بسم الله❣
فتحت وعد الصندوق و الدموع تسيل على وجنتيها كالسيول بلا توقف و مع ذلك فكانت تبتسم خاصةً عندما وجدت مذكرات امها بالداخل و صور لها عندما كانت طفلة صغيرة.
اخرجت وعد الصور ثم بدأت تفر فيها وهي تبتسم و بالتأكيد كانت تجعل الياس يشاهد الصور معها لتدخل مي في تلك اللحظة ثم تقول بمرح: ايه ده صور مين ديه؟
وعد بصوت مبحوح و ابتسامة هادئة : ديه صوري وانا بيبي تعالي شوفيها معانا.
دخلت مي ثم جلست بجانب وعد من الجهة الآخرى ليقول الياس وهو يمسك بإحدى الصور: ايه ده؟ ايه اللي جاب صورتي هنا؟
ضحكت مي ثم قالت: ده انا كمان ليا صور هنا لا و مش اي صور ...ديه صور من اللي ت**ف.
وعد: انا هحتفظ بصوركم كلها حتى الصور الوحشة.
الياس: ليه كده حرام عليكي.
وعد بصدق: عشان بحبكم.
عانقت مي وعد ثم قالت: واحنا بنموت فيكي يا دودي.
دخل اياد في تلك اللحظة ليقول بمرح: الحبايب كلهم هنا و سايبني انا تحت الم السفرة مع عمتو.
ضحكت وعد و مي ليأتي اياد بعدها ثم يجلس و يقول بفضول : ايه الصور ديه؟
مي: ديه صور لينا كلنا واحنا صغيرين.
حكت وعد م***ة رأسها ثم قالت بعدم فهم: بس ليه ماما خلت طنط سلمى تديني الصندوق ده لما اتم ١٨ سنة بالذات؟
مي: مش عارفه بس ممكن عشان كبرتي بقى و لازم تحتفظي بينا.
نظر اياد الى مي ثم قال: انتي بتقولي ايه؟
ضحكت مي ثم قالت: اللي جه في دماغي يعني.
زفر اياد ثم نهض من مكانه و قال: انا يدوب هروح الحق الشغل بقى.
نهض الياس هو الآخر ثم قال: استناني جاي معاك.
اياد : اتفضل يا سيادة الرائد.
ضحك الياس بقوة ثم قال: والله لو حد من اللي ببهدلهم في القسم شافني وانا قاعد معاكم كده الهيبة بتاعتي هتروح.
مي: ولا لو شافك وانت قاعد مع وعد.
وعد بضيق : ماله يعني وهو قاعد معايا؟
مي: بيبقى هادي كده و رزين مش شكل رائد شرطة يعني.
ابتسمت وعد ليلقي الياس و اياد عليهم التحية ثم يخرجوا.
.....
نزلت وعد الى الاسفل مع مي لتجد صديقة امها تتحدث مع خالتها و جدتها.
تنحنحت وعد ثم جلست على الاريكة لتجلس مي بجانبها.
سلمى بحنو: شوفتي هديتك يا وعد؟
ابتلعت وعد ريقها ثم قالت بنبرة هادئة مع ابتسامة خفيفة: اه.
فريدة: و كان فيها ايه بقى؟
وعد: صور كتير لينا و مذكرات ماما بس انا ماشوفتش غير الصور بس.
شعرت مي بأن وعد على وشك البكاء فضحكت و قالت بمرح: ياه على الصور يا ماما ...كان شكلنا مرعب اوي واحنا صغيرين و بعدين ايه الهدوم الغريبة اللي كنتي ملبسهالي وربنا الاراجوز شكله انضف مني.
نريمان بثقة: مالها هدومك؟ ده انا كنت ملبساكي اشيك حاجة وقتها.
مي بضيق مزيف: اشيك حاجة ايه بس يا ماما؟ ده انتي كنتي ملبساني فستان احمر عليه وردة برتقالي اد دماغي اياد قعد بتتريق عليا فيها.
انفجرت وعد ضاحكة ثم قالت: على فكرة اياد خد الصورة ديه.
مي بصدمة: كمان؟!!
ضحكت سلمى هي الأخرى ثم قالت: القصة مش في الهدوم حلوة ولا لا القصة في اللحظات الحلوة المرتبطة بالصورة ديه.
مي: اه والله يا طنط دلوقتي الناس بقت تتصور عشان توري هدومها لبعض.
ضحكت وعد ثم قالت: لا و المستفز ان لما حاجة تحصل تلاقيهم بيقولوا ياريت الناس تبطل تركز معانا.
فريدة: والله يا دودي التكنولوجيا ديه نشرت سلبياتها اسرع من الإيجابيات.
نريمان: الناس بقت مريضة بيها.
تنحنحت مي ثم قالت بصوت خافت لوعد الجالسة بجانبها: شكلهم ناوين على سحب الاجهزة مننا.
وعد: مش عارفه انا ايه اللي خلانا نفتح السيرة المنيلة ديه.
ضحكت مي ثم ظلوا يتحدثون معاً في عدة مواضيع مختلفة بينما في مكان آخر.
***عند الياس***
كان الياس يقف امام ذلك الرجل امامه بكل هيبة ثم قال بصوت مرعب وهو في قمة غضبه: قول اسم الزفت اللي بعتك.
ظل الرجل صامت ليتلقى صفعة من الياس ثم يقترب منه و يقول : اللي انت بتدافع عنه ده و خايف عليه قتل طفلة.
ظل الرجل صامت ليركله الياس بقدمه ثم يقول بغضب عارم و قد احمرت عيناه و برزت عروقه: اتكلم.
نهض الرجل من على الارض ثم مسح الدماء التي تسيل من انفه و قال بعدها بصوت ضعيف: خلاص..خخلاص يا ب..باشا ..انا...اااا...انا هقول.
جلس الياس على مكتبه بكل برود ثم ابتسم و قال: تعجبني...انا سامعك.
الرجل: ااا...اسمه...اسمه سعيد العربي ساكن..سس..ساكن في حي(****).
قام الياس بالنداء على العسكري الواقف بالخارج ليدخل الآخر و يؤدي التحية العسكرية.
الياس وهو يشير على الرجل باحتقار : خده رجعه على الحجز.
العسكري: تمام يا فندم.
امسك العسكري الرجل من يده ثم خرج ليدخل مازن بعدها ثم يقول: اعترف ؟
الياس: اه...عرفت حاجة جديدة عن شريك ادهم المجهول ده؟
مازن بضيق وهو يجلس على المقعد: لا ولا اي حاجة لدرجة اني بدأت اشك ان هو ملهوش شريك اصلاً.
الياس: بس انت عارف ان ليه.
مازن: كلنا عارفين ده بس القصة هنجيبه منين اذا كان ولا واحد من رجالة ادهم اللي قبضنا عليهم يعرفه ولا يعرف شكله.
اعاد الياس شعره الى الخلف بحركة جذابة ثم قال: هكلم احمد اشوفه لو وصل لأي حاجة.
**ت مازن للحظات ثم قال: هتقول لوعد النهاردة؟
الياس بنبرة يشوبها الحزن: اه مع اني مش مرتاح.
مازن مطمئناً اياه: متقلقش كل حاجة هتكون بخير.
اماء الياس له ولم يعقب.
***في شركة اياد***
كان اياد يوقع على الأوراق الموجودة امامه عندما طرقت سكرتيرته الباب ثم دخلت بعد أن اذن لها اياد بذلك.
لارا : اياد بيه.
اياد دون ان ينظر لها : نعم؟
لارا وهي تمد يدها بالورق لإياد : الورق ده محتاج توقيع حضرتك.
ترك اياد ما في يده ثم نظر لها و قال بتعب: مينفعش يتأجل لبكرة؟
لارا: لا يا فندم الورق ده لازم يخلص النهاردة.
اياد: طب ما توقعيه انتي بدالي؟
ابتسمت لارا بخجل ولم تعقب ليأخذ اياد الورق منها ثم يقول وهو يبتسم بشكل لطيف: خلاص هوقعه انا.
كادت لارا ان تخرج ليقول هو: لو في اي حاجة اجليها لبكرة.
اماءت لارا له ثم خرجت وهي تشعر بدقات قلبها تتسارع فهي تشعر بانجذاب تجاه اياد.
***في الفيلا***
ترجل الياس من سيارته وهو يبدو منهك للغاية ولكنه كان وسيم للغاية ليدخل بعدها الى الفيلا و يجد المكان هادئ على غير عادته فقال بصوت مرتفع نسبياً: وعــــد.
ما هي الا لحظات و استمع الياس الى صوت اقدامها وهي تنزل من على الدرج حافية القدمين بسرعة و فجأة وجدها امامه مع ابتسامة لطيفة و تقول : ايسو...انا فرحانة اوي انك جيت بدري.
ابتسم الياس ثم قال: جيت بدري عشان يوم ميلادك النهاردة.
نظرت وعد الى الأسفل وهي تشعر بالخجل ثم نظرت له و قالت: كنت بتناديني عايز حاجة؟
الياس: تؤ كنت بتطمن عليكي بس عشان الفيلا كانت هادية.
ضحكت وعد ثم قالت: اصل مي نامت شوية وانا بقرأ رواية عشان كده مفيش صوت.
رفع الياس حاجبيه ثم قال: مانا بقول بردك...طيب هطلع انا اريح شوية.
كاد الياس ان يمر ولكن وعد وقفت امامه و قالت وهي تبتسم بشكل لطيف و تضع يدها خلف ظهرها: عايزني اعملك حاجة؟
الياس: لا شكراً.
وعد : اوك.
تركت وعد الياس ثم ركضت بسرعة لتصعد الدرج ثم تتجه الى غرفتها مرة اخرى اما هو فابتسم على طفوليتها و صعد الى غرفته ليرتاح قليلا و يتهيأ نفسياً لليلة.
......
جاء المساء وكانت وعد ترتدي فستان جميل للغاية و هاديء و قامت بلف طرحتها بشكل يناسب عمرها و فجأة طرقت مي باب الغرفة ثم دخلت و قالت: دودي ايه الشياكة ديه؟
ابتسمت وعد لتدخل مي ثم تجلس على الفراش و تقول بحزن طفيف: بس ليه مرضتيش ان الياس يعملك حفلة ليوم ميلادك؟
ارتدت وعد صندلها ثم جلست على الكرسي المقابل للفراش و قالت بهدوء: انتي عارفة اني مش بحب الحفلات ولا الصوت العالي.
مي : ايوة يا دودي بس ده يوم ميلادك يعني لازم تفرحي فيه كده.
وعد: انا فرحانة و انتو معايا.
مي: مش اكتر مني.
ابتسمت وعد بخبث ثم قالت: مممم... ان احنا كلنا معاكي ولا حد معين؟
رفعت مي حاجب ثم قالت: قصدك ايه يا وعد؟
وعد: قصدي اللي اقصده بقى.
مي: بقيتي خبيثة اوي على فكرة.
وعد: من عاشر قوم.
ضحكت مي ثم قالت: طب يلا يا باردة ننزل.
نظرت وعد الى نفسها لمرة اخيرة ثم قالت: شكلي حلو؟
مي: قمر والله.
خرجت وعد من الغرفة لتخرج مي بعدها.
***في الاسفل***
نزلت وعد من على الدرج وهي ممسكة بيد مي لتقول نريمان ما ان تراهما: ماشاءالله ايه الحلاوة ديه كلها.
ابتسمت وعد بخجل لتقول مي وهي تضحك: يا ماما بقى بت**فينا.
نريمان بتلقائية: انا مش قصدي عليكي انا قصدي على وعد.
تبدلت ملامح مي للجمود ثم قالت وهي تدفع وعد: طب يلا بقى.
وعد وهي تضحك: ما براحة يا مي في ايه؟
ضحكت نريمان هي الاخرى ليتجهوا بعدها الى غرفة الجلوس.
***في غرفة الجلوس***
كانت فريدة تتحدث مع اياد عندما دخلت وعد ثم مي لتقول فريدة وهي تدمع: كل سنة وانتي طيبة يا دودي.
قبلت وعد يد جدتها ثم قالت: وانتي طيبة يا تيتا.
اياد بمرح: كبرتي يا دودي.
ابتسمت وعد ثم جلست لتقول مي بصوت مرتفع: يا مامـــا هاتـــي التورتـة.
اياد: يا مفجوعة ده صاحبة الشأن ما قالتهاش.
ضحكت وعد لتقول مي: مهو عشان كده انا بطلبها.
جاءت نريمان وهي تحمل قالب الكعك و عليه شموع برقم ١٨ ثم
وضعت القالب على الطاولة.
نظرت وعد حولها ثم قالت : فين ايسو؟
اياد: معاه تلفون مهم.
ابتلعت وعد ريقها ثم ابتسمت ابتسامة خافتة و اطفأت الشمعة ليقوم الجميع بالتصفيق لها.
مي بحماس وهي تعانقها: دودييييي كبرتي يختي و بقيتي ١٨ سنة.
ضحكت وعد ثم بادلتها العناق لتقول فريدة: يا مي ابعدي عنها خليني احضنها.
ابتعدت مي عن وعد لتذهب الاخرى لمعانقة جدتها ثم خالتها.
مي وهي تمسك بكيس ما: هديتك مني اهيه.
ابتسمت وعد ثم اخذت الكيس من مي و قالت: تعبتي نفسك.
مي بضيق: ايه يا دودي؟ مفيش بينا الكلام ده بس ابقي قيسي البلوزة ونبي لتطلع كبيرة.
ضحكت وعد لتاتي نريمان و تعطي هديتها هي و فريدة لوعد و كانت عبارة عن زجاجة عطر من اغلى الانواع اما اياد فأعطى وعد ساعة رقيقة و جميلة مثلها.
دخل الياس في تلك اللحظة و كانت ملامح البرود بادية على وجهه و مع ذلك فهو ابتسم و قال وهو يعطي علبة ما لوعد: كل سنة وانتي طيبة.
اخذت وعد العلبة من الياس ثم ابتسمت و قالت بخجل: وانت طيب.
مي بفضول : احم..ما تفتحيها يا دودي لا تكون فاضية ولا حاجة.
رفع الياس احدى حاجبيه لتضحك وعد ثم تقوم بفتح العلبة لتجد بداخلها قلادة من الذهب على شكل قلب مزين بفصوص من الالماس.
ظلت وعد تنظر لها بذهول ليقول الياس: افتحي القلب.
نظرت وعد له ثم الى القلادة و ما ان فتحت القلب حتى وجدت صوره تذكارية لعائلتها و المكان الآخر كان فارغ.
وعد وهي لازالت مصدومة: ديه جميلة جدا...شكرا يا ايسو.
ابتسم الياس ثم قال: الجهة التانية فاضية عشان تحطي فيها الصورة اللي انتي عيزاها.
وعد وهي ترتدي القلادة : انا مش هقلعها ابداً
اشارت نريمان الى الياس ليبتلع هو ريقه ثم يقول بنبرة باردة: وعد عايز اكلمك.
قضبت وعد حاجبيها ثم نظرت له بعدم فهم و نظرت الى مي لتبادلها الاخرى نفس النظرات.
وعد بهدوء: تمام.
***في حديقة الفيلا***
كانت وعد تشعر بالتوتر خصوصاً وأن الياس لم يبدو طبيعياً اليوم.
اما الياس فكان يقف واضعاً يده في جيبه و ينظر الى اللاشيء ببرود ليقطع شروده وعد وهي تقول بهدوء و على وجهها ابتسامة لطيفة بالرغم من توترها: ايسو...انت كويس؟
زفر الياس ثم التفت لها و قال وهو ينظر الى عينيها : وعد.
وعد بهدوء: نعم؟
الياس بنبرة هادئة ع** ما بداخله: انتي فاكرة ابوكي؟
قضبت وعد حاجبيها ثم اماءت برأسها ليتابع هو بنفس هدوئه: لما عمتو مريم ماتت هو جه لحد هنا و قال ان انتي لما تتمي ١٨ سنة هتروحي تعيشي معاه في الصعيد.
اغلقت وعد عينها ثم ابتسمت و قالت : انا مش فاهمة حاجة.
زفر الياس ثم قال: يعني ابوكي هيجي ياخدك بكرة تعيشي معاه في الصعيد.
ابتلعت وعد ريقها ثم قالت وهي تدمع: ايسو...انت بتهزر صح؟
الياس : ديه وصية عمتو الله يرحمها.....انه ياخدك لما تتمي ١٨ سنة.
بدأت دموع وعد بالنزول على وجنتيها لتقول هي : ليه؟ انا مش عارفة عنه حاجة و انت جاي دلوقتي تقولي اني هروح اعيش معاه ؟
اغلق الياس عينيه ثم قال بنفس هدوئه: وعد انا معرفش ليه عمتو كتبت كده في وصيتها بس ده مهما كان ابوكي ولازم تكوني معاه.
وعد بانفعال: انا مش عايزة اكون معاه...انا عايزة اعيش معاكم انتم.
**ت الياس لتتابع هي: الياس فاكر يوم الولاد ضايقوني وانا راجعة من المدرسة؟ ابتسمت وعد ثم تابعت وهي تمسح دموعها: انت جيت ض*بتهم ووعدتني انك مش هتسيبني خالص ...بس انت دلوقتي بتسيبني.
امسك الياس يد وعد ثم قال: وعد لو فيه حاجة حصلت انا هكون عندك ..صدقيني الموضوع ده مش بإيدي انا فعلا مش عايزك تروحي لأي مكان بعيد عني.
سحبت وعد يدها منه ثم ابتسمت ابتسامة باهتة و قالت: مانا عارفة.
تركت وعد الياس ثم توجهت الى الداخل وهي لا تستطيع التوقف عن البكاء.
.....
اصطدمت وعد بمي بدون قصد لتنتبه الاخرى الى دموعها.
مي بقلق: وعد مالك؟
نظرت وعد الى مي ثم تركتها و صعدت و ما كادت مي تصعد خلفها الا ان اياد وقف امامها و قال: سيبيها دلوقتي.
قضبت مي حاجبيها ثم قالت: اياد هو في ايه؟
تن*د اياد و لم يجبها لتقوم هي بدفعه من امامه و تقول بضيق : انت مستفز.
***في غرفة وعد***
كانت وعد تعانق دميتها وهي تبكي بحرقة فهي الآن تشعر و كأنها تفقد عائلتها للمرة الثانية.
دخلت مي الى الغرفة لتجد وعد بتلك الحالة فرقضت تجاهها بسرعة و قالت بقلق: وعد؟! مالك؟
عانقت وعد مي ثم قالت من بين شهقاتها: مش..مم..مش عايزة..ا..ااا.. اروح....اااا...انا عايزاكم ....ااا...انتم.
مي : انا مش فاهمة حاجة ...اهدي كده و احكيلي.
***في حديقة الفيلا***
كان الياس جالس على المقعد يدخن بشرود وهو يشعر بالضيق فوعد لم تفارقه منذ ان كانت في السابع من عمرها حتى عندما كان يضطر الى السفر كان دوماً ما يتصل بها ليطمأنها انه بخير.
-عمرها ما هتكرهك.
كان ذلك صوت اياد الذي جلس بجانب الياس ثم تابع قائلاً: انت ملكش ذنب اساساً.
الياس وهو يدخن: بس انا سبتها على الرغم من اني عارف انها متعلقة بيا.
اياد: بس الموضوع مش بأيدك.
نهض الياس من مكانه و قال بحزن بائن : مش فارقة مهو كده كده النتيجة واحدة.
زفر اياد بينما تركه الياس و صعد ليخلد الى النوم.
***في غرفة وعد***
مي وهي تبكي: خلاص بقى هعيط معاكي والله.
وعد وهي تسحب علبة مناديل اخرى و تبكي بحرقة: ما انتي بتعيطي اهو.
اخذت مي منديل ثم قالت: طب كفاية عياط بقى و بعدين ده بباكي يعني.
مسحت مي دموعها ثم تابعت: يا ستي واحنا هنفضل على تواصل و كل شوية هتلاقيني راشقة عندك في البيت لحد ما الحاج بباكي يكرشني.
ضحكت وعد ثم قالت: بس انا مش عارفة عنه حاجة.
مي: اد*كي هتعرفي.
مسحت مي دموع وعد ثم قالت بحنو: واحنا يا وعد هنفضل دايماً اخوات مهما بعدنا عن بعض.
دخلت فريدة في تلك اللحظة ثم قالت بحنو: عاملة ايه دلوقتي يا وعد؟
وعد: حضرتك كنتي عارفة؟
فريدة بضيق : اللي حصل مش بإيدي يا وعد.
وعد: وانا مش زعلانة منكم ديه وصية ماما الله يرحمها انا بس مكنتش عايزة اسيبكم...انا بخاف لما بكون لوحدي.
جلست فريدة بجانب وعد من الجهة الآخرى ثم مسدت على ظهرها بحنو و قالت: كلنا بنخاف لما نكون لوحدنا على الرغم من ان عمرنا ما كنا لوحدنا يا وعد.
نظرت لها وعد و مي بعدم فهم لتتابع هي : دايماً بننسى ان ربنا معانا عشان كده بنخاف...اعتمادنا على البشر اكبر من اعتمادنا على اللي خلقهم عشان كده بنحس اننا ضايعين في كتير من الاوقات.
عانقت وعد فريدة لتدخل نريمان في تلك اللحظة وهي تمسك بكوبين من العصير ثم تقول بابتسامة بشوشة : دودي اكيد قوية و هي عارفة ان كلنا بنحبها صح؟
وعد وهي تمسح دموعها : صح.
جلست نريمان على المقعد ثم قالت وهي تعطي لوعد كوبها: لو حسيتي بأنك مش مرتاحة هناك كلمي الياس وهو هيروح ياخدك بس اهو نبقى حققنا الوصية.
وعد بصوت ضعيف: حاضر.
مرت تلك الليلة بشكل بطيء للغاية على الجميع فكانت وعد فقط تفكر في الياس لقد تعلقت به بشكل كبير حتى انها احبته لدرجة انها لا تستطيع الشعور بالغضب منه هي فقط لا تريد الابتعاد عنه اما الياس فكان كل ما يشغل تفكيره وعده الذي اخلفه معها فهو قد وعدها انه لن يتركها وعلى الارجح هي تفكر الان في أنه تخلى عنها و تركها و ذلك قد يحطمها داخلياً فالشخص يستمد طاقته من وجود والدته معه واذا فقدها كٱنه فقد نفسه تماماً.
و وعد بعد فقدان امها كانت قد فقدت الشعور بكل شيء و الياس هو الوحيد الذي استطاع اخراجها الى العالم ببقائه الدائم.
***في الصباح التالي***
دخلت مي الى غرفة وعد ووجدتها مستيقظة و تنظر الى حقائبها بشرود فقامت هي بالجلوس بجانبها و قالت: متقلقيش يا وعد كل حاجة هتكون بخير.
نظرت وعد الى مي ثم ابتسمت ابتسامة باهتة و قالت: مش قادرة.
دخلت نريمان في تلك اللحظة ثم قالت بهدوء: وعد الحاج عبدالله تحت.
ابتلعت وعد ريقها ثم نظرت الى ابنة خالتها و امسكت يديها من كثرة التوتر.
مي: طيب يا ماما هننزل دلوقتي.
خرجت نريمان من الغرفة لتقول مي: يلا؟
اماءت وعد لها ثم نهضت من مكانها.
***في غرفة المعيشة***
كان عبدالله جالس بكامل هيبته على الاريكة وهو مستند على العصا الخاصة به و بجانبه شاب في اواخر العشرينات صاحب بشرة حنطية و اعين عسلية وبنية قوية لقد كان وسيم للغاية خصوصاً بتلك الملامح الحادة ... اجل انه ابن عم وعد "زين"
اما اياد فكان جالس ينظر له بذهول و يخشى الحديث معه الا ان عبد الله قطع ذلك ال**ت قائلاً بصوت خشن حاد: هي فين وعد؟
تنحنح اياد ثم قال : ف..فوق يا عمو ..تلاقيها جاية دلوقتي.
جاءت نريمان في تلك اللحظة ثم قالت بنبرة حادة و ملامح باردة: وعد نازلة دلوقتي.
دخلت مي اولا لتصعق من ذلك الوسيم الجالس بجانب زوج خالتها و بالتأكيد تلك النظرات لم تخفى على اياد فقال بضيق ملحوظ: خير يا مي عايزة حاجة؟
مي بشرود : ها؟
ابتسم زين بغرور ما ان انتبه لنظرات مي له و ذلك جعل اياد يكاد ينهض من مكانه ليقتله ولكنه تماسك و قال بنبرة حادة بعض الشيء : مي.
انتبهت مي له ثم قالت : نعم؟
اياد: فين وعد؟
مي: جاية ورايا.
اياد بحدة : طب اقعدي بدل ما انتي واقفة زي الصنم كده.
شعرت مي بإهانة اياد لها فنظرت له باستغراب ثم تركته و رحلت من الغرفة بأكملها لتدخل بعد لحظات وعد وهي تقدم خطوة و تأخر الاخرى و تفرك يديها.
نهض عبدالله من مكانه ثم قال : وعد ؟
رفعت وعد رأسها لترى والدها للمرة الأولى منذ زمن و تشعر بعدها بالرهبة منه ...لقد انتابها شعور سيء .
وعد بصوت خافت: اه.
مد عبدالله يده ليصافح ابنته و على ملامحه الجمود ما جعل الأمر يزداد غموضاً.
صافحت وعد والدها وهي تشعر بالغرابة لتنتبه بعدها الى الشاب الواقف بجانبه.
ابتسم زين بشكل جذاب ثم قال وهو يمد يده : انا زين ولد عمك.
بادلته وعد الابتسامة ثم صافحته و قالت بصوت خافت: اهلاً.
عبدالله بجمود: حضرتي خلجاتك ولا لسه؟
ابتلعت وعد ريقها ثم قال وهي تكاد تبكي: اه حضرتها.
عبدالله بنفس نبرته البغيضة : طب يلا من اهنه.
دخلت فريدة ثم قالت بنبرة حادة و قوية: مستعجل على ايه يا حاج عبدالله؟
نظر لها عبدالله شزراً ثم قال: ورايا مشاغلي.
فريدة بنفس نبرتها: ماشي واحنا مش هنعطلك بس خليك فاكر..وعد لو قالت انها مش عايزة تعيش معاك يبقى هتجيبها لحد هنا و تنسى انها ترجع تعيش معاك تاني و انسى موضوع الوصية.
عبدالله بجمود: وانا مش معترض.
تباً هل اصبحت الأن سلعة لا يريدها احد؟ لكن اذا لم يكن هو يريدني لماذا جاء الى هنا لأخذي؟
.....
قام زين بوضع حقائب وعد في السيارة حتى تنتهي هي من توديع اسرتها.
وعد وهي تعانق مي: هفضل اكلمك كل يوم.
مي: وانا مستنياكي.
ابتعدت وعد عن مي لتنظر حولها بحثاً عن الياس ولكنه لم يكن هنا.
وعد: هو فين الياس؟
-انا هنا يا وعد.
كان ذلك صوت الياس وهو ينزل من على الدرج.
وقف الياس امام وعد ثم ابتسم بشكل هاديء و قال: اكيد مكنتش هسيبك تمشي من غير ما اسلم عليكي.
وعد بنبرة باكية و صوت خافت للغاية لم يسمعه سوى الياس: ممكن انت اللي توصلني؟
ابتلع الياس ريقه ثم ابتسم و قال : حاضر هطلع اجيب مفاتيح العربية واجي.
عبدالله بحدة: اخلصي انا مش فاضي للحديت الماسخ ده.
الياس بنبرة حادة: انا اللي هوصل وعد.
عبدالله : لولا اني عارف تربيتك كويس ولا كنت وافقت على المهذلة ديه.
الياس بضيق : المهذلة ديه انت ساكت عليها بقالك ١٨ سنة فمتجيش دلوقتي و تضايق.
صعق الجميع من رد الياس بما فيهم عبدالله نفسه فقام بض*ب العصا على الارض بقوة ثم ركب سيارته ليركب زين خلف المقود اما مي فقالت بصوت شبه مسموع: الراجل خد الصدمة في قلبه و سكت.
اياد: احمدي ربك انه مطلعش المسدس و ض*ب الياس بالنار.
ضحكت مي متناسية ما حدث قبل قليل فليس من طبع اياد ان يتعامل معها بجمود و حدة ولابد انه فعل ذلك لشعوره بالضيق بسبب فراق وعد لذلك هي لم ترد ان تتشاجر معه.
....
عاد الياس بعد ان احضر مفاتيح سيارته ثم ركب السيارة لتركب وعد بجانبه و عينيها مغرقة بالدموع و مع ذلك فهي ابتسمت وهي تودع اهلها.
خرجت سيارة زين من الفيلا ليخرج الياس بعده.
***في سيارة الياس***
كانت وعد تنظر من نافذة السيارة بشرود و لم تنتبه لمن ينظر لها كل دقيقة.
قطع ذلك ال**ت الياس وهو يقول بهدوء: زعلانة مني؟
قضبت وعد حاجبيها ثم نظرت الى الياس و قالت بعدم فهم: ليه ازعل منك؟
الياس : لاني زمان وعدتك اني مش هسيبك.
ابتسمت وعد بشكل لطيف ثم قالت: انا ابدا ابدا مش ممكن ازعل منك.
تن*د الياس براحة ثم قال: كل يوم كلميني تمام؟
وعد: حاضر.
الياس: ولو مش مرتاحة كلميني وانا هجيلك اخدك.
وعد : تمام.
ظل الياس يتحدث مع وعد طوال الطريق و بالتأكيد كان يخبرها طوال الوقت بأنها ان لم تشعر بالراحة فعليها مهاتفته لآخذها وهو لا ينكر انه تمنى من داخله ان لا ترتاح في ذلك المكان.
***في سيارة زين***
كان عبدالله جالس و على ملامحه الغضب فقال زين بحذر : انت كويس يا عمي؟
عبدالله بضيق: مانتش عارف ايه اللي ممكن يجرى لما وعد تروح البيت ؟
نظر زين الى الطريق ثم قال بنبرة هادئة و مريبة في آن واحد :سيبلي انا وعد و متشغلش بالك بيها خالص.
زفر عبدالله ثم قال: وانا اشغل بالي بيها ليه عاد؟ كفاية البلوتين اللي جاعدين عندي في البيت دول.
ضحك زين ثم تابع القيادة وهو ينوي على شيء ما.
اما عمه ففقط كان يفكر بما قد يحصل فور وصول وعد الى بيته.
.......
بعد بضع ساعات كان زين قد توقف بالسيارة امام منزل كبير للغاية اشبه بالقصر فترجل من السيارة ليترجل عبدالله بعده
***في سيارة الياس***
كانت وعد قد غفت فقام الياس بإيقاظها بلطف وهو يقول: دودي..وعد اصحي يلا.
فتحت وعد عينيها ثم ابتسمت بشكل تلقائي ما ان رأت الياس امامها اما هو فتابع قائلاً: خلاص وصلنا.
دعكت وعد عينيها ثم نظرت حولها و ما ان استوعبت ما يحدث حتى ترجلت من السيارة لتنظر الى ذلك المنزل بذهول.
اقترب زين من وعد ثم ابتسم بشكل لطيف و قال: نورتي بيتك يا بنت عمي.
رفع الياس حاجبه ثم نظر الى زين باحتقار من الاعلى الى الاسفل و لم يعقب بينما ابتسمت وعد و قالت : بنورك.
عبدالله بوقاحة : متشكرين على تعبك معانا يا سيادة الرائد.
علم الياس مقصد عبد الله بحديثه فأجابه بجمود: مفيش تعب.
زفر عبدالله ليلتفت الياس الى وعد ثم يبتسم و يقول: انا هروح دلوقتي يا دودي.
بدأت وعد تنظر حولها بأعين زائغة و شعرت بالفزع فأمسكت يد الياس بشكل تلقائي و قالت بصوت ضعيف: انا خايفة.
لحسن الحظ ان عبدالله كان قد دخل والا كان قد فتك بوعد على حركتها تلك ولكن زين قال بصوت خشن بعض الشيء : خايفة من ايه يا بنت عمي؟ ده بيت ابوكي.
لم تلتفت له وعد وانما تشبثت بيد الياس اكثر و قالت: خلاص مش عايزة اقعد هنا.
كانت كلماتها كفيلة بتحطيم قلبه فها هي صغيرته تطلب منه البقاء وهو لا يستطيع ان يفعل اي شيء لها ف*نفيذ وصية الميت واجب.
اقترب زين من وعد و ما كاد يمسك يدها الا ان الياس اعطاه نظرة قاتلة و قال بحدة : اياك تقرب منها.
ابتسم زين بسخرية ثم ترجع للخلف و رفع يديه كعلامة على انه بعيد بينما قال الياس بحنو لوعد التي تبكي بحرقة وهي متشبثة بذراعه بكلتا يديها: دودي احنا اتفقنا انك مش هتعيطي صح؟
اماءت وعد له ليتابع هو : و دايما هتتصلي بيا تمام؟
ابتعدت وعد عنه ثم مسحت دموعها و ابتسمت قائلة : تمام.
ابتسم الياس ثم قال: يلا هروح انا دلوقتي.
وعد: طيب ...سلام.
الياس: سلام.
توجه الياس الى سيارته ثم ركبها و انطلق بها امام انظار وعد.
اقترب زين منها ثم قال بهدوء: مش هتدخلي؟
التفتت وعد له ثم اماءت دون ان تجيبه ليتابع هو: البواب خد شنطك للاوضة بتاعتك.
وعد بصوت مبحوح: طيب ماشي.
ابتسم زين ثم قال : بصي انا مش عايزك تخافي من اي حاجة وانا موجود ولو فيه حاجة زعلتك قوليلي.
رفعت وعد رأسها له ثم قالت : حاضر.
زين: يلا ندخل بقى لحسن الجو برد و شوية و هنتجمد هنا.
ابتسمت وعد بشكل لطيف ثم دخلت الى المنزل مع زين.
***في منزل عبد الله***
دخلت وعد لتنظر الى المنزل بذهول فقد كان كبير للغاية و قطع تلك اللحظة زين وهو يقول: وعد.
التفتت وعد الى زين ثم قالت: نعم؟
حك زين م***ة رأسه ثم قال: بصي انتي ملكيش دعوة بأي حد من اللي في البيت هنا تمام؟
قضبت وعد حاجبيها ثم قالت : ليه ؟ هو في مين هنا؟
تنحنح زين ثم قال: بصراحة كده عمي كان هو اللي هيقولك بس انا مش عايزك تتصدمي كفاية ان الوضع غريب عليكي.
وعد بقلق : طيب قول.
زين: عمي متجوز.
قضبت وعد حاجبيها ثم قالت: طيب ايه المشكلة؟
زين: المشكلة انه متجوز من قبل ما انتي تتولدي اصلا و عنده بنتين اكبر منك.
وعد بصدمة: نعم؟!
يتبع...?