bc

طِيب عِطرُها

book_age18+
200
FOLLOW
1.9K
READ
family
others
boss
billionairess
drama
comedy
cheating
first love
secrets
like
intro-logo
Blurb

ـ ألا ترين بأنني أحتاجك..

رفعت عينيها نحوه وقد شعرت بفراشاتٍ تدغدغ معدتها لتتمعن بهِ في انتظار ما سيُلقيهِ عليها، أردف بحالهِ الذي لم يتغير:

ـ ألا ترين بأنكِ تُكملينني؟ أنني بدونكِ وحيدٌ... أنني كنتُ سأموت قهراً حينما ظننتُ بأنني أضعتكِ للأبد؟ أنني لا أستطيع العيش بدونك؟؟ أحقاً قلبكِ غافلٌ عن كل هذا يا نغم؟؟

ابتلعت رمقها بهوانٍ وهي تُجيبهُ بهمسٍ ضعيف:

ـ أنت مُخادع

قطب بين حاجبيه قليلاً وهو يتابع بصوتٍ خافت:

ـ لماذا؟!

همست بكلماتها التي بالكاد خرجت:

ـ لأنك الآن.. قد .. تمكنت مِن السيطرةِ علي، كعادتك

chap-preview
Free preview
" تصادُم "
موسيقى هادئة أجواءٌ تبعث في النفس بعض الهدوء على الرغم من المباركات التي تخللتها لتُضيف بعض الصخب الناتجة عن ضوضاء الأصوات، احمرت وجنتيها خجلاً وهي تهمس بأُذن شقيقتها: -أخبرتُكِ بأنّه لا يوجد داعي لذلك يكفي تَهنئَتهُ في مقر العَمل تَحدثَت الأُخرى بغيظٍ من بين ابتسامتها وهي تَتوجه بشقيقتها الكُبرى نحو إحدَى الطاولاتِ التي يَتجمع عَليها رِفاقهُا بالعمل: -كَفاكِ تَذمراً يا نَغم، وباللهِ ألا تَعين بأَنّه رَئيسُ شركتكِ وهذا الاحتفالُ أنتِ الأساسُ به أنتِ من نَجحَ في إتمامِ هذه الصفقة لذلك توقفِ عن الحديثِ واستمتعي قليلاً نفخت بضيقٍ فهي لا تَهوى هذه الأجواء، المُضحك بالأمر بأن شقيقتها قد صَدَقَت فهذا الحفل مُقامٌ على شرفها وهي لا تُريد التواجُد، شعورٌ بالحزن وإن كان يغلبه الشفقة والتحسر على ما تراه. الحياةُ ليست مُنصفة كم تكلف هذا الحفل من أموالٍ طائلة في حين تتوقف حياة أحدهم على مبلغٍ لا يُذكر، ولما الابتعاد شريط حياتها كَفيلٌ للتأكيد بأنها مُرهقة ومُؤلمة. دونَ سابق إنذارٍ حملتها قدميها على الابتعاد للاختلاءِ قليلاً مُهملةً هُتاف شقيقتها بها إلا أنها اكتفت بكلمة واحدة دونَ الالتفات لها: -سأعود لطالما كانت الوَحدة هي المُساند لبعض الأشخاص في هذه المَراحل المُهدِدةِ بالانهيار، إن كنتَ على وَشكِ فُقدانِ تَماسكك فلتَكن فِي مَنأى عَن الجَميع لا أَحد يَستحق رُؤيتك إلا مَن سيَشعُر بهوانِك. أن يكون كل ما يعتملُ ص*رك كَفيلٌ بجعلكَ تَشعُر بأنّكَ على وَشكِ الانتِهاء هوَ أَمرٌ قَاتل، الأمرُ يشبه من يقف وحيداً بالخَلاء فقط ما يصل لمسامِعك هو صوتُ الرياح. لا أحد لا شئ عالقاً بين السماء والأَرض ليأتيكَ على حينِ غرة طُوفاناً مِن المياه يُطيح بك. تتمكن من الصمودِ قليلاً إلا أنَّ الجدير بالسُخرية هو ما تلاه لا يُوجد شئٌ قد تتمسك به لتستطيع الخروج ولا يُوجد مَن يمُد أَناملَه لك، فَقط كُل ما تَفعله هو أنّك تنجرف بعنفٍ مَع التيار. لم تَفِق سِوى على بَعضِ المَحارِم الوَرقية التي تُعطى لها لتُدرك ما آلَ إليهِ حالها أكانت تبكي! تَناولتها لتَقومَ بتَجفيف عبراتها وهي تلتفت بثباتٍ نحو من يجاورها على وَشكِ شَكرهِ إلّا أن كلماتها توقفت وهي تُحدّق بهذه الأَعين التي تُطالعُها بدقة. تَملّكَ البرودُ مِن مَعالمها لتهُمّ بالابتعادِ هاتفةً: -أشكرك تقدمَت خطوة لتتوقف بمكانها أَرضاً ما إن تَوقفَ أمامها واضعاً يديه بجيبيّ بِنطالهِ، مُحدقاً بها بأَعين تضيقُ خُبثاً بينما التوى جانب فَمه في ابتسامةٍ ماكرة. ارتفع حاجِباً لها في إشارةٍ تَحذيريةٍ لهُ بالابتعادِ لتعُاوِد التُحرك للجهةِ الثانية ليُدحضَ مُحاولتِها للإفلات مَرة أُخرى لتبدأ مُقلتيها بإطلاقِ شراراتها النارية وهي تتحدث من بين أسنانها: -لا أَظن بأنّك تنتظر مِني بعضَ النقود لقاء هذه المَحارِم؟ اتسعت ابِتسامته ال**بثة وهو يهز رأسه بالنفي ليُفصِح عن نَواجذِه مما أضافَ له بَعض الجاذبية، هل هذا ما أودى إليه عقلها الآن؟ نفضت هذه الأفكار عن رأسها لتتحدث بجمودٍ قائلة: -إذن فلتبتعد عن طريقي الآن كف عن هذه التصرفات الطائشة أنا لا أتحدث إلى مُراهق! تعالت ضحكاته للحظاتٍ بينما هي اكتفت بالتحديقِ به مُحاولةً الحفاظ على هدوئها وتماسكها هي لا تُريد أن تفتعل بعض المشاكل الآن خصوصاً بهذه الأجواء، بعد أن هدأت ضحكاته قليلاً تحدث بخفوتٍ وتسلية: -هل تصفين إعجابي بهيئتكِ بالتصرفاتِ الطائشة؟ ابتسمت ببرودٍ شديد وهي تُردف بنبرةٍ سليطة: -بل أصف نظراتك المُعجبَةِ بأنّها تخُص زيرَ نساءٍ عابث، يحاوِل الإيقاع بفريسةٍ جديدة سأخيبُ ظنّك مع الأسف، أنا لستُ صيداً. أنهت كلماتها لتبتعد إلا أنها توقفت ما إن وصلتها جملتهُ الساخرة دون أن يلتفت لها: -لستِ نوعي المُفضل عزيزتي لا أَحبذ الباكيات فحينما أُريد الاستمتاع بوقتي أقضيه برفقةِ مَن تجعلُني أتناسى العالمَ بصوتِ ضِحكَتها. توقف عن سيلِ كلماته لتشعُر به يقترب من خلفها ليُصبح قِبالتها مُباشرةً لا يَفصل بينهما سوى إنشين ليُتابع بابتسامةٍ ساخرة ونظراتٍ جليدية: -لا أضيعهُ برفقةِ من تُشعرني بأنني وسط مجموعةٍ من النساء المُطلقاتِ والأرامل كل ما يفلَحنَ بفعلهِ هوَ البكاء والعَويل. افترقَت شَفتيها ببلاهةٍ وهي تراه يَنصرِفَ بخُيلاءٍ بعدَ أن رمقها بنظرةٍ من التعالي والكبرياء، ا****ة على ما حدث أحقاً قام بإهانتها وهي فقط لم تستطع التحدث واكتفت بالصمت! ضربت عُشب الأرض بقدمها وهي تطلق السُباب اللاذع من بين أسنانها هامسةً لنفسها: -تباً لك لقد كُنتُ مُحقة لم يكن لي القدومَ إلى هذا الحفل سأنصرف -أين كنتِ نغم؟ هتفت بها شقيقتها بعد أن لمحتها قادمة نحو الطاولة وهي تلتقط بأناملها لتتحرك بها نحو المنصة بعد أن أخبرتها قائلة: -يجب عليكِ الصعود لإلقاءِ كلمتكِ الجميع في انتظاركِ منذ وقتٍ طويل والسيد فاروق غاضبٌ للغاية هيا؟ لم تستعب ما يحدُث ولم تعي لنفسها سوى أنّها تقف بفستانها الأ**د المخملي في استعدادٍ مِن الجميع لسماع كلماتها، جميع الأعين تُحدق بها لتشعر بالهواء على وشكِ الاختفاء مِن رئتيها والحرارة تتفاقم إلى رأسها. أغلقت عينيها وهي تأخذ شهيقاً عميقاً لتُعاوِد فتحها بعد دقائق وهي تشعر بأن الأنوار المشتعلة تدور من حولها وصوت التصفيق يملأ المكان بعد أن انتهت من حديثها. ابتسامةُ رضا من رئيسها تنم عن فخرهِ بها، قابلتها هي بأعين ذابلة وإيماءة صغيرة دلالةً على امتنانها، تحركت مقلتيها بصمتٍ سائرةً ووجهٍ خالي من التعابير على جميع المُتراصين أمامها. تجمدت في لحظةٍ عليه مُنزوٍ في أحد الأركانِ بينما يرتشف كأس العصير المتواجد بيده وعينيه المُفترسةِ لها لا تحيدُ عنها. اصطك فكيها ببعضهما، لقد أنهت مهمتها التي أتت مِن أجلها فلترحل الآن، توجهت نحو شقيقتها لتُخبرها بالانصراف إلا أنّ رئيسها منعها مُتعللاً بقوله: -لما أنتِ على عجلة لازال الحفل ببدايته نغم؟ ابتسمت بمُجاملة لتتحدث بهدوء: -أعتذر سيدي ولكنني مُرهقةٌ قليلاً تن*د الآخر بعُمق ليُردف قائلاً: -حسناً كما تشائين، ولكن بالبداية يجب أن تلتقي بالسيد زين الدين التاجي. ابتسمت بلهفة بادلتها إياها شقيقتها رنيم لتعاود النظر لرئيسها: -كم كنتُ أودُ لقاءه سيدي! ابتسم فاروق وهو يُردد: -ولتعلمين بأنّكِ غاليةٌ كابنتي نغم لقد طلبَ مني السيد زين الدين أن تكونِ أنتِ مُديرةَ مكتبه الخاص من الآن فصاعداً بعد أن بات شريكنا الأكبر بمجموعتي. افترقت شفتيها بغيرِ تصديق بينما باركتها رنيم مُرددةً: -مباركٌ لكِ حبيبتي لا تستطيع التصديق! أن تعمل بإحدى شركات التاجي كان حلمها في الآونةِ الأخيرة ولذلك كافحت من أجل المساعدة في إتمام هذه الصفقة بالأفكار التي اقترحتها على رئيسها مِن أجل خطة التطوير الخاصة بالمجموعة ولَكن مديرة مكتب خاص؟ لا يهم لتبدأها خطوةً وراء الأُخرى وأن تكون المساعد الأيمن لشخصٍ ناجحٍ مثله شئٌ لا يُقدر. قاطعها صوت فاروق وهو يبتسم: -نغم السيد زين الدين التاجي، سيد زين الآنسة نغم مديرة مكتبك الجديدة التفتت بجسدها وهي تبتسم لتتلاشى ابتسامتها فوراً، بل كادت عينيها أن تَخرُج من محجريها بعد أن تعرفت أخيراً على ماهية سليلُ التاجي، أيمكن للحظ أن يكون أسوأ من ذلك؟ ما هذا الهُراء الذي يحدث إنه هو نفسه! غابت الأحرف عن شفاهها وضاق تنفسها مُضمحلاً ما الذي يتوجب عليها فعلهُ الآن أتسبّه لإهانتها؟ أم تبكي حزناً على وظيفتها التي لم تهنئ بها سوى لدقيقة واحدة! لقد انتهى أمرها. ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تحاول البقاء ثابتة، مدت أناملها لمُصافحتِه وهي تهتف بهدوء: -سُررتُ بلقائِكَ سيدي تنقَلت عينيه بين وجهها وأناملها ليضع أنامله بجيب بنطاله وهو يلتفت لفاروق مُهملاً لها وهو يتحدث بصرامة: -أتمنى بأن تكونَ على قدرٍ من الكفاءة كما أخبرتني سيد فاروق تحدث الآخر بثقة وهو يُشيدُ بذكائها: -لا تقلق سيد زين، سوف ترى بنفسك ثق باختياري لن تجد من هو أفضل، بالنسبةِ لي لا أستطيع التنازل عنها لأي أحد ولكن من أجلك فلا مانع مِن ذلك ما إن تبدأ العمل معك وستصبح أنت أيضاً مثلي. التفت لها ليجدها مُتصنمةً بمكانها غيرُ قادرة على استيعاب كل ما يحدث معها، تحركت مُقلتيه عليها من أسفل لأعلى ليتحدث بكلمته التي شعرت بها بالتقليلِ مِن شأنها قُبيل انصرافه: -أشكُ بذلِك ما إن ابتعد وقد همست شقيقتها باستنكار: -يا لك من مُتعجرِف يا هذا! نهرها فاروق مُحذراً: -رنيم! رمشت نغم بجفنيها عدة مرات وقد تلقت إهانة أخرى مِنه وهذه المرة كانت على مرأى من الآخرين، أشارت بغير تصديق هاتفةً بفاروق: -هل رأيت سيدي هل رأيت إهانته لي لا أُصدق! مطت رنيم شفتيها بنزق وهي تتحدث بازدراء: -أعانكِ الله عليه أختي كيف ستتعاملين مع شخصٍ مثله؟ قاطعهم فاروق قائلاً: -يكفي أنتما الاثنتان نغم يجب عليكِ الحذر في التعامل، لا تنسي بأنّ زين الدين يمتلك الحصة الأكبر من هذه الشراكة، لا نريدُ خسارته ستكون كارثة لأسهمنا بالسوق ستُباشرين العمل معه من الغد بالتوفيق. ابتعد عنهم فاروق لتتحدث نغم بغيرِ تصديق لشقيقتها التي لا تزال تنفخ بضيق مِن ردِ فِعل زين باتجاه أختها: -رنيم هل رأيتِ هذا حقاً لقد أهانني المُتكبر؟ ربتت رنيم على كتفها وهي تحفزها: -أجل مثلما قلتِ إنه متكبر ومُتعجرف لا عليكِ منهُ أختي. لا يهمكِ سوى العمل فقط والطريقة الوحيدة ل**ر هذا الغرور هو النجاح أمامهُ يجبُ عليكِ أن تجعليهِ يضع لسانهُ بحلقهِ، وهذا هو سبيلكِ الوحيد. هزت نغم رأسها بالنفي وهي ترفض كل ما يحدث: -لا أريد لا أريد العمل مع شخصٍ مثله كرامتي أولاً حاولت رنيم أن تعدّلها عن رأيها بعد أن تحدثت بعقلانية: -وهل تعتقدين بأنهُ لن يكون سعيداً والله أختي أعتقد بأنهُ تعمد فعل هذا فقط لكي يهزمكِ بكلِ سهولة، وأرى بأنهُ نجح بفعل هذا دون أن يكلف نفسهُ عناء التحدث إليكِ حتى. تحدثت نغم مِن بين أسنانها: -فليعتقد كما يعتقد أنا لا يهمني الأمر برّمتهِ ليذهب للجحيم تن*دت الأُخرى وهي ترفع كتفيها بلامُبالاة: -كما تُريدين أختي، ولكن إن كنتُ مكانكِ وتطاول أحدهم عليّ بهذهِ الطريقة لن أهرب وأدعهُ يشعر بالانتصار انتصاري حينما أراه لا يستطيع المواصلة بدوني، وقتها فقط أهرب وأشاهد انتصاري عليه. تمعنت نغم قليلاً بكلمات شقيقتها لتقلبها برأسها، ربما هي مُحقة أحياناً يجبُ عليك التنازل قليلاً حتى تستطيع الوصول إلى غايتك تحدثت بهدوء وهي تضع كوب العصير جانباً: -أعتقد بأنكِ مُحقة لا يجبُ عليّ التراجع إن كان يريد التحدي هكذا فلا بأس ومكانتي سأعيدها ابتسمت رنيم وهي ترفع قبضتها أمامها مُبتسمة: -هذهِ هي أختي القوية ابتسمت لها الأُخرى لتتحدث آمرة: ـ هيا يجبُ علينا الرحيل لقد تأخر الوقت أومأت لها رنيم لتضع ما بيدها وكلتاهما تتوجهان إلى رئيس نغم بالعمل لتُلقي عليهِ التحية وهي تنصرف بشقيقتها. بعد أن عادت من هذه المسرحية الهزلية التي كانت بها، صففت خصلاتها السمراء لتقوم برفعها عشوائياً لأعلى، جلست على فراشها لتشرد بذهنها قليلاً بما حدث هذه الليلة لتدلف عليها رنيم التي تُشاركها الحجرة: -نغم هل تسمعينني؟ -ماذا؟ ماذا هناك؟ هتفت بها الأُخرى بعد أن انتبهت لها لتتحدث رنيم وهي تستلقي على فراشها قائلةً بنعاسٍ وهي تتثاءب: -يبدو بأن رئيسكِ الجديد قد أطاح بعقلكِ من الآن لكِ الحق عزيزتي فهو مغرور متعجرف متكبر ومت..غط..رس أنهت كلمتها الأخيرة وهي تذهب في سباتها لترمقها شقيقتها بنظرة ضاحكة قُبيل أن تُماثلها هي الأُخرى في نومها بينما عقلها يذهب له غصباً لتتغضن معالمها غيظاً وغضباً مُتوعدةً: -حسناً يا سيد لنرى مَن سيصمد! وحيدتان لا تملكان سوى خالة تعيش ببلدةٍ صغيرة بالريف، هذهِ هي ما تبقى لهما مِن العائلة أو بالأحرى الأقرب خالتها وأبناء خالتها الذين تعدّهم أشقاء لها. أبيها توفى وهي الخامسة مِن عمرها لتتزوج والدتها الحنونة بآخر قد واتتهُ الم**ّة هو الآخر، العم محمود لقد كان نعم الرجل لهم طيب القلب محموداً كاسمهِ إلا أنهُ كان مريضاً بقصورٍ في القلب فتوفى ولكن قبل وفاتهِ قد أتى مِن أمها بصغير. بدر الصغير ابنها الحبيب لم يكن يوماً بأخ بل كان طفلها امتلأت عينيها بالعبرات القوية لتشعر بمرارة العلقم بفمها وهي تتذكر معاناةِ روحها الصغيرة هذهِ مع السرطان لتنتهي بانتصار الوحش عليه ويقتلهُ وهو بالكاد قد بلغ العاشرة مِن العمر. شعرت بأن جزءاً مِن روحها قد ماتت وليت الأمر يقتصر على هذا الحد، والدتها لم تستطع التحمل الفراق هذهِ المرة على فلذة كبدها لتموت حسرةً وقهراً عليه. كانت تبكي بقوة وصمت حتى لا تستيقظ شقيقتها وتنهار هي الأُخرى، ذِكرى موحشة كلما واتتها تشعر بروحها تموت ألف مرة وهي تتجرع مرارة الفُراق. حاولت التماسك قليلاً إلا أنها لم تستطع ذلك لتنهض بهدوءٍ وهي تتوجه بخطاها الحافية نحو الخارج حتى تتوضأ وتُصلي علّها تستكين قليلاً ويذهب بعضاً مِن ألمِ قلبها. على جانبٍ آخر كان هو يقف أمام اللوحة الضخمة التي تحتل جزءاً مِن الحائط بحجرة مكتبه، كانت تحتوي على صورتهِ وهو يقف بحلتهِ السوداء خلف مقعد يترأسهُ جدهُ التاجيّ. كان يرتدي حلة سوداء بيدهِ عصاً عاجية حاد المعالم وذو هيبة، مَن يُدقق النظر بكلاهما يجد بأن التشابه بينهما شديد للغاية، أعين سوداء حادة بحاجبين مستقيمين كثيفين تقاسيم وجهٍ قاسية وبشرة سمراء، أنفٍ مرفوع وطابع حسن يزين منتصف ذقن كلاً منهما. فقط الفارق بينهما هو شعر جده الكثيف الأبيض بينما هو كان شعرهُ قصيراً وأ**د يعيش وحيداً بهذا المنزل الضخم، لا أحد غيرهُ وهذا يُريحه بقوة منذ صغره وقد فقد والديه جدهُ فقط كان كل ما يملك لقد برع في تربيتهِ وبقوة فها هو، يترأس مجموعات التاجي بتفوق وجدارة ليُديرها بكل ذكاء. أصبح داهية في عالم السوق، كل ما جمعهُ جدهُ طوال حياتهِ قد أهداه لحفيده الوحيد سليلهُ الواحد وريث كل ما يملك، زرع بهِ كل ما يريده ليُخرج مِن تحت يديهِ عقلاً فولاذياً. تحرك مِن أمامِ الصورة ليتوجه نحو طاولةِ المكتب وهو يلتقط ملفاً ليقوم بفتحهِ وهو يتحرك بعشوائية بأرجاءِ المكان. ـ نغم محمد الصالحيّ دارت عينيهِ على صورتها، أول ما لفت انتباههُ وبقوة هو حِجابها، طوال حياتهُ ووسط المجتمع الذي نشأ بهِ لم يرى سوى امرأةً واحدة مُحجبة وهي المُربية الخاصة بهِ، ربما قابل القليل ولكن هذا مِن النادر للغاية حدوثهِ فغالبية المُحجبات كنّ سيداتٍ لا تقل أعمارهن عن الستين أو الخمسين ولكن صغيرة ومحجبة فهذا مُختلف بعض الشئ! تمعن بخبراتها وتفوقها ليحدق ببرودٍ دون أن يص*ر عنهُ أي شئ قد يدل على اهتمامهُ بالأمر، ألقى بالملف جانباً ليقوم بتجرع كوب العصير الذي أتت بهِ العاملة وهو يُحدق بنافذة الشرفة حيث تتساقط الأمطار بالخارج. صباح اليوم التالي استعدت مِن أجلِ الذهاب إلى العمل لترتدي فستاناً مِن اللون الأبيض الكريميّ يصل للكاحل بأكمامٍ طويلة وحذاءاً برقبة مِن اللون البني ووشاحاً للرأس مِن نفس اللون، لتنهي هذا بسترة جلدية تقارب اللونين. أنهت فطورها لتتوجه نحو الخارج بعد أن ودعت شقيقتها التي كانت تستعد أيضاً مِن أجل الذهاب للجامعة: -وداعاً حبيبتي. أغلقت الباب خلفها لتتحرك نحو الأسفل، الحي الذي تسكن بهِ متوسط أقرب للشعبيّ أكثر منه، لا تتدخل بشؤون الآخرين وهكذا تعلمت، ولكن هذا لا يمنع من التعامل بود مع بعض البائعين أو بعض الجيران. توجهت نحو مدخل الحي لتتحرك نحو الطريق الرئيسي وهي تستعد لتستقل الحافلة العامة حتى تصل إلى وجهتها. بعد مرورِ بعض الوقت. -يا إلهي! همست بها وهي تقف أمام ذلكَ الصِرح الهائل الخاص بمجموعة التاجي لتبتلع ريقها برهبة مُردفةً بصوتٍ خفيض مُتذمرة: -وأتساءل لما هو مُتكبراً! لا عجب بعد ما أراه؟ -وزيرُ نساءٍ أيضاً أجفلت بشدة ما إن وصلها صوته الرخيم من خلفها لتتوتر بقوة وهي تجده أمامها، كان يرتدي حُلّة رمادية وهو على بعدِ مترٍ منها يُطالعها بتهكُم ليهتف بصرامة بعد أن تحركَ ليُصبح أمامها: -هل سننامُ هنا؟ حدّقته بغيظٍ لتتبعه بخطواتٍ مُسرعة وهي تدلف خلفه لمقر الشركة لتجد الجميعَ يقفُ على قدمٍ وساق في إلقاء التحية لرئيسهم الذي كان يومئ برأسه لهم. كانت حدقتيها تدور على المكان من حولها بانبهارٍ وابتسامة صغيرة ترتسم على شفتيها، لقد تحقق حلمها لطالما حلمت بالوصولِ إلى هذا المكان منذ أن دخلت إلى سوقِ العمل، وها قد تحقق إلا أن العقبات المتراكمة عليه ستأتي عاجلاً أم آجلاً. وفي غفلةٍ مِن شرودها ارتطمت بقوة بحائطٍ ما، بالواقع هو ذلك الحائط البشري الذي كان يسير أمامها إلى أن وصل إلى المِصعد الخاص به ليتوقف بانتظاره. تأوهت بخفوت بعد ارتطامها بظهره لتعتدل مُسرعةً وهي تعاجل بالاعتذار: -أا...آسفة سيدي لم أقصد! نظر لها مِن فوقِ كتفهِ بحدّة ليتحدث بعدها مُستهزئاً بنبرتهِ الغاضبة: -هل أتيتُ بكِ لتعملين أم أتيتُ بضريرةٍ لتُفسدَ وقتي؟ حدقت به ببلاهةٍ لم تعد تحصي عدد المرات التي يُهينها بها، ما ا****ة التي تحدث ولم تصمت مِن الأساس؟ هتف بها عقلها أيتها الغ*ية إنه رئيسُكِ بالعمل بالطبع ستصمتين كزت على أسنانها غيظاً لا تستطيع لا تستطيعُ ذلك. ودونِ تفكيرٍ منها اقتربت برأسها منه قليلاً دون أن تتحرك مِن خلفهِ لتتحدث بخفوتٍ من بين أسنانها: -لكَ الحقِ بالتحدُث عن إفسادِ وقتك حينما تراني مُقصرةً بعملِك سيدي ارتسمت ابتسامة عابثة على جانب فمه بالكادِ تُرى، ها قد وجد ما يبحث عنه العنفوان الذي كان يحاول حثه على الخروج منذ الأمس، لم يُحرك له إنشاً إلا أنه اعتدل بوقفته مُتأهباً لباب المصعد الذي فُتح أمامه. دلف به ليقف شامخاً لتهُمّ بالدخول له هي الأُخرى إلّا أنّه أوقفها بحديثه المُقتضب بالتزامن مع حاجبه الذي ارتفع بتحذير: -إلى أين؟ حركت عينيها بشكلٍ دائري وهي تتحدث بعفويةٍ قائلة: - أُرافقُك! ارتفع حاجبيه باستنكار ليُردد بصرامة آمراً: -على الدرج صعوداً إلى الطابق الأخير ولا تحاولي خداعي بركوب مِصعد العاملين سأعلم أُغلق الباب أمامها بينما ارتفع ذقنهُ برضاً وتكبر بعد أن رأى معالم الصدمة المُرتسمة بتجلي على وجهها، لقد سئم الملل الذي بهِ منذُ فترة طويلة وحان الوقت مِن أجلِ الحصول على بعض التسلية. وها قد أتتهُ هذهِ الفرصة على طبقٍ مِن الذهب خاصةً وأنهُ يعشق العنفوان. وصل المصعد للطابق الخاص بهِ ليخرج منهُ وهو يتحرك نحو مكتبهِ وسط حدثٍ يدور بعقلهِ، مما يجذبهُ أكثر بسوقِ العمل هو المنافسة الشرسة، لا يحب الضعفاء لطالما كان لقب التاجي يلمع وكان جدهُ معروفاً بالحوت لذلك هو يسير على خُطاه بكل شئ. دلف لمكتبهِ ليطلب السكرتيرة لتأتيهِ مِن فورها: -تحت أمرك سيدي تحدث زين وهو ينزع سترتهُ ليجلس على المقعد خلف طاولةِ المكتب وهو يتحدث بصرامة: -هناك آنسة ستبدأ بعملها اليوم هي الآن تصعد على الدرج خذي زجاجة المياه هذهِ وأعطها لها ومِن ثمّ دعيها تأتي إلى. ستكون تحت إشرافكِ اليومين القادمين أريدُ منكِ مُراقبتها جيداً وتُخبريني كيف هي بالعمل؟ أومأت لهُ بطواعية وهي تبتسم بوقار: -أمرك سيدي على الجانب الآخر كانت تصعد على الدرجِ وهي تلتقط آخر أنفاسها، ما الذي يريده قتلها! اقتربت من سياج الدرج لتُحدق بأعلى هامسةً لنفسها في مُحاولةٍ لبث بعض الحماس على المُواصلة: -هيا نغم لم يعد يتبقى سوى طابقين فقط لقد صعدتِ ال.. ا****ة! من كثرتهم لم أعد أعلم كم طابقاً صعدت متعجرف. هتفت بكلمتها الأخيرة بغيظٍ شديد وهي على وشكِ البكاء إلا أنها تماسكت لتُسارع بالصعود ركضاً بخطواتٍ واسعة على الباقي لها. ما إن وصلت لغايتها وقد وجدت امرأة بقوامٍ ممشوق تقف بانتظارها بابتسامةٍ ودودة وثيابٍ رسمية، ارتمت نغم لتفترش الأرض أمامها وهي تلهث بعنف. ناولتها المرأة زجاجة المياه التي كانت تحملها بين أناملها وهي تتحدث بابتسامتها المُجاملة: -لقد طلب مني السيد زين أن أكون بانتظاركِ هذه الزجاجةِ لكِ قال بأنكِ ستحتاجينها التقطتها نغم بعنفٍ لتهتف بسُخرية وهي تتجرع المياه بنهم: سيدكِ اللطيف يا له من شخصٍ نبيل أبعدت المياه عن فمها وهي تمسح بعض القطرات التي تناثرت على ثيابها هامسةً من بين أسنانها: -الوغد..يريدُ قتلي، حسناً.. حسناً يا ابن التاجي أقسم بأنّني لن أمررُها لك. اعتدلت نَغم لتنهض واقفةً ليظهر فرق الطولِ الذي يناصرها على من تقف أمامها ابتسمت لها لتتحدث قائلة: -شكراً لكِ والآن أين هو مكتب السيد؟ هتفت بها المرأة بعملية: -اتبعيني مِن فضلك لحظاتٍ لتجد نفسها أمام بابِ مكتبه لتقومَ بالطرقِ على الباب طرقتين ليأتيها إذنه بالولوج، أخذت شهيقاً عالياً وهي تحاول الحفاظ على برودها أمامه. دلفت للحجرة الخاصةِ به لتقع عينيها عليه جالساً خلف مكتبه بعد أن نزع سترةَ حُلتهُ وقام بوضعها على المقعد خلفه، لم يرفع رأسه لها بل كان مُحدقاً ببعض الأوراق التي بيده بتركيزٍ شديد. يا لهذا الهدوء والتواضع الذي يبدو به يستحق الأوسكار حقاً كل ذلك كان يدور برأسها اتجاهه، اقتربت بخطواتٍ عنيفة وهي تعزم على التحدث بخصوص ما قام بفعله معها هاتفةً: -سيد زين؟ -نعم؟ خرجت منه بهدوءٍ شديد وهو يرفع عينيه مُحدقاً بها مِن خلف عويناته الطبية التي تستقر فوق أنفه المستقيم، تيَبست ساقيها أرضاً وهي تنظر نحوه بتيهٍ لما يحدث. لما هذه التعابير الهادئة والطيبة؟ ا****ة أين ذلك النِبراس الذي يعاملها بلؤم هل هو يعاني مِن انفصامٍ أم ماذا؟ رمشت بجفنيها عدة مراتٍ وهي تتراجع عما كانت على وشك فعله لتتحدث بتلعثُم: -أنا.. ماذا سأفعل؟ نزع عنه عويناتهِ لتعود تعابيره الحادة له مرة أخرى وهو ينهض مِن خلفِ مكتبهِ ليتوجه نحوها بحاجبين مُقطبين وهو يتساءل: -هل سمحتُ لكِ بالدخولِ يا آنسه؟ أغلقت عينيها لثانيتين ثم فتحتهما وهي تتحدث بتهكم: -وهل تظنُ بأنّني سأدلف بغير إذنٍ أم ماذا؟ رفع حاجبه باستنكارٍ هاتفاً بحدة: -وتتحاذقين معي أيضاً؟ قطبت بين حاجبيها وهي تُردف بنزق: -أنا لا أتحاذق! لقد قمت بالطرق على الباب وأنتَ.. قاطعها مُصححاً بنبرة مُتسلطة: -وحضرتُك!...اسمها حضرتُكَ أم أنكِ لا تعرفين للباقةِ معنى؟ كزت على أسنانها غيظاً لتُتابع من تحت أنفاسها: -لقد قمتُ بالطرقِ على البابِ وحضرتُكَ أذنتَ لي بالولوج أم أن هذه أعراض زهايمر؟ انتبهت إلى شفتيه اللتين أُطبقتا ليرتسمان كخطٍ مُستقيم دلالةٍ على غضبه، بالإضافة إلى وجههِ الذي اكفهر التوى جانب فمها في انتصارٍ بداخلها. إلا أن نظرةً شيطانية قد ملكت عينيهِ خبيثة ظهرت لثانيتين كانت كفيلة بجعلها تتوتر وقلبها ينتفض خوفاً، لم يخِب ظنها ما إن أشار لها بذقنه نحو طاولة الاجتماعات التي تتواجد بحجرتهِ هاتفاً بحزم: -سوف تُنهيهم جميعاً قبل انتهاء الدوام حانت منها التفاتة نحو الطاولة لتجد صفين مِن الملفات يبلغ ارتفاع كل واحدٍ منهم قرابة المتر لتهتف بذعر: -ماذا! تحرك نحو مكتبه مُردفاً بحدّة : -ستقومين بمراجعة هذه الملفاتِ جميعها يا آنسة، قُبل أن تدق الساعة الثامنة مساءاً ستكونين أمامي قائلة "سيدي لقد انتهيت من تنفيذِ طلبُك" -ولكن قاطع اعتراضها الواهن بنبرتهِ الغليظة لها بعد أن جلس خلف مكتبه ليعودَ إلى عملهِ: -إلى العمل كانت على وشكِ البكاء مِن فرطِ غضبها، إلا أنها تنفست الصعداء وهي ترفع حاجباً بتحدي لتتوجه نحو طاولة مكتبه لتقوم بوضع زجاجة المياه عليها بقوة هاتفةً بجمود: -خذ ما تبقى سوف تحتاجه سيدي توجهت نحو الملفات لتهمّ بحمل أول صفٍ منها إلا أنها لم تتمكن بسبب حقيبتها، قامت بنزعها ووضعها على الطاولة لتقوم بحملِ نصفها وهي تخرج من حجرة المكتب تحت أنظارهِ التي تُتابعها في الخفاء. عادت بعد لحظاتٍ لتأخذ المُتبقي منها وهي تهتف بجملتها من خلف صف الملفات الذي يصلُ لنهاية رأسها: -سأعود لأخذ حقيبتي لا تُغلق الباب. ارتفع حاجباً بتسلط من حديثها ليجدها بعد ثوانٍ أمامه لتقوم بأخذ حقيبتها بتعابيرٍ مُغتاظة وهي تُغلق الباب خلفها ليتحدث هامساً بوعيد: -سأقوم بقص لسانها غ*ية.

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

معشوقتي

read
1K
bc

أنين الغرام

read
1K
bc

فتاة انحنت من اجل........الحب

read
1K
bc

رواية " معذبتي “ لنوران الدهشان

read
1K
bc

جحيم الإنتقام

read
1.7K
bc

بنت الشيطان

read
1.7K
bc

عشق آسر. (الجزء الثاني من سلسلة علاقات متغيرة ).

read
2.5K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook