طريق بلا عودة

527 Words
طريق بلا عودة جلس بينجامين على مكتبه، يحدّق في الورقة التي خطّ عليها قائمة بما يملكه: السيارة (أهم وسيلة نقل له ولعائلته) ساعة والده القديمة (آخر ما تبقى من ذكرياته معه) الأثاث الفاخر (هدية زفافه لإيميليا) أسهم صغيرة في الشركة (قيمتها تراجعت لكنها تبقى شيئًا) شعر أن قلبه يغرق مع كل خيار. بيع هذه الأشياء يعني الاعتراف بالفشل، بالانهيار التام. لكنه لم يكن يملك رفاهية الكرامة الآن. كان جوني يقف إلى جانبه، يدخن سيجارة ببطء، وكأن الأمر لا يعنيه كثيرًا. جوني (ببرود): "لا تفكر كثيرًا، يا صديقي. السيارة وحدها ستغطي نصف المبلغ. الباقي ستدبره بسهولة." بينجامين (بحزن): "لكن… إنها سيارتي. كيف سأتنقل؟ كيف سأوصل إيفا إلى المدرسة؟" جوني (ساخرًا): "هل تفضل التنقل بالحافلة، أم التنقل بين جدران السجن؟" **ت بينجامين. كان الأمر واضحًا، لكنه موجع. بعد ساعات قليلة، كان يقف في معرض السيارات، يراقب التاجر وهو يدوّن التفاصيل. شعر وكأنه يبيع جزءًا من نفسه. وقّع الأوراق بأصابع مرتعشة، ثم استلم النقود. في المساء، عاد إلى المنزل. جلس على الطاولة ب**ت، وإلى جانبه إيميليا التي لم تنبس ببنت شفة. كانت تعلم ما فعله. كانت تعلم أن الرجل الذي تزوجته قبل سنوات بدأ ينهار أمام عينيها. إيميليا (بهدوء لكن بنبرة لائمة): "بعت السيارة، أليس كذلك؟" بينجامين (بهمس): "لم يكن لدي خيار." إيميليا (تنهض من مكانها بغضب مكتوم): "هناك دائمًا خيار، لكنك دائمًا تختار الأسوأ!" حدق بها للحظات، ثم خفض رأسه. كانت كلمتها الأخيرة حادة، لكنها لم تكن بعيدة عن الحقيقة. في غرفتها، كانت إيفا تسترق السمع. شعرت بشيء ثقيل يجثم على قلبها. لم تعد تفهم كيف تحولت عائلتها إلى هذه الفوضى. أما جوني، فكان يقف خارج المنزل، يراقب الأضواء الخافتة في الداخل، وسيجارته تشتعل في الظلام. ابتسم بسخرية وهمس لنفسه: "حسنًا، لنرَ إلى أي مدى يمكنك الانحدار يا بينجامين." مرّ الأسبوع ثقيلًا على بينجامين، كأن الأيام تتآمر عليه لتجرده من كل شيء. رغم بيعه لسيارته وبعض ممتلكاته، لم يكن المبلغ كافيًا لتغطية الديون، ومع ضغوط الشركة وإصرار الدائنين، لم يكن هناك مهرب. في صباح يوم الجمعة، وبينما كان في مكتبه يحاول يائسًا إيجاد حل، دخل عليه رجلان ببدلات رسمية، برفقة شرطي. الشرطي (بصوت صارم): "السيد بينجامين روس؟ لد*ك أمر قبض بتهمة الاحتيال المالي والتخلف عن سداد الديون." تجمد جسده، وسقط القلم من يده. نظر إلى جوني، الذي وقف متوترًا لكنه لم ينبس ببنت شفة. بينجامين (بصوت مبحوح): "لا… لا بد أن هناك خطأ!" الشرطي (ببرود): "يمكنك قول ذلك للمحكمة." قبل أن يستوعب الموقف، كان يُقاد مكبل اليدين وسط نظرات الموظفين في الشركة. همسات، نظرات صدمة، وبعضهم هز رأسه باستنكار. خرج إلى الشارع، حيث كانت سيارة الشرطة تنتظره. لم يستطع رفع رأسه، لم يستطع مواجهة الحقيقة. في المنزل، تلقت إيميليا الخبر عبر مكالمة من جوني، الذي بدا وكأنه يتحدث بلا مبالاة، كأن الأمر لم يكن صادمًا كما هو عليه حقًا. إيميليا (بصوت مرتجف): "هل… هل أنت متأكد؟" جوني (بهدوء غريب): "نعم، أخذوه للتو. إنه في مركز الشرطة الآن." سقط الهاتف من يدها، وقفت للحظات بلا حركة. شعرت كأن الأرض انهارت تحتها. نظرت إلى إيفا، التي كانت تلعب في غرفتها ببراءة، لا تعلم أن والدها قد سقط في الهاوية. في المساء، جلست على الأريكة، يداها متشابكتان بقوة. أفكارها تتلاطم. ماذا ستفعل الآن؟ كيف ستخبر إيفا؟ وكيف ستواجه هذه الحقيقة؟ أما جوني، فكان يقف في شرفته يحتسي شرابه ببطء، يراقب المدينة بأضوائها الباهتة. ابتسم لنفسه وهمس: "كان الأمر أسرع مما توقعت، بينجامين."
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD