عاد جوني إلى منزل إيميليا وإيفا، محاولًا التظاهر بالهدوء، بينما كانت الفوضى تعصف بالمكان. كانت إيميليا منهارة، وجهها شاحب وعيناها متورمتان من كثرة البكاء. أما إيفا، فكانت تجلس على الدرج، تحضن دميتها الصغيرة بقوة وكأنها تحاول التشبث بأي شيء يمنحها الأمان.
إيميليا (بصوت مبحوح وهي تنظر إلى جوني): "أخبرني أن هذا كابوس… أن بينجامين لن يبقى في السجن طويلًا."
جوني تن*د ببطء، ثم جلس على الأريكة، مظهِرًا تعاطفًا زائفًا.
جوني: "إيميليا… الوضع ليس سهلًا. بينجامين كان غارقًا في الديون، والآن هناك أمر بالاستيلاء على المنزل بسبب الضمانات المالية التي وضعها."
وضعت إيميليا يديها على رأسها، وكأن الكلمات كانت ض*بات سيف تقطعها ببطء.
إيميليا (بصوت من**ر): "لا يمكن… لا يمكن أن يحدث هذا. أين سنذهب؟ ماذا عن إيفا؟ لا يمكننا أن نصبح مشردين!"
اقترب جوني منها قليلًا، وضع يده على كتفها في محاولة لطمأنتها.
جوني (بهدوء مبالغ فيه): "أنا هنا، لن أترككما. سأجد حلًا."
رفعت إيميليا نظرها إليه، عيناها مليئتان بالدموع والشعور بالعجز. لأول مرة، بدأ جوني يبدو وكأنه المنقذ الوحيد.
أما إيفا، فقد همست بصوت ضعيف: "أريد والدي…"
جوني نظر إليها بابتسامة خفيفة، ثم قال: "لا تقلقي، صغيرتي. كل شيء سيكون بخير."
لكن الحقيقة كانت أبعد ما تكون عن ذلك.
أمسك جوني بورقة أمر الاستيلاء، يقرأها بتمعن بينما كان وجهه يحمل مزيجًا من التعاطف والتفكير العميق. عندما رفعت إيميليا نظرها ورأت الختم الرسمي والكلمات القاسية التي تعلن عن فقدان منزلهم وأثاثهم، اتسعت عيناها بصدمة.
إيميليا (بصوت متحشرج): "لا… لا يمكن… هذا منزلنا… كيف يمكنهم أخذه؟!"
بدأت أنفاسها تتسارع، تراجعت إلى الخلف وهي تشعر بدوار شديد، لم تستطع تحمل الصدمة أكثر… لم يمضِ سوى لحظات حتى فقدت وعيها وسقطت على الأرض.
إيفا (بصوت مرتعب): "أمي!!"
هرع جوني إليها بسرعة، رفعها قليلاً وهزّها برفق، لكن إيميليا لم تستجب. نظر إلى إيفا التي كانت على وشك الانهيار، ثم قرر أن يحمل إيميليا إلى الأريكة.
جوني (بصوت هادئ لكنه جاد): "إيفا، أحضري لها ماءً باردًا، بسرعة."
ركضت إيفا إلى المطبخ، وعادت بكوب ماء، يداها ترتجفان. بلل جوني قطعة قماش صغيرة ومررها على جبين إيميليا، وبعد لحظات بدأت تتنفس بعمق وعادت إلى وعيها ببطء.
فتحت عينيها ببطء، نظرت إلى جوني، ثم إلى الورقة التي كانت لا تزال في يده، وتذكرت الحقيقة المروعة التي تنتظرها. دموعها انسابت ب**ت، ولم تستطع النطق بكلمة واحدة.
جلس جوني بجانبها وقال بصوت خافت لكنه حازم: "إيميليا، أعلم أن هذا صعب، لكن يجب أن نتصرف بسرعة. لا يمكنك الاستسلام الآن."
لكن هل كانت هناك فرصة للنجاة حقًا؟ أم أن هذه مجرد بداية الانحدار نحو الأسوأ؟
في تلك الأثناء، داخل زنزانة باردة ومظلمة، جلس بينجامين على المقعد الخشبي، يحدّق في الجدران الصامتة التي بدت وكأنها تضيق عليه أكثر فأكثر. كان قلبه يخفق بعنف، ويداه ترتجفان، ليس فقط بسبب الخوف من المستقبل، ولكن أيضًا بسبب الشعور بالذنب الذي كان يثقل ص*ره كالصخرة.
بينجامين (بصوت متحشرج): "ماذا فعلت… كيف أوصلت عائلتي إلى هذا الحال؟"
كان ذهنه يعج بالصور المتداخلة—إيفا الصغيرة وهي تبكي، إيميليا المنهارة، منزله الذي بات مهددًا بالضياع… لم يكن يعلم أن قراراته الخاطئة ستقوده إلى هذا المصير.
في المشفى، كانت إيميليا مستلقية على السرير الأبيض، أنفاسها غير مستقرة، وجهها شاحب بشكل مرعب. جلست إيفا بجانبها، تمسك يدها الصغيرة بأمها وكأنها تحاول منعها من الرحيل، بينما وقف جوني أمام الطبيب الذي كان يقلب بعض الأوراق.
الطبيب (بجدية): "إغماؤها كان نتيجة صدمة نفسية حادة. حالتها متدهورة بسبب الضغط العصبي والتوتر، تحتاج إلى راحة تامة، وإلا فقد تنهار تمامًا."
أخذ جوني نفسًا عميقًا، ناظرًا إلى إيميليا التي بدت وكأنها تحمل جبالًا فوق ص*رها. لم يكن الأمر سهلاً، ولكن لا يمكنه تركهم هكذا.
اقترب من إيفا، وضع يده على كتفها برفق وقال بصوت مطمئن: "سنهتم بها، لا تقلقي، حسناً؟"
لكن إيفا لم تجب، فقط أبقت رأسها منخفضًا، تحاول كبت دموعها.
بينما كان جوني يفكر في الخطوة التالية، رن هاتفه، وعندما نظر إلى الشاشة، اتسعت عيناه… كان اتصالًا من المحامي، وكان يعلم أن الأخبار القادمة قد تكون أسوأ مما يتوقع.
شعر جوني بغصة في حلقه وهو يسمع كلمات المحامي، فرك جبينه بإحباط قبل أن يرد بصوت منخفض:
جوني: "هل هناك أي طريقة لمنع ذلك؟ هل يمكننا التفاوض على تقسيط المبلغ أو إيجاد حل آخر؟"
المحامي (بتنهيدة): "للأسف، المبلغ كبير جدًا، والشركة لا تريد المخاطرة. يريدون ضمانًا كاملاً، والمنزل هو أكبر أصل يمكنهم الاستيلاء عليه. إذا لم يتم دفع الدين في أقرب وقت، فسيتم تنفيذ القرار قانونيًا."
أغلق جوني الهاتف ببطء، ثم رفع عينيه نحو إيميليا، التي كانت لا تزال فاقدة الوعي، وإيفا التي كانت تمسك بيدها وكأنها تخشى أن تفلت منها. كان يعلم أن الوقت ينفد، وأن الأمور تزداد سوءًا.
خرج من الغرفة للحظات، وسحب نفسًا عميقًا محاولًا استجماع أفكاره. لم يكن بإمكانه تركهم في الشارع، لكن الأموال التي يمتلكها لن تكفي لإنقاذ المنزل. فكر في بيع سيارته الخاصة أو حتى أخذ قرض، لكنه لم يكن متأكدًا إن كان ذلك سيغطي المبلغ المطلوب.
عاد إلى الغرفة ونظر إلى إيفا، التي رفعت رأسها أخيرًا لتنظر إليه بعينيها الممتلئتين بالدموع.
إيفا (بصوت مرتجف): "هل سيأخذون منزلنا حقًا؟"
جثا جوني أمامها، وضع يده على كتفها برفق، وقال بصوت ثابت: "أنا لن أدع ذلك يحدث. سأجد حلاً، أعدك بذلك."
لكن داخله كان يعج بالقلق… هل سيتمكن حقًا من إنقاذهم قبل فوات الأوان؟