حكاوي العشاق الفصل الثاني

3184 Words
خرج دياب من القصر يتنفس الصعداء غير مصدق أنه قد نجا من بطش أبيه، غير متصور لما حدث، يلعن جبنه و تقاعسه عن الاعتراف بتلك الحقيقة التي أخفاها لسنوات طوال، يأكله ندمه على ما تسبب فيه لزوجته وأولاده، يضحك عليه شيطانه  بباب "لو" فلو كان اعترف منذ زمان ما تكبد الشقاء ليغلق ذاك الباب بمشيئة الله و توقيت القدر، فكل شيء بميعاد، استنشق نفسًا عميقًا، نفس الحرية والخلاص من قيود البعد والهجران، وزفره بقوة ليخرج معه آهات طالما سكنته، لم يكن حتى يجرؤ أن يبوح بها. هاتف نوال بكل شوق:- كيفيك يا حبه العين والجلب؟ - مش معقول!! ده أنت لسه مكلمني من كام يوم مش مصدقه أنك بتكلمني تاني بسرعه كده، إيه الحاج جري له حاجه بعد الشر عنه. ابتسم:- أهي طيبتك وحنيتك دي اللي مخلياني دايب في عشجك دوب، لساتك بتسألي على أبوي وخايفه عليه مع كل اللي احنا فيه بسبب خوفنا منيه. - يا غالي ده الحاج الخير و البركه، ابوك وواجب عليك تراضيه، وما تزعلوش، و هيجي يوم بإذن الله ويرضى عننا وآوان البعاد ينقضي، بس كله بأمر الله لسه الميعاد ما جاش. - خلاص يا نوال زمن البعاد خلص، آني جايلك. - إيه جايلي! طب احلف، ازاي هي مراتك مش جايه معاك سابتك ازاي؟ هي عيانه وإلا إيه؟ - واللي خلج الخلج جاي، ومش اكده ده أنا عاكلمك وآني في الطريج، آني جلت لأبوي على كل حاجه وهاتيجوا تعيشوا معاي. لم تصدق ما سمعته أذناها:- بجد وإلا بتهزر. -  وده موضوع نهزروا فيه خبري العيال إني جاي. انتهت المكالمة وهي غير مصدقه، أيعقل أنها تحلم، لا لم تكن تحلم لقد هاتفها فعلًا، إنه حقًا قادم، أيعقل يا الله أن يكون آوان اللقاء الدائم وسكينة القلوب قد حانا، ولكن كيف ذلك؟ ما الذي حدث؟ كيف سيأخذهم؟ هل وافق الحاج فارس؟ وكيف ستكون حياتهم هناك؟. دخلت دلال من الباب متجهمه الوجه ويبدو عليها الغضب أخرجها ذاك التجهم والغضب المرسومين على وجه ابنتها من دهشتها وتعجبها و تساؤلاتها التي لن تجد إجابتها سوى عند زوجها، لتقول :- إيه يا بت بطني مالك؟ بتتخانقي مع دبان وشك ليه؟ فقالت:- ولا حاجه يا ست الكل انطردت من الشغل ومن بكره هالف السبع لفات عشان أدور علي شغل تاني، ويا عالم بقى هألاقي شغل امتى، ربنا يتولانا. ضحكت نوال :- مش مهم، خلاص مش مهم، أيام الشقي والبهدله راحت خلاص. في هذه اللحظة دخل سامي ولطفي بينما تنظر دلال لوالدتها بحيرة من ردة فعلها المعا**ة تماما لذلك الخبر الذي ألقته على مسامعها:- مالك يا ماما للدرجة دي الخبر صدمك ومش عارفه تعبري فبتضحكي، باقولك انطردت. فابتسمت نوال:- طب قوليلي الأول، انطردتي ليه؟ جلست على الأريكة قائلة:- ما هو اعتبريني انطردت، صحيح أنا مشيت بمزاجي بس كان لازم أمشي، بدل ما يمشوني هم، اسمعي يا ستي، سياده البيه ابن المدير فاهم اكمني فقيره هارضى أبيع نفسي ليه وهددني إنه هيتهمني بالسرقه لو ما طاوعتوش، فكل اللي عملته إني فكرته إن المحل مليان كاميرات وشغاله وبما إنها شغاله فأنا عاوزاها تصور مشهد حلو، وبصيت للكاميرا وبأعلى صوتي قلت الكلام اللي هو قاله عشان أبوه يشوفه ما أنا كنت عارفه إنه في الدور التاني ولازق في الكاميرات يراقب، وبعدين يا ست الكل قلعت الشبشب واديته فين يوجعك والناس خلصوه مني بالعافيه ومشيت" احتضنها سامي ولطفي:- عشت يا دودوو احنا هننزل دلوقتي نكمل عليه هو فاهم إن بنات الناس لعبه. احتضنتهم نوال:- هي دي تربيتي، أبوكي لما يعرف هيفرح بيكي، أول ما يوصل هاقوله. - لا إله إلا الله ، مالك يا ماما، مين اللي هيوصل؟ ردت نوال بثقه:- أبوكي يا عيون ماما. فتحت دلال عيناها اندهاشًا:- بتهرجي! وصاح لطفي وسامي فرحًا فابتسمت نوال:- أيوه افرحوا يا ولاد، مش بس كده أيام الشقي والتعب راحت خلاص، هتبقوا في حضن أبوكم على طول، وهتعيشوا وتتنعموا بعز جدكم. تشبثت دلال بذراعها كطفلة صغيرة:- ماما وربنا بتتكلمي جد! فقالت نوال:- ودي حاجه فيها هزار، يالا بقي جهزوا هدومكم وحاجتكم. ردت دلال:- يا ما انت كريم يا رب، بس يا قلبي هدوم إيه اللي هناخدها معانا، هو احنا عندنا هدوم تنفع عند الناس الكبره دول؟ فوضعت نوال يدها على ذقنها متسائلة:- صح يا بنتي ده احنا هنبقي وسطيهم شكل الخدامين، لما أبوكي يجي نقوله ونشوف هيعمل إيه. انشغلوا في تحضير الطعام وترتيب المنزل كي يكون ملائمًا لاستقبال الغالي الذي طال انتظاره، يتوسلون لتلك الدقائق أن تهرول حتى يحين موعد اللقاء، كل منهم يمنى نفسه بالقادم، ويبني قصورًا من الأحلام. دق جرس الباب هرولت نوال مسرعة تستبق الكل، لتفتح الباب وتلقي بنفسها بين ذراعي حبيب الروح، تروي ظمأها لتلك الضمة التي طالما اشتاقت لها، كحاله هو الآخر شعر أن روحه قد ردت له وعادت تسكن جسده، الآن فقط أحس بأنه كامل، سيطر على مقاليد شوقه، وكبح جماح رغبته بها، وهمس بأذنها قائلًا:- عاشجك كيه أول يوم، كفايه جدام العيال إكده. ترقرقت الدموع في عينيها مبتسمة وتركت حضنه ليفتح ذراعيه و يحتضن ولديه قائلًا:- واه واه بجيتو رجاله طولي ربنا يحميكم يا سندي وعزوتي. وأخذ الصبيان في تقبيله واحتضانه أخذ يضحك قائلا :- طب هملوني أسلم على ست البنته، وإلا أنتي ما رايداش تسلمي عليّ يا حبه جلب أبوكي. كانت تقف تراقبهم، وهي تدعو الله أن لا يكون حلمًا **ائر أحلامها التي طالما تمنت فيها وجوده وسطهم، لكنها حقًا لا تحلم، إن وجوده الآن بينهم حقيقة واقعية، إنه حقًا يقف هناك والدها الوسيم زينة الرجال الذي طالما منت نفسها بحضنه لها و بقربه منها، بالرغم من أنها كانت تظهر غير ذلك لغضبها منه، فلماذا لا يعطيها و أخويها حقهم فيه، لماذا يحرمهم من قربه وحنانه وأمانه وماله، كانت قدماها متيبستين لم تقو على الحراك، كان يشعر بها و بكل ذلك الاضطراب المعتمل في ص*رها ليقترب منها محيطا إياها بذراعيه لتنفجر في بكاء هستيري. ربت عليها:- ليه البكا عاد والله ما أفارجكم تاني واصل يا بتي. بصوت متهدج من أثر البكاء قالت:- أنت مش عارف أنا كنت محتاجاك قد إيه ولا أنا كان نفسي في الحضن ده ازاي. احتضنها بشدة :- خلاص يا بتي زمن الفراج ولى ومهيعودش تاني، يا الله بجي أني جعان جوي، الطريج طويل وما رضيتش أحط الزاد في خشمي إلا معاكم . ردت نوال:- ثواني والأكل يبقي قدامك. تساءل دياب:-عتوكليني إيه يا ست الستات؟ - لقمه كده على ما قسم مسقعه ورز ب*عيريه. - لا، أول وكل لينا سوا ما يبجاش من غير زفر، إلبسي خلجاتك انتي والعيال هنتعشوا بره بسرعه آني واجع من الجوع. دخل الأولاد لتبديل ملابسهم لينظر دياب لـنوال نظرة تفيض شوقًا واقترب منها قائلًا :- همي غيري خلجاتك بسرعه فقالت بدلال:- تعالى معايا. فرد بكل رغبة:- آني لو جيت معاكي مش ههنطلعوا وضحك، ادخلي. وجلس في الصالة إلى أن ينتهوا، أخذ يتأمل الأثاث البالي والدهان المتقشر والشروخ التي ترسم لوحات سيريالية في الجدران، ويتحسر على ما فيه أولاده، دخل المطبخ ليجد صينية المسقعه، وحلة الأرز بالشعيرية تتربعان على عرش الموقد، فتح الثلاجة المتهالكة ولم يجد فيها إلا طبق الجبن والقليل من الطماطم ولم يجد بها أي لحوم أو دواجن. أخذ يلعن نفسه وتجابنه فلو كان قرر إخبار والده منذ زمن ما كان أولاده عاشوا في هذا الفقر المدقع. خرج الولدان من غرفتهما نظر لهم دياب نظرة مطوله و**ت واحتضنهم خرجت دلال ترتدي بنطلون من الجينز الأ**د و بلوزه قصيره باللون الأحمر. فتجهم وجهه:- أنتي عتخرجي إكده. نظرت لنفسها:- أيوه يا بابا يا سكر ده أنظف طقم عندي والله. خرجت نوال ترتدي عباءة سوداء تبدو جديدة قائله:- أهو لبست لك أجدد حاجه عندي، العبايه دي عبايه العيد الصغير بتاع السنه اللي فاتت كنت عايناها لو جالنا مناسبه يعني، بس ما فيش مناسبه أحلى من دي. لاحظت تجهمه فسألته :- إيه يا أبو الرجاله مين قلب مزاجك؟ رد محتدًا:- اللبس بتاع بتك ده ما ينفعش واصل، لافيها عبايه حشمه من عند*ك لحد ما نشترولها لبس حشمه. نظرت دلال له متعجبة:- عبايه هاخرج معاك بعبايه! فقال ممسكًا أذنها:- يا بت نوال كل اللي فات تنسيه كنه ما حصلش، من النهارده كله هيبجي حاجه تانيه، البسي عبايه من عند أمايتك، وهنزل في السريع إكده نشتروا لكل واحد فيكم طجم جديد قبل ما نروحوا ناكلوا وبكره نكملوا. صاح الكل فرحًا فاستطرد :- اللي ليه حاجه ضروريه اهني يجيبها، احنا مش هنباتو هنيه وجيبوا أوراجكم المهمه. تساءلت نوال:- أومال هنبات فين؟ وضع ذراعه عليها:- في أحسنها فندج في البلد يا روح الروح. تعالت أصوات الصياح الفرحه ليضع يديه على أذنه ضاحكًا:- بس عاد صنجتوني. ثم قال لـنوال:- هاتي مفتاح الشوجه عشان نسلموها لصاحبها. فردت :- حاضر من عنيا. وجمعوا ما يحتاجون، وأغلقوا الشقة وتوجهت نوال للشقة المقابلة فهي شقة صاحب المنزل، فتحت لها الباب روحيه زوجه صاحب المنزل بادرت نوال بالسلام:- السلام عليكم . ردت روحيه:- أهلا نوال، إيه يا حبيبتي جايه تدفعي المتأخر اللي عليكي. فلمحت دياب لتقول:- ومين البيه ده يا اختي، انتوا تعرفوا الأشكال النظيفه دي منين؟ تأبطت نوال ذراع دياب قائلة في زهو:- ده البيه دياب جوزي اللي كنت باحكيلك عليه وتقوليلي كدابه. عقدت الدهشة ل**نها ثم تغلبت عليها لتقول:- اللهم صل علي النبي اتفضل يا بيه اتفضل.  وفتحت الباب علي مصراعيه رد دياب:- نادميلي على جوزك. ضيقت عينها وقطبت جبينها متعجبة:- نا.... إيه يعني إيه؟ فقالت نوال موضحة:- روحي اندهيلي الحاج خضر، وخلصينا. فردت روحيه:- طب شرفنا جوه يا سعادة الباشا. فرفع كف يده بأن لا:- معهلش في وجت تاني مستعجلين ورانا مصالح هنجضوها. فأدارت روحيه رأسها للداخل وصاحت:- يا خضر، يا خضر تعال كلم سعادة الباشا. ليطل خضر متعجلًا وهو يرفع بنطلون بيجامته ال**تور لكي لا يسقط منه مستفهما:- سعادة الباشا مين؟ هو احنا نعرف باشوات يا ها**ه؟ وما أن رأى دياب حتى تهللت أساريره وارتسمت على وجهه ابتسامه عريضة كشفت عن أسنانه التي نخرها السوس وتساقط معظمها ليقول والفضول يحتله عن سبب تشريف هذا الثري له:- اتفضل يا باشا أيتها خدمه، أؤمرني. فلكزته روحيه بمرفقها في جانبه:- ده البيه جوز نوال جاي يدفع المتأخر. فحك رأسه كأنه يتذكر مقدار ما تدين له به:- وماله متأخر على الست نوال إيجار ثلاث شهور، وأنا والله يا باشا ما كنت بكلمها ولا بطلبهم. نظرت له نوال نظرة معناها (أيها الكاذب) تأفف دياب مخرجًا محفظته الجلدية:- رايد كام يعني المبلغ كلاته جد إيه؟ ففرك يديه استعدادًا لامساك النقود ألف وميتين جنيه يا باشا. فعد دياب النقود وناوله إياها:- اتفضل آدي الجرشينات وآدي مفتاح الشوجه مش لازمنا وكل اللي فيها ما يلزمناش اتصرف فيه وبيعه وطلع ثمنه لله. لتضيف نوال:- بس خشي بسرعه خدي الأكل اللي على البوتجاز، صينيه مسقعه و حله رز بالشعيريه يستاهلوا بقك. لينزلا الدرج تاركين خلفهما روحيه وخضر غير مصدقين. أغلقت روحيه الباب والسرور يعتريها:- هنجيب بتاع الروبابيكا الصبح ونبيع كل حاجه وهنطلع بقرشين حلوين. وافق خضر على كلامها وهز رأسه :- قال نطلعهم لله قال ما احنا برضه لله. وأخذ يضحك حتى اهتز كرشه. خرجوا من مدخل المنزل ليجدوا "حوده" الميكانيكي واقفًا أمام السياره الفارهة (بارادو) من تويوتا ذات الدفع الرباعي واضعًا يده على الباب، ليمنع دياب من الركوب قائلًا :-لا معلش ما فيش ركوب إلا لما أعرف أصل العباره إيه. ونظر لنوال قائلًا:- إيه يا أم دلال، مش أنا طالب منك إيد السنيوره، إيه هتجوزيها لثري عربي بقي وتعيشوا وتديني صابونه، ده أنا كنت مشغل الواد سامي والواد لطفي مكرمه بس عشان خاطر عيون دلول اللي عليها العين، إيه هتخلوا بيا و تزحلقوني، ده ما يحصلش أبدا دي فيها حق عرب. تضايقت نوال وعلت نبره صوتها :- إيه يا حوده هو أنا كنت عشمتك بحاجه، وإلا قلت لك شور البت في إيد أبوها لما يبقى يرجع. هز رأسه مصدقًا على كلامها:- تمام يا ست الكل وأنا مستني أبوها، أومال مين بقي الثري العربي ده؟ وراحين معاه على فين؟ فأمسكه دياب من تلابيبه قائلًا بغضب:- الثري العربي ده يبجي أبوها، وبتي اسمها دلال هانم مش دلول، وولادي اسمهم سامي بيه و لطفي بيه، وتعتبر انك لا شفتهم و لا عرفتهم جبل سابج. فحاول حوده تخليص نفسه:- أنا مش فاهم حاجه ومش راكب في دماغي الكلام ده. قالت نوال:- امشي من هنا يا حوده، لو حطك في دماغه هينهيك، انت مش عارف انت بتكلم مين. حاول حوده تصنع القوه:- أنا ما يهمنيش حد. وأخرج سلاحًا أبيض من جيبه الخلفي فعاجله دياب بلكمه قويه أسقطته أرضًا وركب الجميع السيارة ونوال تضحك قائلة:- حوش اللي وقع منك. وقادهم دياب خارج الحارة ملقين وراء ظهورهم أيامًا لم يروا فيها إلا الشقاء والفقر المدقع ممنين أنفسهم بالراحة القادمة وصلوا أمام أحد المولات المليئة بالماركات العالمية أدخلهم دياب إلى أحد المحلات التي يعرفها ويتعامل مع مالكها دائمًا. فور رؤية ماجد مالك المحل لدياب هب من جلسته فرحًا :- يا أهلا وسهلا بالعمده الغالي أؤمر يا باشا، نورتنا المحل كله تحت أمرك. - أخبارك ايه يا ماجد، رايدين خلجات زينه، أحسن خلجات عند*ك، طجم لكل واحد من عيلتي الحلوه دي وبكره نكملوا الباجي. نظر البائع لهم متعجبًا كيف تكون هذه الاشكال عائله هذا العمده، لكنه بالطبع نادى على عماله و أفهمهم مركز دياب، وأن يتعاملوا مع العائله معامله طيبه، تعجب العمال أيضًا لكن هذا عملهم. قال دياب بصوت مرتفع وهو يجلس بجوار ماجد:- عبايه يا دلال، عبايه. ضحكت دلال :- حاضر يا كبير اللي تؤمر بيه على راسي. وخرج الجميع بملابس جديده ووضع دياب الملابس القديمة في كيس ونادى على عامل الجراج وأعطاها له ومعها مبلغ من المال. أتبع العامل ذلك الفعل بدعوات له ولعائلته بالسعادة والستر والصحة، ابتسم دياب فرحًا واستقلوا السيارة لمطعم آخر يحبه يقدم أفخر أنواع المشويات و تناولوا عشاءهم في سعادة بالغه، ثم أخذهم لفندق شيراتون الذي يرتاده دائمًا وحجز للولدان غرفة ولدلال غرفة و غرفة له ولمحبوبته نوال، ثلاث غرف متجاورات. صعد كل منهم لغرفته ونبه دياب عليهم بأن أي شيء يخطر على بالهم فليطلبوه فورًا من خدمه الغرف - كل اللي نفسه تشاوره على حاجه يطلبها يا عيال. و دخل أولاده إلى غرفهم، انتظر إلى أن أغلقوا أبوابهم وفتح باب غرفته، همت نوال بالدخول فأمسك يدها:- على فين يا عروسه؟ ضحكت بنعومة:- داخله الأوضه. غمز بعينيه:- كده لحالك ما يصوحش . وحملها ودخل الغرفه وأغلق الباب بقدمه وأجلسها برقة على السرير:- يا بووووووووي مشتاج يا نوال، مشتاج والشوج جاتلني . ردت بخجل :- طب ... أنا ... مش جاهزه. تقطب جبينه:- أباه، معذوره إياك. - لا بس .... مش جاهزه يا ديب. ضحك ضحكة عالية:- مايهمش اجهزي بعدين آني ما جادرش، بسم الله. وخلع جلبابه وانقض على السرير ليعزف على قيثارة الرغبة والشوق، ويحاول إرواء عطشه الشديد لها الذي استبد به حتى لكأن روحه أضحت صحراء جرداء، لكنه الآن يرويها بكل حب و شوق، أخيرًا حانت لحظة لقاء الأحبة، أخيرًا سيكمل نقص روحه وهي بين ذراعيه، حتى أنهكهما اللقاء وتوسدت ص*ره ليغطا في نوم عميق لم ينعما به منذ مدة طويلة جدًا، أخيرًا استعادت شعورها بالأمان والسكينة، أخيرًا شعرت باستقرارها بجوار مليك فؤادها. استيقظت نوال فوجدت الظهر قد ولى والساعة اقتربت من الثالثة عصرًا، ابتسمت و هي تنظر لرفيق روحها بحب وطبعت قبلة على ص*ره ثم قالت: - دياب يا ديبو، اصحي بقي بلاش **ل، اصحي بقي. ضحك دياب:- حد يبجى في حضنه الجمر ده و يصحى، آني بالشكل ده ما هاصحاش آني هادسك في حضني إكده وناموا تاني. - لا اصحي بقي العيال زمانهم صحيوا من بدري يقولوا علينا ايه. - يجولوا ان أبوهم مشتاج لامهم ورايد يطفي الحريجه اللي في جلبه. ض*بته ض*به خفيفه :- اتلم يا راجل بقي يا الله فوق كده وخذ لك دوش. ابتسم وهو يغمز لها. تجهزا وهاتفا الأولاد في غرفهم ليستعدوا، ليتقابلوا أمام باب الغرفة فقال دياب وهو يحتضنهم:- ها شجيتوا ريجكم يا ولاد وإلا لساكم على عشا امبارح. قالت دلال بغير فهم:- عملنا إيه يا بابا. ضحكت نوال: - قصده غيرتوا ريقكم فطرتوا يعني. ابتسمت دلال:- آه طلبت فطار الصبح. ضحك سامي :- احنا كمان فطرنا لا مش فطرنا، ده لطفي باشا ما بطلش اكل من امبارح. رفعت نوال حاجبيها :- ما بطلش أكل من امبارح، ليه يا ابني انت كان لسه في بطنك مكان ده انت امبارح واكل أكتر من كيلو كباب وكفته لوحدك غير البطاطس والطحينه والسلطات، نفسي اعرف بتودي الأكل ده فين. ضحك لطفي وهو يفرك بطنه:- يا نونو يا عسل السهره طولت بقي قدام القنوات امبارح وكنت باتسلي. قال سامي ممسكًا لطفي من كتفيه:- تتسلي يا مفتري، ده طلب من المطعم يبعت يجيبله بيتزا من بيتزا هت حجم عائلي بمستلزماتها، وصحي من النوم محسسني انه ما كلش بقاله سنه وطلب برجر، ومش هاجيب سيره الشوكلاته اللي كانت ماليه ثلاجه الفندق واللي الحمد لله اتنسفت. أخذ دياب في الضحك حتى دمعت عيناه:- سبحان الله كيه جدك الكبير لطفي الله يرحمه كان علي طول جعان ولا يبانش عليه الوكل، وأنت يا سامي كيه جدك الكبير سامي لجمته قليله. قالت دلال وهي تتشبث بذراعه:- وأنا بقي زي مين؟ فاحتضنها قائلًا:- انتي يا حبه عين أبوكي كيه جدتك دلال زينه وما فيش في حلاوتها ولا جمالها ولا عجلها، وبما ان الكل فطر يبجوا يا الله بينا نلحجوا وجتنا و نشتروا طلباتكم. أخذوا في شراء كل ما خطر على بالهم من أفخر الثياب وكل ما يلزمهم كما اشتروا حقيبة كبيرة لكل منهم وضعوا بها ما اشتروه. نبه دياب جيدًا على دلال أن البيجامات التي اشترتها للنوم فقط ولا تفكر في ارتدائها خارج غرفتها قائلًا :- الجصر فيه شباب وخدامين، جدك يجتلك لو شافك إكده. فرفعت يديها بالتحيه العسكريه:- حاضر يا بابا أوامرك. أسبوع مر عليهم يتسوقون ويمرحون ويفعلون كل ما تمنوه يومًا ما أو خطر على بالهم، وهاتفوا الجد ليعلموه أنهم في الطريق وبينما هم في الطريق قال دياب:- اسمعوا يا عيال وانتي يا نوال واسمعوني زين جدكم الحج فارس هو كبير عيله العزايزه وكلمته سيف علي رجاب الكل ما حدش يتنيها معاه ،اللي يجول عليه يتنفذ من غير ولا كلمه، آني متجوز تلات حريم وجيده بت خالي حسن الله يرحمه، وحسيبه بنت عمي عمران، ودول كيه البلسم ولا يمكن يزعلوا أيتها مخلوج وآني عارف إنهم عيحبوكم وعيخافوا عليكم من الهوا الطاير زيي بالضبط، أما اللي ما لكوش صالح بيها هي دريه بت عمي جمال، دريه وما تزعليش يا نوال تحبني حب واعر جوي وهي دي اللي ممكن تضايجكم بس ما تخافوش وما تدسوش عني أي حاجه تعملها معاكم وآني هاوجفها عند حدها وكلاتهم جاعدين في ثالث دور من الجصر، والدور التاني جاعد فيه جابر خوي و مرته راجيه أخت حسيبه وعنديهم جسار ورضوان وعمار، الصعيب بينهم خوي جابر وابنه جسار، أما بجى الدول الاول جاعد فيه خوي وهدان ومرته صفيه أخت وجيده وعنديه رجيه وزهره ودول كيه النسمه وما فيش أطيب منيهم وبرضك عارف إنهم عيكونوا ليكي كأنهم خياتك يا دلال، والباجين الخدم، و ناس من أهلنا تحب تساعدن في البيت، المهم عندي تكونوا جد المسؤليه، وكيه ما ربتكم نوال وآني عارف إنها ربت رجاله، بتي حبيبتي ما لهاش صالح بولاد عمها سلام عليكم عليكم السلام، وانتوا يا ولاد ما لكوش صالح بحريم الدار احنا الغلطه عندينا مش بالساهل، فيها جطع رجاب، جدكم ما هيتهاونش واصل في الغلط، وجدكم وجدتكم اول ما تناظروهم تحبوا على يدهم. عقبت نوال:- تبوسوا إيديهم يعني. بعد فترة وصلوا لنجع العزايزه، ليتفاجئوا أن الكل يلوح لهم، فالخبر كان قد أعلن في النجع بوصول زوجه دياب بيه المصراويه وأولاده، غمرتهم السعادة والسرور من ذلك الترحيب الذي لاقوه من السائرين حولهم، إلى أن وصلوا أمام بوابة القصر لتفتح البوابة يرافقها دوي الأعيرة النارية المرحبة بهم و التي أرعبتهم في البداية ، أوقف دياب السيارة ونزلوا يناظرون ما حولهم من جمال ، ليجدوا الجد فارس في الحديقة مرحبا بهم :- يا مرحب بعيله ولدي. نظرت دلال لجدها تتأمل ملامحه إنه طويل، عوده شديد غير منحني، برغم أن والدها أخبرها أنه تجاوز السبعين لكنه يبدوا كالشباب قويًا، يرتدي جلبابه الصعيدي، ممسكًا عصا سوداء تبدو قويه كجدها ملامحه تجذبك لها على الرغم من الجدية الواضحة على قسمات وجهه، ممسكًا بيده سيجارا كوبيا كالذي تراه بالأفلام. اقتربت منه نوال أولًا وانحنت ممسكة يده لتقبلها فربت على رأسها: - زين زين عارفه عوايدنا. - انت الخير والبركه يا بابا . - لاه بابا إيه، بابا دي هناك عند*كم، هنيه تجولي يا بوي. فأومأت برأسها:- حاضر يا بوي. تقدمت دلال لجدها الذي تسمر أمامها فلقد كانت نسخه مصغره من زوجته - أنا دلال يا جدو. انحنت قبلت يده فربت على رأسها قبل الولدان يده فاحتضنهما حضنًا مطولًا - أخيرًا نسل ولدي الكبير وسلساله من الرجاله، إياك تكون أساميكم كيف الاسامي الماسخه تامر وهيثم. فضحك الولدان قائلان :- أنا سامي :- وأنا لطفي فاحتضنهم بقوة:- سبحان الله ما كدبش ابوكم لما جال إنكم شبهنا، إنتوا كيه جدكم لطفي وسامي في صغرهم، يالله على الجصر.  
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD