1- اماليا
لم يكن هناك شيء غير النيران...........الدماء..... رائحة الوقود المزعجة و عشرات الناس المتجمهرين على الحادث......
حادث مروع دهست شاحنة سيارة عائلية...... و اشتعلت النيران في مؤخرة الشاحنة لأنها تحمل مواد قابلة للاشتعال....... كانت الشرطة و الإسعاف و المطافئ يحاولون جاهدين إخراج العالقين في السيارة...... اب و ام شابين و طفلة في الثالثة عشر.....
كانت الشرطة تحاول اخراجهم قبل أن تنفجر السيارة....... حاول احد رجال الشرطة ان يحرر الاب........ فتكلم الاب معه - انقذ ابنتي و زوجتي اولا..... ارجوك سيدي..... انقدهما
تفقد رجل الإسعاف نبض السيدة التي كانت قد توفت بالفعل ثم توجهو للطفلة....... كان الباب مصكوك عليها.....حاولو جاهدين لكن لم يفتح ...... فساعدهم والدها من الداخل.... دفعها قليلا لكي يستطيعون إخراجها...... استيقظت هي..... بينما النيران اشتدهت و وصلت إلى مقدمة الحافلة...... صرخت بألم
-ابي.......... ابي......
تكلمت مع رجل الإطفاء - ارجوك انقذ والدي....
......... لكن رجل الإطفاء لم يفهم ما تقوله هي تحدثه بلغة لم يفهمها...... و هي لم تتعلم لغة فرنسا بعد
ابتعد كل من في المكان الوضع يصعب السيطرة عليه لا يستطيعون المخاطرة بحياتهم لإنقاذ الرجل....... اشتدت النيران...... انفجرت الشاحنة و بعدها السيارة أمام عيون أماليا....... صرخت بعلو صوتها
-ابي........ ابي....... لا ارجوكم...... امي..... لا ليس لي غيرهم.... ليس لي غيرهم يا ربي.....
بكت و بكت.......... و هطلت الأمطار على مكان الحادت شارع من شوارع مدينة ليون.......هطلت الأمطار لمتحي شيئا من معالم الحادت...... لكن في الحقيقة...... الحادث مرسخ في عقلها و قلبها...... فتاة في الثالثه عشرة توفي والديها بحادث اليم أمام عينيها في بلد غريب عليها....... فقدت اهم شخصان في حياتها...فقدت قلبها معهم .. نزلت على رأسها الأمطار....... امطار غزيرة كأنها تحكي ما حدث..... و ما سيحدث بعدها...... لوهلة فقدت التركيز بكل ما يوجد حولها...... تركز فقط علي السيارة التي لم تنطفئ بعد امامها......... مسحت مياه المطر دموعها...... من يراها يظنها صنم...... لا تتحرك...... انمحت التعابير من على وجهها....... اشفقت عيون الناظرين عليها....... فما الذي ستفعله طفلة صغيرة بعد موت والديها معا........ هل سيأخدونها إلى الملجأ أم سيعلمون أهلها في بلدهم...... و ماذا اذا لم يكن لها اهل من الأساس...... كيف سينتهي بها الأمر....... شعرت بغصة في قلبها..... لماذا جعلهم يخرجونها بدلا عنه...... لماذا..... اليس من الأرجح ان يموتو معا...... اليس هذا السياق كان سيكون افضل...... لكن أماليا لم تلبت إلى أن فقدت الوعي أمام الكل.......
من الناس من أثرت فيه أماليا و ذكرته بعزيز مفقود لا معنى للحياة من دونه..... و آخرون من ذكرتهم صعوبة اليتم و الوحدة......... و كم هو احساس عقيم ان تفقد احد والديك...... بدون علم مسبقا...... هكذا ينزل عليك الأمر كالصاعقة و هم يحاولون جاهدين التأقلم مع الأمر...... لكن في الواقع ما هم إلا منافقون..... فلم تمر ثانية عليهم سوا تذكرو اجنحتهم المقطوعة...... الحياة تدور تغرق الناس في دموعهم...... غلطتهم انهم ثاقو في الحياة ثقة عمياء لم يتوقعو انها ستأخد منهم اعز ما يملكون
اخدو أماليا إلى المشفى مشفقين على ما سيصيب هذا الفتاة بعد الآن........
استيقظ أسد على رنين هاتفه تكلم بصرماته المعهودة - سيدي إحدى سياراتنا صنعت حادث....... لقد اتصل بي التأمين.....
اجابه ببرود -حسنا لا بأس...........
تمتم الاخر - سيدي..... انها السيارة التي اهديتها لعائلة برهان
اعتدل أسد في جلسته بعدما سمع - تكلم هل هم بخير......... هيااااا و ا****ة
-لم تنجو سوى الفتاة الصغيرة سيدي...... لقد اخذوها للمستشفى
-اي مشفى.........
اخد جوابه ارتدى ملابسه و توجه مباشرة إلى المشفى....... توقف أمام المشفى يتأمله.......
ثم تمتم - لقد كنت تعرف يا شاكر انك لن تعيش طويلا لهذا امنتني عليها....... أعدك ان اضع صغيرتك في ام عيناي.....
ذهب إلى غرفتها وجد الشرطة مطوقين المكان...... استغربو وجوده فهو أشهر من النار على العلم فمن لايعرف رجل الأعمال الشاب وريث اكبر مجموعة صناعية في أوروبا...... لا يزال في الخامسة و العشرين لكنه صارم كالسوط..... وسيم كا****ة و جاد جدا........
تقدم منهم و قدم لهم الأوراق التي تعلن وصايته عليها القانونية......... تكلم بحدة
-طالما اني أتيت لا داعي ان تضلو هنا......
تكلم احد رجال الشرطة - لكن سيدي....
-لايوجد لكن الفتاة مرعوبة بما يكفي و بصفتي وصيها اطلب منكم تفهم الوضع و المغادرة.....
حرص على مغادرتهم و دخل للطفلة...... كانت شاحبه بريئة....... شعرها ال**تنائي مبعثر حولها.......
تمتم أسد - طفلة مسكينة...... لكن لا تخافي انت امانتي.........
بعد مرور ساعات استيقظت هي لا تعرف أين هي و هل كان ما شاهدته كابوس ام حقيقة..... دحرجت عيونها في المكان تتمنى ان تجد غرفتها لكن صدمها الواقع ثانية........ وجدت نفسها في المشفى بين الأجهزة و صاحب ضل طويل يراقبها....... اقترب منها..... لا ترى سوى معطفه الأ**د الطويل و قامته الضخمة اما ملامح وجهه فكانت مبهمة............ مع آخر خطوة خطاها نحوها تمكنت من رؤية وجهه بوضوح..... لكن لا تزال الدهشة عليها فمن هذا الذي يقف أمامها الان هي لم تره من قبل....... من هذا يا ترى لكن لم تلبت حتى عرف عن نفسه باقتضاب - مرحبا يا صغيرة و انا وصيك بعد موت والديك.............
فور ان اكمل كلماته فقدت الوعي من جديد......... تمتم هو - لا تزالين تحت الصدمة اذا...... لا تخافي كل ألم زائل....... الوقت كفيل بأن ينسيك كل شيء و انا سأحرص على أن لا يحمل قلبك شظايا هذا الحدث......
تفقد يديها و رقبتها كانت هناك بعض الجروح...... لعن في نفسه.....ثم نادى الاطباء
تملك اعصابه بصعوبة - لماذا لم تضمدو الجروح التي على جسد الصغيرة....... ما رأيكم ان انادي لكم جمعيات حقوق الطفل....... و اوقفكم عن العمل.......
-اعتذرو منه و ضمدو جروحها......
قبل مغادرة الطبيب تكلم معه أسد.........
-هل ستكون بخير.......
اردف الطبيب - جسديا هي في صحة جيدة فقط حاوطها والداها حتى لا تتأذي...... لكن نفسيا ستعاني سواء اضهرت الأمر ام لا ستعاني ما مرت به ليس بهين على الكبار ما بالك ان يمر به طفل...... اضنك ستعاني معها سيدي...... هذه الفترة ستمر عليكما صعبه...... هذه أصعب فترة ستعيشانها.........
تأمل الطفلة التي أمامه....... دفنت تفاصيل كثيرة بجوارهم يا صغيرة مثل ضحكاتهم التي لن تغيب و لن تخبو عن مخيلتك....... ضحكاتهم التى كانت تمحي كل أحزانك يوما و نظراتهم التي كانت تملئك بالحنان و كانت تمحى أوجاعك و آلامك..... ستفتقدين حتى غضبهم عليك حينما لن تجدي شخص يلومك على مساوئك و أخطائك....... ستعانين لفترة..... و لن أعدك ان هذا جرح قد يندمل........ صعب..... صعب جدا يا صغيرة لكني سأساعدك على الاقل حتى لا تمرين بما قد مررت..... سأحاول تعويضك لا أعرف كيف..... لكن سأفعل...... سأحاول يا طفلة........ و بالمناسبة مرحبا بك في اسرتي الصغيرة التي تتكون مني فقط.........و انت..... ارجو ان نصبح عائلة جيدة...... لأنه لم يسبق و أن كانت لي عائلة.....
قد يقولون اني شخص صارم مؤذي..... لكن لا تخافي مني فالاسد لن يؤذي اشباله الصغيرة يا صغيرة