خارجة من قاعة المحكمة و في يدي بند حريتي الابدي ... أجل لقد تطلقت ونلت الحرية ، تطلقت وقطعت كل أوصال الألم و العزاء في حياتي ، ولكن تركت باب الإحترام مفتوحا ، فأنا أنثى لا تستطيع العيش بدون إحترام للذات و متبادل مع الآخرين...
.
.
اسمع ثرثرات كثيرة من الخلق فمنهم من يشتم ومنهم من يسخر و آخرين شامتون !!
و أولهم امي !..
أجل والدتي التي باتت ساخرة ، شامتة من موضوع طلاقي ، كأنني دخلت نيران جهنم وبئس المصير؟!
فنحن نعيش في مجتمع محكوم فيه على المطلقات بأنهن أرامل عن الحياة ، و منبوذات عن التعافي ، ولا يحق لهن العيش بسلام و هدوء بعد كل ما مررن به من بئس في العيشة ؟!...
امي كانت اول المعارضين على زواجي من ثائر ، فلم تحبه و لم تستلطفه يوما مع أنه و الحق يقال كان مثال الأدب و الأخلاق النبيلة ، ولكن امي كانت كبقية أمهات المجتمع تريد زواج صالونات من أسرة مرموقة و شاب بهية الطلة وعلى مزاجها و قد نسيت أنني انا من سيعيش معه وليست هي ...
... نحن تطلقنا الآن وباتت هي سعيدة و تظل تسمعني أن هذه اكبر غلطة في حياتي ، ولكن إن عاد بي الزمن مرة أخرى كنت سأختار نفس الأختيار و أعيش نفس التجارب التي كانت سببا في نضجي و تعليمي دروسا صائبة في الحياة ، بسببها إكتسبت وعي أكثر و صرت اعقل مما كنت وبتُ اقدر نفسي و الآخرين أكثر...
.
.
ليس بسبب أننا انفصلنا يعني انعدام الأخلاق و الإحترام بيننا ، لازل الحب موجود ولكن الحياة أصبحت أصعب بيننا فإخترنا السلام لكل من الطرفين
.
.
. وسبب هذا الأختيار هو أننا أصبح بيننا جواد .. قطعة قلبي و روحي الصغير ، بلسمي و سكر الحياة لي ، ابني الذي يشع من داخلي و يسعد كل لحظة في خاطري ..
إخترنا راحة البال لإبننا ، لم نكن انانيين، فالأفضل الإنفصال من جعل حياة ابننا جحيم كل يوم بسبب النقاشات الحادة و المشاكل التي لا تنتهي ، فقد يصاب بعقدة تكبر معه للأبد ، لذا قررنا أن يكون له بيتان مفعمان بالأمان و أن يرى السلام بين والديه و سيتفهم كل شيء عندما يكبر مع حسن التربية اذا أعطانا الله من العمر أكثر .....
.
.
.
. مشيت بين الطرقات و استنشقت هواء نقيا و عدت إلى البيت ، بيت ابي رحمه الله ، امي هي من ربتنا و كانت لنا الام و الاب و تعبت من اجلنا ، ضحت بكل شيء لتربينا أنا و إخوتي ، ونحن شاكرون و ممتنون لها جدا و نحبها بكل ما لدينا ، ولكن هذا لا يعطيها حق التطفل و التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا ، لست عاقة ولا ناكرة ولكن امي تظن أننا لازلنا أطفال و أن اختيارتنا كلها خاطئة و تظن أننا ملكية لا يجب لأحد أخذها ، معها حق ولكن هذا ليس تصرف حكيم مع التربية فهي تدخل عفوها و مغفرتها في كل شيء و بسبب هذا الآن أرى نظرة اخي المن**رة و حياته التعيسة مع إمرأة لم ولن يحبها لأنها ببساطة بغيضة و منفرة لا تعطيه حتى سبب لفرصة من السعادة ، إمرأة اختارتها امنا ولكنه كان افشل اختيار ، سبب ان**ار لقلب مريض ب ذمة التحكمات اللانهائية....
.
.
.
.
.
.
قبل ثلاث سنوات كنا انا و اخي ساجد في آخر سنة دراسية فنحن تؤام ، تخرجنا من كلية اللغات ، لا أعلم ما بين بقية التؤام في العالم ولكن ما بيني وبين ساجد أقل ما يقال عنه إرتباط روح و دم و كل شئ ، نحن متطابقان حتى في الأحلام و الأمنيات و نحب كل شيء معا ولكن يفصلنا أن ساجد أقل جراءة مني و أكثر هدوء و أضعف مني بالشخصية ، فأنا منذ نعومة اظافري متمردة على كل ما يؤرق خاطري وما لا يعجبني ....
بعد تخرجنا قررت والدتنا أننا يجب أن نتزوج و ننشئ عائلة ، من دون أن نكون أنفسنا أو نأخذ قليل من الأنفاس من الدراسة و من دون الحصول على وظائف .. اخي اعجبته الفكرة لانه كان معجب بفتاة تدرس معنا بالجامعة ، هي جميلة و لطيفة و تناسب شخصيته و انا كنت اشجعه دائما ليتحدث معها و كنت أحب فيها عفويتها و تلقائية تصرفاتها لأنني أكره الفتيات المتصنعات ... ، وقتها كان ثائر صديقا لاخي محمد وهو الأكبر فينا ، كنا نحب بعضنا منذ وقت ليس بالكثير ولا بالقليل ، وكنت مفتونة بكل شئ فيه ، ليس وسيما جدا ولا فاحش الثراء و لكنه كان جذابا ، مهذب و أهم شيء كان إنسان مثقف و شجاع وهذا كان يف*نني به أكثر ....
... كنا انا و ساجد قد تقبلنا فكرة الزواج قليلا ولكن تأتي الرياح بالسفن التى لا نشتهيها ، فقد صدمتنا امنا بخبر خطبتنا لأشخاص لا نستلطفهم وليست لنا بهم علاقة جيدة ، فقط امي كانت مرتبطة بهم ، أما نحن نادر ما كنا نخالطهم ، كانت منبهرة بتصرفات الفتاة المهذبة التي كانت ترتدي قناع لا يشبهها ... مذ عرف*نا على أبناء صديقتها و انا لم أحبهم ، لم أرى اي تصرف سئ منهم ولكن قلبي لم يرتاح لهم أبدا ، وأنا إن لم اطمئن للشخص لن ابادله اي علاقة كانت .....
.
.
.
.
أجبرت أخي على الارتباط و مثلت المرض و إدعت العفو و قامت بالمستحيلات التي لم اتقبلها أنا ولكن ساجد لرقة قلبه وافق و لكن كان شرطه اعطائي حريتي وكان له هذا و لكن حكم على نفسه بالموت حياً و حكم عليّ بعقدة الذنب التي لازالت تلازمني للان.... لكنني لست نادمة ابدا على إختياري ولكنني نادمة أنني اضعت أخي بعنادي و الآن هو يعيش في دوامة من التعاسة و الحزن و امي لازالت متمسكة أن اختيارها الأفضل بالرغم من كل ما رأت من تلك الأفعى الخبيثة ....
.
.
.
.
.
.
انا و امي أكثر الناس نقاشا و حدة مع بعض فهي كما تتحكم بي تريد أن تدخل سلطتها على ابني وانا لا أرضى أن يربى ابني بغير الطريقة الصحيحة ولن يكون ضحية أخرى للهوس و السلطة الغير عادلة فحزمت قراري و قررت أن أرحل بعيدا عن بيتنا و بعيدا عن مدينتنا ليس فقط المنزل و أخطط لهذا منذ فترة و اشتريت فعلا بيت لي انا و جوادي اللطيف ، فأنا أعمل بالترجمة و قدمت لي وظيفة مرموقة و ممتازة تسع كل أحلامي و خيال إبني لذا حزمت اغراضي و وضعت والدتي أمام الأمر الواقع ولم أسمع لكل احتجاجاتها و سددت طبلة أذني بواق صلب..... ،
كان إخوتي أول الداعمين فمحمد سئم و ساجد فاض به اما سُهيل فلم يعد يبالي و سُكينة المسكينة تجد في دراستها مهرباً من المنزل الذي لا يطاق .. ، في اليوم التالي افقت من الصباح لنبدأ انا و إبني قصة جديدة خالية من الصراعات النفسية .. أوصلنا إخوتي إلى المطار و امي و العزيزة زوجة تؤامي لم تنظرا لي حتى ولكن لا يهم في سبيل راحة إبني أجد السعادة و تهون لي الايام ، غدا تفهم امي و تصفح و تعذر ولكن فقط لتنظر بعينها و تزيل غشاوة الظلال التي فيها....
.....
جلست في مقعد قرب النافذة حتى يتمكن جواد من رؤية ما يريد و ليأخذ راحته فلم يمضي قليل من الوقت حتى غفى على ص*ري ، فهو في الثانية من عمره ، يشبه اباه كثيرا ولكنه يشبه ساجد أكثر ، فالله يعلم مدى حبي لإخوتي وحبي لساجد خصوصا ،
.
.
.
.
. عندما وصلنا اول شئ قمت به هو النوم لأنني متعبة ، متعبة جدا من الحياة و الناس و الظروف و الطلاق و ثائر و آه من تعبي من ثائر لا أريد التفكير فى هذا الآن لأنني في غنى عن زيادة الأرق و التعب ...
كنت خائفة و مترددة قليلا لأنني في مكان جديد و مجتمع مختلف و متوترة من العمل ولكن هيهات لن أجبن في بداية الطريق فأنا من إختاره و سأمضي فيه بكل عثراته ، فلا أريد أن ألوم أحد في المستقبل على حياتي ، وحدي من اتحمل نتائج قراراتي ولست نادمة على أي شيء ولن تكون هناك لاء الندم في أفكاري...
.
.
.
.
سجلت إبني في حضانة فأنا لا أضمن أحد على طفلي ولن أعين المربيات ، دوامي ينتهي بعد الظهر و هذا موعد خروجه من الحضانة .. ، لذا في اليوم الثاني قدت السيارة للحضانة أولا و منها إلى مكان عملي وكلي ثقة و همة للحياة ، فأنا لن أستسلم للظروف و لن أصاب بالخيبات التي تقل من عزائمي ، استلمت عملي و بدأت فيه بكل نشاط ... بعدها خرجت متوجهة للحضانة أخذت جوادي و مررنا بالحديقة لاعبته قليلا و اشتريت له المثلجات و مررنا بمحل الأل**ب فقد تركنا أل**به ولم نحضرها لثقل المقتنيات علينا ، اشتريت له ما رغب و عدنا إلى المنزل نطلب السكينة هناك ...
.
.
.
.
.
.
.
.
كنت في مكان كله اضواء لا أرى فيه احد و أشخاص لا أعرف وجوههم و همسات لم أفهمها و فجأة تمتد يد لتنتشلني و تعانقني بقوة و صوت يهمس : سجود اما حان وقت شملنا ... و ض*بات قلبي في ازدياد و لا أعلم ما هذا الشعور الذي لم اتعرض له من قبل و فجأة استيقظت متعرقة و لازال خفاقي يض*ب بقوة و ما زالت آثار الصدمة على وجهي من هذا الحلم الغريب الذي لم أرى مثله من قبل ومن هذا الصوت الذي يعرف اسمي و يعانق روحي هكذا من دون مقدمات !!
.
.
.
.
.
شربت كأس ماء وجلست على طاولتي احتسي القهوة فالنوم حارب اجفاني بعد هذه الرؤيا الغريبة ... ، جلست افكر في ثائر و كيف أن الأمور أصبحت لا تطاق بيننا ، متى أصبحنا بهذا الشكل ، ومتى تحولنا إلى هذه الصور مع بعضنا ، كيف وصلنا الى طرق مسدودة ، بدأ هذا منذ عام عندما أصبح عملي هاجسا بالنسبة ل ثائر و عائلته ، عندما أصبح يرى أن عملي و إبني أهم منه ولم يرى محاولاتي ، قتالي لنبقى معا ، تضحياتي التي وصلت إلى تقليل ايام العمل مع الخ** ، و اهمالي لنفسي من أجل راحة أسرتنا الصغيرة .. ، كلما رآه هو انانيته و صوت أسرته و رأي المجتمع ، لم يرى أنني احبه و أضحى لم يرى الهالات تحت عيني ولم يرى طاقتي التي كانت تذبل مع كل جرح يسببه لي ، ولم يبصر إلا بعد أن خسرت إبني الثاني !!
.
. أجل طفلي الذي كان ينمو في احشائي بسبب الحالة النفسية السيئة و الظروف القاهرة فقدته ، بكيت بقوة و قهر ولم أستطع النسيان فأنا وضعت في ضغط هائل لم ينصفني فيه احد ، خسرت فيه قطعة من روحي ولكن حمدا لله على كل النعم و النغم فربما لو انجبته لكان أسوأ له من الموت !!!!