قيود الاسرة

755 Words
صباح متوتر استيقظت إيفا على ضوء خافت يتسلل عبر ستائر غرفتها، تململت قليلًا قبل أن تنهض متثاقلة. كان الصباح باردًا، لكنها لم تكن تشعر بشيء سوى التوتر الذي بدأ يتسلل إليها منذ الأمس. حين التقطت هاتفها، وجدت رسالة من جوني: "سأمر لرؤيتك في المدرسة اليوم." ابتسمت لا إراديًا، لكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها حين أدركت أن والدتها قد تكون رأت الرسالة قبلها. استدارت بسرعة نحو باب غرفتها، متوقعة أن تراه مفتوحًا كما تفعل والدتها عندما تدخل خلسة لتتفقد أغراضها. لكنها وجدته مغلقًا. تن*دت بارتياح وبدأت ترتدي ملابسها على عجل. كان عليها أن تسرع، فاليوم ينتظرها الكثير. في المطبخ، كانت إيميليا واقفة أمام الموقد، تقلب القهوة في كوبها ب**ت. على الطاولة، كان بينجامين يجلس بهدوء، يرتشف قهوته وكأنه يعيش في عالم آخر. دخلت إيفا وجلست أمامهما، قائلة بصوت مرح: "صباح الخير، أمي، أبي." ردت إيميليا بصوت خافت وهي تضع الفطور أمامها: "صباح الخير، تبدين متحمسة اليوم... ما الأمر؟" هزت الفتاة كتفيها وأجابت وهي تلتهم طعامها بسرعة: "لا شيء مهم، فقط لدي دوام هذا الصباح." نهضت بعدها مباشرة، ارتدت معطفها وأخذت حقيبتها قبل أن تغادر. كانت تعلم أن والدتها تراقبها بنظراتها الحادة، لكنها لم تهتم، أو بالأحرى، لم تكن تريد أن تهتم. --- عشاء هادئ... ثم عاصف في المساء، كانت إيميليا تعد العشاء، بينما كانت إيفا جالسة أمام التلفاز، مسترخية تمامًا. "إيفا، سيأتي والدك في أي لحظة، اتركي التلفاز ورتبي المكان." تمتمت إيفا وهي تنظر حولها بلا مبالاة: "إنه مرتب بالفعل يا أمي." لكن صوت خطوات إيميليا وهي تتقدم نحوها جعلها تستقيم في جلستها، قبل أن تسمع والدتها تقول بصرامة: "الوسائد على الأرض، وطريقتك في الجلوس غير لائقة. هذا لا يعجبني أبدًا." تأففت إيفا ونهضت لترتب الوسائد قائلة: "كل يوم نرتب المنزل، وبالنهاية يعود كما كان عليه، فما الفائدة؟" "إن لم يعجبكِ، فستُعاقبين بالبقاء في غرفتك نهاية الأسبوع." "أمي... أنتِ لا تسمحين لي بالخروج مع صديقاتي أصلًا، كما أنكِ تراقبينني طوال الوقت، ولا أحصل حتى على مصروف جيد!" "لأنك تتغيبين عن المدرسة! كيف لا أقلق عليكِ؟" وبدأ الجدال المعتاد بينهما، حتى قاطعهما صوت الباب يُفتح، ودخل بينجامين ومعه جوني. "أهلًا بكم، جئت مع صديقي جوني." ابتسم جوني وهو يحييهم: "مساء الخير." ردت إيميليا بابتسامة مجاملة: "أهلًا وسهلًا." بينما خلع بينجامين معطفه وألقاه باتجاه إيفا، قائلاً بصوت متسلط: "خذي هذه المعاطف وعلقيها." التقطتها الفتاة بفتور، لكنها رفعت عينيها نحو جوني الذي نظر إليها وسأل بلطف: "كيف حالكِ اليوم؟" "بخير..." قالتها بصوت منخفض وهي تعلق المعاطف، ثم اختفت في المطبخ. في هذه الأثناء، جلست إيميليا على الطاولة وهي تحاول بدء محادثة طبيعية: "كيف حال العمل؟" تن*د بينجامين وأجاب ببرود: "لا أريد أن أتذكر أنني كنت أعمل أصلًا." "أنا فقط..." "لا أريد الحديث عن أمور تافهة." قاطعها بنفاد صبر وهو يجلس، فتمتمت إيفا بسخرية: "بدأنا..." حاول جوني **ر التوتر قائلاً بابتسامة: "منزلك هادئ وجميل." ضحك بينجامين بخيلاء: "بفضل إنجازاتي." نهضت إيفا وقالت: "سأذهب لجلب المزيد من الماء." وحين دخلت المطبخ، وجدت والدتها تبكي ب**ت. "أمي..." اقتربت منها ووضعت يدها على كتفها. مسحت إيميليا دموعها بسرعة، لكنها قالت بصوت متحشرج: "لا تهتمي لكلامه، فقط... يؤلمني أن يعاملني هكذا." شدّت إيفا على يد والدتها بلطف: "هل تريدين أن أتحدث إليه؟" هزّت إيميليا رأسها سريعًا: "لا تتدخلي." تن*دت الفتاة ثم أخذت زجاجة الماء وعادت إلى غرفة الطعام. جلس الجميع يتناولون العشاء في **ت، حتى قطع جوني الهدوء بقوله: "ما رأيكَ، بينجامين، أن آخذ إيفا معي إلى معرض الكتب؟" "واو! فكرة رائعة!" قالتها إيفا بحماس. تردد بينجامين لوهلة قبل أن يجيب: "لمَ لا؟ في الحقيقة، أشعر بالطمأنينة عندما تكون إيفا معك." وفي تلك اللحظة، رنّ هاتف المنزل. "سأجيب." قال بينجامين ونهض، ثم رفع السماعة واستمع للحظات، قبل أن يصرخ: "ماذا؟!" نظر إلى إيفا بعينين مشتعلتين غضبًا: "إيفا، قولي لي بصدق، كم مرة تغيبتِ عن المدرسة؟" "أبي، لنناقش الأمر لاحقًا..." لكن صوته انفجر في وجهها: "تتغيبين عن المدرسة، وتحضرين رجلًا إلى المنزل وتدّعين أنه والدك أيضًا؟!" "أبي، الأمر ليس كما تظن!" "لا أعذار! أنتِ معاقبة، ولن تخرجي هذا الأسبوع، وأنا من سيوصلكِ بنفسي إلى المدرسة!" ارتعشت شفتاها وهي تحاول السيطرة على دموعها، لكن جوني تدخّل سريعًا: "بينجامين، استمع إليّ... لقد طلبت مني أن أذهب بدلًا عنها لأن المديرة طلبت حضور أحد والديها. لم يكن لديها خيار، إنها تتعرض للتنمر، وهي حزينة فعلًا. حاولت مساعدتها فقط." انفجرت إيفا بالبكاء: "لماذا لا أحد يفهمني؟!" صرخ والدها: "ا**تي!" لكنها استمرت بالبكاء، وهي تهمس: "لا أحد يفهمني..." "علاماتك انخفضت! أين كنتِ تذهبين خارج المدرسة؟" جوني تدخل مجددًا، لكنه لم يجد إجابة. الحقيقة أنه لم يكن يعرف. تن*د بينجامين بعمق وقال بحزم: "إيميليا، أغلقي على إيفا باب غرفتها، يجب أن تتأدب." "لكن، بينجامين..." "افعلي ما قلت!" أخفضت إيميليا رأسها وذهبت لتنفيذ الأمر. أما جوني، فنهض وهو يمسك معطفه قائلاً بصوت هادئ لكنه بارد: "إذن، سأغادر الآن. ليلة سعيدة." وبخطوات مثقلة، خرج من المنزل، تاركًا خلفه **تًا أثقل من أي كلمات.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD