مرت الأيام ببطء على إيفا، وكانت الغرف التي كانت محتجزة فيها تبدو أكثر عزلة من أي وقت مضى. شعرت بأن الحياة فقدت معناها، وأنها محاصرة بين جدران لا مفر منها. كانت صامتة طوال الوقت، عيونها شاردة، بينما كانت أفكارها تتنقل بين ما مرت به وما قد يحدث في المستقبل. الصدمة التي تعرضت لها كانت ثقيلة جدًا عليها، ولم تجد في كلمات الآخرين ما يمكن أن يخفف من ألمها.
حاول الأعضاء التحدث إليها بين الحين والآخر، لكن كان ردها دائمًا ال**ت. كانوا يلاحظون كيف تبتعد عنهم، وكيف أن قلبها م**ور، لكنهم لم يعرفوا كيف يمكنهم الوصول إليها. كان جون لي يراقبها بقلق، يحاول مرارًا وتكرارًا الاقتراب منها، إلا أن إيفا كانت تتجنب الجميع، وكأنها لا تستطيع التعايش مع الوضع أو حتى تقبله.
في تلك الأوقات الصعبة، كان يمر عليها بعض اللحظات التي تشعر فيها باليأس الشديد، تسأل نفسها إن كانت ستظل هكذا إلى الأبد، في مكان لا تعرف فيه حتى من يمكن أن تثق به. في لحظات الوحدة تلك، كانت أفكارها تدور حول آنا، وصديقتها الوحيدة التي تركتها وراءها. كانت تتمنى لو أن بإمكانها الهروب مرة أخرى، لكنها كانت تعلم في أعماقها أن الهروب لم يعد خيارًا.
كانت إيفا تستسلم لواقعها، ولكن قلبها لم يكن قد فقد الأمل تمامًا.
في أحد الأيام، اجتمع القائد هنري مع باقي الأعضاء في غرفة الاجتماعات لمناقشة الوضع المتعلق بـ إيفا. كانت مسألة تحديد ما إذا كان لديها قوة خاصة أم لا قد أصبحت محورية بالنسبة لهم، حيث كان كل عضو في المنظمة يدرك أن تلك القدرة، إن وجدت، قد تغير مجرى الأمور.
هنري نظر إلى الجميع ب**ت قبل أن يبدأ الحديث بصوته الجاد:
"نحتاج إلى التأكد من قدرتها. إنها تمثل تهديدًا محتملاً، لكننا لا نعلم حتى الآن ما هي قدرتها الفعلية. هل هي مثلنا أم لا؟ هل يمكنها التحكم فيها؟"
تايلور، الذي كان دائمًا ما يملك طاقة كبيرة وعقلية استراتيجية، رفع يده قائلاً:
"لقد لاحظت أنها لم تظهر أي سلوك غير عادي بعد الحادثة. جروحها كانت خطيرة، ومن الطبيعي أن تكون ضعيفة، لكن حتى في لحظات قلقها أو انفعالها، لم تلاحظ أي آثار خارقة."
أضاف ويليام، الذي كان يراقب إيفا عن كثب:
"لكننا لا يمكننا تجاهل الاحتمالات. لديها ميول فريدة في طريقة تفاعلها مع المواقف، وسلوكها ليس كما هو مع غيرها. هناك شيء مختلف."
جاك، الذي كان يفضل التعامل مع الأمور بسرعة، اقترب وقال:
"ربما نحتاج لاختبارها بشكل مباشر. شيء يتطلب الضغط عليها. قد نكتشف ما يمكن أن تفعله فقط في لحظات التوتر."
ولكن فريدريك، الذي كان دائمًا يفضل توخي الحذر، عارض قائلاً:
"نحتاج أن نكون حذرين، ليس فقط من قدرتها المحتملة، ولكن أيضًا من الآثار النفسية التي قد تترتب على الضغط عليها في تلك الحالة. إذا كانت تمتلك قوى، فقد يؤدي الضغط إلى نتائج غير متوقعة."
هنري استمع إليهم جميعًا بتركيز، وعيناه مليئتان بالجدية، ثم قال:
"الأمر ليس بهذه البساطة. نحتاج إلى استخدام أساليب دقيقة لاختبارها، دون أن نشعرها أننا نختبرها بشكل علني. سأركز على أن تبقى تحت المراقبة. في الوقت نفسه، أندرو، أريدك أن تستمر في مراقبة صحتها النفسية، فقد يكون هناك رابط بين قوتها وبين حالتها الحالية."
ثم نظر إلى الجميع وقال بحزم:
"لا تتركوا شيء للصدفة. نحن بحاجة لمعرفة الحقيقة."
كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، وكان الجميع يدرك أن اكتشاف إيفا قد يكون بداية لمرحلة جديدة في المنظمة، لكنهم في نفس الوقت كانوا مترددين في أن تتسبب تلك الحقيقة في مزيد من الاضطراب بين صفوفهم.
على الرغم من محاولات المنظمة المستمرة لاكتشاف قوة إيفا، لم تظهر أي شيء غير عادي. لقد مروا بجميع الاختبارات التي كانت تستهدف الضغط عليها جسديًا وعقليًا، بدءًا من اختبارات جسدية بسيطة إلى اختبارات ذهنية متطورة، لكن لم يكن هناك أي أثر للقوى التي كانوا يتوقعونها.
في إحدى الجلسات التي عقدها هنري مع الأعضاء، نظر الجميع إلى بعضهم البعض في **ت، فقد كانوا في حيرة من أمرهم.
هنري: "لقد جربنا كل شيء. لم تظهر أي رد فعل غير طبيعي. لا قوة خارقة، لا تغيير في سلوكها. ماذا يعني هذا؟ هل نحن على خطأ؟"
تايلور نظر إلى إيفا التي كانت جالسة في الزاوية، شاردة الذهن وكأنها بعيدة عن الجميع، وقال بتردد:
"لكنها... إنها ليست قوية، حقًا. ربما كانت مجرد فتاة في وضع صعب ونحن فهمنا الأمر بشكل خاطئ. قد تكون مجرد ضحية."
ويليام، الذي كان يراقب إيفا عن كثب، عقد حاجبيه وقال بصوت خافت:
"ربما تكون قوتها مختفية. أو ربما لم نضغط عليها بما فيه الكفاية."
جاك، الذي كان قد بدأ يفقد صبره، قال غاضبًا:
"لقد اختبرنا كل شيء، ولم نجد شيئًا. قد تكون مجرد فتاة ضعيفة بالفعل، كما يبدو. لا شيء يستحق كل هذه الفوضى."
لكن هنري كان يشك في هذه الفكرة، فهو يعرف أن الأمور لا يمكن أن تكون بهذه البساطة. كان يعلم أن إيفا لا يمكن أن تكون مجرد ضحية بريئة، كما أن أسئلة كثيرة بقيت دون إجابة، مثل كيف نجت من الهجوم المميت، ولماذا كانت محط اهتمام المنظمة في المقام الأول.
هنري: "لا أصدق أن الأمر قد انتهى هكذا. هناك شيء في داخلها، لكننا لم نكتشفه بعد. يمكن أن تكون هناك قوة كامنة لم تكتمل بعد، أو ربما... ربما تكون قوتها مرتبطة بشيء خارجي."
في تلك اللحظة، نظر فريدريك إلى هنري وقال بحذر:
"ربما نحن فقط لا نفهم قوتها بشكل كامل. ربما قوتها ليست مرتبطة بالقدرة الجسدية. قد تكون هناك جوانب نفسية أو روحية لا تظهر بسهولة. علينا أن نكون أكثر صبرًا."
لكن هنري شعر بالضغوط تتراكم عليه. لم يعد يشعر بالراحة في الطريقة التي يتم التعامل بها مع إيفا، وبدأ يشعر بالقلق من أن هناك شيئًا أكبر يخبئه الجميع عنهم.
وفي تلك اللحظة، قرر أن يتحرك خطوة أخرى لمعرفة الحقيقة، مهما كلفه الأمر.
بينما كان الجميع في غرفة الاجتماعات يتناقشون، كان القائد هنري يراقب جون لي في **ت. لقد شعر بشيء غير مريح في تصرفات الأخير. كان يبدو أنه متوتر، يتجنب النظر في عيون الجميع وكأن لديه شيئًا يخفيه. كان هنري قد لاحظ تغيرًا في سلوك جون لي منذ وصول إيفا إلى المنظمة. لم يكن سلوكه معتادًا، وكان يبدو عليه القلق بشكل غير طبيعي.
هنري: (بصوت هادئ)
"جون لي، ماذا تعتقد؟ هل هناك شيء آخر يجب أن نعرفه؟"
وقف جون لي في مكانه، محاولًا إخفاء توتره. كان يتنفس بعمق، كما لو كان يحاول تجميع أفكاره قبل أن يجيب. لم يكن هنري بحاجة إلى إظهار أي قلق أكثر من ذلك؛ فقد كان يعرف أن هناك شيءًا ما غامضًا يدور في ذهنه. في النهاية، قرر أن يبقى هادئًا ولم يضغط عليه بشكل مباشر، لكنه قرر أنه سيلاحق الأمر في وقت لاحق.
جون لي: (محاولًا أن يكون هادئًا)
"أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من الوقت. إيفا في حالة صعبة، ويجب أن نكون حذرين في التعامل معها. أعتقد أننا يجب أن نركز على استقرار حالتها النفسية أولاً قبل أي شيء آخر."
لكن هنري لم يكن مقتنعًا. كان يعرف أن جون لي يراوغ، وكان يقف هناك في **ت وهو يفكر فيما إذا كان يجب أن يواجهه أو يتركه على حاله. هنري، الذي كان يعلم جيدًا كيفية قراءة الأشخاص، شعر أن هناك شيئًا غير قيل بعد. لم يكن لي يولي أهمية كبيرة لما يحدث الآن مع إيفا؛ وكان هنري يظن أن لديه دوافع خفية، ربما مرتبطة بعلاقته السابقة مع والد إيفا.
هنري: (بتحدي)
"إذا كنت تظن أنه يجب أن ننتظر، فذلك يعني أنك على دراية بشيء لم تخبرنا به بعد."
هز جون لي رأسه بسرعة، وكأن الكلمات قد خانته، لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة، وقال:
"لا شيء. أنا فقط أريد أن نتعامل مع الوضع بحذر. إيفا ليست شخصًا عاديًا، ونحن بحاجة لفهم وضعها بالكامل. إذا كان هناك شيء يجب أن نعرفه، فسيظهر في الوقت المناسب."
هنري لم يقتنع تمامًا بما قاله جون لي، لكن قرر أنه لن يفضحه الآن. الضغط الذي كان يشعر به كان يزداد كلما كان يلاحظ التوتر على وجهه، لكن هنري كان يعرف أن الوقت سيأتي حيث ستكشف الحقائق نفسها. كانت هناك أشياء أكبر بكثير مما يمكن أن يتخيلها الجميع، وكان هنري على يقين أن إيفا ليست فقط ضحية بل تحمل في طياتها شيء غامض سيغير الأمور.
هنري: (بحزم)
"لن ننتظر طويلًا. الوقت ليس في صالحنا، ولا في صالحها."
مع هذه الكلمات، خرج الجميع من الغرفة، لكن هنري ظل واقفًا لحظة طويلة، يفكر في كل شيء كان يجري خلف الكواليس، وعلى الرغم من أنه كان يراقب الجميع، إلا أن عيناه لم تفارقا جون لي، الذي كان يحمل في قلبه سرًا لم يكن مستعدًا بعد للكشف عنه.