُدْ .
قادِمٌ مِنْ بَيْنِ الأَشْجارِ غَريبُ الاطّوارِ مُتَرَهِّلٌ عَافٍ لِلِحْيَتِهِ وَيُطْلَقُ صَفّارَتَهُ المَعْهودَةَ رَكْضَتَا الَّى الحَديقَةِ وَوَقَّعَتا مَعًا " مِنْ شِدَّةِ الِاسْتِغْرابِ
جَلَسَ كَأَنَّهُ لَمْ يَغِبْ وَطَلَبَ مِنْهُمَا أَنْ يَرْتاحَ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُخْبِرُهُمَا بِمَا حَصَلَ لَهُ وَلِمَاذَا كُلُّ هَذَا الْغِيَابِ .
وَفِي الصَّباحِ طَوَتْ الزَّوْجَةُ الأَيّامَ وَأُعِدَّتْ لَهُ وَليمَةٌ ،وَجَلَسَ الجَمْعُ والصَّغيرُ وَسَطَ المَائِدَةِ ،وَضِحْكاتِهِ الرَّنّانَةِ وَدَهْشَةٌ !عَلَتْ وَجْهَ الأُمِّ والزَّوْجَةُ عَلَى السَّوَاءِ لَقَدْ تَكَلَّمَ فِي كُلِّ شَىءٍ وَسَأَلَ عَنْ المَحْصولِ وَذ***رَ كافَّةَ الأُمورِ وَلَمْ يَأْتِ عَلَى ذِكْرِ مَا حَصَلَ لَهُ وَلِمَاذَا غَابَ كُلُّ هَذِهِ الشُّهُورِ .
وَبِاَلْنَظَراتِ اتَّفَقَتَا عَلَى تَرْكِهِ عَلَى راحَتِهِ المُهِمُّ أنّْهُ عَادَ وَالأَهَمُّ أَنّهُ بِخَيْرٍ .
رُوفَانِ الأَبُ مَعَ رُوفَانِ الِابْنِ عَلَى مَقْعَدٍ أَمَامَ البَيْتِ وَاَلْسَيِّدَتانِ فِي الصَّالَةِ يَتَبَادَلَانِ أَطْرافَ المُشْكِلَةِ وَكَيْفَ السَّبيلَ لِمَعْرِفَةِ أَحْداثِ ذَلِكَ اليَوْمِ اَلَّذِي رَحَلَ فِيه رُوفَانِ وَرَجَعَ بَعْدَ حِينٍ .
دَخَلَتْ الزَّوْجَةُ مُبْتَسِمَةً تُشارِكُ الأَبَ وابْنَهُ اللَّعِبَ وَاَلْابْتِسامَ والضَّحِكَ وَلَحِقَتْ بِهِمْ الجَدَّةُ وَكَانَ اَلْحِوارُ حَوْلَ رُوفَانِ الصَّغيرِ وَهَلْ سَيَبْقَى هُنَا مَعَ عائِلَتِهِ أَمْ سَيَذْهَبُوا جِمِيعَا" إلَى المَدينَةِ كَيْ يَتَلَقَّى مَراحِلَ التَّعْليمِ كافَّةً وَيَنالُ حَقَّهُ فِي التَّرْبيَةِ وَالتَّعْلِيمِ والتَّرْفيهِ .
وَفِي ذِكْرَى ميلادِهِ الثّالِثَةِ حَزَمُوا الحَقائِبَ وَوَدَعوا الجَدَّةَ اَلَّتِي وَعَدَتْهُمْ بِأَنْ تَزورَهُمْ بَيْنَ القّيْنَةِ وَالأُخْرَى وَهُمْ بِالتَّالِي وَعَدوِّها بِأَنْ يَقْضُوا كافَّةَ الِاجَازَاتِ فِي المَزْرَعَةِ .
رُوفَان يَبْكِي مَعَ رِفاقِهِ وَرَفيقاتِهِ والْمُعَلِّمَةِ تُهْدَىءُ مِنْ رَوَّعِهِمَا والْأَهْلِ يُرَاقِبُوهُمَ مِنْ وَراءِ الزَّجّاجِ .
سُرْعانَ مَا خَفَتَتْ الأَصْواتُ وَانْدَمَجَ الصِّغارُ وَاَلْصَغيراتُ فِي الصَّفِّ لَعِبُوا وَغَنّوا وَلَوْنوا وَجَاءَ المَساءُ وَقْتَ العَوْدَةِ الَّى البَيْتِ.
رَكَضَ رُوفَانِ إلَّى حِضْنِ رُوفَانِ والْأُمُّ فَخورَةٌ بِهِمَا ،وَفِي السَّيّارَةِ وَفِي المَقْعَدِ الخَلْفيِّ رَاحَ الصَّغيرُ يُرَدِّدُ أَقْوالَ المُعَلِّمَةِ تَارَةً وَيُغْنِي أُغْنيَةَ تَارَةً اخْرَى.
مِمَّا أَدْخَلَ السُّرورَ عَلَى قَلْبِ وَالِدَيْهُ وَاتَّصَلُوا بِاَلْجُدَّةِ وَرَدَّدَ رُوفَانِ الصَّغيرُ الأُغْنيَةَ عَلَى مَسامِعِ الجَدَّةِ وَالَّتِي بِدَوْرِهَا امْتَلَأَ قَلْبُها فَرَحًا " وَحُبورًا .
وَتَتَوَالَى الأَيّامُ وَيَكْبُرُ الصَّغيرُ وَيَنْضَجُ وَيُحِبُّ الرَّسْمَ والْأَلْوانَ وَفِي هَذَا يُشْبِهُ جَدَّتَهُ الشَّرْقيَّةَ وَكَانَ ذَكِيًّا " كَأَنَّهُ جَدُّهُ الرّاحِلُ قَبْلَ أَنْ يَرَاه .
رُوفَانْ نَالَ وِسامَ التِّلْميذِ المُمَيَّزِ وَتَفوق عَلَى أَتْرابِهِ وَصَارَ يَكْتُبُ الأَحْرُفَ العَرَبيَّةَ وَاَلْلاتينيَّةَ وَيُعْرَفُ الأَشْكَالَ وَيُتْقِنُ قِراءَةَ بِضْعَةِ كَلِماتٍ وَمِنْهَا اسْمُهُ وَالَّذِي يَكْتُبُهُ مَرَّتَيْنِ :
رُوفَانِ رُوفَانِ لَا بَلْ يُعْرَفُ مَعْنَاه وَهُوَ فَخُورٌ بِهِ وَبِأَنَّهُ عَلَى اسْمِ أَبِيهِ
وَمِن عَجائِبِ القَدَرِ أَنْ يَلْتَقيَ الأَبُ مَعَ حُبِّهِ الأَوَّلِ وَالَّذِي غَابَ بَاحِثًا " عَنْهُ وَعِنْدَمَا لَمْ يَجِدْهُ عَادٌ وَهَذَا هوَ سِرُّ غيابِهِ وَقْتَئِذٍ وَلِأَنَّهُ شَعَرَ بِأَنَّ حَبيبَتَهُ مُمْكِنٌ أَنْ تَكونَ حَامِلًا " وَلَقَدْ تَزامَنَ تَرْكُهُ لَهَا مَعَ إعِّلانِ زَواجِهِ بِزَوْجَتِهِ مَارِيَا .
رَآهَا مِنْ بَعيدٍ تَمَسُّكَ بِيَدِهَا طِفْلَةٌ جَميلَةٌ مُمْكِن أَنْ تَكونَ بِعُمَرَ رُوفَانِ أَوْ أَكْبَرَ.
وَلَكِنَّها تَشَبُّهُهُ . . . نْعْمْ تُشْبِهُ رُوفَانِ الأَبِ!
احْتَارَ فِي أَمْرِهِ هَلْ يُغْلَقُ مَاضٍ الَّى الأَبَدِ أَمْ يَفْتَحُ أَبْوابَهُ وَيُؤَكِّدُ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ .
وَخائِفًا " عَلَى عائِلَتِهِ مُتَرَدِّدًا " حَتَّى فِي اَلْقاءِ التَّحيَّةَ مَشَى وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْأَحْدَا " وَفِي قَلْبِهِ غصَّةٌ وَفِي وَجْدانِهِ وَجَعٌ عَظيمٌ
تَغَيُّرَ رُوفَانِ وَصَارَ حَزِينًا " رَغْمَ نَجاحِهِ فِي عَمَلِهِ وَرَغْمَ سَعادَتِهِ مَعَ زَوْجَتِهِ وابْنِهِ.
وَهُوَ كَانَ قَدْ أُسَرَ لِوالِدَتِهِ بِأَمْرِهَا، وَقَالَ لَهَا أَنَّهُ يَبيعُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِأَجْلِ عَيْنَيهَا ،وَهَذَا كَانَ قَبْلَ أنْ يَعْرِف أَنَّهَا حامِلٌ وَأَنَّهَا أنْجَبَتْ ابْنَتَهُ نَعَمْ ابْنَتَهُ اَلَّتِي تَشَبُّهُهُ كَثِيرًا " حَتَّى أَكْثَرَ مِنْ رُوفَانِ الِابْنِ .
وَيَعْبَثُ القَدْرُ فِي حَياةِ طِفْلَيْنِ لِلْبَرَاءَةِ عُنْوانَ وَتَحْضُرُ الصَّغيرَةِ مَعَ والِدَتِها حَفْلَ نِهايَةِ العامِ وَيَحْضُرُ رُوفَانِ وَمَعَهُ أَبِيهُ وَأُمُّهُ وَجَدْتُهُ .
وَعِنْدَمَا رَآهَا رَكَضَ اَليها غَيْرَ آَبَهٍ بِأَحَدِ حَضَنِهَا وَقَبّلَها وَعَرَّفَها عَلَى عائِلَتِهِ وَبِالتَّالِي هِيَ قدِّمَتْ لَهُ والِدَتَها .
أَمْسكَ الوالد بِيَدِ والدة رونا وَناظِرًا " فِي عَيْنَيهَا مُنْتَظَرًا " اِشارَةً مِنْهَا تُؤَكِّدُ لَهُ أَنَّ رُونًا هِيَ ثَمَرَةُ عِشْقٍ لَمْ يَدُمْ طَوِيلًا " .
وَلَوْلَا تَصْفيقُ الأَهَالِي وَكَلِمَةُ المُديرَةِ لِما تَرْكَها أَبْدَا" اسْتَفَاقَ رُوفَانِ الأَبُ وَجَلَسَ الجَميعُ وَصَّفْقوا لِلْوَلَدَيْنِ وَرَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ إلَّى مَنْزِلِهِ مَعَ شَديدِ اسْتِغْرابٍ وَكَثيرٍ مِنْ الِاسْتِفْهامِ مِنْ الزَّوْجَةِ وَمِن الجَدَّةِ وَمِن رُوفَانَ نَفْسِهِ .
وَحَتَّى لَا يَفْقِدَ رُوفَانِ الصَّغيرُ رَوْنَقُ النَّجاحِ صَمْتَ الجَميعِ تَارِكِينَ الِإجابات مُؤَجَّلَةً مُسْتَمْتِعينَ بِوَلَدِهِمْ وَفَخورينَ بِتَمَيَّزِهِ وَبِتَفوقِهِ .
وَمَرْوًا عَلَى مَحَلٍّ لِلْأَلْعَابِ اخْتَارَ رُوفَانِ هَديَّتَهُ وَقَفْلوا عائِدينَ الَّى المَزْرَعَةَ لِتَمْضيَةِ اِجازَةِ الصَّيْفِ بِكُلِّ مَحَبَّةٍ وَوِئامٍ
وَفِي طَريقِهِمْ الَّى المَزْرَعَةُ جَاءَهُمْ اتِّصَالًا " مِنْ والِدَةِ رُونَا تَطْلُبُ مِنْهُمْ الذَّهابَ مَعَهُمْ .
وَصَلوا الَّى المَزْرَعَةِ وَجَلَسُوا فِي الحَديقَةِ بِانْتِظَارِ تَناوُلِ العَشاءِ مَارِيَا وَوالِدَةُ رُوفَانِ الأَبُ فِي المَطْبَخِ يَحْضُرَانِ الطَّعامَ
رُوفَانِ الِابْنُ وَمَعَهُ رُونَا الصَّغيرَةُ يَلْعَبَانِ فِي اَلْأُرْجوحَةِ،
وَروفانْ الأَبُ وَوالِدَةُ رُونَا وَحْدَهُمَا فِي جَلْسَةٍ هادِئَةٍ يَثْرِثْرَانِ مَعَ بَعْضِهِمَا عَنْ أَيّامٍ جَميلَةٍ كَانَتْ
وَمِن وَراءِ النّافِذَةِ وَقَفَتْ مَارِيَا تُراقِبُ بِعَيْنَيْنِ ثّاقِبَتَيْن وَتَشْعُرُ بِأُمورٍ تَرْفُضُ تَصْديقَها وَتَدْعَمُهَا والِدَةُ رُوفَانِ بِقوَّةٍ وَتَطْلُبُ مِنْهَا أَنْ تَتَغَاضَى عَنْ كُلِّ شَىءٍ وَتُحَافِظُ عَلَى عائِلَتِها .
اجْتَمَعُوا أَكَلُوا تَبَادَلُوا الحَديثَ وَتَجَنُّبَ الجَميعِ تَداوُلَ الحَديثِ عَنْ صَداقَةِ رُوفَانِ الأَبِ مَعَ والِدَةِ رُونَا
. . .
وَفَجْرًا " حَزَّمْتَ حَقيبَتُها وَقَبِلَتْ ابْنَتُها وَأوْدَعَتْهَا عِنْدَ رُوفَانِ الكَبيرِ والصَّغيرِ وَتَوَجَّهَتْ نَحْوَ المَدينَةِ بِدُونِ مُبَرِّرٍ لِتَرْكِ طِفْلَتِها وَلَا شَرْحَ لِذَلِكَ الأَمْرِ....
الأُمُّ صاحِبَةُ العَطْفِ والرَّأْفَةُ عامِلَتْ رُونًا بِحَنانٍ وَحُبٍّ وَاهْتَمَّتْ بِهَا وبروْفانِ الصَّغيرِ ،بِمُساعَدَةِ والِدَةِ زَوْجِها . . .