الفريسة و الصياد.

5000 Words
4 الفريسة و الصياد. -غادرت فريدة المسبح وعيناها تحدق بوجه صبري تتمني لو تنزع عن عيناه تلك النظارة التي أخفي خلفهما عيناه عنها ، خطت بإتجاهه لتسرع إحدى خادمات المنزل بإحاطة جسدها بمنشفتها لتستدير لها فريدة وتشكرها بإبتسامة رقيقة و تقول: -"لو سمحتي بلغيهم إننا هنتغدا هنا النهاردة". -شارد منذ رأها تتهادى بخطواتها وتقترب منه، أحس بقلبه يرجف كأنه صعق بتيار كهربي شديد، أغمض عيناه حتى يرأف بحاله بعدما ملكت جوارحه بأنوثتها الطاغية ، ليصله صوتها فتسائل أذاك صوتها أم هو شدو عصفور بري؟ -لام نفسه للمرة المائة بعد المليون على قبوله المجيء إلى منزلها و الإقامة فيه ، فهو لم يعد يقوى على تحمل المزيد منها ، فود لو يفر منها لأميال بعيدة ، فوهج جاذبيتها يكاد يطيح بكل عقله وتعقله. -لم تنتبه فريدة لرحيل الخادمة ، فقد كانت نظراتها تلاحق تعابير وجه صبري التي أضحت كشاشة تلفاز تتبدل المشاعر فوقها كما تتبدل القنوات، لترى ص*ره المتسارع الأنفاس ، وحبات العرق التي لمعت فوق جبينه ، و ذلك النبض الثائر في عنقه والذي جعلها تدرك إنه يحاول السيطرة على مشاعره ونفسه، أدركت فريدة بفطنتها أنها فازت بمشاعره ، فأرادت أن تتأكد من نصرها، فتركت مقعدها وهي تعلم علم اليقين أنه يتابعها كليث متواري فالأحراش ، وجلست بجانبه وقالت بصوت عذب هامس وهي تضع راحة يدها فوق ساقه: -"ممكن اتطفل عليك و أسئلك مالك يعني بعد ما لاحظت انك مش فحالتك الطبيعية وسرحان". -هلك تماما حين لامست ساقها بعفويه ساقه و أحست بحرارة تغزوه بسبب يدها التي إستندت إلى ساقه ، فأزدرد ل**به بإضطراب و أجبر عيناه على عدم النظر إليها و أجابها بصوت غلبته فيه مشاعره: -" أنا أصل يعني ! -فاجأته حين مدت أناملها و نزعت نظارته لتلقي بها بإهمال أمامها فقد اكتفت من أخفائه لعيناه عنها و حدقت بعيناه وقالت: -"ممكن أعرف مين اللي وخدك مني و مخليك سرحان وسايبني لوحدي بالشكل دا و حرمتني من إني انافسك فالسباحة علشان اشوف مين فينا اللي هي**ب". -بما يجيبها و يخبرها ، وهي السبب بما أصابه، تمنى لو يستطيع الإفصاح عما يشعر به نحوها ويطلعها على حيرته و صراعه الدائر بداخله، ولكن كيف فإن هو أنبائها بشيء ستعرف حينها بأنها أصبحت صاحبة القلب ، حار بكلماته للمرة الأولى في حياته لينقذه من الإجابة عليها رنين هاتفه الذي جعله يزفر بإرتياح ، ليبتسم لها معتذرا و هو يخرج هاتفه من جيب بنطاله ويعبس لرؤيته رقم الطبيب المعالج لشقيقته على رقم الطواريء الخاص به فأجاب لإتصاله وقال بقلق: -"خير يا دكتور ، حضرتك بتتصل على الخط دا ليه، طمني ارجوك هي ميار اختي حصلها حاجة ". -أتاه صوت الطبيب المضطرب يقول: -" بصراحة يا أستاذ صبري أنا بجد مش عارف أقول لحضرتك إيه اللي حصل اول مرة بجد يحصل فالمستشفى ، للأسف أخت حضرتك أتعرضت لإنتكاسه بعد جوزها ما جه وقعد معاها ، إحنا كنا رافضين انه يزورها بعد ما الطبيب المعالج اللي فريدة هانم اخدت رأيه فحالتها قال بلاش انه على وجه التحديد يزورها لكن هو هاج فينا وقال كلام كتير خارج احرجنا و هددنا و دخل غصب عننا و إتفاجئنا بصريخها وإنهيارها ولما طالبنا منه أنه يمشي، فقال إنه يخدها مستشفى تانية علشان مش واثق فينا ، هدد إنه هيلغ عننا إننا منعينه ياخد مراته، و بصراحة يا أستاذ صبري أنا من وقت ما مشي و أنا قلقان فقلت أتصل أبلغ حضرتك علشان تلحق تتصرف". -شدد صبري من قبضته حول الهاتف ليعقد حاجبيه بغضب ، وهو يلعن نائل وتصرفاته الغامضة ، و يسرع صوب غرفته متناسيا فريدة التي جلست تتابع حديثه بإهتمام ولحقت به إلى الغرفة لتسمعه يقول بحدة : -"بص يا دكتور كلها خمس دقايق من بعد ما أقفل و هتلاقي مدير الشركة عندي معاك هو هيقوم باللازم لحد ما أجي من دبي". -أنهى صبري الإتصال ليضغط فوق رقم علاء و ما أن أجابه حتى قال صبري بصوت حانق : -"علاء عاوزك تطير على المستشفى عند ميار و تكون جانبها وتمنع نائل من إنه ياخدها من المستشفى بأي طريقة لحد ما أجي ، أنا هحجز على أي رحلة و أجي أشوف البيه اللي بيهدد أنه ياخدها غصب عني ، ومش مراعي حالتها الصحية". -وقفت مستندة إلى باب غرفته المفتوح ، تتابع حديثه و ألقائه ملابسه بعشوائية داخل حقيبته، لتعقد ساعديها و حين انهى صبري حديثه مع علاء أستدار ليراها فخفض عيناه حرجا و قال: -"أنا بجد أسف يا فريدة بس أنا فعلا لازم أرجع مصر حالا". -اومأت و أستدارت عنه وقالت: -"تمام على ما تجهز شنطتك هكون بلغتهم يجهزوا الطيارة و عملوا استعداهم فالمطار علشان ننزل القاهرة". -حدق بها بحيرة و عقله يعيد كلماتها ، وتسائل هل هي حقاً أبلغته بأنها سترافقة إلى القاهرة فقال ليتأكد أنه لا يتوهم: -"معقول هتسيبي دبي و تنزلي معايا القاهرة ، طيب ليه يا فريدة، هو مش إنتي لسه ادامك وقت على ما أجازتك تخلص و". -ادارت رأسها إليه لتخبره بصدق وهي تنظر إليه بثبات: -"علشان نزولي مصر معاك أهم بكتير من دبي والأجازة ومن كل حاجة ، وبعدين أنت مش هتلاقي أي رحلات للقاهرة دلوقتي، فأنا هاخدك بالطيارة بتاعتي وأرجعك القاهرة ، و بالمرة أطمن على صحة أختك وولدتك، ولا أنت مش حابب أني أكون معاك". -نظر لها بعتاب لكلماتها الأخيرة، فتقدم منها و عيناه تخبرها أنه يشعر بالإمتنان لإهتمامها و تقديرها لظروفه و مد يده وأحتضن يدها وقال: -"إزاي تقولي إني مش عاوزك معايا، يا فريدة أنا أنا". -ازدرد ل**به ليجول بعيناه فوق ملامحها الرقيقة ، وذكره عقله بألا يستسلم لإغوائها ونبهه أن هناك الكثير و الغير واضح عنها وأنه من المبكر أن يوضح لها إحساسه ومشاعره فتمالك مشاعره وقال: -"فريدة بجد أنا مش عارف أقولك إيه، عموما أنا شاكر ليكي جدا ، وبعتذر إني هتعبك معايا". -تفجر غيظها منه لسيطرته على مشاعره وفزفرت بحدة وسحبت يدها منه وقالت: -"مافيش شكر بين الأصحاب يا صبري، عن اذنك أنا هجهز بسرعة". -أبلغتهم فريدة بتجهيز طائرتها لعودتها إلى القاهرة وغادرت فيلتها برفقة صبري الذي جلس بجانبها طوال الطريق صامت يولي إهتمامه إلى هاتفه ، فتذمرت فريدة وأستائت من تصرفه، ليصعدا على متن طائرتها وجلس صبري فوق المقعد الموازي لها ليشد إنتباهه ذلك الشعار الذي زين طائرتها وقد رأه سابقاً يزين كأسها بالملهى فأدار وجهه إليها وقال: -"أنا لاحظت إن الشعار دا موجود على كل حاجة تخصك ، ممكن أعرف شعار إيه دا ولا كدا أبقى بتطفل". -وكأنه بسؤاله أطفأ الشمس بداخل عيناها فسكنها الليل، ولاحظ صبري تلك العتمة التي صبغط عيناها والتبدل الرهيب الذي أصابها، وأحس أن من أشاحت بوجهها عنه إمرأة أخرى غير فريدة التي لازمها ليومين ، تابع حركتها ليراها وقد أخرجت جهازها اللوحي وهاتفها لتضغط عدة ازرار وتقول بصوت جاف: -"بيسان وصلتي لأيه فموضوع المصنع". -**تت وقد غامت سمائها لتوصد عيناها لتخفي جزوة الغضب التي أشعلها صبري بداخلها وقالت بضيق: -"خلاص يا بيسان تمام بصي سيبي كل اللي فأيد*ك و عاوزكي تجيلي المطار و بلغي رياض هو كمان علشان يجي معاكي، سلام". -أدرك صبري أنه تخطى حده المسموح به لدي فريدة ، فأدار وجهه عنها وهو يفكر في حياتها الغامضة والمبهمة تماما له وللعديد غيره، فهي ومنذ ظهرت من أربع أعوام فجأة لتصبح أحد أعمدة الإقتصاد الأساسية و إحدى أهم سيدات المجتمع، و لكنه تسائل من هي فريدة المنصوري التي يراها سجينه عيناها، لا أحد يعلم حقا. ------------------------- -وقف أمامه يتحداه بعيون صقر ، يخبره بعيناه القاتمة أن يحاول فقط التفكير في تخطيه، بذل علاء مجهودا لمنع نفسه من سحب سلاحه وإفراغه بجسد نائل ، الذي وقف أمامه بغرور، حاول الطبيب أن يخفف من حدة الموقف فأتجه إلى نائل وقال: -"يا أستاذ نائل لو سمحت المدام فعلا محتاجة لعلاج مكثف وخروجها حاليا هيبقى فيه خطورة عليها ، أرجوك حاول تقدر إننا هنا كلنا كأطباء بنبذل كل ما في وسعنا إننا نساعد مدام ميار تتخطى الأزمة الصحية اللي مرت بيها". -رفع نائل حاجبه بلامبالاة ونظر إلى ساعة يده ليقول: -"كل الكلام اللي سمعته منك دا ميهمنيش ولا هعتبر نفسي سمعته من الإساس، وعموما كلها خمس دقايق بالظبط و الشرطة تبقى موجودة ، وهشوف هتمنعوني إزاي إني أخدها سواء إنت ولا الأستاذ اللي واقف فاكر نفسه حامي الحما وبيستعرض لي بسلاحه وبيمنعني بكل وقاحة إني أخد مراتي، و ياريت تحطوا تحت كلمة مراتي مليون خط أحمر علشان تعرفوا إن لا إنتم ولا صبري نفسه هيقدر يمنعني إني أخدها من هنا". -نحيبها المكتوم وصل إلى سمعه، ليزيد من إحساسه بالألم والحزن لما ألت إليه الأمور، لم يجد أمامه إلا الأتصال بصبري مرة أخرى، فكلمات نائل و إن كانت مستفزة إلا أنه تحدث بالحقيقة و إن وصلت الشرطة لن يستطيع علاء منعهم من أخذ ميار إلى مستشفى أخر، أو لأي مكان أخر غيرها، دقيقة مرت ليعقد علاء حاجبيه ويعتلي القلق وجهه ليجيبه صبري قبل إنتهاء الرنين وقال: -"خير يا علاء الأخبار عندك إيه طمني". -أجابه علاء بصوت ساخط وهو يختلس النظرات إلى نائل: -"الأخبار زفت يا صبري الأستاذ نائل بلغ الشرطة فعلا وهما على وصول وإنت عارف إني فالحالة دي مش هعرف أمنعهم يخدوا مدام ميار من المستشفى هنا، وبصراحة إنت لو مجتش حالا يا صبري أنا مش هقدر أمنع نفسي أكتر من كدا وهقتل الأستاذ نائل ومش هيهمني أي حاجة". -تغضن جبين صبري ليتقابل حاجبيه ليصيح بإستنكار لما يفعله نائل ويقول: -"يعني إيه الكلام دا يا علاء، إزاي يعني يخدها ومنقدرش نمنعه، إيه هو علشان معاه حتة ورقة يتحكم بيها فأختي ويعرض حياتها للخطر، بقولك إيه إنت لازم تتصرف وتمنع المهزلة دي لحد ما أوصل وساعتها سيب نائل ليا علشان أنا ليا عنده حساب تقيل قوي". -أبعدت عيناها عن جهازها اللوحي بعدما جذبت نبرات صوت صبري لغاضبة إنتباهها وحدقت بوجه صبري الغاضب، لتضيق عيناها وتسحب هاتفها من أمامها وضغطت فوق رقم رياض، وأبتعدت عن سمع صبري وقالت: -"رياض عوزاك فمهمة ضرورية وتقوم بيها شخصيا مش تكلف بيها أي حد، وطبعا مش هوصيك تتنفذ فورا". -لم يكد ينهي علاء الإتصال حتى شاهد رجال الشرطة يتجهون صوبهم ، ليبتسم نائل بسخرية ويعقد ساعديه وهو يحدق بعلاء بشماتة واضحة، توقف أحد الضباط أمام نائل وقال: -"إحنا إستص*رنا أمر من النيابة بعد ما حضرتك مضيت على الإقرار بنقل زوجة حضرتك للمستشفى اللي أرفقت إسمها بالإقرار". -اومأ نائل وعيناه تسخر من علاء الذي أحتقن وجهه بعجز وأشاح بوجهه عنه ليحدق بالطبيب ويقول: -"أظن كدا مافيش عندك أي مانع يا دكتور، حضرة الظابط معاه إقرار مني بتحمل مسئولية نقل مراتي للمستشفى التانية، وعربية الإسعاف واقفة تحت ومعاهم فريق طبي كامل هيستلم منك ميار مراتي". -هز الطبيب رأسه بيأس ونظر إلى الضابط وقال: -"عاوز حضرتك تثبت أعتراضي على نقل مدام ميار، لإن النقل دا هيعرض حياتها للخطر، وأنا بحمل فعلا الأستاذ نائل مسئولية أي حاجة تحصل لمدام ميار". -هم نائل بالإتصال بفريق الأطباء البديل، ولكنه توقف حين أشار إليه الضابط بالإنتظار ليجيب على ذلك الإتصال الطاريء، أعتدل الضابط بوقفته وأستمع إلى محدثه ليظهر على وجهه إرتباك وقلق ليلتفت بعيناه إلى نائل ويحدق به بحيرة ليقول في النهاية: -"تمام يا فندم، لا أطمن مافيش أي إجراء أتنفذ لسه، لا خلاص أنا هتولى الموضوع بنفسي، لا يا فندم مافيش أي داعي لتصعيد الموضوع، أنا هتصرف وهتصل بحضرتك أبلغك إن كله تمام". -جذب الضابط ذراع نائل ليبعده عن سمع الطبيب وعلاء وقال: -"للأسف يا أستاذ نائل أمر النيابة أتوقف، وجت أوامر بتحذر من إننا ننقل مدام ميار، بصراحة الأمر جاي من سلطة عليا وأنا مقدرش أخالف الأوامر، ونصيحة شخصية مني حاول إنك تحل الموضوع ودي مع الأستاذ صبري". -أشار الضابط إلى فريقه بالإنسحاب بعدما أعتذر من الطبيب، حدق علاء بوجه نائل الذي ظهر من حركاته توتره الشديد، لتزداد حيرته فما حدث أمامه غريب تماماً، فما كان من علاء إلا أن ضغط مرة أخرى على رقم صبري ليسئله فلا أحد غيره يمتلك إجابة على ما حدث وحين أجابه سئله علاء بدهشة: -"صبري قولي إنت عملت إيه بالظبط علشان تقلب الدنيا بالشكل دا". -أحس صبري بالحيرة فهو لم يفعل شيئاً ويستبد به القلق على حال شقيقته فقال: -"أنا مش فاهم يا علاء إنت بتتكلم عن إيه، قلبان إيه اللي حصل ما تفهمني في إيه بيحصل عندك والأهم ميار طمني عليها وعلى حالتها إيه بسبب اللي بيحصل دا كله". -زادت حيرة علاء أمام جهل صبري ما حدث ليسئله: -"أنا اللي بقيت مش فاهم أي حاجة ، لما إنت متعرفش حاجة ، عموما أنا مش عارف إزاي حصل ولا مين السبب بس كل اللي أقدر أقوله إن فجأة بعد ما الشرطة وصلت ومعاهم أمر نيابة ونائل هيتصل بالفريق الطبي للمستشفى التاني كل دا أتلغى والظابط حالة أتغير وأتقلب وكان باين عليه الخوف حتى نائل نفسه لما الظابط أخده على جانب وأتكلم معاه وشه أتغير وكان باين عليه الخوف هو كمان واللي زاد خوفه إن الظابط حذره بلهجة حادة إنه يفكر ينقل أختك من مكانها علشان ميتعرضش للمسائلة". -تجهم وجه صبري وهو يستمع إلى علاء ليفكر عقله سريعاً بما دار بالمشفى، لينتبه فجأة إلى نظرات فريدة الفضولية ليدرك ما حدث فأسرع وقال: -"تمام يا علاء أنا لما أجي هشرحلك كل حاجة، بس دلوقتي أنا عاوزك تفضل مع ميار وتخلي بالك منها". -أنهى صبري الإتصال ليلتفت إلى فريدة وينظر إليها بغموض، وتـنــهـد بقوة وهو يتجه إليها ليجذبها بعيدا عن مقعدها ويحيط وجهها بكفيه وعيناه تــهيم فوق ملامحها وقال بصوت متحشرج: -"ممكن أعرف إنتي لحقتي تعملي كل دا أمته وإحنا مع بعض ومغبتيش عن عيني للحظة". -رفعت كفيها ووضعتهما فوق ص*ره لتشعر بدقات صـدره المختلجة وحين حدقت بعيناه أحست بالتيه فقالت لتخفي ذلك الإحساس الذي هاجمها: -"على فكرة أنا معملتش إلا اللازم يا صبري، يعني أنا سمعتك وحسيت قد إيه قلقان على ميار وخايف عليها وفهمت إن في مشكلة بسبب جوزها فبلغت مدير مكتبي وهو أتصرف، وبعدين هو مش إحنا إتفقنا إننا أصحاب، ومعروف إن الصحاب بيساعدوا بعض وبيقفوا جانب بعض فمستغرب ليه". -تاه بنظراته بعيناها التي أسرته تماما، وجالت أصابعه فوق وجهها لتتوقف أمام شفتيها التي أرتعشت أسفل أصبعه، لينظر إليهما ويزدرد لعـابـه ولم يتمالك صبري مشاعره التي أثـارتـها رقة فريدة أمامه ومال فوق شفتيها مُثلماً إياها، لم يدري متى تدفقت مشاعرة كالفيضان هكذا لتحطم سد تماسكه وتطيح بتعقله لتتحول قبلته الهادئة لفريدة لإعصار جعله يضمها إليه بقوة، وجعلها تحيط عنقه بكفيها مستسلمه لقبلته كليا، ليبتعدا معاً حين تسارعت أنفاسهما وشعرا بأنهمها بحاجة إلى التنفس ، ووقفا يتبادلان النظرات بحيرة تارة وبمشاعر جارفة تارة تتمنى المزيد ، ليستعيد صبري تعقله ووعيه ويعي ما فعله فتراجع خطوة بعيدا عنها، جعلت تلك الخطوة فريدة تعقد حاجبيها وهي تراقب إنسحابه من أمامها ليهمهم بإعتذار وهو يتهرب من النظر إليها فوقعت كلمات اعتذاره على سمع فريدة كالصفعة، فأستدارت عنه وفرت إلى مرحاض الطائرة بعدما أحست بدموعها تحرق عيناها. ----------------------------- -ولج علاء إلى داخل غرفة ميار بعدما اطمئن لمغادرة نائل خائب الوفاض، وأقترب بمقعده من فراشها وجلس بجانبها ليـتـنـهـد بحزن لرؤيته أثر دموعها فوق وجهها، فمد يده ليمسح عن وجنتها تلك الدمعة الشاردة لتفتح ميار عيناها وتلتقي بعيناه، سحب علاء يده بإضطراب وهو لايزال يحدق بها ليستجمع قواه مرة أخرى ويبدل نظراته إلى نظرات حادة وقال بصوت فاتر: -"حمد لله على السلام يا مدام ميار، إن شاء الله أزمة وتعدي وعلى فكرة الأستاذ صبري أتصل وقال إنه لغى كل حاجة وراجع". -أغمضت عيناها أمام جفاءه وأسلوبه الرسمي والفظ فهمست قائلة: -"شكرا يا أستاذ علاء". -زفرة عالية جعلتها تفتح عيناها وتنظر إليه لتري غضبه المشتعل بعيناه، وبملامح وجهه المتصلب وبضغطه على أسنانه بقوة، لتـتـنـهـد بحزن وتقول: -"أنا أسفة إني أتسببت لك بكل القلق اللي حصل النهاردة، وحقيقي أتصدمت لما سمعت تهديد نائل للدكتور وليك، ومكنتش متخيلة إنه هينفذه". -لم يتحمل البقاء بالقرب منها فوقف بحدة ليسقط المقعد بدوي جعلها تجفل وتنظر له بخوف، فألمته نظرتها وردة فعلها حين ضمت يداها إلى ص*رها، قطب جبينه وأشد غضبه منها لخوفها الغير مبرر، وود لو يجذبها بقوة لتقف أمامه ويسئلها لما فعلت به وبها كل هذا، ولكنه تمالك نفسه وأستدار عنها لينحني ويعيد المقعد إلى مكانه، ويغادرها في **ت، وقف بجانب غرفتها يود لو يحطم عظام نائل وينهي حياته على ما فعله بها، فهو وبعد رؤيته لنائل ونظراته وتحديه للجميع وعيناه التي رمت ميار بتحذيرها أيقن أنه فعل شيئاً، لا بل أشياء بها لتصل إلى تلك الحالة. -وبداخل الغرفة أغمضت ميار عيناها لتبعد عنها شبح عينا نائل، تتمنى لو لم ترتكب في حق نفسها تلك الجريمة، نعم هي أجرمت يوم ظنت إنها وجدت من يحبها، لتصحو من وهم حبه على كابوس الواقع المُر، هاجمتها ذكرياتها بضراوة تنهشها نهشا، تذكرها بسذاجتها. -يومها أنـهـت ميار تدريب الفتيات على السباحة وودعتهم بإبتسامتها الرقيقة لتسمع صوتا يقول: -"حقيقي أول مرة أشوف مدربة سباحة فسنك الصغير دا ، تعرفي إني فضلت قاعد متابع التدريب من أوله علشان أتأكد إن كنتي فعلا المُدربة و لا بنت من البنات اللي بتدرب". -إلتفتت وهي تشعر بالحرج، فالجميع يظنها صغيرة السن لتكون مدربة سباحة، ونظرت له وقالت: -"و ياتري حضرتك أتأكدت إني المُدربة ولا لسه في شك". -اومأ برأسه و قال وهو يبتسم لها: -"لا أنا أشهد لك إنك مُدربة قديرة كمان، بس على كدا حضرتك بتدربي البنات بس ولا في أمكانية إنك تدربي ولاد كمان". -أجابته ميار و هي تحمل حقيبتها لتستعد للرحيل: -"للأسف أنا بدرب البنات بس، لكن لو حضرتك عاوز مدرب كويس النادي هنا فيه كذا مُدرب على درجة عالية من الخبرة ولو حابب أنا ممكن أرشح لك كذا إسم". -رفض بهز رأسه وعيناه تلازمها وقال: -"لأ أنا بصراحة من بعد ما شوفت طريقة تدريبك، كنت حابب إن حضرتك اللي تدربي ابن أختى ، بس يلا معلش تتعوض بقى لما أختي تجيب بنت هخليها تجيبهالك وتدربيها". -إبتسمت بحرج لتتهرب من نظراته وقالت: -"تمام، بشكرك لثقتك عن إذنك". -ودعها بإبتسامه وتابعها بعيناه، وشعرت ميار إنه يلاحقها فأسرعت بخطواتها حتى ولجت إلى غرفتها و بدلت ثيابها لتغادر ، أوقفتها إحدى الفتيات و أخذت تتحدث معها لتراه يجلس بالقرب منها فأومأ لها برأسه فشعرت بالحرج أمام نظراته المتفحصة لهاة، لتتوالى صدف لقائها به بعد ذلك لتلاحظ ميار تعمده الحديث معها لدقيقة أو أثنتين ليثني على أدائها وتمكنها من التدريب ، لتمر الأيام عليهما وقد إعتادت ميار على رؤيتها له، ليأتي ذلك اليوم و يمتنع عن الظهور ، فبحثت عنه في أرجاء النادي لتشعر بالخيبة، إستمر غيابه عنها لعشرة أيام كاملة، ليعترض طريقها أثناء مغادرتها النادي فجأة ويطلب منها أن تقبل دعوته لإحتساء القهوة برفقته، وافقته لفضولها لمعرفة سبب غيابه ففاجأها بقوله أنه تعمد عدم المجيء بعدما شعر إنه ينجذب إليها، توترت أمام صراحته وهمت بالمغادرة ولكنه أوقفها وقال: -"أنا أسف لو كنت فرضت نفسي عليكي، بس صدقيني أنا مكنتش قادر أمنع نفسي لما حسيت إنك خ*فتي قلبي وكنت خايف و مرعوب ليحصل اللي حصل دلوقتي وهو إنك ترفضيني و تسيبيني وتمشي ، واضح إني إتسرعت و أتعلقت و حبيت اللي مش ليا، عموما أنا مش هزعجك تاني ومش هضايقك بأني أخليكي تشوفيني بعد كدا". -وانصرف نائل و هو يدرك إنها سقطت في فخه تماماً، ليختفي مرة أخرى وهو يعلم أنها ستبحث عنه و ما أن تاكد من بحثها وأنها أصبحت على شفا الإستلام ، عاد للظهور محتاشيا الحديث معها وأهمل وجودها تماماً واجاد تصنع الحزن كلما أتلقى معها في مكان بيشعرها بالذنب لرفضها إياه ، فقررت ميار الذهاب إليه بعدما أحست بإفتقادها له خلال الفترة الماضية وأعتذرت منه لسوء الفهم الذي حدث ليبتعد هكذا و طالبته بالفرصة كي تتعرف عليه بشكل أوضح، فتعددت لقاءتهما سويا ليبوح لها بمشاعره وحبه في كل مرة يلتقي بها فيها، وحاصره بإهتمامه ولاحقها برسائله و أحاديثه و أتصالاته حتى بات يسيطر على كامل تفكيرها وعقلها، ليأتي مساء يوم و قد قرر الإنتقال للخطوة التالية بمخططه وطلب منها أن تحدد له ميعادا مع والدها كي يطلب يدها رسمياً للإرتباط بها، فاخبرته ميار بوفاة والدها منذ سنوات عديدة وأنها تقيم برفقة والدتها وشقيقتها ، ليأتي نائل إلى منزلها وبكلماته المعسولة وحديثه اللبق وطريقته الساحرة وبدهائه إستطاع أن يسحر ولدتها و لكنه لما يستطع خداع صبري وحين أحس بأنه معرض للرفض و الخسارة جعل ميار بشكل غير مباشر تضغط على شقيقها ليوافق وتمت خطبتها لنائل ، وأمام إصراره على الزواج منها بعد مرور شهرين فقط على الخطبة وافقت ميار لتستمر بضغطها على شقيقتها هي ووالدتها ، بعدما أغدق عليها نائل بمشاعر الحب والعشق، و أثمل حواسها بكلماته، وتزوجته ليمر عليها شهرا واحدة فقط عاشته في سعادة وظنت أنها أمتلكت العالم بأسره معه، ليبدأ نائل في الكشف عن وجهه الحقيقي بعد أن جعلها تمضي له على توكيل بإدارة أموالها والتصرف فيها دون الرجوع إليها ، لتكتشف ميار أنه لم يتقرب منها إلا طمعا في مال شقيقها وميراثها من والدها، وبضغطه عليها وإحكامه سيطرته وقبضته حولها عزلها نائل عن أسرتها، وهددها إن هي خالفت أوامره أو أفصحت عن أي شيء يحدث بينهما أنه سيطيح بشقيقها ويدمر حياته، لتتوالي الصدمات عليها حين أتي نائل ذات مساء و هو في حالة سُــكر بإحدى عشيـقاتـه إلى منزلها ، ليجبرها على تقبل ذلك الوضع الغريب أمام عيناها بعدما أذلها وأهانـها و نالها بالض*ب و الصفعات، وأعلمها بكل جرأة بتقبل علاقاته المتعددة مع النساء، وتحملت ميار الكثير منه لتأتي ض*بته القاضية لها حين عثرت على مجموعة من الصور الخاصة لهما بغرفة نومهما لتـنـهار ميار كليا بعدما واجهته بها وهي لا تصدق مدى سـفـالـتـه ، فجلس أمامها بغرور وهو يحدق بها بإستخفاف ليقول: -"وإيه يعني يا حبيبتي على فكرة عادي جداً لما أصور اللي بيحصل بينا فعلاقتنا سوا، على فكرة إنتي بس اللي مكبرة الموضوع إنما لو بصيتي عليه بوجهة نظري هتوافقيني وهتطلبي كمان إننا نتصور بأوضاع كتير غير اللي فالصور اللي شوفتيها ، وبعدين يا ميار أعتبريها هواية عندي بتمتعني، زي هواية السباحة عندك بالظبط". -ثارت غاضبة أسفل وطأة صدمتها فيه ورفضها لما يقول ومزقت الصور وطلبت منه أن يطلقها فهي لم تعد تشعر معه بالأمان ، فصفعها بقسوة و أنهال عليها بالسُباب والإهانات ونال من جسدها بطريقة مهينة جعلتها تتجمد من الخوف بين يداه وهو يوجه وجهها صوب الكاميرا و يبتسم بشر، ليأتي تهديده الأخير لها ليكون القشة التي قسمت ظهرها وأنهت تماسـكها كلياً حين إنـتـهـى منها ويبتعد قائلاً: -"شوفي يا ميار أنا هعتبر اللي عملتيه من شوية دا غلطة وهسامحك عليها ودا بس علشان أنا عاقبتك عليه، بس صدقيني لو شفايفك الجميلة دي همست بس بكلمة واحدة بينها وبين نفسها أو فكرت فيها أو غبائك صورلك إنك تروحي تعيطي لأخوكي وتقوليله أو تروحي تتمسحي فعلاء حبيب القلب القديم وتشتكي له، فالصور اللي إنتي قطعتيها بإيد*ك دي وغيرها، هتلاقي منها نسخ كتيرة متوزعة على كل رجال الأعمال المنافسين لصبري باشا أخو جنابك بس وقتها مش هكون أنا اللي نايم معاكي، لأ دا هيكون واحد تاني مكاني، ووقتها إبقي أقفي دافعي عن نفسك لما الناس تسئلك إنتي خنتي جوزك اللي بيعبدك ليه ووريني هترفعي عينيك فوش أخوكي إزاي وهو هيتصرف إزاي لما سمعته تتدمر بسببك". -كفكفت ميار دموعها حين عادت إلى واقعها الذي حاولت الهرب منه كثيراً و فشلت ، وتركت فراش المشفى و أتجهت إلى الشرفة ووقفت تحدق بالسماء تتمنى لو بإماكنها العودة للماضي و إصلاح غلطتها لتهمس بضعف بعدما رجف قلبها مذكراً إياها بموقف علاء منها: -"إنت السبب، إنت بتصرفاتك اللي خلتني أرمي نفسي بين أحضان أول واحد قالي كلمتين حب وأداني شوية إهتمام ، علشان أثبت لك إني مش بفكر فيك و لا بحبك بعد ما رفضتني و رفضت حبي ليك". ------------------------------ -حطت طائرة فريدة على أرض المطار، ليرى صبري بنفسه كيف أستعد حراسها لتولي مهام عملهم فأنتشروا بلمح البصر يأمنون كل زاوية بالمطار لتغادر فريدة أمامه دون أن تنظر إليه، وتبعها وهو يلوم نفسه لضعفه أمامها وتهوره معها ، توقف بجانبها ليرى تلك التي غادرت سيارة فريدة و أحتضنتها لتبتعد عنها وتنظر بإتجاهه مطولا لتنتبه لموقفها وتزدرد ل**بها بحرج و تمد يدها إليه لتصافحه وهي تعرف عن نفسها و تقول بصوت مرتبك: -"بعتذر من حضرتك معرفتكش بنفسي أنا بيسان درغام مديرة مكتب فريدة ، أتشرفت بمعرفة حضرتك يا أستاذ صبري". -إبتسم لها وهز رأسه مرحبا بها ، ليبعد عيناه عنها ويوليها لفريدة التي تعمدت تحاشيه كلياً و لكنها أضطرت في النهاية لتشير إليه ليجلس إلى جانبها داخل سيارتها وقالت: -"أنا هوصلك لحد المستشفى علشان أطمن على ميار بنفسي ، وكمان علشان أراجع أجراءات الأمن فالمستشفى". ------------------------------- -كحالها منذ طردها من غرفتها ، توارت صبر خلف أحد الأعمدة تسترق النظر إلى تامر الذي جلس يتحدث بهاتفه إلى أحد ما ، وتـنـهـدت بحزن لتجنبه إياها طوال الفترة الماضية ، لا تدري لما تُعذبها ضـربـات قلبها بتلك القوة لتشعرها بأنها تفتقده طوال الوقت، وأحست صبر بـنـبضات قلبها التي همست بإسم تامر تؤلمها لرفضها طلبه و مشاعره ، فأغمضت عيناها لتمنع دموعها من الفرار عنها وتتراجع إلى المطبخ قبل أن يكتشف تلصصها عليه ، وقفت تجلي الأواني متجنبه الحديث مع زوجة والدها التي منذ أمرها تامر بأن يبقيها بعيداً عن الناظرين و هي تثقل عليها بالعمل و تضنيها ، لتجفل فجأة حين صدح صوت تامر بجانبها فسقط من يدها الطبق و هي ترتجف ، فصاحت جميلة توبخها و تزجرها لشرودها ووكزتـها بعنف أمامه و دفعتها بقسوة صوب الأرض وهي تأمرها بلملمت قطع الطبق المكـسـور من الأرض فأنحنت تجمع باقيا الطبق و هي تشعر بالأذلال ففرت دموعها منها وحاولت أن تخفيها ، لترى قدمي تامر أمامها الذي تعمد أن يقف أمامها بتلك الصورة كي تدرك ما خسرته برفضها له ، فرفعت صبر عيناها إليه تحدق به بحزن و افتقاد، ليشيح تامر ببصره عنها بتعالي ويقول بصوت فاتر: -"جميلة لو سمحتي أعمليلي بإيدك فنجان شاي وأبعتيه على المكتب مع رضا". -وقفت تحدق بأثره لتنتفض على يد جميلة التي صفعتها بقوة ، فنظرت إليها وهي تتحسس موضع الصفعة وقالت: -"بتض*بيني ليه يا مرات أبويا، دا مكنش حتتة طبق اللي وقع مني ما إنتي ياما بيقع منك ومحدش بيقولك حاجة ، و لا إنتي خلاص بقت عادة عندك إنك تض*بيني". -أجابتها جميلة بصوت جاف وعيناها تطلق شرراً: -"بض*بك على قلة حياكي وقلة أدبك وسرحانك اللي بقيتي فيه ، هو أه حتت طبق والبية عمره ما هيخ** حقه منك لكن لما يلاقيكي كل شوية سرحانة وبت**ري فالحاجة هيمشيكي وهيتكلم مع أبوكي وساعتها أبوكي مش هيسمي عليكي و أحتمال كبير يقتلك فيها ، وبعدين يا بت غانم هو إنتي لما شوفتي تامر بيه بيدخل المطبخ إزاي متسبيش اللي فإيدك وتقفي تشوفي هو طالب إيه ، إيه يا ختى مكنتيش شيفاه ولا عاملة نفسك مخدتيش بالك ، و لا دا الأحترام اللي بتتعلميه لما بتروحي عند أمك يا بت غانم ، عموما أنا خلاص معدتش هخبي عن أبوكي عمايلك وهقوله يشوف له صرفة لسرحانك و**رك للأطباق كل شوية ، و دلوقتي أتفضلي روحي أعملي الشاي لتامر بيه ووديهوله المكتب، أصل أنا نسيت أقول للبيه إن رضا أجازة النهاردة و متنسيش تغيري هدومك المبهدلة دي وتلبسي الفستان التاني الجديد قبل ما تروحي للبية المكتب بل ما يبهدلنا بسببك تاني". -لزمت **تها فلا كلمات لديها قد تجيب على ظلم جميلة لها ووقفت صبر تعد الشاي بيد مرتجفة بعدما بدلت ثوبها للأخر وحملت فنجان الشاي بتخوف و هي تخطو بحذر إلى مكتبه وتطرق بابه ، دخلت وهي تشعر بالتوتر و بحثت بعيناها عنه لتراه يقف بجانب النافذة فأسرعت ووضعت الفنجان فوق إحدى الطاولات قبل أن يلحظ وجودها وتغادر قبل أن يراها و يطالها بتعنيفه إياها لمخالفتها أمره ، ولكنه إلتفت ووقف عابس الوجه وهو ينظر لها، ليشيح بعيناه عنها ويقول: -"هو أنا مش منعتك تخرجي برا المطبخ وقلت لك إني مش عاوز أشوفك فأي مكان أنا موجود فيه ، ممكن أعرف خالفتي أمري ليه وليه جيتي لمكتبي بالشاي". -خفضت رأسها لتخفي دموعها واعتذرت موضحة غياب رضا و إن جميلة هي من أمرتها بالمجيء إليه، وهمت بالإنصراف و هي تواصل نحيبها و أعتذارها ليوقفها تامر ويقول: -"لو الشاي دا إنتي اللي عملاه بإيد*كي فأنا مش عاوزه خديه معاكي وأرميه ومتعمليش ليا أي حاجة تاني فاهمة ، أنا مش عاوز أي حاجة منك أبداً". -أجهشت بالبكاء لموقفه المغاير لما تمنت فقسوته تلك لم تعد تتحملها قلبها يشتاق لنظراته الحنونة لها ، عادت صبر وهي ترتجف من شدة نحيبها لتحمل فنجان الشاي بأيدي مرتعشة فسقط منها وانسكبت محتوياته فوق ساقها فصرخت بألم ، أسرع تامر إليها وحملها بين ذراعيه و أجلسها فوق الأريكة وممدها ومد يده وكشف عن ساقها ليلاحظ إحمرارها الشديد ، مد تامر أصبعه ومسح دموعها ويده الأخرى أبقاها فوق ساقها العارية يتحسسها ببطء وعيناه تحدق بعيناها ، فنظرت له صبر بعيون عاتبة ، ليتخد تامر خطوته التالية ويبتعد عنها ويوليها ظهره أمراً إياها بالرحيل، فأشتد بكاؤها و ألم قلبها ووقفت لتنسحب بعد رفض تامر لها، و لكنها توقفت عند باب المكتب تلوم نفسها لعدم تصديقها إحساسه فعيناه المعاتبة لها أخبرها قلبها الساذج بأنها حتما صادقة بإحساسها ، فأستدارت وقالت بصوت غلبته الدموع: -"أنا أسفة على كل الكلام اللي قولته ليك، صدقني أنا مكنتش أعرف إن بعدك عني الفترة دي هتمر عليا بالعذاب و الوجع اللي عشت فيه وأنا شيفاك بعيد عني و رافض تكلمني أو تبص لي ، تامر أرجوك بلاش تقسى عليا بالشكل دا، أنا معدتش قادرة أتحمل وجع قلبي و أنا شيفاك بتكلم رضا و بتهزر معاها وبتضحك ومتقبلها، أرجوك خليني أرجع أنا اللي أخدمك زي الأول ، حتى لو مش هتحبني بس خليني جانبك علشان دا أهون عندي". -سئلها دون أن يستدير لها وةهو يجيد تصنع جفائه وقال: -"وإنتي بقى عاوزة ترجعي تخدميني ليه، إنتي مش قولتيلي أسيبك فحالك وأنساكي وأبعد عنك وأنا نفذت لك طلبك، دلوقتي عاوزة ترجعي ليه يا صبر خصوصا بعد ما رفضتي تتجوزيني، ولا تكونيش غيرتي رئيك بعد ما قلبتيها فدماغك فندمتي إنك رفضتي فلوسي والعز اللي كنتي هتعيشي فيه وخسرتي، عموما خلاص أنا مقدرش أأمن ليكي ولا أصدق دموعك اللي ممكن جدا تكون تمثيل علشان ترجعي تخدميني و يمكن كمان دي تكون خطة منك وتخليني أتجوزك علشان متتحرميش من العز و العيشة المرتاحة بدل الذل و الأهانة و الض*ب على إيد جميلة كل شوية". -ألمتها كلماته ولكنها لم تهتم بذلك الألم، فأقتربت صبر من تامر و هي تحاول توضيح موقفها و ان لا نية متوارية بداخلها بالطمع فيه فمدت يدها لتلمسه و لكنها لم تستطع لمسه فقالت وهي تضغط فوق قلبها الذي نبض بقوة داخل ضلوعها: -"حرام عليك بلاش تظلمني بكلامك دا، أنا مفكرتش أصلاً ففلوسك زي ما بتقول، والله أنا ما عاوزة أرجع أخدمك علشان طمعانة ففلوس ولا أي حاجة ، بس بجد مش قادرة اتحمل قرب رضا منك و اشوفها فالمكان اللي عارفة انه ليا، قلبي بيوجعني كل ما الاقيها جانبك أنا أنا". -أبتلعت كلماتها و تهدلت كتفيها بحزن حين أبتعد عنها، و أدركت أنه لم يعد يثق بعودتها إليه ، فأستدارت و هي تعتذر لتطفلها عليه ، أوقفها صوته و يده التي حطت فوق كتفها فأستدارت و هي تنظر إلى الأرض ، فمد تامر يده ورفع وجهها إليه وقال: -"عاوزاني أرجع أثق فيكي يا صبر وأشيل أي تفكير إنك طمعانة فيا و ففلوسي". -اومأت وهي تنظر له بأمل و قلبها يرجف بشده لقربها منه ، أسقط تامر يده عنها وهز رأسه وقال: -"مش عارف أنا بصراحة خايف أصدقك ، خصوصا إن كلامك ليا مش قادر أنساه لحد دلوقتي ، إنتي جرحتيني وجرحتي قلبي اللي حبك يا صبر وصعب فعلاً أصدق إنك عاوزاني أرجع أقرب منك و أثق فيكي و". -أوقف كلماته و عيناه تحدق بها ، ليضيف بصوت هامس و هو يمرر أنفاسه فوق وجهها ليحاصرها بمشاعر يعلم جيدا انها تفتقد إليها: -"إلا أذا إثبتي لي إنك تستحقي ثقتي من جديد علشان أصدق إنك مش بتمثلي عليا". -ازدردت لعـابـهـا بتوتر و قالت بلهفة فهي تريد أن تستعيد مكانتها في حياته و قلبه و يعود ليثق بها: -"أأمرني بأي حاجة وشوفني إن كنت هنفذها ولا لأ حتى لو طلبت إني أموت نفسي هموت نفسي علشان تعرف إني مش بخدعك و لا بغشك و ان رفضي لكلامك بسبب اني كنت خايفة". - لمس شفتيها بإصبعه وةهو يتقرب بوجهه و أنفاسه اكثر منها و هو يتعمد النظر إلى عيناها بحب و قال بصوت هامس متحشرج: -"لو كدا يبقى توافقي إننا نتجوز عرفي ومن غير ما أي حد يعرف لفترة مؤقته ، وإنتي وشطارتك معايا ، لو نجحتي فامتحاني ليكي وعرفتي تكـسبـي ثقتي من تاني لما تسمعي كلامي وتنفذيه زي ما أنا عاوز و من غير اي اعتراض علشان تغيري رأي وأعرف إنك مش طمعانة فيا ، هعلن جوازي منك وهغير حياتك كلها هشتري لك فيلا واكتبها بإسمك و هخليكي تكملي تعليمك وهحط لك مبلغ كبير بإسمك فالبنك و لعلمك مش حياتك بس اللي هتتغير لا دا حياة أخواتك وولدك، ها قولتي إيه". --------------------------
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD