bc

وِزرْ الاِشتِياق وَمَعصِيَةِ الرُؤية

book_age18+
146
FOLLOW
1K
READ
love-triangle
doctor
drama
cheating
multiple personality
like
intro-logo
Blurb

أَحياناً ما قد يصل بالمرءِ الحَال إِلى النِصفُ القَاتل، لاَيَستطِيع التَقدُم للأَمَام وَلاَ العَودة لَرُبما لَم يَسلُك هَذا الطَريِق.. المُنتَصفُ المُم**ت، بُقعة سَوداء لاَ يَتواجَدُ بِها سِوى الخَوف، الوِحدة، الصَمت، العَجز وَالظلام...

ورُغمَ ذَلك دائِماً مَا تُنير هَذه البُقعة بِأَحدهم، حَتماً يَأتينا مَن نَسعى لِلعثورِ عليّهم، إلّا أَنّهُ فِي خِضامِ الإِحتفاظِ بِه قَد تُوضع نُقطة النهايَة... النِهاية المُؤلمة بِواسطة وَاحدٍ فَقط ..... ( هو ) ماذا سيحدث؟! أَسيَخضعُ القَدر لإِمرَة بَشريّ؟!!

chap-preview
Free preview
? " صوتٌ دافئ" ?
وزر الاشتياق ومعصية الرؤية " الفصل الأول " الأ**د ... ظلامٌ دامس ووحدة قاتلة، أنفاسٌ على وشك الهروب تخرج متقطعة من ص*رٍ يجاهد لالتقاط بعض الهواء، كل ما يدور من حول هذا الجسد هو العُتمة.... لا أحد ... لا شئ فقط عالمٌ من الظلمة، تسارعت هذه الأنفاس لتخرج من الفم بصوتٍ مسموع مصاحب لتلك العبرات التي بدأت في الانهمار بقوة إلى جانب بعض الصرخات التي بدأت بالظهور .... ضرب من الجنون على وشك أن يصيب ذلك العقل وهو يحاول بَث الإشارات إلى تلك المقلتين في سبيل البحث عن بقعة الضوء التي تُنير وسط هذه العتمة إلا أن ذلك لم يحدث .... ازداد الوضع تأزُماً وقد باتت النفس أكثر شراسة وانفعالا ًوهي تصرخ بعبراتٍ منهمرة كالأمطار بعد أن أدرك العقل الحقيقة القاتلة وهي أنه قد فقد عضوا ثميناً من تابعيه ..... لم يعد هناك أعين لتبصر... أطلقت صرخة عالية وهي تتحرك بعنف على ذلك السرير بينما يحاول طاقم التمريض تهدئتها قليلاً إلا أن حالة الذعر التي تتملك من هذهِ الفتاة العشرينية قد جعلتهم يفقدون السيطرة .... قوة عاتية تمكنت من خلالها الإطاحةِ بثلاث نساء حاولن إدحاض مقاومتها إلا أن ذلك لم ينجح، هتفت بحدة من بين بكائها : ـ اتركوني وشأني، عيناي... لما لا أرى؟ عيناي!! دعوني ... صياحٌ وبكاء كانا كفيلين بجعل بعض الأطباء يهرولون سريعاً نحو تلك الحجرة التي يأتي منها مص*ر الصوت .... بداخلها كانت تقف سيدة مسنة وهي تبكي بنواح ٍعلى حال صغيرتها التي تخلى عنها النور وباتت عاجزة، يجاورها زوجة ابنها البكر لا تقل حالاً عنها بينما زوجها يحاول تهدئة شقيقته قليلاً وهو يبكي بصمت ... قام بالإمساك بشقيقته وهو يعانقها بقوة مُكبلاً ذراعيها وجسدها هاتفاً بصوته المتحشرج الذي خرج مصاحباً لتلك الغصة المريرة كالعلقم : ـ هونِ عليكِ عزيزتي، أستحلفُكِ بالله أن تتماسكِ .... تلوّت بعنفٍ بين ذراعيه إلا أن ّ ذلك لم يردعه عن مساندتها، هتفت بصراخها متوسلة : ـ لا أراك زياد، لا أستطيع رؤيتك ... أعيدوا لي بصري أرجوكم، أتوسلك زياد أعده لي لا أستطيع التحمل .. ما أن أنهت تلك الكلمات وقد تحولت حالتها من التوسل والرجاء إلى العنفوان والغضب الجامح لتصيح بعصبية قائلة : ـ قلتُ لكم أعيدوه .... لما لا تفهمون أيها الحمقى؟! أعيدوه ... اتسعت عيني والدتها بفزع وهي ترى حال صغيرتها يتدهور وكذلك شقيقها الأكبر ليصرخ بمن حوله بحدة : ـ ا****ة، فلتحضروا الطبيب فوراً، علام تحدقون ؟ هيا؟! ازداد حالها سوءاً وهي تتحرك بشكلٍ هيستيري بين ذراعيه لتضرب وجهه عدة مرات بقبضتها في سبيل التحرر وكذلك قدميها التي أصابت خاصته .... دقيقة ... دقيقتان وهي لا تهدأ ودون مقدماتٍ شعرت بتلك اليدين الدافئتين وهما تقبضان على ذراعيها بينما صوتٌ غليظ غير معهود لها تسلل إلى مسامعها : ـ اتركها أنا طبيب ... توقفت عن الحركة وهي تقطب بين حاجبيها لثانيتين ومن ثّم عادت لحالتها الهيسترية وقد ازداد جموحها وهي تصيح بوجهه بعصبية: ـ دعني... اتركني, اتركني!! هم زياد بالتحرك نحوهما إلا أن يد رفيقه عمر قد أمسكت به ليلتفت له الأول، تحدث عمر قائلاً : ـ لا تقلق زياد دعه حدق الآخر بما يحدث ليبتلع ريقه بخوف قلّ تدريجياً بعد أن ربت صديقه على كتفه مواسياً.. انتابه الضيق قليلا ً فهتف هو بصوته الذي حمل بعض البأس وهو يحملها متوجهاً بها نحو السرير: ـ لن أترككِ ... لم آتِ إليكِ لأدعكِ وأنت بهذه الحالة؟ صاحت به بانفعالها المتفاقم كالبراكين : ـ ا****ة عليك وضعها على السرير وهو يردف بهدوءٍ بينما يديه تثبتان كتفيها جيداً : ـ لا أنتظرُ منكِ المديح آنستي ... تلوّت بعنف ليأمر بصوت عالٍ بالطاقم : ـ أين المهدئ؟؟ تقدمت إحدى الممرضات نحوه لتناوله الإبرة الطبية التي تحتوي على العقار قائلة : ـ تفضل أيها الطبيب.. هتفت من بين أسنانها وهي تتحرك بقوة ومقلتيها تطالعان سقف الحجرة ولكن ذلك لم يمنع الشرارات المتطايرة أن تخرج : ـ أمقتك .... هل تظن بأنك بهذه الطريقة سوف تجعلني أصمت؟ ابتسم هو بهدوءٍ بينما قام بحقن وريدها بالعقار مُردداً : ـ لا تُكلفي نفسكِ عناءاً لكي تتقبليني فإني كفيلٌ بذلك، ببساطة سيحدث شئتِ أم أبيتي لأنني لن أدعكِ وشأنكِ بدأ جسدها يشعر بالتخدر لتتحدث بغضب وهي تجاهد لإبقاء عقلها واعياً لمن حوله : ـ في أحلامك.. أيها المختل بدأت أنفاسها تصبح رتيبة لتكون جملته التي هتف بها بابتسامته آخر ما التقطته أذنيها قبل الرحيل إلى عالم اللاوعي : ـ سعيد بلقائك آنستي سوف نحظى بحديث ٍشيق حينما تستعيدين وعيكِ ما إن تجمد جسدها عن الحركة وقد تحرك هو مبتعداً عنها ليقترب منه شقيقها ووالدته تلحقهما زوجته مسرعين، هتف زياد بلهفة قائلا ً: ـ هل ستكون بخير؟ هتفت والدتها بنحيبها الخفيض: ـ أرجوك بني طمئن قلبي الذي سيموت رعباً؟ حدق بهم بهدوءٍ جميعا ليتحدث قائلاً : ـ دعوني أعرفكم بنفسي، أنا أُدعى خالد نور الدين ... أنا طبيبٌ نفسي، فيما يتعلقُ بالآنسة فهي حالياً تمر بأزمةٍ نفسية متدهورة.. فقدان البصر ليس بالشئ الهيّن وأرجو إعطائي الفرصة لمساعدتها بالعلاج المناسب تحدث عمر الرفيق المشترك لكلا ًمن زياد وخالد هاتفاً بابتسامة مطمئنة : ـ خالد طبيبٌ متفوق لطالما كان ماهراً في مهنته، لن تجدوا أفضل منه لهناء ثقوا بي, ثق بي زياد!! أومأ الآخر موافقاً وهو يتن*د بحزن قائلاً: ـ بالطبع، أتمنى فقط أن تُعيد شقيقتي إلى سابق ٍعهدها قاطعته والدته التي أمسكت براحتيّ خالد لتهتف قائلةً ببكائها المتوسل: ـ أرجوك بني أعد لي ابنتي، ساعدوها ألستم أطباء؟! أجروا لها الجراحات اللازمة لتعيدوا بصرها مهما كلف الأمر.. أمسك زياد والدته من كتفيها وهو يضمها لص*ره مواسياً بكلماته التي طغى عليها الحزن: ـ اهدئي أمي واستعيني بالله انتحبت والدته بداخل أحضانه وهي تتحدث بصوت ٍمتقطعٍ : ـ كيف أهدأ بني وأنا أرى شقيقتك تتدمر ببطءٍ أمام عيني؟ تحدث خالد بابتسامة لم تظهر على شفتيه إلا أنَّ عينيه أظهرتاها : ـ لا عليكِ سيدتي هذا قضاء الله توكلِ عليه ثم عليّ وأنا سأبذل كل ما بوسعي أخرجت السيدة فاطمه تنهيدة حارقة وهي تتمتم قائلة ً: ـ ونعم بالله .. ونعم بالله. بعد أن إنصرف خالد مع عمر مبتعدين عن الجميع، هتف الأخير قائلا ً: ـ أنت تعلم بأن الأمر ليس بالهين،إنها حالةٌ معقدة؟ تحدث خالد بهدوءٍ قائلاً : ـ بالتأكيد ليس هيناً ولكن ليس بالمستحيل، لطالما كان بداخل الإنسان صراعاً لا ينتهي وفي حالة هناء أستطيع أن أرى أنها تمر بصراعٍ شديد يُسيطر عليها بالكامل، إذا تمكنتُ من تركيزه في مجالٍ واحدٍ أو منطقةٍ محدودة فإنني سأتمكن من القضاء عليهِ بسهولة، وفرصة الاستفادة من العلاج ستكون كبيرة تحدث عمر قائلاً وهو يسير بجواره إلى ساحة الاستقبال : ـ و لكن دعنا ألا نغفل عن الظروف التي نشأ بها ذلك الاضطراب، ألا ترى بأن تكيّفها يكاد ينعدم ؟ ابتسم خالد بمزاح وهو يتوجه لخارج المشفى في صحبة رفيقه: ـ تنبأت بذلك من الوهلةِ الأولى يا صديقي!! ألست طبيب عيون؟ لما تتدخل في شئون عملي؟ ضحك الآخر وهو يجيبه : ـ حسنا و لكن لا تغفل عنه، إن كان تقبلها للأمر ضعيفاً فلن يكونَ التنبؤ مشجعاً ... أتمنى لك الأفضل صديقي قال جملته الأخيرة بابتسامة صادقةٍ ليبادله إياها الأخر وهو يتحدث قائلا ً: ـ شكراً لك، سوف آتي إليكم غداً لتبدأ عملية الإقناع ... تعلم لن أستطيع إقناعها بالخضوع لجلسات ِالعلاج النفسي بسهولة أومأ الأخر موافقاً وهو يبتسم مشجعاً : ـ طبعاً ولكن لن يُعيقك عائق، أعلم ذلك.. بالتوفيق أجابه خالد وهو يحيه ليصعد لسيارته : ـ شكراً لك.. أراك غدا، وداعاً لوّح له عمر وهو يقف أمام مدخل المشفى ليحدق بسيارةِ الآخر وهي تبتعد عن ناظريه ليقاطعه صوت زياد من خلفه : ـ هل تظن بأنه أهلٌ لهذه المهمة ؟ التفت عمر للخلف ليجد صديقه الآخر بمعالمه التي يُسيطر عليها الحزن والان**ار، شعر بالشفقة من أجله ليهتف بابتسامة مشجعة وهو يضع ذراعه على كتفه : ـ لمَ الحُزن أيها الطبيب!؟ لا تخف كل شئ سيصبح بخير هيا لنعود لوالدتك لا يجب أن نتركها بهذه الحالة. ***************************** توقف بالسيارةِ أمام منزله المُؤلَف من طابقين بأحد الأحياء الراقية التابعة لمُحافظةِ الإسكندرية والذي يمكث به مع والدته، ترجّل منها ليتحرك نحو المدخل بخُطاه السريعة وقد وصلت لأنفه رائحة الطعام الشهي الذي يفضله.... دلف لحجرة الاستقبال وهو يتلذذ بهذه الرائحة لتقع عينيه على والدته الغالية وهي تخرج من حُجرة إعداد الطعام لتهتف بابتسامتها الحنونة بيديها التي تنظم الطعام على المائدة: ـ حمدلله على سلامتك بني، هيا بدّل ثيابك وأسرع لتناول الطعام... صنعتُ لك ملفوفاً كما طلبت ابتسم وهو يتحرك نحوها ليُقبل رأسها قائلاً : ـ حفظكِ الله لي يا أمي أنهى جملته ليتحرك نحو حجرته بينما دعاء والدته يتبعه، بعد أن انتهى من تناول طعامه همَّ بالتحرك نحو حجرته لتقاطعه والدته وهي تهتف قائلةً : ـ بني لقد هاتفتني ساره عدة مراتٍ بعد أن يئست من أن تُحادثك، تقول بأن هاتفك كان مُغلق ولم تصل إليك؟ أومأ هو برأسه قائلا ً: ـ حسناً أمي سوف أحادثها بعد أن أنهي عملي ابتسمت هي قائلةً : ـ أعانك الله عزيزي، سوف أذهب لحجرتي لكي أنام ... تصبح على خير هتف هو قائلاً : ـ وأنت بخير أطلق تنهيدة عميقة وقد شردت عينيه لوهلة بالفراغ بينما عقله قد توجه لمقصدٍ آخر، تنهيدة أُخرى خرجت منه وهو يهمس لنفسه : ـ لن يكون الأمر باليسير على جانبٍ آخر بعد أن دقت الساعة مُنتصف الليل بدأت الكوابيس رحلتها الليلية في زيارة عقل هذهِ الفاتنة والغَوصْ بداخل أعماق أسوا الذكريات لها، توالت المشاهد الخاصة بتلك الواقعة المؤلمة التي تسببت لها بهذا العجز .... حينما كانت في سبيل عودتها إلى المنزلِ لتصطدم بها إحدى السيارات لتُسبب لها ا***ى وبعض الأخطار الجسدية، إلا أنَّ بقائها بداخل الغيبوبةِ بعد ذلك الحادث لمدة شهر كان كفيلا ً بجعل معظم الجروح والكدمات الجسدية تلتئم .... ولكن ما خلّفهُ ذلك الحادث كان الأثر الأكثر ضرراً، أثراً جمع بين اضطرابٍ عضوي ونفسي والأكثر منه النفسي، أثراً سوف يُشكل عائقاً خطيراً في الحياةِ إن لم تكن هناك دوافع للتحلّي بالقوة الكافية ومواجهتهُ ذلك الشعور بالاختناق عاود الظهور لتشعر هي في خلال نومها بأنها بداخل صندوقا يزداد ضيقاً أكثر فأكثر .... حبيباتُ العرق التي تنبؤ عن مُعاناتها الداخلية بداخل عالم الأحلام المظلم قد ملأت جبينها لتبدأ بالتململ خاصةً بعد ذهاب مفعول المخدر فتحت مُقلتيها فجأةً لتجد الظلام، تسارعت أنفاسُها وهي ترمش بجفنيها عدة مراتٍ علّه يختفي.. لحظاتٍ لتعود للواقع الذي لا مفر منه ليتجمد جسدها في لحظةٍ وتستسلم تماماً وهي تهمس بجملةٍ واحدةٍ فقط : ـ أنا كفيفة!! أغمضت جفنيها وهي تُطلق تنهيدةٍ حارقة لتتساقط عبراتها على جانبي وجهها لتسلُك هذه القطرات طريقها نحو الوسادة لتشاركها الألم دون أن يتوانى لسانها عن ترديد هذه الجملة إلى أن غابت عن الوعي مرةً أخرى ************************* في الصباح الباكر دلفت والدته لحجرته لتجده كالعادة قد تَهيأ للذهاب نحو مركزه الخاص بالعلاج النفسي، هتفت بابتسامة صادقةٍ : ـ صباحُ الخير عزيزي التفت لها ليقبل رأسها مبتسماً : ـ صباحُ الخير.. كيف حالك ِاليوم ؟ أومأت بابتسامة قائلة : ـ بخيرٍ حبيبي، هل هاتفت خطيبتُك بالأمس ؟ تن*د بإرهاقٍ وهو يهتف بأسف : ـ في الواقع لم تسمح لي الفرصة أمي أعتذر كان لدي الكثير من العمل، لا تقلقي سوف أقوم بتصليح خطأي تحدثت السيدة أمينه والدته بجديةٍ قائلةً : ـ خالد هل تحب خطيبتك ؟ أقصد هل أنت راضٍ عن هذهِ الزيجة ؟ اتسعت عينيه بدهشة وهو يُردد قائلاً : ـ ما هذا السؤال أمي ؟! بالتأكيد.. أنا من عرضتُها عليكِ وقمتُ بإقناعكِ بها كيف لكِ بهذا السؤال؟! تن*دت والدته باستسلامٍ لتهتف قُبيل ذهابها : ـ أدام الله عليك الخير بني، في حفظ الله أنهت جملتها وهي تُربت على كتفه لتحدقه بنظراتها التي تدخله في دوامةٍ من الحيرة ليتابع أثرها وهي تتوجه نحو حجرتها بينما هو أطلق زفيرا عميقا وهو يحاول أن يُلملم شتات نفسه ليهمس قائلاً : ـ هيا خالد، اليومُ حافل وهناك من يحتاجني لا تدع شيئاً يؤثر على تفكيرك الآن فتح عينيه ليحدق بباب حجرة والدته ليهمس وكأنها تراه ويخاطبها : ـ إلى اللقاءِ أمي خرج بثيابه المُنمقة ليضع عدساته السوداء الخاصة بالشمس فوق عينيه ليتحرك نحو الباب الخارجي، قام بفتحه ومن ثّمَّ صعد إلى سيارته لينطلق بها في البداية نحو المشفى الذي يحتويها ************************************* كان زياد يتحرك بالرواق وهو يُطالع بعض الملاحظات لدقائق, ناولها لمساعده وهو يتحدث بهدوءٍ قائلا ً: ـ يجب أن تقوم بإجراء بعض الفحوصات لتلك الحالات المرضية أومأ مساعده قائلاً وهو ينصرف : ـ حسناً أيها الطبيب أومأ زياد برأسه ليَهمَّ بالعودةِ لعمله إلا أنّ زوجته التي تقدمت نحوه بلهفةٍ قاطعته وهي تهتف قائلةً : ـ أسرع زياد، لقد أفاقت هناء وهي تبدو بحالةٍ غير طبيعية! ركض نحو حجرة شقيقته ما إن أنهت زوجته الحديث لتتبعه هي الأخرى, وصل كلاهما للحجرة ليدلف من الباب إلا أنه توقف فجأةً حينما وقعت عينيه عليها تجلس على مقعدٍ ما بجوار النافذة مطأطئةً برأسها أرضاً في صمتٍ قاتل ..... حانت منه التفاتة نحو زوجته ليهمس بصوتٍ لا يكاد يُسمع: ـ كيف تمكنت من الجلوس هناك بمفردها؟! هزت زوجته رأسها بالنفي مُجيبة ً: ـ لا أعلم، ولجت ُووجدتها بتلك الوضعية! أومأ برأسه وهمّ بالتحرك نحو شقيقته إلا أنه توقف فجأةً حينما وصل لمسامعه صوتها وهي تبتسم هامسةٍ بإسمه بفحيح : ـ زياد؟ اتسعت عينيه من معرفتها بوجودهِ على الرغم من أنَّه لم يُحدث صوتاً بعد، صدمته هو وزوجته التي استمرت لعدة ثوانٍ كانت كفيلة بجعل الأخرى تُطلق ضحكاتها العالية دون أن ترفع رأسها نحوهم وهي تهتف : ـ لمَ الدهشةُ شقيقي؟ بعد أن فقدتُ بصري أصبحتُ أكثر تحسساً لكل ما يحدث من حولي.. لم يتحرك فمه بكلمة لتتسع ابتسامتها التي تدل على أن من تقبع أمامهم الآن ليست على ما يُرام, رفعت رأسها نحوهم وهي تُكمل : ـ كيف حالك زوجة أخي ؟ توترت الأُخرى قليلاً لتُجيبها بصوتٍ خفيض وابتسامة مُهتزة : ـ بخيرٍ هناء ضحكت الأخرى وهي تهتف : ـ إذاً لقد صدق حدسي ؟ أنتم هنا بالفعل! انقطعت ضحكتها فجأةً لتتحدث بجمودٍ شديد : ـ لما لا تتحدث زياد؟ أم يعجبك العرض المسرحي الذي تراه الآن، شقيقتُك أصبحت كفيفة وباتت عاجزة، سيناريو يستحق الأوسكار لما يجسده لك من المعاناة التي أشعر بها الآن!! أغمض الآخر عينيه بحزنٍ وهو يتحرك نحوها بهدوءٍ هاتفاً: ـ لا تتحدثِ بهذا الشكل هناء، تعلمين بأن معاناتُكِ لا تقل عن خاصتي .. حدقت بعينيها المشتعلة التي لا تُبصر نحو مص*ر صوته ليوقفه عن التقدم نحوها صياحها الحاد الذي خرج منها بغضبٍ شديد وهي تهتف قائلةً : ـ عن أي معاناةٍ تتحدث؟ هل فقدت بصرُك مثلي ؟ لا أراك أمامي تتحسس يداك الهواء أو تتعركل بكل ما يقابلك، ا****ة أخي لا يوجد غيري أصبح بائساً، لا تحاول أن تواسيني أو تُشعرني بأنك بالفعل تماثلني في عجزي ... كاذب!! أنهت جملتها لتصمت فجأةً وتنقطع الكلماتُ عنها تماماً، مُقلتيها ثابتتين مُحدقتين في نقطةٍ وهمية ... لولا خروج بعض الأنفاس لأقسم من يراها على أنها تمثالاً لا حياة به، انقطعتْ العاصفةُ الهوجاء وتوقفت تماماً بعد ذلك الإعصار الذي نَشبَ منذُ قليل ... حالتها بثَّت الخوف بداخل شقيقها وخاصةً بعد ذلك الصمت المفاجئ، تحركَ نحوها بهدوءٍ وخفة وهو يُنادي بقلق : ـ هناء ؟ هل أنتِ.... لم يكدْ ينتهي من كلماتهِ إلّا وقاطعه صوت خالد الذي كان يقف بالباب يُتابع كل ما يحدث باهتمامٍ شديد : ـ دعها الآن، لن تُجيب التفت كلا ًمن زياد وزوجته نحو من يتحرك بخُطاه نحو الداخل بينما أعينه مُتعلقة بمن تقبع على المقعدِ الوثير بجوار النافذة حالةُ الصمتِ القاتل التي كانت تتملكها انقشع قناعُها تدريجياً حينما وصل لمسامعها ذلك الصوت الذي لم يغب عن ذاكرتها منذُ الأمس.. حركت رأسها ببطءٍ نحو مص*ر الصوت ليتعلق ذهنها بوقع الأقدامِ الرَتيبة والذي يزداد أكثر كلما اقترب منها، رفعت عينيها نحو المكان الوهمي الذي توقعت تواجُده به لتُفصح عن ابتسامة عريضة أظهرت نواجذها قائلة: ـ مرحباً ... مرحباً ... مرحباً، انظروا من انضم إلى هيئةِ المُشاهدين ؟ ابتسم خالد وهو يجذب أحد المقاعد بالقرب منها ليجلس عليه مُردداً : ـ لم تستطع أذنيكِ أن تنسى صوتي، نقطةٌ لصالحي فيما قد وعدتكِ به مسبقا التفت خالد نحو زياد ليهتف قائلاً : ـ هلا تركتونا رجاءاً ؟ تحدثت هي باشمئزازٍ واضح قائلةً : ـ لا أحبذ الجلوسَ مع شخصٍ مثلك ابتسم هو بهدوءٍ قائلاً : ـ خالد نورالدين، معالجٌ نفسي.. صرخت بعصبيةٍ شديدة عالياً : ـ وهل ترونني مجنونةٌ الآن أيها الحمقى حتى تأتوني بمختلٍ يعالجني ؟ عاود النظر نحوها وهو يضحك لتبتسم بتهكم وهي تؤكد له نظرتها به قائلةً : ـ يا إلهي لا يبدو أن الأمر يقتصر على مختلٍ فقط ومُنعدم الإحساس أيضاً تحدث بمرواغة وهو يشير بيده لشقيقها بالانصراف : ـ و هل تملُكين بعضاً منه ؟ إنصرف الآخرين دون أن تشعر هي بما يحدث فقد كان كل ما يجول بخاطرها الآن هو الرد على ذلك اللئيم لتُجيبه هي من بين أسنانِها وهي تميل نحوه قليلاً : ـ عسى أن يحل بك ما أصابني لتصبح ملك الإحساس أنهت جملتها لتضحك بسخرية بينما هو تحدث باهتمامٍ متسائلاً : ـ وهل يتطلب الأمر الألم لكي نشعر ؟ تحدثت بجمودٍ قائلةً : ـ بالطبع تن*د بعُمقٍ وهو يبتسم قائلاً : ـ أنتِ مخطئة هناء ليس بالضرورة ذلك، لما تنظرين للجانب المؤلم ؟ لا يقتصر الإحساس عليه، انظري للجانب السعيد ربما يجب على المرءِ أن يعاني قليلاً لإدراك السعادة ... هل انتبهتِ لجملتي ؟؟ إدراكُ السعادة... يعني أنّ المَآل يعود إليها، وان مررتِ بالكثير يوماً ما ستُدركين بأن أقسى ما مررتِ به كان خيراً عظيماً أنقذكِ ليجعلكِ أقوى مما كنتِ عليه مُسبقاً، لا تيأسي ضحكت بقوة على كلماته ليُقطب بين حاجبيه وهو يُردف قائلاً : ـ لا أجد ما يُضحك بكلماتي، ولكن إن كان هناك أمرًا اجعليني أشارككِ به فكما ترين أنا مكتئبٌ قليلاً هدأت ضحكاتها لتلوي جانب فمها بتهكمٍ قائلةً : ـ الكفيفة القوية.. هل ترى الجمال والسعادة بتلك الجملة فأنا لا أستطيع ذلك؟ علاوةً على تفاهةِ حديثِك إلا أنّني لا أرى ... ساعدني! أخرج زفيراً وهو يُجيب : ـ ما قد يبدو لكِ وكأنه النهاية، غالباً يكون البداية أومأت برأسها عدة مراتٍ وهي تبتسم ابتسامة واسعة ساخرة مردفةً : ـ أجل ... أجل أنت محق، بدايةُ الغرق ... بداية الوحدة والأدهى من ذلك بداية ا****ة وهي الاعتماد على الآخرين مط شفتيه وهو يهز رأسه بالنفي قائلاً : ـ ولما عليكِ ذلك؟ اقتلِ الجزء الذي يخبركِ بأنكِ لا تستطيعين النجاة بدونهم تحدثت ببرودٍ وهي تتساءل : ـ حسنا سأفعل ذلك، ماذا بعد؟ هل تعتقد بأنك تعيش وحدك؟ الآن أم غداً لابد لك من اللجوءِ للآخرين، لابد لك من إعطاء بعض التفسيرات .... والبعض يتبعه الكل هز رأسه بالنفي وهو يُكمل قائلا ً: ـ خطأ، لطالما كانت هناك قاعدة واحدة أتبعها وهي أنني لستُ مُضطراً لتفسير ما أفعله للناس لأنَّ ذلك سيُوهمهم الاعتقادِ بأنّ لديهم الحق في معرفةِ كل شئ عني.. رفعت رأسها للأعلى لتتن*د بأريحيةٍ شديدة وهي تبتسم هامسةً بصوت ٍ وصل لمسامعه : ـ الخطأ والألم .... لطالما أحببتُ هاتين الكلمتين، أقمتُ حياتي عليهما قَطَّبَ بين حاجبيه مُتسائلاً باهتمام : ـ كيف ؟ أخفضت رأسها نحوه لتُجيبه بابتسامتها الباردة قائلةً : ـ الخطأ.. يجعل المرءُ حكيماً، والألم ... يجعله قوياً ازدادت تقطيبة حاجبيه وهو يُردد بتوجس : ـ أتمنى ألا تنسيكِ تلك القوة من حولك، بالتأكيد الجميع يعشقها ولكن الإفراطُ بها مُدمر، أحياناً ما قد تضرُ من حولكِ دون الشعور بذلك تسربت إليها القليل من الشراسة لتتحدث من بينِ أسنانها قائلةً : ـ وهل أهتمُ لأحدٍ لم يُعيرني اهتماماً من قبل؟ يجب أن تُحِب نفسكَ أولاً وتكُنْ طيباً معها أيُها الطبيب فهذا عالمُك وحدك، شكله بنفسك واصنع به ما تشاء وإلّا سيُشكله لك غيرك اعتدل في جلسته قليلاً وهو يتحدث موضحاً : ـ حسناً ... أنا لا أخبركِ بألا توافِ نفسكِ حقها فكما أخبرتُكِ مُسبقاً بأنَّ قاعدتي ألّا أُعطي التفسيراتَ بكل شئ، لكن أُطالبكِ أن تأخذي الحذر ولا تفرطِ فيما تحلمين به لستِ مضطرة لأن تكونِ مثالية في أعين الجميع حتى تُصبحين مذهلة ضحكت متهكمةً وهي تُردف : ـ هذا إنْ كُنتُ أُعيرهم الاهتمام من الأساس ؟؟ لأجد نفسي لابد فقط أن أفكر من أجل نفسي ... أغمضت جفنيها لتُردف باسترخاءٍ قائلةً : ـ صدقني، حُبُ الذاتِ هو أعظم دواء أومأ برأسه مبتسما : ـ رُبما تكونين محقة ... فكلما أحببتِ نفسكِ أكثر كلما قل تشابهكِ مع الآخرين وهذا ما سيجعلكِ فريدة من نوعكِ، والآن هل لازلتِ ترفضين الخضوع لجلساتِ العلاج ؟ ابتسمت ببرود وهي تتحدث قائلةً : ـ ابحث عن مجنونٍ آخر تُعالجه ضحك بقوةٍ لتُحدق بمكانهِ بصمتٍ تام ووجهٍ خالٍ من التعابير، هدأتْ ضحكاتُه ليتحدث بنبرةٍ حاسمة: ـ سآتي غداً لتبدأ الجلسة الثانية آنستي، كان حديثاً شيقاً استمتعتُ وأنا على يقين بأن القادم لن يَقل مثيلاً ... سوف نقوم بإجراء بعض التعديلات البسيطة لا تقلقي ستُحبين الأمر لم تَنبُث شفتيها بكلمةٍ واحدةٍ سِوى : ـ تباً ابتسم مُردداً : ـ وأنا أيضاً سُعدتُ بلقائكِ آنستي، إلى اللقاء ابتسمت وهي تهتف بسخرية: ـ عَسى أن تذهب ولا تعود أبداً رفع حاجبيه وهو يمُط شفتيه مُردفاً بابتسامة أشعلتها : ـ وأنا أيضاً لا أتمنى لكِ ذلك، لا تقلقي لن أدعكِ... وداعاً تحركَ ليخرج من الحجرةِ وعلى فمهِ ابتسامة انتصار من إحرازه تقدُماً وان كان لا يُذكر في جَعلها تتحدث معه ولو قليلاً، أمّا هي فقد عادت لتِلك الشرنقةِ التي تُغلِف نفسها بها في عالمها الصامت الذي لا تحبذ التعامُل به مع أحد ... فقط ... الصمت *************************************

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

معشوقتي

read
1K
bc

فتاة انحنت من اجل........الحب

read
1K
bc

رواية " معذبتي “ لنوران الدهشان

read
1K
bc

جحيم الإنتقام

read
1.7K
bc

أنين الغرام

read
1K
bc

بنت الشيطان

read
1.7K
bc

عشق آسر. (الجزء الثاني من سلسلة علاقات متغيرة ).

read
2.5K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook