سلام ..

1402 Words
اسمي عجيب غريب ، لا يشبهني أبدا و لا اعلم الوحي الذي سول لوالدي تسميتي به ... ، سلام هل حقا سموني به ؟؟ لا أشبه الإسم و لا يشبهني و لا يوجد رابط مشترك في أسرتنا كي يسموني هكذا ، أعلم أن الإنسان لا تتم تسميته حسب شكله أو مكانه أو ظروفه ، لكن على الأقل كان يجب أن يختارو إسم مناسب أكثر لفتاة تعيش في واقع أسوأ من الحروب ، فالسلام معناه سلامة الروح و ليس ع**ها ، انا لا اجادل و لا أعترض إلا على إسم جميل لا يستحق صاحبته . . . . . . اختي الكبرى سلاف هي المفضلة عند أبي فهي مدللته و محبوبته الوحيدة و التي لا يرضى عليها كلمة واحدة ، اما سمير فهو المفضل لدى امي و لا ترى غيره في هذا الكون أبدا و انا اقع في الوسط في بؤرة غير معلومة ، لست حبيبه أحد ، ولا مفضلة لدى أي شخص ، و لا اعلم هل انا ولادة خاطئة ام هدية غير مرغوبة ، كبرت و تقريبا أسرتي لا يعلمون عني أي شئ سوى أنني دائما يجب أن اوبخ بسبب أو بدون حتى زرعت في داخلي بذرة الحذر و الخوف من لمس كل شئ حتى الأشياء التي تخصني ، كبرت و انا أتعرض للتنمر بين إخوتي و أيضا كان سمير و سلاف يطلقان علي لفظ المنبوذة ، كان هذا يضايقني كثيرا و لكن مع الوقت إعتدت على اللقب الذي بت أيضا اسمي به نفسي ، فحقا انا مجهولة منبوذة و أعتقد أن حتى اقاربنا يظنون أن لوالدي طفلين فقط و يتفاجئون عندما يروني ، لست ق**حة و ربما نظريا انا اجمل من اختي و لكن اتسائل دائما لما انا هكذا ، لا يدللني أحد أو يستمع لي أحد أو يرغب بي أحد ، لو كنت في ملجأ لوجدت معاملة أفضل من هذه ، لذا مع الزمن و مرور الأيام كانت الفجوة التي بيني و بين عائلتي تتفاقم و تكبر ، حتى أصبحت مجرة كبيرة تبعد الآلاف السنين الضوئية عنهم و كنت أفضل الوحدة و الجلوس مع وحدتي ، و عندما وصلت الثانوية قررت أهم قرار و أظن أن عائلتي لن ترفضه و كما توقعت لم يعترض أحد و قالوا أن هذه رغبتي و انا حرة ، اول مرة يتم تنفيذ طلب لي و أظن أنه ليس من أجلي و إنما من أجل راحتهم هم و من أجل أن يتخلصوا مني و من وجودي المزعج لهم ، اهم قرار كان ذهابي لمدرسة داخلية و ربما للان لا زالت أشعر أنه أكثر قرار صائب إتخذته في كل حياتي ، فمع هذا القرار تعدل الكثير و الكثير و تعلمت الكثير و لأول مرة كنت أشعر أن لي أحد في هذا الكون .... في بداية دخولي للمدرسة كنت إنطوائية جدا و لا أقترب من أحد و هذا ناتج من الحياة المليئة بالتوحد و التي كنت أعيشها ، كنت أبتعد و اتحاشى الاختلاط مع الفتيات و الاقتراب من أي شخص يحاول التقرب مني ، حتى ظن الجميع أنني مريضة نفسيا و في هذه كان معهم حق لأنني فعلا كنت مصابة بعقد نفسية كثيرة آنذاك ، لن أنسى الطاقم الإداري و المعلمات اللائي كن لطيفات و متفهمات معي و كن دائمآ يحاولن تخليصي من عقدي النفسية ، خصوصا المعلمة ريهام التي كانت الأم الحنونة لي ، بسببها استطعت التأقلم و بت أتصرف كلنا و مراهقة لسني و فتاة عادية معافاه من كل شئ ، انا وجدت الأم التي فقدتها بالحياة لأنها لم تشعرني بأنني إبنتها أو أنتمي لها بأي صفة ، لكن مع أمي ريهام و التي لازلت اناديها بأمي لليوم عرفت معنى البنوة ، أن تكون إبن أحدهم ، إحساس الإنتماء لشخص ما ، في مدرسة الصفاء وجدت الأسرة ، تعلمت الترابط و العمل ا****عي ، الإحترام ، السلام و معنى السلام ، وجدت أخيرا مكان انتمي له و الأهم من هذا كله وجدت الاهتمام بموهبتي ، فهنا قسم لكل المواهب الموسيقى ، الرقص ، الغناء ، الكتابة و الرسم و كل شيء ترغب به ، الجميع يدعم مواهبك ، هناك تطورت مهارات الرسم لدي على أيدي معلمين ممتازين و مهتمين بما تفعل أشخاص يشجعونك على ما ترغب به و كل هذا تحت شعار التربية قبل التعليم و هذا ما تفتقر له كثير من المدارس الآن هو أسلوب التربية.... كنا نسمي المديرة السيدة علياء بالعمدة لأنها حقا كانت مثل عمدة المدينة ، تهتم بكل ما يخص المدرسة و الطالبات ، تهتم بترقيتنا و تعليمنا و كل شئ ، تعلمت هنا روح التعاون وجدت اخوات كثيرات ، اخوات لم يتكبرن علي أو يشعرنني أنني حمقاء كما كانت تفعل سلاف و التي تشجعها اني ضدي ، هنا وجدت شادن و التي هي صديقة روحي و عمري ، تعلمت معها الاخوة الصادقة كنا ننام و نأكل و نشرب معا حتى أطلق علينا لقب التؤمان ، والدتها متوفية لكنها تمتلك أفضل أب في العالم ، لم يتزوج بعد امها و لا يرى شريكة مناسبة له بعدها ، و يحب إبنته كثيرا ، كان العم هادي هو الاب بالنسبة لي ، لانه عاملني بكل لطف خلال كل عطلة خرجت فيها مع شادن إلى منزلها ، كنت اتهرب من العودة للسجن الذي عشت فيه ، حتى أنني أحيانا ادعيت المرض و كانت والدتي الحبيبه المعلمة ريهام تتفهم ما أمر به و لا تناقشني تنتظر مني أن احكي لها و انا مستعدة من دون إجبار أو ضغط نفسي و جسدي فقط كانت تواسيني بكل حب . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .......... . . كانت العودة من المدرسة إلى دار الهموم هذه بالنسبة لي **ياق البعير إلى نحرها ، فكنت أنتظر أن تمر العطلة بسرعة البرق و لكن كانت تمر ببطئ شديد و لا تذهب بسرعة ، أتعرض للمضايقة من اختي و امي و الكلمات الجارحة من ابي ، وقتها كان سمير يرتاد الجيش و هي الخدمة الوطنية التي يجب على كل شاب القيام بها ، لكن مع كل عودة كنت أجده تغير تدريجيا و أصبح أكثر تعقل و أكثر لطف معي ، لا أعلم ما يعلمونه لهم داخل الجيش لكنني أحببت ذهابه لهناك لأنه ربما بسببه تعلم أن له أختا أخرى و لها مشاعر أيضا قد تتأذى و تصبح حزينة ، فوجدت أنه يحاول التقرب مني ، في البداية شعرت بالانكماش لانه دائما ما يخيفني و يشعرني أنني مجرد وهم ، و هو أيضا شعر بهذا لأنه سبب في هذا الانكماش و الابتعاد عنهم ، لكن مع الوقت أصبح حديثا يزداد أكثر ، لا نتعمق كثيرا لكن حديث لطيف محتواه الإهتمام و في خلال العطل كنت كثيرة الكلام بالهاتف مع شادن و المعلمة ريهام ، و التي تبدو السعادة واضحة بملامحي عندما أنادي معلمتي امي ، و أتبادل معهم الرسائل دائما و عندما أخبرتني المعلمة أنني فزت بالجائزة الأولى لمسابقة الرسامين بين المدارس و تفوقت على جميع الفتيات و الصبيان كانت السعادة لا تسعني ، لأول مرة تراني عائلتي أقفز من الفرح و عندما سألوني لم أخبرهم السبب الحقيقي ، لأنني لم أحب مشاركتهم سعادتي و فرحتي التي دائما كانوا السبب في حرماني منها ، لم أريد لوالدتي التي حرمتني حنانها أن تشعر بالنصر أمام السيدات بالمجتمع ببساطة إستكثرت عليهم فرحتي التي هي لي وحدي ، لكن وجدت سمير يبعث لي إبتسامة مكنونها الفرح فبادلته لها و عندما سألني لاحقا أخبرته بعد أن أخذت منه وعد أنه لن يخبر اي شخص و هو لم يناقشني ربما لأنه يعلم ما بي و ما علي و ما لا أريد لهم به مني ، أخبرتهم أن المخيم الصيفي سيبدأ و أنني أريد المشاركة فيه و حزمت حقيبة و ذهبت لأستلم جائزة المدرسة المقدمة لهم و الجائزة التي ستقدم لي ، طلبت من ابي هادي أن يشاركني فرحتي فلم يتردد و كان هو من أستلم معي الجائزة هو و شادن التي كانت أسعد مني بكثير و التي كانت تصرخ و تصفق بأعلى صوت لها و كنت سعيدة لسعادتها أكثر من فوزي بالجائزة لأن الأخت ليست هي التي تحمل نفس الدم الذي تحمله و إنما هي التي تملك لك مشاعر اقوى من التي لد*ك نحوها ، سند و يد قوية تمسك بك ، طاقة أمان كبرى لك في الحياة ..... مدرسة الصفاء كانت أسرة واحدة و لسنا غرباء عن بعضنا ، تعلمت فيها معنى الصدق في المشاعر و قوة الروابط ، نكرت الأنانية التى تعلمتها من عائلتي فكنت دائما أشعر بأنا فقط و الآن بت أشعر بنا نحن هنا جميعا ، ألم واحد ، فرح واحد و حلم واحد هو السلام و الأمان داخل الحياة كانت السيدة علياء تعلمنا شعار لازلنا نعيش على أثره و هو عش حياة سعيدة حتى تموت براحة سعيدة ، كنا فتيات طائشات صغيرات لا نفهم معنى كلماتها و الآن كلنا نعلم ما تقصد و ما ترمي له بهذه الكلمات التي حفرت في دواخلنا .....
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD