بسم الله الرحمن الرحيم
ضد اللمس
الفصل الاول
انفاس متقطعة ما بين الركض و السقوط ثم النهوض و من بعدها اكمال الركض بخفقان شديد علها تفر من ذلك الكابوس ، نعم تتمنى ان يصبح كابوس فلا كاقة لها بتحمل عواقب ما حدث لها خاصة انها ليست المذنبة و لكن عليها تحمل العواقب فقط ، و لكن امام من ؟
امام المجتمع و اهلها و ذويها الا قلة منهم سيرأف بحالها بل و سيساندها و يشجعها و هذا ما يحدث في الحالات المماثلة .
ظلت تنظر خلفها و هي تركض و الرهبة متملكة منها ، فها هي تحاول تجميع شتاتها و المام ما تبقي من ذاتها لعلها تفر ببرائتها و عذرية نفسها المهملة من قبل الجمع و من حولها او من يطمع بها و بجمالها الخلاب ، او من الممكن ان تكون انفس مريضة شهوانيه لا تريد سوى انتهاك عرض تلك الفتاه و تدنيس اخرى ، و سرق براءة ثالثة و لن يتوقف الامر لذلك الحد ماداموا احرار لا يوجد من يوقفهم ، و من الممكن أن تكون فئة ممن رأوا أن تلك الحياة كذالك ، تغيب عقولهم ليفعلوا ما يحلوا لهم دون وعي بما فعلوا و هذا الامر يعود لما نشأوا عليه ، و تلك الاحوال و في تلنهاية تقع ضحاية كتلك الفتاة البالغة من العمر ثمانية عشر عاما ، نعم كل العلم أن هناك اخريات فاسقات عاهرات لا دين لديهم مثلهم تماما يجتمعون بهم و برضاء تام منهم يشريون و يتمايلون بل و يرتكبون الكبائر في سبيل الترفيه او من الممكن بعض من النقود و غيرها من الاسباب التي لا تغفر من اجلها اي شئ فلا شئ يبرر ما يحدث .
اصبحنا في مجتمع يجعل من حولنا كل ما هو م***ع يجعل متاح و جهرا بل و لا رادع لذلك ، زمن لا تجد سوى ثلة من المستقيمين الذين يخافون الله جل شأنه يحبونه فيحبهم الله و يحميهم ، نعلم أن الله ينذرهم كثيرا و لكن عقولهم المغيبة تلك هي ما تجهل هوية تلك الانذارات و تتجاهلها و لكن الله لا يغفل عما يفعل من الخلق و يمهل و لا يهمل فالله ليس بظلام للعبيد .
انهكت من الركض لتنظر امامها و لكنها تتراجع سريعا لتجد احدهم يقف امامها و لكن ما ردها سوى الصراخ المنهك و من ثم تسقط مغشي عليها فمن هنا بدأ اليأس و لا طاقة للجهاد .
تعالى صوت المؤذن في احدى الاحياء معلنا عن اذان فجر يوم جديد لكنه مؤلم للغاية ، ينادٍ الله علي عبادى ليلبي منهم من هم متيمين بالايمان عاش*ين عبادة الله بل و مغرمين بعمل الطاعات علي اكمل وجه .
استيقظ ذلك الشاب اليافع البالغ من العمر ٢٧ عام ، و يا الله علي الشباب المقربين من الله لتلك الدرجة فعبادتهم احب عند الله من عبادة كهل يعبد الله علي نفس القدر .
خرج الي المسجد ليجعلونه بعض المصلين إمام لهم فيكفي انه حافظ لكتاب الله ، فهو بينهم الاكثر ايمانا و علما .
و كالعاده كان صوته يجلجل عبر المكبر فيطرب اذان المستمعين و المصلين و يرق قلب الضالين في الخارج لعله سبب في عودتهم الي الله يوما ما .
انتهي للاسف ذلك الصوت العذب من التلاوة و من الصلاة ايضا لينهي مصافحة للمصلين و من ثم يعود سريعا لمنزله لعله ينعب بساعة اخري من النوم حتي يستيقظ للعمل .
دلف للمنزل و كالعاده القي نظرة علي غرفة اخوته و امه ، فوالده وافته المنيه منذ سنتين تقريبا ، و لكن لاحظ عدم وجود اخته التي تصغره ب ثمان سنوات الا و هي غرام .
تسلل حيث غرفة أمه ليوقظها بهدوء ليقول أيهم بهدوء :
ماما غرام فين ؟
التفتت له بقوة لتقول :
في اوضتها يا ابني .
تن*د و ذهب ناحية المرحاض ليدق بابه و من ثم يفتحه ليجده فارغ ، عاد يبحث بكل ركن في المنزل لتنهض الام بفزع تبحث مثله ليستيقظ ابنها الاصغر الاخر الا و هو بسام البالغ من العمر سته عشرة عاما فهو يصغر غرام بسنتين .
ايقن ثلاثتهم عدم وجود غرام .
جلست الام و بدات بالنواح فهي تعلم حالة ابنتها منذ ان توفي والدها و الذي كان مقرب لها للغايه و هي تعاني من تعب نفسي و من المعتقد انها شفيت منه لكن لا يعلمون ان الاثر مازال قائم .
- و بعدين يا ايهم اختك فين ؟
كانت تض*ب علي فخذيها بقوة و بكاء لينهض ايهم متجه للخارج قائلا بهدوء :
هنزل اشوفها معرفش فين بس هشوف .
سبحان من انزل عليه هذا الهدوء فكظم الغيظ من اهم ملامح ايمان المرء .
حاول التماسك لا يعلم ما يجب عليه فعله لكن الله يربط علي قلبه دايما و يلهمه الصبر و القوة في اجتياز كل ما هو صعب .
حاول ان يبحث في الشوارع و الحواري المجاوره ، يطلب من اي مرأة كبيره بالعمر ان تذهب لمصلي النساء المتواجد امامه و تهتف باسم غرام و تكرر ذلك الشئ في جميع المساجد المتواجده في الحي لا يجدي اي فائده .
توقف ينظر للسماء يفكر بما يحدث لها الان كثير من الروايات تسلح في مخيلته قلقا علي اخته ، لحظات و دق هاتفه ليعلن عن رقم غريب فأمل أن تكون هي و هاتفها الذي حاول الاتصال عليه و وجده مغلق تأمل لو انها في مأذق بسيط و نفذ شحنه لذلك فصل و وجدت مساعدة فهاتفته .
اجاب بلهفة بل و تلعثم و لكن بعدما استمع لما قال و في النهايه اجاب :
لا اله الا الله انا جاي بامر الله ، الحمد لله الحمد لله .
انهي هاتفه مهلهلا بل و عائدا ليصطحب امه و اخيه حيث مكان اخته فكان لا متخبط في مشاعره ما بين الارتياح و القلق لا يعلم أيفرح أم يبكي فقد علم انها مشفي ما و هذا أمر بحد ذاته مقلق للغايه لكنه استودعها عند الله و هي في حفظه و هذا ما يصبر به ذاته .
مرت دقائق و قد وصلوا بالفعل الي المشفي المتواجدة فيها غرام ، تسائلوا عن رقم غرفتها ليدلهم عليها احدي الممرضات في الاستقبال .
كانت الام تركض و ايهم بخطواته المتسعة يلحق بها ، لحظات و قد وصلوا ليجدوها متسطحة علي الفراش لا حول لها و لا قوة ، هزيلة ضعيفة بل و منهكة .
دلف الطبيب و كانت غرام في ثبات تام ، ذهبت اليها والدتها تتفحصها بريية أما ايهم فسأل الطبيب قائلا :
دكتور بعد اذنك عايز بس افهم ايه الي حصل ؟
دقق النظر به ليستشعر الشبه بينهم ، تنحنح قليلا قبل أن يأخذه للخارج و من ثم بعدما نظف حلقه قال :
حضرتك لازم تبقي هادي في اي حاجه هقولها تمام عشان لازم كل حاجه تتحل بهدوء .
تراقص القلق بين خلايا مخه ليقوم بعدم فهم :
لا ياريت تقول بسرعه عشان كده انا قلقت اكتر .
تنفس قبل ان يقول الطبيب :
للاسف هي اتعرضت للاعتداء الجسدي و و ده حصل عرضها انها بقت للاسف ....
لا يستوعب ما يقول و شعر و كأن العالم من حوله يدور به أحقا حدث كذلك ، تركه و دلف ليجد غرام قد استيقظت ، و لكنها ساكنه لا تتحرك كالحثة الهامدة
والدتها و اخيها يحدثاها و هي في عالم اخر ، تقدم منها ايهم و علي وجهه ملامح صادمة ، لمحته كانت الاقرب و الاهم في حياته و هو لها كان السند و الصديق ، اقترب اكثر ليصبح بمقا**ها أما هي فبتلقائية قامت باحتواء خصره بتشبث و من ثم بدأ البكاء بصوت مرتفع تتمزق لها القلوب أما هو فاغمض عينه بقوة و عدم استيعاب و قد اعتصر قلبه نحيبها الذي كان و مازال يميل لبكاء الاطفال ، فكيف هي مازالت طفله يالهي ، لا علم له بما يتوجب عليه فعله ايغضب و يجعل عاليها سافلها ام ي**د و لكن كيف فالعرض لا حديث فيه فلابد من القصاص ...
النحيب مستمر و الام لا تعلم ماذا هناك ، لا يستطيع فعل شئ سوى احتواء رأسها بقوة ، يربط علي ظهرها بحنان يحاول ال**ود و يكبت دمعاته فهو السند لها و ان ضعف ضعفت هي الاخري .
ابعدها و من ثم جعلها تستريح لتستكين بالفعل و لا تتحدث ، تقدم من والدته التي تكبره بخمسة عشرة عام فقط فعي تزوجت من والده و هي تمتلك خمسة عشرة عاما .
امسك بيديها و من ثم سحبها للخارج تاركا اخيه الاصغر برفقة ش*يقته .
تقدمت المدعوه زينب و هي الام لتقول له :
هو في ايه بالظبط ؟ انا قلقت و الفار ابتدي يلعب في عبي .
حاول تهدأت ذاته و من ثم اخذ نفس عميق و من ثم قال :
انا عايز اعرف ، غرام ازاي تبقي بره في وقت زي ده مين خرجها ؟
دق قلبها بقوة و انحرفت عيونها يمين و يسار و من ثم قالت :
هو المفروض انها خارجه مع صاحبتها و هي صاحبتها الي اقنعتني تبقي عندها شويه قولت كويس و فرحت ان غرام رجعت زي الاول بس و الله نمت غصب عني يا ايهم و كنت مطمنه ان المفتاح معاها .
اغمض عينه بقوة و لمن يعقب لتسال ثانيا :
هو حصلها ايه قولي الله لا يسيئك
و هنا انفجر بها قائلا :
خلاص بنتك ضاعت معرفش مين قدر يعمل فيها كده بس و حياة ربنا ما انا سايب الكلب ده .
ليتركها ذاهبا للخارج لا يعرف وجهته حتي .
أما هي فلا تستوعب ما حدث لتجلس علي اقرب مقعد لديها في صدمة كبيره و هنا عليها تحمل الذنب .
في مكان اخر الا و هو قصر كبير للغاية كانت تلك الفتاة البالغة من العمر ثمانية عشرة عاما ، تطرق بهو القصر ذهابا و ايابا و خصلاتها القصيرة السوداء تتحرك بقوة مع تحركها ، ملامحها مشدوده للغاية من كثر القلق لا تعلم ماذا تفعل ، صديقتها منذ أن ذهبت من بيتها و هي لا تعلم عنها شئ فهاتفها مغلق منذ ذلك الحين ، ظلت مستيقظة حتي الأن و الأن يجب عليها الذهاب لمنزل غرام فاليوم عطلة في مدرستهن فهي مدرسه للفائقات فقط و هذا ما جعلها تجتمع مع سجى ابنة صاحب النفوذ و الجاه .
أتت والدتها و التي تدعي هانم ، وجدت ابنتها فجلست بتعب لتقول :
مالك ؟
جلست امامها سجى لتقول :
غرام يا ماما معرفش عنها حاجه .
سألت هانم و هي لا تعي شئ بالصداع يكاد بفتك رأسها :
غرام مين ؟
اندهشت سجى لتقول بتأفف :
صحبتي ، يوووه مش هتفتكري انا ماشيه .
و بالفعل خرجت من منزلها فهي تعلم ان والدتها لا تعلم اي شئ عنها و كل ما يهمها هي الموضه وصيحاتها و اصدقائها فقط .
اعتلت سيارتها لتقود ذاهبة الي منزل صديقتها حتي تطمئن عليها .
و ما ان غابت سيارتها عن الانظار حتي اتت اخري باللون الاسود فخمة للغاية ، ترجل منها شاب ملابسه غير مهندمه بعض الشئ خصلاته مشعثه و من ثم دلف للداخل قاصد غرفته المتواجده في الطابق الاخر ، لكن هتاف والدته هو ما اوقفه :
كنان !
نظر لها بتساؤل و بعيون لا حياة فيها لتسأله هانم :
كنت فين كل ده ؟
تن*د و لن يعقب بل و اكمل طريقه و كأن السؤال لن يطرح اصلا .
اما هي فلم تهتم بل أتى لها رنين هاتف و كانت احدي صديقتها لتندمج معها في احاديثهم السطحية تلك .
عودة للحي المقام فيه ايهم و غرام و علي باب منزلهم سجى التي طرقت الباب كثيرا و قد ملئ القلق قلبها ، تأففت و من ثم كادت لتهبط فوجت ذلك الشاب الطويل امامها ، وضع عينه ارضا و من ثم سأل :
عايزه حد هنا ؟
اومات بلهفة لتسأل :
غرام ، غرام مش موجوده ؟
تن*د ليقول و هو لا يعلم ماذا يقول :
موجوده بس بره مع ماما و اخوها ، مين حضرتك .
تنفست الصعداء واضعة يدها علي موضع قلبها بارتياح لتقول :
الحمد لله يا رب ، انا سجى صاحبتها كانت معايا امبارح و بتصل بيها من امبارح مش بترد قلقت عليها .
اما هو فما إن استمع لجوابها حتي رفع عيونه بقوة لها .
عودة للمشفي .
كانت زينب ثائرة ممسكته بكتفي ابنتها لتقول بقوة و بكاء :
قوليلي مين عمل كده فهميني .
اما غرام فلا حول لها و لا قوة تبكي بقوة و بسام علم ما حدث فهو ليس بالصغير فالعالم من حوله علمه كل شئ ، حاول أن يبعد والدته عن اخته و لكنه لا يستطيع .
كانت غرام تبكي فقط لا تستطيع التحدث فما تعرضت له ليس بالهين .
امسكتها والدتها بقوة لتقول :
خلاص العار جالنا ، و خلاص مابقتيش نافعه لحد هنفضل تعسى لاخر حياتنا ، ده جزاتي اني حاولت اخرجك من اكتئابك الي بقاله سنتين مش راضي يخلص .
دلف ايهم سريعا ليحول بين امه و ش*يقته التي اصبح لها طوق النجاة و من ثم احتضنها بقوة و هي تشبثت به بخوف فلهذه الدرجة امه تجدها المذنبة ، يعلم أن اخته ليست كفتايات هذا الجيل فعي بريئة الغاية و هناك اخر اخذها رغما عنها .
تحدث ايهم بقوة و هي بين احضانه :
انتي بتعملي ايه فهميني ، انتي ازاي كده بدل ما تحضنيها و تطبطبي عليها .
جلست بندب دام لدقائق قائلة :
لا لااا احضن و اطبطب علي مين دي جابت العار ، انا غلطانه انا الي غلطانه ، انا مش عارفه اعمل ايه انا مش قادره اصدق .
و هنا تحظث ايهم بهجوم :
اه انتي بتعملي كده عشان محمله نفسك الغلط و بتطلعي كل الي جواكي عليها .
نظرت له بصدمه فلاول مره يحدثها هكذا ليكمل ايهم :
انا اسف يا امي بس انتي الي اضطرتيني اقول كده و للاسف دي الحقيقه .
انهمرت الدموع من اعين والدته ولن تعقب و لكنها لمحت سجى تقف في ركن من اركان الغرفة باكية لتتقدم منها و من ثم سألت بقوة :
وديتي بنتي فين عشان يحصلها كده ، هي دي الامانه الي امنتك عليها هي دي ؟
حاولت سجى الدفاع عن نفسها و لكن شهقاتها وصلت حتي السماء ، ترك ايهم اخته و من ثم وقف ظهره لسجى و وجهه لامه الذي قال لها :
هي مالها دعوه هي خلتها تروح في المعاد الي اتفقتوا عليه ، ممكن من فضلك تهدي عشان نفهم من غرام ايه الي حصل .
نظرت تارة لسجى و تارة له و من ثم تركت الغرفة كلها فيجب عليها الهدوء و لو لقليل حتي تعيد تفكيرها و تعرف كيف تتصرف في ذلك الامر .
عودة للقصر الخاص بسجى
و خاصة غرفة كنان اخيها المتواجد في المرحاض تتساقط عليه قطرات المياه المتدفقة من الصنبور علي جسده ، كانت باردة تهدا حرارة جسده المرتفعة تلك ، تحاول ان يستفيق كليا فمظهرها أمام عينه لا يغيب ، لعن تلك المغيبات و لعن صحبته تلك ، و رغم كم المحرمات الذي يعيش بها الا ان تلك الفتاة الوحيدة التي شعر بالندم و الاسف بل و الخطأ بما فعله بها و لكن كيف توصل لها و الاهم من ذلك كيف حدث كل ذلك ؟ هذا أمر يجب علينا سماعه من تلك المسكينة فقط .
تيسير محمد